النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: امنيات الموتى

  1. #1
    الصورة الرمزية جنة عدن
    Title
    نبض مبــدع
    تاريخ التسجيل
    03- 2004
    المشاركات
    2,913

    امنيات الموتى

    السلام عليكم ورحمة اله وبركاته
    قرات اليوم هذا الايميل على بريدي واعجبني جدا واحببت ان اشارككم به
    وجزا الله كاتبه خيرا
    ================================================== =

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد،
    فإن لكل إنسان في هذه الحياة أمان كثيرة ومتعددة، وتتفاوت هذه الأماني وتتباين وفقا لاعتبارات عديدة، منها: البيئة التي يعيش فيها الفرد، والفكر الذي تربى عليه، والأقران الذين يحيطون به.
    فلو سألت إنسانا ما أمنيتك في هذه الحياة ؟ فإن كان من وسط فقير، وعاين الفقر وأحس بألمه واكتوى به، تمنى أن يعيش غنيا، وأن يملك العقارات والسيارات؛ ليعيش منعما كما يتنعم غالب الناس.
    ولو قابلت مريضا طرحه المرض على الفراش، فشل حركته، وقيد حريته، ومنعه حتى من لذة الطعام والمنام، وسألته عن أمنيته؟ لرأيته يتمنى أن يعافى من مرضه، ولو أن يفتدي بماله كله.
    ولو سألت بعض الأغنياء عن أمنياتهم، لرأيتهم يتمنون مزيدا من الغنى، ليكونوا أغنى من فلان وعلان، وهكذا فالمقل لا يقنع، والمكثر لا يشبع، وأماني الدنيا لا تنتهي.
    وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال فيما رواه عنه أنس رضي الله عنه: (
    لو أن لابن آدم واديا من ذهب، أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب) ، أي لا يزال ابن آدم حريصاً على الدنيا حتى يموت ويمتلئ جوفه من تراب قبره.
    ومع هذه الأماني المتباينة لهؤلاء الناس، فإن الجميع تراهم يسعون ويكدحون طوال حياتهم، لتحويل أحلامهم وأمنياتهم إلى واقع، وقد يوفقهم الله تعالى إلى تحقيقها متى بذلوا أسباب ذلك.
    ولكن هناك فئة من الناس لا يمكنهم تحقيق أمنياتهم، ولا يُنظر في طلباتهم، فمن هم يا ترى؟ ولماذا لا تُحقق أمنياتهم؟ وهل يمكننا مساعدتهم أو تخفيف لوعاتهم؟
    أما عن هذه الفئة التي لا يمكنهم تحقيق أمنياتهم، فهم ممن أصبحوا رهائن ذنوب لا يطلقون، وغرباء سفر لا ينتظرون، إنهم الأموات ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    فماذا يتمنى الأموات يا ترى؟ ومن يا ترى يستطيع أن يُحدِّثنا عن أمنياتهم، وقد انقطع عنا خبرهم، واندرس ذكرهم؟
    فلنتحدث قليلا عن هذه الفئة المنسية، لنعرف أمنيات أناس أصبح بصرهم حديدا، فعاينوا الجنة والنار، ورأوا ملائكة الله، وأصبح الغيب لديهم شهادة، وعرفوا حقيقة الدنيا والآخرة، وأيقنوا وهم في برزخهم؛ أنهم سيبعثون ليوم عظيم، فهل يتمنون العودة إلى هذه الدنيا ليتمتعوا بالحياة ويحسوا بلذتها وطعمها؟ أو ليملكوا مزيدا من العقارات ويجوبوا الأرض سياحة ولهوا ؟
    إن أمنية الكثير من الناس في هذه الحياة لا تزيد على وظيفةٍ مرموقة، وزوجة جميلة، ومركبٍ هنيءٍ، وبيتٍ واسعٍ، وأملاكٍ وعقاراتٍ، وتمشياتٍ وسهراتٍ، وحضور ولائم وحفلات.

    أما الأموات، فماذا يريدون مندنيا رحلوا عنها، وانخدعوا بها، وعرفوا حقيقتها، وخلفوها وراء ظهورهم بلا رجعة؟فلنقرأ ما ذكره لنا كتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عنأمنيات الموتى الصالحين منهم والطالحين.

    يتبع.........

  2. #2
    الصورة الرمزية جنة عدن
    Title
    نبض مبــدع
    تاريخ التسجيل
    03- 2004
    المشاركات
    2,913

    [أولا]: أمنيات الصالحين
    إن المؤمن إذا مات وحمل علىالأعناق، نادى أن يقدموه ويسرعوا به إلى القبر ليلقى النعيم المقيم، فعن أبي سعيدالخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا وضعت الجنازةفاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني قدموني، وإن كانت غيرصالحة قالت: يا ويلها أين يذهبون بها؟يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعهاالإنسان لصعق
    وإذا أدخل قبره وبشر بالجنة، ورأى منزلته فيها، فإنهلا يتمنى أن يعود إلى الدنيا، بل يتمنى أن تقوم الساعة، ليدخل في ذلك النعيم المقيمالذي ينتظره، لقد ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن العبد المؤمن إذا أجابعن أسئلة الملكين وهو في قبره، (....نادى مناد من السماء: أن صدق عبدي فافرشوه منالجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها،ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول: أبشربالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير،فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهليومالي
    هذه أمنية الرجل الصالح وهو في قبره؛ أن تقومالساعة، وأما الكافر أو المنافق فعلى الرغم من شدة العذاب الذي يلاقيه في قبره،فإنه يدعو: رب لا تقم الساعة، رب لا تقم الساعة، لأنه يعلم أن ما بعد القبر هو أشدوأفظع.
    كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن إذابشر في قبره بالجنة، يتمنى أن يعود إلى أهله ليبشرهم بنجاته من النار وفوزه بالجنة،إذ روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذارأى المؤمن ما فسح له في قبره، فيقول: دعوني أبشر أهلي) - وفي رواية -(فيقول: دعونيحتى أذهب فأبشر أهلي، فيقال له: اسكن) ( ). *
    ولقد قص الله عز وجل علينا قصة صاحب (يـس) الذي كانحريصا على هداية قومه، إلا أنهم قتلوه وهو يدعوهم إلى الإيمان بالله ورسله، فلماعاين كرامة الله عز وجل له وفوزه بالجنة، تمنى أن يعلم قومه بذلك كي يؤمنوا ، فقالتعالى في شأنه : {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَقَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَالْمُكْرَمِينَ} [يس: 26-27]، أي تمنى أن قومه الذين حاربوا دين الله،ورفضوا الاستجابة لأوامر الله؛ أن يعلموا ماذا أعطاه الله من نعيم وثواب جزيل.

    وأما الشهيد، فبالرغم من عظم منزلته الرفيعة التي يراها أُعدت له في أعلى درجاتالجنة، فإنه يتمنى أن يعود إلى الدنيا، ولكن ليستمر في جهاد أعداء الله، فيقاتلويُقتل ولو عشر مرات، لما يرى من ثواب الجهاد وكرامة المجاهدين عند الله عز وجل،اسمع ما نقله لنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عن أمنية كل من مات شهيدا فيسبيل الله عز وجل.
    روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى اللهعليه وسلم قال: (ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض منشيء، إلا الشهيد؛ يتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة.
    *وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم: (ما أحديدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وأن له ما على الأرض من شيء، غير الشهيد فإنهيتمنى أن يرجع فيُقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة). *
    وروى جابر رضي الله عنه قال: لقيني رسول الله صلىالله عليه وسلم فقال لي: (يا جابر ما لي أراك منكسرا)؟ قلت: يا رسول الله استشهدأبي، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وترك عيالا وَدَيْنًا، قال: (أفلا أبشرك بما لقي اللهبه أباك)؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: (ما كَلَّمَ الله أحدا قط إلا من وراءحجاب، وأحيا أباك فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا فقال: يا عبدي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ،قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لايرجعون) قال: وأنزلت هذه الآية: { وَلاَ تَحْسَبَنَّالَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً } ( ).

    يتبع........

  3. #3
    الصورة الرمزية جنة عدن
    Title
    نبض مبــدع
    تاريخ التسجيل
    03- 2004
    المشاركات
    2,913
    ]ثانيا]: أمنيات الطالحين
    إن المقصر في جنب الله تمر عليهساعات أيامه وهو في لهو وغفلة، يُسوِّف التوبة ويأمل في مزيد من العمر، وما علم أنالموت يأتي بغتة، وإذا جاء لا يدع صاحبه يستدرك ما فاته، فيبقى في قبره مرتهنابعمله، متحسرا على ما فاته، ومتمنيا على الله أمانيَّ لا تغنيه شيئا، فماذا عسى أنيتمنى المقصر إذا أصبح في عداد الموتى ولا حول ولا قوة إلا بالله؟

    [1] الصلاة ولو ركعتين
    يتمنى الميت المقصر لو تعاد لهالحياة، ليصلي ولو ركعتين اثنتين فقط، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم مر بقبرٍ فقال: (من صاحب هذا القبر؟) فقالوا: فلان، فقال: (ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم) ( )، وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: (ركعتان خفيفتان مما تحقرون وتنفلون، يزيدها هذا في عمله، أحب إليه من بقية دنياكم

    فغاية أمنية الميت المقصر؛ أن يُمدَّ له في أجله، ليركع ركعتين يزيد فيهامن حسناته، وليتدارك ما فات من أيام عمره في غير طاعة، ألم تسمع وصية رسول الله صلىالله عليه وسلم وهو يقول لنا معشر الأحياء: (الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أنيستكثر فليكثر) ؟

    لقد عاين ذلك الميت وهو في قبره ثواب الصلاة، ورأى بأمعينه فائدة الصلاة، فتأسف أشد الأسف على أيام أمضاها في غير طاعة، على ساعات مضت فيلهو وغفلة، لم يجنِ منها الآن سوى الحسرة والندامة، وها نحن نرى رسول الله صلى اللهعليه وسلم ينقل لنا أمنية ذلك الميت وهو في قبره، يتمنى أن يصلي، يتمنى أن يعود إلىالدنيا لدقائق معدودة، ليركع ركعتين فقط لا غير، لا يريد من الدنيا إلا ركعتين، ياسبحان الله، لأنهما الآن أصبحتا عنده تعدل الدنيا بما فيها، وماذا عسى أن تساويالدنيا عنده، وقد خلفها وراء ظهره وارتهن بعمله ؟
    اغتنم في الفراغ فضل ركوع *** فعسى أن يكونَ موتكبغتة
    كم صحيح رأيتَ من غير سُقم *** ذهبتْ نفسه الصحيحة فلتة

    فغاية أمنية الموتى في قبورهم حياة ساعة، بل دقيقة،يستدركون فيها ما فاتهم من توبة وعمل صالح، أما نحن أهل الدنيا فمفرطون في أوقاتنا؛بل في حياتنا، نبحث عما يقتل أوقاتنا، لتذهب أعمارنا سدى في غير طاعة، ومنا منيقطعها بالمعاصي، ولا ندري ماذا تخبئ لنا قبورنا من نعيم أو مآس، نسمع المناديينادي إلى الصلاة، ولكن لا حياة لمن تنادي0

    [2] الصدقة
    يتمنى الموتى الرجوع إلى الدنيا ولو لدقائق معدودة، ليقدموا صدقة لله عزوجل، ولقد نقل الله لنا أمنيتهم هذه في قوله تعالى: ) َأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُفَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنمِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَاوَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ- (المنافقون: 10-11
    لقد اقتنعوا - ولكن بعد فوات الأوان - أن الصدقة من أحب الأعمال إلى الله عز وجل، وأنها تطفئغضب الرب جل وعلا، وأن العبد سيُسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، فتمنواالرجعة ليقدموا صدقتهم بعد أن منعوها الفقير، وصرفوها على شهواتهم وسياحتهم، : ) فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍفَأَصَّدَّقَ(.

    تمنى الرجعة لأنه عرف أن الصدقة تباهي سائر الأعمالوتفضلهم، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ذُكر لي أن الأعمال تباهى فتقولالصدقة: أنا أفضلكم ( ).
    تمنى الرجوع إلى الدنيا فقط ليتصدق، لعله علم عِظَمثوابها، أو عظم عقاب المفرط فيها، إنها أمنية مليئة بالحسرة والأسف، ولكنها جاءتمتأخرة.

    [3] العمل الصالح
    أما الأمنيةالثالثة التي يتمناها هؤلاء الموتى؛ فهي العودة إلى الدنيا ولو للحظات معدودة،ليكونوا صالحين، ليعملوا أي عمل صالح، ليصلحوا ما أفسدوا، ويطيعوا الله عز وجل فيكل ما عصوا، ليذكروا الله تعالى ولو مرة، يتمنون النطق ولو بتسبيحة واحدة، ولوبتهليلة واحدة، فلا يؤذن لهم، ولا تُحقق أمنياتهم، إنا لله وإنا إليه راجعون، قالالله عز وجل في شأنهم :
    (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُالْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُكَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِيُبْعَثُون (-المؤمنون: 99-100.

    هذا هو حال المقصر مع الله تعالى إذاوافته المنية، يقول : { رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَاتَرَكْتُ }، ويقول : { َوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)
    ان الميت العاصي إذا هجمت عليه منيته، وأحاطت به خطيئته، وانكشف له الغطاء،صاح: وامنيتاه، واسوء منقلباه، رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت، هذه هي أمنيتهالوحيدة.
    فالموتى قد انتهت فرصتهم في الحياة، وعاينوا الآخرة، وعرفوا ما لهموما عليهم، أدركوا أنهم كانوا يضيعون أوقاتهم فيما لم يكن ينفعهم في آخرتهم، أنالوقت الذي ضاع من بين أيديهم كان لا يقدر بثمن، أنهم كانوا في نعمة؛ ولكنهم لميستغلوها، وأصبحوا يتمنون عمل حسنة واحدة لعلها تثقل ميزانهم وتخفف لوعتهم وترضيربهم، فلا يستطيعون، أي حسرة هذه، وأي ندامة يعيشونها؟
    إن أكثر ما يكون الإنسانغفلة عن نعم الله عليه؛ حينما يكون مغمورا بتلك النعم، ولا يعرف فضلها إلا بعدزوالها، فنحن معشر الأحياء في أكبر نعمة؛ طالما أن أرواحنا في أجسادنا لنستكثر منذكر الله عز وجل وطاعته.



    يتبع...........


  4. #4
    الصورة الرمزية جنة عدن
    Title
    نبض مبــدع
    تاريخ التسجيل
    03- 2004
    المشاركات
    2,913
    ألا تعلم أيها القارئ بأن رسولنا محمد صلى الله عليهوسلم أمرنا عند الاستيقاظ من النوم، أن نحمد الله تعالى؛ لأنه أحيانا بعد أن أماتناوأذن لنا بذكره؟ لأن النوم تَوَقف عن الحياة وعن ذكر الله عز وجل.
    فعن أبيهريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم فليقل: الحمد لله الذي رَدَّ عليَّ روحي، وعافاني في جسدي، وأذن لي بذكره)( ).
    *فنحننملك الآن نعمة الحياة، لنزيد من حسناتنا، ونكفر عن سيئاتنا، فإذا متنا ندمنا علىكل دقيقة ضاعت ليست فيها ذكر لله، وليست في طاعة الله، فلنغتنم ساعات العمر ودقائقهقبل أن نندم، فنتمنى ما يتمناه بعض الموتى الآن.
    قال إبراهيم بن يزيد العبديرحمه الله تعالى: أتاني رياح القيسي فقال: يا أبا إسحاق انطلق بنا إلى أهل الآخرةنُحدثُ بقربهم عهدا، فانطلقت معه فأتى المقابر، فجلسنا إلى بعض تلك القبور، فقال: يا أبا إسحاق ما ترى هذا متمنيا لو مُنِّ ؟ (أي لو قيل له تمنى) قلت: أن يُردَّ - والله - إلى الدنيا، فيستمتعْ من طاعة الله وُيصلح، قال: ها نحن في الدنيا، فلنطعالله ولنصلح، ثم نهض فجدَّ واجتهد، فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات رحمه الله تعالى
    فإذا زرت المقبرة، قف أمام قبر مفتوح، وتأمل هذا اللحد الضيق، وتخيل أنكبداخله، وقد أغلق عليك الباب، وانهال عليك التراب، وفارقك الأهل والأولاد، وقدأحاطك القبر بظلمته ووحشته، فلا ترى إلا عملك، فماذا تتمنى يا ترى في هذه اللحظةالحرجة؟
    ألا تتمنى الرجوع إلى الدنيا لتعمل صالحا؟ لتركع ركعة؟ لتسبح تسبيحة؟لتذكر الله تعالى ولو مرة؟ ها أنت ذا على ظهر الأرض حيا معافى، فاعمل صالحا قبل أنتعضَّ على أصابع الندم، وتصبح في عداد الموتى، تتمنى ولا مجيب لك.

    فإذا وسدت فيقبرك فلا أنت إلى دنياك عائد، ولا في حسناتك زائد، إلا إذا قدمت عملا صالحا يجريثوابه بعد مماتك، فاعمل ليوم القيامة قبل الحسرة والندامة.
    قال إبراهيم التيمي: مثَّلتُ نفسي في النار، آكل من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها،فقلت لنفسي: أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أُردَّ إلى الدنيا فأعمل صالحا، قال: فقلت: أنتِ في الأمنية فاعملي
    فيا عبد الله نحن في دار العمل، والآخرة دارالجزاء، فمن لم يعمل هنا ندم هناك، وكل يوم تعيشه هو غنيمة، فإياك والتهاون فيه،فإن غاية أمنية الموتى في قبورهم؛ حياة ساعة، يستدركون فيها ما فاتهم من عمل صالح،ولا سبيل لهم إلى ذلك البتة، لانتهاء فرصتهم في الحياة .

    فيا أُخيَ: إذازرت المقبرة، أو شيعت جنازة، لا تكن عندها من الغافلين، ولا تكثر الحديث مع أحد،وإنما تذكر أمنيات هؤلاء الأموات الذين من حولك، المرتهنين بأعمالهم، واغتنم فرصتكفي الحياة، لتذكر الله كثيرا، لئلا تكون غدا مع الموتى، فتصبح تتمنى كما بعضهميتمنى.
    إذا هممت بمعصية تذكر أماني الموتى، تذكر أنهم يتمنون لو عاشوا ليطيعواالله، فكيف أنت تعصي الله؟
    إذا رأيت نفسك فارغا فتذكر أمنية الموتى ....
    إذا فترت عن طاعة الله فاذكر أمنية الموتى ....
    حفر الربيع بن خيثم رحمهالله تعالى قبرا داخل بيته، فكان إذا مالت نفسه للدنيا وقسا قلبه نزل في قبره، وإذاما رأى ظلمة القبر ووحشته صاح : (رَبِّ ارْجِعُونِ)فيسمعه أهله فيفتحون له، وفي ليلة نزل قبره وتغطى بغطائه، فلما استوحش داخله نادى : { رَبِّ ارْجِعُونِ } فلم يسمع له أحد، وبعد زمن طويل سمعته زوجته، فأسرعت إليهوأخرجته، فقال عند خروجه: اعمل يا ربيع قبل أن تقول(: رَبِّ ارْجِعُونِ) فلا يجيبك أحد.

    إن العبد ليفرح حينما تأتيه الحسناتتلو الحسنات، وهو في قبره، من قريب أو صديق، أو من ثواب علم خلفه، أو صدقة أقامها،ولقد بشر المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن هناك صنفا من الناس تجري عليهم أجورهم بعدموتهم، حيث روى أبو أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت: من مات مرابطا في سبيل الله، ومن علم علماأُجريَ له عمله ما عُمِلَ به، ومن تصدق بصدقة فأجرها يجري له ما وُجِدَتْ، ورجل تركولدا صالحا فهو يدعو له) ( )، فهؤلاء ماتوا ولكن لم تمت حسناتهم من بعدهم فهنيئالهم على ما قدموا.
    أما من مات ولم تمت ذنوبه معه، فهو يتمنى العودة إلى الدنيا،ليتخلص من هذه الذنوب، يريد أن يتخلص مما اقترفته يداه، كمثل بعض الممثلينوالمغنين، الذين سجلوا أعمالهم الفنية في الوسائل الإعلامية، ولم يتوبوا منها، وهيلا تزال تعرض للناس لتصدهم عن سبيل الله، فهم يتمنون العودة إلى الدنيا، ليتخلصوامما فعلوا، ليوقفوا هدير هذه السيئات التي تأتي إليهم تباعا، يريدون أن يعملواصالحا فيما تركوا، وماذا تركوا من بعدهم؟ أليس أفلاما وغناءً وأعمالا تفسد أخلاقالناس؟ وتصد عن طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فهم الآن يجنونوزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    ألم يقلرسول الله صلى الله عليه وسلم (.... وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَبِهَا، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، لَايَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا) ( )؟
    فالسعيد من إذا مات ماتت ذنوبه معه،ومسكين ثم مسكين مَنْ إذا مات لم تمت ذنوبه معه، لأنه سيتمنى العودة إلى الدنياليتخلص مما اقترفت يداه، ولكن هيهات هيهات، قال تعالى: { حَتَّى إِذَا جَاءأَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَاتَرَكْتُ } إنه مشهد إعلان التوبة، ولكن بعد فوات الأوان، أبعد مواجهة الموت، تتمنىالرجوع إلى الدنيا لتصلح ما تركت وما خلفت؟ ولهذا جاء الرد على هذا الرجاء المتأخر : { كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا }، لأنهرجاء قيل في لحظة الضيق، ليس له من القلب من رصيد.

    فيا عبد الله اجعل عبارة (أمنيات الموتى) على لسانك، ودائما في مخيلتك، فإنها خير معين لك على فعل الخير،والاستكثار منه، والتسابق إليه، وعلى الترحم على أموات المسلمين.
    فاتق الله ياعبد الله، واصرف ما بقي من عمرك في طاعة الله، واعلم أن كل ميت قصر في جنب الله، قدعضَّ على أصابع الندم، وأصبح يتمنى لو تعود له الحياة ليطيع الله، ليرد حق إنسان،إن تسبيحة واحدة عندهم خير من الدنيا وما فيها، لقد أدركوا يقينا أنه لا ينفعهم إلاطاعة الله عز وجل.
    إن الذي يضيع وقته أمام وسائل اللهو، لو يعلم ماذا يتمنىالموتى لما ضيع دقيقة واحدة، لو علمت ما بقي من أجلك لزهدت في طول أملك، ولرغبت فيالزيادة من عملك، فاحذر زلل قدمك، وخف طول ندمك، واغتنم وجودك قبل عدمك.
    إنهاقد تكون لحظات، فما ترى نفسك إلا في عداد الأموات، فانهل رحمك الله من الحسنات قبلالممات، وبادر إلى التوبة ما دمت في مرحلة الإمهال، قبل حلول ساعة لا تستطيع فيهاالتوبة إلى ربك، قبل أن يأتيك الموت بغتة فيحال بينك وبين العمل فتقول متحسرا : { يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي }.
    اعلم أن الدقيقة التي تمر من حياتك؛ يتمنى مثلها ملايين الموتى؛ ليستثمروها فيطاعة الله، ليحدثوا لله فيها توبة، ليذكروا الله فيها ولو مرة، ولكن لا تحققأمانيهم، فلا تصرف دقائق عمرك في غير طاعة، لئلا تتحسر في يوم لا ينفع فيه الندم.
    قال تعالى : (أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَافَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ{56} أَوْ تَقُولَلَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ{57} أَوْ تَقُولَ حِينَتَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ{58} بَلَىقَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَالْكَافِرِينَ{59} وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِوُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ{60} وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُوَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) - الزمر: 56-61
    أما كيف نخفف من لوعاتالموتى؟ فبالدعاء والاستغفار لهم، والصدقة عنهم، فتلك أفضل هدية يتمنون وصولها منا،فهل تبادر إلى ذلك؟
    فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال: (إن الرجل لترفع درجته في الجنة، فيقول: أنىَّ لي هذا؟ فيقال: باستغفارولدك لك.)

    فأخلص الدعاء لهؤلاء الأموات وبالأخص الوالدين، فلعل الله أنيقيض لك من يخلص لك الدعاء بعد مماتك.
    نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاتهالعلا، أن يوفقنا للاستعداد ليوم الرحيل، ولا يجعلنا في قبورنا من النادمين

    منقوول

  5. #5
    الصورة الرمزية كنوز
    Title
    عضو شرف
    تاريخ التسجيل
    11- 2002
    المشاركات
    3,186
    حبيبتي جنة النبض تسلمين على الموضوع
    وأمنية كل ميت رحمه الله و غفر له ان ندعو له و صدقه جاريه له أو علم نافع لمن بعده
    يارب تغفر لهم

  6. #6
    اللهم أغفر لموتى المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات

    نسأل الله حسن الخاتمه
    وان نكون من ورثة جنة النعيم


    شكرا جنة عدن
    قرأته بتمعن

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML