الدعوة الى الله ...سر....
نعم الدعوة إلى الله سر، لكنه سر غير خفي، على أنه رغم وضوحه لا يُوفَّقُ إليه غير القليلين القليلين، ممن توافرت فيهم صفات كثيرة، وهذه بعض أسرارها الخفية الظاهرة:
من جميل هذه الدعوة أنها تعطي صاحبها طالما تعفف، فإذا تطلع إلى شيء من الكسب أو التكسب منها، نفرت منه الدعوة ونفر منه المدعوون.
وأنها ترفعه طالما تواضع للناس، فإذا رأى لنفسه شيئاً من الفضل، نبذته الدعوة وتخلصت منه قبل المدعوين..
وأنها تجعل الناس في خدمته طالما كان خادماً للناس، فإذا طلب من الناس خدمته نفروا منه وتركوه ونسوا كلامه..
وأنها تجعله مطاعاً مسموع الكلام طالما كان مطبقاً لما يدعو إليه، فإذا تحول إلى مُنظِر لا يفعل ما يقول، ولا يلتزم بما يدعو إليه، فلا سمع ولا طاعة بل لا ود ولا محبة..
وأنها تجعل كلامه محبوباً طالما تجنب التشدق والتعجرف والكلام عن نفسه، فإذا طلب تنميق الكلام وزخرف القول، صار واحداً من خطباء الكلام يخاطب الأسماع، لكن كلماته لا تصل إلى القلوب...

الأخ الداعية..الأخ الخطيب أو الواعظ.... اسمع كلمات تخرج من قلبٍ مشفق محب، لم يجمعه بك غير الحب لهذه الدعوة، وحب الخير للناس:

هذه الدعوة مدرسة عظيمة.....
لا يوفق إلى دخولها إلا المخلصون،
ولا يستمر فيها إلا الأشد إخلاصاً،
ولا يتخرج منها إلا من لا يرون لأنفسهم أي فضل،
ولا يتميز من خريجيها إلا من يرون الفضل لكل أحد من الناس إلا لأنفسهم..

إذا فتشت نفسك بعد طول وعظ وإرشاد فما وجدت لنفسك مكاناً في قلوب الناس، وما وجدت لكلامك صدى في أفعالهم وأقوالهم، فجدير بك أن تقف مع نفسك وقفة صدق تسأل فيها عن السبب أو عن الأسباب..