[ALIGN=CENTER]كيف أرثيك يا صاحي
وأنت بين الخاطر والخاطر تحضرني
وحين أجدني أشفقت عليك بالرثاء
أشعر بالذنب وأكره نفسي.
وأرثيني وفوق عيني سحابة شتاء
أنا لا أستذرف الدمع
وأقولها صريحة..فمشاعري بيداء
وهذا عالم دميم
وملعون من أراد إليه الانتماء
***
كيف أرثيك يا صاحي
وبين الآه والآه يمتد جرحي
إن أنا تصفحت سيرتك البيضاء
فبحق السماء
قل لي من منا يستحق الرثاء
أطيفك الراحل إلى السماء
أم حطامي المتناثر على الثرى؟
***
وأسأل عنك كل الأصدقاء
فيجيبني صمت رهيب وذهول..
أنت أخي علوت إلى العلياء
ونحن اخترنا ذل البقاء
اخترنا الموت مرتين
اخترنا الاحتراق..والحزن..والبكاء
***
كيف أرثيك يا صاحي
وأنت بين الغصة والغصة تخنقني
وتملؤ الأيام الآتية شقاءً
وحين أحاول أن أرثيك
أحتقرني وتفور من عروقي الدماء
فهذه القصيدة "مشرحة "
وبين السطور أطراف منك وأشلاء
وأرثيني فأنا الوضيع المدنس بحب الحياة
وأرثي لحال الدنيا ولكل الأحياء
***
أذكر أسلوبك المتسامح
وبساطتك في كل الأشياء
أذكر طريقتك الطليقة
في التعبير عن الاستياء
أذكر البسمة الخفيفة على وجهك
وملامح الإعياء
وأذكر أنك بين الموت والإغماء
اغتالتك استشارة طبية
سأذكر جيدا أنك كنت هنا
واجفا , هامدا على السرير كالمومياء
وأذكر أيضا
أن آلاف الأبرياء
قضوا نحبهم في المستشفيات العمومية
سأضرج الورق بعواصفي الهوجاء
سأبكيك بدماء حبري
وأفضح طغمة الأوغاد اللقطاء
وأقول في كل درب أن المجرمين
هم أصحاب الوزرة البيضاء
وسأبكيك بنزيف الروح
وأسب الكلاب , الأنذال , الجبناء
سأقول في التحقيق
أن صديقي كان آخر حديثه بالإيماء
وأن آخر أنفاسه
كانت كلها كبرياء
وسأبكيك بخفق الفؤاد
وأواريك بنظراتي خلف السماء
وأعج صاخبا مغضبا
وأصرح أنهم كلهم في الجريمة شركاء
ولن أواري سوءة المتآمر الحقير
وسأبصق على الوجوه ودون استحياء
على طوال الدقون
أصحاب البدلات والليالي الحمراء
***
سأبكيك
سأبكيك رغما عني
وكلما أتى الهواء بهواء
سأذكر نفحات عطرك صاحي
وأذكر أنك كنت آخر الأنبياء
وأنك كنت تزين عصبتنا
ومجلسنا عند الساقية لدى كل مساء[/ALIGN]