إذا نزلت بالعامي نازلة وهو في مكان لا يجد من يسأله عن حكمها ففيه طريقان للناس .
أحدهما : أن له حكم ما قبل الشرع ، على الخلاف في الحظر والإباحة والوقف ؛ لأن عدم المرشد في حقه بمنزلة عدم المرشد بالنسبة إلى الأمة .
والطريقة الثانية : أنه يُخَرَّجُ على الخلاف في مسألة تعارض الأدلة عند المجتهد ، هل يعمل بالأخف أو بالأشد أو يتخير ؟
والصواب أنه يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع ، ويتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله .
وقد نصب الله تعالى الحق أمارات كثيرة ، ولم يسوِّ الله سبحانه وتعالى بين ما يحبه وبين ما يسخطه من كل وجه بحيث لا يتميز هذا من هذا ، ولا بد أن تكون الفطر السليمة مائلة إلى الحق ، مؤثرة له ، ولا بد أن يقوم لها عليه بعض الأمارات المرجحة ولو بمنام أو بألهام ،
فإن قدر ارتفاع ذلك كله وعدمت في حقه جميع الأمارات فهنا يسقط التكليف عنه في حكم هذه النازلة ، ويصير بالنسبة إليها كمن لم تبلغه الدعوة ، وإن كان مكلفاً بالنسبة إلى غيره :
فأحكام التكليف تتفاوت بحسب التمكن من العلم والقدرة ، والله أعلم

أعلام الموقعين ج 4 ص 193 الناشر دار الكتاب العربي الطبعة الثانية