صفحة 15 من 16 الأولىالأولى ... 513141516 الأخيرةالأخيرة
النتائج 141 إلى 150 من 156

الموضوع: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

  1. #141
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    وضعت الأشياء في المطبخ و استدرت راغبا في العودة لجلب البقية ... رغد واقفة عند باب المطبخ تراقبني ...
    حين مررت منها ...
    " وليد "
    وقفت ... و عاودني الشعور بالألم في معدتي فجأة ... يكفي أن أسمعها تنطق باسمي حتى تتهيج كل أوجاعي ...
    لم أرد ، و لكنني توقفت عن السير منتظرا سماع ما تود قوله ...
    " وليد "
    عادت تناديني ... تعصرني ...
    " نعم ؟؟ "
    قالت :
    " ألم يعد يهمك أمري ؟؟ "
    فوجئت بسؤالها هذا فالفت إليها مندهشا ...
    كانت عيناها حمراوين ربما من أثر النوم ... و لكن القلق باد عليهما ...
    " لم تقولين ذلك !؟ "
    قالت :
    " لم لم تبد رأيك بشأن زواجي ؟؟ "
    تصاعدت الدماء المحترقة إلى شرايين وجهي و ربما إلى حلقي لكنني ابتلعتها عنوة
    قلت :
    " إنه أمر يخصكما وحدكما ... و لا شأن لي به "
    رغد هزت رأسها اعتراضا ثم قالت :
    " لكن وليد ... أنا ... "
    و لم تتم الجملة ، إذ أن أخي سامر أقبل يحمل بعض الأغراض ، فسرت أنا خارجا لجلب المتبقي منها ...
    فيما بعد ، و سامر يحمل بطانية و وسادة قاصدا الذهاب للنوم في غرفة الضيوف و تركي أنام في غرفته ، كما أصر ... و قبل أن يخرج من الغرفة توقف و قال :
    " وليد ... هل لي بسؤال ؟ "
    " تفضل ؟؟ "
    تأملني لحظة ثم قال :
    "وليد ... لماذا ... قتلت عمّار ؟؟ "
    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
    ذهبت مباشرة إلى غرفتي ، قبل أن تحضر أمي و دانه ثم تطلبان مني مساعدتهما في الغسل و التنظيف ...
    فأعمال المنزل هي آخر آخر شيء أفكر بالقيام به في هذه الساعة ، و هذه الحال
    يكاد قلبي ينفطر أسى ... لحقيقة مرة أتجرعها رغما عني
    وليد لم يعد يهتم لأمري ... و لم أعد أعني له ما كنت و أنا طفلة صغيرة ...
    ربما ظن الجميع أنني أويت لفراشي و نمت ... فعادتي أن أنام مبكرة ، ألا أنني قضيت ساعات طويلة في التفكير و الحزن ... و الألم و الدموع أيضا
    لماذا يعاملني وليد بكل هذا الجفاء و يبتعد كلما اقتربت ؟؟
    و دليل آخر ... تكرر صباح اليوم التالي ...
    فقد نهضت متأخرة ... و وجدت الجميع مجتمعين في غرفة المعيشة يتناقشون حول أمور شتى ...
    دخلت الغرفة فتوقف الجميع عن الحديث ، و ألقيت تحية الصباح ... ثم خطوت باتجاه أحد المقاعد راغبة في مشاركتهم أحاديثهم ...
    و الذي حدث هو أن وليد نهض ، و هم بالمغادرة ...
    شعرت بألم حاد في صدري ...
    قلت :
    " كلا ... ابق حيث أنت ... أنا عائدة إلى غرفتي ... اعتذر على إزعاجكم "
    و استدرت بسرعة مماثلة للسرعة التي بها انهمرت دموعي ...
    و غادرت المكان ...
    ذهبت إلى غرفتي و سبحت في بحر دموعي ...

  2. #142
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    وافتني أمي بعد قليل و رأتني على هذه الحال
    " رغد يا عزيزتي ... لا تأخذي الأمر بهذه الحساسية ! إنه لا يقصد شيئا ... لكنه الحياء ! "
    انفجرت و تفوهت بجمل لم أفكر فيها إلا بعد خروجها ، من شدة تأثري ...
    قلت :
    " إذا كان وجودي في هذا البيت يزعجه فأنا سأرحل إلى بيت خالتي ... ليأخذ حريته التامة في التجول حيثما يريد "
    أمي صدمت بما قلت ، و حملقت بي باندهاش ...
    " رغد ! كيف تقولين ذلك ؟؟ "
    " إنه يتعمد تجاهلي و تحاشي ّ ... كأنني فتاة غريبة و موبوءة ... أ لهذا الحد لم يعد يطيقني ؟ ألم أعد أعني له شيئا ؟؟ ألم يكن يعني لي كل شيء في الماضي ؟؟ "
    و سكت ، التقط بعض الأنفاس و أمسح الدموع بكومة من المناديل متكدسة في يدي ... كنت أبكي بانفعال ...
    والدتي قالت فجأة :
    " و الآن ؟؟ "
    نقلت بصري من كومة المناديل المبللة في يدي ، إلى عيني أمي و نظراتها المقلقة ...
    و الآن ؟؟
    أعتقد أن أمي كانت تلمح إلى شيء ، لم تجرؤ على التصريح به ... و إن قرأت بعض معالمه في عينيها ...
    إنها نفس النظرة التي رمقتني بها تلك الليلة ، ليلة رحيل وليد السابق ، قبل أذان الفجر ...
    و خفت ... من الحقيقة التي لا أريد أن أكتشفها أو يكتشفها أي كان ... حقيقة الشعور بالحرارة التي تتأجج داخلي كلما كان وليد على مقربة ..
    في ذات اليوم ، أصررت على الذهاب إلى بيت خالتي و تناول الغذاء مع عائلتها
    كنت أريد أن أبتعد مسافة تسمح لي بالهدوء ، فنبضاتي لا يمكن أن تهدأ و وليد في مكان قريب ...
    هناك فوجئت بأمر آخر !
    خالتي انفردت بي لبعض الوقت في إحدى الغرف و بدون أية مقدمات سألتني :
    " هل صحيح أنك ... أنك لا ترغبين في الزواج من ابن عمك سامر ؟؟ "
    دهشت و هالني ما سمعت ... قلت بذهول :
    " أنا ؟ من ... قال ذلك ؟؟ "
    خالتي كانت تحدثني بجدية و قلق واضحين ...
    قالت :
    " لقد سمعَتْك سارة تخبرين نهلة بهذا ذات مرة ... و ذكرت الأمر على مسمع مني و من حسام ... و من حينها و هو و أنا معه في جنون ! "
    لم أع ِ الأمر بالسرعة المفروضة ، بل بقيت أحملق بدهشة و بلاهة في عيني خالتي ... و ربما هي فسرت صمتي موافقة على ما تقول ...
    " رغد ... أخبريني بكل شيء ... فإن لم تكوني ترغبين في الزواج من ذلك المشوه فثقي بأنني لن أسمح لهذا الزواج بأن يتم أبدا "
    فيما بعد ، كنت أجلس مع نهلة في غرفتها دون وجود سارة ـ لوحدنا أخيرا !
    قلت :
    " و تقولين أنها لا تعي شيئا ؟ إنها أخطر مما ظننت ! يا لجرأتها ... كيف تخبر خالتي و حسام بأمر كهذا !؟ هل أنا قلت ذلك ؟؟ "
    نهلة تنهدت و قالت :
    " هذا ما ترجمه دماغها الصغير ! لقد قلت أنك لا تريدين الزواج الآن ! أخضعتني أمي لاستجواب مكثف ، و أخي حقق معي مطولا بسبب هذا الأمر ! "
    " يا إلهي ! "
    ابتسمت نهلة ابتسامة سخرية ماكرة ، ثم وقفت فجأة و نفخت صدرها هواء ً ، و رفعت كتفيها عاليا ، و قطبت حاجبيها و عبست بشكل غريب مرعب و قالت بنبرة خشنة ـ تقلد حسام :
    " أمي يجب أن تتأكدي من الأمر لأنني إن اكتشفت أنهم أرغموها على هذا الزواج أو استقلوا كونها يتيمة و صغيرة و ضعيفة ، فأقسم بأنني سأشوه النصف الآخر من وجه ذلك اللئيم الماكر "
    قفزت أنا واقفة بغضب ...

  3. #143
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    " نهلة ! "
    ألا أنها تابعت تمثيل المشهد :
    " قلت لك يا أمي ... تدخلي و امنعي هذا الارتباط منذ البداية ... أترين أن فتاة في الرابعة عشر هي مدركة بالقدر الكافي لتحديد مصيرها في أمر كهذا ؟؟ كيف تجرءوا على فعل هذا كيف ؟؟ كيف ؟؟ ويل لذاك المشوه مني "
    " يكفي نهلة ... "
    قلت بعصبية ، فعادت نهلة إلى شخصيتها الطبيعية ، و قالت :
    " هذا ما كان يحصل كل يوم ! تعرفين أن حسام يبغض خطيبك من ذلك الحين ! "
    قلت :
    " لا أقبل أن ينعته أحد بالمشوه ... و تشوه وجهه ليس شيئا يستحق أن يعير عليه"
    نهلة جلست على السرير ، و قالت :
    " ليس بسبب التشوه هو ناقم منه ! تعرفين ! إنه بسببك أنت ! لازال مولعا بك ! "
    انزعجت من هذا ... فقد كنت أظن أن الأمر قد انتهى ... لكن ...
    " أرجوك نهلة لنغير الموضوع ... لقد أكدتُ لوالدتك أن سارة فهمت خطأ ... و إن بدا عليها عدم الاقتناع ... لكن لندع الأمر ينتهي الآن ... "
    و أتيت و جلست قربها ... ثم اضطجعتُ مسترخية على السرير ...
    " إذن ... ماذا قررت ؟ مع دانه أم بعدها ؟؟ "
    تنهدت بانزعاج من الموضوع برمته ... قلت :
    " لم أقرر يا نهلة ... لماذا يطاردني الجميع بهذا السؤال ؟؟ "
    نهلة أمسكت بيدي اليمنى و أخذت تحرك خاتم الخطوبة حول إصبعي البنصر و تقول :
    " لأن هذا الخاتم سئم البقاء حول هذا الإصبع ! إنها أربع سنوات يا رغد ! "
    قلت :
    " لكنني لا أزال صغيرة ! ألا ترين ذلك ؟؟ أريد أن أتخرج من الجامعة أولا.. و أريد أن ... تتغير علاقتي بسامر فأنا لا أشعر بشيء مميز تجاهه "
    كنت أنظر إلى السقف ، و لكن رأس ابنة خالتي ظهر أمامي فجأة ... و أجبرني على النظر إلى عينيها ...
    قالت :
    " تقصدين لا تحبينه ... "
    و كان تقريرا إجباريا لا سؤالا ...
    التفت يمينا فأمسكت هي بوجهي و أعادته حيث كان و أجبرتني على النظر إلى عينيها الناطقتين بالحق ...
    " لا تهربي رغد ! أنت لا تحبينه ! "
    استسلمت ... و غضضت بصري ... أتحاشى تلك النظرة الثاقبة الفاهمة ...
    نهلة هي أكثر شخص يفهمني و أبوح إليه بأسراري و كل ما يختلج مشاعري ...
    نهلة مسحت على رأسي بعطف و قالت :
    " رغد ... لا تتزوجيه إذا لم تكوني ترغبين في ذلك ... إنه كالأخ بالنسبة إليك ! أبقيه أخا فأنت بحاجة إليه كأخ لا كزوج ! "
    " نهلة ! ... "
    و ضربت أنفي بإصبعها ضربة خفيفة و هي تقول :
    " أليس كذلك ؟؟ "
    عدت أحدق بها ... في حيرة من أمري ...
    قلت :
    " من أتزوج إذن ؟؟ "
    هي ابتسمت و قالت بمكر :
    " أخي حسام ! "
    رفعت رأسي و صدمت جبينها بجبيني عمدا ثم جلست و أخذت هي تمثل دور المتألمة !
    " آه ... رأسي ! كسر في الجمجمة ! انجدوني ! "
    قلت بنفاذ صبر :
    " قلت لك ! لا تتوبين !"

  4. #144
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    قالت و قد بدت عليها الجدية الآن :
    " صدقيني يا رغد ... إنه مهووس بك ! "
    قلت :
    " و الآخر كذلك ! لم تظنينه يلح علي بالزواج ؟ إما أن نتزوج أو يفتش عن وظيفة أخرى تبقيه قربي ! "
    قالت ، تنظر إلي بعين شبه مغمضة و حاجبيها مرفوعين أقصاهما :
    " من مثلك ! عاشقان في وقت واحد ! يا للحظ ! كم أنا مسكينة ! "
    " قلت لك لا تتوبين ! أوه نهلة ! لسوف أطلب من خالتي التفتيش عن عريس لك حتى أتخلص منك كما تخلصت من دانه ! "
    ضحكت نهلة و قالت :
    " سأتزوج من شقيق زوجك حتى آتي للعيش معك ! لن تتخلصي مني ! "
    و استمرت في الضحك ...
    الجملة أثارتني كثيرا ... غضبت و قلت بانفعال لا يتناسب و دعابتها العفوية :
    " قلت لك دعي وليد و شأنه ... لا تأتي بذكر هذا ثانية أ فهمت ِ ؟؟ "
    نهلة ابتلعت ضحكتها و نظرت إلي بشيء من التعجب و الحيرة ...
    " ما الأمر رغد ! كنت أمزح ... لم انفعلت هكذا ؟؟ "
    خجلت من نفسي فأنا لا أعرف لم انفعلت بهذا الشكل بينما هي تمزح ليس إلا ...
    بل ، و حتى لو كان كلامها غير مزاح ... لم علي الانفعال هكذا ؟؟
    اعتقد أن وجهي تورد ... فنظرات نهلة توحي بأنها تلحظ شيئا غريبا على وجهي ...
    التفت نحو اليسار أخفي شيئا مما قد يكون ظاهرا على وجهي دون أن أملك القدرة على مواراته لكن توتري كان أوضح و أفصح من أن يغيب عن ذهن نهلة ... التي تعرفني عز المعرفة ...
    " رغد ... ماذا دهاك ؟؟ "
    " أنا ؟ لا شيء ... لا شيء "
    و الآن استدرت كليا ، و أوليتها ظهري ... بل و سرت نحو المجلة الموضوعة على المنضدة قرب سرير نهلة ... متظاهرة بالبرود ...
    قالت تحاصرني :
    " وليد غائب الآن ؟؟ "
    قلت :
    " لا ... عاد إلينا منذ يوم أمس الأول ... "
    و أمسكت بالمجلة ، و جلست على السرير ، و أخذت أقلب صفحاتها و ألْهي نفسي بالتفرج على الأزياء و المساحيق و العطور ... و حتى الأخبار السياسية و الرياضية ... و صور اللاعبين !
    " أوف ! "
    أغلقت المجلة بسرعة ، بعد أن وقعت عيناي على صورة نوّار يبتسم !
    يا إلهي ! كم أنفر من هذا الشخص ! رغم أنه محبوب من قبل الكثيرين و الكثيرات !
    " ماذا دهاك ؟؟ "
    " إنه ذلك المغرور ! من أمنيات حياتي ... أن أتصفح مجلة ذات يوم ثم لا أجد صورة له فيها ! يا له من شخص بغيض ! أتساءل ما الذي يجذب هؤلاء البشر إليه ؟؟ دانه المسكينة ! "
    " و لم مسكينة ..؟ ألست تقولين أنها تحبه ؟؟ "
    " كثيرا ! إنه سيعود الليلة من رحلته و ستقيم الدنيا و تقعدها من أجله ! لابد أنها الآن تعد أطباق العشاء و الكعك من أجله ! الحمد لله إنني لست معها في المطبخ هذه الساعة ! "
    و ضحكنا بمرح ...
    ثم قالت :
    " و خطيبك سيرحل اليوم ؟ "
    " نعم ... خلال ساعتين "
    " إذا ... ألا يجدر بك أن تكوني معه الآن ؟؟ "
    وقفت ... و سرت في الغرفة بضع خطوات حائرة ... فقد خرجت من منزلي منذ الصباح ، و هاهي الساعة تتجاوز الثالثة ظهرا ... و لابد أن سامر ينتظر عودتي الآن ...

  5. #145
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    قلت :
    " إنه مع وليد ... الكل محتفٍ بعودته و مشغول به ! من سيذكرني هذه اللحظة ؟؟ "
    قالت :
    " هل سيرحل وليد عاجلا ؟ "
    " لا .. على ما أظن و أتمنى "
    " تتمنين ؟؟ "
    وقعت في شركي ! قلت محاولة التصحيح و التعديل :
    " أقصد نتمنى جميعا ... فلا أحد يود رحيله و والداي سيحزنان كثيرا جدا كالمرة السابقة و التي سبقتها إن رحل ... أتمنى أن يستقر هنا و يريح الجميع "
    ربما كان الحمرة تعلو وجهي هذه المرة أيضا ...
    و الآن ... إي شيء أشغل يدي به تغطية على اضطرابي هذا ؟ ألا يوجد في الغرفة مجلة أخرى ...؟؟
    وقع بصري على مجموعة زجاجات العطر أمام مرآة الغرفة ، فذهبت أليها أشمها واحدة تلو الأخرى ...
    أقبلت نهلة و وقفت إلى جانبي ...
    قالت :
    " ربما لديه ارتباطات هامة هناك ! عمل ... منزل ... عائلة ... زوجة ! "
    استدرت إليها و قد اكفهر وجهي ... و قلت بسرعة :
    " إنه غير متزوج "
    " أحقا ؟؟ "
    كانت نظراتها تشكيكية مخيفة ! قلت :
    " طبعا ! و هل تظنين أنه سيتزوج دون إبلاغنا ! مستحيل ! ما يبقيه هناك هو العمل ... ليته يجد فرصة للعمل هنا و يستقر معنا ... "
    قالت :
    " لتضمنوا عدم رحيله ... زوجوه ! "
    و أضافت و هي تبتسم بمكر :
    " أنتم الثلاثة في ليلة واحدة ! و نتخلص منكم ! "
    رفعتُ إحدى زجاجات العطر أمام وجهها بغتة و تأهبتُ لرش العطرعلى عينيها !
    " أوه لا لا رغد كنت أمزح ! "
    و فرّت و صرت أطاردها حتى جلسنا على السرير نضحك بشدة !
    بعد قليل ... قلت :
    " علي العودة للبيت ! سامر ينتظر اتصالي ! "
    و قمت ، متوجهة إلى الهاتف الموضوع على مكتب نهلة ...
    و اتصلت بالمنزل ... و إذا بالدماء تتصاعد من جديد و بغزارة إلى وجهي ... و نهلة تقترب مني و تراقبني ...
    " وليد ؟ إنها أنا "
    " ( مرحبا ... رغد ) "
    " إمم .. أود التحدث إلى سامر "
    " ( سامر ... أظنه يستحم الآن ! هل تريدين شيئا ؟ ) "
    " أأأ ... أريد أن يأتي إلي ّ ... هل لا أبلغته بأنني أنتظره ؟ "
    " ( حسنا ) "
    " شكرا "
    " العفو ... صغيرتي "
    و أغلقت السماعة بصعوبة ... فقد كانت يدي ترتجف !
    و بدأت أتنفس بعمق و أشعر بالحر ... و أيضا ... أتصبب عرقا !
    نهلة وقت أمامي مباشرة تشاهد الاضطراب الذي اعتراني فجأة ... بحيرة و فضول
    " رغد ... "
    " نعم ؟؟ "
    " لماذا تنفعلين كلما جيء بذكر وليد !؟ "

  6. #146
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    " أنا ؟؟ من قال ذلك !؟ "
    و مدت نهلة يدها و تحسست جبيني براحتها ...
    " إنك تغلين ! وجهك أحمر ناضج و جبينك مبلل بالعرق ! "
    أربكتني كثيرا كلمات نهلة ... و حاولت التملص من نظراتها لكنها حاصرتني ...
    ابتعدت عنها و ذهبت إلى حيث أضع عباءتي لأرتديها استعدادا للمغادرة !
    " و لكن خطيبك لم يحضر بعد ! "
    " سأستعد ... "
    كنت أريد أن أنشغل بشيء بعيدا عن نظرات نهلة التي تخترق أعماقي ...
    كنت أضبط حجابي مولية إياها ظهري ...
    قالت :
    " خطيبك شاب جيد يستحق فتاة رائعة مثلك ! "
    تابعت ترتيب حجابي دون أن أعير جملتها هذه اهتماما ...
    قالت :
    " و أخي شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلك ! "
    و لم ألتفت إليها ! حتى لا أدع لها مجالا لفتح الموضوع مجددا !
    و تابعت ارتداء عباءتي ...
    " و وليد شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلي ! "
    استدرت فجأة نحو نهلة ... باضطراب و توتر و انزعاج جلي شديد ! ...
    اصطدمت نظراتنا الحادة العميقة ... و بقينا لبضع ثوان نحملق في بعضنا البعض ...
    نهلة أوقعت بي ...
    إنها خبيثة !
    كنظراتها التي ترشقني بها الآن ...
    أتت نحوي ... و رفعت يدها و أمسكت بعباءتي و سحبتها ...
    " رغد يا ابنة خالتي العزيزة ... لن تخرجي من هنا حتى أعرف ما حكايتك مع وليد ! "
    بعد عشر دقائق كنت أجلس في السيارة إلى جانب سامر ...
    " هل تحبين أن نتجول قليلا قبل العودة ؟؟ "
    " كما تشاء "
    قضينا قرابة الساعة نجول في شوارع المدينة ... و نتبادل الأحاديث ...
    سامر ... و الذي لم يجد الفرصة السانحة قبل الآن لفتح الموضوع ، سرعان ما تطرق إليه ...
    " الوقت يمضي يا رغد ... لقد بدأت أضيق ذرعا بالوحدة هناك ... لا أريد أن أخسر وظيفة ممتازة كهذه ، لكنني لا أريد أن أبقى بعيدا أطول من ذلك ... "
    حرت و لم أجد تعقيبا ملائما ... و ربما صمتي أحبط سامر ... ففقد حماسه للمتابعة بعد بضع جمل ...
    حينما وصلنا إلى المنزل ، وجدنا والدي ّ و وليد يجلسون في الفناء الخارجي ، حول الطاولة الصغيرة القريبة من الشجرة الطويلة ، بجانب الباب الداخلي ...
    كان الجو جميلا ... و العصافير تغرد بحماس على أغصان الشجرة ... و الدخان يتصاعد من أقداح الشاي الموزعة على الطاولة ...
    سامر كان يمسك بيدي ، ثم أطلقها و سار نحوهم بسرعة ...
    " شاي أم وليد ! أين نصيبي ؟؟ "
    و انضم إليهم ...
    ألقيت نظرة على وليد فرأيته ينظر نحوي و لكن سرعان ما بدد نظراته نحو الفراغ ... لم يكن يريد النظر إلي ...
    علي أن أنصرف قبل أن ينهض مغادرا ظانا بأنني سأنضم إليهم ...
    توجهت نحو الباب و دخلت إلى الداخل ...
    كنت بالفعل أتمنى أن أشاركهم ! و لكن لو فعلت ... فبالتأكيد سيغادر وليد ...
    ما أن دخلت حتى وصلتني رائحة الكعك الشهية ! و سرت إلى المطبخ !
    " دانه ! رائحة كعكتك زكية جدا ! دعيني أتذوقها ! "
    " عدت ِ أخيرا ! لا يا عزيزتي ! هذه لنوّار و نوّار فقط ! "

  7. #147
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    " و هل سيأكل الكعكة كاملة ! مسكين ! كيف سيلعب إذا انفجرت معدته ؟ "
    نظرت إلي ّ بانزعاج و صرخت :
    " رغد ... انصرفي فورا ! "
    ضحكت و خرجت ، متوجهة إلى غرفتي حيث وضعت حقيبتي و عباءتي ، و وقفت أمام المرآة أتأمل وجهي ...
    لم يكن الإفلات من محاصرة نهلة سهلا ... أي حكاية لي مع وليد ؟؟؟ ما أكثر الحكايات !
    أريد أن أنضم إليهم !
    على الأقل ... سأراقبهم من النافذة !
    و بسرعة خرجت من غرفتي قاصدة الذهاب إلى النافذة المشرفة على الفناء الأمامي ... حيث هم يجلسون ...
    من تتوقعون صادفت في طريقي ؟؟
    نعم وليد !
    دخل للتو ... و حينما رآني توقف برهة ... ثم سار مغيرا طريقه ...
    ربما كان يود القدوم من ناحيتي ألا أنه غير مساره و انعطف ناحية المطبخ ...
    أ لهذا الحد لا يريد أن يراني أو حتى يمر من ممر أقف أنا فيه ؟؟
    " وليد "
    ناديته بألم ... إذ أن تصرفه هذا جرحني ...
    لم يلتف إلي ، و رد ببرود :
    " نعم ؟ "
    تحشرج صوتي في حنجرتي ... و بصعوبة نطقت ، فجاء صوتي خفيفا ضعيفا لم أتوقع أنه سمعه ... لكنه سمعه !
    " أريد أن أتحدث إليك "
    " خيرا ؟ "
    كل هذا و هو مدير ظهره إلي ... أمر ضايقني كثيرا ...
    " وليد ... أنا أحدثك ! أنظر نحوي ! "
    استدار وليد بتردد ، و نظر إلى عيني نظرة سريعة ثم طارت أنظاره بعيدا عني ...
    كم آلمني ذلك ...
    قلت :
    " لماذا لا تود التحدث معي ؟؟ "
    بدا مضطربا ثم قال :
    " تفضلي ... قولي ما عندك "
    و تنهد بضيق ...
    قلت بمرارة :
    " إذا كنت لا تود الاستماع إلي ... و لم يعد يهمك أمري ... فلا داعي لقول شيء "
    وليد التزم الصمت ...
    ثم و بعد أن طال الصمت بنا ، استدار راغبا في الانصراف ...
    أنا جن جنوني من إهماله لي بهذا الشكل ... و أسرعت نحوه و قبضت على يده و قلت بحدة و مرارة :
    " انتظر ... "
    وليد سحب يده و استدار نحوي بغضب ... و رأيت النار تشتعل في عينيه ... كان مرعبا جدا ...
    الدموع تغلبت علي الجفون ... و تحررت من قيودها و شقت طريقها بإصرار و شموخ على الخدين ...
    وليد توتّر ... و تلفت يمنة و يسرة ... ثم قال :
    " لماذا تبكين الآن ؟؟ "
    قلت بعدما أغمضت عيني أعصر دموعها ... ثم فتحتهما :
    " لماذا لم تعد تهتم بي ؟ لماذا تتحاشاني ؟ لماذا تعاملني بهذه الطريقة القاسية و كأنني لا أعني لك شيئا ؟؟ "
    الرعب ... و الذعر و الهلع ... أمور أثارتها نظراته الحادة المخيفة التي رماني بها بقسوة ... قبل أن يضربني بكلماته التالية :
    " يا ابنة عمي ... لقد كبرت ِ و لم تعودي الطفلة المدللة التي كنتُ أرعاها ... أنت الآن امرأة بالغة ... و على وشك الزواج ... لدي حدود معك لا يجوز تخطيها ... و لديك سامر ... ليهتم بأمرك من الآن فصاعدا "
    و تركني ... و سار مبتعدا إلى الناحية التي كان يريد سلكها قبل ظهوري أمامه ...
    اختفى وليد ... و اختفت معه آمال واهية كانت تراودني ... وليد الذي تركني قبل تسع سنين ، لم يعد حتى الآن ..
    مسحت بقايا دموعي و آثارها ... و خرجت إلى حيث كان والدي ّ و سامر يجلسون حول الطاولة ...
    أقبلت نحوهم فوقف سامر مبتسما يزيح الكرسي المجاور له إلى الوراء ليفسح المجال لي للجلوس ...
    سامر ... كان دائما يعاملني بلطف و اهتمام بالغ ، و يسعى لإرضائي و إسعادي بشتى الوسائل ...
    اقتربت من سامر و نقلت بصري منه ، و إلى والديّ ، ثم إلى أكواب الشاي و الدخان الصاعد من بعضها ... ثم إلى الخاتم المطوق لإصبعي منذ سنين ... ثم إلى عيني سامر اللتين تراقباني بمحبة و اهتمام ... ثم قلت :
    " سامر ... لقد اقتنعت ... سنحتفل مع دانه "

    ---------------------
    نهايه الحلقه الـ19

  8. #148
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    الحلقه العشرون
    ~ نهاية المطاف ~
    كنت قد دخلت إلى داخل المنزل لإحضار سيجارة ...
    فكلما شعرت بالضيق ، عكفت على التدخين بشراهة ...
    و رؤية رغد و سامر يقبلان نحونا ... و أصابعهما متشابكة جعلت شعبي الهوائية تنقبض و تنسد ...
    سامر جلس معنا ، و ذهبت رغد إلى الداخل ...
    بعد قليل دخلت قاصدا الذهاب إلى غرفة سامر و إحضار السجائر ، فرأيتها أمامي ...
    الغضب الذي كان يسد شعبي مع ذلك الهواء خرج فجأة باندفاع مصبوبا عليها ... فتحدثت معها بقسوة رافضا الإصغاء إلى ما كانت تود إخباري به ...
    الآن أنا في الغرفة أشعر بالندم ...
    لماذا أصبحت أعاملها بهذه الطريقة ؟؟
    أليست هذه هي رغد ... طفلتي الحبيبة المدللة ؟؟
    رغد ...
    أتسمعون ؟؟
    أتدركون ؟؟
    إنها رغد ! رد !
    حملت سجائري و ذهبت في طريقي إلى الخارج ...
    عند عبوري الممر قرب المطبخ لمحت أختي دانه ، و كانت ترتدي مريلة خاصة بالمطبخ و توشك على المسير نحو الباب ...
    " وليد ! ... أوه سجاغئر ! "
    ثم مسكت أنفها بإصبعيها كمن يمنع رائحة كريهة من اقتحام أنفه !
    " لن أدخن هنا ! "
    قالت :
    " أنا أيضا ذاهبة لوداع سامر ! رغد الكسولة تركتني أعمل وحدي ! "
    و خرجنا سوية ..
    رغد كانت تجلس قرب سامر ... الذي يبدو على وجهه الانفعال و السرور !
    قالت دانة :
    " آسفة سامر سأودعك الآن و أعود للمطبخ ! "
    و وجهت كلامها إلى رغد :
    " فالكسالى يجلسون هنا ! و لكن بعد أن أتزوج ستقع على رؤوسهم أعمال المنزل
    رغما عنهم ! "
    سامر ضحك ، و كذلك والدي ... أما رغد فألقت نظرة لا مبالية على دانه ثم أخذت تشرب الشاي ...
    والدتي قالت :
    " بل على رأسي أنا ! فأنتما ستخرجان من هنا في ليلة واحدة ! "
    أنا صعقت ... و اكفهر وجهي ... و حملقت في رغد ... أما دانه فقالت :
    " ماذا ... أمي ؟؟ هل ...؟؟ "
    سامر قال :
    " قررنا أخيرا !! "
    دانه سارت نحو رغد ببهجة فوقفت الأخرى و تعانقتا ...
    " أيتها الخبيثة ! هل تريدين سرقة الأضواء مني ؟؟ "
    و ضحكتا بمرح ...
    ثم عانقت دانة سامر و تمتمت ببعض الكلمات ، ثم ودعته و عادت إلى الداخل ...
    " يجب أن أغادر الآن ! "
    قال ذلك سامر ... فوقف والدي ، و احتضنهما و قبل رأسيهما ...
    ثم أمسك بيدي رغد ، و ضمها إليه في عناق طويل ...
    كل هذا و أنا واقف كالشجرة التي إلى جانبي ... أشعر بالصواعق تضربني من كل جانب ، و أعجز عن فعل شيء ...

  9. #149
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*


    و الآن ... يقبل الخائن نحوي أنا ... يريد توديعي ...
    ابتعد يا سامر فأنا أشعر برغبة جنونية في ضربك ! و لا أعرف أي قوية امتلكت لحظها و منعت يدي من أن تحطم وجهه ...
    صافحته و عانقته عناقا باردا خال من أية مشاعر ... و تركته يذهب ...
    بعدما خرج ، تجاوزت الطاولة و من يجلس حولها ، و وقفت بعيدا لئلا أزعج أحدا بدخان سجائري ...
    كنت أسمع أصوات الثلاثة ، أبي و أمي و الخائنة يتحدثون عن أمور الحفلة و الإعداد لها ...
    و كنت أشعر بأن طبقة سميكة من الإسمنت قد صبت على صدري و يبست و كتمت أنفاسه ...
    أمي ذهبت بعد ذلك للمطبخ لتساعد دانه ، و بقي والدي مع رغد ...
    كنت أختلس نظرة ناحيتهم من حين لآخر ... والدي كان يجلس موليا ظهره إلي أما الخائنة فكانت تواجهني
    و لم يحدث أن التفت ُّ إلا و اصطدمت نظراتنا ، فزادت الإسمنت على صدري طبقة بعد طبقة ...
    والدي تلقى مكالمة عبر هاتفة المحمول ، ثم انصرف إلى الداخل ...
    و بقيت صغيرتي وحدها تشرب الشاي ... توقفت عن الالتفات إلى الوراء ... و شردت في اللاشيء الذي لا أراه أمامي ...
    و الآن شعرت بحركة خلفي ... و بقيت كما أنا أرتقب ... و ظهر ظل أمامي يكبر و يكبر ... و الفتاة الواقفة خلفي تقترب و تقترب ... و الآن توقفت ...
    لثوان معدودة ... ظلت رغد واقفة خلفي و أنا لا أملك من الشجاعة و القوة ما يمكنني من الاستدارة إليها ... و لكني أرى ظلها أمامي ... و أرى يدها تتحرك نحوي ... ثم تتراجع ... ثم تستدير ... ثم تنسحب ...
    عندما ابتعدت استدرت أنا للخلف و رأيتها و هي تسير مبتعدة و يدها تمسح ما قد يكون دموعا منسكبة على وجهها مددت يدي ... أريد أن أمسك بها ... أمسك بظلها ... أمسك بطيفها ... أمسك بدمعها ... أمسك بذرات الهواء التي لامستها ... و اختفت رغد ... و عادت يدي فارغة لم تجني غير الحسرة و الألم ...
    عندها ، تلوّت معدتي أيما تلوي ... و عصرت كما تعصر الملابس المبللة باليدين ...
    في تلك الليلة ، حضر نوّار خطيب شقيقتي و قد جالسته لبعض الوقت ...
    و رغم أنه دمث الخلق ، ألا أن نفسه لا تخلو من الغرور و التعالي ... و قد أحرجني لدى سؤاله لي عن دراستي المزعومة و أعمالي و خبراتي المعدومة !
    و كنت أختصر الإجابات ببعض جمل غامضة ، و سرعان ما انسحبت تاركا الخطيبين يستمتعان بعشائهما ...
    و لشدة الآلام ـ الجسدية منها و النفسية ـ فإنني اكتفيت بقدر يسير من الطعام ... و ذهبت إلى غرفة سامر متحججا بالنعاس ...
    رغد لم تكن قد شاركتنا الوجبة ، فلا أظنها تفكر في فعل ذلك بعد الطريقة الفظة التي عاملتها بها ...
    الندم يقرصني و يوخز جميع أعصابي الحسية ... إضافة إلى آلام المعدة الحادة ...
    و مرة أخرى خرجت الدماء من جوفي و زاد قلقي ... لابد أنني مصاب بمرض ... و لابد لي من مراجعة الطبيب ...
    على السرير تلويت كثيرا حتى قلبت المفارش و البطانيات و الوسائد رأسا على عقب ...
    أفكاري كانت تدور حول رغد ... كيف لي أن أهدأ لحظة واحدة ... و موعد زفافها قد تحدد !
    لو كان باستطاعتي تأجيله قرنا بعد ... فقط قرن واحد ... أضمن فيه أنها تبقى معزولة عن أي رجل ... و تموت دون أن يصل إليها أحد ...
    أخرجت صورة رغد الممزقة و جعلت ألملم أجزاءها ، و أتاملها ، ثم أبعثرها من جديد
    و أعود لتجميعها كالمجنون ...
    نعم مجنون ... لأن تصرف كهذا لا يمكن أن يصدر من كائن عاقل ...
    تركتها ملمومة على المنضدة التي بجواري ... و قمت أذرع الغرفة ذهابا و جيئة كبندول الساعة !
    اقتربت الساعة من الواحدة ليلا ... و أنا ما بين آلم معدتي الحارق و ألم قلبي المحترق ... حتى رغبت في تناول أي شيء من شأنه أن يهدئ الحريق المشتعل بداخلي ...
    و تنفُّس أي شيء يطرد الضيق من صدري ...
    أخذت علبة سجائري ... و خرجت من الغرفة ... تاركا الباب مفتوحا ...
    ذهبت أولا إلى المطبخ و حملت علبة حليب بارد معي فقد لاحظت تأثيره المهدئ على معدتي ، و خرجت إلى الفناء ... و بدأت بشربه و التدخين معا ...
    ~ ~ ~ ~ ~ ~
    لا أستطيع أن أنام و أنا أفكر ... و أفكر و أفكر ... فيما قاله وليد لي ... و الصداع يشتد لحظة بعد أخرى ...


  10. #150
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    كم آلمني ... أن أكتشف أنه لم يعد يهتم بي أو يرغب في رعايتي كالسابق ...
    لقد تغير وليد ... و أصبح قاسيا و مخيفا ... و غريبا ...
    كنت أبكي حسرة و مرارة ... فأنا فقدت شيئا كان يشغل حيزا كبيرا من حياتي ...
    و منذ ظهوره ، و أنا في صراع داخلي ...
    بقيت فترة طويلة أتأمل صورته التي رسمتها قبل شهور ... و لم أتمها ...
    و إذا بي أرى نفسي ألّون بياض عينيه باللون الأحمر الدموي ... ! غضبا و حسرة ...
    صار مخيفا ... مرعبا ...
    دانه كانت تمضي وقتا غاية في السعادة و المتعة مع خطيبها الذي تحبه ... و هذا يجعلني أتألم أكثر ... لأنني لا أحظى بالسعادة التي تحظى بها ... و لا أشعر بالمشاعر التي تشعر هي بها تجاه خطيبها ...
    غدا هو يوم دراسة ، و يجب أن أنام الآن و إلا فإنني سأنام في القاعة وسط الزميلات !
    خرجت من غرفتي و في نيتي ابتلاع قرص مسكن من الأقراص الموجودة في الثلاجة ، و فيما أنا أعبر الردهة لاحظتُ باب غرفة سامر مفتوحا ...
    تملكني الفضول !
    سرت بحذر و هدوء نحو الغرفة !
    وقفت على مقربة و أصغيت جيدا ... لم أسمع شيئا ...
    اقتربت أكثر خطوة بعد خطوة ، حتى صرت عند فتحة الباب ، و أطللت برأسي إلى الداخل بتهور ... لكني لم أجد أحدا !
    عندها فتحت الباب على مصراعيه بسرعة ... و بذعر و هلع صحت :
    " وليد ! "
    قفزت و أنا أركض كالمجنونة ... أجول في أنحاء المنزل و في رأسي الاعتقاد الصاعق بأن وليد قد فعلها و رحل خلسة ...
    الدموع تسللت من عيني من شدة ما أنا فيه ، و شعرت برجلي ّ تعجزان عن حملي فصرت أترنح في مشيتي مخطوفة الفؤاد ... منزوعة الروح ...
    و انتهى بي الأمر إلى باب المدخل ...
    وقفت عنده و مسكت قبضته و ركّزت كل ثقلي عليها لتدعمني لئلا أقع ... فإن انفتح الباب ... فلا شك أن وليد قد غادر و تركه مفتوحا ...
    و انفتح الباب و انهرت أنا مع انفتاحه ...
    لقد فعلها و فر خلسة دون وداعي ... خارت قواي و أخذت أبكي و أنحب بصوت عال ...
    " لماذا ؟ لماذا يا وليد لماذا ؟؟ "
    فجأة ... ظهر شيء أمامي !
    كنت أجلس عند الباب بلا حول و لا قوة ... و شعرت بشيء يتحرك فأصابني الذعر الشديد ... فإذا به وليد يظهر في المرأى ...
    " رغد !!؟ "
    لم أصدّق عيني ... هل هذا شبح ؟؟ أم حقيقة ؟؟
    جسم كبير ... طويل عريض ... متخف في الظلام ... يتقدم نحوي ... لا يُرى شيءٌ منه بوضوح غير لهيب السيجارة التي بين إصبعيه ...
    " رغد ... ما ... ماذا تفعلين هنا ...؟؟ "
    و كدمية كهربائية قد فُصِل سلكها عن المكبس ، شللت ُ عن الحركة ...
    حتى رأسي الذي كان ينظر إلى الأعلى ... الأعلى .. حيث موضع عيني وليد ، هوى إلى الأسفل ... متدليا على صدري سامحا للدموع بأن تبلل الأرض ...
    لم أجد في بدني أي مقدار من القوة لتحريك حتى جفوني ...
    وليد وقف مندهشا متوجسا برهة ... ثم جلس القرفصاء أمامي ... و قال بصوت حنون جدا ...
    " صغيرتي ... ؟؟"
    الآن ... كسبت من الطاقة ما مكنني من رفع رأسي للأعلى و النظر إليه ...
    و بقيت أنظر إلى عينيه و تحجبني الدموع عن قراءة ما فيهما ...

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML