تحية طيبة أخي عبد الله الشعيب أرى أن الكلام بدأ
يحلو أكثر فأكثر وهذا ما يعجبني في الحوار
والنقاش وكم أحب التفتيش والتنقيب عن كل ما
يفيد وسوف أدخل بمحاورتي هذه التي أرجو أن
تنال الرأي الآخر من مفهومي للحضارة بشكل أو بآخر
من الشائع لدينا أننا نردد دائما كلمة الحضارة الإسلامية
أو الحضارة العربية في إشارة إلى أمجاد ماضية تعود
إلى العصور الإسلامية الأولى أو إلى العصر الأموي
أو العباسي وربما يأخذنا العمق التاريخي إلى
اعتبار حضارة وادي الرافدين ووادي النيل انطلاق
لمفهومنا الحضاري، وفي الحقيقة إننا نحمل من قيم
البداوة الشيء الكثير بقدر ما نحمل من قيم التمدن
التي اكتسبناها من الحضارة الغربية التي تتطور
بسرعة كبيرة وقيم البداوة ورثناها من مجتمعاتنا في
حين أن قيم التمدن اكتسبناها من حياتنا المعاصرة
التي ترتكز على أدوات الحضارة الغربية.
وكذلك أحب أن أذكر لكم عن الغربيون والمسلمون
يا أخي الكايد وعبدالله ورحال وكل من يحب أن يقرأ
ويستمتع ويستفيد من حوارنا ونقاشنا
حاول الغربيون إبعاد حضارتهم عن الأمور
الروحية والدينية فيما انفرد العرب والمسلمون
بالتمسك فيها ووسم حضارتهم بلونها لتصبح
الحضارة الإسلامية مفردة ومتداولة لجميع الحضارات
لقد أفرز الاهتمام فيهذه الدائرة العربية والإسلامية
بالعلاقة بين الحضارات، والاتجاهات الفكرية حول
نمط هذه العلاقة
يمكنني الآن يا أخي عبد الله وأخي الكايد
ورحال وكل الموجودين التوقف عند بعض ملامح رؤيتي
عن "حوار الحضارات" وتتلخص هذه الملامح
في مجموعتين: أحدهما نظرية وتدور حول
عناصر التأصيل النظري لهذا المجال؛ والثانية حركية
تدور حول إمكانيات وجود تيار رئيسي فكري عربي
حول حوار الحضارات في المرحلة الراهنة المتأزمة
من التاريخ العربي والإسلامي.
إن مفهوم (حوار الحضارات) ينطلق من وجود حضارات
مختلفة ذات جذور وأسس دينية أو ثقافية كالحضارة
الإسلامية, والحضارة الغربية, والحضارة الهندوسية,
والحضارة الكونفوشية, ومفهوم الحضارة نفسه مفهوم
خلافي رجراج يحتاج إلى تقليب ومراجعة ووجود هذه
الاختلافات الحضارية يؤدي بالضرورة إلى ظهور تناقضات
بين أبناء تلك الحضارات وهو تباين قد يأخذ أشكالاً
بسيطة قابلة للحل والإزالة كسوء الفهم, ولكنه قد
يأخذ أشكالاً جذرية وعميقة كالتطهير العرقي والديني.
وإذا أردنا أن نخفف من ذلك التوتر أو أن نزيله فلابد
من (حوار الحضارات) الذي جوهره التعارف بين الشعوب
ولكن.. كيف يكون هذا الحوار؟ وكيف يمارس؟ وما هي آلياته وأساليبه وأشكاله العملية؟
إن تنوير الناس بالحضارات الأخرى وإطلاعهم على
أساسياتها وقيمها ومعتقداتها وعاداتها وتقاليدها هو
السبيل لـ (حوار الحضارات) فالإنسان عدو لما يجهل,
وصديق أو أقل عداءً لما يعرف.
أن التنوع بين الحضارات يوفر مصادر ثرية للمعرفة،
والتفاعل البناء بين الحضارات هو الذي مكن الإنسانية
من إعمار الأرض على مر العصور وأنجز حضارة
إنسانية تشكل اليوم إرثاً مشتركاً للبشرية..
و لتوجيه هذا التنوع لا لتزكية النعرات العنصرية
أو الشوفونية أو الوطنية
المتطرفة وهي النعرات التي كانت وراء جميع الحروب
والفظائع التي ارتكبت
على مر العصور، بل لتشجيع التفاهم بين الشعوب
وتعزيز التسامح بين
البشر والبحث عن أرضية مشتركة بين الحضارات
لتعزيز القيم المشتركة
بينها وتبادل الإثراء الحضاري مع الحفاظ على الموروث
الثقافي والخصوصية لكل حضارة.
وهنا أحب أن أطرح هذا السؤال التالي وأجد أجابة شافية عليه ؟؟؟
1= ما مفهوم التحضر؟ وما حقيقة الحضارة؟ ومتى نحكم لشخص أو لمجتمع بأنه متحضر؟
أعذروني على الإطالة ولي عودة مرة أخرى
أختكم همس الندى