قال الله عز وجل إن بني اسرائيل أضلهم رجل اسمه السامري ورجع موسى عليه السلام بعد اربعين يوما إلى قومه غضبان جدًا وحزين كيف يعبدون عجلًا من ذهب صنعه السامري.
جدول المحتويات
بنو اسرائيل يخرجون بذهب المصريين
في غياب موسى عليه السلام لما انتهت الثلاثون يومًا ولم يرجع موسى كما وعدهم، فقال بنو اسرائيل إن هناك شيء حدث، فقال لهم هارون ( لعلنا اذنبنا فأتوا بالحلي ) وهذا الحلي لم يكن لبني اسرائيل وإنما كان للمصريين واستعار نساء بني اسرائيل الذهب استعارة.
ولما خرجوا خرج معهم الذهب وهو ليس لهم، فقال هارون لعلكم عوقبتم بهذا الذهب فلا يحل لكم ولا تستطيعون أن ترجعوه فأتوا به فادفنوه، وتم انشاء حفرة والقوا الذهب ودفنوه.
وجاء السامري فأخذ الذهب وصنع منه شكل عجل ( ابن البقرة ) وأخذ قبضة من أثر الرسول والرسول هنا هو جبريل عليه السلام كان قد بصر.
فالله سبحانه وتعالى أراد أن يبتلي بني اسرائيل فعجل عند السامري قدرة أنه رأى جبريل عليه السلام وهو على فرسه، وكان يرى ما لا يراه الآخرون.
السامري يصنع عجلا ويرمي عليه تراب فرس جبريل
فرأى السامري جبريل عليه السلام على فرسه، وأنه كلما داس جزء من الأرض ظهر منها الزرع فورًا في كل مكان يدهس فيه وكأن فيه حياة، فلما رأى هذا المشهد أخذ حفنة من التراب الذي دهسه فرس جبريل عليه السلام فلما صنع العجل أخذ هذه الحفنة فقذفها على العجل فبدأ هذا العجل يظهر أصواتًا وكأنه يخور الخوار الحقيقي.
ولما عاد موسى عليه السلام إلى بني اسرائيل وهو غاضب لامهم وقال لهم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنًا ؟ هل تأخرت عليكم 10 أيام ؟!
السامري يضل بني اسرائيل ويقول لهم أن العجل هو اله موسى
السامري قال لبني اسرائيل موسى ذهب يبحث عن الهه واله هنا عندنا .. هذا العجل هو اله موسى وسيرجع موسى ليعبد هذا العجل معنا، وأكثرهم عبد العجل وقليل منهم امتنع
وانتظر عودة موسى النبي الذي لا يخلف وعده، فتوقفوا ولم يكن من بينهم على الحق إلا هارون عليه السلام.
وقال لهم موسى أنا وعدتكم تأتون خلفي ولا تتوقفون، فردوا عليه أنهم لم يتوقفوا بإرادتهم ولكنهم حملوا الذهب من زينة المصريين قوم فرعون فقذفوها في الحفرة وتحرك السامري وأخرج العجل جسدًا له خوار فقال : هذا الهكم واله موسى، وأن موسى نساه هنا وذهب يبحث عنه، لذلك وافقوه وظلوا يعبدونه حتى يعود موسى عليه.
موسى عليه السلام يعاتب هارون عليه السلام
فألقى موسى عليه السلام ألواح التوراة وأخذ يجر هارون عليه السلام من لحيته، وكان بني اسرائيل يحبون هارون أكثر من موسى نظرًا لأنه شديد.
وسأله عن السبب الذي منعه إذا رآهم ضلوا عن الطريق السليم وعصيانه فقال له يا ابن أمي لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي واعتذر له وقال له انه خاف أن يقول موسى فرقت بين بني اسرائيل ولم تنتظر حكم موسى في هذا الأمر.
هارون عليه السلام كان نبي لكنه كان تابعا لموسى عليه السلام وهنا التفت موسى عليه السلام إلى السامري وقال له ما الذي صنعته يا سامري ؟ وكيف صنعت له خوار؟
فرد عليه السامري أنه رأى شيئًا لم يراه الآخرون، حيث رأى جبريل عليه السلام وقبض قبضة من فرس جبريل ورماها على العجل، وكذلك زينت له نفسه الأمر، وانحرافه عن الطريق السليم.
وما بقى على الحياد الا نفر قليل والباقي عبد العجل.
وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم أي أنه كانوا يظهرون الايمان لكن حقيقتهم في قلوبهم الكفر وهذا شأن اليهود دومًا.
موسى ينذر السامري بعقاب الله
وهنا موسى عليه السلام أصدر الأوامر، فقال له اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس، أي نفاه وقال لا يمسه أحد وقيل أصابه مرض معدي فكان الناس يهربون منه، وأنذره بعذاب النار.
وقام موسى عليه السلام بالعجل الذهبي بحرقه ثم بعد حرقه أخذ الفتات ورماه في البحر، حتى لا يعود أحد لعبادته أبدًا، ثم قال إن الله هو الإله الذي لا إله إلا هو ووسع كل شيء علما.
ودعا موسى عليه السلام بالغفران له ولأخيه ثم إن الله عز وجل أوحى إليه بالأوامر تجاه من عبد العجل بأنهم سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا، وظل الغضب على بني اسرائيل الذين عبدوا العجل إلى قيام الساعة.
توبة الذين عبدوا العجل هي الانتحار
وعرفوا أنهم أخطئوا وقالوا ( اذنبنا وظلما نريد أن نتوب ) فجاء الأمر العجيب أن التوبة من هذا الذنب بصدق أمر الله عز وجل أن ينتحر من يريد التوبة، فقام بعضهم فقتل نفسه فتاب الله سبحانه عليهم وأكثرهم لم يقتلوا أنفسهم.
وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) ( سورة البقرة ).
يقول الله عز وجل في سورة طه
۞ وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ (91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَٰهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98)
بعدما انتهى موسى عليه السلام من السامري وقام بحرق العجل الذهبي ورماه في النهر وأمر الذين عبدوا العجل بالانتحار الذليل ليتوب الله على الذين كفروا.
يقول الله عز وجل وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ۖ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) ( سورة الأعراف)
موسى عليه السلام يأخذ ألواح التوراة ويأمر بنو اسرائيل بالطاعة
وأخذ موسى عليه السلام الألواح وقال لبني اسرائيل إن هذه التوراة فيها الهداية والنور لمن يخاف الله عز وجل، وأن بها أوامر الله عز وجل فاسمعوا وأطيعوا.
قالوا له اقرأها علينا ولو أعجبتنا نسمع ونطيع وإذا لم تعجبنا لن تسمع ( قالوا سمعنا وعصينا) فألح عليهم بأن يأخذوها بدون تردد حتى لا يصبهم عذاب مرة أخرى رفضوا مرة أخرى، فألح عليهم مرة أخرى.
الله يرفع جبل في السماء أعلى بني اسرائيل ليتقبلوا التوراة كمعجزة
وإذ أمام بني اسرائيل جبل يطير من الأرض وارتفع وجميعهم ينظر ثم تحرك الجبل وصار فوق رؤوسهم، فناداهم موسى خذوا ما أتيناكم بقوة وإلا سقط عليكم الجبل، فسجدوا ورفعوا رؤوسهم ينظرون إلى الجبل، وقالوا أطعنا.
يقول الله عز وجل:
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ ۖ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ (64) ( سورة البقرة).
۞ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) ( سورة الأعراف).
وهكذا التزم بنو اسرائيل لما رأوا الهلاك ووعدوا موسى بالطاعة دون أي جدال، ثم أن موسى عليه السلام لما رأى بعد كل الآيات التي رآها بنو اسرائيل في مصر أراد موسى عليه السلام أن يعتذر إلى الله عز وجل مما فعل بنو اسرائيل فاختار 70
رجلا من مَن لم يعبدوا العجل وظلوا على الحياد ينتظرون، فهؤلاء كانوا أفضل اليهود.
اختارهم موسى عليه السلام وتوجه إلى جبل الطور، ليلتقي مع الله عز وجل للمرة الثالثة.
وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا ۖ فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ ۖ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ۖ إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ ۖ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۖ وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) (سورة الأعراف).
ولما صعد موسى عليه السلام والسبعين رجلا قال الله عز وجل أن لو شاء لأهلكهم، بسبب ترددهم في عبادة العجل أم لا فالله غضب عليهم.
لماذا سمى هؤلاء بـ اليهود ؟
تمت تسمية هؤلاء السبعون رجلا من بنو اسرائيل يهود لأنهم قالوا (إنا هدنا إليك ) يعني اهتدينا إليك.
يقول الله عز وجل في سورة الأعراف:
وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)
وبهذا رحمهم الله عز وجل، وهدأ الزلزال وتقدموا في الجبل ونزل على الجبل غيم شديد فما عادوا يرون لكنهم يسمعون.
فبدأ موسى يعتذر إلى الله عز وجل مما فعل بنو اسرائيل، وهؤلاء السبعون يسمعون، ولما انتهوا وقبل الله عز وجل العذر رجع لهم موسى عليه السلام.
هلاك السبعين رجلا من الذين صعدوا الجبل مع موسى
قالوا أنت وعدتنا نلتقي بالله ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) هؤلاء أحسن الناس في اليهود، فحذرهم موسى عليه السلام وقال لهم اتقوا الله وبدأ ينبئهم ماذا حدث لهم حينما أراد أن يرى الله عز وجل قال لهم نحن نريد العودة لبني اسرائيل ونقول له رأينا الله فغضب الله عز وجل غضبا عظيمًا فنزلت عليهم صاعقة فماتوا أجمعين، ( السبعين رجلا).
فأخذ يدعوا نبي الله موسى بأن يغفر لهم، حتى لا يفتتن باقي قوم اسرائيل وحدثت المعجزة وتم بعثتهم مرة أخرى، وهذه هي النوعية الجيدة من بني اسرائيل، أي لا يمكن الثقة أبدًا بـ بني اسرائيل أو اليهود.
وهذا هو سبب أن الله قص قصة بني اسرائيل اكثر من سبعين مرة في القرءان حتى يعرف المسلمون من هم اشد عداوة للمسلمين.
يقول الله عز وجل:
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ۖ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) ( سورة البقرة).
عاد موسى برفقة الـ 70 رجل من بني اسرائيل إلى بقية القوم وأمرهم الله بأن يذهبوا إلى القدس والتي كان اسمها حينها ايلياء وكان يحكمها قوم بأجسام كبيرة وأعداد كثيرة وكانوا في منتهى القوة والجبروت، وكانوا مسيطرين على تلك المنطقة.
وأراد موسى عليه السلام فتح القدس للسيطرة على كل المنطقة، ولما وصل موسى وبنو اسرائيل إلى القدس استعد قوم ايلياء للمعركة وأغلقوا عليهم الحصون فخاف هؤلاء الجبارون وهنا موسى عليه السلام أمر بنو اسرائيل بالهجوم الكاسح على القدس، فرفضوا وقالوا نحن أهل زرع وغنم، ولا نعرف القتال وكنا مستعبدين لدى المصرين 430 سنة فقال موسى عليه السلام لهم أخذت منكم الميثاق والعهد أن تطيعوني ولو هاجمتم ستفتحون ايلياء وتسيطرون على الأرض المقدسة.
يصف الله عز وجل هذا العناد مرة أخرى فيقول…
يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) ( سورة المائدة).
وهنا المقصود بالرجلين ( موسى ) و ( هارون) الذين قالوا ادخلوا الباب فقط وسيفر قوم ايلياء ولم يكن مطلوب هجوم من كل مكان، فالأمر كان بسيط، ولابد من التوكل على الله.
ولم يطع من الـ 600 ألف من بني اسرائيل واحد حتى السبعين الذين ذهبوا معه الوادي المقدس، واساءوا الأدب مع النبي موسى عليه السلام، فال موسى أنه لا يوجد أحد إلا نفسه وأخيه هارون فدعا على قومه.
وهذه أول مرة يدعوا فيها موسى عليه السلام على بني اسرائيل، وهنا جاء أمر الله عز وجل وحرّم على بني اسرائيل دخول القدس لمدة 40 سنة يتيهون في الأرض، ولم يبتلى قوم من هذه المدة إلى البلاء.
وساروا مسافات بعيدة ويدورون ولا يذهبون إلى المكان الذين يسيرون عليه وظلوا هكذا أربعين عامًا، وخلال هذه الفترة كيف كانوا يعيشون؟ وماذا يأكلون وماذا يشربون؟
الله لم يرغب في اهلاكهم بل أراد معاقبتهم، وخلال فترة التيه حدثت لهم بعض معجزات وهي السقيا
معجزة السقيا من 12 عين ماء
ضرب موسى عليه السلام حجرًا انفلقت منه 12 عينًا من المياه معجزة أخرى وجديدة لبني اسرائيل الـ 12 قبيلة تشرب من كل عين، وقد علم كل قبيلة من أين يشرب.
وكانوا إذا بدءوا يسيرون توقف نبع الماء من الحجر فيحملون الحجر معهم وإذا نزلوا ووضعوا الحجر سال منه الماء وهذا حياتهم لمدة 40 عاما.
يقول الله تعالى في سورة البقرة: ” ۞ وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ۖ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)”.
معجزة الغمام والمنّ والسلوى
فأصابهم حر الشمس في الصحراء لذلك ظلل الله عليهم الغمام، وإذا جاعوا كانوا يأكلون طيور السلوى وقت الطعام وتكون بينهم ولا تهرب منهم، فكان يأخذه ويشويه ويأكله وطعمه من ألذ ما يمكن، وينزل عليهم المنّ واختلف العلماء في تفسير المنّ ولكن مما قيل فيه أنه سائل ينزل على الشجر بعضه كالعسل، وقيل أنهم كانوا يأخذونه أبيض يتحول إلى جزء فكانوا يأكلون ويشربون ويتظللون لمدة أربعين عامًا وهم على هذا الحال.
وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ۖ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)