[ALIGN=CENTER]************ لماذا ************
لماذا أرى في الرحيل عزائي
واكره في الحل طول البقاء
وهل في الرحيل سوى الشوق يبكي
وغير الحنين وغير البلاء
أناديك فاسمع وأقبل إليَّ
ولا تتجاهل حبيبي ندائي
أنا اليوم أحتاج صدرا حنونا
ودفُئا يُذيبُ صقيع شتائي
لأُعْلن موتي قُبيل الأوان
وأسمع منك حبيبي رثائي
تعال فشمعة عمري تذوب
وتذوي زهور الشباب إزائي
وما من صديق وما من حبيب
يروي زهوري بقطرة ماء
حبيبي لنرحل عن الأرض حتى
نعانق بالحب نور السماء
فما الأرض إلا جحيم العذاب
أرى الحزن فيها بغير انتهاء
تحكم في الأرض طاغ وباغ
فدانت لحكامها بالولاء
وصرت غريبا عليها لأنّي
إلى الحب أعلنت صدق انتمائي
على الأرض لا يستقر السلام
ولا يستريح الهوى من عناء
وان الرحيل خياري الأخير
ويشرح هذا الخيار شقائي
تعبت من الانتظار المليل
وقد مات في ليل يأسي رجائي
وما عاد في مقلتي دموعٌ
وما عاد بي رغبةٌ في البكاء
مللت المكان .. مللت الزمان
مللت ظلامي .. مللت ضيائي
وهذي مطايا الرحيل استعدت
وما عاد ينقصُ إلاّ حدائي
ولكنني لستُ أدْري حبيبي
أيُطْربُ تلك المطايا غنائي
نهايةُ عمري تطل ُّ أمامي
وأَطلالُ عمري تلوح ورائي
سأمضي حبيبي بلا عودة
فما بعد هذا النوى من لقاء
************ لماذا ************
لماذا يطل عليَّ الصباح
حزين الشعاع كسير الجناح
وماذا تغير في الكون حتى
أرى الضوء يكشف نزف الجراح
وأسمع تغريد بلبل دوح
فأزعم أن الصداح نواح
وألمح وجه حبيبي الجميل
فلا يعتريني شعور ارتياح
لماذا أرى الحزن مع أنَّني
سعيد وفي مقلتي انشراح
وأشعر أنّي أريد البكاء
ولست أحاول كبح الجماح
فلا الدمع آت إلى المقلتين
ولا الابتسامة أمرٌ متاح
وصدرك آخر ما ظلََّ لي
فإني سئمت حياة الكفاح
فدعني أخبّئ عن الناس حزني
وأخفي اكتئابي وأُلقي السلاح
تعبت من الزَّيف والزَّائفين
ومن قعْقعات القنا والرماح
أريد سلاما يظلّل روحي
ويمنحني كأس صفو قراح
أريد حنانا أريد أمانا
أريد رجوع الليالي الملاح
فهل في مرافئ حبك أَلقى
صفاء السماء وصمت الرياح
وهل استعيد ابتسامة عمري
أم العمر ولى حبيبي وراح
ظننت بأن هواك اختيار
فقلت : ساحيا طليق السراح
إلى البر وجهت زورق قلبي
وحين أطلت عليَّ البطاح
رجعت إلى بحر حبك طوعا
فما في المحبة غير الصلاح
حبيبي إليك اسلم أمري
واطلب منك الرضى والسماح
فان ترض عني سأعلن أني
جعلت الهزيمة درب النجاح
وحولت نار الشقاء لنور
وليل الجحيم لصبح الفلاح
************ لماذا ************
لماذا أصر على أن أداري
ضياع هواي و إقفار داري
حسبت المحطة لما أطلت
عليَّ، نهاية خط القطار
وان نهاية رحلة عمري
مع الحب تمت بمحض اختياري
أردت النزول وهيأت نفسي
وجمعت أوراق حزني جواري
وحين وقفت لأنزل قالوا :
تمهل قليلا وطال انتظاري
فلا أنا أترك ذاك القطار
ولا هو يسمح لي بالفرار
وما عاد النزول عندي مهما
وما في الرحيل سوى الانتحار
وادري بأن القطار سيمضي
قريبا وبعد غياب النهار
وان رحيلي بغير انتهاء
ولكن هذا الرحيل قراري
فليس لمثلي حياة الخنوع
وتأبى الخضوع نفوس الكبار
منحت الأحباء زهرة عمري
وعزي ومجدي و إكليل غاري
فلم يمنحوني سوى درب شوك
فسرت على دربهم باصطبار
وطال عذابي فما قلت : آه
وحاصرت دمعي بكف اقتداري
وقلت بان أحباء قلبي
أرادوا بطول عذابي اختباري
زرعت على الوهم أيام عمري
فلم احصد اليوم غير احتضاري
إلى أين ؟ يسألني من عشقت
فيوقظ نزفي ويشعل ناري
إلى أين ؟ ليس لدي جواب
وما عاد لي رغبة للحوار
إذا مات حب واظلم قلب
يمل السفين صراع البحار
هوانا مضى وانقضى من زمان
وما عاد شئ يثير انبهاري
أنا عشت عمري بغير انهزام
وفي الموت اشرب كاس انتصاري
************ لماذا ************
لماذا أحن حبيبي لأمسي
على الرغم مما تعانيه نفسي
وأرضى بعودة كل المآسي
لقاء استعادة ليلة أُنسي
أما زلت تذكُرهَا يا حبيبي
أم أن الزمان إذا طال يُنسى
هُنالك فوق رمال الكثيب
جلسنا وبُحنا هوانا بهمس
شربنا حلاوة شهد الوصال
إلى أن سكرنا ومن غير كأس
وحين انتبهنا نظرنا بعيدا ً
وكان الحديثُ إشارات خرس
فلم نتبين إذا كان بدرٌ
يُطل على الأرض أم نور شمس
تلاشى الزمانُ وضاع المكانُ
وصرنا أتون شعور وحس
مددت بشوق يدي إليك
فما فزت من راحتيك بلمس
حملتك فوق جناحي شعوري
وخمرة أنسي تدور برأسي
وطرت إلى عالم ليس فيه
مكان لأي شقاء وبؤس
نشارك في أغنيات السرور
كأنّا مع الحب في حفل عرس
ونضحك حتى كأن الجنون
أصاب الشعور لدينا بمس
ونسخر من موت قيس بليلى
ونهزأ من موت ليلى بقيس
وينطلق الشوق من خافقينا
كما انطلق السهم من صدر قوس
فأشعر أني أمام امتحان
لعفة نفسي وشدة بأسي
فأرتد عن كل فكر شقي
واشقي سعير شعوري بحبس
وحين يطل الصباح علينا
أعود لرؤية زرعي و غرسي
فلا تشهد العين إلا سرابا
ويمتد في القلب حزني ويأسي
ولكنني لا أزال مصراً
على ذكر اجمل ليلة أنس
************ لماذا ************
لماذا تُحطم ما قد بنينا
وتهجر دنيا إليها انتمينا
أمات الرجاء ُلديك حبيبي
لتعلن للناس أنّا انتهينا
وهل في قبول الهزيمة أمنٌ
يوسد رأسا ويغمض عينا
محال فإنك لن تستريح
بغير الصراع ففيه ابتدينا
وفيه سنحيا إلى أن يطل
صباح انتصار عظيم علينا
تمهل وقبل فوات الأوان
وعُد للبداية حيث التقينا
فما ضاع منا حبيبي كثيرٌ
أنا لست أنكر أنّا ابتلينا
ولكن أنبكي على ما أضعنا
لئن كان يجدي البكاء بكينا
محالٌ ، وان أنت لم تنتبه
أضعنا الذي ظل بين يدينا
وما ظل بين يدينا قليلٌ
ولكننا بالقليل اغتنينا
تعال لنبدأ عهدا جديداً
وقل يا رجاءُ أتينا أتينا
أنا لم أزل رغم هجر الرفيق
وشوك الطريق أسير الهوينا
طويلٌ وصعبٌ طريق الحياة
وهل غير هذا الطريق لدينا
تعال فأن الحياة صراعٌ
ونحن بحكم الصراع ارتضينا
نحقق نصرا ونهزم لكن
أتذكر يوما لرأس حنينا ؟
فكيف تدمر مجدا وتمضي
إلى الظل ما في الظلال ارتقينا
بنو النور نحن وفينا شموخٌ
ونهوي وقوفاً إذا ما هوينا
ونعرف حين يدور الزمان
إلى من نسير وكيف و أينا
فعد لابتسامك وارجع لدرب
عليه طوال الحياة مشينا
لكن لا يقال بأنا انتحرناً
وأنا على غدنا قد جنينا
************ لماذا ************
لماذا تغير مجرى حياتي
وما عدت اطرب للذكريات
أكل الذي مر في درب عمري
شقي ولا فضل فيه لآتي
أما عشت في الحب لو بعض يوم
جميل فيبقى حديث الرواة
أسائل روحي فأسمع صوتا
من العمق يشرح أسرار ذاتي
يقول الزمان يغير حتى
صخور الجبال فما من ثبات
ولست بأقوى من الصخر فاهدأ
وقل يا حياة خذي ثم هاتي
خذي ذكريات الشقاء بعيدا
وهاتي جديدا يثير التفاتي
إلى الخلف لا ينظر العاقلون
فسر للأمام بعزم الأباة
وفتش عن الحب في عالم
غدا الكره فيه من المكرمات
فانك بالحب تغدو قريبا
من الله مثل مؤدي الصلاة
لتجر المحبة وسط العروق
كما النيل يجري ونهر الفرات
لتورق غصون الأماني لديك
وقلبك فليستفق من سُبات
صرخت وقلت لروحي كفاني
فإن الأحباء صاروا عُداتي
تنكر خل وخان صديق
وحتى المواسون صاروا قضاتي
ومن كان يأكل خبزي تجنّى
على قمح حقلي وداس نباتي
وعض بغدر يدا أطعمته
وصار غنيا ببعض فتاتي
أيا روح ماذا تريدين مني
وهل تجهلين مدى تضحياتي
دعيني وحيدا بعيدا أدارى
شموع سلامي من العاصفات
فحين يكون الزمان رديئاً
فان ابتعادي طريق النجاة
وان مات في العالمين وفاء
يظل وفائي ليوم وفاتي
شعر الدكتور : مانع سعيد العتيبة
عسووووووووولة :n33: [/ALIGN]