بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد؛ فقد تلقّّينا بكلّ دهشة واستغراب ما فاجأ به وزيرُ الشئون الدينيّة

الشعبَ التونسي في حوار نشرته جريدة الصباح التونسية

بتاريخ 27 ديسمبر 2005 من الهجوم على أحد الأحكام الشرعية الذي

دلّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهّرة، وإجماع المسلمين

وهو تكليف المرأة وجوبا بارتداء الخمار واللباس الساتر لسائر بدنها

ما عدا الوجه والكفين، شأنها شأن الرجل بتكليفه بستر ما لا يجوز له كشفه، حتى

عُدّ هذا الحكم ممّا هو معلوم من دين محمّد صلى الله عليه وسلم بالضرورة.

وقد سمح الوزير لنفسه أن يصف لباس المرأة الشرعي بالدخيل والزيّ الطائفي

والنشاز وغير المألوف عند التونسيين، وذلك إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على

عدم معرفته بأحكام الدين وجهله بتاريخ هذا الشعب وتراثه.

ونحن من واجب الوفاء بالعهد الذي أخذه الله على العلماء أن يبيّنوا للناس دينهم

ولا يكتمونه، نشجب تصريحات الوزير وندينها ونعتبره قد خان الشعب التونسي في

الأمانة التي أنيطت بعهدته وهي السهر على نشر الدين دون تحريف أو زيغ.

وإذا كان المجال لا يسمح باستعراض الأدلّة الشرعية على ما أنكره، فإننا نرى

من الواجب أن نقوم بتبرئة إمامنا وشيخنا محمد الطّاهر بن عاشور رحمه الله تعالى

ممّا يقوم به البعض من الكذب عليه في هذا المجال بنسبته إلى القول بأنّ

ستر المرأة شعرها غير واجب!

هذا الرجل الذي طالما سلّطت حملات التشويه والكذب عليه.

ونكتفي هنا بذكر هذه الفقرة من كلامه في شرح قوله تعالى

) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا...(
[النور: 31]

قال رحمه تعالى " ونُهين – أي النساء - عن التساهل في الخُمرةِ .

والخمار: ثوب تضعه المرأة على رأسها لستر شعرها وجيدها وأذنيها.

وكانت النساء ربّما يسدلن الخمار إلى ظهورهن كما تفعل نساء الأنباط فيبقى

العنق والنحر والأذنان غير مستورة؛ فلذلك أُمرن بقوله تعالى
) وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ( .

والضرب: تمكين الوضع.

والمعنى: ليشددن وضع الخمر على الجيوب بحيث لا يظهر شيء من بَشَرَةِ الجِيد.

والجيْب: هو طَوق القميص ممّا يلي الرقبة. والمعنى: وليضربن خمرهنّ على

جيوب الأقمصة بحيث لا يبقى بين منتهى الخمار ومبدأ الجيب ما يظهر منه الجِيد..".
( التحرير والتنوير ج 8 ص 208).

ونتوجه إلى الشعب التونسي بالحقائق التالية:

* إنّ ارتداء المرأة الخمار واللباس الساتر لجسدها ما عدا وجهها وكفّيها واجب
في الدين وجوب الصلاة والزكاة والصيام وسائر أحكام الشرع الواجبة.

* إن وزير الشؤون الدينية معروف بأنّه من خرّيجي كليّة الآداب اختصاص اللغة الفرنسية.

* إن المرأة التي تعمل تحت إشرافه المدعوّة (السوائحي) التي ترفض الخمار
وتطعن فيه، قد استحسنت وباركت في إحدى الندوات ما قامت به فرقة البهائية في
أمريكا من تقديم امرأة للإمامة في صلاة الجمعة.

* ونحن إذ نبرأ إلى الله تعالى من مثل هذه التصريحات، نطالب وزير الشؤون الدينية
بما يلي:

أن يتوب إلى الله تعالى مع الإعلان عن توبته على صفحات الجرائد حتى يعلمها
الشعب التونسي.

* أن يعتذر للشعب التونسي عن التصريح الذي أدلى به إذ كان تصريحه مصادما
لعقيدة الشعب التونسي وأحكام دينه وقيمه الحضارية.

* أن يخجل من نفسه حين أرسل يوم 10 فيفري/ فبراير 2006 تعليمات شفاهية
غير مكتوبة للأئمة الخطباء بكامل الجمهوريّة يأمرهم بعدم التحدّث عن الرسوم
المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي كان علماء الدين بالبلاد
وسائر أفراد الشعب ينتظرون منه موقفا يعبّر به عن غضب الشعب التونسي لانتهاك
حرمة سيّدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم من قِبل بعض المؤسّسات الإعلاميّة
الغربيّة. ولكن يبدو أنّه غير مؤهّل لا هو ولا مفتي الجمهوريّة ولا (جّلول الجريبي)
رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ولا أعضاؤه بأن ينالهم شرف الدفاع عن سيّدنا
ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والغيرة على عرضه وكرامته وشريعته
وليبلغ الشاهد الغائب.


والسلام على من إتبع الهدى.


ثلة من مشائخ وعلماء تونس


منقول من الحوار نت www.alhiwar.net