الموضوع: صبر النبي صلى الله عليه وسلم على أذى المشركين

صبر النبي صلى الله عليه وسلم على أذى المشركين :
اعلموا أن الأنبياء أشد الناس بلاء، وأشدهم هو نبينا. وتصوروا أن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب أطهر وأشرف نفس، يشتد به الأذى إلى الحد الذي يحتاج فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يذكر من ربه العلي القدير بقوله :"فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل( الأحقاف-35)، وهو صاحب النفس الزكية، المطمئنة، وهو صاحب التوكل على الله عز وجل، يحتاج من شدة الأذى، أن يذكره ربه تبارك وتعالى.
وقال جل وعلا :"واصبر وما صبرك إلا بالله ولاتحزن عليهم ولا تك في ضسق مما يمكرون" (النحل-128).
ومن أول لحظة ارتقى فيها النبي صلى الله عليه وسلم جبل الصفا بعدما أمر من الله جل وعلا البلاغ، ونادى النبي صلى الله عليه وسلم على بطون قريش.
والحديث في "الصحيحين" عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزلت "وأنذر عشيرتك الأقربين" (الشعراء-213)، صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا، فجعل ينادي: " يابني فهر، يا بني عدي" لبطون قريش، حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش؛ فقال:" أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي، تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي" قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقا، قال:" فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت " تبت يدا أب لهب وتب-1- ما أغنى عنه ماله وما كسب" (المسد-1.2). أخرجه البخاري
من هذه اللحظة تعرض النبي صلى الله عليم وسلم لأصناف الأذى والفتن والمحن. وصبت مكة جام غضبها على ابنها البار..
لقد تعرض النبي صلى الله عليهوسلم للخنق على يد عقبة بن أبي معيط حتى كادت أنفاس النبي صلى الله عليه وسلم أن تقف، وجاء الصديق ليرد هذا الشقي الفاجر عن رسول الله صلى الله عليهوسلم وهو يقول: اتقتلون رجلا أن يقول ربي الله،
بل لقد وضعت النجاسة على ظهره صلى الله عليه وسلم وهو ساجد بين يدي الله تبارك وتعالى كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة، وجمع قريش في مجالسهم، إذ قال قائل منهم : ألا تنظرون إلى هذا المرائي ؟ أيكم يقوم إلى جزور آل فلان، فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها، فيجيء به، ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه، فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه، وثبت النبي ساجد، فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى فاطمة رضي الله عنها وهي جويرية، فأقبلت تسعى، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا، حتى ألقته عنه، وأقبلت عليهم تسبهم، فلما قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال: "اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش". أخرجه البخاري
هذا نبينا صلى الله عليه وسلم يؤذى هذا الإيذاء، بل وفي " صحيح مسلم" من حديث أب هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم، قال: فقيل: نعم، فقال: والآت والعزى، لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته،أو لأعفرن وجهه في التراب، قال : فأتى رسول الله وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته، قال، فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقي بيديه، قال: فقيل له: مالك ؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا". أخرجه مسلم.
ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوما لعائشة؛ كما في الصحيحين قالت: " يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟"
قال: "لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد مالقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل ابن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وانا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعلب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني قال، إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لايشرك به شيئا". أخرجه البخاري.
والله لو كان النبي صلى الله عليه وسلم ممن ينتقم لذاته، ويثأر لنفسه لأمر النبي ملك الجبال، فلحطم الجبال على هذه الرؤس الصلدة..ولسالت بحور من الدماء...
إنه نهر الرحمة، وينبوع الحنان صلى الله عليه وسلم، إنه أشرف نبي، وأقرب نبي من الرب العلي؛ بل هو حبيب الله سبحانه وتعالى، ومع هذا يتعرض لهذا الأذى ويتعرض لهذه المحن، والفتن والابتلاءات.. ليقدم لنا دين الإسلام على طبق من ذهب..دون تعب ولا شقاء ولا أذى..وللأسف الشديد الكثيرون في غنى عن ما قدمه خير البشرية لنا...
الكثيرون منا يتبعون الغرب وتناسوا اتباع سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم..
والله إن العبن لتدمع والقلب يحزن على حال هذه الأمة.. إنها الامة المحمدية..إنها أمة القرآن..إنها الأمة التي سيقول فيها الحبيب المصطفى يوم القيامة ..أمتي..أمتي..
اتبعوا سنة الحبيب تفلحوا..ولا تخسروا ...
والله الحياة مع الله سبحانه وتعالى أحلى بكثير من أي حياة ثانية..
نفعني الله وإياكم...وجمعنا رفقة الحبيب المصطفى صلى الله عليم وسلم تحت عرشه...وأن نكون من الذين يسر لهم ويرضى عنهم..
ومالنا لا نرجو إلا رضا الرحمن الرحيم..ورسوله الكريم..
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا طيبا مباركا فيه...
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ..نحبك يا رسول الله..نحبك يا رسول..نحبك يا رسول الله


نفعني الله وإياكم
الفقيره إلى الله