الموضوع: فيروز، فنّانة غرّدت في غير سربها

فيروز، فنّانة غرّدت في غير سربها


مع بزوغ فجر كلّ يوم جديد، يشقّ عباب السماء طير فيروز الباكي حاملاً معه ألوان الشجر وملامساً أطراف الدنيا وملء أنشودته للكون من فيروز السلام تحيّة...

فيروز...تختنق لصوتك الكلمات وتحتضر...حين تكتبك وترويك دون أن تجد لها مكاناً على أوتار قيثارتك الرنّانة...إن غنّيت فقد غنّت الكلمات اليتيمة لها فيك ألف دير...تعبرين خواطرنا وتسكنين أصداء بيوتنا العتيقة كما عبق الزمان، يفوح منه همس الخلود ويثمن كلّما عبر الدهر جبينه الغامض...

فيروز... تكبر بجوار قوافيك أجيال تدور بها الدنيا وتنتهي... لها في كلّ عيد نشيد طفولة وصداقة و عشق ووطن، وكما تحمل أنغامك معها نسمات تشارين وتنتظر ساكنة زوايا الطرقات ، يحملنا صوتك فيغمرنا ويعانق طيّات الزمن الجميل... تصفو بصفائه هموم الحاضر ويسكن بحنوّه غضب الساعات...

فيروز لبنان ...كأنّ صمتك بين حين وحين روح تنبض في عروق النغمات، فأعذب ما في صوتك الحزن الذي يعبر حنجرتك وينساب في أسماعنا كأناشيد الدنيا.. بعصف شتائها وحفيف قصائد خريفها وعيد ربيعها وجنون صيفها، وكأنّك أنت ، بما غنّيت.. لوحة عزّ وتواضع يلهم الافتخار...

و ماذا يقال في نتاجك الراقي يا فيروزنا؟ عجز القلم وجفّت الحروف على الأوراق...

تاريخ حمل الدنيا وما فيها، بحروفها وبراعم ربيعها... شكراً فيروز!..لأنّ صوتك يدفئ أسماعنا ولأنّ كلماتك تنبض في عزّتنا و حنونا...

مذ بدأت غنيّت سلام الدين والدنيا وأكملت مع إنتاج الرحابنة لتبدعي وتجعلي من لبنان وطن الحريّة والأخوّة، وها نحن اليوم نجتمع لتكريمك كما تتجمّع تربة الوطن الغالي لتكتنز جذور الأرز الخالد...

ليشهد العالم أن غابات أرزنا ومروجنا الصبيّة تعبق بصباحك الغنّاء وأنّ طاولة قهوتنا الدافئة لم تخل أبداً من جلساتك العذبة والرقيقة...

لبيروت منك مجد من رماد دفن بين سطوره لفحة الحزن التي علمت جبين لبنان ولك...، ليس من لبنان الحبيب فحسب بل من عالم أنشدته فبات الآن ينشدك.. قصيدة أمل ورجاء وصلاة تغفو في مهدها المتأرج تحت أوتارك سيمفونيّة الأعمار...