النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: قصة بعنوان : أحلام تموت

  1. #1
    الصورة الرمزية سمراء الليالي
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    10- 2003
    العمر
    48
    المشاركات
    47

    Red face قصة بعنوان : أحلام تموت

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. حبيت اشارككم في قصة .. كنت قد كتبتها بعد فترة انقطاع طويلة .. اتمنى ان تنول على اعجابكم ...

    أحلام تموت

    أحلام تموت ... وأحلام تولد ... فهل التي تموت .. كالتي تولد !!!

    وقفت أحلام امام مرآتها كعادتها كل يوم تصفف شعرها القصير لكن وقفتها طالت هذه المرة ..اخذت تتأمل الخيوط الفضية التى أعلنت قدومها قبل أوانها بزمن طويل .. لتنبؤها ببداية مرحلة صعبة بحياتها .. وقفت طويلا.. تحسست الخدين... الذين كانا في يوم من الايام وردتين جورتين تنيران سماء وجهها البرئ ... تحسست .. ذقنها ... ماله قد ارتخى لم يعد مشدودا كالسابق ... لم تكن في يوم من الايام جميلة ... لكن روحها كانت تضفى على شكلها جمالا اخاذا وجاذبية ساحرة ... كان القليل من يحس بجمالها الداخلي ...

    اقتربت من المرآة وابتعدت ... لقد غزت الطرقات وجهها ... واصبح هناك مدن قائمة بذاتها .. فكل طريق يحكي قصة كفاح ... ومشاعر الم ... وقهر .. وحرمان... كل ركن من الطريق .. يذكرها .. بماض لازالت تعيش فيه ... تحس فيه... يحرقها كل لحظة ..حتى اصبح هناك لايوجد أي حطام لكي يحرق ... اصبحت كالآلة ... مبرمجة على نظام معين .. حياة معينة... مشاعر معينة ... كل شئ اصبح بداخلها بدون احساس ..كأي جهاز يتم تشغيله لكي يؤدي ما عليه .. ويتم إغلاقه في نهاية اليوم ...

    نظرت للساعة ... لابد لها ان تتحرك ... والا سوف تتأخر على الموعد .. لبست ملابسها على عجل .. وركضت باتجاه الباب .. وقبل ان تصله سمعت صوت احلام الصغيرة قائلة : ماما ... اعتني بنفسك ... أحبك....
    اجابتها مسرعة: حاضر ياحلمي الصغير.. ..
    خطفت حقيبة عملها .. ونزلت مهرولة على الدرج ....

    أصرت هذه المرة .. على التنقل بالباص .. لن تستخدم سيارتها الخاصة ... ربما لإحياء ذكريات .. لطالما كانت تشعل النيران بداخلها ...ولا تجد من يطفئها .... وصلت الى محطة الباص ... المحطة مزدحمة كالعادة ... انتظرت قدوم الباص .. لتتقاذفها جيوش الناس يمينا وشمالا حتى وجدت نفسها بداخل الباص ... اخذت تفكر بأسلوب جديد .. ستطبقه بعملها اليوم .. فهي تحب الابتكار .. وتحب كل شئ جديد... وتحب دائما ان تكون مميزة بكل شئ ... وربما هذا الشئ الذي طبع عملها بطابع التميز... والابتكار ... وحب العمل ... وخاصة .. انه مر زمن طويل على آخر عمل قامت به .. بنفسها ..

    ربما هي ورثت الدقة في العمل والنظام ..من والدها .. رحمه الله .. فلطالما حاول ان يغرس فيها حب العمل والاتقان ... والنظام .. رغم بساطة عمله .. فهو كان يعود كل مساء من عمله يبدأ بترتيب ما عليه القيام به في اليوم التالي ... يأتي كل مساء .. محمل بأكوام الجرائد التى لابد له ان يبيعها في اليوم التالي .. فتجلس هي لمساعدته ... الجرائد العربية في جهة ... والاجنبية في جهة ..والمجلات المستوردة في جهة ... وهكذا ... وما ان ينتهوا من هذه العملية كل يوم .. والا ويكون التعب ..قد اخذ حظه من كليهما .. كانت احلام البنت الكبرى .. لوالدها وكانت المحببة لقلبه ... لطالما اجلسها بجوار قلبه يخبرها قصص الحياة وتجاربه ... ولطالما اضفت والدتها جو الحب والمرح على جلستهما ...كانوا اخوتها صغارا هاني .. ومروة ... وميرفت ... ولم يكونوا ليتذكروا هذه الاحداث اليومية .. التى اصبحت الان شريط ذكريات يمر فقط بعيون أحلام ... ليغرقهما في بحر الاحزان ... كانت احلام في الثانوية .. تدرس للحصول على التوجيهية .. كانت فتاة نجيبة ..لطالما كانت العيون تلاحقها اينما ذهبت لذكائها ونشاطها وحيويتها ولطالما كان الجيران .. يحسدن عم عطية .. على ابنته .. احلام ...

    احلام .. كانت فتاة ... حققت احلام والدها ... فهو أرادها .. ذكية .. ملتزمة .. جادة .. متحملة للمسؤولية .. علمها كل شئ .. وأعطاها كل شئ ... رغم امكانياته المادية المتواضعة .. بيتهم كان صغير .. دخلهم قليل .. كل شئ كان قليل .. لكن كان هناك دائما الكثير من الحب والدفء والمشاعر ....

    حتى حدث ما قلب كيان هذا البيت الهادئ ... ففي يوم من الايام ... وهي عائدة من المدرسة .. لمحت جموع متكاثرة عند باب بيتهم الصغير ... اخذت تركض وبدأ قلبها يسابقها .. بدقاته .. بنبضاته .. سمعت الناس تردد ... لا حول ولا قوة الا بالله.... انا لله وانا اليه راجعون .... بدأت قدماها تبرد .. وتبرد .. وهي تركض .. وبدأ الدم .. يختفي من عروقها .. توقفت عند باب البيت ... ونظرت .. للحظة مات الزمن .. ومات الشجر .. ومات كل شئ حي .. الا قلبها ... لماذا لا يموت ايضا ؟؟؟

    رأت والدتها جالسة في منتصف البيت.. فاقدة السمع .. فاقدة النطق .. فاقدة الاحساس بمن حولها .. كان هناك فقط سيول الدموع تتساقط من عيونها .. هذا الشئ الوحيد الذي كانت تملكه ..تقدمت احلام ببطء.. كل خطوة كانت اثقل من سابقتها .. لم تكن تسمع شئ .. رغم ان كل شئ كان يصرخ حولها ... وبداخلها .... تقدمت .. إلى أن وصلت الى المكان الذي تجلس به امها ... وجلست عند اقدام امها ... لم تتكلم . لم تتحدث .. وضعت رأسها على حجر امها وبدات سيول الدموع .. تتساقط من عيونها ...

    مرت الايام .. وتركت احلام مدرستها .. لم يكن هناك معيل ... بحثت وبحثت عن عمل .. قد يساعد في سد رمق الحياة .. العطشى دائما لكل قطرة دم .. عرق .. ألم .. إلى ان جاءها في يوم من الايام .. صديق لوالدها .. طلب منها ان تعمل مساعدة لزوجته في صالون التجميل الذي يملكانه...وبدأت رحلة أخرى من رحلات احلام في هذه الحياة المتسربة .. من بين الايدي .... تعلمت كل شئ وكانت فتاة ذكية نجيبة كما كانت دائما .. وبدأت اصابعها تعزف بمهارة المحترفين على تقاطيع .. الاوجه والرؤوس .. وفي خلال فترة بسيطة .. اصبحت أحلام ..علم من اعلام هذا الفن ... كانت تعطي .. وتعطي .. تعلمت كثيرا من هذا المجال .. تعلمت كيف تزين وترسم الجمال .. على وجوه السيدات .. كانت ترسم الامل .. والفرحة .. والسعادة .. ترسم احلامها التى طالما راودتها في احلامها ...

    ففي عملها هذا ...رأت حكايات كثيرة .. وعاشت مشاعر كثيرة .. تعلمت اشياء ما كانت لتتعلمها ابدا .. في أي مكان في العالم ... فيومها كان ملئ بعشرات من القصص منها الحزين ومنها السعيد ..ومنها لا تستطيع ان تصنفه مع أي قسم ... اناس عايشين على الهامش لا هم سعداء ولا هم حزنى .....

    رأت كثيرا .. وسمعت كثيرا .. وكان عزفها نابع من احساسها ... فكم عزفت لتدغدغ المشاعر .. وكم عزفت لتبكي العيون .... كانت تحاول أحيانا .. ان تخفي مجاري الدموع التى كانت تتساقط من عيون صاحبتها .. فكم عروس شيعت لمثواها ... وكم عروس زفت لفرحتها ... وكم من عانس حاولت إخفاء اثار الغيوم والعواصف من على سماء وجهها ... مشاعر كثيرة ... وتجارب كتيرة ... وخبرات كثيرة .... تعلمتها .. بدون سابق طلب لها ... لم يكن بيدها .. فمشاعرها دائما كانت مرهفة .. رقيقة ... شفافة ... قابلة للكسر .. في كل لحظة ...فكم دمرتها دموع واهات ... عروس ... في مقتبل شبابها .. وكم اسعدتها .. مشاعر لهفة و نظرات حب ... لغد مشرق ...

    كانت تعود كل ليلة الى بيتهم الصغير .. لتجد اخوتها ينتظرونها على العشاء .. تلاعب هذا .. وتذاكر لهذا ... وتصالح هذا... وتجلس بعد ذلك مع امها لتخبرها بأحداث اليوم ... كان راتبها القليل ... يسد جوع اخوتها وامها ..لكن المتطلبات تتزايد والحياة في ارتفاع ... واخوتها يكبرون يوما عن يوم ... فطلبت من صاحبة الصالون ان تزيد من راتبها وخاصة بعد ان اصبحت مشهورة على مستوى منطقتها .. وكذلك أصبحت مطلوبة من مناطق متفرقة .. لكنها فوجئت برد صاحبة الصالون العنيف ... إما الرضى ... أو البحث عن عمل اخر ... لطالما احست بغيرة صاحبة الصالون منها ... فقررت ان تخطو خطوة جريئة بحياتها ... أما للاعلي ... او للاسفل .... وبالفعل .. قررت ان تعمل بنفسها ... بدأت بفكرة الذهاب لمنزل العروس واشترت جميع الادوات الخاصة بها .. وكانت تذهب لمنزل العروس.. وتزينها وتخرجها بأروع صورة .. وكان استقبال الناس لها يتفاوت بين نظرات الامتنان .. ونظرات الشفقة .. ونظرات قاسية باردة ..لاتراها .. ولا تعتبرها موجودة على الخارطة الانسانية و كأنها آلة أتت لتنجز عمل ما و تغادر وكم تألمت احلام كثيرا من هذه النظرات .. لكن احلام .. لم تكن تستطيع أن تقف ...فهي أمامها رسالة لابد أن تؤديها ... بدأ نجمها يعلو ويعلو... فقد كان الكل يطلبها ... والكل معجب بعملها ... وهي كانت سعيدة باستقلاليتها بعملها .... وتسابقت الايام والسنون ... وأحلام .. غارقة بعملها الذي اعطته كل شئ ... لكي تحافظ على كل شئ ... كبروا اخوتها .. فهاني الان اصبح مهندسا ... ومروة ... محامية .... وميرقت الصغرى ... تخرجت من كلية الفنون .... وامها .. نحتت الاحزان معالمها على انحاء جسدها المتآكل ... يا لامي المسكينة ... لم تستطع الايام ولا السنين ان تنسيها صدمتها بفراق ونيسها ... فكم لمحت دموعا خجلى تتساقط من عيونها عنوة رغم صوت ضحكها المتعالي .... الا ان الم الفراق .. أعمق .. واشد .. ولا ينسى ... كم افتقدت والدي .. لكن مسؤوليات الحياة ... لم تعطني مجالا لكي احزن ... لكي ابكي ... لكي انهار ... كان لابد لهذا البيت من عامود .. يسنده ... كي لا ينهار .. ولابد ان يكون انا .... حلمت .. وحلمت ... وتحققت احلامي ... اخوتي استقلوا بحياتهم... هاني تزوج من الفتاة التى يحبها .. .. ومروة تزوجت وسافرت مع زوجها ... وميرفت ... على وشك ان تخطب ... بدأ الحمل يخف .... لم يبقى الا انا ... وامي ... المتعبتان ..من رحلة الحياة هذه...

    وصل الباص للمكان الذي تقصده أحلام ... نزلت مسرعة من الباص .. حتى لا تتأخر عن موعدها ... تجر حقيبتها ... المليئة .... بأدوات اخفاء الحقيقة ....او تزيين الحقيقة .... ومسحت دمعة سقطت رغما عنها متمردة ... تعلن وجودها ... رغم انف احلام ... ركضت مسرعة .... باتجاه ... المنزل الذي سيقام به العرس ..ووقفت لتقرع جرس الباب ...

    لم يكن الحب يوما قد دق على قلب احلام .... ربما لانها لم تكن مستعدة .. لم تكن قادرة على استقباله ... على الترحيب به ضيفا حبيبا بعد طول فراق .. قبل عشر سنوات ... قد وقفت احلام نفس وقفتها هذه.... تنتظر فتح الباب... وفي ذلك الوقت .. فتح لها الباب .. شاب في متوسط العمر ... وسيم .. انيق ... تشع الرجولة من ملامح وجهه الجذاب ... تسمرت للحظة .. للحظات ... عيونها متلصقة بعينيه ... اقدامها مسمرة على الارض ... لم تفق من حلمها .. الا على صوت .. نسائي قادم من خلف الشاب الوسيم ...يقول هل وصلت مصففة الشعر ... يا هيثم ؟...

    التفت هيثم .. ليواجه والدته .. ويخبرها بوصول مصففة شعر .. وانسحب الى الداخل .. دخلت احلام . .. لاتدري .. هل اقدامها التى كانت تحملها .. أم قلبها هو الذي كان يطير بها .. أمعقولة ... أمعقولة هذه المشاعر التي تحسها ... والعصافير التى تغرد داخلها ... والاجنحة التى تدغدغها .... أمعقولة ...

    وصلت أحلام ... الى غرفة العروس .. ووجدتها بانتظارها وبدأت في عزف أجمل سيمفونية تحس بها ... على هذه الملامح البريئة الجميلة ... حتى انتهت ...

    وحان موعد الفرح ... واستأذنت احلام للانصراف .. لكن العروس اصرت على ضرورة حضورها ... لم تكن تستطع احلام ان ترفض .. فما ولد بداخلها بتلك اللحظة .. كان كفيل ان يبقيها دهرا .. في هذا المنزل ...

    وبقيت تحت اصرار العروس ووالدتها .. واتخذت لها ركنا .. في قاعة الحفل ... وجلست هناك تراقب .. وتحس ... وتحلم ....

    رأته .. تأملته .. حلمت به .. ومعه .. كل ذلك وهي جالسة بالركن البعيد ... وفجأة اختفى ... عن مرمى نظرها .. بدأت تبحث عنه بعيون لهفة .. تريد ان تراه .. بحثت يمينا ... بحثت شمالا... ليس له وجود ... وفجأة ... سمعت صوتا .. دافئا .. يأتي من خلف أذنها قائلا .. أتبحثين عن أحد ياسيدتي ؟؟

    التفتت لتغرق عيناها مرة أخرى ... في بحر .. مجهول ...قراره لانهاية له ... تجمد الوقت .. الاحساس .. المكان .... لم يعد هناك أهمية لاي شئ ... فقط الاحساس .. الاحساس .. الذي عصف بداخلها .. وقلب كل اوراقها...

    تلاشت كل الاحرف الابجدية... لم يعد هناك وجود لاي كلمة في قاموس حياتها .. ومرة أخرى .. احست بإعصار يقتلع ما بداخلها يشتته ... يبعثره ... بجميع الاتجاهات ...لم تشعر بإعصار كهذا بحياتها ... رغم المواقف العديدة التى مرت بها بحياتها .. لكن هذا الاعصار من نوع اخر .. شل حركتها ... عقد لسانها ... صم آذانها ... لم تعد تستطيع ان تحرك أي عضلة بجسمها ...

    سمعت اسمها مرة اخرى ... احلام .. احلام .. اهذا هو اسمي .. لم اكن اعلم انه بهذا الجمال .. لم اكن اعلم انه بهذا الاحساس ... مالي لا اعرف اسمي ولا اعرف شكلي .. ولا اعرف ما هذا الجسد الذي اسكنه ...

    انتبهت مرة أخرى عندما احست بيد على كتفها تهزها ... صحت من سرحانها .. ونظرت اليه .. قائلة .. عفوا .. لم انتبه .. ماذا كنت تقول ياسيدي ؟؟

    اجابها هيثم قائلا : كنت اسألك هل تبحثين عن شخص ما .. لقد وجدتك تدورين بعينيك بالقاعة .. فقلت ربما استطيع مساعدتك ؟

    احلام : لا ابدا .. كنت سرحانة قليلا...

    سكت هيثم للحظة ثم بادرها قائلا : منذ متى وانتي تعملين في هذه المهنة ؟

    احلام : منذ سنوات طويلة ..

    هيثم : لقد لاحظت ذلك .. من خلال سرعتك واتقانك ومهارتك في انجاز عملك ..وروعة الشكل الذي ظهرت به اختي ..لقد تعاملت مع هذا المجال عندما كنت بأمريكا ..لكنني لاول مرة اقف مبهورا عند رؤيتي للنتيجة المتقنة التى حصلت عليها اختي ...

    وجذبها حلاوة حديثه ووجدت نفسها تناقشه وتجادله وتخبره بأسرار هذه المهنة التى تشربتها منذ زمن ليس بقريب ...

    وعندما انتهت من حديثها .. نظرت الى ساعتها .. وفوجئت بأنها قد تأخرت عن الموعد المفروض ان تغادر به الحفل .. فالآن لن تجد باصا يقلها لمسكنها .. فبادرته .. قبل ان ينهي حديثه قائلة : لقد جذبني حديثك ونسيت انني كان يجب ان اغادر منذ زمن ..

    لكن هيثم اعترض على مغادرتها لوحدها في هذا الوقت المتأخر واصر على ان يوصلها لبيتها ... لكنها ابـت ... فالمشوار بعيد .. وهو اصر .. وهي اصرت .. فما كان منه الا ان امسكها من يدها وقادها نحو السيارة ... بدون ان تبدي أي اعتراض ...

    في هذه اللحظة ... انتابتها احاسيس غريبة .. مختلطة لاول مرة منذ زمن بعيد تحس بلذة سيطرة الرجل على المرأة .. فلطالما افتقدت هذا الاحساس بعد وفاة والدها .. فقد كانت هي الأب والام والاخت ...

    وفتح باب السيارة لها ... واجلسها .. هناك بجانبه ... ثم جلس خلف مقود السيارة ... كان الهواء عليلا في تلك الليلة .. يداعب مسامات وجهها التى تفتحت مع هذه المشاعر الساحرة التى احسستها لاول مرة في هذه الليلة .... لاول مرة تشعر بالدماء تعصف بداخل شرايينها .. تحس بالنار تخرج من خديها ... ترى النور يشع من عينيها ... لاول مرة تحس نفسها كتلة متوهجة ترفض ان تنطفى ... وتتمنى ان تبقى مشتعلة ومشتعلة ..

    وبدأ هيثم بالكلام .. تكلم كثيرا ... اخبرها عن نفسه ... عن حياته .. عن دراسته .. عن عمله ... وكانت هي تحفظ كل حرف يقوله .. كان صوته يدغدغ اذانها .. كان صوته يطلق قشعريرة لذيذة .. داخل كل مسامة من مسامات جلدها ... جلدها الذي اتعبته الايام والسنين وقتلت فيه البريق والنعومة والاحساس .....

    كانت احلام مستمعة جيدة ... بحكم عملها ... وكانت محاورة رائعة ... تحاورت معاه في نقاط عديدة ...اخبرها .. انه لاول مرة ينطلق هكذا بالحديث مع أي سيدة ... فهو بطبيعته انسان هادئ .. لا يبادر بالخطوة الاولى ابدا .. مع أي انثى ..

    لكن هناك كان شئ يدور بداخله ... يخبره بأن الوضع مختلف فهو احس بشئ يجذبه اليها ... شئ .. خارج عن حدود سيطرته ... شئ لم يشعر به قبل ذلك .. رغم بلوغه الاربعين ... لكن لاول مرة .. يشعر بتدفق دقات قلبه بهذا العنف ...وهذه الشدة ... حاول ان يخفي كل ارتباكه .. امامها .. لاول مرة يشعر بنفسه .. شاب مراهق يقابل حبيبته لاول مرة ... فهو رجل قد عركته الايام وحفرت به المصاعب طرقها ... لكن هنا الوضع يختلف .. لاول مرة .. يشعر بهذا الاحساس من العطش ... كأنه ما ارتوى يوما ... كأنه ما كان موجودا .. قبل ذلك ..

    مال هذا الطريق .. يتآكل بسرعة ... فهو تعمد ان يبطء بقيادته .. يريدها بجانبه لاطول فترة ممكنه .. لكن الطرق تتآكل .. والوقت يتآكل ... وكل شئ بنقصان حاد .....

    وصلوا الى باب بيتها ... بيت متواضع .. من شكله الخارجي تستطيع ان تتصور الحياة التى عاشتها هذه الانثى التي بجانبه ...لكنه احس بقلبها كطفل برئ .. لم يولد قبل اليوم ... كقلبه ... ..

    توقف بالسيارة .. بجانب الباب ... واستدارت احلام لتنزل .. لكنه استوقفها قائلا: لابد لي ان اراكي .. غدا .. ما رأيك .. الساعة 3 عصرا .. بكافيه الوردة الحمراء. ما رأيك .. ؟؟ لم ينتظر ردها .. أكمل حديثه قائلا : اذن سأراكي غدا ...

    وقفت أحلام . متسمرة . لا تملك الرد .. ولا الاحرف .. فقد اضاعتها وتحاول استرجاعها أومأت برأسها .. بدون أي تفكير منها ...

    استدارت لتدخل إلى بيتها... ووجدت الصالة مضيئة .. عرفت احلام أن أمها لم تنم وانها بانتظارها .. لقد تأخرت جدا عليها ... ركضت مسرعة للداخل .. وفتحت الباب ووجدتها نائمة على الاريكة ... أيقظتها .. وأوصلتها إلى فراشها ....

    واغلقت الاضاءة .. واتجهت الى غرفتها ... بدلت ملابسها .. وتمددت على سريرها ... وقضت ليلتها .. تعيش مشاعرها ...

    وقضى هيثم لاول مرة .. بحياته ... ليلته .. متمددا على سريره .. يعيش مشاعره ..


  2. #2
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307

    رد : قصة بعنوان : أحلام تموت

    مسااااااااااء جميل ..
    سمراء الليالي ..
    رغم انك معنا منذ فترة طويلة جدا .. وقد لمحت اسمك هنا .. الا انكِ للمرة الاولى تشاركينا .. شكلك بخيلة يا سمراء ..
    عموما هذه معاتبة بسيطة من اخ لاخته ..
    وسأعود مرة اخرى بعد ان اقرأ القصة .. فأنا لا احب ان اعلق على شئ لم اقرأه .. واشعر أني سأستمتع بقراءة القصة ..
    واتمنى من سمراء الليالي .. ان لا تكون بخيلة علينا .. بالحضور والمشاركة ..
    دمتِ سمراء الليالي .. !!

  3. #3
    الصورة الرمزية سمراء الليالي
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    10- 2003
    العمر
    48
    المشاركات
    47

    رد : قصة بعنوان : أحلام تموت

    مرحبا .. اخي عاشق السمرا... صحيح انا معاكم منذ فترة طويلة ..وهذه اول مشاركة لي .. لكن هذا ليس بسبب بخلي .. قدر ما هو بسببين الاول كسلي ...والثاني انني عندما ابدا في تصفح الموقع وقراءة الكتابات الموجودة استصغر ما كتبت واشعر بضآلته .. لكنني تجرأت هذه المرة ... وارسلت هذه القصة ... اتمنى ان تعجبكم ...

    شاكرة لك متابعتك للقصة ...


  4. #4
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307

    رد : قصة بعنوان : أحلام تموت

    مسااااااااااء جميل ..
    سمراء الليالي ..
    هنا كلنا صغار .. تأكدي !!
    دعوة إليك بالتواصل .. ونحن بالخدمة !!

  5. #5

    رد : قصة بعنوان : أحلام تموت

    [grade="FF6347 FF6347 008000 4B0082"][align=justify]يا ترى هل هي احلام الاحلام ام احلام الانثى ، هل هي كتابات لكاتبة تمرست فن الكتابة ، وحلاوة الكتابة ، والتعمق في مكنونات الكتابة ، قصة سافرت مع احداثها الرومانسية الرائعه ، وتشربت من معاناة الحياة التي عاشتها احلام .. بداية موفقة رائعة ، بدأت الاحرف تنساب من بين القصة كأنها درر تتناثر هنا وهناك ، وتتلون بجماليات الحب الطاهر الذي بداء في الجزء الاول من هذه القصة ، بل من هذه الرائعة .. ستثبت بل تثبت نفسها ، والحمدلله بأننا كسبنا كاتبه قاصة لها في هذا الدرب أن شاء الله كل خير ، فاستمري واستمري لا انقطاع ....[/align][/grade]

  6. #6
    الصورة الرمزية سمراء الليالي
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    10- 2003
    العمر
    48
    المشاركات
    47

    رد : قصة بعنوان : أحلام تموت

    اشكرك .. عاشق السمرا .... ودندنة على سن القلم ... على تشجيعكم الكريم لي ... هذا يعني لي الكثير ...
    واجيب على تساؤلك يا دندنة ... نعم لقد قصدت باحلام.... احلام الانثى ...و احلام الانسان الذي يعيش على هذه الارض .. ويسعى دوما لتحقيق حلمه .. رغم الصعوبات .. والمتاعب التى يواجهها .. لكنه يبقى في داخله مؤمن بحلمه .. وبقدرته على تحقيقة ... حتى يكتشف بالنهاية .. ان الانسان يموت ... بموت حلمه .... !!


  7. #7

    الرد على : قصة بعنوان : أحلام تموت

    المبدعة سمراء الليالي أعجبت كثيراً بما كتبته وكنت قد قرأتها وما زلت الى الان اتذكر تفاصيلها قلمك جداً جميل والان سأكمل قصتك بأجزائها وتأكدي بأنني معك منذ البداية

    تحياتي
    سمراء الليل الحزين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML