الموضوع: ،،،،، ناجــــــي من عبــــــارة المـــــوت ،،،،،،

هنا سأسطر حكايتي

فقد لأمست الموت

وعانقته

بل وعشت معه لحظات طوال








الفصل الأول

،،،،، ما قبل الرحيل ،،،،،

غداً ساعود للوطن

سألتقي أبي وأمي

واخوتي كم اشتاق اليهم

ثلاثة اعوام مضت

منذ فارقتهم

كنت احمل حلم كبير

حلم العمل وتحقيق الذات

حلم الظفر بفرصة لتحقيق النجاح

ومحاولة للهروب من بطالة طاحنه

حالت دون تحقيق احلامي

وكادت تصيبني بيأس

ولاحت في الأفق بارقة أمل

حين حصلت على فرصة عمل

بالسعودية

كنت فرحاً وكل من حولي

الكل كان يشاركني فرحتي

أبي تمني لي التوفيق

ونصحني أن اتقي الله في غربتي

وأن اجتهد

وأمي ودعتني بدموعها

ولأني كنت احب ابنة عمي

وكنت أخشي أن تفرقنا الأيام

فقد طلبت من أبي أن يخطبها لي

وعمت فرحة كبيرة

غمرتني منذ طلبت ذلك

وحتي رحيلي

وبارك عمي خطبتنا

فقد كان يعلم ان لابنته عندي مكانه

كانت لحظات رقيقة

بل كانت لحظات سعادة طاغية

تحدد موعد السفر

وكبرت معها احلامي

لم تمضي سوى ايام

كنت اخطو خطواتي الأولي

بأطهر أرض

\

|

\

|

\


،،،، الفصل الأخير ،،،،

.. صراع الموت والحياة ..


التحقت بالعمل

وخططت الاف الرسائل

واستقبلت الكثير

ارسلت لهم ليشيدو لي بيتاً

ارسلت الهدايا للأهل

وخصصت حبيبتي بأرق الهدايا

ثلاث أعوم مرت

حققت أحلامي

اعددت العدة للسفر

اشتريت شبكة قيمة

وهدايا للجميع

واستقليت السيارة نحو الميناء

كنت اتمني أن اغمض عيني

فلا افتحها الأ وأنا بين اهلي

كنت ارجو السائق أن يسرع

ساعات مرت

ها قد وصلنا

انتهت اجرات السفر

السفينة جاهزة

سيارات تشحن

وسمح لنا بالصعود على متن السفينة

لم تكن ضخمة كما كنت اتخيل

كنت انتظر أن تتوسط المياة

فتلك لحظة تمنيت أن اعيشها

وعدت الجميع أن لا أنام

سامسك بورقة وقلم

سأخط أحساسي

بتلك الرحلة

لعلي أردت أن اتخلص

من لهيب الانتظار

تخيلت أني على الجهة الاخرى

وأبي ينتظرني

واخي

تخيلت وجة حبيبتي

أخرجت صورتها

وقبلتها

الخميس القادم موعد زفافنا

كل شيء تم اعداده

ساتزوج أنا وأخي في يوم وأحد

لقد سبقني اليوم بالطائرة

وهو في انتظاري

رغم أنه كان بالكويت

الا انه وعدني

أن نعود معاً

رجوته أن يأتي لنسافر بالباخرة

ولكنة فضل السفر بالطائرة

لحظات رغم قصرها طويلة

تحركت السفينة

تشق عباب الماء

كانت القلوب في لهفة

والشوق يكاد يسبق الرياح العاتية

اربع ساعت مرت

وقد اختفي الميناء

واختفت المعالم

اردت أن اقوم بجولة

لعلى اجد من اعرفة

او اجد صحبة

أقتل بها ساعات الانتظار

هناك حركة غريبة

طاقم السفينة يجري في كل اتجاة

ورائحة دخان تنتشر

حريق

حريق

اسرعت اريد أن اتفقد الحريق

ولكن أحد العاملين منعني

وأخبرني أن لا داعي للقلق

مجرد حريق بسيط

وهو تحت السيطرة

عد الي كبينتك

ولا تقلق

الدخان يذكم الانوف

طرقات عنيفه على الكبائن

القبطان يأمرنا بالصعود للسطح

حتى تتم السيطرة على الحريق

اردنا المساعدة

ولكنهم اخبرونا ان لا داعي للقلق

لحظات وعلت الانفجارات

النيران تشتعل في قلب الماء

تصريحات خاوية لربان السفينة

القلق يتسرب رويداً رويداً

النيران تزداد

الدخان اصبح كثيفاً

الظلام حالك

السفينة تهتز بعنف

الصرخات تعلو

نساء تنتحب

وطفل تعلق بأمه

وزوج يحتضن زوجتة

وأب يحتضن اسرتة

السفينة تضطرب

بعض الشباب يساعد الطاقم

خراطيم المياة لا تجدي

نشعر بالسفينة تميل

وقد توقفت تماماً

لا شيء سوى الصراخ

ودعوات ضارعة

وتوسلات باكية

أحد القريبين مني ينتحب

رجل تخطي الخمسين

يخاطب رب العباد بدموعة

اللهم ارحمنا برحمتك

اللهم هون علينا سكرات الموت

اللهم أن كان هذا قدرنا

ان كانت تلك نهايتنا

فترفق بنا

وأكتبنا من الشهداء

الربان يجتمع بمساعدية

الأوامر تصدر للجميع

اتجهو للجانب الأخر

في محاولة يائسة

لموازنة السفينة

بلا جدوي



زاد الأمر سوءً

أن اصاب الأحباط الناس

القي الكثيرون أنفسهم في البحر

في محاولة للهرب من الجحيم المشتعل

اصوات الأنفجارات تصم الاذان

ومعها تزداد موجة الرعب

والفزع يسيطر على الجميع

السفينة ترتج بعنف

مراكب النجاة ترفض أن تتحرك

اطواق النجاة لا تكفي

التعليمات متضاربة

الجميع يتخبط

البعض داسته الاقدام

والبعض الأخر اصيب بجروح

السفينة تهتز ترتج

تهوي رويداً رويداً

الهلع يسيطر

الخوف يتمثل شبحاً

الصراخ يتقطع

النظرات شاحبة

العواطف ثائرة

والسفينة تهوى

تلقي بالناس في حضن الأمواج

الامواج لا ترحم

بعض الناس قتلة السقوط

والبعض يموت رعباً

والانفجارات لا تزال مستمرة

دقائق اشد من الموت قسوة

كل يحاول أن يجد شيء يتمسك به

بعض الناس اغرقت بعض

وبعضهم يتحرك بهستيريا

وكثيرون تشبسوا بالسفينة

وقد اصبح اعلاها أسفلها

اصوات تنادي بعضها بعضُ

لا أحد يسمع

لا أحد يجيب

الكل يصرخ

الكل ينتحب

شاب يحاول انقاذ سيدة

وأخر ينزع طوق نجاته لكهل عجوز

وأخر يهديه لطفل صغير

المشاعر مضطربة

الكل يبتهل

الكل يدعو حتي بالصمت

السفينة تتحرك

تهوى تسقط

محدثة دوامة عنيفة

تخطفت الكثيرين



الهلع يزداد

لا شيء سوى الصراخ

حتى البعض مل الصراخ

الصمت يطغي

الموج يفرقنا

يتخاطفنا

بعض الناس يحتضن بعضهم بعضاً

وكثيرون يشكلون مجموعات

لتحدي ضربات الموج الموجعة

رغم البرودة الممزقة

ورغم تضائل الأمل

الا أن عشق الحياة ينتصر

وبين الحين والحين تعلوا صرخة

فقد اختطف الموج طفلة

والدها يعدو خلفها

تشبس البعض بأمها

ليمنعوها من الحاق بهم

لحظات ويختفي الاب وطفلتة

الياس يتسرب

القلق يعتصر

الخوف مميت

رائحة الموت تنتشر

الجسس معلقة باطواق النجاة

قشعريرة تسري

رجال ينتحبون

نساء يلطمن الخدود

بعض العقلاء يخففون الأمر

يذكرون الله

يدعون

يرفعون اصواتهم

لكي يشعرون انهم على قيد الحياة

ملامسة الجسس تقتل البعض رعباً

شخص يهذي

يتهم اسماك القرش

بخطف زوجته

الرعب يزداد

الظلام حالك

الصراخ يتجدد

الموج يسير بنا حيث أراد

لا شيء سوى الظلام

لا شيء سوى الرعب

واصوات الانين تمزق الاحشاء

الاصوات تهداء

الجموع تتفرق

الموج عاتياً

رغم تشبس البعض ببعضهم

الا أن الموج يقتلعهم

يبتلع الاجساد بلا رحمة

كنا قرابة المائة

اصبحنا لا نتعدي الثلاثين

الصمت يخيم

الانين يسري

الدموع تكاد تتحجر

البرد يكاد يجمدنا

والموت من حولنا يتخطفنا

يد تمسك بيدى تكاد تعتصرها

فتاة لا تتعدى العشرين

ملامحها شاحبة

نظراتها زائغة

تصرخ بصوت مبحوح

لا تكاد الحروف تتلامس

رغم كل الأهوال

رغم انتشار الموت

رغم تضائل الأمل

ابتسمت

لها

ضممتها

بدائت تهداء

رويداً رويداً

بدائت اتحسس كلماتها

استطعت ان افهم بعضها

كانت تهذي

أبي

أمي

أخي

تخطفهم الموج

ذهبوا

تركوني وحيدة

اشعر بيدها تشتعل بيدي

ودموعها تسيل بلا توقف

دموع كنيران حارقة

انفاسها تتسارع

صوتها يخبو

انفاسها تتقطع

جسدها اصبح ثقيلاً

دموعي تودعها

اهزها بعنف

لعلها تعود للحياة

لعلها تكون في غيبوبة

وجهها الباكي

ملامحها البريئة

دموعها لازالت تسيل



لمسة على كتفي

شخص ما يخبرني انها فارقت الحياة

لأول مرة اشعر بتلك الرجفة

اشعر بتلك النيران تستعر باعماقي

جسدي كله يرتعش

عيوني تشتعل

دمعة تهوى بعنف

تكاد تحدث ثقباً في الماء البارد

اطرافي ترتجف

أخري ترجوني أن اتركها

وأخر يواسيني

وسيدة تمسح دموعي

حرروها من يدي

رباة ان يدي تنزف

ليس سوى لحظات

وهوى جسدها ابتلعته الامواج

وهوي قلبي بين ضلوعي

وصرخت

صرخت حتى بح صوتي

وخارت قواي

ولم تفلح مواساة الناس من حولي

أهي زوجتك ؟؟

أهي أختك ؟؟

أهي قريبتك ؟؟

أهي حبيبتك ؟؟

افلت يدي في هستيريا

وتركت جسدي للموج يتقازفني

ارتطمت بمجموعة أخري

وكأنهم انتشلونني من احضان الموج المميت

الصمت سيد المكان

واصوات الموج تزائر كالاسود الجائعة

الدموع فوق كل الوجوة

كانوا قرابة الخمسين

الحزن يكسو وجوههم

واجسادهم ترتعد

خيوط الفجر تظهر بعض ملامحهم

ملامح شاحبة

الرعب يكسوها

اردت أن اتحدث

لكني لم استطيع

رفضت الحروف أن تعانق شفتي

ورفض صوتي الخروج

رضيت بقضاء الله

لعل ضوء الصبح

كان له وقع السحر

فقد هتفت الاصوات المبحوحة

الله أكبر

يارب

لا اله الا الله

كل يواسي جاره

والبعض يرتمي في احضان أخيه

لا يعرفة لم يسبق أن رأة

يحتضنه بعنف

وكأنه يعني له الحياة

الموج يهداء

واصوات الرياح تذوب

لا شيء حولنا سوى المياة

الشمس تشرق

رغم انها تلسع وجوهنا

الا انها تحمل بعض الأمن

بعض الطمئنينة

وحملت معها الأسي

الجسس معلقة باطواق النجاة

تحمل مزيداً من الألم

مزيداً من الحزن والمرارة

الشمس اصبحت حارقة

وطعم المياة المالحة يشتد مرارة بافواهنا

أنتصف النهار

البعض خارت قواه

العطش يمزق الأحشاء

الجوع يعتصرنا

البرد يمزقنا

الخوف

الشمس

اليأس

طائرة تمر فوقنا

الهتاف يعلو

الأمل يتجدد

وسرعان ما تبدد

وسرعان ما تلاشت

حتي تمنينا لو انها لم تاتي

الشمس تخبو

لا اشعر بجسدي

فقدنا القدرة على النطق

الظلام يغتال ضوء النهار

يغتال أحلامنا

يغتال الامل

لا شيء سوى الأنين

الأمواج ترتفع

الجموع تتفرق

الصراخ المكتوم يسري

شخص يصرخ في هستيريا

هناك ضوء

أنوار

رباة سفينة

تقترب

وتقترب

الموج صوته أعلى من أصواتنا

واصبح عنيفاً يدفعنا بعيداً

وكانة يزيد في تعذيبنا

الظلام يعود



الأمل يخبو

اصبحنا خمس وعشرين رجل وسيدتان

الموج يجرفنا

الاستسلام كامل

طائرة تمر مسرعة

لم يحرك احداً منا ساكناً

فاصواتنا ذهبت من طول الصراخ

لم نملك الا ان نرفع ايدينا

في محاولة لجذب انتباههم

ولكن هيهات

فقد حال الموج بيننا وبينهم

البعض يردد الشهادتين

والألسنة تبتهل

الموت يدنو

يعانقنا

نشعر به يدور حولنا

نكاد نشم رائحتة

صرخة تدوي

انوار

ليست سفينة

انه الشاطيء

رباه اسراب ما نرى

ام حقيقة جلية

الحياة تدب باطرافنا

والأمل يتجدد بعنف

بعض الناس افلت يده

وسبح بعيداً

وأخرون تشبسو ببعضهم

ليكملوا معاً

المسيرة

الأنوار تتضح أكثر

الأصوات تعود

الدعوات ترتفع

الكل يسبح

الشاطيء يقترب

العمارات واضحة

بعض الناس وصلوا الشاطيء

يستصرخوننا

أن تقدموا

يحتضن بعضنا بعضاً

كثيرون اغشي عليم

رأسي يدور

الاضواء تتأرجح

لم اعد استطيع المقاومة

الكثيرون سبقوني

اشعر أني اتراجع

افقد القدرة على تحريك يدي

الظلام يلفني

رحت في سبات عميق

ظننته الموت

يحتضنني

يد تسحبني

لا اشعر بشيء

\

\

\

\

\

\

\

اطمئنوا هو بخير

هل أحد منكم يعرفة

اشباح تجول أمام عيني

تتضح رويداً رويداً

قبلات تنهال علي

ياه انهم

أنهم

رفاق الموت

حولي

اتحسس الاشياء حولي

هل نحن على قيد الحياة

رباة ام تلك الأخرة

لا

لا

لا

لا

لا

انها الدنيا

انني حي ارزق

" الحمد لله الذي احيانا بعد ما أماتنا والية النشور "

بقلم

بلا أمــــــــل