نشأ علم الكيمياء الكونية أثر ظهور عصر الفضاء, أي منذ حوالي أربعين عاما ولكن ما هي المواضيع الرئيسة في هذا العلم؟
يدرس العلم المذكور كيمياء الأجسام الكونية باستثناء الأرض, وبالتالي تغطي دراسته العناصر والمركبات الكيميائية والفلزات ومجمل العمليات الكيميائية لا سيما تلك التي تؤدي إلى تشكل الأجسام الكونية المختلفة.
تصنف الكيمياء الكونية في زمرة متوسطة تقع بين علم الكيمياء التقليدي وعلم الكيمياء الجيولوجية(الجيوكيمياء), إن لهذا التصنيف ما يبرره فالكيمياء الكونية تعتمد الكثير من وسائل الجيوكيمياء وينطبق ذلك بشكل مباشر على العينات التي تجلب من الفضاء بقصد فحصها في المخابر الأرضية ، حيث تجرى اختبارات كيميائية جيولوجية كاختبارات صور الأشعة السينية لتحديد هوية العينات وطرائق تحديد العمر بسبر شدة النشاط الإشعاعي , كذلك تفحص السطوح الصقيلة بإطلاق دفقات من الإلكترونات, وتطبق أيضا في الكيمياء الكونية أساليب غير مباشرة لمعرفة تركيب الأجسام الكونية البعيدة فالضوء القادم من النجوم مثلا يوفر معلومات قيمة عن العناصر والمركبات الموجودة فيها, أما الأمواج الراديوية فتكشف النقاب عن العناصر والمركبات الموجودة في الفضاء بين النجوم0
تدلنا الكيمياء الكونية على أن الشمس تتركب من 77% هيدروجين و21% هيليوم و2% من العناصر الأخرى, أما كواكب المجموعة الشمسية فإضافة للعناصر الكيميائية المعروفة نجد فيها مركبات مختلفة كالماء والنشادر وغاز الفحم والميثان بنسب متفاوتة.
هذا و تدرج في فصول علم الكيمياء الكونية الأبحاث الخاصة بالتركيب الكيميائي للحياة خارج الأرض.
وهنالك تساؤل قد طرح حديثا ؟؟وهو "تستخدم الحياة على الأرض عشرين حمضاً أمنياً وقد اكتشف العلماء حتى الآن أكثر من مئة حمض أميني طبيعي. فهل يا ترى توجد حياة خارج الأرض تستخدم حموضاً أمينية مختلفة" , وللإجابة على هذا التساؤل قام فريق من العلماء بتنمية أحد أنواع البكتريا التي لم يكن بمقدورها أن تصنع الحمض الأميني الضروري المعروف باسم تريبتوفان, زود العلماء البكتريا بالحمض الأميني المذكور كمادة مغذية وأضافوا إليه الحمض الأميني المصنع فلور تريبتوفان , يسبب هذا الحمض التسمم لأشكال الحياة الأرضية( لكن ليس من المستبعد أن يكون قاعدة للحياة في مجرة بعيدة), لدى استبدال كامل للحمض الأميني السام بالحمض الأميني الأول ماتت كل البكتيريا في سياق ثلاثة أجيال متتالية ,ولكن كيف استمرت التجربة بعد ذلك؟ خفض العلماء نسبة الحمض الأميني السام إلى 95% وأبقوا من الحمض الأول نسبة 5%, نمت البكتيريا أثر ذلك وتكاثرت, لكن معدل النمو والتكاثر كان منخفضاً بعد فترة طويلة اجتازت البكتيريا أثناءها عدداً كبيراً من أجيال متتالية عادت تدريجياً إلى معدل نموها المعتاد وكأنما قد حدثت طفرة أصبحت البكتيريا بموجبها قادرة على التلاؤم مع الحمض الأميني السام, عزل العلماء الأجيال المتأخرة من البكتيريا وغذوها بنسبة 100% من الحمض الأميني السام, كانت المفاجأة مذهلة فقد استطاعت البكتيريا أن تغير تركيبها وأن تتظاهر كنمط حي غريب كل الغرابة يدخل في تركيبه حمض أميني تنبذه كل أشكال الحياة على الأرض. خلص العلماء من هذه التجربة المثيرة إلى نتيجتين
1- احتمال أن تكون الحياة خارج الأرض قد تبنت حموضاً أمينية مغايرة وأن تماس كائنين حيين أحدهما من الأرض والآخر من الحياة الكونية البعيدة يؤدي إلى موت الكائنين بسبب السمية الكيميائية, وهذا يعني أن رواد الفضاء الذين سينطلقون من الأرض لسبر البقاع البعيدة من المجموعة الشمسية والكون عليهم أن يكونوا على حذر تام فيما يتعلق بأنواع الحياة التي قد يصادفونها على كوكب بعيد أو قد تكون تلك الأنواع سامة للأسباب المبينة, إن عدداَ لا يستهان به من أدبيات الخيال العلمي تهمل هذه الحقيقة وتصور رواد الفضاء وقد أخذوا يلتهمون النباتات التي يقعون عليها أثناء رحلاتهم الكونية البعيدة. يتوجب على هؤلاء الرواد أن يأخذوا معهم مخابر بيولوجية كيميائية لاختبار أية مادة غير أرضية والتأكد من سلامتها الكاملة قبل استخدامها كغذاء أو حتى ملامستها بالأصابع.
2- والنتيجة الأهم هي إمكانية تخليق سلالات جديدة من كائنات كونية غريبة انطلاقاً من كائنات أرضية مألوفة, وفق هذا التصور تطلق البكتيريا الأرضية إلى أهداف كونية متعددة وتبرمج لإمكانية استيعاب حموض أمينية غريبة وتوليد أجيال جديدة مغايرة والتطور في غضون ملايين ومئات الملايين من السنوات إلى كائنات متقدمة مغايرة بدورها , بكلمات أخرى يمكن توسيع التجربة إلى المقياس الكوني, وبالتالي فليس من المستبعد أن تسعى الكائنات الكونية المتقدمة في حال وجودها؟!!ا إلى ملاحقة الأنماط الحياتية الأرضية للحصول على بنى حياتية مستحدثة تستوعب المزيد من المعارف الكونية.


منقول للافادة

منل
منقول