النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: المـنـبّـه

  1. #1
    الصورة الرمزية Omani princess
    Title
    عضو شرف
    تاريخ التسجيل
    05- 2007
    المشاركات
    2,564

    المـنـبّـه

    المُنبّــــه

    قصة : عبدالله الغافري

    السابعة وأربع دقائق وست وخمسون ثانية، وسبع وخمسون ثانية، وثمان وخمسون، وتسع وخمسون..
    السابعة وخمس دقائق.....

    طرررررررررررررررررر

    يتمزق اللحاف بكل قوته، يقفز جذعه العلوي فجأة بقوة، إنه جالس على السرير وحلقه مفتوح وعيناه جاحظتان وشعره مشعث.

    طرررررررررررررر

    يتنفس بتسارع كبير ووجه يتورم من الدم ويحمر شيئا فشيئا.
    الإضاءة في الغرفة خافتة جدا، وضوء خفيف يتسلل من طرف الستارة ويسقط على الصندوق الأسود الصغير المدور على الطاولة الصغيرة الذي ما زال يهتز.

    طرررررررررررر

    ينفض رأسه جيدا ويمد ذراعه بخجل ويضع كفه على الزر الصلب في أعلى الصندوق الأسود الصغير المدور.
    في مشهد متكرر مئات المرات، ينهض ويضع فوطته على كتفه ويلج الحمام. الجو هنا هاديء جدا والبلاط الأبيض ما زال دافئا قليلا بفعل الشمعة التي يضعها هنا مشتعلة قبل أن ينام، الصابونات في أماكن مناسبة عند الحاجة إليها، والسكون ينتشر في الحمام بشكل جيد. يضع فوطته على البلاط ويضع رأسه عليها ويغفو باطمئنان.
    بعد خمس دقائق يقوم ويستحم كالمعتاد.حين يخرج من الحمام تكون جميع الإجراءات معروفة بإتقان. يرتدي قطع الملابس الداخلية من الأعلى إلى الأسفل، يرتدي الدشداشة، يرش زخة عطر واحدة، يضع الكمة على رأسه. يعقد عمامته من اليمين إلى اليسار، يغلق زر الدشداشة ويكون جاهزا للخروج.
    ….

    السابعة وأربع دقائق وسبع وخمسون ثانية، وثمان وخمسون، وتسع وخمسون...........

    طررررررررررررررررر

    يغلق المنبه، يخرج من غرفة النوم، يدخل الحمام، يضع رأسه على البلاط الدافئ ويخلد لنوم هادئ وقصير. يخرج ويعيد إجراءات لبس الزي الرسمي المحفوظة جيدا.

    بعد عودته في الظهيرة يشاهد مرة أخرى سيارة جاره المتوقفة أمام البناية في دقة متناهية. ينظر بقرف الى مقدمة السيارة التي صفت أمام الجدار مباشرة قبل ان تلمسه بملليمتر ونصف. تماما في اللحظة المناسبة توقف وترك هذه المسافة الضئيلة الدقيقة. يا للقرف من كل هذه الدقة ومنتهى النظام.
    بعد الظهيرة بقليل، يفتح باب غرفته المظلمة، يزفر بصوت مسموع وهو يدخل ويلقي بعمامته وهاتفه وبعض قصاصات الأوراق المهملة من جيوبه على السرير بدون انتظام، يلقي بجسده على غير هدى فوق السرير أيضا.
    صوت خفيف لمنبهات سيارات الشرطة يتسلل من الشارع البعيد عبر الفتحات المتروكة في النوافذ غير المغلقة جيدا منذ الصباح.
    إنه ثائر جدا هذه المرة أكثر من أي مرة فقد تطاول المدير أكثر من عادته وزاد جرعة الإذلال قليلا. انه يفكر بتوتر كبير ويحك رأسه بسرعة. إنه يكره أنه طوال هذه المدة يضع الأشياء حيث يطلب منه ويجلس حيث يطلب منه ويذهب حيث يطلب منه.
    صوت أبواق التحذير من الشارع يرتفع ويقترب.
    إنه لم يعد يطيق وضع الخطوط نفسها على المذكرات الرسمية وتكرار الجمل نفسها. يهرش جانب رأسه بقوة ويفكر.
    صوت أبواق الإنذار في الخارج يزعجه أكثر فأكثر ولكنه لا يقوم ولا يغلق النوافذ.

    يفكر في كل المرات المواتية للغضب والانفجار أمام مسئوله وأمام كل الآخرين المضبوطين والتي فوتها وتراجع في آخر لحظة عن تنفيذ غضبه. واللعنة إنه حتى لم يستطع أن ينفجر في وجه البائع ثقيل الدم في دكان الحارة وليس أيضا على صاحب البناية وهو يأخذ الإيجار الشهري في مواعيده المضبوطة تماما. لقد كان هناك طوال الوقت في اللحظة المناسبة للغضب منهم جميعا، في اللحظة المناسبة للغضب الشديد والمبرر، ولكنه لا يفعل ذلك أبدا، لا يفعل.
    يقوم غاضبا وهائجا ويركل خزانة الملابس والباب والطاولة الصغيرة قرب السرير. تبا لقد سقط جهاز المنبه والتقطه بسرعة وتأكد من أنه لم ينكسر، اللعنة لقد ابتعدت عقارب الوقت عن وقتها المضبوط، كيف يستطيع أن يستيقظ في الوقت المضبوط ويذهب إلى العمل في الوقت المضبوط ثم يحصل على الأوامر المضبوطة كي يقبض في نهاية الشهر على المبلغ المضبوط بدون منبه مضبوط؟!
    لم يهدأ صوت أبواق الإنذار ذي المنوال المتكرر والممل هناك في الخارج.
    إنه يلعن المنبه ويحتقر هذه الأشياء المصنوعة بدقة، بدقة كبيرة إلى درجة الملل، يرفع المنبه إلى علو مواز لعينيه ويقترب منه أكثر. الآن عيناه تقعان أمام العقارب تماما ويحدق فيها بتدقيق كبير ويضغط على شفتيه قليلا. لا لا، لا يستطيع أن يفعل ذلك، حتما لا يستطيع، ليس أن يهمل في مواعيد عمله.

    إن مسألة المواعيد ليست بهذه البساطة، عليه أن يفكر بتعقل كبير، إهمال المواعيد سيؤدي إلى إهمال ساعات النوم ومن ثم التعب، وإهمال الأكل بانتظام ومن ثم الجوع والهزال، وإهمال الذهاب إلى العمل سيجعل المؤسسات تتوقف والناس بحاجة إلى عمل المؤسسات حتى تنتظم الخدمات التي تقدم وتنتظم الحياة، ينتظم كل شيء كل شيء، المستشفيات، المطاعم، منظفو الشوارع، عمال صرف المجاري، السائقون، العمال، التلاميذ....

    ثم إنه عليه أن يعتاد على الانضباط والتوقيت المناسب إذا أراد أن يكون رب أسرة ناجحا ومنضبطا مثل أبيه، ولكن تبا إن أباه هو آخر شخص قد يود أن يشبهه.
    عليه أن يغلق أذنيه بقوة كبيرة حتى يتوقف صوت أبواق الإنذار في الخارج عن الطنين داخل رأسه.
    اللعنة إنه لم يجهز بعد المنبه كي يضرب في الوقت المناسب، الشراشف، الملابس، الشمعة في الحمام وكل الأشياء كل الأشياء عليها أن تنتظم.
    صوت الأبواق يعلو، والنوافذ ما زالت غير مغلقة بإحكام، وهو متعب، والأصوات تعلو، يتراجع قليلا ويجلس على السرير. يشعر بتخدر عميق ويغمغم بكلام غير مفهوم ويسند مؤخرة رأسه إلى السرير ويغفو دون أن ينتبه.

    السابعة وأربع دقائق وثمان وخمسون ثانية، وتسع وخمسون، و.........

    السابعة وخمس دقائق

    يقوم مرعوبا، وينفض رأسه، و...
    كيف ذلك؟ إن المنبه لا يرن. ما الذي كان يرن إذاً حتى يستيقظ الآن، تماما الآن دون تأخير ثانية واحدة!
    تبا لقد كانت خدعة منذ زمن. منذ متى تعود يا ترى على اللعبة إلى حد أنه يتقنها أكثر مما لو كانت تحدث فعلا؟!
    لم تعد أفكاره منتظمة في رأسه الآن وتفكيره يتشوش أكثر فأكثر.
    يمسك بالمنبه فجأة ويهزه بعنف، يصرخ ويلقي به على الحائط بكل قوته، المنبه يتهشم.
    يقوم ويمسك بالطاولة الصغيرة ويضرب زجاج المرآة التي أمامه حتى تتشظى، يقف خائر القوى أمام الشظايا المتبقة في المرآة، ينظر إلى صورته المشوهة والمنقسمة على الشظايا. يمد جسمه ويتأوه ويمسك بطرف المرآة المتثلم حتى تدمى كفه.

    يمسك الشظية الحادة بإحكام أكبر ويحدق الى صورته المتشظية، ويستمر يحدق يحدق في الشظايا.

  2. #2
    الصورة الرمزية سهارى
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    07- 2008
    المشاركات
    541

    رد: المـنـبّـه

    yslmo kter 2sa jmela

  3. #3
    الصورة الرمزية الجوهرة النادرة
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    07- 2008
    المشاركات
    430

    رد: المـنـبّـه

    يسلموووو ع القصة
    يعطيج الف عافية

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML