النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تعالو نتذكر معاً القبر عذابه ونعيمه

  1. #1
    الصورة الرمزية مسألة وقت
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    05- 2006
    العمر
    44
    المشاركات
    245

    تعالو نتذكر معاً القبر عذابه ونعيمه

    فكل ما ورد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر ونعيمه وإجلاس الميت وسؤاله واختلاف أضلاعه ، أو مد قبره مد البصر ، فكل ذلك صحيح لا ريب فيه ، إذ لا استطاعة للعقل في فهم ذلك الأمر ولا تصوره لأنه أمر خارق للعادة ، فيجب أن يفهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم مراده من غير غلو ولا تقصير ، قلا يحمل كلامه ما لا يحتمله ، ولا يقصّر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان ، فكم حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال ، والعدول عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله ، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام وهو أصل كل خطأ في الفروع والأصول ، ولا سيما إذا أضيف إليه سوء القصد .
    قال صلى الله عليه وسلم : " إن هذه الأمة تبتلى في قبورها " [ رواه مسلم ] .

    فائدة وعبرة :
    إذا بلغ الإنسان الأجل الذي قدره الله له واستكمل عمره ورزقه وما كتب له في هذه الدنيا ، جاءته رسل ربه عز وجل ينقلونه من دار الفناء ( وهي دار الدنيا ) إلى دار البِلَى ( وهي حياة القبر ) ثم إلى دار البقاء ( وهي الحياة الآخرة ) التي لا موت فيها بل حياة أبدية ، فيسعد فيها أهل الجنة سعادة لا شقاء معها ، ويشقى فيها أهل النار شقاءً لا سعادة معه ولا بعده ، فإذا حل الأجل وحان الرحيل واستوفى الإنسان أجله في هذه الدنيا جاءته ملائكة ربه تبارك وتعالى لقبض روحه فجلسوا منه مد البصر ، ثم دنا منه الملك الموكل بقبض الأرواح فاستدعى الروح فإن كانت روحاً طيبة ، قال : اخرجي أيتها النفس الطيبة في الجسد الطيب ، وإن كانت غير ذلك قال لها الملك : اخرجي أيتها النفس الخبيثة في الجسد الخبيث ، ويصدق ذلك حديث البراء بن عازب رضي الله عنه حيث قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقعد وقعدنا حوله كأن على رؤوسنا الطير ، وهو يلحد له ، فقال : أعوذ بالله من عذاب القبر ( ثلاث مرات ) .
    ثم قال : (( إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا ، نزلت إليه الملائكة ، كأن على وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة ، فجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : يا أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ))
    قال (( فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء ، فيأخذها ، فإذا أخذها ، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ،ويخرج منها كأطيب نفخة مسك وجدت على وجه الأرض )) .
    قال (( فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة ، إلا قالوا : ما هذه الروح الطيبة ؟ فيقولون : فلان بن فلان ( بأطيب أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ) . حتى ينتهوا بها إلى السماء ، فيستفتحون له ، فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله ، فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتكم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى )) .
    قال : (( فتعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان ، فيجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام . فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله . فيقولان له : ما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت . فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وافتحوا له باباً إلى الجنة )) .
    قال : (( فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره )) .
    قال : (( ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسرك ، هذا يومك الذي كنت توعد . فيقول له : من أنت ؟ فوجهك الذي يجئ بالخير ؟ فيقول : أنا عملك الصالح . فيقول : يا رب ، أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي وما لي )).
    قال : ( وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه ، معهم المسوح ، فيجلسون منه مد البصر ، ثم يجئ ملك الموت ، حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة ، أخرجي إلى سخط من الله وغضبه ) .
    قال: ( فتفرق في جسده ، فينتزعها كما ينتزعه السفود من الصوف المبلول ، فيأخذها ، فإذا أخذها ، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرجوا منها كأنتن ريح خبيثة وجدة على وجه الأرض فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة ، إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون : فلان بن فلان ، بأقبح أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح له ، فلا يفتح له ( ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تفتح لهم في سجين في الأرض السفلى ، فتطرح روحه طرحاً ( ثم قرأ : (( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق )) فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان ، فيجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ها ه هاه ، لا أدري . فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه ؟ لا أدري . فينادي منادي من السماء : إن كذب عبدي ، فافرشوه من النار ، وافتحوا له باباً إلى النار . فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول : من أنت ، فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث . فيقول : ربي لا تقم الساعة ) . [ رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح ، وأبو داود والحاكم وأبو عوانة في صحيحيهما وابن حبان . انظر المشكاة 1/512 ] .


    عذاب القبر نوعان :
    الأول : ما هو دائم : كما قال تعالى : " وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " ، وهذه الآية دليل وبيان واضح في إثبات عذاب القبر بالنار ، لأنه لا غدو ولا عشي يوم القيامة ، وكذلك كما في حديث البراء بن عازب في قصة الكافر : ثم يفتح له باب إلى النار ، فينظر إلى مقعده فيها حتى تقوم الساعة " [ رواه الإمام أحمد في بعض طرقه وصححه شعيب الأرنؤوط في شرح الطحاوية ] .
    الثاني : ما هو منقطع : وهو ما يستمر مدة ثم ينقطع ، وهذا عذاب بعض العصاة الذين خفت جرائمهم ، فيعذب بحسب جرمه ، ثم يخفف عنه .

    تنبيه هام :
    عذاب القبر وسؤال الملكين ينالان كل من مات ولو لم يدفن ، فهو لعذاب البرزخ ونعيمه ، وهو ما بين الدنيا والآخرة قال تعالى : " ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون " [ المؤمنون : 100 ] وسمي عذاب القبر باعتبار الغالب فالمصلوب والمحرق والمغرق وأكيل السباع والطيور له من عذاب البرزخ ونعيمه قسطه الذي تقتضيه أعماله وإن تنوعت أسباب النعيم والعذاب وكيفياتهما .
    فقد ظن بعض الأوائل أنه إذا حرق جسده بالنار وصار رماداً وذري بعضه في البحر وبعضه في البر في يوم شديد الريح أنه ينجو من ذلك ، فأوصى بنيه أن يفعلوا به ذلك ، فأمر الله البحر فجمع ما فيه ، وأمر البر فجمع ما فيه ثم قال : قم . فإذا هو قائم بين يدي الله ، فسأله : ما حملك على ما فعلت ؟ فقال : خشيتك يا رب ، وأنت أعلم . فرحمه الله . فلم يفت عذاب البرزخ ونعيمه لهذه الأجزاء التي صارت في هذه الحال .
    حتى لو علق الميت على رؤوس الأشجار في مهاب الرياح لأصاب جسده من عذاب البرزخ حظه ونصيبه ، ولو دفن الرجل الصالح في أتون من النار ، لأصاب جسده وروحه من نعيم البرزخ نصيبه وحظه ، فيجعل الله النار على هذا برداً وسلاماً ، والهواء على ذلك ناراً و سموماً ، فعناصر العالم ومواده منقادة لربها وفاطرها وخالقها ، يصرفها كيف يشاء ، ولا يستعصي منها شيء أراده بل هي طوع أمره ، ومشيئته منقادة لقدرته ، فغير ممتنع أن ترد الروح إلى المصلوب والغريق والمحرق ، ونحن لا نشعر بها ، لأن ذلك الرد نوع آخر غير المعهود ، فهذا المغمى عليه والسكران والمبهوت أحياء وأرواحهم معهم ولا تشعر بحياتهم ، ومن تفرقت أجزاؤه لا يمتنع على من هو على كل شيء قدير أن يجعل للروح اتصالاً بتلك الأجزاء على تباعد ما بينها وقربه ، ويكون في تلك الأجزاء شعور بنوع من الألم واللذة .
    وإذا كان الله تعالى قد جعل في الجمادات شعوراً وإدراكاً ، تسبّح ربها به ، وتسقط الحجارة من خشيته ، وتسجد له الجبال والشجر ، وتسبحه الحصى والمياه والنبات ، كما قال تعالى : ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) [ الإسراء : 44 ] فإذا كانت هذه الأجسام فيها الإحساس والشعور ، فالأجسام التي كانت فيها الأرواح والحياة أولى بذلك ، وقد أشهد الله سبحانه عباده في هذه الدار إعادة حياة كاملة إلى بدن قد فارقته الروح فتكلم ومشى وأكل وشرب وتزوج وولد له : ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ) [ البقرة : 243 ] ، ( أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنّى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم ) [ البقرة : 259] وكقول بني إسرائيل الذين قالوا لموسى : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرةً ) [ البقرة : 55 ] فأماتهم الله ثم بعثهم من بعد موتهم ، وكأصحاب الكهف وقصة إبراهيم في الطيور الأربعة ، فإذا أعاد الله الحياة التامة إلى هذه الأجساد بعد ما بردت بالموت ، فكيف يمتنع على قدرته الباهرة أن يعيد إليها بعد موتها حياة مستقرة يقضي بها أمره فيها ويستنطقها بها ويعذبها أو ينعمها بأعمالها وهل إنكار ذلك إلا مجرد تكذيب وعناد وجحود ؟ !المنكرون لعذاب القبر ونعيمه ، وشبهتهم ، والرد عليهم :
    أنكرت الملاحدة والزنادقة عذاب القبر ونعيمه وقالوا : إنا نكشف القبر ، فلا نجد فيه ملائكة يضربون الموتى ، ولا حيات ولا ثعابين ولا نيران تأجج ! وكيف يفسح مد بصره أو يضيق عليه ونحن نجده بحاله ونجد مساحته على حد ما حفرناها له ولم يزد ولم ينقص ؟! وكيف يصير القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ؟!
    الجواب :
    والجواب عن ذلك من وجوه :
    أولاً : أن حال البرزخ من الغيوب التي أخبرت بها الأنبياء ولا يكون خبرهم محالاً في العقول أصلاً فلا بد من تصديق خبرهم .
    ثانياً : أن النار في القبر والخضرة ليست من نار الدنيا ولا من زروع الدنيا فيشاهد ذلك من شاهد نار الدنيا وخضرها ، وإنما هي من نار الآخرة وخضرها ، وهي أشد من نار الدنيا ، فلا يحس بها أهل الدنيا فإن الله سبحانه يحمي عليه ذلك التراب والحجارة التي عليه وتحته ، حتى يكون أعظم حرّاً من جمر الدنيا ، ولو مسها أهل الدنيا لم يحسوا بذلك وقدرة الرب أوسع من ذلك وأعجب .
    وإذا شاء الله أن يطلع بعض العباد على عذاب القبر ، أطلعه وغيّبه عن غيره ، إذ لو اطلع العباد كلهم لزالت حكمة التكليف والإيمان بالغيب ، ولما تدافن الناس كما في " الصحيحين "في الحديث الذي مر من قوله  : " لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع " ولما كانت هذه الحكمة منتفية في حق البهائم سمعت ذلك وأدركته ، كما حادت برسول الله  بغلته وكادت تلقيه لما مر بمن يعذب في قبر ، فرؤية هذه النار في القبر كرؤية الملائكة والجن ، تقع أحياناً لمن شاء الله أن يريه ذلك .
    وكيف يستنكر من يعرف الله سبحانه وتعالى ويقر بقدرته أن يحدث حوادث يصرف عنها أبصار بعض خلقه حكمة منه ورحمة بهم لأنهم لا يطيقون رؤيتها وسماعها والعبد أضعف بصراً وسمعاً أن يثبت لمشاهدة عذاب القبر ، وسر المسألة أن هذه السعة والضيق والإضاءة والخضرة والنار ليس من جنس المعهود في هذا العالم .
    والله سبحانه إنما أشهد بني آدم في هذه الدار ما كان فيها ومنها ، فأما ما كان من أمر الآخرة ، فقد أسبل عليه الغطاء ليكون الإقرار به والإيمان به سبباً لسعادتهم ، فإذا كشف عنهم الغطاء صار عياناً مشاهداً فلو كان الميت بين الناس موضوعاً لم يمتنع أن يأتيه الملكان ويسألاه من غير أن يشعر الحاضرون بذلك ، ويجيبهما من غير أن يسمعوا كلامه ويضربانه من غير أن يشاهد الحاضرون ضربه ، وهذا الواحد منا ينام إلى جنب صاحبه المستيقظ فيعذب في النوم ويضرب ويألم وليس عند المستيقظ خبر من ذلك البتة ، وقد يرى في منامه أموراً عظاماً فهو يمشي ويجري ويتعرض لمخاطر فيستغيث بمن يغيثه وصاحبه بجانبه لا يدري ما الخبر ، فالله قادر على أن يعذب عبده أو ينعمه في قبره ولا يشعر بذلك أحد من الناس على الإطلاق حكمة بالغة منه سبحانه .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فأما أحاديث عذاب القبر ومسألة منكر ونكير فكثيرة متواترة عن النبي  مثل ما في " الصحيحين " عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي  مر بقبرين فقال : " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله " ثم دعا بجريدة رطبة فشقها نصفين ثم غرز في كل قبر واحدة فقالوا : يا رسول الله ! لم فعلت هذا ؟ قال : " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " وفي " صحيح مسلم " وسائر " السنن " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي  قال : " إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليقل : أعوذ بالله من أربع : من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال " .
    وساق الشيخ أحاديث كثيرة في هذه الباب إلى أن قال : " وقد تواترت الأخبار عن رسول الله  في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً وسؤال الملكين ، فيجب إعتقاد ذلك والإيمان به ولا نتكلم عن كيفيته إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له في هذه الدار والشرع لا يأتي بما تحيله العقول ولكنه قد يأتي بما تحار به العقول ، فإن عود الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا ، بل تعاد الروح إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا …… "
    إلى أن قال : " واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه قبر أو لم يقبر أكلته السباع أو احترق حتى صار رماداً ونسف في الهواء أو صلب أو غرق في البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور ، وما ورد من إجلاسه واختلاف أضلاعه ونحو ذلك ، فيجب أن يفهم عن الرسول  مراده من غير غلو ولا تقصير فلا يحمل كلامه مالا يحتمله ، ولا يقصر به عن مراده وما قصد من الهدى والبيان ، فكم حصل من إهمال ذلك والعدول عنه من الضلال والعدول عن الصواب مالا يعلمه إلا الله … "
    إلى أن قال : " فالحاصل أن الدور ثلاث : دار البيان ، ودار البرزخ ، ودار القرار وقد جعل الله لكل دار أحكاماً تخصها ، وركب هذا الإنسان من بدون ونفس ، وجعل أحكام الدنيا على الأبدان والأرواح تبعٌ لها ، وجعل أحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبع لها ، فإذا جاء يوم حشر الأجساد وقيام الناس من قبورهم صار الحكم والنعيم والعذاب على الأرواح والأجساد جميعاً .
    فإذا تأملت هذا المعنى حق التأمل ، ظهر لك أن كون القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار مطابق للعقل وأنه حق لا مرية فيه ، وبذلك يتميز المؤمنون بالغيب من غيرهم .
    ويجب أن يعلم أن النار التي في القبر والنعيم ليس من جنس نار الدنيا ولا نعيمها ، وإن كان الله تعالى حمي عليه التراب والحجارة التي فوقه والتي تحته ، حتى يكون أعظم حراً من جمر الدنيا ، ولو مسها أهل الدنيا لم يحسوا بها ، بل أعجب من هذا أن الرجلين يدفن أحدهما الى جنب صاحبه ، وهذا في حفرة من النار ، وهذا من روضة من رياض الجنة ، لا يصل من هذا إلى جاره شيء من حر ناره ، ولا من هذا إلى جاره شيء من نعيمه ، وقدرة الله أوسع من ذلك وأعجب ، ولكن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به علماً .
    وقد أرانا الله في هذه الدار من عجائب قدرته ما هو أبلغ من هذا بكثير ، وإذا شاء الله أن يطلع على ذلك بعض عباده أطلعه وغيّبه من غيره ، ولو أطلع الله على ذلك العباد كلهم لزالت حكمة التكليف والإيمان بالغيب ، ولما تدافن الناس كما في " الصحيح " عنه  : " لولا أن لا تدافنوا ، لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع " .

    ومما سبق يتبين لكل منصف طالب للحق أن عذاب القبر ونعيمه واقع لا محالة ، فالمؤمن ينعم في البرزخ على حسب أعماله ، والفاجر يعاقب على قدر أعماله ، ويختص كل عضو بعذاب يليق بجنايته ، وقد وردت أحاديث تدل على ذلك ، فأهل الغيبة الذي يقعون في أعراض الناس ويأكلون لحومهم ، ولا هم لهم إلا غثاء الألسن والتنقص من الناس وذكر عيوبهم وأشباه ذلك فأولئك تقرض شفاههم بمقاريض من نار في قبورهم ، وأما الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً وعدواناً وقهراً وغصباً حباً وطمعاً في الدنيا وزخرفها فأولئك تسجر بطونهم بالنار وتتأجج بها ، مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً " [ النساء ] فأكل مال اليتيم ظلماً بغير وجه حق من المهلكات الموبقات كما في الصحيحين : " اجتنبوا السبع الموبقات ، وذكر منهن : وأكل مال اليتيم . . . " وذكر ابن كثير في تفسيره من حديث أبي برزة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يبعث يوم القيامة القوم من قبورهم تأجج أفواههم ناراً " قيل : يارسول الله من هم ؟ قال : " ألم تر أن الله قال : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً " [ سكت عنه محمد نسيب الرفاعي في تيسير العلي القدير ] ، وأما أكلة الربا فيلقمون في قبورهم حجارة يأكلونها في بطونهم بسبب أكلهم للمال الحرام ، ويسبحون في أنهار الدم كما كانوا يسبحون في الكسب الخبيث ، وترض رؤوس النائمين عن الصلاة بالحجارة العظيمة ، وأما أهل الكذب ومن تمرسوا عليه فناموا وقاموا على الكذب فأولئك تشق أشداقهم إلى قفاهم ، ومناخرهم إلى قفاهم ، وأعينهم إلى قفاهم بكلاليب عظيمة من الحديد وذلك جزاءً وفاقاً ، فكما كانوا يكذبون الكذبة تبلغ الآفاق فإنهم يعذبون بالكلاليب من الحديد ، وتعلق النساء الزواني بثديهن ، ويحل بساحة الزناة والزواني عذاب شديد في قبورهم حيث يحبسون في تنور ـ فرن ـ محمي عليه فيأتيهم لهب من تحتهم فيصيحون ويصرخون ولا منقذ ولا نصير من مقت الله وعذابه ، فالله حرم الزنا وهم أحلوه ، والله توعد أهل الزنا بالنار وهم كذبوه ، فحاق بهم ما كانوا به يستهزءون ، وكل ذلك ثابت في صحيح البخاري من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه ، وتسلط الهموم والغموم ، والأحزان والآلام النفسية على أصحاب النفوس الضعيفة التي انكبت في الدنيا على الملاهي وإضاعة الأوقات النفيسة فيما حرم الله من لهو ولعب وبطالة ، فتصنع الآلام في نفوسهم كما يصنع الهوام والديدان في لحومهم ، حتى يأذن الله بانقضاء أجل العالم وطي الدنيا ، فتُمطَرُ الأرض أربعين مطراً غليظاً أبيض كمني الرجال ، فينبتون من قبورهم كما تنبت الشجرة والعشب ، ثم يأمر الله إسرافيل عليه السلام بالنفخ في الصور النفخة الثالثة وهي نفخة القيام لرب العالمين ، فتتشقق الأرض عنهم فإذا هم قيام ينظرون ، فيقول المؤمن : " الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور " ويقول الكافر والمجرم والعاصي والمذنب : " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ؟ هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون " [ يس 53 ] ، فيساقون إلى أرض المحشر حفاة عراة غرلاً بهماً ، ومع كل نفس سائق يسوقها ، وشهيد يشهد عليها ، وهم ما بين مسرور ومثبور ، وضاحك وباك ، قال تعالى : " وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * أولئك هم الفجرة الكفرة " [ المطففين ] ، حتى إذا تكاملوا جميعاً وتكاملت عدتهم وصاروا على وجه الأرض ، تشققت السماء ، وانتثرت الكواكب ، ونزلت الملائكة الكرام ، فأحاطت بهم ، بعد ذلك يجيء رب العالمين سبحانه وتقدس للفصل والقضاء ، فأشرقت الأرض بنوره ، وتميز المجرمون من المؤمنين ، ونصب الميزان ، وأحضر الديوان ، وتطايرت الصحف فآخذ صحيفته بيمينه وآخذ صحيفته بشماله أو من وراء ظهره ، فحينئذ تضطرب القدمان ويشيب الولدان ، ويوضع الصراط على ظهر جهنم وحينذاك يوقن المجرم والكافر بوقوع العذاب ، فيؤتى بالشهود ، فتشهد الأسماع والأبصار والجلود ، وتشهد الأرض ويشهد المكان ، وتشهد الألسن والأيدي والأرجل والأفخاذ ، فلم تبق جارحة إلا وشهدت وبالحق نطقت ، فياللفضيحة والعار ، وياللخزي والشنار لأهل الكفر والفجور في ذلك الموقف الرهيب العصيب ، فلا تزال الخصومة بين يدي الله عز وجل حتى يختصم الروح والجسد ، فيقول الجسد : إنما كنت ميتاً لا أعقل ولا أسمع ولا أبصر ، وأنتِ كنتِ السميعة المبصرة العاقلة ، وكنتِ تصرفينني حيث أردتِ ، فتقول الروح : وأنتَ الذي فعلت وباشرت المعصية وبطشت ، فيرسل الله سبحانه إليهما ملكاً يحكم بينهما ، فيقول : مثلكما مثل بصير وقعد ، وأعمى صحيح ، دخلا بستاناً ، فقال المقعد : أنا أرى الثمار ولا أستطيع أن أقوم ، وقال الأعمى : أنا أستطيع القيام ولكن لا أرى شيئاً ، فقال له المقعد : احملني حتى أصل إلى ذلك ، ففعلا ، فعلى من تكون العقوبة ؟ فيقولان : عليهما ، فيقول كذلك أنتما ثم تنصب كلاليب عظيمة القدر تعوق الناس عن العبور على حسب ما كانت تعيقهم الدنيا عن طاعة الله ومرضاته وعبوديته ، فناج مسلم ، ومخدوش مسلم ، ومقطع بتلك الكلاليب ، ومكردس في النار ، وقد طفئ نور المنافقين على الجسر أحوج ما كانوا إليه ، كما طفئ نور الإيمان من قلوبهم في الدنيا ، فيصرخون ويقولون للمؤمنين : " انظرونا نقتبس من نوركم " أي انتظرونا نأخذ من نور إيمانكم ما نجوز به الصراط ، فيقول لهم المؤمنون والملائكة : " ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً " أي ارجعوا إلى الدنيا فخذوا من الإيمان نوراً تستطيعون به أن تجتازوا تلك الكلاليب التي وضعت على ظهر جهنم ، فيفصل بينهم بسور له باب ، ولا يتجاوز الصراط إلا المؤمنون ، فحينئذ يأمنون من دخول النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض مما وقع بينهم من المظالم في الدنيا حتى يهذبوا وينقوا منها ثم يؤذن لهم بدخول الجنة .
    فإذا استقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، أتي بالموت في صورة كبش أملح ، فيوقف بين الجنة والنار ، ثم يُقال : يا أهل الجنة ؟ فيطّلعون وجلين ، ثم يقال : يا أهل النار ؟ فيطُلعون مستبشرين ، فيقال : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم ، وكلهم قد عرفه ، فيقال : هذا الموت ، فيذبح بين الجنة والنار ، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت ، ويا أهل النار خلود ولا موت .
    فهذا آخر أحوال هذه النطفة التي هي مبدأ الإنسان ، وما بين هذا المبدأ وهذه الغاية أحوال وأطباق قدّر العزيز العليم تنقل الإنسان فيها , وركوبه لها طبقاً بعد طبق ، حتى يصل إلى غايته من السعادة أو الشقاوة . قال تعالى : " قتل الإنسان ما أكفره * من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا شاء أنشره " [ عبس 17 – 22 ] .

    فعلى المسلم أن يستعد للرحيل ويتزود له بالعمل الجليل ، فقد دنت الآجال وتبددت الآمال ، فلابد من الاجتهاد في الطاعات وزيادة القربات ، فالكل متهيئ للسفر من دار الانتقال إلى دار القرار ، فاستعدوا أيها المسلمون أمر التقوى في القول والعمل واحذروا حب الدنيا والتفاخر بحطامها واكتساب آثامها ، فهي الهالكة والحالقة التي تهلك صاحبها وتحلق دينه وتذيب عقيدته ، فمن وراء ذلك أهوال عظام ، ووحشة وظلمات جسام ، وهناك الهموم والغموم ، والكروب وتضايق الأنفس ، فاعملوا لذلك الزائر الأخير ، هادم اللذات ومفرق الجماعات ، الذي لا يعوقه عائق ، ولا يضرب دونه حجاب ، وياله من نازل لا يستأذن على الملوك ، ولا يلج من الأبواب ، ولا يرحم صغيراً ، ولا يوقر كبيراً ، ولا يخاف عظيماً ، ولا يهاب أحداً ، وإن بعده أهوالاً عظاماً ، ووحشة وقبوراً ، وعذاباً ونعيماً ، فاستيقظوا من الغفلة ، واغتنموا دار المهلة ، فكل محاسب بما عمل ، فإن كان خيراً وعملاً صالحاً ، فذاك الفلاح والنجاح ، وذاك هو الفوز وتلك هي السعادة ، وإن كان شراً وعملاً قبيحاً ، فذاك هو الخسران المبين ، وتلك هي التعاسة والشقاء ، : " أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير " [ فاطر ] ، " أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله " ، " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة " ، " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً " ، إنها رحلة عجيبة تلكم الحياة التي يمر بها الإنسان ، فيبدأ من نطفة ثم علقة ثم من مضغة مخلقة ثم تكسى العظام لحماً ثم يكون جنيناً ثم يخرج إلى الحياة طفلاً ثم يشب يافعاً ثم يشيب فيصبح شيخاً ثم يهرم فينقضي أجله فيعود تراباً كما خلق من تراب ، ثم يقاسي في قبره أهوال القبور من نعيم وجحيم ، أنها مسيرة عجيبة غريبة من الناس من يسيرها كاملة ، ومنهم من يسيره جزءاً يسيراً منها ، ومنهم من يسير أكثرها ، قال تعالى : " واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " [ البقرة ] ، فالله الله في اغتنام فرصة العمر فيما يقرب إلى الله ويقرب إلى الجنان ويبعد عن النيران ، والحذر كل الحذر من إشغال الوقت بما لا فائدة فيه ، فيعود على صاحبه بالنقمة والحسرة والندامة.

    اللهم وفقنا للأعمال الصالحة ، واغتنام الأوقات بالعلوم النافعة ، اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك ، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، اللهم أمنا من عذاب القبر وعذاب النار إنك على كل شيء قدير ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
    إثبات عذاب القبر وعود الروح إلى الجسد

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى ءاله وأصحابه الطيبين الطاهرين. أما بعد فيقول عزوجل في القرءان الكريم : النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب ( سورة غافر / ءاية 46 ) . اعلم رحمنا الله وإياك أن من معاني الشهادة الثانية أي أشهد أن محمداً رسول الله أن يصدق الإنسان بعذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين منكر ونكير عليهما السلام، فمن أنكر عذاب القبر كذب القرءان ومن كذب القرءان كفر ، فهذه الآية فيها إثبات عذاب القبر وهي صريحة لأن الله تعالى قال : ] النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة.

    معناه أن ءال فرعون أي أتباعه الذين اتبعوه على الكفر والشرك يعرضون على النار في البرزخ أي في مدة القبر والبرزخ ما بين الموت إلى البعث يعرضون على النار عرضاً من غير أن يدخلوها حتى يمتلئوا رعباً أول النهار مرة وءاخر النهار مرة ووقت الغداة من الصبح إلى الضحى وأما العشي فهو وقت العصر ءاخر النهار ويوم تقوم الساعة أي يقال للملائكة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب وءال فرعون هم الذين عبدوه واتبعوه في أحكامه الجائرة ليس معناه أقاربه ثم هناك ءاية أخرى تثبت عذاب القبر؛ فقد قال عز وجل : ] ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى [ ( سورة طه / ءاية 124 ) .

    المعنى أن الكفار الذين أعرضوا عن الإيمان بالله تعالى إذا ماتوا يتعذبون في قبورهم وليس المراد بـ (معيشة ضنكا ) معيشة قبل الموت إنما المراد حالهم في البرزخ ، وكلمة ( ذكري ) هنا معناها الإيمان بالله سبحانه وبالرسول ليس المراد بها الذكر المعروف وهو قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ونحو ذلك . وهذه الآية عُرف أن المراد منها عذاب القبر من الحديث المرفوع إلى النبي الذي فسر هذه الآية ( معيشة ضنكا ) بعذاب القبر رواه ابن حبان وفي هذا قال الرسول الكريم لأصحابه : (( هل تدرون في ماذا أنزلت ] فإن له معيشة ضنكا [ قالوا : الله ورسوله أعلم : قال عذاب الكافر في قبره))... الحديث .

    وفي هذا دليل أيضاً على أن الميت في القبر بعد عودة الروح إليه يكون له إحساس بالعذاب إن كان من المعذبين للكفر أو للمعاصي . وقد قال الرسول : ((القبر إما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة )) رواه الترمذي من حديث أبي سعيد . وقد قال مسروق رحمه الله : (( ما غبطت أحداً ما غبطت مؤمناً في اللحد، قد استراح من نصب الدنيا وأمِِنَ عذاب الله تعالى )) . وقد حدّث ثابت البناني رحمه الله قال : دخلت المقابر فلما قصدت الخروج منها فإذا بصوت قائل يقول : يا ثابت لا يغرنَّك صموت أهلها فكم من نفس مغمومة فيها .

    ولنرجع قليلاً إلى الآيتين السابقتين فيتبين أنهما واردتان في عذاب القبر لكل الكفار أما العصاة المسلمون من أهل الكابئر الذين ماتوا قبل التوبة فهم صنفان : صنف يعفيهم الله من عذاب القبر وصنف يعذبهم ثم ينقطع عنهم ويُؤخّر لهم بقية عذابهم إلى الآخرة . وليعلم أنه لا يقال إن الميت إذا كان يرى في القبر في هيئة النائم ولا يُرى عليه شيء من الاضطرابات ولا يصرخ فإذاً هو ليس في عذاب؛ فقد قال بعد الفقهاء : (( عدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود )) فإذا نحن لم نرى الشيء بأعيننا فليس معناه أن هذا الشيء ليس موجوداً ؛ فكثير من الأمور أخفاها الله عنّا وبعضها يكشفها الله لبعض عباده .

    تأكد عذاب القبر بسبب الغيبة وعدم الاستنـزاه من البول

    روى البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى عن ابن عباس : مرّ رسول الله على قبرين فقال : (( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير إثم قال بلى أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستـتر من البول )) ثم دعا بعسيب رطب فشقه اثنين فغرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ثم قال: (( لعله يخفف عنهما )) فهذا الحديث بعد كتاب الله حجّة في إثبات عذاب القبر ، الرسول مر على قبرين فقال : (( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير إثم )) ثم قال : (( بلىأي بحسب ما يرى الناس ليس ذنبهما شيئاً كبيراً لكنه في الحقيقة ذنب كبير لذلك قال : (( بلى أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة )) وهي نقل الكلام بين اثنين للإفساد بينهما ، يقول لهذا فلان قال عنك كذا ويقول للآخر : فلان قال عنك كذا ليوقع بينهما الشحناء، وأما الآخر فكان لا يستنـزه من البول أي كان يتلوث بالبول وهذا من الكبائر فقد قال عليه الصلاة والسلام : (( استنـزهوا من البول فإنّ عامة عذاب القبر منه )) رواه الدارقطني من حديث أبي هريرة .

    ومعناه : تحفظوا من البول لئلا يلوثكم ، معناه لا تلوثوا ثيابكم وجلدكم به لأن أكثر عذاب القبر منه . هذان الأمران بحسب ما يراه الناس ليسا ذنباً كبيراً لكنهما في الحقيقة عند الله ذنب كبير ، فالرسول رءاهما بحالة شديدة وأنهما يُعذبان وليس من شرط العذاب أن تمسَّ جسده النار ، الله جعل عذاباً كثيراً غير النار في القبر، الرسول رأى ذلك وبعض المؤمنين الصالحين يرون ذلك ويرون النعيم والأدلة كثيرة نذكر منها حديث رواه ابن حبان أن التقي بعد سؤال منكر ونكير عليهما السلام قال الرسول : (( ثم يُفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ذراعاً )).

    والذراع الشرعي من رءوس الأصابع إلى المرفق ، حوالي نصف متر وينور له فيه ويقال له : نم كنوم العروس الذي لا يوقظه إلا أحبُّ أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ، كذلك التقي يشم من رائحة الجنة ويرى مقعده من الجنة الذي يتبوءه بعد الحساب وذلك أنّ روحه تؤخذ إلى مكان قرب الجنة فيرى مقعده فيعرف فضل الإسلام حين ذلك معرفة عيانية كما كان يعرف في الدنيا معرفة يقينية قلبية . وبعض المتقين يزيد في النعيم بأن يُوسَّع قبره مد البصر كما حصل للصاحبي الجليل العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه الذي كان من أكابر الأولياء لما نبشوا قبره بعد دفنه في أرض مسبعة لينقلوه إلى مكان أخر وجدوا قبره يتلاطم بالأنوار ، كذلك من النعيم يأتيه من نسيم الجنة لما يُفتح له في قبره باب إلى الجنة كذلك يُملأ قبره خضرة أي يوضع في قبره من نبات الجنة الأخضر وهذا النعيم كله حقيقي ليس وهماً لكن الله يحجب ذلك عن أبصار الناس أي أكثرهم، أما أهل الخصوصية من عباد الله الكاملين فيشاهدون. والحكمة في إخفاء الله حقائق أمور القبر وأمور الآخرة ليكون إيمان العباد إيماناً بالغيب فيعظم ثوابهم وقد ورد في الحديث أن الرسول قال : (( ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه )) رواه الترمذي والحاكم.

    وقد روي أن سفيان الثوري رحمه الله قال : ((من أكثر ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار )) وكان الربيع بن خيثم رحمه الله قد حفر قبراً في داره فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فيه فاضطجع فيه ومكث ساعة ثم قال : ] ربّ ارجعونِ لعلي أعمل صالحاً فيما تركت [ ( سورة المؤمنون / ءاية 99-100 ). ثم قال : يا ربيع قد أرجعت فاعمل الآن قبل أن لا ترجع ، فرحم الله أولئك الرجال كم كانوا عظماء وكم كانوا خائفين من الله وكم كانوا عاملين للآخرة زاهدين في الدنيا راجين رحمة ربّهم خائفين عذابه رزقنا الله الاقتداء بهم ءامين .

    عود الروح إلى الجسد في القبر

    اعلم أنه ثبت في الأخبار الصحيحة عود الروح إلى الجسد في القبر كحديث البراء بن عازب رضي الله عنه الذي رواه الحاكم وأبو عوانه وصححه غير واحد وفيه ويعاد الروح إلى جسده . وأما حديث ابن عباس مرفوعاً : (( ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام)) رواه ابن عبد البر وعبد الحق الإشبيلي وصححه . ونحن نؤمن بما ورد في هذا الحديث ولو لم نكن نسمع ردّ السلام من الميت لأن الله حجب عنا ذلك ويتأكد عود الحياة في القبر إلى الجسد مزيد التأكد في حق الأنبياء فإنه ورد من حديث أنس عن النبي عليه الصلاة والسلام : (( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون)) رواه البيهقي .

    إثبات عود العقل إلى الميت في القبر

    فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ذكر فتَّاني القبر فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أترد علينا عقولنا يا رسول الله قال : (( نعم كهيئتكم اليوم)) قال : فبفيه الحجر ، ومعنى الفتَّان الممتحن ، منكر ونكير سُمّيا بذلك لأنهما يمتحنان الناس ولأنهما مخوفان فقد ورد في الحديث الذي رواه ابن حبان أن الرسول قال : (( إذا قُبر الميت أو الإنسان أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما منكر وللآخر نكير فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد )) ...

    الحديث ، وقوله رضي الله عنه : أترد علينا عقولنا يعني السؤال فقال له الرسول : (( نعم كهيئتكم اليوم )) أي يكون الجواب من الجسم مع الروح فقال عمر : فبفيه الحجر ، أي ذاك الخبر الذي لم أكن أعرفه وسكت وانقطع عن الكلام معناه ليس له حُجّة على ما كان يظن ، هو كان يظن أنه لا ترد عليهم عقولهم فلما قال له الرسول بأنه تُرد عليهم عقولهم عرف خطأ ظنّه. واعلم يا عبد الله أنه بعد دفن الإنسان يأتيه ملكان أسودان أزرقان أي لونهما ليس من السواد الخالص بل من الأسود الممزوج بالزرقة وهذا أخوف ما يكون من الألوان حتى يفزع الكافر منهما، أما المؤمن التقي لا يخاف منهما ، الله تعالى يثبته يلهمه الثبات وهما لا ينظران إليه نظرة غضب .

    أما الكافر يرتاع منهما وقد سميا منكراً ونكيراً لأن الذي يراهما يفزع منهما وهما اثنان أو يكون هناك جماعة كل واحد منهما يسمى منكراً وجماعة كل واحد منهما يسمى نكيراً ، فيأتي إلى كل ميت اثنان منهم واحد من هذا الفريق وواحد من الفريق الآخر . وليعلم أن مُنكِر سؤال الملكين منكر ونكير عناداً كافر . الله يثبتنا عند سؤال الملكين بجاه سيد الكونين سيدنا محمد وبجاه المرسلين والملائكة المقربين والأولياء والصالحين
    عذاب القبر ونعيمه

    رواه الإمام أحمد عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: "استعيذوا باللّه من عذاب القبر - مرتين أو ثلاثاً - ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من اللّه ورضوان - قال: فتخرج تسيل كما يسيل القطر في السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة، فيقول اللّه عز وجلَّ: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فتعاد روحه، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي اللّه، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فيقولان له: وما عملك؟ فيقول: قرأت كتاب اللّه فآمنت به وصدقت، فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له قبره مد البصر - قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول:رب أقم الساعة، رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
    قال: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال على الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من اللّه وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح فلا يفتح له - ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} فيقول اللّه عزَّ وجلَّ: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً - ثم قرأ: {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق}، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم، فيقول: هاه هاه لا أدري، فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر؟ فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تقم الساعة.
    وفي الحديث عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا اخرجي أيتها النفس المطمئنة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فيقولون ذلك حتى يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقولون: فلان، فيقال: مرحباً بالنفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فيقال لها ذلك، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها اللّه عزَّ وجلَّ، وإذا كان الرجل السوء قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج، فيقولون ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقولون: فلان، فيقولون: لا مرحباً بالنفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة، فإنه لم يفتح لك أبواب السماء، فترسل بين السماء والأرض، فتصير إلى القبر" (رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن جرير واللفظ لهالمنجيات من عذاب القبر


    الذي ينجي المرء من عذاب القبر بإذن الله هو أن يكون مستعدا للموت مشمرا له ، حتى إذا فاجأه الموت لم يعض أصبع الندم ، ومن الاستعداد للموت الإسراع في التوبة ، وقضاء الحقوق ، والإكثار من الأعمال الصالحة ، فبالإيمان والصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد وبر الوالدين وصلة الأرحام ، وذكر الله عز وجل وغيرها من الأعمال يحفظ الله عبده المؤمن ، وبها يجعل الله له من كل ضيق فرجا ، ومن كل هم مخرجا وقد أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أن الأعمال الصالحة تحرس الإنسان في قبره ، يقول ابن تيمية ( في الحديث المشهور حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه أبو حاتم في صحيحه ، وقد رواه الأئمة قال : ( إن الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه ، فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، وكان الصيام عن يمينه ، وكانت الزكاة عن يساره ، وكان فعل الخيرات من الصدق والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه ، فيؤتى من عند رأسه فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يمينه ، فيقول الصيام: ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يساره ، فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى من قبل رجليه ، فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والإحسان إلى الناس : ما قبلي مدخل ، فيقال له : اجلس ، قد مثلت له الشمس وقد دنت للغروب ، فيقال له : ما هذا الرجل الذي كان فيكم ، ما تقول فيه ؟ فيقول : دعوني ، حتى أصلي ، فيقولون : إنك ستفعل، أخبرنا عما نسألك عنه ، فقال : عم تسألوني ؟ فيقولون : ما تقول في هذا لرجل الذي كان فيكم ، ما تشهد به ؟ فيقول : أشهد أنه رسول الله وأنه جاء بالحق من عند الله ، فيقال: على ذلك حييت ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله تعالى، ثم يفتح له بابا من أبواب الجنة ، فيقال له : ذلك مقعدك منها، وما أعد الله لك فيها ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يفتح له بابا من أبواب النار ، فيقال : ذلك مقعدك منها ، وما أعد الله لك فيها [ لو عصيت الله ] ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا ، وينور له فيه ، ويعاد جسده كما بدئ ، وتجعل نسمته في نسم الطيب ، وهي طير تعلق في شجر الجنة )
    الاستعاذة بالله من عذاب القبر : لما كانت فتنة عذاب القبر من الأهوال الكبار ، والشدائد العظيمة ،
    فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من ذلك في صلاته وفي غير الصلاة ، وكان يأمر أصحابه بذلك. فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعوا فيقول : ( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ، والجبن والبخل والهرم ، وأعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ) رواه أحمد وعن عائشة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم ، ومن فتنة القبر ، وعذاب القبر .. ) ، عزاه الألباني في صحيح الجامع إلى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه ( تعوذوا من عذاب القبر ) ، فيقولون : ( نعوذ بالله من عذاب القبر ) رواه مسلم وكان يقول لهم: ( استجيروا بالله من عذاب القبر ، فإن عذاب القبر حق ) رواه الطبراني وكان يأمرهم أن يستعيذوا من أربع فيقول ( استعيذوا بالله من عذاب القبر، استعيذوا بالله من جهنم ، استعيذوا بالله من فتنة المسيح الدجال ، استعيذوا بالله من فتنة المحيا والممات ) ، عزاه في صحيح الجامع إلى الترمذي والنسائي وكان يأمرهم بالاستعاذة في الصلاة بعد التشهد من عذاب القبر ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع . يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال) رواه مسلم



    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



  2. #2
    الصورة الرمزية سلسبيل الحياه
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    12- 2005
    العمر
    39
    المشاركات
    705
    بارك الله فيك اخى

    وجزاك الله كل خير


    ارق تحيه لك وننتظر جديدك

  3. #3
    الصورة الرمزية مسألة وقت
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    05- 2006
    العمر
    44
    المشاركات
    245
    تسلمين اختي سلسبيل الحياه على مرورك والف شكر تستحقين الثناء

  4. #4
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307
    مساااااااااااء جميل ...

    اللهم ارزقنا الجنة ...... يااااااااااااارب!!

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML