الموضوع: في فضل ليلة القدر

أحاديث العشر الأواخر من رمضان
الحديث الثاني : في فضل ليلة القدر
عن أبي هريرة t أن النبي r قال : من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .رواه البخاري ومسلم

الحديث دليل على فضل ليلة القدر وقيامها ، وأن من قامها إيمانا بالله تعالى وبما أعد الله من الثواب للقائمين ، ومحتسبا للأجر والثواب غفر ذنوبه . وهي ليلة عظيمة شرفها الله تعالى ، وجعلها خيرا من ألف شهر ، في بركتها وبركة العمل الصالح فيها ، فهي أفضل من عبادة ألف شهر . وهي عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر ، ومن بركتها أن الله تعالى أنزل القرآن فيها ، قال تعالى :إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ{3} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ{4} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{5}القدر
قال ابن كثير رحمه الله : ( وقوله :{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ }القدر أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة ينزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحلق الذكر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيما له ) .
وقوله : ( ليلة القدر ) بسكون الدال إما من الشرف والمقام ، كما يقال فلان عظيم القدر ، فتكون إضافة الليلة إليه من باب إضافة الشيء إلى صفته ، أي : الليلة الشريفة . وإما من التقدير والتدبير ، فتكون إضافتها إليه من باب إضافة الظرف إلى ما يحويه ، أي : الليلة التي يكون فيها تقدير ما يجري في تلك السنة ، كما قال تعالى :{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ }الدخان4
قال قتادة : ( يفرق فيها أمر السنة ) ، قال ابن القيم : ( وهذا هو الصحيح ) ، والظاهر أنه لا مانع من اعتبار المعنيين ، والله أعلم .
فهذه ليلة عظيمة اختبارها الله تعالى لبدء تنزيل القرآن ، فعلى المسلم أن يعرف قدرها ، ويحييها إيمانا وطمعا في ثواب الله تعالى ، وعليه أن يكثر من الدعاء في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر .
قال ابن كثير رحمه الله : ( ويستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات ، وفي شهر رمضان أكثر ، وفي العشر الأخير منه ، ثم في أوتاره أكثر . والمستحب أن يكون يكثر من هذا الدعاء ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )
اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا ، وأهلينا وأموالنا ، اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا ، وعن أيماننا وعن شمائلنا ، ومن فوقنا ، ونعوذ بعظيمتك أن نغتال من تحتنا .