الموضوع: الالوان

خلق الله الالوان في حياتنا لاعطائنا نظرة جميلة لكل شيء حولنا، فعندما ننظر الى الطبيعة نرى مختلف الالوان التي تشكل المناظر الخلابة، لتسحر عيوننا وتخلب البابنا، فالسماء زرقاء والشجر اخضر، والورد احمر واصفر، كلها الوان ساحرة تتجمع حولنا لتضفي على حياتنا البهجة والامل وتلهمنا احساساً جميلاً داخل نفوسنا. اذا نظرنا الى اجسامنا رأينا الالوان بداخلنا فالاحمر يجري في عروقنا والاسود على رؤوسنا والبني والاخضر في حدقات عيوننا والوردي على شفاهنا والابيض على اسناننا. اذن نحن مجموعة الوان تتحرك وتمشي وهذا ما يفسر عمق محبتنا للالوان.
وتدخل الالوان في الصفات ومعانيها فصفة الغيرة تأخذ اللون الاصفر وصفة الحب تأخذ اللون الاحمر، اما الاخضر فيعني الحياة والامل والابيض يعني السلام والبراءة. ونلاحظ على الانسان عندما يكون صغيراً الاهتمام بالالوان البراقة، ربما بسبب دخوله الى عالم جديد ونظرته للحياة، مازالت في اول عهدها او ربما بسبب براءة الاطفال وعدم فهمهم الالم النفسي والمعاناة منه. وحينما يكبر الانسان تبدأ نظرته الى الالوان تتغير وتختلف ليبدأ بالاهتمام بالالوان الغامقة الموحية بالهيئة الحازمة الجدية مثل اللون الاسود اوالبني او الأزرق الغامق. اما المرأة فنلاحظ انها تفضل الالوانالتي تظهر جمالها فالبيضاء تحب الالوان الفاتحة لانها تلائم لون بشرتها، اما المرأة السمراء فانها ترغب في الالوان الغامقة نوعاً ما مثل الماروني والنيلي ظناً منها بانها (تفتح) البشرة وتكسبها بياضاً كما يعرف بان (الضد يظهر حسنه الضد)، والاسود يظهر جمال الأبيض وهكذا، وهناك من الالوان ما يرتبط لبسه بحالة او ظرف معين يعبر عن نفسية لابسه، فالانسان المسرور يظهر فرحه بلبسه الالوان البهيجة مثل الاصفر والبرتقالي والاخضر الحشيشي، اما الانسان الحزين وخصوصاً النساء فيتخذن من اللون الاسود علامة على اظهار حزنهن واشعار الغير بحالة الحداد التي يمررن بها. اما العروس فآخر شيء تلبسه هو اللون الاسود لانه ليس مناسباً في مكان كهذا ووضع كهذا فالعروس كما هو متعارف عليه تلبس الابيض الذي يعرف بالسلام والامان وبداية حياة جديدة وهو رمز البراءة والطهر ومفارقة غريبة في حياة الانسان فعند ولادته يلبس اللون الابيض وعند مماته يكفن باللون الابيض وكأن المغزى من هذا هو ان الحياة والموت هما وجهان لعملة واحدة. وعندنا في الريف تلبس المرأة الكبيرة الملابس السود لتصبح سمة شائعة بين النساء واذا لبست الالوان الاخرى ضحكت عليها بقية النساء وهزأن بها. مع اننا نرى في بلاد بعيدة المرأة المسنة تلبس الملابس البيض لقربها من الموت والاظهار بأنها اسلمت قلبها ووجهها لله. ولو تخيلنا الطبيعة من دون الوان لأصبحت جامدة باهتة لا حياة فيها وتحضرني في هذا المجال قصص الرسوم المتحركة وهي تظهر الساحرة وبيتها المرعب وهو خال من الالوان ليعطينا شعوراً بالخوف والرهبة وهذا معناه بان الالوان هي اساس الحياة وليست فقط مكملة لها وانما هي عنصر فعال ومشجع على استمرار الحياة. وقد دخلت الالوان في كل مجالات الحياة الطبية والعلمية والهندسية، ففي الطب اثبت العلماء ان اللون الازرق الفاتح هو علاج فعال لتهدئة الاعصاب واراحة المريض نفسياً. اما اللون الاخضر فهو يعطي المريض شعوراً بالتفاؤل والامل وهذا ما نلاحظه في المستشفيات والمراكز الصحية حيث يرتدي الاطباء الملابس الخضر لتريح نفسية المريض لان المهم هو العلاج النفسي تمهيداً للعلاج الجسدي. اما في مجال العلم والهندسة فقد عمل الكثير من العلماء على تحليل اللون الذي يؤثر على ذكاء الانسان وعقله ومازالت بحوثهم قيد التجربة والاختبار. وقد اجريت استفتاء صغيراً في المنطقة التي اعيش بها عن الالوان المفضلة لدى الناس وقد كانت نتائج الاستفتاء كالآتي يفضل 70% من الرجال اللونين الابيض والاسود لملابسهم اما لنسائهم فيفضلون الالوان الفاتحة الهادئة. اما النساء فيفضل 10% الالوان الفاتحة و 90% يفضلن الالوان الداكنة والغامقة لأنها كما تقول بعض النساء ملائمة لوضعنا الحالي. وانا شخصياً من ضمن الصف الثاني لان في ظرفنا الراهن كثرت الاحزان والمآسي في جميع عوائل شعبنا فليس من الملائم ان نلبس ملابس الفرح في وقت الحزن والالم. صحيح ان الالوان لا علاقة لها بالاحداث وان مجرى الامور سيأخذ طريقه رغم كل شيء حتى لو لبسنا الاسود الى الممات ولكن من الصعب على الحزين ان ينسى حزنه وآلامه.
ان جمال الالوان هو في وضعها المناسب لها واختيار الزمان والمكان اللذين يعطيانه المعنى المطلوب له.

بقلم أختي الفاضلة

منى حسين