وضعت الأشياء في المطبخ و استدرت راغبا في العودة لجلب البقية ... رغد واقفة عند باب المطبخ تراقبني ...
حين مررت منها ...
" وليد "
وقفت ... و عاودني الشعور بالألم في معدتي فجأة ... يكفي أن أسمعها تنطق باسمي حتى تتهيج كل أوجاعي ...
لم أرد ، و لكنني توقفت عن السير منتظرا سماع ما تود قوله ...
" وليد "
عادت تناديني ... تعصرني ...
" نعم ؟؟ "
قالت :
" ألم يعد يهمك أمري ؟؟ "
فوجئت بسؤالها هذا فالفت إليها مندهشا ...
كانت عيناها حمراوين ربما من أثر النوم ... و لكن القلق باد عليهما ...
" لم تقولين ذلك !؟ "
قالت :
" لم لم تبد رأيك بشأن زواجي ؟؟ "
تصاعدت الدماء المحترقة إلى شرايين وجهي و ربما إلى حلقي لكنني ابتلعتها عنوة
قلت :
" إنه أمر يخصكما وحدكما ... و لا شأن لي به "
رغد هزت رأسها اعتراضا ثم قالت :
" لكن وليد ... أنا ... "
و لم تتم الجملة ، إذ أن أخي سامر أقبل يحمل بعض الأغراض ، فسرت أنا خارجا لجلب المتبقي منها ...
فيما بعد ، و سامر يحمل بطانية و وسادة قاصدا الذهاب للنوم في غرفة الضيوف و تركي أنام في غرفته ، كما أصر ... و قبل أن يخرج من الغرفة توقف و قال :
" وليد ... هل لي بسؤال ؟ "
" تفضل ؟؟ "
تأملني لحظة ثم قال :
"وليد ... لماذا ... قتلت عمّار ؟؟ "
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
ذهبت مباشرة إلى غرفتي ، قبل أن تحضر أمي و دانه ثم تطلبان مني مساعدتهما في الغسل و التنظيف ...
فأعمال المنزل هي آخر آخر شيء أفكر بالقيام به في هذه الساعة ، و هذه الحال
يكاد قلبي ينفطر أسى ... لحقيقة مرة أتجرعها رغما عني
وليد لم يعد يهتم لأمري ... و لم أعد أعني له ما كنت و أنا طفلة صغيرة ...
ربما ظن الجميع أنني أويت لفراشي و نمت ... فعادتي أن أنام مبكرة ، ألا أنني قضيت ساعات طويلة في التفكير و الحزن ... و الألم و الدموع أيضا
لماذا يعاملني وليد بكل هذا الجفاء و يبتعد كلما اقتربت ؟؟
و دليل آخر ... تكرر صباح اليوم التالي ...
فقد نهضت متأخرة ... و وجدت الجميع مجتمعين في غرفة المعيشة يتناقشون حول أمور شتى ...
دخلت الغرفة فتوقف الجميع عن الحديث ، و ألقيت تحية الصباح ... ثم خطوت باتجاه أحد المقاعد راغبة في مشاركتهم أحاديثهم ...
و الذي حدث هو أن وليد نهض ، و هم بالمغادرة ...
شعرت بألم حاد في صدري ...
قلت :
" كلا ... ابق حيث أنت ... أنا عائدة إلى غرفتي ... اعتذر على إزعاجكم "
و استدرت بسرعة مماثلة للسرعة التي بها انهمرت دموعي ...
و غادرت المكان ...
ذهبت إلى غرفتي و سبحت في بحر دموعي ...