فرانكلين بيلانو أوباما؟

بول كروجمان
11/12/2008
بول كروجمان :

فجأة صار كل شيئ قديم "صفقة جديدة" مرة أخرى. لقد خرج ريغان ودخل فرانكلين بيلانو روزفيلت. ومع ذلك، ما مقدار ما يقدمه حقا عهد روزفيلت و"الصفقة الجديدة" من دروس لعالم اليوم؟.

الجواب هو: الكثير. لكن على باراك أوباما أن يتعلم من إخفاقات فرانكيلن روزفيلت كما يتعلم من انجازاته. فالحقيقة هي أن "الصفقة الجديدة" لم تكن في المدى القصير بذلك النجاح الذي كانت عليه على المدى الطويل.وسبب النجاح المحدود لروزفيلت على المدي القصير، والذي كاد ان يغوض كل برنامجه، هو حقيقة أن سياساته الاقتصادية كانت شديدة الحذر.

أما عن انجازات سياسة "الصفقة الجديدة" على المدى الطويل، فإن المؤسسات التي بناها روزفيلت قد أثبتت انها قادرة على التحمل وضرورية. وفي الحقيقة، فقد بقيت تلك المؤسسات حجر الزاوية في استقرار دولتنا الاقتصادي. تصوروا مدى السؤ الذي يمكن ان تكون عليه الأزمة المالية الحالية، لو لم تؤمن سياسة "الصفقة الجديدة" معظم الإيداعات البنكية. تخليوا ما كان سيشعر به كبار السن من الأمريكان من عدم أمان الآن، إذا نجح الجمهوريون في هدم الضمان الإجتماعي.

فهل يستطيع أوباما تحقيق شيئ مشابه؟ لقد أعلن رام إيمانويل، كبير موظفي أوباما الجديد، بقوله: "أنتم لم ترغبوا ابدا أن تذهب هذه الأزمة سدى". والتقدميون يأملون في أن تستجيب إدارة أوباما، كما فعلت "الصفقة الجديدة" للازمة الاقتصادية والمالية الحالية عن طريق إنشاء المؤسسات، خاصة إنشاء نظام للرعاية الصحية الكونية، يغير شكل المجتمع الأمريكي لاجيال قادة.

لكن على الإدارة الجديدة ان تحاول ألا تقلد الاتجاه الأقل نجاحا من "الصفقة الجديدة"، مثل استجابتها غير الدقيقة للكساد الكبير نفسه.

والآن، فهناك صناعة ثقافية كاملة، تعمل بصفة رئيسية انطلاقا من مؤسسات التفكير اليميني، مكرسة نفسها لتفعيل فكرة تقول إن فرانكلين روزفيلت، قد زاد الكساد سؤا في الحقيقة. عليه، فمن المهم أن نعرف أن معظم هذا الذي نسمعه ضمن هذه الخطوط من التفكير، يقوم على إساءة مقصودة في تفسير الحقائق. فالصفقة الجديدة قد جلبت انفراجا حقيقيا لجميع الأمريكان.

وبهذا يقولون أن روزفيلت لم ينجح في الحقيقة، في هندسة معافاة اقتصادية كاملة أثناء فترتيه الرئاسيتين الأولتين. وكثيرا ما يذكر هذا الفشل كدليل ضد نظريات كينيسين الإقتصادية التي تقول إن زيادة الصرف العام يمكن أن تجعل الإقتصاد الراكد يتحرك. لكن الدراسة الضافية للسياسة المالية في الثلاثينيات والتي قام بها الاقتصادي أي. كاري براون، تتوصل إلى استنتاج جد مختلف. وهو أن الحوافز المالية لم تكن ناجحة "ليس لانها فاشلة، بل لأنها لم تجرب".

وقد يبدو هذا صعب التصديق. فالصفقة الجديد قد كما يعرف الجميع، قد وضعت ملايين الأمريكان على كشوفات الرواتب العامة من خلال المؤسسات التي استحدثتها. وحتى اليوم الراهن، فإننا نقود سياراتنا على الطرق التي بنتها سياسة الصفقة الجديدة ويذهب أولادنا إلى مدارس بنيت منذ ذلك العهد. ألم ترقي كل تلك الأشغال العامة إلى درجة الحوافز المالية الرئيسية؟.

حسنا، إنها لم تكن رئيسية بالقدر الذي قد يظنه الناس. فالصرف على الأشغال العامة، قد تضرر كثيرا بسبب عوامل أخرى، أوضحها الزيادة الكبيرة في الضرائب، التي لم يظهر كامل تاثيرها حتى وقت طويل لاحق.

إن الذي أنقذ الإقتصاد الأمريكي وأنقذ الصفقة الجديدة، كان هو ذلك المشروع الضخم للأشغال العامة الذي عرف باسم الحرب العالمية الثانية التي وفرت في النهاية حوافز مالية كافية بالنسبة للحاجة الإقتصادية.

ويقدم هذا التاريخ دروسا هامة بالنسبة للإدارة القادمة. فالدرس الاقتصادي هو أن التعثر الاقتصادي يمكن أن يغوض بسرعة التفويض السياسي. ولقد كان نصر الديموقراطيين كبيرا في الأسبوع الماضي، لكنهم قد انتصر بصورة أكبر من هذه في 1936، فقط ليروا مكاسبهم تتبخر بعد كساد 1937 – 1938. فالأمريكان لا يتوقعون نتائج اقتصادية فورية من الإدارة القادمة، لكنهم يتوقعون نتائج. وسوف يكون نصر الديموقراطيين قصير الأجل إذا هم لم يحققوا المعافاة الإقتصادية.