صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: المجاهد القسامي الشهيد "صابر أبو عاصي"

  1. #1
    الصورة الرمزية جعفر الخابوري
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    54
    المشاركات
    882

    المجاهد القسامي الشهيد "صابر أبو عاصي"

    المجاهد القسامي الشهيد "صابر أبو عاصي"

    غزة ـ خاص بالمركز الفلسطيني للإعلام
    "كنت أخبز الخبز وبجانبي إخوته الصغار.. عبد الله وإسراء، وعندما أراد صابر الخروج وودعني وطلب مني الدعاء له وودعته وكان آخر ما سمعه مني (الله يرضى عليك يا صابر)، ثم أخذت أردد أحب أنشودة لديه وأقول: زفوا الشهيد وخلوا الزفة عَ السنة..الله الله.. ثم انتقلت إلى أنشودة أخرى تقول: "حبيبي يما من وين أجيبه... راح ويا خوفي يما يكون اسلاحهُ في إيده" وبينما كنت أردد تلك هذه الأنشودة أحسست بفراقه.. وعندما سمعت الانفجار عصراً أحسست أن أحداً من أحبابي قد استشهد.. فسجدت لله سجود شكر وعرفان بالمنة التي منّ الله بها عليّ، ثم طرق ابني باب البيت وأخبرني باستشهاد صابر فحمدت الله واسترجعت وصليت لله ركعتين حمداً له بأن قبل مني هذه الهدية البسيطة، ودعوت الله أن يلحقني وإخوته به في الجنة إن شاء الله رب العالمين"، تلك كانت كلمات أم المجاهد القسّامي الشهيد صابر أبو عاصي حين كانت تصف لنا مشاعرها لحظة تلقيها نبأ استشهاد ابنها صابر.

    الميلاد والنشأة
    ولد صابر محمد ناصر أبو عاصي في 23/3/1983 لأسرة متدينة في حي الزيتون بمدينة غزة، تربى صابر منذ نعومة أظافره على حب المسجد وعشق الصلاة وقراءة القرآن، ووهبه الله عقلاً نيراً وجسداً متيناً وقلباً طاهراً ودوداً يحب الجميع ولا يكره أحد، وتلقى تعليمه الأساسي في مدرسة خاصة، ثم أكمل المرحلة الإعدادية في مدرسة الإمام الشافعي والمرحلة الثانوية في مدرسة الكرمل الثانوية للبنين، وأخيراً أنهى صابر تعليمه الجامعي وحصل على شهادة الدبلوم في تخصص برمجة الحاسوب من كلية علوم المجتمع المهنية والتطبيقية قبل عام فقط من استشهاده، وعمل بعدها في إحدى الشركات.
    تربى صابر منذ صغره على حب الإسلام والعمل له، مما جعله محبوباً من جميع أهله و أصدقائه خاصة وأنه متفتح العقل مرح وودود.
    وكما كل أبناء فلسطين فقد تربى صابر منذ صغره على حب الجهاد والشهادة وعظم أجر الشهيد، فكان منه أن تمسك بالجهاد وانتظر الشهادة بشغف وصبر حتى اصطفاه الله شهيداً نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحد.

    الانتماء لحركة حماس
    التزم صابر بأداء جميع الصلوات في مسجد الفاروق القريب من بيته في حي الزيتون، وبرز في نشاطات الأشبال في المسجد أثناء انتفاضة المساجد الأولى عام 1987، ولحبه للعمل في سبيل الله كان يشارك إخوانه في الكتلة الإسلامية (الذراع الطلابي لحركة حماس) في كل الفعاليات والأنشطة في المدرسة وفي الجامعة الإسلامية بغزة كذلك.
    ومع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 انطلق صابر مرة أخرى بعزيمة وصلابة وقوة إيمان، ونشط في صفوف حركة حماس، وما لبث أن التحق بصفوف الجيش الشعبي التابع للحركة -قبل أربعة أعوام- مجاهداً ومرابطاً على الثغور المقدسة في أطراف حي الزيتون بالقرب من مغتصبة "نتساريم".

    عضو "وحدة التصنيع"
    وقبل عامين اختارته وحدة التصنيع في كتائب الشهيد عز الدين القسام ليكون أحد جنودها، وهي وحدة لا تضم في صفوفها إلا رجالاً يحملون مواصفات خاصة.. وعمل صابر مع مجموعة من المجاهدين في صناعة صواريخ القسام تحت قيادة الشهيد القسامي القائد نضال فرحات، وانتقل بعد استشهاده إلى العمل مع الشهيد القائد مهدي مشتهى وأخيراً عمل مع الشهيد القائد عادل هنية الذي استشهد معه في عملية الاغتيال الصهيونية الجبانة.
    وعمل صابر مع الكثير من الشهداء في هذه الوحدة أمثال الشهيد القائد تيتو مسعود و الشهيد القائد سهيل أبو نحل والشهيد القائد ناصر أبو شوقة والشهيد المجاهد صلاح الحية والشهيد خميس أبو عصر الذي سبقه للشهادة بفترة ليست بالطويلة.
    وقد شارك الشهيد في عمليات إطلاق صواريخ القسام وقذائف الهاون على المغتصبات الصهيونية في قطاع غزة، ولكنه كان يطالب بأن يشارك في عمليات التصدي للاجتياحات والتوغلات، وهو ما كان محظوراً على وحدة التصنيع لحساسية أفرادها وخطورة عملهم.

    ووصفه أحد أصدقائه في العمل الجهادي بـ "السري" و"الكتوم" وهو ما دفعه (قبل أشهر من استشهاده) للتردد قبل أن يحمل سلاحه الشخصي المسدس حتى لا يكشف أمره، رغم أنه معروف لدى قوات الاحتلال بسبب مراقبتها للعديد من القادة الذين عمل معهم، وهو ما كان يجعله ينتظر الشهادة في أي لحظة وقد كان له ذلك.
    تقول أمه: "كنت أدعو له ولإخوانه المجاهدين أن يكرمهم الله بالشهادة وها قد اصطفاه الله لها ونالها"، وتضيف "لم أر وصيته ولكني عايشتها فقد كان دائم الطلب مني أن أفرح لاستشهاده ولا أجزع عند فراقه وكان يوصيني أن أعلم إخوته القرآن الكريم".

    فاكهة البيت
    خلال لقاء جرى مع أهل الشهيد وأصدقائه لم يكفوا عن وصفه بفاكهة البيت لمرحه وبشاشة وجهه، وتقول أمه: "كان رحمه الله فاكهة البيت.. فلم يكن يرى أحداً في البيت إلا ويحاول أن يسعده ويضحكه"، وكان يردد باستمرار حبه للشهادة وطلبه لها، وتمضي أمه فتقول: "كان دائماً يوصيني أن لا أحزن عند فراقه ويردد الدنيا ساعة والنفس طماعة فعلمها القناعة.. ويقول أنا صابر وسأظل صابراً حتى أنال الشهادة إن شاء الله".
    وأكملت تقول: "الحمد لله كان صابر مرضياً من والديه كما هم جميع أولادي"، وتصفه أخته بـ:" الودود والطيب ورحيم القلب، ولا أذكر يوماً أنه زعل أحد في البيت".
    وكانت أمه تتمنى أن تزوجه وتفرح به في عرس يجمعه مع إخوانه الثلاثة ولكن الله اختار له أن تزفه الحور العين إلى الجنة مع ثلاثة من المجاهدين.

    محباً للعلم والدين
    تقول أمه: "كنت أحرص على أن أعلمه كل شيء وأحب أن يقرأ الكتب" وهو ما كان لها حيث عرف الشهيد بحبه للقراءة وخاصة ترتيل آيات القرآن الكريم، وتقول أخته: "كان دائما يحثني على حفظ القرآن الكريم ويهديني الكتب الإسلامية لأقرئها"، وأضافت وقد أجهشها البكاء: "أهداني في إحدى المرات كتاب رجال ونساء حول الرسول وسألني إن كنت قد قرأته، وكان يشجعني على قراءة كتاب الإمام الغزالي الذي أهداني إياه أيضاً"، وقد انضم صابر قبل عام من استشهاده لجماعة الإخوان المسلمين.

    وأخته الصغيرة إسراء أحبت أن تنبه أمها إلى أنها تريد أن تنشد أنشودة (جددوا البيعة للرسول الهادي) وتهديها لروح صابر الذي علمها إياها.
    أما أخوه الصغير عبد الله (11 عاما) فذكر أن صابر أخذه إلى المسجد وجعله يحفظ القرآن وهو الآن يحفظ أربعة أجزاء، ويقول بسعادة أنه فرح لاستشهاده لأنه نال ما تمنى، ومعتز أخوه الآخر يحفظ من القرآن خمسة أجزاء حتى الآن ويتمنى أن يكمل حفظ القرآن.

    وأثناء عمله العسكري الذي يتطلب أن يكون خارج البيت ليلاً كان يعود في الفجر ليوقظ أهله لصلاة الفجر، ثم يذهب للمسجد فيصلي ويقرأ القرآن حتى الصباح، وكان يحزن حزناً شديداً إن فاتته صلاة الفجر في أحد الأيام.
    وكان بعد صلاة المغرب يحفظ أشبال مركز تحفيظ القرآن ويعلمهم الأناشيد الجهادية، وقد حباه الله بصوت عذب شجي يأسر القلوب ويفعل بها الأعاجيب.

    أخر عهده بالدنيا
    وعن أخر أيام الشهيد يقول محمد صديق الشهيد: "كان صابر دائم الدعاء لله أن يكرمه بالشهادة، وقد تأثر كثيراً لفقد إخوانه المجاهدين.. وفي العام الماضي كان أخر من ودعه الشهيد مهدي مشتهي وشرب منه شربة ماء ثم خرج مع الشهيد خالد العمريطي واستشهدا بعد لحظات، حيث أطلقت عليهم طائرة استطلاع صهيونية صاروخاً واحداً مزق جسديهما وحولهما إلى أشلاء"، وهو ما أثر كثيراً في نفسه وأصبح يحس بالغربة بعيداً عن إخوانه الشهداء.
    وقبل شهر من استشهاده رأى في منامه أنه يجتمع في الجنة مع الشهيد مهدي مشتهى ويتسامرون مع بعضهم وهم فرحين مسرورين ويأكلون بعض الفواكه، وقبل أسبوع من استشهاده رأى رؤيا صالحة لأحد إخوانه وقد تحققت.
    وفي يوم الخميس ـ قبل يوم واحد من استشهاده ـ أصبح لديه ساعات معدودة ليقضيها في الدنيا وكان قلبه قد أحس بدنو الأجل وقرب اللقاء، كان الشهيد صائماُ كعادته بصيام أيام الاثنين والخميس، أفطر على شربة ماء صغيرة ودعا الله أن يتقبله شهيداً، ثم خرج ليكون مع إخوانه في عملهم الجهادي حتى صلاة فجر الجمعة.. يوم الشهادة.

    ودع الدنيا راضياً
    تقول أمه وهي تحاول عبثاً حبس العبرات في عينها: "في فجر الجمعة عاد صابر وأيقظنا للصلاة ثم ذهب وصلى الفجر بالمسجد ثم عاد ونام وكنت قد صليت الفجر ثم رأيته في منامي يشع نوراً ساطعاً، فأفقت وذهبت أتفقده وهو نائم ورأيته كالملاك يشع منه النور".

    وعند الظهر صلى صابر صلاة الجمعة في مسجد الفاروق وقد كانت مساجد حي الزيتون وفلسطين بأسرها تغلي لهباً وتعلن رفضها لما أقدمت عليه قوات الأمن الفلسطينية من إطلاق النار على المواطنين وأنصار حماس مما أدى لاستشهاد ثلاثة فلسطينيين وجرح 16 شخصاً آخرين من أهالي حي الزيتون وتدعو لوأد الفتنة ومحاسبة المجرمين، وبعد الصلاة ودع صابر إخوانه في المسجد وعانقهم من غير علم منه أن هذا العناق هو العناق الأخير.
    ثم ذهب لأمه وهو يلح عليها أن تطعمه من أفضل الطعام فأجابت له طلبه وهي تراه اليوم أكثر نوراً وجمالاً وهو كذلك يقول لها "أنت اليوم منورة كثير"، وبعد أن تناول طعامه قال لأخته: "أريدك أن تختاري لي أفضل ملابس عندي" -وكأنه عريس- وقالت: "لقد اخترت له أفضل الملابس".

    وأردفت أمه قائلة: "كنت أخبز الخبز وبجانبي إخوته الصغار عبد الله وإسراء وعندما أراد صابر الخروج وودعني وطلب مني الدعاء له وودعته وكان آخر ما سمعه مني "الله يرضى عليك يا صابر" ثم أخذت أردد أحب أنشودة لديه وأقول "زفوا الشهيد وخلوا الزفة عَ السنة..الله الله.. الله الله.. أصله ما مات وسعيد يعيش في الجنة.."،
    وأخذت أردد وأقول: "حبيبي يما من وين أجيبه.. راح ويا خوفي يما يكون اسلاحهُ في إيده.. روح يا عبد الله".
    وفي أخر لحظات الوداع وقفت عند رأسه (مكانه المفترض لأنه تحول لأشلاء) تودعه وأمسكت بولديها تقول لهم "عقبال عندكم إن شاء الله في الجنة".

    جريمة اغتيال صهيونية
    وكان صابر قد خرج يوم الجمعة 16/7/2005 مع ثلة من إخوانه المجاهدين مستخدمين ميكروباص في حي تل الإسلام جنوب غرب غزة، عندما أغارت عليهم طائرة استطلاع صهيونية، واستشهد صابر وثلاثة آخرين هم الشهيد القائد عادل هنية والشهيد المجاهد عاصم أبو راس والشهيد المجاهد أمجد عرفات، وقد أصيب في العملية عدد من المواطنين الذين شاءت أقدارهم أن يمروا بالمكان لحظة القصف، وارتقت إلى العلياء ثلة من المجاهدين ما عرفت يوماً طريق الراحة والدعة بل خاضت أهوال الحرب وصعدت إلى السماء مرفوعة الهامة، وأنارت بدمها القاني طريق الجهاد و أرض الرباط، وجمعت أوصال الأمة الممزقة بأشلاء أجسادها المبعثرة.
    وعلى طريق النور تمضي قوافل الشهداء وتطير عالياً لتحلق في سماء المعركة، وترسم بدمها معالم الطريق لمن سيلحقها من الشهداء.

  2. #2
    الصورة الرمزية جعفر الخابوري
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    54
    المشاركات
    882
    غزة- خاص
    "لا أعرف ما أكتبه لك في هذه اللحظات وعبر هذا الجهاز الأصم الذي لا يقدر أن يوصل شعوري ليته قادر على الكلام حتى ينطق لك بمدى حزني على استشهاد أمجد ولكن أقسم بالله أن هذه الشهادة نتمناها جميعا، وأدعو الله دائما أن أنال مثلها لأنني سوف أفارق هذه الدنيا وأنا مرفوع الرأس وسأكون قد قدمت نفسي وروحي إلى الله سبحانه وتعالى ولا يوجد أغلى من روحي لكي أقدمها في سبيله" بهذه العبارات القلبية الصادقة والتي تحدث بها خلال برنامج المحادثة على الإنترنت، حيث عبر أخ الشهيد القسامي أمجد عرفات والمتواجد في بلاد الغرب عن شعوره فور سماعه نبأ استشهاد أخيه، فعلى الرغم من صعوبة الموقف إلا أنه كان كالجبل الصامد في مواجهة هذا الموقف.
    ويضيف أخ الشهيد "ها هو أمجد قد سبقنا في هذه أيضا وقدم روحه الغالية في سبيل الله".
    قصتنا اليوم مع فارس من فوارس كتائب الشهيد عز الدين القسام إنه الشهيد أمجد أنور عرفات " أبا حازم" متزوج منذ عام 1994وهو أب لخمسة من الأطفال أكبرهم حازم والذي يبلغ من العمر 10 أعوام ثم هدى ثم هلا ثم هبة ثم مؤمن.

    النشأة والترعرع والدراسة
    نشأ الشهيد أمجد وترعرع وسط أسرة ملتزمة، فنشأ على حب كتاب الله والالتزام في تعاليمه، وولد فارسنا المغوار أبا حازم في السادس من أكتوبر/ تشرين أول من العام 1968م، وهو الرابع في ترتيب عائلته المكونة من سبعة من الأبناء وبنت واحدة، أنهى تعليمه الابتدائي من مدرسة "معروف الرصافي" ثم انتقل ليكمل تعليمه الإعدادي إلى مدرسة "اليرموك"، ولم ينه شهادة الثانوية العامة لظروف خاصة به، حيث عمل مع إخوانه ووالده في الحلويات، وتعتبر الحلويات التي كانت تصنعها عائلته من أشهر متاجر الحلويات في قطاع غزة.
    عمل الشهيد البطل أمجد منذ الانتفاضة الأولى في كتائب القسام حيث كانت له ذكريات جميلة مع الشهيد القائد القسامي كمال كحيل ثم كانت له ذكريات مع القائد العام الشيخ صلاح شحادة.

    أتمنى لقاء أبي بالجنة
    التقينا بالطفل حازم ابن الشهيد والذي كان يرتدي قبعة خضراء كتبها عليها "لا إله إلا الله" ويحمل صورة والده الشهيد، قال: "أول شخص قال لي إن والدي استشهد هي أمي، وأتمنى أن أكون مثل والدي وألقاه في الجنة".

    "أنشودة فرشي التراب"
    وأضاف الطفل حازم أنه لم يعرف يوما أن والده غضب منه أو ضربه كما يضرب بعض الآباء أطفالهم بل كان عطوفا وحنونا معه، حتى أنه أخذهم قبل استشهاده بيوم واحد إلى مهرجان الأنشودة الإبداعي الأول الذي أقامته إذاعة "صوت الأقصى"، حيث أعجب الشهيد بأنشودة فرشي التراب.
    حبه للمساجد والتزامه بصلاة الفجر
    فارسنا المغوار عرف منذ صغره بحبه للمساجد والتزام بصلاة الفجر وصيام يومي اثنين وخميس، وكان يتمنى الشهادة من قلبه، حتى أن أخته الحاجة أم علاء تحدثنا "أنه كان يدعو دائما أن ينال الشهادة في سبيل الله".

    ركعتين شكر لله
    زوجة الشهيد أم حازم الصابرة المرابطة التي فور سماعها نبأ استشهاده صلت ركعتين شكر لله تحدث لنا بقلب يملئه الصبر والإيمان بالله سبحانه وتعالى قائلة فخر كبير لي أن أكون زوجة شهيد قسامي، وأسأل الله العلي العظيم أن يجمعني به في الجنة.
    وأضافت زوجة الشهيد قائلة: "أنا اعلم منذ أن تزوجت زوجي انه يعمل في كتائب القسام واخترت العيش معه، وكان دوما يدعو من قلبه أن ينال الشهادة في سبيل الله، فها هو نال ما تمنى والحمد لله رب العالمين".

    كان يؤهلها للجهاد
    وتقول زوجة الشهيد أن الشهيد أمجد كان يؤهلها دائما للجهاد في سبيل الله ولتقبل نبأ الشهادة، مشيرة إلى أنه صلى يوم استشهاده في المسجد العمري أكبر مساجد غزة القديمة، وأنه كان يحب العمل في وقت يرتاح فيه الناس وشهادته جاءت في يوم إجازة يوم الجمعة ووقت بعد صلاة الجمعة وقت الاستراحة للناس والسكون".

    "اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك"
    الحاجة أم علاء أخت الشهيد وهي ناشطة في جمعية الشابات المسلمات قالت: "فور سماعي نبأ استشهاد أخي أمجد، لم يكون هذا الخبر مفاجئا لي لأنه كان يتمنى على الدوم الشهادة في سبيل الله وكان يردد على الدوم اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك".

    رأيت أخي في منامي شهيدا
    وأضافت الحاجة أم علاء أن أخيها الشهيد امجد من المقربين لها وكان على اتصال دائم معها وانه رأت في مناهما أنه استشهد فحقق الله لي هذه الرؤية، مشيرة إلى أن كل كلمات الرثاء لا تكفي الشهيد امجد فهو رجل أحبه الجميع رجل الدعابة رجل المحامل ورجل صاحب النخوة والشهامة، وكان يخدم أهله وأصحابه ويؤثرهم على نفسه، أنا افتخر بأني أخت الشهيد امجد".

    علاقة حميمة بالجميع
    أما الحاج أبو يحيى النخالة والد زوجة الشهيد فيقول: زارني امجد قبل أسبوع وسعدت كثيرا بلقياه فهو لا يعرف إلا محبة الناس والتعاون معهم وعلاقته حميمية بالجميع وكنا نتمنى دائما أن نقضي معه أمسية جميلة على شاطئ غزة".

    موعد مع الشهادة
    لقي الشهيد ربه بعد أن صلى الجمعة في مسجد العمري الكبير وسط غزة حيث توجه إلى بيته، ثم خرج في مهمته الجهادية هو ورفاقه، فكان موعده مع ربه، هو وأربعة من الشهداء وهم:
    الشهيد القائد المجاهد/ عادل غازي هنية (29 عاماً) من مخيم الشاطئ في غزة.
    الشهيد المجاهد/ أمجد أنور عرفات (35عاماً) من حي الرمال في غزة.
    الشهيد المجاهد/ عاصم مروان أبو راس (22عاماً) من حي الدرج في غزة.
    الشهيد المجاهد/ صابر محمد أبو عاصي (21عاماً) من حي الزيتون في غزة.

    التشييع
    وفي مسيرة جماهيرية حاشدة شيع المواطنون جثامين الشهداء بعد أن صلوا عليهم في مسجد العمري الكبير بمدينة غزة، ليواروا الثرى في مقبرة الشيخ رضوان بغزة.

  3. #3
    الصورة الرمزية جعفر الخابوري
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    54
    المشاركات
    882
    القائد القسامي الشهيد أمجد أنور عرفات

    غزة ـ خاص بالمركز الفلسطيني للإعلام
    رحل القائد القسّامي أمجد عرفات في يوم من أكرم وأحب الأيام إلى الله عز وجل، قضى حياته في الجهاد والمقاومة والدعوة إلى الله عز وجل، واستشهد ليسطر بجهاده وتضحيته حقيقة تاريخية على عتبات الزمن، وليرسم لمن بعده من أبناء الشعب الفلسطيني المجاهدين المسلك الوحيد للجهاد والمقاومة واسترداد العزة للإسلام والمسلمين.. استشهد القائد القسّامي أمجد عرفات يوم الجمعة 15/7/2005 في جريمة اغتيال صهيونية نفذتها طائرات الاحتلال التي قصفت سيارة كان يستقلّها هو ورفاقه في أحد شوارع مدينة غزة أثناء تأديتهم لواجبهم الجهادي..

    الميلاد والنشأة
    ولد المجاهد أمجد أنور أحمد عرفات بتاريخ 6/10/1986م في مدينة غزة والتي تعتبر مدينته الأصلية أيضا، له ثمانية أخوة وأخت واحدة هو أوسطهم، ويعتبر والدهم أحد مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين والذي ربى أبناءه تربية ملتزمة مبنية على حب القرآن الكريم والجهاد في سبيل الله، فمنذ صغر أمجد تربى تربية إسلامية قوية على أساس سليم من العقيدة، ويعتبر أحد تلاميذ الشيخ الشهيد أحمد ياسين حيث تربى هو وأخوته على يد الشيخ منذ صغرهم في المجمع الإسلامي بمدينة غزة.
    ونشأ أمجد في المساجد وكان ملتزما في مسجد الشفاء بغزة، ودرس المرحلة الابتدائية في إحدى مدارس الوكالة، وواصل دراسته لغاية الصف الثاني الإعدادي لينقطع بعدها من أجل مساعدة والده في مهنته وهي عمل الحلويات ومن أجل أن يوفر أموال لدارسة أخوته الأكبر منه في الخارج.

    تحلى أمجد منذ الصغر بصفات حسنة صقلته لحب الجهاد في سبيل الله وعن ذلك تحدثنا شقيقته الوحيدة أنه كان معطاء ويحب التضحية من أجل إسعاد غيره، وكان بشوش الوجه والابتسامة لا تفارق وجهه حتى في أصعب المواقف، وكانت علاقته بوالده ووالدته قوية جدا حيث أنه كان حريصا على إرضائهم وإشاعة الابتسامة وروح الدعابة بينهم، وكان مولعاً بالجهاد والتضحية منذ صغره.
    كان أخاً مثالياً لإخوته حتى الأكبر منه فضحى بدراسته من أجل أن يواصل إخوته دراستهم، وحمل همومهم أيضا منذ شبابه وكان يشرف على أعمال البيت من بناء وتنظيف، وكان حريص أن لا يعرف أحد بما يقدمه لإخوته وعن ذلك يقول أخاه أنيس: "أمجد كان أخاً مثالياً في التضحية ومساعدتنا نحن إخوته، وكان يشعر بهمومنا ويسعى لحل مشاكلنا بالرغم من وجود هموم كثيرة له لكنه يؤثر على نفسه من أجل والديه وإخوته، وعندما قمنا ببناء بيتنا كان هو الذي يشرف بشكل مباشر على العمل ويوفر الأموال اللازمة للبناء".

    الدعوة.. والاعتقال
    كان للمجاهد القسّامي أمجد رحلة طويلة في سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني، حيث أنه سجن ست مرات أولها عام 1988 وأخرها قبل قدوم السلطة إلى الأراضي الفلسطينية، ومعظم أحكامه في السجون كانت إدارية، وهذه الرحلة من الاعتقال جعل الدور الدعوي لديه له مذاق خاص، حيث تواصل في طريق الدعوة رغم الإغراءات التي قدمت له من أطراف مختلفة، ورغم التعذيب الذي ذاقه داخل سجون الاحتلال، وكان يمارس دوره الدعوي بأسلوب بسيط يتجسد في بشاشة وجه وحسن أخلاقه وتعامله الحسن مع الجميع، حيث كان له أثر إيجاب على نفوس الكثير ممن تعرفوا عليه وتعاملوا معه.

    المجاهد القسّامي
    وانضم أمجد إلى صفوف حركة حماس بعد أن اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني للمرة الأولى عام 1988 في سجن "النقب" الصهيوني بتهمة انتمائه لأحد الفصائل المقاومة، وداخل السجن تعرف على شخصيات من جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس ليصبح أحد أعضاءها داخل السجن، وبعد أن أفرج عنه وخرج من السجن بدأ حياته الجهادية في صفوف حركة حماس، وانضم إلى كتائب القسام في عام 1990 حيث أنه يعتبر من الرعيل الثاني الذين أسسوا الكتائب في غزة، وكان على علاقة حميمة مع قادة ومؤسسي القسام في غزة أمثال طارق دخان وياسر الحسنات والشيخ الشهيد صلاح شحادة، وكان مسئول منطقته "الرمال" في الدعوة وكتائب القسام هو ورفيق دربه الشهيد كمال كحيل، وكان يقود المواجهات ضد العدو الصهيوني خلال انتفاضة 1987، حيث أنه كان يتقدم الصفوف بمقلاع الحجارة وعبوات "المليتوف".

    وحدة تصنيع العبوات الناسفة والمتفجرات
    حب أمجد للجهاد والتضحية وخبرته العسكرية أهلته للانضمام إلى وحدة التصنيع لكتائب القسام في غزة، وقطع على نفسه عهدا على مواصلة هذه الطريق ليكون قائدا متميزا في تصنيع العبوات الناسفة والمتفجرات، وواكب التطور داخل وحدة التصنيع ليصنعوا قذائف الهاون وصواريخ القسام وقذائف الياسين، وكان دائما له رؤية لتصنيع صاروخ على هيئة طائرة جوية وكان يواصل الجهود من أجل ذلك، وبالرغم من أنه كان قائدا في القسام وفي وحدة التصنيع إلا أن ذلك لم يثنه عن الخروج للمواجهات والاجتياحات ومواجهة قوات الاحتلال الصهيوني خلال انتفاضة الأقصى المستمرة.
    تحلى أمجد بصفات جهادية بحتة أثناء عمله الجهادي فكان سري وكتوم يباشر عمله بسرية وكتمان، وكان حريص على عدم إلحاق الأذى بإخوانه المجاهدين، ويتحمل هو الألم والأذى داخل السجون ولا يعترف على أحد من المجاهدين، وكان متواضعاً مع إخوانه المجاهدين ومع الجميع، حيث يعترف أحد تلاميذه في المسجد أنه لم يعرف شخص بطيبة أمجد وتعاونه وتواضعه مع الجميع، وانه كان يؤثر على نفسه من أجل إخوانه ومن أجل الجميع.

    زوج رحيم وأب مثالي
    وبالرغم من أنه تحمل أعباء الجهاد إلا أنه كان زوجاً رحيماً بزوجته وأباً مربياً لأبنائه، حيث له ثلاثة بنات وولد واحد "حازم"، كان يقضي أوقات مرحة مع زوجته وأبنائه وكان يعاون زوجته في أعمال المنزل وتربية أبنائه، وكان لأمجد موهبة رزقه الله عز وجل بها وهي تصميم الأعمال ومجسمات الفنية وأعمال الديكور الخشبية، وأشرف على مجسم لخارطة فلسطين أهداها لشيخ فلسطين الشهيد أحمد ياسين.
    وأكمل أمجد دراسته الإعدادية والثانوية في أخر سنوات من عمره، وتقدم لامتحان الثانوية العامة هذا العام 2005.

    أخر الأيام ابتسامة وشهادة
    أخر يومين في حياة أمجد عرفات كانت متميزة وعن ذلك يقول شقيقه أنيس:"في يوم الخميس ليلة يوم الجمعة يوم استشهاد أمجد خرجت أنا وعائلته وعائلتي لحضور مهرجان "صوت الأقصى الإنشادي للأطفال"، وكان سعيداً جداً وكان يداعب الأطفال ويلاعبهم، وأثناء عودتنا إلى المنزل كان يردد أنشودة أعجب بها وهي فرشي التراب وكان مبتسما، وأثناء سيرنا في الطريق صادفنا ثلاثة أفراح حالت دون أن نصل إلى المنزل، وأخذ أمجد يضحك حتى وصلنا إلى المنزل.

    وعن أخر يوم في حياته وهو يوم استشهاد حدثنا شقيقه إسلام: "خرج صباح يوم الجمعة يوم استشهاده مع مجموعة من إخوانه المجاهدين لتفقد الأحداث المؤسفة التي كانت دائرة بين مجاهدي كتائب القسام وقوات السلطة الفلسطينية، وبعد ذلك عاد إلى المنزل وخرج إلى السوق واشترى أغراض كثيرة جدا للمنزل من خضروات وفواكه ولحوم وحاجيات وصفتها زوجته بأنه كبيرة بكثير وتكفي لأكثر من شهر، وعند اقتراب صلاة ظهر يوم الجمعة توجه إلى المسجد العمري الكبير وسط مدينة غزة وأدى صلاة الظهر فيه، وبعد الصلاة عاد إلى المسجد وتناول الغداء مع وزوجته وأولاده".

    ويواصل شقيقه الحديث قائلاً: "قبل خروج أمجد من المنزل مع إخوانه المجاهدين أخذ يوصي زوجته بأن تهتم بأبنائه وأن تدير شئون المنزل، أن تكن حريصة لمواصلة طريق الدعوة وأن تواصل هذا الطريق في المسجد، وخرج من المنزل، وما هي إلا ساعات قليلة جداً لتطاله صواريخ الطائرات الصهيونية هو وإخوانه مجاهدي كتائب القسام"... خبر استشهاد أمجد تلقته عائلته بأسلوب خاص ومختلف، حيث فور سماع زوجته خبر استشهاده توضأت وصلت ركعتين شكر لله بأن رزق زوجها الشهادة في سبيله.

  4. #4
    الصورة الرمزية جعفر الخابوري
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    54
    المشاركات
    882
    خانيونس – تقرير خاص
    بعيونه كان يرقبهم حتى آخر لحظةٍ، ينظر لهم وهم يختبئون في موقعهم... صوّب عينيه نحوهم وهم صوّبوا مدفعهم نحوه... أطلقوا الرصاصة نحو عنقه فارتقى لله... وسقطوا بغدرهم وجبنهم... إنّه القائد القساميّ سعيد عيسى صيام، الذي ترجّل أخيراً عن صهوة جواده.

    المولد والنشأة:
    وُلِد الشهيد سعيد عيسى صيام (32عاماً)، بمخيّم خانيونس الغربي في 26/1/1974م، بعد أنْ هُجِّرت عائلته المتديّنة الصابرة من بلدة "الجورة" داخل الأراضي المحتلة عام 48.. له ستة أشقاء، وأربع شقيقات، متزوّج وله أربعة أبناء: أنس، هديل، هبة، وأسماء، وزوجته حامل في شهرها الأول.
    انتمى صيام إلى حركة حماس منذ تأسيسها وانطلاقتها الأولى في العام 1987، وعمِلَ ضمن صفوف الحركة في جهاز الأحداث، اعتقله الجيش الصهيوني على خلفيّتها في 7/12/1991 وقضى خلالها أربعة أشهر في سجن النقب "كتسعوت"، وخرج بعدها ليلتحق مباشرة بجهاز الطوارئ التابع للحركة.

    اعتقاله:
    واعتقل الصهاينة الشهيد صيام للمرة الثانية في 1/3/1993 وحُكِم عليه بالسجن لمدة ستة أعوام لم يقضِ منها سوى عشرين شهراً وتمّ الإفراج عنه أواخر العام 94 مع جملة إفراجاتٍ عامّة لمئات الأسرى، وخلال هذه الفترة كان قد بايع حركة الإخوان المسلمين، وظلّ مخلِصاً لعمله في مجال الدعوة حتى أصبح نقيباً في جماعة الإخوان المسلمين.
    عمل على تربية وتوعية العشرات من جيل الإسلام الناشئ، وصمّم المجاهد صيام على مواصلة عمله الجهاديّ وتطوير ذاته العسكرية بعد أنْ التحق بمجموعات كتائب الشهيد عز الدين القسام إلى جانب أنّه يعمل ضمن قوات الأمن الفلسطينيّ، وعمل على تطوير قذائف الهاون وتصنيعها، رغم تعرّضه لثلاث إصاباتٍ متفاوتة أثناء عمليات التصنيع والتطوير المختلفة، حيث كان يتميّز شهيدنا بمهنيّته العالية وحِرَفِه المتعدّدة في مجالاتٍ عدة، بالإضافة إلى هوايته في تربية الطيور والعصافير.

    أول من قصف بالهاون..
    وكان "أبو أنس" أوّل من قام بقصف المستوطنات بقذائف الهاون هو والشهيد حافظ صبح، واعتُبِر قائداً ميدانياً لمعظم المجموعات القسامية في منطقة حي "الأمل" التي شكّلها وقادها أثناء عمليات الاجتياح والتوغّلات المتكرّرة، وكان مسؤولاً عن عملياتٍ متعدّدة من زرع وتفجير عبوات وقصف للهاون وصواريخ القسام وتجهيز استشهاديين، بالإضافة إلى أنّه كان يُشرِف على معسكرين لتدريب وتأهيل المجاهدين الذي التحقوا في صفوف الكتائب، الأمر الذي جعله يوصَف "برجل جميع المهمّات".
    عجز الجيش الصهيوني عن معرفة العقلية التي تغلبت على أمنه وحصونه في مستوطنة "بات سديه" في شهر رمضان قبل عامين، وذلك عندما استطاع الاستشهاديّ إسماعيل بريص من تنفيذ عمليةٍ نوعية قُتِل خلالها جنديان صهيونيّان وأصيب ثلاثة آخرون حسب اعتراف العدو بالخسائر والعقلية الفذّة التي تغلّبت على أمنه الواسع، كما أنّه قام بتشكيل وحدة الرصد والإسناد لعمليّة الاستشهاديّ مهند اللحام الذي اقتحم مستوطنة "جاني طال" وجندل الصهاينة فيها.

    إشرافٌ أمنيّ:
    أشرف الشهيد صيام أمنياً على عملية حفر النفق تحت موقع محفوظة "أورحان"، وكان ضمن الوحدة التي قامت بعملية التفجير التي دمّرت الموقع بالكامل. تعرّض الشهيد صيام إلى محاولة اغتيالٍ فاشلةٍ قبل عدّة أشهر من قِبَل طائرات الاستطلاع الصهيونية في منطقة "عبسان" الكبيرة هو واثنين من رفاقه عندما أخطأت الطائرة هدفها في المرة الأولى، وبدا حينها التصميم على اغتياله حيث استُدعِيَت طائرةٌ أخرى تعزيزيّة لمطاردته ومتابعته في منطقةٍ خالية وإطلاق صاروخٍ ثانٍ وثالثٍ عليه إلا أنّ عناية الله حالت دون إصابته، واستطاع بفضل الله تضليلها والتمويه بلباسٍ متخفٍّ والخروج من المنطقة.

    الرجل الهادئ:
    لم يكنْ الشهيد "أبو انس" يحبّ عرَضَ هذه الدنيا وزيفها، كان يسعى لنيل الدرجة العالية في الفردوس الأعلى، فكان يبحث عن الطريقة السريعة لنيل الشهادة والفوز بالجنة، فعرض على إخوانه في قيادة كتائب القسام أنْ يجهّز نفسه لتنفيذ عمليةٍ استشهادية، وأنْ يكون نصيبه كباقي الاستشهاديين الذين جهّزهم، ولكنّهم رفضوا عرضه ذلك وتصميمه القويّ، معلّلين ذلك بأنّهم يحتاجونه إلى مهمّاته الكبيرة الموكَلة إليه في القيادة والتصنيع والتدريب، وكيف لا وهو "رجل جميع المهمّات".
    وصفه أصدقاؤه وجيرانه بالرجل الهادئ الرزين الذي لا يصُدّ أحداً في تقديم الخدمة والمساعدة في أصعب وأحلك الظروف، فلم يكنْ يلهيه العمل العسكريّ الكبير عن التواصل الاجتماعي مع أسرته وأصدقائه وجيرانه الذين أحبّوه كثيراً، وعندما كانوا يفتقدونه يعرفون أنّه في مهمّةٍ جهادية ومنشغلٌ عنهم لفترة انقضائها فقط، رغم أنّه كان سرّياً للغاية ولا يصرّح عند سؤاله عن عمله الجهاديّ بأيّ شيء.
    يقول صديقه الصحافي أيمن سلامة: "لم أكنْ أتوقّع أنّني في يومٍ من الأيام سأفقد صديق عمري الذي لازمني أكثر من عشرين عاماً، لم أجدْ ما يُنفّرني منه، فقد كان جامعاً لكافّة الصفات الحسنة التي يفتقدها الكثير من الشباب هذه الأيام، وفياً لأصحابه جميعاً، صريحاً في معاملاته، حنوناً على أبنائه، حيث إنّنا كنّا نميّزه في المسجد بمنديل إحدى بناته اللاتي كان يصطحبهن معه للصلاة حتى يربّيهن التربية الإسلامية الصحيحة".
    ويذكر أيمن أحد مواقف الفداء للشهيد وذلك عندما تعرّض لحادثٍ مفاجئٍ أدّى إلى انقلاب دراجته التي كان يركبها هو وابنته "هبة"، وبسرعة البرق الخاطف قفز من فوق الدراجة على الأرض كي يتلقّف "هبة" قبل أنْ تقع وتسقط على الأرض، أدّى ذلك إلى إصابته إصابةً بالغة شوّه على إثرها وجهه وخُيِّطَ بـ13 غرزة.
    ويضيف زوج أخته أسامة السباخي أنّه كان حريصاً على العمل التطوعيّ وإيثار الناس، ومحافظاً بشكلٍ كبيرٍ على عيادة رحمه وأقاربه، حيث شرح ظروف استشهاد "أبو أنس" قائلاً إنّه: "لم يبِتْ ليلته في البيت تحسّباً للاجتياح ومباغتة العدو، وجاء في صبيحة اليوم الثاني ليأخذ ابنه "أنس" إلى الشارع كي يعرّضه لأشعة الشمس عملاً باستشارة الأطباء حيث إنّ ابنه يعاني من مرض الكساح، وكان حينها ينوي شراء بعض الحاجيات لبناته الأخريات، ولم نعلم أنّ آخر عهد الشهيد في هذه الدنيا أنْ يحضن أبناءه الذين فقدوه ويسألون أمّهم في كلّ ساعة (لماذا تأخّر أبونا يا أمّي؟)".
    ويضيف: "كان موعده مع الشهادة فعلاً عندما أطلق القنّاص الحاقد النار عليه من الموقع العسكري الصهيوني المقابل لمنزله، والذي طالما كان يرصده لساعة الوداع الأخير صبيحة يوم الأحد الموافق 17/7/2005م".

    فقدان الرجل الجسور..
    كان وقع الخبر على جميع من عرفه ليس مفاجئاً بقدر ما كان حزيناً على فراق ذلك الرجل الجسور، والعقل المدبّر للعمليات النوعية، وافتقادٍ لبطولة القائد الذي كان يتصدّى للعدو ودباباته.
    بكاه أصدقاؤه وجيرانه، ولكن الدموع سرعان ما أصبحت دموع فرحٍ عندما رأوا ابتسامته وهو مسجّى وكأنّه فرحٌ بما نال وباختيار الله له، وكذلك عندما أثبت رجال القسام بصواريخهم وقذائفهم الانتقامية لدمائه التي صبّت غضباً على المستوطنات وإرهابيّيها المستوطنين الذين اعترفوا بالخسائر الفادحة والإصابات الخطيرة في صفوف جنودهم، حينها علِمَ الجميع أنّ القائد أثمر زرعه وتدريبه وخلف من بعده رجالاً أوفياء يحملون الأمانة ويسيرون على نفس الدرب الذي استشهد من أجله شهيدنا "أبو أنس".

  5. #5
    الصورة الرمزية جعفر الخابوري
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    54
    المشاركات
    882
    نابلس ـ تقرير خاص بالمركز الفلسطيني للإعلام
    "أنا الشهيد الحيّ سامر دواهقة من سلفيت، إنّي لأسأل الله تعالى أنْ أموت شهيداً في سبيله وأنْ يوارى جسدي الثرى، قربَ قبر الشهيد محمد بلاسمة والشهيد بدر ياسين.. يا أبناء شعبي إنَّ الموتَ لنْ يدع أحداً فليمتْ المسلمُ شهيداً مرفوع الرأس في ساحات الوغى، فإلى متى ستبقون ساكتين على الظلم والعملاء.. إن عليكم التحرك الآن وليس غداً.. وأنت يا أمّي لا تبكِ عليّ بل وزّعي الحلوى فرحاً باستشهادي والتحاقي بيحيى عياش ومحمد بلاسمة وبدر ياسين وعلي عاصي وعدنان مرعي وشادي اسليم وغيرهم من الشهداء" .

    كانت تلك وصية المجاهد القسّامي الشهيد سامر دواهقة، ابن مدينة سلفيت التي أحبّه أهلها واحترموه.. وانشدّت إليه عيونهم وتعلقت به آمالهم، فكان عقب كل عملية جهادية ينفذها المجاهد دواهقة ضد قوات الاحتلال تسري في نفوس أهالي سلفيت مشاعر الفخر والاعتزاز بأن مدينتهم أنجبت مثل هذا البطل الهمام.

    الميلاد والنشأة
    ولد المجاهد القسّامي سامر عبد الهادي دواهقة في مدينة سلفيت بتاريخ 16/4/1977، لأسرة فلسطينية متدينة، وله من الأشقاء ثلاثة ذكور وأختان.. عاش سامر حياة إسلامية حقيقية، ومنذ نعومة أظفاره التزم الصلاة والدروس الدينية في مساجد المدينة..
    عندما انطلقت الانتفاضة الأولى عام 1987، شارك في مقاومة الاحتلال، على الرغم من صغر سنّه في ذلك الحين.. فلم تكن تمرّ آلية عسكرية أو دورية راجلة لجيش الاحتلال من أمامه إلا وكان يرشقها بالحجارة وبالزجاجات الفارغة، حسب ما أكد أصدقاؤه.

    المجاهد القسّامي
    وعندما انطلقت "انتفاضة الأقصى" المباركة، التحق سامر بكتائب الشهيد عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" فكان المجاهد المثابر، والقائد المقدام..
    تلقى سامر تدريباته النظرية والعملية على أيدي القائد القسّامي الشهيد محمد بلاسمة، التلميذ السادس ليحيى عياش (حسب ما وصفته الصحافة الصهيونية) فتعلم سامر إعداد القنابل والمتفجرات، وساعده في ذلك كونه قد تخرج من معهد الجيطان في نابلس وحصل على شهادة هندسة الكترونية.
    وبعد استشهاد القائد عبد الله الدويك وزميله وافي الشعيبي اللذين قتلا ثلاثة جنود صهاينة قبل استشهادهما في أحد المنازل في قرية قراوة بني زيد، استلم المجاهد سامر قيادة كتائب القسّام في سلفيت، وانطلقت العمليات القسّامية التي أفقدت جيش الاحتلال في المنطقة هيبته ورسّخت مشاعر الخوف والفزع في نفوس المستوطنين.
    جيش الاحتلال، والذي رصد إمكانيات عسكرية ولوجستية كبيرة لاغتيال المجاهد سامر، كان يقتحم بين الحين والآخر منزل عائلة دواهقة مهدداً ومتوعداً بتصفية نجلها سامر.. فما كان من العائلة إلا أن تجيب على لسان أحد أفرادها قائلة: "إن قُتِلَ فلهُ الجنة، وسامر يعرف كيف يموت، أما أنتم فسيكون مكانكم جهنم، إما على يديه أو على يد إخوانه في كتائب القسام"..
    تعرض المجاهد القسّامي سامر دواهقة للعديد من الكمائن التي نصبها له جيش الاحتلال الصهيوني، وكان من أبرزها كمين نصب له قرب بيت أخته في عيد الفطر عام 2004، حيث ترجل من سيارة فورد عدد من الجنود الصهاينة من وحدة المستعربين، قبل صلاة العشاء وهاجموا سامر، إلا أن القائد القسّامي فاجأهم بزخات من الرصاص لتطرح ثلاثة منهم أرضاً.. حينها أطلق أولئك الجنود صرخات الألم والخوف والفزع..، ورغم أن الأهالي شاهدوا الجرحى وهم يُنقلون إلى داخل سيارة الفورد التي ترجلوا منها، إلا أن الاحتلال لم يعترف حينها بوجود إصابات، غير أنه وبعد مدة زمنية اعترف بمصرع اثنين من قواته الخاصة في تلك العملية.
    كما تعرّض المجاهد سامر لكمين صهيوني آخر داخل البلدة القديمة، وقد نجا منه، ووجدت آثار دماء لجنود جيش الاحتلال في موقع الاشتباك.

    في وداع الشهداء
    من أكثر المحطات المتميزة والتي لعب بها القائد القسّامي سامر دواهقة الدور المنوط به دفاعاً شعبه ووطنه، هي
    بعد استشهاد زميله محمد بلاسمة، حين أقسم القائد القسّامي سامر دواهقة بالثأر له قائلاً فوق قبره: " إن رصاصنا لا يطلق في الهواء بل في صدور الصهاينة".. فقام بتفجير حافلة صهيونية وإطلاق النار عليها قرب بلدة بروقين، وروى شهود عيان أن الباص انشطر إلى نصفين وأنّ النار اندلعت فيه وأنّ طائرتي أباتشي أخذت تبحث عن المجاهدين، إلا أنها لم تعثر عليهم.. كل هذا حصل في أقل من 24 ساعة من استشهاد بلاسمة، وكعادته، لم يعترف العدو بغير ثلاثة إصابات في صفوف جنوده.
    وبعد استشهاد صديقه جهاد حسان أبو نعيم أحد أعضاء كتائب شهداء الأقصى ، أقسم المجاهد سامر أن يثأر له، فكان أن كمن بالقرب من مغتصبة "حلميش" وأمطر سيارة لأحد المستوطنين بالرصاص ولم يعترف العدو إلا بإصابة واحدة في صفوف جنوده..
    هذا إضافة لعشرات العمليات العسكرية التي نفذها القائد القسّامي سامر دواهقة ضد الاحتلال خلال مسيرته الجهادية.

    الشهادة
    بعد أدائه صلاة الجمعة بين الأشجار برفقة أخويه محمد يوسف عياش، ومحمد أحمد سلامة مرعي، ركب المجاهدون سيارتهم، فكانت مروحية عسكرية صهيونية تتحضر لعملية اغتيال بحق المجاهدين الثلاثة، وتمكن سامر من مغادرة السيارة التي كانوا يستقلونها، وكمن خلف الصخور محتمياً من القصف الصهيوني الكثيف، لكن جنود الاحتلال الذين استعانوا بوحدات من سلاح الجو الصهيوني واصلوا البحث عن المجاهد سامر حتى اكتشفوا مكانه واشتبكوا معه في مواجهة دموية، ارتقى على إثرها المجاهد سامر إلى العلى شهيداً، وذلك بعد نفاذ ذخيرته وبعد معركة حامية الوطيس..
    تلقت عائلة دواهقة نبأ استشهاد نجلها سامر بصبر وثبات ورباطة جأش وبالدعاء له أن يرزقه الله الجنة.

  6. #6
    الصورة الرمزية جعفر الخابوري
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    54
    المشاركات
    882
    غزة ـ خاص
    ما أن علا صوت التكبيرات في مساجد مخيم الشاطئ في قطاع غزة، معلنة عن ترجل أحد فرسانها البواسل، حتى سرى شعور بين أهالي المخيم، بأن المصاب جلل.. وما أن عُرفَ أن الشهيد القسامي هو عادل هنية حتى ذرفت الدموع في شوارع وأزقة ومنازل المخيم..عادل هنية أحد أبرز الشبّان في المخيم، والذي امتلك على الدوام حضوراً مميزاً وشخصية جذابة حظيت بمحبة واحترام وتقدير الآخرين.. شأنه في ذلك شأن خاله الشيخ إسماعيل هنية عضو القيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

    الإيمان والوعي
    لم يكن عادل هنية، ابن مخيم الشاطئ، يتجاوز الخمسة عشر عاماً حين انطلقت الانتفاضة الأولى في العام 1987، رغم ذلك، فقد كان يدرك أن لا همّ أمام الشعب الفلسطيني يُقدّم على همّ دحر الاحتلال.. ومنذ ذلك الحين أخذ وعي الفتى بالتشكّل في مساجد المخيم، وقربه من خاله الشيخ إسماعيل، وإن كانت المساجد قد رسّخت في قلب الفتى الإيمان، فإنه خاله قد زرع الوعي في عقله.. وما أروع أن يكتمل الإيمان والوعي في صدر الشاب المسلم.. وما أعظم أن يتوجه ذلك كله بعلم ينتفع به.. لهذا حرص عادل على إكمال بلورة شخصيته من خلال إتمامه دراسة أصول الدين من الجامعة الإسلامية بغزة.
    ويقول أحد رفاقه: منذ الانتفاضة المباركة الأولى في العام 1987م بدأ نجم عادل يبزغ في مخيم الشاطئ، وكانت شهرته في البداية مستمدة من شهرة خاله الشيخ إسماعيل، ومما زاد الربط بينهما، التزامه الشديد، وصوته العذب في قراءة القرآن ودروسه الروحانية العالية وهمته التي لا تهدأ وعزمه الذي لا يلين.. وما أن انطلقت "انتفاضة الأقصى" في أيلول سبتمبر 2000م حتى بدأت شهرته تزيد، فقد أصبح أحد أبطال القسام الواعدين وأحد الدعاة اللامعين، كما أصبح أحد صور الوحدة الوطنية الزاهية في مخيم الشاطئ، حتى أنه كان يفصل في النزاعات التي كانت تنشب بين الفصائل، وهو ما زاد من حب واحترام الآخرين له.
    ويضيف قائلاً: في مطلع الانتفاضة وبعد جرائم الاغتيال الصهيونية التي استهدفت قادة "حماس" السياسيين أصبح عادل مرافق خاله الشيخ إسماعيل، وما لبث بعد فترة أن أصبح أحد القادة الميدانيين لكتائب الشهيد عز الدين القسّام.

    من القلب إلى القلب
    لم يكن المجاهد عادل هنية بالنسبة للشيخ إسماعيل هنية مجرد ابن أخت، كما لم يكن مجاهداً قد جمعته به ساحات الوغى، وليس فقط مرافقاً له أملته الضرورة التنظيمية، وإنما كان مقلة العين وسويداء القلب ودرة التاج، ويقول الشيخ إسماعيل هنية عن المدة التي قضاها المجاهد عادل مرافقاً له: "اخترته كمرافق لأمر القرابة بيننا رغم أن كل أبناء الحركة والشعب هم أبنائي، إلا أنه كان بالفعل أحد أبنائي الذين خصصتهم بعنايتي وتربيتي منذ صغره فقد تربى في بيتنا وفي حجرنا فكان محباً للعائلة جميعاً كما كان محبوباً منها جميعاً؛ فهو يمتاز بالأخلاق الحسنة الرفيعة، وبالأدب الجم، وبالحياء، كما امتاز بعبادته فشهدت له مساجد عدة في قطاع غزة خاصة في ليالي القدر والعشر الأواخر من رمضان فقد كان بكّاءً في صلاته ودعائه، لقد كان عادل رحمه الله نموذجاً في العطاء والكرم والعبادة والجهاد والتضحية، فعاش مجاهداً ومات شهيداً رحمه الله تعالى، وقد كانت شهادته شرف عظيم لعائلة هنية قاطبة، وهو بشهادته إنما مضى على سيرة إخوانه الشهداء الذين عشقهم وعشقوه، فقد ندب حظه أنه لم ينل الشهادة وها هو قد نالها في ميدان الجهاد والمقاومة ليؤكد أنه من الصادقين نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا".
    ويضيف هنية "لقد كان دوماً تواقا للشهادة ويتعرض لها ويبحث عنها، كان دائما يتهيأ للقاء الله.. ثم صمت هنية قليلا واغرورقت عيناه بالدمع، وقال بصوت الأب المودع لابنه: سأشتاق إليه كما ستشتاق إليه مساجد غزة".

    خيركم خيركم لأهله
    لم نطرق باباً من أبواب قلوب أهل عادل إلا وجدناه متربعاً داخله، ولم نسأل أياً منهم إلا وقال كان خير الناس بأهله، فشهدت له زوجته التي أمضت معه أربع سنوات وأنجبت منه ثلاثة أبناء هم: حمزة ونضال والطفلة بيان التي لم تتعد الشهر ونصف يوم استشهد أباها.
    تقول أم حمزة:"كلما كنت أبكي خوفاً عليه وهو خارج للجهاد كان يقول: الجهاد لا ينقص من عمري شيئاً، ثم تمضي تقول: لم أره يهتم بمظهره كما رأيته يوم استشهد، وكأنه يوم زفافه، ولا أنسى قوله لي قبيل استشهاده أنا قلق من أن تنتهي الانتفاضة وتستمر الهدنة قبل أن أستشهد، وكان دائماً يدعو الله أن يتمزق أشلاءً في سبيله".
    وتتابع زوجته قائلة: "لقد عشت معه أربع سنوات من أجمل سنين العمر، فلم أسمع منه كلمة تغضبني يوما".
    أما أخته أم إسماعيل فتقول: "لا أستطيع أن أصف إنسانيته وحنانه لأمه وزوجته وأخواته وإخوته ولكل من عرفهم، فحتى دعوته لنا وحثنا على العبادة كانت تنطلق من حبه وحنانه".
    وتضيف أم إسماعيل: "لم أنس ليلة زفافي كيف جلس معي من بعد صلاة العشاء وحتى صلاة الفجر وهو يحثني على طاعة زوجي وتعليمي واجباتي".. وتتابع قائلة: "لقد كانت كل حياة عادل حلوة وكل من عايشه تنعم براحة كبيرة"، ثم وصفت لنا أم إسماعيل أخلاقه المميزة التي تتسم بالتواضع والخجل والبراءة في التعامل "أكثر شيء رأيته أحزن عادل هو انتهاء عمله مع خاله إسماعيل، وحينها قال لها: "يوم انتهى عملي معه كأن شيئاً انتزع من صدري". وتضيف أخته وقلبها يملأه الحزن: "وأنا أسير في الشارع يوم استشهاده سمعت الخبر من مكبرات المساجد فرأيت كيف أن الشباب قد صدموا من الخبر وكأنه كان أخاً للجميع وليس لي فقط. أما ابنة عمه أم محمد فتقسم بالله لترسلن أبناءها للأخذ بثأره من الصهاينة، وأن تلزمهم على السير في دربه.. فقد كان عادل ـ رغم أنه لم يتجاوز التاسعة والعشرين ـ القدوة لكل الأطفال والفتية الذين عرفوه أو الذين التقوه"

    أكون قسّامياً أو لا أكون
    يقول أبو غازي أخو الشهيد عادل: "لقد اعتقلت سنة 1989م وكان عمره حينذاك 11 عاماً، وبعد أن خرجت من معتقلات الاحتلال وجدت عادل شاباً يافعاً يتلو كتاب الله ويؤذن في المساجد، كما كان صواماً قواماً، كل من يصلي خلفه يخشع ويبكي.. كان يخطب في المساجد.. ويدعو الشباب.. ويؤم في التراويح، وهو إلى هذا الجانب الإيماني، كان قوياً مقارعاً منذ صغره، فقد أصيب في انتفاضة 1987م في بطنه رغم صغر سنه، كما اعتقل وعُذِّبَ في سجون "السلطة".
    ويتابع أبو غازي قائلاً: "رغم أنه أخي إلا أنني لم أكن أعرف شيئاً عن عمله في كتائب القسّام؛ فقد كان يتمتع بسرية عالية، إلا أن أحد مجاهدي كتائب القسام قال لي بعد استشهاده: إن عادل كان بارعاً في تصنيع الصواريخ، كما علمت أنه كثيراً ما كان يخرج للرباط وملاقاة العدو في الاجتياحات".
    ويشير أبو غازي إلى أن الشهيد عادل كان من أشد المتعلقين بالشهداء خالد أبو سلمية وسهيل أبو نحل وسعد العرابيد ويحيى الغول، ويقول: "رأيته يجلس على قبر خالد أبو سلمية ويبكي ويقول ليتني كنت معك".. ومن شدة هذا التعلق بهم يقول أبو غازي: "لو لم يستشهد عادل قبل الانسحاب لمات بجلطة أو سكتة بعد الانسحاب حزناً على فوات الشهادة.. وهذا هو سبب تمسكه بالقسّام، حيث أنه قال حين عرضت عليه وظيفة التدريس العام الماضي: على جثتي أن أترك عملي في القسام، وحين كنا نقول له ماذا ستفعل بعد الانسحاب؟! كان يرد علينا بأنه سوف يحرر الضفة والقدس وباقي فلسطين كل فلسطين".

  7. #7
    الصورة الرمزية جعفر الخابوري
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    54
    المشاركات
    882
    المجاهد القسّامي الشهيد "عاصم مروان أبو راس"


    غزة ـ خاص
    "نال الشهادة التي كان يتمناها.. هؤلاء أعطوه ما كان يتمنى واستشهاد عاصم شرف عظيم لنا وعز وفخار وليس غريبا أن تكون هذه النهاية الطيبة التي كنا نتمناها"، كانت تلك كلمات د. مروان أبو راس والد الشهيد القسّامي عاصم أبو راس بعد أن سمع نبأ استشهاده نجله.
    د. مروان أبو راس المحاضر في الجامعة الإسلامية والذي نجا من محاولة الاغتيال الأولى للإمام الشهيد أحمد ياسين والأستاذ إسماعيل هنية عندما تعرض منزله للقصف، اعتبر أن استشهاد ولده عاصم يأتي على طريق التحرير والوصول إلى الأقصى وللتخلص من قوى الشر والطغيان والعدوان، مشيرا إلى أن "شعبنا يواجه عدو مجرم"، وختم كلامه بالقول: "نحن لا يسعنا إلا أن نقول يا ربنا خذ من دمائنا حتى ترضى عنا".

    حقا إن الواحد فينا ليجد نفسه صغيرا وهو يتحدث عن العظام أمثال عاصم مروان أبو راس، أنت يا ابن كتائب القسام، يا من ضحيت بروحك لنعيش بكرامة، ووهبت نفسك ومالك فداءً لله وللوطن، يا من كان دمك الطاهر سببا في حقن المزيد من دماء الوحدة الوطنية الفلسطينية.
    "أبا مروان" كم تمنيت أن يقطع جسدك الطاهر وتتناثر أشلاءك في سبيل الله، وقد صدقت الله فصدقك الله، لأنك كنت ممن طلب الشهادة بصدق وسعى لها سعيها، فلم تغرنك زينة الحياة الدنيا وزخرفها عن العيش مجاهدا عابدا زاهدا فهنيئا لك الشهادة، هنيئا لك الشهادة يا من تربيت في أحضان أسرة فلسطينية إسلامية مؤمنة بقضاء الله وقدره، يا من تربيت على حب الشهادة والشهداء، كيف لا وكلمات والدك الدكتور أبا عاصم حين سمع خبر استشهادك لا تزال تطرق آذاننا تعلمنا بأن طريقنا هي طريق الدم والشهادة، حين قال: "اللهم خذ من دمنا حتى ترضى، اللهم خذ من دمنا حتى ترضى... -كررها خمسا أو يزيد-".


    الميلاد والنشأة
    ولد المجاهد عاصم مروان محمد أبو راس في الأردن بتاريخ 13/12/1984م، وعاش مع عائلته نحو أحد عشر عاما الأولى من حياته خارج فلسطين متنقلا بين الأردن والمغرب، حيث كان والده يكمل دراسته العليا، ويقول الدكتور مروان أبو راس والد الشهيد: "خلال تلك الفترة التي قضاها عاصم خارج فلسطين ورغم أنه كان صغير السن إلا انه أظهر حبا جما لفلسطين وحنينا للعودة إليها وكان كثيرا ما يرغب في أن يجالس ويتحدث مع والده عن فلسطين وكيف أن الصهاينة اغتصبوها من أهلها وقتلوا وشردوا أبنائها".

    دراسته
    تلقى مجاهدنا القسامي عاصم تعليمه الابتدائي في المغرب ومن ثم عاد مع عائلته إلى ارض الوطن ليكمل دراسة المرحلة الإعدادية في مدرسة اليرموك والثانوية في مدرسة فلسطين الثانوية، ويصف الدكتور مروان أبو راس تلك المرحلة بأنها كانت مرحلة بناء الشخصية الجهادية لدى ولده عاصم، وأضاف قائلاً: "كان أكثر شيء يشغل بال ولدي عاصم في تلك المرحلة هو القضية الفلسطينية والاحتلال الصهيوني لفلسطين وكيف أن هذا الجيش الإرهابي المجرم يقتل الأطفال الأبرياء ويذبح الشيوخ والنساء وكيف أنه ارتكب المجزرة تلو الأخرى بحق أبناء الشعب الفلسطيني... لقد كان عاصم في مراحل دراسته شبلاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، كان اجتماعياً جريئاً يجالس الكبار ويحترمهم احتراماً كبيراً ويعطف على من هم أصغر منه، فقد أحبه كل من عرفه.

    الكتلة الإسلامية
    استطاع عاصم أن يبرز الكثير من إبداعاته خلال عمله في صفوف الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خلال السنوات الطويلة التي عمل فيها جنديا وقائداً في صفوف الكتلة الإسلامية، وكما تحدث معنا زملاءه الذين عايشوه في تلك المرحلة، فإن عاصم كان شعلة من النشاط والحركة والحيوية، فكثيرا ما أبدع في أداء المهام والواجبات التي أوكلت إليه فكان يقوم بنفسه بتحضير وتجهيز النشرات التثقيفية التي كانت توزع على طلبة المدارس الإعدادية والثانوية، ولديه الكثير من المحاولات في كتابة الشعر وكتابة المقالات والمواضيع القصيرة في معظم المناسبات الإسلامية والوطنية.

    رغم الكثير من الأعباء والمهام التي كان عاصم مع إخوانه المجاهدين إلا أنه كان من أشد المحافظين على مبادئ ومنطلقات حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفي هذا الإطار يحدثنا أحد أصدقاء الشهيد قائلا: "كنت متيقنا بأن المجاهد "أبا مروان" عنده من المهام الجهادية ما يشغله عن القيام بأي نشاط آخر إلا أنه كثيراً ما كان يشاركنا في حمل أعباء الدعوة الإسلامية وخصوصا في الأشهر الأخيرة من حياته، وكان مشاركاً فاعلاً في غالبية الفعاليات التي تنظمها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من مهرجانات ومسيرات وبشكل خاص كان يلاحظ مشاركته في جنازات تشييع الشهداء".

    القصف الصهيوني لمنزلهم
    لقد كانت المحاولة الصهيونية الغادرة لاغتيال الشيخ المجاهد أحمد ياسين في السادس من شهر أيلول (سبتمبر) عام 2003م، بقصف منزل والد الشهيد المجاهد عاصم مروان أبو راس بصاروخ من طائرة اف 16 صهيو ـ أمريكية، لقد كانت هذه المحاولة بمثابة الشرارة التي أشعلت في المجاهد القسامي عاصم شرارة الثأر والانتقام من بني صهيون، فقد أظهر المجاهد عاصم في تلك المحاولة الصهيونية التي تهدم فيها المنزل على رؤوس ساكنيه شجاعة فائقة حيث كان أول من انتفض رغم إصابته بجروح مختلفة إلا أنه تعالى على جراحه وأخرج والدته وإخوته من بين أنقاض المنزل وعمل على مساعدة إخوانه في إخراج الشيخ المجاهد أحمد ياسين والأستاذ إسماعيل هنية، ولم يهدأ للمجاهد عاصم بال ولم يتلق علاجاً إلا بعد أن اطمئن على أن الجميع بخير وبصحة جيدة.

    الشهيد العريس
    "قبل استشهاده بيوم واحد قال لي: ماذا ستفعلين عند سماعك خبر استشهادي؟ فرددت عليه فوراً سأزغرد لك طبعا". هذا أول شيء راود خاطر زوجة شهيدنا القسامي أبا مروان والذي لم يتم على زواجه سوى شهرين فقط ليكمل مشوار زواجه مع الحور العين التي اشتاق إليها منذ سنوات.

    وخلال حديث صحفي أجريناه مع زوجة الشهيد عاصم قالت: "أجل لقد قلت له سأزغرد لك يوم استشهادك ولكنني لم أكن أتوقع أن تلك اللحظة ستأتي بهذه السرعة، وكأن حياتي معه مرت كنسمة ربيع خفيفة أنعشت روحي وحياتي ثم مضت، وخلدت ذكرياتها في وجداني، فلن أنسى تلك الأيام التي قضيناها وقت خطبتنا ونحن نمشي في الطرقات التي جاهد ورابط بها.. يحدثني عن تلك التجارب وكأنه يروي لي قصيدة شعرية من أجمل ما نسجه الشعراء.

    فيما تعبر أم عاصم والدة الشهيد القسامي المجاهد عن فترة حياتها مع ابنها قائلة: "لقد تعلق قلبي بابني عاصم أكثر من إخوانه لما تميز به من شجاعة خارقة منذ صغره، وأذكر حين كنا في دولة المغرب وهو لم يبلغ سوى خمس سنوات له الكثير من المواقف الشجاعة والجريئة مع الأطفال في سنه حتى سموه آنذاك بطفل الحجارة، وكنت أشعر بأنه سابق عمره بكثير، ذلك أن والده الدكتور مروان دأب على صحبته وتنشأته تنشئة رجولية، فكنت بالفعل أعتبره رجل البيت في غياب والده.
    وتتابع أم عاصم قائلة: رغم أن فلذة كبدي عاصم كان يحدثني عن أعماله الجهادية إلا انه كان يخفى عني الكثير منها حرصاً منه على مشاعري كأم فيذهب ليحدث بها أبيه، فقد كان رحمه الله ذو إحساس مرهف فلا ينام الليل حين يغضب منه أحد وخاصة والده؛ فكان عندما يغضب منه لا يأكل ولا يشرب حتى يرضى عنه وقد أدى ذلك إلى غيبوبته في إحدى المرات.

    في صفوف كتائب القسام
    كانت رجولته وشجاعته الفائقة من أهم العوامل التي أهلت "أبو مروان" للانضمام في صفوف كتائب القسام في 11/3/2002م، وفي هذا الإطار التقينا مع أبو مجاهد أحد أعضاء وحدة التصنيع القسامية التي ينتمي إليها عاصم والذي حدثنا بدوره عن الشهيد عاصم قائلا: "لقد كان عاصم شجاعا مقداما مؤمناً مخلصاً كتوماً وهي صفات اجتمعت فيه أهلته لأن يكون جنديا في صفوف كتائب القسام وعضوا بارزا في وحدة التصنيع القسامية.

    وفي سياق متصل يحدثنا والد الشهيد عاصم بأن ابنه كان يعشق العمل الجهادي ومقاومة الاحتلال الصهيوني، فكان إذا تعارض أي عمل أو أي نشاط مع جهاده فانه يقدم الجهاد في سبيل الله على ذلك العمل، ويضيف والد الشهيد: "لقد كان عاصم ومنذ نعومة أظفاره يشارك أبناء شعبه في كافة فعاليات الانتفاضة الفلسطينية فكان يذهب مع زملائه إلى مواقع الاحتكاك مع العدو الصهيوني ويقوم بقذف قوات الاحتلال بالحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة، وقد علمت كثيراً أنه كان يذهب بشكل مستمر إلي بيت الشيخ المجاهد أحمد ياسين طالبا العمل الجهادي وأن يساعده الشيخ الإمام رحمه الله في أن يكون جنديا في صفوف كتائب القسام، فكان الشيخ في ذلك الوقت يحثه على الصبر والتمسك بشرع الله ويحث مرافقيه على تعليم عاصم على السلاح وقد تلقى الكثير من تدريباته على حمل السلاح في ذلك المنزل الرباني منزل الإمام الشهيد أحمد ياسين.

    زيارته للشهداء وعائلاتهم
    عرف عن المجاهد القسّامي عاصم حبه الشديد لزيارة قبور الشهداء وبشكل خاص بعد منتصف الليل، حيث كان يتردد وبشكل مستمر على مقبرة الشيخ رضوان ومقبرة الشهداء يقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء ويدعو الله أن يجمعه معهم شهيدا على حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.
    وكان الشهيد المجاهد عاصم يتردد بشكل كبير على بيوت أهالي الشهداء وبخاصة أم نضال فرحات يسلم عليها ويذكرها بأن تدعوا له بالشهادة، وقد كان أن زارها في آخر أيام حياته وقال لها: "يا خالتي أم نضال أنا طولت على هذه الحياة الدنيا فادعي لي بأن استشهد"، وكان من أبرز الشهداء الذين أحبهم عاصم وعمل معهم وكانت له معهم مواقف مميزة الشهيد القائد وائل نصار والشهيد القائد نضال فرحات والشهيد القائد مهدي مشتهي، ويذكر أحد إخوانه أنه كان برفقة الشهيد مهدي مشتهى قبل نحو نصف ساعة من استشهاده، وقال له عاصم "والله يا مهدي إني لأرى في وجهك نوراً وكأنك سوف ترحل عنا شهيدا فادعوا لي، فدعا له بأن يرزقه الله بالشهادة وكانت هذه الدعوة آخر عهد عاصم بأخيه وصديقه مهدي".

    وقفات ومواقف جهادية
    عرف عن شهيدنا المجاهد صبره وشغفه وحبه للرباط في سبيل الله وكان محبوبا جدا من أفراد مجموعته. وقد جهز نفسه مرتين لتنفيذ عملية استشهادية ثأرا لدماء "الياسين" و"الرنتيسي" وكافة الشهداء. وكان جنديا وفيا يتقدم الصفوف يواجه أعداء الله في كافة الاجتياحات التي تعرض لها قطاع غزة. وكان أحد الأعضاء البارزين في وحدة التصنيع وبخاصة تصنيع صورايخ القسام. وكان له دور كبير في عملية نقل وإطلاق الصواريخ نحو المغتصبات الصهيونية.
    شارك في عملية تفجير جرافة صهيونية خلال الاجتياح الصهيوني لحي الزيتون في منتصف شهر مايو/أيار من العام 2004م.

    كما قام بإطلاق صاروخ بتار باتجاه دبابة صهيونية خلال اجتياح شارع صلاح الدين 29 أبريل/نيسان 2003م.
    رغم أن السيارة التي كان يستقلها عاصم برفقة إخوانه قد تدمرت بالكامل وأجسادهم قد تقطعت أشلاءً إلا أن مسدسه ومصحفه لم يصابا بالكثير من الأذى خلال تلك الغارة.
    عرف عنه تعلقه الشديد بالمصحف والمسدس لدرجة أنه لم يكن يخرج من البيت إلا وهو معه، كذلك مسدسه الشخصي. وصيته لأحد أصدقائه قبل استشهاده بيوم واحد أن توزع الحلوى وتفتح أناشيد الأفراح في عرس شهادته.
    جاء الشهيد القسامي أسامة حلس بعد استشهاده بيوم واحد لعاصم في المنام وسلم عليه وعطره بريح المسك، وكانت تلك الحادثة التي شهد بها والد عاصم بشيرا على أن عاصم سيلحق بأسامة شهيدا وكان له ذلك.

    الشهادة.. الأمنية
    شهد يوم الجمعة 16/7/2005 استشهاد مجموعة من المجاهدين في حي تل الإسلام جنوب غرب غزة، على يد غارة غادرة نفذتها عليهم طائرة استطلاع صهيونية، وقد أصيب في العملية عدد من المواطنين الذين شاءت أقدارهم أن يمروا بالمكان لحظة القصف. لترتقي إلى العلياء أرواح أربعة من المجاهدين الشهيد القسامي عاصم أبو راس والشهيد القسامي عادل هنية والشهيد القسامي صابر أبو عاصي والشهيد القسامي أمجد عرفات، أجسادهم ما عرفت يوماً طريق الراحة والدعة بل خاضت أهوال الحرب وصعدت أرواحهم إلى السماء مرفوعة الهامة، وأنارت بدمها القاني طريق الجهاد وأرض الرباط، وجمعت أوصال الأمة الممزقة بأشلاء أجسادها المبعثرة. وعلي طريق النور تمضي قوافل الشهداء وتطير عالياً لتحلق في سماء المعركة، وترسم بدمها معالم الطريق لمن سيلحقها من شهداء، فقوافل الشهداء لا تمضي سدا... إن الذي يمضي هو الطغيان.
    رحم الله شهيدنا البطل وأدخله فسيح جناته وألحقنا به شهداء وجمعنا وإياه في جنات خلد مع الصديقين والنبيين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.

  8. #8
    الصورة الرمزية جعفر الخابوري
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    54
    المشاركات
    882
    الشهيد عبد الله الديك :
    ترجّل عزيزاً بعد أن دوّخ مخابرات و جيش الاحتلال


    رام الله - تقرير خاص :
    منذ أكثر من عامين ظلّت عائلة الشهيد عبد الله الديك تعيش الانتظار بين زيارةٍ و أخرى ... مرّة كان يقرع زجاج الليل ... "ها أنذا ... إشعار بأنّني لا زلت حياً.." ، و مرة ستلحقه زوجته بطفلين و بعض الغداء ، قريباً سيلتقيهم بعيداً عن مطاردة الطائرة الزنانة ... و لاحقاً سيختفي من بين عشرات الجمود حافياً نحو الوعر ... و أخيراً سيُلقى جثّة ممزقة و بحذائين مقلوبين ، سبقه في امتطائهما بطريقة سليمة شوقه لاستراحة أخيرة ... "لم يسأل ماذا وراء الموت ... كان يحفظ خريطة الفردوس أكثر من طرقات الأرض..." ..

    أتوا لاغتيال الجبال :
    و عندما فرغ الجنود أخيراً من قتله و رفيق دربه وافي الشعيبي ، أتى من يبحث عن أيّ أملٍ بحياةٍ خلفته القذائف و الرصاص الذي تساقط كالمطر ، .. يقول شقيق الشهيد : "عندما حضر بعض الرجال من قرية قراوة بني زيد حيث استشهد عبد الله لم يجدونه و صديقه وافي الشعيبي في المكان الذي اختبآ فيه ... فقد علموا أنّ الجيش صار على بعد أمتارٍ قليلة و أنهم حدّدوا مكان وجودهم تماماً .... و أن وقت المواجهة قد حان ، لذلك و من هول سرعته ارتدى حذاءه العسكري بالمقلوب دون أن يتنبه لذلك .. و غادر التسوية التي اتخذوها ملجأ في الأيام الأخيرة التي سبقت استشهادهما في الثاني عشر من كانون ثاني ... و عند البحث عنهما و جد عبد الله و صديقه عند باب البيت مباشرة ..." ، تلا كل منهما الفاتحة و نطقا بالشهادتين و بدءا الهجوم بعد أن ظنت القوات الكبيرة التي أتت و كأنها "ستغتال الجبال" أنها قد أنهت على الشهيدين عندما دكت مكان اختبائهما المفترض .
    بعض الرصاص ثم قليلاً من القنابل و إذا بالقذائف الصاروخية المعادية تجتاح جسديهما ... استشهد عبد الله تحت ثقل القصف بعد أن استخدمت القوات الموجودة كل ما لديها من أسلحة للإجهاز على كابوس يطاردهم منذ سنين .. لكنه لم يكن يملك القليل من الوقت كي يلقي ما تبقى من ذخيرة لديه ...
    و يروي شقيقه حادثة انتشال جثته : "عندما أتى الرجال لإخلاء الجثث صرخ أحدهم لا تقتربوا ... كان عبد الله يقبض في يده على قنبلة يدوية لم يمهله الجنود ثواني أخرى لإلقائها فظلت حبيسة يده ... و راحوا يقلبونه رويداً رويداً كي لا تنفجر ... لقد كان وضع جثته سيّئاً حتى أن ثلاثة من الرجال استطاعوا لملمة أجزائه و حملها..." ، و شرد الشقيق مع خيال أخيه : "لقد كان قوي البنية و ضخم القامة ... شاب رياضي من الدرجة الأولى حائز على أحد الأحزمة في الكاراتيه و لاعب كرة سلة متميز ..." ...

    شخصية قيادية ... و قدرة اتصال عالية :
    قبل استراحة عبد الله يوسف الديك الأخيرة ، حياة حافلة أرهقت أجهزة المخابرات الصهيونيّة التي أعلنت في أعقاب اغتياله أنه يتولى مسؤولية كتائب القسام في منطقة سلفيت ، قد دأبت منذ أكثر من عامين على ملاحقته في الجبال و القرى و الطرقات بعد أنْ حوّلت بلدته كفر الديك إلى مسرح لعمليات الاقتحام في الليل و النهار على حد سواء .
    و لم يكن جهد المخابرات الصهيونية في البحث عن عبد الله "أبو القسام" عبثيّاً ، إذ أن شخصية الشهيد و منذ صغره أهلته لتولي موقع قيادي في العمل العسكري و الجهادي و العمل الدعوي التثقيفي ، و يصف الشقيق شخصية أبو القسام قائلاً : "أكثر ما تميز به الشهيد حرصه على دينه و على الصلاة خاصة صلاة الفجر في المسجد ، إذ أنه و في كل أعماله الجهادية و غيرها كان يضع مرضاة الله أولاً ... إنسان قوي الشخصية لكنه في الوقت ذاته عطوف و متسامح مع الجميع و يملك قدرة عالية على بناء العلاقات ، حيث كان دائماً يدعو للحوار مع الآخر ، و يتميّز بعلاقات قوية مع أبناء التنظيمات الأخرى ، و دائماً كان يستغل هذه القدرة في بث أفكاره و تصدير فكره الديني الجهادي بأسلوب متميز ، يردد دوماً : "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة .." ، و قد استطاع عن طريق الحوار و الإقناع مساعدة العديد من الشبان على المداومة على الصلاة و الصيام ، كما تميّز في الجلسات الدينية التربوية التي كان ينظمها للشبان الصغار في مسجد البلدة الجديد حيث عمل مؤذناً لفترة ..." ، ابتسم علي الشقيق و كأنه يسمع "الله أكبر" بصوت أخيه : "لقد كان يملك صوتاً جهوراً و جميلاً يلفت انتباه كل من يسمعه ..." .

    كاد أن يفقد حياته دون أن يعترف :
    و يتحدث الشقيق الأكبر للشهيد عن أكثر المحطات التي أثرت في فكر الشهيد و سلوكه و هي تجربة اعتقاله : "لقد كان من دواعي سروري و ألمي في الوقت ذاته أنني عايشت عبد الله في معظم محطات حياته ... رافقته في رحلة اعتقاله الأولى ... كانت أقسى ما واجه الشهيد طوال حياته .." ..
    و كان أبو القسام قد تعرض للاعتقال للمرة الأولى عام 93 ، و استمرت مدة عام و نصف تحت التوقيف دون أن تفلح أساليب التحقيق المتنوعة في إجباره على الاعتراف ، يضيف شقيقه في هذا الإطار : "أكثر ما يؤلم هو تذكر وضع عبد الله في السجن ، حيث تعرضنا للاعتقال معاً في التاسع عشر من أيلول عام 93 ، و تم اقتيادنا في حينها إلى مركز تحقيق سجن الفارعة ، و أخضع عبد الله للتحقيق مدة 18 يوماً ، تحت ظروف قاسية جداً ، أخبره المحققون أن هناك أربعة اعترافات تؤكد تورطه في عمليات ضد الجيش الصهيونيّ ، لم يكن يتجاوز التاسعة عشرة في ذلك الحين لكنه واجه كافة أشكال التعذيب ، و بعدما برز عناده بشكل واضح أمام محاولات المحققين انتزاع اعتراف منه وضع فيما يعرف بـ "غرفة الباطون" ، و التي هي عبارة عن صندوقٍ من الباطون لا تتجاوز مساحته المتر المربع وضع في وسطه كرسيّ و أجلس عليه عبد الله مدة تتراوح بين ستة ساعات و اليوم الكامل و أمامه شباك صغير ، يغيب الجندي و يعود ليسأله (هل قررت الاعتراف ؟) ، و في كل مرة يرد عبد الله بالنفي ، و عندها كان يساق مرة أخرى إلى حفلة تعذيب جديدة ، حيث تعرض للشبح مقيداً ، و الضرب على الرأس ، و الصدمات الكهربائيّة ، حتى أن المحققين في بعض المرات كانوا يضربونه بحديد مكيف الهواء المثبت على واجهة غرفة التحقيق" ..
    وحشية عملية و على مدى ثمانية عشر يوماً أثرت بشكل كبير على وضع أبو القسام الصحي حيث راح يعاني من حالات تشنج مع فقدان التنفس . و يروي شقيقه الذي رافقه فترة سجنه في معتقل الفارعة حيث تمت عملية التحقيق ، و عند الانتقال إلى معسكر مجدو حيث استكملت مدة التوقيف : "في بعض المرات و لشدة صعوبة حالته ، كان جسده يتصلب بدون أي حركة ، كنت أبكي كي يستجيبوا لعلاجه ، و كان الطبيب عند نقله إليه يقوم بضربه ، و يضع كيساً من الورق على رأسه كي يوقف تدفق الأكسجين على الدماغ ..." .

    السجن مدرسة :
    مع الوقت راحت صحة عبد الله تتحسن شيئاً فشيئاً و مع ذلك لم تلن عزيمته ، "حاولت المخابرات أن توقعه في فخ الاعتراف بكافة السبل و استخدمت العنف و العصافير ، و على الرغم من وجود اعترافات عليه إلا أنه لم يقدم على الاعتراف أبداً ، و قد سئم القضاة مع الوقت جلسات المحاكم المتكررة دون فائدة ، لذا قرر المحامي في النهاية عقد صفقة مع المدعي العام ، بأن يقضي فترة عام و نصف بالإضافة إلى غرامة مالية و ينتهي الأمر ، و وافق المدعي العام في حينها فوراً بالرغم من الاعترافات التي أبلغه بها المحققون كانت تهدد بسجنه مدة قد تزيد عن العشرين عاماً .
    كانت فترة اعتقاله في سجن مجدو من أكثر المحطات المميزة في حياته ، حيث استطاع طوال العام تقريباً ممارسة أنشطة كثيرة مثل الإعداد لجلسات حفظ القرآن ، و المباشرة بحفظ أجزاء منه و كان في تلك الفترة مؤذناً بارزاً في سجن مجدو ، كما أصبح مسؤولاً عن مجموعة من النشاطات الثقافية و الدينية الدعوية داخل السجن ، و خلال تلك الفترة تبلورت شخصيته العسكرية حيث وفرت له الأجواء للالتقاء مع نشطاء في أعمال الانتفاضة ، و تعرف من خلالهم على أسرار هذا العمل و اطلع على تجارب مختلفة لمعتقلين كانت لهم خبرة في عمليات المقاومة .

    عقلية علمية :
    و في العام 94 أفرج عن الشهيد ، و عاد ليمارس عمله الذي برع فيه بشهادة الخبراء ، حيث استطاع الإلمام بمجال التمديدات الكهربائية بعد أن خاض ثلاث دورات متقدمة و متخصصة في موضوع الكهرباء الصناعية ، و في كل مرة كان يحصل على المرتبة الأولى بين زملائه إذ أنه تميز بالذكاء و العقلية العلمية منذ صغره ، على الرغم من أنّ انخراطه في العمل الجهادي لم يتح له الفرصة في استكمال تعليمه الجامعي ، بعد أن حصل على الثانوية العامة .
    عمل الشهيد عبد الله في فترة التسعينات مسؤولاً عن شبكة الكهرباء في البلدة ، إضافة إلى قيامه بتجهيز التمديدات الكهربائية لعشرات المنازل . و قد استطاع استثمار هذا العمل لاحقاً في عمله العسكري حيث برع في إعداد العبوات الناسفة التي تعتمد على التفجير بواسطة متحكم عن بعد .. يقول شقيق الشهيد : "أهم ما ميز أبا القسام خلال عمله مع جميع الناس هو حرصه على الحق و الأمانة ، لم يكن يظلم أحداً و لا يسمح لأحد أن يظلمه ، و كان يملك دفتراً صغيراً يدوّن فيه كل ما له و ما عليه حتى لا ينسى شيئاً ..." .

    لم يعقه الزواج و الأطفال :
    زواج عبد الله الديك عام 2000 و مع بداية الانتفاضة لم يقسم روح المقاومة في قلبه ، و على الرغم من أنّه رزق فيما بعد قسام و بيسان ، إلا أنه قرر متابعة الطريق ، "ظل عبد الله طوال حياته يحلم بالشهادة ، و لم يكن أمر الزواج ليثنيه عن تحقيق هذا الحلم ..." يقول شقيقه .
    تجدد نشاط أبي القسام مع بداية الانتفاضة ، و عرف عنه قدرته العالية في تجنيد المقاومين و غرس أفكار القرآن و السنة الشريفة التعبوية و الجهادية في نفوسهم ، و مع الوقت ازداد رصيده الأمني لدى أجهزة المخابرات الصهيونية ، حتى اتخذت القرار بتصفيته عدة مرات لكنها كانت تفشل أمام قدرة الشهيد المميزة على التخفي ، "لقد كان يملك جرأة منقطعة النظير و قد استفاد كثيراً من تجربة سجنه مع معتقلين ذوي خبرة في العمل العسكري ، الأمر الذي وفّر لديه حساً أمنياً عالياً ، إضافة إلى جملة من الاحتياطيات الأمنية الكبيرة التي كان يوفّرها لنفسه قبل انتقاله من مكان لآخر .." يضيف الأخ .

    صناعة عبوات و عمليات هجومية :
    و منذ العام 2002 لم يعد أمر انخراط الشهيد أبي القسام في العمل العسكري طي السرية ، و قد اشتهر في المنطقة بأكملها بعد تنفيذه مجموعة عمليات عسكرية أدت إلى مقتل و إصابة العديد من المستوطنين خاصة على الطريق الالتفافية بمحاذاة مستوطنة "أريئيل" المجاورة لبلدته ، بعد وضع عبوات ناسفة من صنعه يتم التحكم بها عن بعد ، أو عن طريق الهجوم المباشر بالأسلحة الرشاشة على سيارات مستوطنين .. و قد رافق ذلك كله حنكة في التخطيط ، إذ أنه و في إحدى المرات قرر الهجوم على سيارة أحد المستوطنين المارين على الشارع الالتفافي ، و كان يعلم أن جيباً عسكرياً سيمر قبل سيارة لاستكشاف الطريق و تأمينها له ، فأعد خطة مميزة أوصلت احتجاجات المستوطنين في نتائجها إلى مكتب شارون نفسه ، فقد وضع على الجبل المواجه لمكان العملية مجموعة مساندة و توجه مع أحد مساعديه لتنفيذ العملية و كمن بجانب الشارع ، و عندما قطعت سيارة الجيب العسكرية مسافة استعد أبو القسام و مرافقه للقاء مركبة المستوطنين و هاجموها بأسلحتهم ، و في الوقت ذاته بدأت المجموعة المساندة بإطلاق النار في الجبل ، فظن الجنود في الدورية المستكشفة أن إطلاق النار يتم عليهم من الجبل فأخذوا بالرد دون أن يعلموا أن المستوطنين في السيارة الخلفية يغرقون في دمائهم . و في حينها اشتد حنق المستوطنين حيث حملوا السيارة التي هوجمت و وضعوها أمام مكتب شارون في القدس المحتلة احتجاجاً على تدني مستوى الجنود .

    سنقطع رأسه و نحضره لكم :
    و في هذه الفترة أعدت أجهزة الأمن الصهيونيّة بشكل جدي لتصفية عبد الله الديك لكنها فشلت أكثر من مرة ، و راحت تحول حياة عائلته إلى جحيم متواصل من الاقتحامات و عمليات ترهيب الأطفال و النساء اليومية ... يقول شقيقه : "في إحدى المرات التي اقتحم فيها الجنود منازل العائلة من أجل القبض على عبد الله ، كان الشهيد في منطقة قريبة ، و قد شاهد عملية الاقتحام بأم عينيه و في حينها أخرجوا زوجته و أطفاله و راحوا يهددونهم بالقتل ، و يخبروننا أنهم سيقطعون رأسه و يحضروه لنا بمجرد إلقاء القبض عليه . أخبرني عبد الله في حينها أنه كان سيقتحم المكان و يبدأ برش كافة الجنود الذين أخرجوا أطفاله و زوجته للعراء ... لكنه شعر بأن الأذى قد يطول عائلته فعدل عن الفكرة .." .
    و تابع : "و في الفترة الأخيرة أصبح مجرد ذكر اسم عبد اله الديك يثير جنون الجيش الصهيونيّ في المنطقة ، حيث استطاع الاختفاء بطريقة ذكية و لمدة أيام في الجبال و الأحراش الممتدة بجانب كفر الديك و دير غسان و كفر عين ، دون أن تستطيع الوحدات الخاصة التي راحت تنتشر يومياً في تلك المناطق كشفه ، و ذات مرة استطاع الاختباء مدة عشر أيام في أحد الكهوف دون أن يعرف الجنود الذين تمركزوا فوقه مباشرة أنه تحتهم بعد عملية ملاحقة مضنية ..." .
    و يضيف الأخ : "و في مرة أخرى استطاعت المخابرات العسكرية كشف مكان وجوده أثناء اجتياح مدينة سلفيت ، و وصلت فرقة الجنود أمام المنزل الموجود فيه و عندها اشتبكت مع شابين مسلحين في المنطقة ، و عندما استشهدا ظنت الفرقة أنها قتلت عبد الله ، لتكتشف لاحقاً أنه انسحب تحت غطاء رصاص الشهيدين ... و أنه لا زال حياً" .
    و قد استطاع أبو القسام استغلال إلمامه بمجال التجهيزات الكهربائية في عمله ، حيث استطاع في أغلب الأحيان كشف أجهزة الرصد التي ترسلها الأجهزة الأمنية وراءه أثناء عمليات المطاردة من خلال ما يسمى بالطائرة الزنانة ، و التي تكشف أية ترددات يتم التقاطها في المنطقة ، و في إحدى المرات استطاع الشهيد التلاعب بهذه الطائرة ، حيث علم عند مشاهدتها تقترب من المنطقة التي كان فيها أنها استطاعت رصده ، و عندما أصبحت أكثر قرباً قام بفصل جهازه المحمول عن بطاريته الأمر الذي دفعها للابتعاد ، ثم أعاد تركيبه فعادت ، و راح يكرر الأمر و الطائرة تذهب و تعود .

    تذكّر قسام و بيسان ... و بكى :
    قبيل اغتياله بشهر تقريباً تعرض الشهيد لأصعب عمليات الملاحقة حيث استطاع الاحتلال كشف مكان وجوده و اللحاق به لمدة تزيد عن ساعتين في الجبال و الأحراش ، و بعد ذلك ألقى الشهيد بنفسه في إحدى أشجار البلوط التي تشتهر بها المنطقة و قام بفصل جهازه المحمول و ظل مختبئاً مدة زادت عن الست ساعات في الوقت الذي نشرت القوات الصهيونيّة أعداداً كبيرة من المشاة و استخدمت طائرات الهليوكوبتر و الاستكشاف ... يقول شقيق الشهيد إنّ أبا القسام أخبره عن هذه الحادث بالقول : "شعرت في حينها أنها المرة الأخيرة ... تذكرت قسام و بيسان .. و رحت أبكي ... و رجوت الله أن يحفظهم بعد استشهادي" ، لكن بعد ساعات طويلة شعر عبد الله أن المكان أصبح آمناً و استطاع الانسحاب بسرعة كبيرة .

    أدعُ لي ..
    في الجانب الإنساني من الشهيد عبد الله ، قلب رقيق و دمعات قريبة لا يستطيع منعها عند تأثره بأي مشهد ... كان يعلم أن حياة الجهاد اختارته و أنه دخل إليها حباً و طوعاً ... يخبرنا شقيقه أنه : "في الفترة الأخيرة قبل استشهاده كان يزورنا بشكل خاطف ، و كان يخبرني أنه لا يريد المكوث طويلاً لأنه لا يريد التعلق أكثر بصغاره ... لأنه يعلم أن هذا الأمر سيعيقه ..." ، و في المرة الأخيرة التي شاهد فيها العائلة قبّل صغاره و أبناء أخوته ..."قدّمنا له ماء زمزم أحضره لنا أحد الأصدقاء ، فشرب منه و قال أدعُ لي دائماً ، و طلب أن نسلم له على خالتي و عمتي و بعض الأقارب ... لقد كانت أجمل مرة رأيته فيها .. مضيء الوجه بجسد ضخم يفيض صحة ، و بلباس عسكري كامل" .
    في المرة الأخيرة لزيارته شعر الأخ أن شقيقه رتب أحلامه بطريقة أخرى ... و قرر أن ينام أخيراً و لكن واقفاً ...

  9. #9
    الصورة الرمزية جعفر الخابوري
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    54
    المشاركات
    882
    الشهيد حسن العلمي.. الفارس الصامت

    خانيونس -خاص
    خلف العيون الهادئة والنظرات العميقة تسكن روح ثائرة وقلب متوقد شوقاً للشهادة، إنه الشهيد البطل حسن العلمي فارس الميدان الذي لم يتوقف لحظة عن البحث في دروب الشهادة والاستشهاد.

    مولده ونشأته: ولد شهيدنا القسامي العلمي في مخيم خانيونس بتاريخ 7/8/1973م لعائلة لاجئة من قرية شحمة قضاء الرملة، وتعلم في مدارس اللاجئين في المخيم ونال شهادة الثانوية العامة من القسم العلمي بمدرسة خالد الحسن، وأكمل تعليمه في كلية العلوم والتكنولوجيا (قسم إدارة أعمال) وكان أحد نشطاء الكتلة الإسلامية آنذاك، حيث ترأس مجلس الطلاب، وكان شعلة نشاط وانتماء لدينه وحركته ودعوته، ولم تكن تثنيه عن هذا الانتماء القوي أية مغريات أو مساومات.

    انضمامه لحركة حماس: منذ سنوات شبابه المبكرة انتمى حسن العلمي لحركة حماس، حيث انضم للجانها الشعبية عام1989م، وهو في السادسة عشرة من عمره، وكان بطلاً في المواجهات، جريئاً في التصدي لقوات الاحتلال، ولم يمنعه أدبه الجم، ولا حياؤه الكبير من أن يكون أسداً في الحق قويا في اللقاء، ثابتاً على مواقفه.

    اعتقالاته: تعرض الشهيد القسامي (أبو علي) للاعتقال عام 1991م لمدة أربعة أشهر بتهمة إلقاء الحجارة في وجه جنود الاحتلال الصهيوني، كما تعرض فيما بعد للاعتقال لمدة خمسة عشر يوماً في سجن السلطة الفلسطينية التابع لجهاز الأمن الوقائي في (تل الهوا) على خلفية انتمائه للكتلة الإسلامية ونشاطه فيها.

    انضمامه لكتائب القسام: في العام 1992م وبعد استشهاد رفيق دربه المجاهد وائل القيسي، بدأت رحلة الثأر تشق طريقها إلى نفس حسن الأبية، فأقسم على الانتقام لدمائه الزكية، وكانت بداية حكايته مع كتائب الشهيد عز الدين القسام، وظل الحلم يراوده إلى أن حانت الفرصة مع بداية انتفاضة الأقصى المباركة، حيث كان من أوائل من حملوا السلاح، وشكلوا نواة المقاومة الإسلامية في خانيونس، وقد انضم إليه في هذه الرحلة حبيب روحه الشهيد القسامي البطل يحيى أبو بكرة (أبو المنتصر) الذي كان كظله لا يفارقه أبداً، واتصل الاثنان بالشيخ الشهيد القائد صلاح شحادة القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسّام، وانطلقوا كالأسود يقاومون.

    سجل المجد: ومن العمليات التي شارك فيها:
    استطاع الشهيد العلمي والشهيد يحيى قتل جندي صهيوني وإصابة ثلاثة آخرين في المعسكر الغربي بخانيونس، وكان الشهيد من أوائل من أطلق صاروخ البنا محمولاً على كتفه في وضح النهار بالمخيم تجاه مغتصبة"نيفيه ديكاليم" الصهيونية، وكان ذلك يوم استشهاد المعلم صبحي أبو ناموس بتاريخ 23/3/2002م، حيث وجه قذيفته تجاه الموقع الغربي (حارة المحامية)، وكان الشهيد العلمي متميزاً بلياقته البدنية، وبزته العسكرية، وأخلاقه الرفيعة، وكان معروفاً للشباب من خلف اللثام، فقد شاهدوه في كل أنحاء المواجهات بخانيونس، كان يطلق قذائف الهاون تجاه مغتصبة"جني طال" الصهيونية، كما كان يشارك إخوانه في منطقة الدلتا أثناء الاشتباكات، وشارك في القنص مع رفيقه الشهيد ياسين الأغا، كما قصف مغتصبة "موراج" الصهيونية بقذائف الهاون.

    وعندما وصلت إلى مسامعه أنباء اجتياح العدو الصهيوني لحي تل السلطان برفح تحرك الدم في عروقه، وانتقل إلى هناك رغم كل الموانع،وتقدم طالبا للشهادة،وقد شاهده الناس هناك وعرفوا أنه استشهادي من خانيونس يدعى "أبو علي"، وتشهد نجوم الليل في سماء مغتصبة "كيسوفيم" على رباطه، ورباطة جأشه، وتربصه الدائم لقطعان المستوطنين بهدف اختطاف أحدهم لتحرير الأسرى به.

    وكان مع رفيقه الشهيد حمدي كلخ من أوائل المبادرين بالتصدي للاجتياحات المتكررة لمنطقة القرارة،كما شاهدوهإخوانه أسدا في التصدي للهجمة الصهيونية على منطقة خزاعة، رحمك الله يا أبا علي كم كنت تواقا لرضا ربك وللشهادة، وكم كانت روحك تنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر، وكم كنت تدعو ربك مع كل صلاة فجر في المسجد أن تنالها إلى أن نلتها، وهو الذي قال قبل خمس دقائق من استشهاده:"لن يستطيع أحدا أن يوقف الجهاد في سبيل الله".

    من كراماته:ومن الغرائب والكرامات أنه رأى في منامه قبل استشهاده بأيام أخاه الشهيد يحيى أبو بكرة، وأنالعلمي حليق اللحية مبتهجا،وقد فسر ذلك أن حلق اللحية هي الشهادة !! كما رأى أخاه الشهيد وائل القيس راكبا سلما،يناديه ويقول له:"لقد تأخرت علينا يا أبا علي، اصعد أسرع في الصعود،ولذلك أوصى قبل استشهاده بأن يدفن بجانب رفيق دربه الشهيد يحيى أبو بكرة، وأن يلف بنفس الراية الخضراء التي لف بها جسد يحيى، وكان له ما تمنى.

    حادثة استشهاده: في يوم الأربعاء بتاريخ 9/2/2005 م خرج المجاهد القسامي العلمي مع بعض إخوانه في منطقة القرارة ليجرب قذيفة أفراد، فما كان إلا أن انفجر القاذف في رأسه الطاهر لتسيل دمائه الزكية، ولتروي ثرى فلسطين الذي طالما اشتاق إلى جسد الشهيد الحبيب،ولتصعد روحه إلى العلياء تاركا خلفه عشقا عظيما للوطن، وعهدا يتواصل مع أولاده الذي تركهم،والأجيال القادمة أن لا يتنازل عن ذرة تراب واحدة من أرض فلسطين الأبية.

  10. #10
    الصورة الرمزية جعفر الخابوري
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    54
    المشاركات
    882
    مسيرة المجاهد الشهيد عز الدين صبحي الشيخ خليل كما ترويها زوجته:
    كانت مسيرته مسيرة مضيئة، صدق الله فصدقه الله باع نفسه لله والله اشترى



    في السادس والعشرين من أيلول/ سبتمبر عام 2004 اغتالت القوات الصهيونية المجاهد القائد عز الدين صبحي الشيخ خليل.
    قام العملاء الصهاينة برصد منزل الشهيد أبو محمد، في حي الزاهرة في الجزء الجنوبي من مدينة دمشق .
    ونجح عملاء الصهيونية بدس عبوة ناسفة تحت مقعد سيارته قاموا بتفجيرها عن بعد عندما تأكدوا من وجوده فيها.

    وفيمايلي تروي قرينته السيدة أم محمد سيرة المجاهد ومسيرته:
    أبدأ بأول يوم التقيت به فقد وجدته شجاعا وجريئا في قول الحق وأيقنت أني تزوجت شخصا غير عادي – فقد كان حبه لله وللجهاد يفوق أي شيء في هذه الدنيا- وذلك لم يكن غريبا على شخص نشأ على حب الله وطاعته في بيت مسلم.

    أما عن بداية حياتي معه، فقد كان حريصا جدا على أن يصلي الصلوات الخمس في المسجد وكان دائم التردد على مسجد الإصلاح في غزة، ويقول أنه يود أن ينشئ جيلا مجاهدا من شباب المسجد، وكان يشدد على المحافظة على رباط الأخوة والحب في الله، وكان حريص على تأليف القلوب وبث المحبة بين إخوانه، كان يحسن الظن بإخوانه ولا يقطع مودتهم ويتغاضى عن أخطائهم وكان يدعو الله دائما أن يبارك له في إخوانه ويوثق رابطتهم ويثبتهم على الحق ويقول إن المحبة في الله هي عنوان التوفيق في الدنيا ورضوان الله في الآخرة، كان متفائل بإخوانه يدعو الله أن يكونوا شبابا مؤمنا متآخيا متماسكا، وأن تملأهم المحبة والإخاء والتضحية والعطاء.

    ترعرع المجاهد في المسجد بحي الشجاعية وما أن بدأت الانتفاضة الأولى حتى بدأ بتنظيم أكبر عدد مكمن من شباب الحي كان منهم يوسف أبو هين ومحمود أبو هين وأيمن أبو هين وغيرهم وقد نظموا عشرات الشبان لحماس من الانتفاضة الأولى.

    وكانت له علاقة بالقائدين روحي مشتهى ويحيى السنوار وغيرهم من المجاهدين. كان يذهب إلى المسجد ويصلي صلاة الفجر ويبقى في المسجد حتى الساعة الثامنة صباحا، يقرأ القرآن ويجلس مع الشبان حتى صلاة الضحى يتحدثون في أمور دينهم وكان دائم التواصل معهم ، كان حريصا دائما على تأليف قلوبهم وتقوية رابطتهم بالله وبالوطن.

    وعند عودته إلى البيت يذهب إلى والدته ليسلم عليها ويطلب رضاها ويجلس معها ويحدثها. فقد كانت والدته تحبه كثيرا كان يطلب منها الدعاء له بالتوفيق ورضا الله. كان يقول لها إذا استشهدت لا تبكي ووزعي الحلويات.

    كان عمله في داخل فلسطين سري جدا، كان عبارة عن طباعة الكتب وتوزيعها في المدن الفلسطينية وكانت تجارة الكتب تلك مجرد غطاء له لكي تتيح له التنقل بين المدن الفلسطينية ليتم التواصل بينه وبين الأخوة المجاهدين وكان تواصله مستمرا مع الشيخ المجاهد أحمد ياسين في الداخل وفي الخارج.

    كان مرافقا للشيخ ياسين:
    حدثني مرة عن علاقته مع الشيخ قبل الانتفاضة في بدايات انتمائه لحركة حماس قال إنه كان يرافق الشيخ أحمد ياسين في كل تحركاته وتنقلاته هو ومجموعة من الشباب من مدينة إلى أخرى لدعوة الشباب وتنظيم أكبر عدد ممكن من الشباب، وقد كان سفرهم متواصل من مدينة لأخرى من المدن الفلسطينية، ويقول كنا أحيانا نشعر بالتعب فنطلب من الشيخ الاستراحة، ثم ننام لمدة أربع ساعات بعد تعب طويل ويطلب بعدها منا الشيخ القيام ويقول أربع ساعات كثيرة وزيادة على المجاهد .. هيا قوموا للعمل يا شباب.

    كان يحب الشيخ كثيرا حتى أن تواجده مع الشيخ كان أكثر من تواجده مع أهله فقد كان يغيب عن البيت أحيانا لمدة ثلاثة أيام أو أسبوع وأكثر دون أن يشعر أهله بأنه مرتبط بحماس مع الشيخ، كانت علاقته به علاقة قوية جدا حتى أنه خلال اتصالاته معنا بالهاتف كان يسأل كيف حال الوالد أو أخبر الوالد بكذا وكذا -طبعا الكلام لم يكن مفهوما لي لأنه كلام "مشفر" كنت أشعر أن الشيخ أحمد ياسين هو والده وأستاذه، وهو كان يتمنى أن يراه ويجلس معه، ولم أراه سعيدا مثل سعادته برؤية الشيخ عندما قام الشيخ بزيارة سوريا حتى أنه لم يفارقه للحظة وبكى بكاء شديدا يوم استشهاد الشيخ أحمد ياسين وعاهد الله أن ينتقم من العدو الصهيوني على جريمته تلك.

    الشهيد مطاردا:
    من خلال وجود عز الدين في الداخل وتنقلاته وعمله المتواصل، شك الصهاينة في نشاطه. وفي ليلة من الليالي في الساعة الثالثة قبيل الفجر هجم اليهود على المنزل ودخلوا إلى غرفة النوم وقالوا أين عز الدين فقام بكل جرأة وشجاعة وقال أنا هو عز الدين فاعتقلوه وحكم عليه ستة أشهر إداري وبعد مضي شهر من اعتقاله وبعدما أسر الرقيب الأول الإسرائيلي في حرس الحدود "نسيم توليدانو" في الثالث عشر من كانون الأول عام 92 على يد مجموعة من كتائب عز الدين القسام وفي 16/12/1992 صدر القرار الحكومي الصهيوني المتضمن الإبعاد الجماعي لنشيطي حركة حماس والجهاد الإسلامي وكان بينهم عز الدين وفي 17/12/1992 انطلقت الشاحنات إلى معبر زمريا وهو آخر موقع لقوات الاحتلال الصهيوني وعند معبر زمريا تم إنزال المجاهدين من الباصات في ظل أجواء ماطرة وعاصفة تدنت فيها درجة الجرارة إلى خمسة تحت الصفر، معصوبي الأعين ومكبلوا الأرجل وموثوقي الأيدي إلى الخلف بعد رحلة مريرة من الضفة الغربية وقطاع غزة دون مأكل أو مشرب وصلت الشاحنات إلى معبر زمريا بلدة مرج الزهور في ظل ضباب كثيف وعواصف ليس باستطاعة الإنسان العادي أن يتحملها.

    وقد حدثني عن تلك اللحظات فقال إنه كلما كان يحاول فك الوثاق يشد على يده حتى تمزقت يده وسالت الدماء فقال للصهيوني فك وثاقي فرفض الصهيوني فقال له إما أن تفك وثاقي أو تطلق النار علي فما كان من الجندي إلا أن فك وثاقه بعد أن رآه عنيدا وجريئا وفور عودة الشاحنات إلى المعبر الصهيوني بدأ الجنود الصهاينة بإطلاق النيران فوق رؤوس المبعدين وحولهم لتحطيم معنوياتهم ونفسياتهم ولكن هيهات هيهات.

    ومنذ لحظة وصولهم بدأوا بالاهتمام بترتيب أوضاعهم بعد أن تيقنوا بأنهم مبعدون فعلا وقد شكلوا لجنة بينهم لتوجيه أمورهم والاهتمام بها رغم صعوبة المكان والحياة اليومية كانوا يقومون نهارا بمساعدة بعضهم البعض في الغسل والتنظيف والطبخ وترتيب ثيابهم وفي المساء كانوا يجتمعون داخل خيامهم لحفظ وتجويد القرآن الكريم.

    كانت الثلوج تتساقط على مخيماتهم خلال ليالي الشتاء أما فصل الصيف فكانت تصل درجات الحرارة إلى ما فوق الأربعين في العديد من الأيام مترافقة مع انتشار البعوض والحشرات في أرض جرداء لا شجر فيها ولا ماء وفي فترة إبعاده كانت والدته صابرة محتسبة دائما تدعو الله أن يفرج عنه وعن جميع المبعدين، وعندما تم الاعتراف عليه داخل السجون من بعض الشباب رفض العودة إلى غزة واستقرت معيشته في سوريا وعندها طلب مني السفر إليه.

    لقد تحمل فراق الوطن من أجل الوطن وعاش بعيدا عن فلسطين لأجل فلسطين كانت فلسطين تعيش فيه.

    لقد عاهد الله تعالى على الاستمرار في مسيرة الجهاد حتى ولو من على بعد آلاف الأميال عن الوطن الحبيب كانت أحلامه دائما تأخذه إلى غزة وشباب غزة ويشدد دائما أنه معهم وذكرياته معهم.

    وأذكر أنه يوم استشهاد أبناء أبو هين يوسف ومحمود وأيمن رحمهم الله جميعا حزن كثيرا على فراقهم واستشهادهم وكان حزنه أكبر لأنهم سبقوه في نيل الشهادة.

    واستمرت رحلة العطاء للوطن الحبيب بالتواصل مع إخوانه في داخل فلسطين وكان دائما يردد إن المجاهدين هم في داخل فلسطين فيجب أن نعمل ليل نهار حتى نصل لدرجة جهادهم فهم في داخل المعركة أمام العدو ويقول يجب علينا أن نجاهد بأموالنا وأنفسنا وأولادنا حتى نلقى الله مجاهدين شهداء.

    وعندما كان يقوم بأي عمل للجهاد كنت أراه يصلي طوال الليل يدعو الله ويطلب منه التوفيق في عمله وإنجازه على أكمل وجه وكان دائما يطلب مني الدعاء له بالتوفيق في عمله الذي كان يحبه بعد حب الله ورسوله.

    كنت أجد قلبه مع إخوانه في داخل فلسطين كان حريصا على الاطمئنان عليهم دائما فإن تأخر أحدهم بالاتصال كان لا ينام ولا يشتهي الطعام حتى يطمئن عليهم وعلى أخبارهم.

    كان عندما ينجز أي عمل من أعماله للداخل أجده فرحا مسرورا، ويحتضن الأولاد يملأ البيت سعادة وسرورا وأشعر بأن هذا اليوم هو أسعد أيام حياته، ويقول لي هيا لنصلي قيام الليل ويسجد لله شاكرا لنعمة الله عليه من فضله وأجده يبكي فرحا بحب الله له فقد كان دائما يشعر بأن الله معه في كل خطوة.
    كان دائم السفر والغياب.

    كان مستبشرا بالنصر والتمكين والنصر على الأعداء وحديثه دائما عن الجهاد وحب والوطن ودائما ينظر نظرة المتفائل للمستقبل ويردد دوما :
    "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" "وحقا علينا نصر المؤمنين"
    كان الشهيد حريصا على أمنه الشخصي ولم أجده يوما يتهاون بالأمن الشخصي، فمنذ أن استقرت معيشتنا في سوريا، بدأنا بالترحال من بيت لآخر كل ثلاثة أشهر، فما أن تنتهي الأشهر حتى يبدأ بالبحث عن بيت آخر وكان أملنا أن نستقر في بيت ونشعر بالأمان.

    مرت سنوات وهو مهدد بالاغتيال ولم أجده يوما من الأيام خائفا على نفسه لكنه كان يتخذ احتياطات أمنية قدر استطاعته.
    وفي العام 96 طلب منه الشباب في الحركة السفر إلى لبنان بسبب وضعه الأمني ومكث في لبنان لمدة ثلاثة أشهر. ثم طلب منه السفر إلى طهران وكانت المدة في طهران سنة تقريبا. ثم السفر إلى السودان ثم كانت عودتنا إلى سوريا.

    وعدنا للتنقل والترحال من بيت لآخر، فما أن نشعر بالاستقرار لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر إلا ونبدأ بعدها بالبحث عن بيت آخر وتتكرر المعاناة في النقل والتنقل ثم انتقلنا إلى البيت الذي استشهد بجانبه عز الدين.. فقد كان حريصا جدا على عدم إخبار أحد عن عنوان البيت أو موقعه حتى أن تحركاته كانت في أغلب الأحيان بسيارة الأجرة وكان دخوله من بين الحارات وليس من الطرق الرئيسية وكان حريصا جدا على تفتيش السيارة قبل أن يخرج بها.

    ولم يكن جيراننا يشعرون بأن للشهيد أي ارتباط مع حركة حماس المجاهدة ولذلك فوجئ الجيران بالحادث فقد كانوا يرونه إنسانا عاديا يخرج إلى عمله مثل باقي الناس والابتسامة دائما على شفتيه ويبادلهم السلام.

    وبرغم انشغاله الدائم كان يقتطع جزءا بسيطا من وقته ليقضيه مع الأولاد كان يجلس مع هبة ومحمد ويحدثهم عن الصلاة والصدق وطاعة الله والوالدين وحب عمل الخير وحب الوطن.

    أما هديل فقد كان تعلقها بوالداها يفوق أي شيء فقد كانت تستقبله عند الباب بالأحضان وتأخذ قلمه لكي ترسم به وتأخذ منه الموبايل لتلعب به كنت أراه سعيدا جدا أما بالنسبة لعز الدين الزوج فقد كان هادئ الطبع كان الزوج والأخ والصديق والأب الحبيب الشجاع في قول الحق. لا يغضب إلا مما يغضب الله. كان رمزا للوفاء وللعهود كان هو قرة عيني ونور حياتي .كنت أشعر أنه أرق إنسان في الوجود وكان دائم الطلب مني الدعاء له بالشهادة والاستشهاد.

    في الأيام الأخيرة قال لي أنه اشتاق للقاء الله وأنه سئم الغربة وتمنى أن يعود إلى الوطن الحبيب ليجاهد ويجاهد ويستشهد على ترابه.. ويلقى الأحبة من الأنبياء والشهداء.

    ويوم استشهاده صلى بنا صلاة الفجر جماعة وكان دعاءه لأبناء شعبه وإخوانه في فلسطين أن يرزقه الله الشهادة في سبيله.

    إنني أشعر بالفخر والاعتزاز لأن الله أكرمني باستشهاد زوجي الحبيب عز الدين .

    هنيئا لنا جميعا استشهاده وفوزه بالجنة إنشاء الله وأسال الله لنا النصر والثبات وأن يجمعني به في الجنان كما جمعني به في هذه الدنيا الفانية.

    وأعاهد الله على تربية أبنائي تربية صالحة وكم وتمنيت لو أن عندي عشرة من الأبناء لأدفعهم للجهاد والاستشهاد جميعا.
    وأوجه كلمتي لكل إمرأة مسلمة تحب الله والوطن والجهاد. وأقول لها ولكل الأخوات سيروا على الدرب إن أردتم الجنة.
    ألا إن سلعة الله غالية .. ألا إن سلعة الله الجنة .

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML