ســـــلام
0000000
(الجزء الأول )
بعد أن انتهت سلام من ارتداء ثيابها و الاستعداد للخروج.....وقفت أمام المرآة و هي تنظر الى نفسها بكل اعجاب.... ثم نظرت نظرة سريعة الى الغرفة التي تملأها الفوضى لتتأكد ان كانت قد نسيت أي شيء... و بسرعة وضعت حقيبتها على كتفها و أخذت مفاتيح السيارة من على مكتبها الذي تتناثر عليه الأوراق و الكتب و الأقلام...خرجت من غرفتها....و بدأت في النزول على الدرج و هي تقفز و تغني كعادتها...و فجأة توقفت عن الغناء عندما سمعت والدتها تتحدث على الهاتف......
" ألو أهلا خالد....
........
الحمد لله....بخير..
...........
.ماذا عنك أنت....
...........
.و أخيرا خطرت عمتك على بالك و ستأتي لزيارتها ....أهلا و سهلا بك عزيزي ..أنا بانتظارك...."
توقفت سلام عند نهاية الدرج...و بدا السرور على وجهها.... و هي تقول لنفسها: ..".خالد سيزورنا...ابن خالي خالد سيزورنا..لا بد أن أبقى ...أريد أن أراه"......و بسرعة مثل البرق صعدت الدرج و دخلت الى غرفتها و أمسكت بجهاز الموبايل لتعتذر لصديقتها أمل عن الخروج معها اليوم الى النادي.....ووضعت حقيبتها على السرير ...ووقفت أمام المرآة و ارتسمت على وجهها ابتسامة اعجاب بنفسها و كأنها تقول....لا يستطيع أحد مقاومة هذا الجمال...
نزلت سلام الى الطابق السفلي...و اتجهت الى الصالون لتجلس مع أمها....و بكل بساطة سألت أمها: " هل تنتظرين أحدا يا أمي"...
نظرت اليها أمها باستغراب..."أما زلت هنا يا سلام....كنت أظن أنك قد خرجت الى النادي" .
أجابتها سلام بكل مكر: "ممم...لقد غيرت رأيي....شعرت أن الأمر سيكون مملا"....
بدا الاستغراب و التعجب باديان على وجه أمها و هي تقول: "مملا...معقول...بعد كل ما فعلتيه من أجل أن تقنعي والدك أن يسمح لك بالذهاب!!!...لن تذهبي؟؟!!..لا تقولي لي أنك اقتنعت بكلام والدك أن هذه الأمور تشغلك عن دراستك و امتحاناتك...لن أصدقك"....
أجابتها سلام و هي تبتسم: "لا أدري لماذا يعتقد الجميع أنني أهمل دراستي......و لكني غيرت رأيي و فقط...ابنتك مجنونة......كل لحظة برأي...."
أجابتها أمها: "مجنونة...هذا أمر لا أشك فيه"...و ضحكتا معا....
و بكل مكر و خبث أعادت سلام على أمها سؤالها" أراك و كأنك تنتظرين أحدا"..و قبل أن تجيب أمها على سؤالها...رن جرس الباب.....فأشارت أمها الى الباب و كأنها تقول.."ثواني و ستعرفين من أنتظر"...و ما ان رأت سلام الخادمة تتجه نحو الباب لتفتحه...حتى صرخت بطريقة أثارت استغراب أمها و دهشتها:
" ليزا...توقفي..أنا سأفتح الباب"...و نظرت الى أمها لتجيب على دهشتها قائلة: " أحب أن أعرف من تنتظرين بنفسي"..... و ذهبت بسرعة لتفتح الباب..و بقيت أمها تنظر اليها و هي تقول " مجنونة"...
أخذت سلام نفسا عميقا...و كأنها ستفتح الباب لأمير من الأمراء...أميرها الذي لم تره منذ فترة طويلة.....و ما ان فتحت الباب حتى شعرت بسعادة كبيرة.......كان خالد بقامته الطويلة و أناقته الدائمة يقف منتظرا...كانت خيوط الشمس المتسللة من بين أغصان الأشجار ترسم خيوطا فضية على وجهه.....أما سلام فقد ساعدتها خيوط الشمس أن تبحر في خيالها....لترى خالد يمتطي حصانا أبيضا....يمد له يده لتمسكها و يحملها على حصانه الساحر...الذي يطير بهما بين الغيمات...محلقا بعيدا بعيدا...أفاقت سلام من خيالها عندما شعرت بألم في يدها...فقد كان خالد يمسك يدها بشدة حتى تترك يده....
خالد: "سلام..ماذا بك...أهكذا تقابلين ضيوفك"
سلام: "آسفة...آسفة خالد...جعلتك تنتظر...تفضل..تفضل..."
خالد: ".يبدو أن الدراسة الجامعية بدأت تؤثر عليك....هذا و أنت ما زلت في السنة الأولى"...وأطلق ضحكة كبيرة...
بدا الانزعاج واضحا على وجه سلام و هي تحدث نفسها " هل يظن أنه وحده قد كبر.....و ان كان في الثانية و الثلاثين من العمر...أنا أيضا كبرت....و سأثبت له ذلك.."
ثم قالت له و هي تقوم بايصاله الى الصالون: " لقد صممت أن أفتح لك الباب بنفسي"...
أجابها مبتسما: "حقا..يا لي من انسان محظوظ"...
دخلا الى الصالون...و سلم على عمته بحرارة....و جلس الى جانبها ..أما سلام فقد جلست على المقعد المقابل للأريكة التي جلس عليها خالد...و كأنها تريد أن يبقى أمام عيونها التي ما زالت البراءة تشع منهما...بدأت والدته تسأله عن حاله...و عن أسباب غيابه..
خالد: "أعرف أني مقصر في زيارتكم.........و لكن تعرفين عمتي أن العمل يأخذ كل وقتي...."
الأم: " اتمنى لك التوفيق دائما عزيزي"
خالد: "تعلمين عمتي ..منذ أن تخرجت و أنا أعمل في هذا المكتب...و أنا هدفي في الحياة أن أفتح مكتبا هندسيا خاصا بي "...
الأم: " ان شاء الله سيكون ذلك قريبا"...
خالد :"شكرا عمتي" ...ثم التفت الى سلام التي لم تحرك عيناها عن خالد...و قال:
"ما شاء الله لقد كبرت سلام....و أصبحت عروسا...ألن تزوجيها يا عمتي؟؟
و قبل أن تنطق أمها بكلمة واحدة...قالت بكل اندفاع : "أنا أريد أن أكمل دراستي؟؟؟"
ضحكا عليها هما الاثنين: و قالت أمها و هي تطلق تنهيدة كبيرة:" تدرسين...اتمنى ذلك حبيبتي...."
فالتفت خالد الى سلام و سألها: "هل أنت مقصرة في دروسك"
فأجابته: "ممم..... أحيانا.."
و بدا الانزعاج مرة أخرى باديا على وجهها..." لماذا يصر دائما أن يشعرني دائما أنني طفلة صغيرة"...
و بعد أن أمضى خالد ساعة مع عمته و ابنتها سلام ....نهض من على الأريكة التي كان يجلس عليها قائلا...
خالد: "لقد مر الوقت بسرعة...أسمحو لي...يجب أن أغادر.."
الأم: "و لماذا الاستعجال...أبعد كل هذا الغياب تأتي لتجلس معي ساعة واحدة"...
خالد: "أعذريني عمتي....فأنا لا أستطيع أن أتأخر عن المكتب.... يجب أن أعود بسرعة...وكما تعلمين الى أن أصل الى الى الشارع الرئيسي و أجد تكسي ينقلني الى المكتب أريد ربع ساعة أخرى"...
فنظرت اليه سلام بدهشة و سألته: "أنت لا تملك سيارة حتى الآن؟؟؟"..
...فتظر اليها خالد قائلا: "الله كريم"...
و فجأة برقت عينا سلام...فقد خطرت لها فكرة توصيل خالد الى مكان عمله...و بالتالي ستضرب عصفورين بحجر واحد....ستحصل على فرصة أن تكون معه لوحدها...و ستثبت له أنها ما عادت صغيرة و أنها تملك سيارة و تقوم بقيادتها بمهارة.....فقالت بسرعة و دون تفكير طويل:
"مممم...خالد.......ما رأيك أن أوصلك؟؟؟...
ثم شعرت أنها قد تكون قد تسرعت...و أنها يجب أن تبرر موقفها....فأضافت:
"حتى لا تتأخر عن عملك...و قد لا تجد تكسي يوصلك........ما رأيك أمي..."
فنظر خالد الى عمته و كأنه ينتظر جوابها...فأجابته عمته مبتسمة...."اذا كنت مستغني عن حياتك ممكن أن تذهب معها"......
فأجابها خالد: "أعرف أنها ستقود بكل حذر ..فأنا معها..أليس كذلك سلام"..
ارتسمت على وجه سلام ابتسامة مشرقة و هي تقول:" طبعا...طبعا".....
يتبع....
...........................
جاردينيا