النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: البـــــداية، أم النهـــــاية؟

  1. #1

    البـــــداية، أم النهـــــاية؟

    في ليلةٍ اختفى فيها القمر، واختبأت النجوم، كأنها خائفةٌ من عاصفةٍ قد تهب في أي لحظة..
    في ليلةٍ كان فيها الغضب قد تمكن مني، وصرت كقنبلةٍ موقوتةٍ قد تنفجر في أي لحظة..
    في ليلةٍ ليلاء..

    في تلك الليلة..
    في تمام العاشرة، التقيت برفاق الدرب، وقد اتفقت قلوبنا على هدفٍ واحد..
    ساورني الشك لحظات، هل ياترى بالفعل نحن على قلبٍ واحد؟
    هل الجميع متيقنٌ أن ما نفعله هو الصواب؟
    هل أنا متأكدٌ من أنني على صواب؟
    لا.. لا.. لا يمكن أن أكون مخطأً! أم إنني أخاف أن أكون مخطأً؟

    إنني غاضب!
    وقد يكون دافعي هو الانتفام!
    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. يا إلهي لِمَ لا ترحل عني هذه الشكوك؟!

    قالوا لي إنها الشهادة، وإنه الفوز الأعظم.. ولكن هذه العملية ستقتل النساء والأطفال.. والكثير الكثير من المسلمين وربما المؤمنين! أتكون هذه الشهادة فعلاً؟

    ياليتني كنت في القدس أحارب الصهاينة! تلك هي الشهادة، وذاك هو الجهاد.. جهاد الحق.. وليس الغضب!

    إنما هنا.. ها هنا في جزيرة العرب كما يحلو لنا تسميتها.. في هذا الوطن الآمن، والبقاع المسلمة، أيكون مصيري الجنة إن قتلت المسلمين؟ قالوا لنا إنهم ضالين غير مهتدين، ويجب علينا تطهير الجزيرة منهم! قد يكونوا على حق وقد يكونوا مخطئين.. كل ما أعرفه إنني غاضب.. غاضبٌ على فعل المشركين ومن تبعهم، ويجب أن أعمل شيئاً.. لن أقف مكتوف الأيدي..

    قال لي أبي ذات يوم إن الإسلام دين رحمة وتسامح، ويجب علينا توضيح ذالك للعالم كي يتقبل وجود هذا الدين وينفتح على ثقافتنا لعله يهتدي..

    لماذا لا يرسلوني إلى هؤلاء القوم الضالين لكي أدعوهم لطريق الحق قبل أن أقتلهم؟
    لماذا لا أسألهم عن سبب حقدهم علينا؟
    لماذا.. لماذا.. لماذا؟
    إن الشك يقتلني..

    أنفض اجتماعنا بعد ساعةٍ، كان أكثر ما تكلموا عنه هو كذب السلطات بشأن العفو، وبشأن الاصلاح، وأشياء أخرى كثيرة.. لم أسمعها.. لقد مللت هذه الأجواء الناقمة على الجميع.. لقد مللت الدنيا وما فيها.. وأريد لقاء ربي.. أريد الشهادة.. كيف يستطيع الناس العيش لخمسين أو ستين سنةٍ أو أكثر؟ ألا يملون هذه الماديات؟

    إنني لم أبلغ العشرين من عمري وقد سئمت كل شيء.. كل شيء..

    كعادتي بعد هذه الاجتماعات.. أخذت أمشي من غير هدفٍ بين الكثبان الرملية في الصحراء الواسعة.. الظلام الكئيب يشعل الشكوك في نفسي.. وقدماي تحث الخطى وكأنني أهرب من المجهول!

    فجأةً..
    تصلبت قدماي في مكانها.. وتبددت تلك الشكوك حين التقت عيناي بتلك العيون الجائعة!
    إنه الذئب الذي لا طالما حذرني الكثير من الإخوان منه..
    لم أشعر في عمري بخوفٍ كالذي شعرت به في تلك اللحظات..
    تبددت كل الشكوك.. وكل الظنون وجميع أفكاري!
    أنا الفارس الشجاع كما يسمونني، وقائد قوات الفصيلة اليمنى، كيف أخاف من هذا الذئب؟..

    الخوف الخوف!
    فكرت أن أجري مبتعداً عن الذئب! ولكنني لم أستطع!
    لماذا لا يتحرك الذئب؟ أيحلو له مشهد الخوف في عيناي؟
    أدركت إنني لن أستطيع الفرار، وإن نهاياتي ستكون هنا.. وحيداً.. فريسةً للذئاب..

    عاودني الشك في حقيقة ما نصنعه أنا ورفاقي.
    إذا أراد لي ربي أن أنجو من هذا البلاء، سأقولها لهم.. إنني أخالفهم الرأي!
    ولكن هل أراهم غداً؟
    ولكن..

    كان الذئب قد قفز من مكانه ليهجم على فريسته.. ودوى صراخ احتضار في الصحراء ..
    ..
    ..

    فتحت عيناي لأرى الذئب جثةٍ هامدةٍ على بضع أمتار مني .. ياللهول! مالذي حصل؟

    اغشت عيناي مصابيح سيارة جيب كانت ليست بالبعيدة عني.. لا بد أن صاحبها أطلق النار على الذئب قبل أن يفترسني.. وقفت السيارة بالقرب مني ونزل منها رجلٌ أعرفه جيداً، لم ألتقِ به من ذي قبلٍ ولكنني رأيت صوره في الصحف وعلى صفحات الانترنت.. لقد تكلم رفاقي الكثير عنه، ووصفه البعض بألد أعدائنا، وقال عنه البعض الآخر إنه من عبدة الشيطان!

    ألقى علي تحية الاسلام، لم أرد عليه! كانت صدمةً قوية! أيعرف رجلٌ كهذا السلام؟

    اقترب نحوي وسألني إن كنت بخير، ثم اتجه نحو الذئب وقال: ( الحمدلله.. لقد تمكنت من قتله هذه المرة.. كفاناالله شره.. لقد كان الكثير من أبنائنا فريسة له.. الحمدلله.. أراد الله لك النجاة).

    تساءلت في قرارة نفسي، هل يعرف شخصٌ كهذا أن يحمد الله ويشكره؟ أردت الهجوم عليه وأخذ سلاحه وقتله.. قد أكون بطلاً بين رفاقي إن قتلته..

    ولكنني لم أفعل شيئاً من هذا القبيل.. قد أكون مخطأً بحقه، ولا أعرفه معرفةً حقيقية.. كل ما أعرفه عنه هو ما سمعته من رفاقي!

    قلت له: ( فد يكون الله أراد لي أن أهدي قوماً كثيراً قبل أن ألقاه) ابتسم الرجل، وسألني عن وجهتي، أجبته بأن أرض الله واسعة، و,إنني أسكن على مقربةٍ من هنا.. شكرته.. ثم ركب سيارته وانطلق بعيداً..

    اتجهت مباشرةً إلى أقرب مركز للأمن، اعترفت لهم بمخططاتنا، وقلت لهم إني مستعدٌ لفبول الحبس أو العفو..

    لم يساورني الشك أبداً بأنني كنت مخطأً فيما أفعله.. فقط كان بخلدي أملٌ واحد..

    صوتٌ واحد يقول:

    ( فد يكون الله أراد لي أن أهدي قوماً كثيراً قبل أن ألقاه)

    لمحة بسيطة عن كاتب القصة:-
    حسن جعفرعلي، ولدت في دبي سنة 1979، اماراتي الجنسية، وعربي الهوية.

    حين كنت طالباً في المرحلة الثانوية بدبي، فزت بمسابقة القصة القصيرة لطلاب المرحلة الثانوية بدولة الإمارات العربية المتحدة. حالياً أدرس طب بشري في جامعة مانشستر في المملكة المتحدة. بين الحين والآخر يشتد حنيني لموطني، فأجد يدي تخط قصصاً وخواطر تـهون علي بعد المسافة عن الوطن العربي

  2. #2
    الصورة الرمزية سيمون
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    06- 2005
    العمر
    35
    المشاركات
    538
    تسلم الأيادي اللي كتبت الموضوع ..

    سيمون

  3. #3
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307
    مساااااااااااء جميل ...

    ،،،

    (( اسير الحب ))

    شكرا لك على هالقصة ..
    وعلى هالنقل ..!!

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML