الموضوع: أرجوكم، لا مزيد من السيّارات!

أرجوكم، لا مزيد من السيّارات!


لقد تمّ اختراع السيّارة منذ أكثر من قرن وقد برهنت على أنّها اختراع مفيد –وقاتل على حدّ سواء. فكّر يا عزيزي القارئ في كلّ التسهيلات التي قدّمتها لنا (كوسيلة نقل بالطبع). إلى ذلك، نجد السيّارة كوسيلة ترفيه كالفورمولا واحد. كما هنالك الموضوع الاجتماعي ألا هو هواية السيّارات وهو موضوع تثير فائدته الجدل. لنرى كيف أثّرت السيارات سلباً على حياتنا.

التلوث
هنالك أشكال مختلفة من التلوّث، ويبدو أنّ السيّارة جمعتها كلّها.

تلوّث الهواء – موجود
تلوّث المياه – موجود
الضجّة – موجودة
التلوّث البصري – موجود!

إن الدخان الناتج عن إحتراق الوقود، وطلاء السيّارات، ومادة الأسبستوس في المكابح، وغيرها من المواد الكيميائيّة المرتبطة بالسيّارات (أسمعتم يوما بحرق الدواليب؟)، كلّها ملوّثات خطيرة للهواء وهي تهدّد بيئتنا وتؤدّي إلى أمراض في جهاز التنفّس (كالربو).

وإلى أين يذهب الزيت والوقود من السيّارات؟ إلى الأرض طبعاً حيث تخلط هذه المكوّنات بالتراب وتتسرّب إلى الاحتياطات المائيّة، والأنهر، ومياه البحر. ولذلك التسرّب آثار خطيرة على حياة الإنسان والنبات.

أفتقد إلى صوت العربات وموسيقى وقع أقدام الأحصنة (مع أنّني لم أر يوماً واحدة منها، أنا الذي ولدت في عصر الزمور). وأتقبّل الضجة الناجمة عن العربة أكثر بكثير من تلك التي تنتجها محرّكات السيارات، والزمامير، ومسجّلات الموسيقى.

ما الذي يحلّ بالسيّارات القديمة؟ ربّ صورة أفصح من ألف كلمة:

إنّها أقبح صورة تأتي فوراً بعد صورة مكبّات النفايات

حوادث السير
يلقى حوالى 1.2 مليون شخص سنويّاً حتفهم من جرّاء حوادث السير. قد تقولون إنّه لولا اختراع السيّارات وسيّارات الإسعاف لما تمكّن العديدون من الوصول إلى المستشفى في الوقت المناسب. إلاّ أنّ ذلك ليس الموضوع. فمع الوقت، إزداد إتّكال الناس على السيّارات ووسائل النقل المختلفة للوصول إلى المستشفيات. ولهذا السبب، أخذ ذلك بعين الاعتبار عند بناء المستشفيات أو عند اختيار مكان السكن. فلولا وجود السيّارات لكان هناك عدد أكبر من المستشفيات، ولكان التوزيع الجغرافي والديموغرافي بالتالي مختلفاً عمّا هو عليه اليوم. أضف إلى ذلك أنه لا تؤدّي حوادث السير كلّها إلى الوفاة، إذ يصاب البعض بالتشوهات، أو يفقدون بعض أعضائهم، أو يصابون بالشلل، أو يقعون في غيبوبة. ولا يمكننا أن ننسى السيّارات المفخخة (التي تعتبر الصديق الحميم لكلّ إرهابي) والقيادة تحت تأثير الكحول، والقتل على الطرقات (بعض الحيوانات تموت عند محاولتها اجتياز الطريق، أو حتّى عند وضع هرة صغارها تحت إطارات السيّارات). وقد يكون من الأسهل الإمساك بإرهابي يحمل المتفّجرات في ثيابه من إيقاف سيارة مفخخة مسرعة. كما أنّ الخطر الذي يسببه شخص ثمل يسير على قدميه هو أصغر بكثير من ذاك الذي يقود السيارة في حالة من السكر.

اللياقة البدنيّة
أتحتاج لغرض ما من السوبرماركت؟ ذاك الذي يقع على بعد خطوتين من المنزل؟ أمهلني دقيقة لأحضر السيارة! فالكسل عمره من عمر الإنسانيّة، إلاّ أنّه ازدادت نسبته مع اختراع السيّارات والتكنولوجيا. لقد اعتدنا على درجة معيّنة من الرفاهية في حياتنا اليوميّة، والكثير من الوظائف الحالية تقوم على الجلوس وراء الحاسوب أو المكتب. لذلك، نعاني اليوم هذا الاتّكال على السيّارات، والعدول عن إستعمال القدمين كوسيلة تنقل للمسافات القصيرة. وكلّ ذلك غير صحي ويؤثّر سلباً على لياقتنا البدنية.

وعند هذه النقطة، قد تتساءل يا عزيزي القارئ عن رأيي بالسيّارات. فأنت على حق! ليس هذا المقال مقالاً موضوعيّاً محايداً تماماً، وأفهم أنه ليس بالإمكان في أيّامنا هذه العيش من دون سيّارات. إلاّ أنّني سأواصل التفكير بعالم من دونها. وقد تساعدنا الدرّاجات العاملة على الطاقة الشمسيّة على التخفيف من الإدمان على السيارات. إلاّ أنّ ذلك حتّى يتطلّب القليل من الحركة إذ يتوجّب علينا أن تستخدم الدوّاسة (وذلك تمرين بحدّ ذاته)، ومن الممكن تخزين الطاقة الشمسيّة في بطاريّة لاستخدامها بحلول المساء. وفي السياق عينه، ينبغي على المدن أن تؤمّن حاجاتها من الطعام والأدوات الطبيّة، وإلا بقيت رهينة للسيّارات.