صور مختصرة
«ما يرتفع الصوت إلا من قوة الألم»
عبدالعزيز الجودر
الصورة الأولى:
كباقي السواد الأعظم من مواطنينا الكرام لا نملك خياراً آخر إلا أن ننتظر فصولاً تشريعية أخرى لنرى ما توافقت عليه بعض من الكتل النيابية في إحدى جلساتهم الأخيرة، بخصوص تلك التوصية التي تدعو لوقف هبات الأراضي للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين لغير ما يخصص لاستخدامات المنفعة العامة أو الأغراض الإسكانية أو الخيرية.
فمن غير المحتمل السكوت حينما نعلم ونسمع بأن مواطناً قضى عمره كله في شقاء وحرمان نفسه وأفراد أسرته النووية من الكثير من الملذات والاحتياجات الضرورية وقام ‘’بتسحّيت ذرعانه، ولحم جسده، وما تم مكان او زرنوق ما تسلف منه’’ وبات الآن يدفع أقساطاً شهرية ‘’يمهطونها’’ من دم قلبه ‘’الذايب’’ أساساً وبما يعادل أكثر من نصف راتبه الشهري، وذلك من أجل شراء أرض صغيرة ‘’ما منها شي’’ لا تتعدى مساحتها المترية مساحة وحدة سكنية من وزارة الإسكان لكي يتمكن من بناء بيت العمر عليها، الذي صبر سنوات طويلة يحلم به يضفه هو وأفراد أسرته بعد أن ضاق أنواعاً من الويل والمعاناة والصبر الطويل، في حين نجد مواطناً آخر يحصل على أرض ليست بتلك المساحة الصغيرة فقط، إنما تفوقها أضعافاً مضاعفة وفي مواقع سبع نجوم ‘’استثمارية بي تن، أو بي مئة، لا يوجد لها سقف من الارتفاع’’، وبحسب سعر سوق العقار في البحرين فإن مردودها المالي يفوق الخيال، كل ذلك يتم بكل سهولة ويسر، ولا يدفع صاحبها و’’لا بيزة حمرة، ويكوكش عليها، ويتسلمها باردة أمبردة، لا ضرب فيها لا كزمة ولا يشيوّل!’’.
الغريب والمحير في هذا الأمر أنه حتى هؤلاء الذين يعطونهم و’’يدعسون عليهم’’ من الهبات والعطايا والهدايا، ويقومون بتعديل أوضاعهم المالية والاجتماعية، وتحسين مستوياتهم الحياتية والمعيشية هم أكثر الناس شكوى وتذمر، ولا يحمدون ولا يشكرون، بالله عليكم أليس هذا الوضع ‘’يبط اليافوخ، ويصم الصرصوخ’’؟
كنا كمواطنين ننتظر على أحر من الجمر طرح مثل هذه التوصيات المطلوب تحقيقها منذ بداية الفصل التشريعي الأول أو على أقل تقدير منذ بداية الفصل التشريعي الحالي وليس في نهايته كما هو الآن، ولكن هذا الذي حصل من قبل النواب وهذا هو ‘’حد يوشهم، يوم شافت أهلها بيشدون قالت عرسوني، وين اعرسونها وخيامهم وقشهم وسومانهم وصلت فوق ظهور البعارين؟’’.
خلاصة القول نحن في هذه الديرة نعيش حالة استثنائية غير الدول الأخرى ملخصها كالتالي ‘’ناس بالكيل وناس بالهيل، اللي عنده مال يزيدونه أموالاً فوق أمواله، واللي حافي ومفصخ يزيدونه فقر وقهر، هذا هو حالنا لا يخفى على أحد فوق هذه الأرض التي لسان حالها كأنه يقول ماذا يحصل على سطح ظهري؟ وتطالب بالعدالة والإنصاف لكل مواطنيها المتمسكين بترابها دون استثناء’’، وما يرتفع الصوت إلا من قوة الأم’’.

الصورة الثانية:
ما أصعب على الموظف صاحب العقلية النظيفة والمؤهل جيداً، ويمتلك الخبرات المتراكمة في مجال عمله و’’تاعب على روحه من الزين، وذابح نفسه سنين’’ في التحصيل العلمي، أن يرى آخر وقد عين في منصب ‘’يخب عليه، يأمر وينهي، وزر وبالك ويحصل على مميزات وامتيازات والكثير من الميزات الخاصة’’، في حين هو في وضع ‘’مدثور، مهمول، مهمش، مجمد، يقوقي عليه الله يعزكم (...) وكأنه معاقب في وظيفته’’.

وعساكم يا متابعين عالقوة