وأجدُ نفسي محاطة في حاضركم الكريم ..!
لأجد الحقول مصانع
وأجد الديكة ساعات منبه
وأجد الخيول والحمير سيارات تأكل وتشرب زفتاً..!
وأجد حصيري أنا وأبنائي الثمانية
ـ رحمهم الله وأسكنهم جنات النعيم ـ
جريدة صباحية تثرثر بتفاهات كجارتي سميحة
رحمها الله هي الأخرى
أشياء غريبة يضم حاضركم ..!
من علبة متسمرة في مكانها وتثرثر بكل اللغات..!
غير أشجار النخيل المعاقبة وهي تحمل القناديل ..!
ليكون ليلكم نهار..!
لم أستوعب كل هذا ..!
وأنا أجد مزابل قمامتكم بدينة
وأنتم تلقموها بولائم من الأكل ..!
في حين إن مزابل حيِّ الماضي كانت فراغ
لتكون مرتع للهواء ..!
كيف سوف أتأقلم مع عالمكم ؟
أين ذكائي وفطنتي المعروفة ..؟
هل سأقف عاجزة أمام حاضركم هذا ؟
لا أبداً لن أعجز ..!
سوف أدرسُ شخصيات عالمكم وأتقمص إحداها..!
ولأني حذقة وقعتْ عيناي على شخص
أشعث أغبر أقرع أفطس تتطاير منه
أوبئة الذباب والبعوض ..!
يقال اسم هذا الشخص مثقف من الدرجة الأولى..!
إذن شكل المثقف قبيحاً جداً ..؟
وسمعتُ من بعض المارة أنه شخص مجنون..!
وسبب جنونهِ تلك الكتب التي قرأها منذ إن كان في
المهدِ إلى لحدهِ المحفور سلفاً له ..!
وقيل أنه كتبَ ملايين الكتب التي لا زالت
على رفوف المزابل لم يغتصبها سوى الغبار
ودود الأرض ..!
إذن لا أريد أن أكون مثقفة ..!
سيكون حالي كحال هذا المتشرد المسكين ..!
كنتُ محاطة بمليارات المصطلحات التي عجز
عقلي على فهمها ..!
الإرهاب والاحتلال هما توأمان ..!
كيف ذلك ؟
أيجوز ذلك ؟
قد قرأتُ في إحدى جرائدكم إن:
الإرهاب = الشرق
والاحتلال = الغرب
.....!!
أي أم هذه ثقلت بتوأمين أحداً بالشرق
وأحداً بالغرب ..!
يبدو إن فطنتي لن تفلح بحل هذا اللغز..!
ما بالي أوجع عقلي بتفاهات عصركم ..؟!
هو صحيح حالكم يفطرُ القلبُ
كحالي أنا الأرملة البائسة الفاقدة أبنائي الثمانية..!
وأنتم مثلي تماماً ..!
أعزيكم في فقد حروفكم الثمانية :
ح ر ي ة ع ر ب ي
.....!!
خالص عزائي لكم ..!
وبعد واجب العزاء دعوني أتمعن في عالمكم لأكون
أي شيء ...!!
هل أكون طبلاً أم مسماراً أم قفلاً
أو صحناً أم قاراً أم قلماً ..؟؟
أم سمّاً أم حجراً ..؟؟
دائماً الختام مسك ..!
فإذن لأكون حجراً فلسطينياً ..!
بقوة طفل ..!
أهدم جموداً عربياً قد كرهتهُ لتعلو
ضحكات الشيطان عند كل تثاؤب عربي ..!
لأبد من الجهاد هكذا كان عالمي حيث صلاح الدين ..!
سأجاهد أنا الأرملة أم الثمانية والسبعة ..!
سأهرب من عالمكم..!
لأُدنس طهري بدماء إسرائيل
لأُرمىَ تلك الساعة في رأس جندي إسرائيلي..!
لأُحبس هناك ..!
أرتشف الذل وأتجرع النجاسة ..
هناك..........!!
حيث القنابل النووية المصنعة لمستقبل العرب ..!
أرى هجوم عنيف قادم لكم ..!
أرى هيروشيما وناجازاكي فيكم ..!
وارى نفسي أضحك وأضحك وأضحك ..!!
أضحك ألماً لعاصفة ضحك هزلية حتى الآن..!
انبطحوا استخفاف بي وبهرائي..!
تمددوا ضحكاً لأني حجراً فلسطينياً عالق
في أكبر المصانع فتكاً ..!
**
نهاية ثرثرة ليس إلا ..!!