النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الغروب .. قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

  1. #1
    الصورة الرمزية فيصل الزوايدي
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    10- 2007
    العمر
    50
    المشاركات
    68

    الغروب .. قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

    الغـــروب ..

    أَنا مَن هَدَّه الشوقُ إليَّ ، و أَخَذَه الـهمُّ بعيدًا بعيدًا عَني .. و أَلزَمَني زَمَني ما لا أُطيق ..
    فَلَيْتَ أَنسى .. وكيفَ أنسى وذا فَحيحُ ذِكرى أَطلَقَت سُـمومَها فـي دِمائي فَلا تُـجدي مَعَها الأمصالُ و إِنْ جَرَّبتُها ..و ذا هُم أَحِبَّةٌ صَدَقوا ولَكِن رَحَلوا ، بِالـمَوتِ اعتَذَروا ، و ما تُـجدي ، عِنْدَ الرحيلِ ، الـمعاذيرُ..أُفيقُ و تُفيقُ مَعي الذكرى موجِعَةً كالقَهرِ أَو كَالـمَوتِ نَفسِهِ ، أَحسِرُ عَنـي لِـحافًا بَسيطًا كانَ ليُطرُدَ البردَ و الـخوفَ عنّي .. أسيرُ نَـحوَ الـمِرآةِ فلا أرى إلا وَجهَهُ بِفَيْضِ ابتِسامَتِهِ الغامِرَةِ و الشيبِ الذي جَلَّلَهُ وَقارًا .. كانت الشعراتُ البيضاءُ بَيارِقَ الرحيلِ يَومَ اِلتَمَعَت فـي رأسِهِ تُؤذِنُ بِوَداعٍ مَـحتومٍ .. أجابَنا لا أَدري جادًّا أَمْ عابِثًا يَوْمَ سَأَلْناهُ عَن ذَلِكَ اللونِ الـجديدِ : هِيَ الشمسُ لا تَـمَلُّ شُروقًا و غُروبًا .. كَم أَشرَقَت و كَم غَرُبَت .. أَنْتَزِعُني مِن أَمامِ الـمِرآةِ فَقَد وَمَضَ بَريقٌ فـي عَينيَّ .. أَسيرُ وَجِلا إلـى الـمغسَلِ فأَغسِلُ وَجهي عَجٍلا ، مُتَجَنِّبًا النظَرَ إلى الـمِرآةِ الـمُواجِهَةِ خِشيَةَ أَنْ أَجِدَهُ قبالتي لَكِن يَدي تَـجَمَّدَت على مِقبَضِ الـحَنَفِيَّةِ ، فَقَد كانَت يَدُهُ الـمَعروقَةُ هِيَ التي تُـحكِمُ إِغلاقَ الـمِقبَضَ بِـحِرصِهِ الشديدِ على الـماءِ ، أَقتَلِعُني بِعُنفٍ و أَتَـحَرَّكُ مُتَعَثِّرًا أو مُتَبَعثِرًا.. أُغادِرُ الـمَكانَ و أُسرِعُ إلى غُرفَتـي و لَكن يَبدو أَنَّني قَد تُـهتُ إِذْ وَجدتُني فِي غُرفَتِهِ هُوَ .. كانَت رائِحته الـمُمَيَّزَةُ ما تَزالُ عَطِرَةً في الـمَكانِ .. هذا مَضجَعُهُ و تِلكَ ثِيابُهُ وذاكَ مَكتَبُهُ .. ما زالَ دفتَرُهُ مَفتوحًا على الطاولةِ ،كما تركَهُ في تلك الليلةِ فَقَد كانَ يُسَجِّلُ كل يوم أحداثَ يَومِهِ.. ترددت في مسامعي شَكواه الدَّائمَةَ مِن الزمَنِ .. ما لـي مِنْ عَدُوٍّ غيره .. قالَ هذا لـي يومًا وقد كان يُرَدِّدُهُ دَوْمًا .. أَقرَأُ فـي الصفحةِ الـمفتوحةِ أَمامي :" إِنَّـما تقتُلُنا الـحَسرَةُ .. وما جَدوى أَنْ تُسجِّلَ هزيـمَتَكَ ؟" لا أَجرُؤُ على قولِ أي كلامٍ .. تَـمامًا مِثلَ ذلكَ اليومِ .. إِذَا يَهوي الأحبَّةُ إلى الترابِ فَما كَلامٌ يُسلّيني .. أُحاوِلُ الهربَ مِنَ الـحسرَةِ خِشيَةَ أَنْ يَـمضي الوقتُ ، لا أَبـحَثُ عَن ساعَةٍ و لا أحاولُ البَحثَ عَنها فانأ اعلم أنني لن أجد واحدة .. قَد كانَ يَكرَهُ الساعاتِ بُغضًا ، يَكرَهُ حَرَكَتها لا تَتَوَقَّفُ ولا تستَريحُ و لا تَعودُ مَرَّةً .. يَكرَهُ اِستِنـزافَها الـمريرَ لِلعُمرِ .. تَزيدُ لِيَنقُصَ ، هَكذا تَقولُ الأحجِيَةُ .. هل اِعتَقَدْتَ يَومًا أَنْ تَكونَ حَياتُكَ أُحجِيَةً ساذجَةً يَرويها الصبيانُ بِتَفَاخُرٍ ؟؟؟
    أُحاوِلُ الفكاكَ مِن هذه الـمتاهةِ فَأُغادِرُ الـمكانَ نَـحوَ آخر .. إِذَا كانَ الزمانُ يَأْبـى الثبات فالأماكِنُ تَأبـى الـحَرَكَةَ .. أَسيرُ نَـحوَ غرفةِ نَومي مـرةً أخرى و أَنا أَتَوقَّعُ أَن أَجِدَها فـي مَكانِـها ، لا أَدري كَيفَ وَجدتُ نفسي في غُرفَةِ الـجلوسِ أُجيلُ البَصَرَ في أَشيائِها الـمُبَعثَرَةِ كأَحاسيسي ،الـمُشوَّشَةِ كَأََفكاري .. على صَدرِ الـحائطِ لَوحةٌ كبيرةٌ مَارَسَ الزمنُ نزواتِهِ العجيبةَ على إِطارِها الـمُذَهَّبِ فَأَحالَهُ باهِتًا .. كانتِ اللوحةُ صورةَ الفَقيدِ .. الـجاذبيةُ عنيفةٌ اِقتادَتْنـي إلـى تَأَمُّلِها بِشَغَفٍ كأنـي لا أَعرِفُ صاحبَها ..
    أَقِفُ أمامَ صورَتِهِ و لَكِنّـي أَنظُرُ إليه بِإِشفاقٍ وَ حَسرَةٍ كَأَنـي أَعرِفُهُ .. أَتَأَمَّلُ عَيْنَيْهِ العَميقَتَيْنِ بِتِلكَ النظرَةِ الغائِمَةِ ... أَنظُر في الصورَةِ طَويلا و أَرحَلُ بَعيدًا بَعيدًا عَنّـي، إذ أَنسى العالـمَ مِن حَولـي و أَنسى كثيرًا مـما ظَنَنْتُ أَنـي لا أَنساه ..و لكننـي أعودُ بَغتَةً لأُفيقَ فَإذا بـالصورةِ لَـم تَكُن إلا صورَتـي أَنـا ..

    فيصــــل الــــــزوايــــدي

  2. #2
    الصورة الرمزية Omani princess
    Title
    عضو شرف
    تاريخ التسجيل
    05- 2007
    المشاركات
    2,564

    رد: الغروب .. قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

    ومســـــــاء العودة

    برحيق قلم ينزف حـسرة على مباغاتات الزمن

    واقـــــــع نُعايشه , وليس بغريب على قاطنيّ

    مدن الحُلم والضباب


    ستروى قصص , تبعثر هنا وهناك حكايات

    وجميل بالفعل أن نقرأ قصتك أستاذي الكريم

    دمت بحفظ الرحمن


  3. #3
    الصورة الرمزية فيصل الزوايدي
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    10- 2007
    العمر
    50
    المشاركات
    68

    رد: الغروب .. قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Omani princess مشاهدة المشاركة
    ومســـــــاء العودة

    برحيق قلم ينزف حـسرة على مباغاتات الزمن

    واقـــــــع نُعايشه , وليس بغريب على قاطنيّ

    مدن الحُلم والضباب


    ستروى قصص , تبعثر هنا وهناك حكايات

    وجميل بالفعل أن نقرأ قصتك أستاذي الكريم

    دمت بحفظ الرحمن

    أخت Omani princess و يبقى الزمن مباغتا بما هو منتظر .. ؟؟؟
    تسعدني قراءتك الراقية و حفاوتك
    دمت في الخير

  4. #4
    الصورة الرمزية فيصل الزوايدي
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    10- 2007
    العمر
    50
    المشاركات
    68

    رد: الغروب .. قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

    قراءة في " الغروب " لفيصل الزوايدي بقلم الأديب و الناقد مأمون مغازي

    اعتمد القاص على ما أسميه التسلل في الدخول والإدخال إلى القصة فقد دخل إلى حزمة عصي الحدث متسللاً عبر مساحات من النقلات النفسية في أسلوب سردي ظاهره لحظي حيث يمكن أن نشعر بشهقة فواق من غفوة استرجاع ، وباطنه حالة من الاستبطان الذاتي ، أنجحتها قدرة القاص على استحضار الشخصية الموازية مع إحداث ما يشبه الاختلاف في السمات والرغبات ما حفز المتلقي وشوقه إلى تتبع الحدث دون أية محاولة للقفز من الدخول إلى الإغلاق ، فنحن أسرى في محيط ضيق للزمكانية .
    عنصران أساسيان في هذا العمل ( الزمان المتحرك بسرعة لا تتناسب والطموح . والمكان الثابت بمدلولاته وذكرياته ) وقد اعتمد عليهما الكاتب في تحريك باقي الشخوص ( وهم القراء ) في محيطيهما في توليفة غائمة استطعنا أن نتأمل ملامح شخصين تناوبا المكان في تتابعية المسيرة ابتداءً من الانتقال إلى الحمام والتعامل مع أشيائه الصغيرة والشعور بالعرق ، والعطر ، والحضور الطيفي .
    هذا الحضور الطيفي الذي وظفه الكاتب استدعائيًا هو نفسه الذي صحبنا في النقلة عبر تاريخه محيدًا البطل الرئيس في نموذج للانفلات العكسي من حالة آنية لحالة ( كان ) وساعد على ذلك قدرة تصويرية ولغة شاعرية ناسبت حالة البطل الواحد في المكان الواحد المجزأ حيث استطاع القاص أن ينتزعنا من كلية المكان مهما كان المكان الكل ضيقًا .
    ثم نجده يحدث هذا التوازي بين الازدواجية معتمدًا على لعبة العقارب والانهيار الزماني فرديًا وتناميه كليًا موظفًا ذلك لخدمة الشعور بخيبة الأمل وعدم تحقق الرغبات من ناحية ، ومن ناحية أخرى يقدم لنا توصيفًا مرحليًا لذات البطل مستخدمًا بعض الجمل الدالة . لكن ( هل اِعتَقَدْتَ يَومًا أَنْ تَكونَ حَياتُكَ أُحجِيَةً ساذجَةً يَرويها الصبيانُ بِتَفَاخُرٍ ؟؟؟ ) في هذا السؤال وبه لم تنجح لعبة اللغة في تنمية الحالة وتصعيد التوتر ، بل اتجهت بنا نحو الوعظية باستخدام الإنشاء وصولاً للحدث فظهر السؤال خاطريًا وكأنه حشو حيث إن عدم وجوده يفيد بحيث لا يحدث الربكة في النقلة التي بدأت الصراعات المتداخلة تجتمع عند نقطة التقاء الزمان بالمكان في حالة لا شعورية حدثت لأن البطل يتمناها حيث تمنيه أن ينتقل ويتغير المكان بمحازاة الزمن فوجود السؤال أشعرني بتدخل القاص مما أربك السرد والنسيج القصي .

    تغير الوجهة :
    حالة لا وعي نتيجة رغبة دفينة استطاع البطل من خلالها أن يشعر بالتغيير استعدادًا للصدة التي قدم لها الكاتب تقديمًا نفسيًا دالاً على أن عين البطر بدأت ترى أثر الزمن على المكان بجزئياته الصغيرة حتى بهط الطلاء الذهبي ، لكن بدت بعض أطياف التقليدية فيما يشبه الإغماءة أو الوسن ، أو ربما ارتفاع ضغط الدم إلى ما يشبه فقدان الوعي لنعيش حالة لا وعي تكون الإفاقة هي جملة الدخول إلى الإغلاق ، وكم تمنيت أن يترك القاص الخيط يمتد على سجيته ساحبًا إيانا بين غيابات الموقف والتنامي الحدثي الذي كانت رتابته الظاهرية من محاسنه . وقد اعتمد الكاتب على انفلات جديد لأن البطل توقف أمام صورة الآخر يتأمل واصفًا قسماته في مشهدية خارجية تتشرنق في المشهدية الداخلية الممهدة لأن يدرك البطل أنه هو نفس الشخص الآخر ؛ لنجد أنفسنا أمام صراع نفسي وحالة من الرغبة في الانعتاق من النفس إلى نفس جديدة لم تكن أفضل من المنفلتة عنها ليكون يقين البطل بوجوده فاتحًا لنا بابًا جديدًا يعيدنا إلى أول القصة داخلين إلى الجزئيات المترتبة على النسق العرضي بمتعلقاته .

    والقصة إجمالاً عمل إبداعي له أصله المادي الذي اعتمد في العرض على استدعاء من تاريخ لا يفارق صاحبه في منطقة اللاوعي الخادمة لتأمل الذات .


  5. #5
    الصورة الرمزية نسر2009
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    12- 2008
    المشاركات
    78

    رد: الغروب .. قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيصل الزوايدي مشاهدة المشاركة
    الغـــروب ..


    أَنا مَن هَدَّه الشوقُ إليَّ ، و أَخَذَه الـهمُّ بعيدًا بعيدًا عَني .. و أَلزَمَني زَمَني ما لا أُطيق ..
    فَلَيْتَ أَنسى .. وكيفَ أنسى وذا فَحيحُ ذِكرى أَطلَقَت سُـمومَها فـي دِمائي فَلا تُـجدي مَعَها الأمصالُ و إِنْ جَرَّبتُها ..و ذا هُم أَحِبَّةٌ صَدَقوا ولَكِن رَحَلوا ، بِالـمَوتِ اعتَذَروا ، و ما تُـجدي ، عِنْدَ الرحيلِ ، الـمعاذيرُ..أُفيقُ و تُفيقُ مَعي الذكرى موجِعَةً كالقَهرِ أَو كَالـمَوتِ نَفسِهِ ، أَحسِرُ عَنـي لِـحافًا بَسيطًا كانَ ليُطرُدَ البردَ و الـخوفَ عنّي .. أسيرُ نَـحوَ الـمِرآةِ فلا أرى إلا وَجهَهُ بِفَيْضِ ابتِسامَتِهِ الغامِرَةِ و الشيبِ الذي جَلَّلَهُ وَقارًا .. كانت الشعراتُ البيضاءُ بَيارِقَ الرحيلِ يَومَ اِلتَمَعَت فـي رأسِهِ تُؤذِنُ بِوَداعٍ مَـحتومٍ .. أجابَنا لا أَدري جادًّا أَمْ عابِثًا يَوْمَ سَأَلْناهُ عَن ذَلِكَ اللونِ الـجديدِ : هِيَ الشمسُ لا تَـمَلُّ شُروقًا و غُروبًا .. كَم أَشرَقَت و كَم غَرُبَت .. أَنْتَزِعُني مِن أَمامِ الـمِرآةِ فَقَد وَمَضَ بَريقٌ فـي عَينيَّ .. أَسيرُ وَجِلا إلـى الـمغسَلِ فأَغسِلُ وَجهي عَجٍلا ، مُتَجَنِّبًا النظَرَ إلى الـمِرآةِ الـمُواجِهَةِ خِشيَةَ أَنْ أَجِدَهُ قبالتي لَكِن يَدي تَـجَمَّدَت على مِقبَضِ الـحَنَفِيَّةِ ، فَقَد كانَت يَدُهُ الـمَعروقَةُ هِيَ التي تُـحكِمُ إِغلاقَ الـمِقبَضَ بِـحِرصِهِ الشديدِ على الـماءِ ، أَقتَلِعُني بِعُنفٍ و أَتَـحَرَّكُ مُتَعَثِّرًا أو مُتَبَعثِرًا.. أُغادِرُ الـمَكانَ و أُسرِعُ إلى غُرفَتـي و لَكن يَبدو أَنَّني قَد تُـهتُ إِذْ وَجدتُني فِي غُرفَتِهِ هُوَ .. كانَت رائِحته الـمُمَيَّزَةُ ما تَزالُ عَطِرَةً في الـمَكانِ .. هذا مَضجَعُهُ و تِلكَ ثِيابُهُ وذاكَ مَكتَبُهُ .. ما زالَ دفتَرُهُ مَفتوحًا على الطاولةِ ،كما تركَهُ في تلك الليلةِ فَقَد كانَ يُسَجِّلُ كل يوم أحداثَ يَومِهِ.. ترددت في مسامعي شَكواه الدَّائمَةَ مِن الزمَنِ .. ما لـي مِنْ عَدُوٍّ غيره .. قالَ هذا لـي يومًا وقد كان يُرَدِّدُهُ دَوْمًا .. أَقرَأُ فـي الصفحةِ الـمفتوحةِ أَمامي :" إِنَّـما تقتُلُنا الـحَسرَةُ .. وما جَدوى أَنْ تُسجِّلَ هزيـمَتَكَ ؟" لا أَجرُؤُ على قولِ أي كلامٍ .. تَـمامًا مِثلَ ذلكَ اليومِ .. إِذَا يَهوي الأحبَّةُ إلى الترابِ فَما كَلامٌ يُسلّيني .. أُحاوِلُ الهربَ مِنَ الـحسرَةِ خِشيَةَ أَنْ يَـمضي الوقتُ ، لا أَبـحَثُ عَن ساعَةٍ و لا أحاولُ البَحثَ عَنها فانأ اعلم أنني لن أجد واحدة .. قَد كانَ يَكرَهُ الساعاتِ بُغضًا ، يَكرَهُ حَرَكَتها لا تَتَوَقَّفُ ولا تستَريحُ و لا تَعودُ مَرَّةً .. يَكرَهُ اِستِنـزافَها الـمريرَ لِلعُمرِ .. تَزيدُ لِيَنقُصَ ، هَكذا تَقولُ الأحجِيَةُ .. هل اِعتَقَدْتَ يَومًا أَنْ تَكونَ حَياتُكَ أُحجِيَةً ساذجَةً يَرويها الصبيانُ بِتَفَاخُرٍ ؟؟؟
    أُحاوِلُ الفكاكَ مِن هذه الـمتاهةِ فَأُغادِرُ الـمكانَ نَـحوَ آخر .. إِذَا كانَ الزمانُ يَأْبـى الثبات فالأماكِنُ تَأبـى الـحَرَكَةَ .. أَسيرُ نَـحوَ غرفةِ نَومي مـرةً أخرى و أَنا أَتَوقَّعُ أَن أَجِدَها فـي مَكانِـها ، لا أَدري كَيفَ وَجدتُ نفسي في غُرفَةِ الـجلوسِ أُجيلُ البَصَرَ في أَشيائِها الـمُبَعثَرَةِ كأَحاسيسي ،الـمُشوَّشَةِ كَأََفكاري .. على صَدرِ الـحائطِ لَوحةٌ كبيرةٌ مَارَسَ الزمنُ نزواتِهِ العجيبةَ على إِطارِها الـمُذَهَّبِ فَأَحالَهُ باهِتًا .. كانتِ اللوحةُ صورةَ الفَقيدِ .. الـجاذبيةُ عنيفةٌ اِقتادَتْنـي إلـى تَأَمُّلِها بِشَغَفٍ كأنـي لا أَعرِفُ صاحبَها ..
    أَقِفُ أمامَ صورَتِهِ و لَكِنّـي أَنظُرُ إليه بِإِشفاقٍ وَ حَسرَةٍ كَأَنـي أَعرِفُهُ .. أَتَأَمَّلُ عَيْنَيْهِ العَميقَتَيْنِ بِتِلكَ النظرَةِ الغائِمَةِ ... أَنظُر في الصورَةِ طَويلا و أَرحَلُ بَعيدًا بَعيدًا عَنّـي، إذ أَنسى العالـمَ مِن حَولـي و أَنسى كثيرًا مـما ظَنَنْتُ أَنـي لا أَنساه ..و لكننـي أعودُ بَغتَةً لأُفيقَ فَإذا بـالصورةِ لَـم تَكُن إلا صورَتـي أَنـا ..


    فيصــــل الــــــزوايــــدي
    السلام عليكم ورحمت الله وبركاته


    جميل وخطته اناملك

    تحياتي لك00

  6. #6
    الصورة الرمزية رائد
    Title
    نبض متألـق
    تاريخ التسجيل
    12- 2008
    المشاركات
    3,115

    رد: الغروب .. قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

    شكرا لك


  7. #7
    الصورة الرمزية فيصل الزوايدي
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    10- 2007
    العمر
    50
    المشاركات
    68

    رد: الغروب .. قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نسر2009 مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمت الله وبركاته


    جميل وخطته اناملك

    تحياتي لك00
    و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته اخي الكريم و شكرا لاطلالتك و لرأيك الذي اعتز به كثيرا .
    دمت في الخير

  8. #8
    الصورة الرمزية فيصل الزوايدي
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    10- 2007
    العمر
    50
    المشاركات
    68

    رد: الغروب .. قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رائد مشاهدة المشاركة
    شكرا لك


    اسعدني مرورك اخي رائد فشكرا لك
    دمت في الخير

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML