[align=center]حوار مع [/align][align=center]القمر[/align]



سافرتُ على أجنحةِ الشروق ,, أرسِمُ الأماني على خدِّ القمر

في عُتمةِ الليلِ البهيم ,, فكان لي معه÷ حكاية
,,



أنــــا : أيها القمر الحزين .

القمر : إني أسمعك أيها المنادي .

أنــــا : كان لي معك أمانة .

القمر : كان ربما ,, ولكنها لم تعد …

أنــــا : وكيف ذا ؟! وأمانتي ؟؟

القمر : لا أتذكرها ,, فربما مر على ذلك سنين .

أنــــا : ولكنها أمانة ,, لا تضيعها السنون .

القمر : أيها المنادي هل لك أن تذكرني بها ؟

أنــــا : بكل مسرة .

القمر : وإني أسمعك .

أنــــا : أتيتك يوماً , وكنتَ أيها القمر في همٍّ وضيق , فشكوت لي همك .

القمر : ياه أهو أنت أيها الرسام ؟

أنــــا : أجل إنه أنا .

القمر : تذكرت , وأتذكر إنني أخبرتك أن ضيقي نابعٌ من وحدتي .

أنــــا : هذا صحيح ,, فقد كنتَ كالصفحةِ البيضاءِ خاليةً من كلِ شئ .

القمر : نعم , وطلبتُ منكَ يومها أن تلزمني وتؤنسني , ولكنك تعذرت ..

أنــــا : لم أتعذر , فقد قمت برسم كل أماني وأحلامي على خدك حتى تستأنس بها .

القمر : هذا حق ,, وقلت لي بالحرف الواحد حينها : هذه أمانتي , أودعتك إيّاها تؤنسك وتسليك .

أنــــا : الحمد لله ,, أنت إذاً لازلتَ تتذكر أمانتي .

القمر : أتذكر .. ولكن ….

أنــــا : ولكن ماذا …؟

القمر : دعني أحكي لك الحكاية .

أنــــا : أأصبحت أمانيّ وأحلامي لها حكاية .

القمر : مهلاً يا صديقي , ولا تقاطعني .

أنــــا : أعذرني أيها القمر , وها أنا ذا كلي لك آذانٌ صاغيةً .

القمر : لا بأسَ عليك , وإليك الحكاية ..

فبعد رحيلك عني بقيتُ ورسمكَ على خدي كالتوأمين تُسامِرُنا الأماني نرسِمُ لكَ الأحلام بِرؤى الأقمار , لِكوْنِنا في العلالي ..

أنــــا : شوقتني وماذا بعد ؟

القمر : مرت بنا الأيام تلو الأيام , وتعاقبت بِنا الأزمان , ونحنُ في بهجةٍ ومسرةٍ , فتآنستْ وِحْدتي وأشْرَق وجْهيَ , ولمِعَ خَدِّي , وأخذتِ النجماتُ تتغزَّلُ بي , وأخذ الناسُ يتغنَّوْنَ بِحُسني , ويَنْظِمون قصائِدهِمْ وأشْعارِهِمْ يصِفونَ مَحْبوباتِهم بِحُسْنِ القمرِ , ‘إلى أن …..

أنــــا : إلى أن … ماذا ؟

القمر : إلى أن أتى يومٌ كانت السّعادةُ تغْمُرني , والأمانيّ تتلألأ لي على خديَّ الوردي .

أنــــا( وباهتمامٍ أكبر ) : نعم نعم واصل فالحكاية مُشوقةٌ .

القمر : ليتها كذلك .

أنــــا : أفزعتني ,, والذي جرى .

القمر : في ذلك اليوم أقبلت لي غيمةٌ سمراء , سلمت عليّ وخاطبتني بصوتِ الملهوفةِ , وعانقتْني بِحنانِ المحرومةِ , وبكت على صدري مطراً لطيفاً , شعرْتُ معهُ بِنظارةِ بشَرتي , وإشراقةِ مُهْجتي , أحسستُ معها بالحياةِ , ولكِنَّها بِلوْنٍ آخرَ لمْ أعْهدْهُ من قبل .

أنــــا : الحمدُ لله ,, وهذا أنيسٌ جديد أيها القمر .. أكمل الحديث .

القمر : وأخذت هذه الغيمة تلازمني وترسِلُ زخاتها إليَّ بينَ الحينِ والحين , وبدأتُ أشْعِرُ بِتِغَيِّرٍ غريبٍ مع كٌلِ زخّةٍ ماطِرةٍ , لمْ أعي سرها عند إذ .

أنــــا : ورسماتي و أمانيَّ وأحلامي كأنك تناسيتها .

القمر : هُنا تكتمِلُ الحِكايةِ .

أنــــا : عجِّلْ بِها , فلمْ أعُدْ أحْتمِلُ المزيد .

القمر : لا تلمني .. ودعني أواصِلُ .

أنــــا : أعذرني .. فبدأت الوساوِس تُهاجمني , يمْكِنُكَ المُواصلة .

القمر : بِظُهورِ تِلك الغيمة , نسيتُ الدُّنيا بما فيها , نسيتُ الرُّسوم ,, نسيْتُ الأماني وأحلام النجوم .

أنــــا : نسيت !! ما أظُنُّكَ نسيت , بلْ قُلْ تناسيت .

القمر : عِنْدما كانت الغيمة تُغْدِقُني حنانها , وتُغْرِقُني عطْفها , وتُسيلُ على خدّي دُموعها , كانت في الوقْتِ ذاتِهِ تزيلُ الأماني والرسوم من خدّيّ حتى لاشتْهُ تماماً , دون أنْ أشْعر بِذلك .

أنــــا : آهٍ ,, يا رسومي .. آه ,,ٍ يا أمانيّ .. آهٍ ,, يا أحلامي …

القمر : دعني أواصِلُ …

أنــــا : وهل بقيّ هُناك شئٌ آخر .

القمر : لم تدُمْ غيْمتي السّمراءُ طويلاً .. فما لبِثتْ أنْ غادرتْني تبْحثُ لها عن مُؤنِسٍ جديدٍ فعُدْتُ كما كنْتُ وحيداً ,, شاحِباً ,, مُسْتوْحِشاً ليْسَ لي مِنْ أنيس .. ولكن بِقُدومكَ …..

أنــــا( مُقاطِعاً ) : ليسَ ثانِيةً أيُّها القمر .. فلمْ يَعُدْ خَدّكَ مُناسباً لِرسْمِ أمانيَّ وأحْلامي الجديدة .