النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: بلاد الفـرح واللؤلؤ

  1. #1
    الصورة الرمزية فارس العشق
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    09- 2004
    العمر
    40
    المشاركات
    123

    Smile بلاد الفـرح واللؤلؤ

    بلاد الفـرح واللؤلؤ
    وأنا أضغط بكل قوتي علي رقبتك.. وأغرس عيني في عينيك.. لأصب فيهما جحيماً سائلاً من الحقد والغضب والكراهية.. تراك بماذا تفكرين في هذه اللحظة بالذات؟..
    هل تتألمين بالقدر الذي يبدو في عينيك.. لماذا لم تعودي تصرخين الآن مثلما ملأت الدنيا عويلاً عندما بدأت في خنقك؟.. هل خارت مقاومتك بفعل غياب الأوكسجين عن رئتيك؟ كنت تضحكين عندما لقيتني.. لماذا لم تعودي تضحكين؟.. هذا الازرقاق في وجهك.. ألمجرد أني أقتلك.. أم أنك تريدين إرعابي؟.. والسؤال الأهم.. لماذا أسأل كل هذه الأسئلة؟..
    أضغط أكثر.. أكثر.. من أين تأتيني كل هذه القوة الغاشمة؟..

    ارتخاء جسدك التدريجي.. يهدئ ثائرتي.. وتوقف مقاومتك النهائي يبعث في جسدي قشعريرة فجأة.. لقد انتهيت.. يبدو هذا واضحاً لأي طفل.. لقد انتهيت تماماً.. أرمقك بنظرة طويلة.. طويلة.. أقوم من فوقك ثم من على الفراش.. بتؤدة..

    أجلس على كرسي في مواجهتك.. ولا أستطيع رفع عيني من عليك..

    حسناً.. لقد نفذت خطتي ببراعة.. شاهدني البواب وأنا أركب سيارتي متوجهاً للشغل ثم غافلته ودخلت العمارة من الباب الخلفي ولم يلاحظني.. أبلغتهم في الشغل أني في مأمورية.. وسيارتي تقف بعيداً عن هنا.. ارتديت" قفازاً" وأنا أقتلك.. فتحت باب الشقة "بطفاشة" لتبدو عليه آثار اقتحام.. ولن أنسى طبعاً أن أسرق بعض الأشياء الثمينة من أي مكان.. هذا منتهى العقل وسلامة الذهن.. أنا في قمة صفائي.. نعم.. لاشك في هذا.. أنا مازلت صاحي الذهن تماما.. لن أنهار الآن مثلما يحدث في السينما.. لن أنهار.. لن أنهار أبداً..ماذا يتبقى يا ترى؟..

    نعم.. تذكرت.. سوف أخرج في هدوء الآن.. أتسلل من البيت.. ولا ألبث أن أعود في موعدي المعتاد وبالطبع عندما أدخل الشقة.. سوف أمثل أني فوجئت وصدمت وأملأ الدنيا صياحاً وبكاء مع قليل من الهيستريا وربما فقدان وعي مرسوم كذلك.. ما رأيك في تخطيطي؟ ترى ماذا كنت ستقولين عن ذكائي الخارق؟.. ولن يلبث أن ينتهي كل شيء..

    أخيراً.. سوف ينتهي كل شيء..كل شيء..
    أعيد النظر إليك.. هل فعلاً انتهى كل شيء؟
    الفراش الممدة عليه في ارتخاء.. كم شهد من صولاتنا عليه؟؟
    عيناك الشاخصتان.. كم رأيت فيهما من أحلام ووعود؟
    يداك الملقاتان في إهمال.. كم ربتا جبهتي.. وهدهدا آلامي؟
    هذه الحجرة.. هذا الكرسي.. هذه الطُرقة.. هذه المرآة.. هذه الأباجورة.. هذا الكتاب.. كل الأحجار والزوايا.. أتلفت في كل مكان..
    ولكنك الآن لم تعودي تنتمين إلي أي منها..
    لقد أصبحت مثل وردة مجففة بين صفحات كتاب..
    أريد أن أضحك.. صدقيني أريد أن أضحك ومن قلب قلبي..
    ولكني لن أضحك الآن.. لست قاسي القلب إلي هذا الحد.. سوف أؤجل الضحك قليلاً ربما إلى أن يعلم عشيقك بالأمر؟ ربما إلى أن يأتي حينه وأزوره في منزله بكل ود وحنان كما كانت زيارتي لك اليوم..
    أريد أن أرى شكله.. طوله وملامحه وتسريحة شعره ولون عيونه و يديه.. خاصة يديه.. اللتين كتبتا لك كل هذا الكلام من الحب..
    الخطابات الوردية ذات الشريط الأحمر التي رأيتك خلسه تخبئينها في المكتبة.. في الرف العلوي منها.. حيث تتوقعين أنني لم أعد أنظر.. خلف أحد الكتب الضخمة..

    لم أكن أشك فيك.. هذا حق.. ولكن خاطراً عابراً جاءني ذات مرة.. وطاردته وطردته.. لكنه عاد أكثر إلحاحاً.. وظل يراودني.. حتي هزمني.. ماذا يا ترى تخبئين عني؟؟ وكانت الصدمة.. كل هذا الكلام عن علاقات مكشوفة.. عن أحاسيس مشبوبة.. ومقابلات ومكالمات و.. و.. يااااه.. وألف ياه..
    والنذل لم يكتب اسمه ولم يكتب اسمك.. لا أنكر أن هذه حركة ذكاء منه.. لا أنكر هذا لحظة..

    وكم تعذبت.. كم جرعني الانتظار مر العلقم.. كم جننت.. كم هذيت في صحوي.. ومشيت أثناء نومي.. شهر كامل.. وأنا أشوى علي نيران جهنم.. وأتقلب.. وتزداد النار كل لحظة تأججاً.. وينضج جلدي بالعذاب.. ويسقط.. فما يلبث أن يطلع لي جلد جديد لشيء جديد.. وأنت.. كما عهدتك دائماًً.. أنت هي أنت.. تضحكين وتمرحين.. لك وجه وقلب وأسلوب طفل.. ولا يبدو أن ثقل الخيانة يمثل لك أي شيء.. أنت.. أنت بالذات.. لا أكاد أصدق.. لا يمكن.. ولكن الخطابات.. عليها اللعنة وعليك وعليه وعلى الدنيا بأكملها..

    أقوم من مقعدي في عصبية طاغية.... ثم لا ألبث أن أرتمي عليه في إعياء..

    أين كنت تخبئين أيامنا وأنت معه؟ وأين كنت تهربين وعودنا وأنت في موعده؟ كيف كنت تقصفين رقبة ذكرياتنا المشتركة وأنت تعانقين ذكرياته؟ أين كان ريقي وعرق جبيني وضحكي وبكائي يغيب.. وأنت تتمرغين بين ذراعيه؟..

    لماذا لا تجيبين؟ هل تعتقدين أن الموت حجة كافية لكي لا تجيبي.. أجيبي.. عليك اللعنة.. أجيبي.. أجيبي.. أفيق لأجد نفسي عند الفراش.. وأنا أهزهزك من كتفيك في عنف.. فأتوقف مذهولاً.. وأنا أحدق في عينيك المفتوحتين الرانيتين نحوي في إصرار.. أتركك تسقطين ثانية على الفراش.. وأنا أتراجع بظهري حتى ألتصق بالحائط..

    تأسرني عيناك.. كما لو كنت حية ماتزالين.. تأسرني عيناك.. ولا أستطيع تحويل عيني عنهما.. لا أنكر لحظة أنك حتى وإن كنت قد غادرت عالمي.. فلازال عطرك يغلف حبات الروح.. مازلت أحس الندى يتقطر من عيونك في قلبي.. مازلت أشعر بك تملئين المكان والزمان والغائب والمشهود.. تراك لازلت حية بعد؟..

    أرتجف لهذا الخاطر الغريب.. أقترب منك في حذر.. أدقق النظر في خوف.. أمد يدي وأضعها على قلبك.. لا.. لا.. أنت ميتة لاشك.. لاشك أنك ميتة.. ميتة.. ميتة.. م.. ي.. ت.. ة.. أجلس ثانية.. ولكني لا ألبث أن أقوم في عنف.. وأردد في ذهول: ميتة.. أنت ميتة..

    أمسك الأباجورة الموضوعة جوار الفراش وأقذف بها فجأة ناحية المرآة.. فتتهشمان الأباجورة والمرآة ونفسي معهما.. والدنيا.. أتمنى أن تتهشم الدنيا فوق رأسي.. ورأس الجميع.. أنتفض فجأة.. ينتابني ألم مسعور.. ينخر في قلبي.. أمسك صدري وأنا أصرخ..أصرخ.. أصرخ.. أرمي بنفسي علي جسدك الهامد.. أحتضنك في جنون غاشم.. وأنا أبكي في حرقة.. لماذا.. لماذا يا حبيبتي.. لماذ؟..

    البكاء يشق قلبي.. ومن قلبي تطلع وردة مغروسة في الدم.. تتساقط أوراقها رويداً.. ورقة.. ورقة.. ومع آخر ورقة.. يلفظ القلب كل دقاته.. ويغادر جسدي ويلقي بنفسه من قمة صدري للأرض.. فيتهشم وسط بقايا أوراق الورد..

    لماذا يا حبيبتي.. لماذا؟..
    وأنا.. وأنت.. أعني.. الحب.. أقصد.. ربما.. أأ.. أأ.. أأ..
    ألهث بشدة.. وأشهق في تتابع حتى أتخيل روحي تنزلق من حلقي.. أسقط على الأرض.. وأسند رأسي للحائط.. تغيم المرئيات أمام بصري..
    أراك تنهضين من رقدتك فزعة.. ملهوفة.. تندفعين نحوي وتحضنين رأسي في صدرك.. وتهمسين "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. بسم الله الرحمن الرحيم" وتندفعين لتحضري لي كوب ماء..
    أراك تسهرين الليل ولا تنامين لتوقظيني في مواعيدي المهمة..
    أراك تكتمين أناتك وتعانين صامتة حتى لا تعكرين فترات راحتي..
    أراك.. تهاجرين إلى كل أساطين الطب في كل مكان.. لتحققين لي حلم الأبوة رغم معرفتك أن المشكلة عندي..
    أراك.. تكتملين.. وتتألقين.. تعزفين لي وحدي.. على قمة هذا العالم.. نشيد الوجد... وتقودينني لبلاد الفرح واللؤلؤ..
    أراك تكبرين.. وتكبرين.. تتقدمين ناحيتي.. وفي عينيك وفي يديك وفي شفتيك وفي روحك.. نظرة عتاب كبيرة جداً.. ومصرة جداً.. ورغم ذلك.. تمدين يدك الكبيرة كعالم.. المتسعة كضحكة بريئة.. تربتين كتفي.. وتهمسين.. أحبك.. أحبك..
    وأنا أيضاً أحبك يا حبيبتي وأمي وزوجتي.. أحبك يا وطني.. يا دنسي وطهارتي.. يا خوفي وأمني.. أحبك.. أحبك.. والله العظيم أحبك..
    بيد أني لا ألبث أن أراك تقابلينه.. وتضحكين في وجهه.. أرى يديك في يديه.. أراك تكلمينه عني وتضحكين في سخرية.. فأهتز من البكاء.. وأشتعل بالألم.. وأغوص إلى أسفل.. إلى أسفل.. أسفل.. أسفل.. أسـ..
    أنتفض من مكاني بغتة..على صوت رنات جرس الباب المستفز..
    أجن.. أنظر حولي في كل مكان.. أرتعش.. أهم بالقفز من النافذة.. أتراجع.. اهدأ.. اهدأ.. أنت في بيتك.. اهدأ.. تدور عيناي في كل مكان..
    الصوت اللحوح.. من الأحمق الذي يأتي الآن؟..
    ماذا أفعل... ماذا أفعل..؟
    لن أرد.. هذا عين العقل.. لن أرد.. سوف ينصرف الطارق في أي لحظة.. لن أرد.. أجوب الغرفة جيئة وذهاباً.. لن أرد.. اهدأ.. لازلت محتفظاً بنقاء ذهنك.. لن ترد.. ولن تنهار.. أنا أعرف أنك لن ترد ولن تنهار.. اهدأ.. اهدأ..
    الصوت اللحوح.. الذي يبدو كأنه يدق في أذني مباشرة..لن أرد.. لن أرد..
    أجلس.. ثم أنهض.. ثم أجلس.. ثم رويداً وببطء.. يفتر ثغري عن ابتسامة غريبة.. تواصل الاتساع كل لحظة.. ولماذا لا أرد.. أتأمل الخاطر في لذة عجيبة.. لماذا لا أرد.. ما قيمة أي شيء؟..

    ولا أدري لماذا انتابني فجأة كل هذا الاستهتار.. لماذا قررت فجأة أن أفتح الباب.. وليكن ما يكون.. لماذا مشيت نحوه كالمنوم.. وبدون أي تفكير فتحته فجأة.. حتى أن الزائر المجهول انتفض من فرط المفاجأة..

    ـ أنا.. أنا آسفة.. كنت أحسب حضرتك في العمل.. أنا.. أنا.. زميلة المدام في العمل و.. هل هي موجودة؟
    ..نعم قتيلة في غرفتي.. يا حمقاء.. أتمتم في نفسي وابتسامتي تزداد.. من هذه المرأة؟ وماذا تريد؟.. أتنحنح لأرتب أفكاري.. أجيب في خشونة:
    - لقد خرجت.. أي خدمة؟

    يبدو على ملامحها اضطراب عظيم.. تهم بالانصراف إلا أن ثمة شيئا ملحا خطر لها فجأة فجعلها تعيد التفكير.. بعد استدارتها للانصراف.. تعود لي بوجهها وتهمس برجاء:
    - أرجوك لي أمانة هنا.. أريدها حالاً.. الموضوع لا يحتمل التأخير..
    - أي أمانة تعنين؟
    - مجرد مجموعة خطابات.. لقد أعطيتها لزوجتك لتحفظها لي.. أنا أعرف أين وضعتها..
    - خطابات.. خطابات تخصك.. هل تقصدين.. أعني خطابات.. بحق.. خطابات.. تعنين خطابات عادية.. خطابات.. خطابات..
    - نعم.. نعم.. أنا أعرف مكانها.. اسمح لي فقط بالدخول.. أرجوك مجرد ثوان..

    أفسح لها كالمشلول.. كانت تتجه ناحية المكتبة.. ناحية الرف العلوي....

    وتزيح أحد الكتب الضخمة.. وتلتقط.. نعم تلتقط.. رزمة من الخطابات الوردية الملفوفة بشريط أحمر...!! .


    فارس العشق

  2. #2
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307
    مساااااااااااء جميل ...

    ،،،

    اذا كانت ضحية شك قاتل ..
    تلك العاشقة جدا !!

    فارس العشق ..

    بحق قرأتها باستمتاع ..
    وتابعت احداثها خطوة بخطوة !!

    ورحلت ضحية ..
    جنوووووووووون لم يبصر .. !!


    شكرا فارس العشق ..
    تميز بحق في الحرف !!


  3. #3
    الصورة الرمزية فارس العشق
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    09- 2004
    العمر
    40
    المشاركات
    123
    شكرا أخي عاشق السمراء ..

    جميل تواصلك

    فارس العشق

  4. #4
    الصورة الرمزية الإمبراطور
    Title
    عضو شرف
    تاريخ التسجيل
    06- 2002
    المشاركات
    2,395
    وصف تعبيري رائع وقوي..

    سلمت ايها الفارس

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML