صفحة 14 من 16 الأولىالأولى ... 41213141516 الأخيرةالأخيرة
النتائج 131 إلى 140 من 156

الموضوع: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

  1. #131
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    سألت :
    " و ماذا عن نوّار ؟؟ "
    قالت :
    " في البلدة المجاورة ! إنها مباريات حاسمة ! ألا تتابع الأخبار ؟؟ "
    في الواقع ، أخبار كرة القدم ليست من أولويات اهتماماتي !
    تحدثنا عن أمور عدة ... و شعرت براحة كبيرة ... هنا حيث أحظى باهتمام أناس يحبونني و يعزونني ...
    أنا أرغب في العيش مع أهلي فقد سئمت الوحدة ... ألا يكفي أنني حرمت منهم كل هذه السنين ؟؟
    خرجت من كنفهم و أنا فتى مراهق ... مليء بالحماس و الحيوية و مقبل على الحياة ... طموح و ماض في طريق تحقيق أحلامه ...
    و عدت إليهم ... و أنا رجل كئيب محبط مثقل بالهموم ... فاقد الاهتمام بأي شيء ... صقلني الزمن و شكلتني الأقدار ...
    لكنهم لا زالوا يحترمونني ...
    بعد مدة ، عاد سامر لينضم إلينا ... لم تكن رغد معه
    كنت أريد أن أسأله عنها ، و لم أجرؤ !
    إنها لم تعد طفلتي ... لم يعد لي الحق في الإهتمام بها ...
    " إذن فتلك السيارة الرائعة في الخارج هي لك يا سامر ! "
    سألته ، فأجاب :
    " نعم ! اشتريتها مؤخرا ... ما رأيك بها ؟؟ "
    " مظهرها رائع ! "
    " و مزاياها كذلك ! كلفتني الكثير ! "
    مقارنة بسيارتي القديمة فإن أي شيء في سيارة سامر سيبدو مدهشا !
    إذن ... فأحوال أخي المادية جيدة ...
    كم أبدو شيئا صغيرا أمامه ... كم خذلت والدي ّ الذين كانا في الماضي ... يعظمان م شأني و يتوقعان لي مستقبلا مشرفا ...
    شعور جديد تولد هذا اليوم ، يزيدني رغبة فوق رغبة في الرحيل العاجل ...
    ففي الوقت الذي يتمتع فيه سامر بعمل جيد و دخل وفير و مستقبل مضمون ... افتقر أنا لكل شيء ...
    حتى رغد ...
    أصبحت له ...
    ألم شديد شعرت به في معدتي هذه اللحظة ، كان يتكرر علي في الآونة الأخيرة و لكنني لم أزر أي طبيب ...
    استمر معي الألم فترة طويلة و لم أشعر معه بأي رغبة لتناول الطعام المعد على مائدة العشاء ...
    لذا ، ذهبت إلى غرفة شقيقي ناشدا الراحة و الاسترخاء
    في صباح اليوم التالي أردت الذهاب إلى المطبخ حيث يجلس الجميع ...
    قبل دخولي تنحنحت و أصدرت أصواتا من حنجرتي حتى أثير انتباههم لوصولي ، اقصد انتباه رغد لوصولي ...
    " تفضل بني "
    قالت أمي ... فدخلت و أنا حذر في نظراتي ... لم أكن أريد أن أراها ... لكنني رأيتها !
    " صباح الخير جميعا "
    ردوا تحية الصباح و طلبوا مني الجلوس إلى مائدة المطبخ الصغيرة التي يجتمعون حولها
    " تعال وليد ! إننا نخطط لرحلة اليوم ! هل تحتمل الرحلة أم أنك لا تزال متعبا ؟؟ "
    التفت إلى دانة التي طرحت السؤال ، و لم يكن بإمكاني منع عيني من رؤية رغد التي تجلس إلى جوارها
    " أحقا قررتم ذلك ؟ سيكون ذلك رائعا ! "
    أمي قالت و هي تشير إلى المعقد الشاغر :
    " تعال عزيزي ... أعددت ُ فطورا مميزا من أجلك ! "
    نظرت باتجاههم ، لقد كانوا جميعا ينظرون إلي ، بلا استثناء ...
    قلت :
    " سـ ... أذهب إلى غرفة المعيشة "
    و انسحبت من المطبخ ...

  2. #132
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    وافتني أمي بعد قليل إلى غرفة المعيشة تحمل أطباق الفطور ...
    " شكرا ... "
    ابتسمت أمي ، و بدأت أنا في تناول وجبتي بهدوء ، بينما هي تراقبني !
    " أمي ... أهناك شيء ؟؟ "
    سألتها بحرج ، قالت بابتسامة :
    " لا عزيزي ... فقط أروي ناظري برؤيتك ... "
    شعرت بالطعام يقف في بلعومي ...
    برؤية من تودين يا والدتي الارتواء ؟؟
    برؤية الخذلان و الفشل ؟؟ الحطام و البقايا ؟؟
    برؤية رجل موصوم بالجريمة ؟؟
    كم خذلتك ! كم كنت فخورة بي في السابق ! إنني الآن شيء يثير النفور و الازدراء في أعين الجميع ...
    " الحمد لله "
    حمدت ربي ، و وضعت الملعقة على الطبق ...
    " لم توقفت ! ألم يعجبك ؟؟ "
    " بلى أماه ... لكني اكتفيت "
    " عزيزي سأخرج إن أزعجك وجودي ... أرجوك أتم وجبتك "
    " لا يا أمي ، لقد اكتفيت و الحمد لله "
    أمي بعد ذلك ، عادت بالأطباق إلى المطبخ ، ثم أقبل الجميع إلى غرفة المعيشة و حاصروني بنظراتهم ... و أسئلتهم حول أموري ...
    أنا كنت اكتفي بإجابات مختصرة ... فلا شيء فيما لدي يستحق الذكر و الاهتمام ...
    و كالبقية كانت رغد تتابعني بعينيها و أذنيها ، في صمت ...
    " ما رأيك بتجربة سيارتي يا وليد ! لنقم بجولة قصيرة ! "
    بدت فكرة ممتازة و منقذة ، فوافقت فورا و نهضت مع سامر ، و خرجنا ...
    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
    " هل غضبت مني أمس حقا ! أنا آسفة يا رغد ! كنت أمازحك ! "
    نظرت إلى السقف و قلت :
    " حسنا ، انتهى الأمر الآن "
    ثم إليها و قلت :
    " و لكن لا تنعتيني بالببغاء ثانية ... خصوصا أمام وليد "
    قالت دانة باستغراب :
    " وليد ؟؟ "
    فاضطربت ...
    قالت :
    " تعنين سامر !؟ "
    قلت :
    " وليد او سامر أوأي كان ... أمام أي كان ! "
    و أشحت بوجهي بعيدا عنها
    فعادت تبرد أظافرها بالمبرد و تغني !
    كنا نجلس في المطبخ ، و للمطبخ نافذة مطلة على ساحة خارجية خلفية تنتهي بالمرآب
    مرآب منزلنا مفتوح من ثلاث جهات ، و يسد جهته الخارجية بوابة كهربائية ...
    أقبلت أمي تحمل سلة الملابس المغسولة و دفعت بها إلي :
    " رغد ... انشريها على الحبال "
    أوه ... يا لعمل المنزل الذي لا ينتهي !
    أردت أن أعترض و أوكل المهمة إلى دانة ، التي تجلس أمامي تبرد أظافرها بنعومة !
    " انشريها أنت يا دانة ! "
    هزت رأسها اعتراضا ، فهممت أن أتذمر !

  3. #133
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    لكني لمحت من خلال النافذة بوابة المرآب تنفتح ، و أدركت أنهما قد عادا !
    و بسرعة ابتلعت جملة التذمر قبل أن أتفوه بها و قل متظاهرة بالاستسلام :
    " حسنا ... لن أؤذي أظافرك ! سأنشرها أنا ! "
    و حملت السلة ، و خرجت للفناء الخلفي ...
    وليد ركن السيارة في المرآب ثم خرج منها هو و سامر ...
    و هاهما الآن يقبلان باتجاهي ...
    سامر نزع نظارته السوداء ...
    و سارا متوازيين جنبا إلى جنبت يسبقهما ظلهما ... و يدوسان عليه ...
    وليد ... بطوله و عرضه و بنية جسده الضخم ... و الذي اكتسب عدة أرطال مذ لقائي الأخير به قبل شهور ... زادت وجهه امتلاء و جسده عظمة ... و كتفيه ارتفاعا ... و صار يشغل حيزا محترما من هذا الكون و يفرض وجوده فيه !
    يخطو خطا أكاد أسمع صوت الأرض تتألم منها !
    سامر ... بجسمه النحيل ... و قوامه الهزيل... و وجهه الطويل ... المشوه ...
    و خطاه الهادئة البسيطة ... و أنظاره الخجلة التي غالبا ما تكون مدفونة تحت الأرض ...
    شيء ما أحدث في نفسي توترا و انزعاجا ...
    إنهما مختلفان ...
    لماذا تنجرف أنظاري لا إراديا نحو وليد ؟؟؟
    لماذا يشدني التيار إليه هو ؟؟
    حين صارا أمامي مباشرة ، توقف سامر و قال :
    " أ أساعدك ؟؟ "
    بينما تابع وليد طريقه مرورا بي ... ثم ابتعد دون أن ينظر إلي ...
    لكني كنت أراقبه ...
    توقف برهة و استدار مادا يده نحو سامر قائلا :
    " المفتاح "
    مفتاح السيارة كان يسبح في كفه كسمكة في البحر !
    تناول سامر المفتاح منه ، ثم أخذ يساعدني في نشر الملابس على الحبال ... في الحقيقة قام هو بالعمل ... فأنا كنت شاردة و سارحة أفكر ...
    هل هذا هو شريك حياتي حقا ؟؟
    لماذا علي أنا أن أتزوج رجلا مشوها ؟؟
    لقد شغلت الفكرة رأسي حتى ما عدت بقادرة على التركيز في شيء آخر ...
    هل حقا سأتزوج سامر ؟؟
    كم كانا مختلفين ... و يهما يسيران جنبا إلى جنب ...
    في وقت الغذاء ، لم أساهم في إعداد المائدة و وافيت البقية متأخرة بضع دقائق ...
    أتدرون ماذا حدث عندما دخلت غرفة المائدة و جلست على مقعدي المعهود ؟؟
    قام وليد ... و غادر الغرفة !
    تلوت معدتي ألما حين رأيته يذهب ... إنه لا يريد أن يجلس معي حول مائدة واحدة!
    الجميع تبادلوا النظرات و حملقوا بي ...
    أمي تبعته ، ثم عادت بعد أقل من دقيقة و قالت :
    " رغد ... خذي أطباقك إلى المطبخ "
    صدمت و اهتز وجداني ... و شعرت بالإهانة ... و بأنني أصبحت شيئا
    لا يرغب وليد في وجوده ... شيئا يزعجه ... و يتحاشى اللقاء به ...
    نعم فأنا ابنة عمه التي كبرت و أصبحت ... شيئا محظورا ..
    رفعت أطباقي و ذهبت إلى المطبخ و انخرطت في بكاء مرير ...
    بعد قليل أتتني دانة تحمل أطباقها هي الأخرى :
    " رغد ! و لم هذه الدموع أيتها الحمقاء ! "
    لم أعرها أذنا صاغية ، فقالت :

  4. #134
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    " إنه يشعر بالحرج و الخجل ! تعرفين كيف هو الأمر ! هذا من حسن الأدب ! "
    قلت :
    " لكنني كنت معكم العام الماضي "
    قالت :
    " ربما لم يكن قد اعتاد فكرة أنك ... كبرت ! "
    ليتني لم أكبر !
    تركت أطباقي غير ملموسة و خرجت من المطبخ متوجهة إلى غرفتي ،
    و دانة تشيعني بنظراتها ...
    في الغرفة ... تأملت صورة وليد التي رسمتها قبل شهور ... و انحدرت دموعي ...
    أخذت أتخيله ... و هو واقف إلى جوار سامر ... يفوقه في كل شيء يعجبني ...
    ثم ...
    ثم ...
    أتزوج سامر !
    لماذا أقارن بينهما هكذا ؟؟
    وفي العصر ، أتتني دانة ..
    " الم تستعدي بعد ؟ سننطلق الآن ! "
    " إلى أين ؟؟ "
    " أوه رغد هل نسيت ! إلى الشاطئ كما اتفقنا ! "
    بالفعل كنت قد نسيت الفكرة ... و بالرغم من أنني كنت مسرورة جدا بها مسبقا ألا أنها الآن ... لا تعجبني !
    " لا أريد الذهاب "
    حملقت دانة بي و قالت :
    " عفوا ! ألم تكوني أنت المشجعة الأولى ! هل ستبقين في البيت وحدك ؟؟ "
    قلت :
    " هل سيذهب الجميع ؟؟ "
    " بالطبع ! إنهم في انتظارنا فهيا أسرعي ! "
    و ذهبت إلى غرفتها تستبدل ملابسها ...
    أن أبقى وحدي في البيت هي فكرة غير واردة ... لم يكن أمامي إلا الذهاب معهم ...
    توزعنا على سيارتي أبي و سامر ...
    جلس وليد على المقعد المجاور لسامر ، و أنا خلفه ، و دانه إلى جانبي ، و تركنا والدي ّ معا في السيارة الأخرى وليد و سامر كانا يتبادلان الأحاديث المختلفة تشاركهما دانة ، أما أنا فبقيت صامتة ... أراقب و استمع ... و أشعر بالألم ...
    لم تفتني أي كلمة تفوه بها وليد ... او أي ضحكة أطلقها
    كنت أضغي إليه باهتمام بالغ ! حتى كدت أحفظ و أردد ما يقول !
    عندما وصلنا ، فرشنا بساطا كبيرا و وضعنا أشياءنا و جلسنا عليه ، ألا أن وليد ظل واقفا ... ثم ابتعد ... و سار نحو البحر ...
    إنه لا يرد الجلوس حيث أجلس ...
    لماذا يا وليد ؟؟
    هل تعرفون كم دقيقة في الساعة ؟؟
    ستون طبعا !
    و هل تعرفون كم مرة في الساعة فكرت به ؟
    ستون أيضا !
    و هل تعرفون كم ساعة بقينا هناك ؟؟
    ست ساعات !
    هل أحصيتم كم وليد جال برأسي خلال الرحلة ؟؟
    الثلاثة ، أبي و وليد و سامر ذهبوا للسباحة ، أمي تصف قطع اللحم في الأسياخ و دانة تساعدها ...
    و أنا ، معدتي تئن !

  5. #135
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    " رغد ! لم لا تبتلعين أي شيء ريثما يجهز العشاء ؟؟ لم تضرم النار بعد و سنستغرق وقتا طويلا ! "
    نظرت إلى دانة و قلت :
    " لم لا تسرعان ؟ "
    " لا يزال الوقت مبكرا ! أنت من فوّت وجبة الغداء ! "
    لقد كنت جائعة بالفعل ! و فتشت في السلات فلم أجد شيئا يستحق التهامه حتى يجهز طعام العشاء المشوي !
    نظرت من حولي فرأيت مقصفا صغيرا على مقربة منا ...
    " أريد الذهاب إلى هناك ! "
    قالت دانة :
    " اذهبي ! "
    قلت :
    " تعالا معي ! "
    ابتسمت دانة ابتسامتها الساخرة التي تعرفون و قالت :
    " نعامتي الصغيرة ... تخشى من الظلام ... و ترجف خوفا ... من فئران نيام ! "
    و هو مطلع أغنية للأطفال !
    غضبت منها فاسترسلت في الضحك ...
    تجاهلتها و خاطبت والدتي :
    " تعالي معي ... "
    أمي مدت يديها الملطختين بعصارة اللحم ، تريني إياهما و قالت :
    " فيما بعد رغد "
    نظرت نحو الشاطئ فوجدت وليد يجلس على أحد المقاعد ... و والدي و سامر لا يزالان يسبحان ...
    التفت إلى دانة و قلت :
    " دعينا نقترب من الشاطئ ... أريد أن أبلل قدمي ! "
    دانة قالت :
    " أنا لا أريد ! اذهبي أنت "
    " لا أريد الذهاب وحدي "
    و عادت تغني :
    " نعامتي الصغيرة ... تخشى من الظلام !! "
    أصبحت لا تطاق ... !
    و أمي منهمكة في إعداد أسياخ اللحم ...
    " اذهبي رغد ... إنهم هناك ! اذهبي عزيزتي ... "
    قالت أمي مشجعة إياي ...
    لم يكن هناك الكثيرون على مقربة منا ... و لكنني ترددت كثيرا ...
    في النهاية أقنعت نفسي بأنهم قريبون من الساحل ، كما أن وليد يجلس هناك ... و لا داعي لأي خوف ...
    سرت نحوه و أنا أحس بنظرات أمي تتبعني ... فهي تريد لي التخلص من خوفي المبالغ به ... من أماكن لا تستوجب أي خوف أو حذر ...
    كانت أمواج البحر تتلاطم بحرية ... و نسمات الهواء باردة منعشة تغزو صدري الضائق منذ ساعات ... فتفتح شعبه و توسعه ...
    اقتربت من وليد ... و لم يشعر بي
    تجاوزته نحو الماء ... فلم أحس بحركة منه .. التفت فرأيته مغمض العينين ، و ربما نائم !
    سمحت للماء البارد بتبليل قدمي ... و شعرت بانتعاش !
    لوّح سامر لي ... فشعرت بأمان أكثر و تجرأت على خطو خطوتين يمينا و يسارا ... ألا أنني لم ابتعد أكثر من ذلك ... لم أخرج عن الحيز الذي يحيط بوليد و يشعرني بالطمأنينة ...
    و الآن تجرأت على خطوة أكبر ... و جلست على الرمال المبللة و مددت يدي لألامس الأمواج ...
    كان شعورا رائعا !
    أقبل مجموعة من الأطفال بألعابهم و أطواق نجاتهم ، و بدؤوا يلعبون بمرح ... كنت أراقبهم بسرور !
    ليتني أعود صغيرة لألهو معهم !

  6. #136
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    التفت للوراء ... إلى وليد ... استعيد ذكريات ظلت عالقة في ذاكرتي ...
    كان وليد يلاعبني كثيرا حينما كنت صغيرة ! و في المرات التي نقوم فيها برحلة إلى الشاطئ ... كان يبقى حارسا لي و لدانة !
    عدت بنظري للأطفال ... أتحسر !
    يبدو أن أصواتهم قد أيقظت وليد من النوم ... سمعت صوته يتنحنح ثم يتحرك ، استدرت للخلف فوجدته يقف و ينظر إلى ما حوله ...
    وليد تحرك مقتربا من البحر ... فنهضت بسرعة و قلت :
    " إلى أين تذهب ؟؟ "
    وليد توقف ، ثم ... قال :
    " لأسبح ... "
    قلت :
    " انتظر ... سأعود لأمي ... "
    في نفس اللحظة أقبل سامر يخرج من الماء نحو اليابسة ...
    " وليد ... تعال يا رجل ! يكفيك نوما ! "
    قال سامر ، فرد وليد :
    " أنا قادم ... لكن ألا يجب أن نشعل الجمر الآن ؟؟ "
    " لا يزال الوقت مبكرا ! "
    و التفت سامر إلي و قال :
    " رغد أخبري أمي بأننا سنقضي ساعات أكثر في السباحة ! "
    قلت :
    " حسنا ! "
    بينما تصرخ معدتي : كلا !
    سامر خرج من الماء ، و صار واقفا إلى جوار وليد ... و قام ببعض التمارين الخفيفة ...
    التفت إلى ناحية البساط الذي نفترشه ، و خطوت متجهة إليه ...
    مجموعة من الناس كانوا يلاحقون كرة قدم ... فيضربها هذا و يركلها ذاك ... يتحركون في طريقي ...
    وقفت في منتصف الطريق لا أجرؤ على المضي قدما ...
    التفت إلى الوراء فوجدت الاثنان يراقباني ...
    و إلى حيث تجلس أمي و أختي ... فإذا بهما أيضا تراقباني ...
    الآن ... تدحرجت الكرة نحوي و اقتربت من قدمي ... و أقبل اللاعبون يركضون نحوها ...
    وصل إلي أحدهم و قال :
    " معذرة يا آنسة "
    أصبت بالذعر ... فجأة ...
    خطوة للوراء ...
    ثم خطوة أخرى ...
    ثم أطلقت ساقي للريح راكضة باضطراب و فزع ...
    إلى حيث جرفني التيار ...
    نحو وليد !

    ------------------
    نهــــايه الحلقه الـ 18

  7. #137
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    الحلقه التاسعه عشر
    ~ القرار الأخير ~

    أفقت من غفوتي القصيرة ...
    كنت أجلس على أريكة بمحاذاة الشاطئ ، تتدلى قدماي في مياه البحر و تعانقان أمواجه الراقصة ...
    الهواء كان منعشا جدا و البحر غاية في الجمال ... منظر لم تره عيناي منذ سنين
    إنها المرة الأولى منذ تسع سنين ، التي يبتهج فيها صدري و أنا بين أهلي و أحبابي ...
    أصوات مجموعة من الأطفال تغلغلت في أعماق أذني و أيقظتني من راحتي النادرة
    ما أن فتحت عينيّ الناعستين حتى تلقتا منظرا جعلني أقف منتصبا فورا !
    كانت رغد ... صغيرتي الحبيبة ... خطيبة أخي الوحيد ... تجلس على الرمال المبللة تعبث بالماء ... إلى جواري تماما !
    نهضت و قد أصابني الروع !
    و سرعان ما هبت هي الأخرى واقفة ، تنظر إلي ...
    وجّهتُ سهام بصري إلى البحر ... ليبتلع أي شعور يفكر في الاستيقاظ في داخل قلبي ... و خطوت مبتعدا عنها
    استوقفتني ، فأخبرتها بأنني ماض للسباحة فقالت بسرعة :
    " انتظر ! سأعود لأمي ... "
    لم أعرف ما إذا كانت تقصد مني مرافقتها أو مراقبتها تحديدا ، ألا أنها حين سارت مبتعدة بقينا أنا و سامر ـ و الذي خرج من الماء للتو و وقف إلى يساري لا يفصلني عنه غير شبرين ـ نراقبها و هي تبتعد ...
    و حين ظهر فتى في طريقها يريد أخذ كرة القدم التي تدحرجت منه نحوها ، اضطربت صغيرتي ... و استدارت نحونا ... و أقبلت مسرعة و أمسكت بذراعي اليمنى و اختبأت خلفها !
    أنا طبعا وقفت كالجدار لا أحس بشيء مما حولي و لا أعرف ماذا يحدث و ماذا علي أن أفعل !
    أردت أن أسحب ذراعي لكنها غرست أظافرها بي و آلمتني ...
    الفتى ذاك كان يحمل الكرة و ينظر بتعجب نحونا
    و أمي و دانه أيضا تنظران بتعجب
    أما النظرات التي لم أعرف ما طبيعتها هي نظرات أخي سامر ...
    " صغيرتي ... صغيرتي ... لا بأس عليك ... اهدئي أرجوك "
    رغد الآن تنظر إلى و قد اغرورقت عيناها بالدموع ، و قالت بانفعال و اضطراب :
    " لماذا لم تأتِ معي ؟ لماذا تركتني وحدي ؟ هل تريد أن يؤذيني أحد بعد ؟ "
    كلمتها هذه جعلت عضلاتي تنقبض جميعها فجأة ، و لا شعوريا مسكت أنا بيديها و شددت عليهما بقوة ...
    لحظة جحيم الذكرى ... و أعيينا تحدق ببعضها البعض بحدة ... من عيني يقدح الشرر الحارق ... و من عينها تنسكب الدموع المجروحة ... و في بؤبؤيها أرى عرضا للشريط المشؤوم اللعين ... و صورة لعمّار يبتسم ... و الحزام يتراقص ...
    " لكنت قتلته "
    نطقت بهذه الجملة لا إراديا و أنا أحدق بها في نظرات ملؤها الشر ... و القهر ...
    لقد شعرت بأشياء تتمزق بداخلي ... و أشياء تعتصر ... و أشياء تتوجع و تصرخ ...
    كيف لي أن أتحمل موقفا كهذا ؟؟
    لو ظل سامر صامتا ، ربما بقيت شهورا واقفا عند نفس النقطة ، ألا أن صوته قطع الحبال المشدودة و أرخى العضلات المنقبضة
    " رغد ... "
    أطلقنا نظراتنا المقيدة ببعضها البعض و سمحنا لها بالانتقال إلى عيني سامر ...
    لا يخفى عليكم الذهول و الحيرة و الدهشة التي كانت تغلف وجه سامر الواقف ينظر إلينا ...
    قال :
    " رغد ... عزيزتي ... "
    و لم ينطق بعدها بجملة واضحة تفسر التعبيرات الغامضة المرسومة على وجهه الحائر ...
    رغد الآن بدأت تمسح دموعها و قد هدأت نوعا ما ...
    الآن ... تصل أمي و أختي ... و تستدير رغد إليهما ، و تنطق بمرارة :

  8. #138
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    " قلت لك لا أستطيع ... لا أريد المجيء ... لا أستطيع ... لا تتركوني وحدي "
    و انخرطت في مزيد من البكاء المؤلم
    أمي أحاطتها بذراعيها و أخذت تتمتم بكلمات لم استطع استيعابها من هول ما أنا فيه ...
    ثم رأيتهن هن الثلاث ، رغد و أمي و دانه ، يبتعدن عائدات من حيث أتين ...
    سامر ظل واقفا لثوان أخرى ، ثم هم باللحاق بهن ... و حانت منه التفاتة إلي ... فرآني و أنا أنهار على الرمال و أضغط بيدي على معدتي و أتأوه ألما ...
    لقد شعرت بأشياء تتمزق و تعصر في أحشائي ... و دوار داهمني دون إنذار مسبق ... و خور و وهن مفاجئ في بدني ... فهويت أرضا ...
    كنت أعرف أن قلبي ينزف من الداخل ، كما تنزف أنسجة جسدي كله من شدة الموقف و قسوته ... و شعرت بالدماء تجري بكل الاتجاهات في جسمي ... و أحسست بها تصعد من جوفي ... و تملأ فمي ... ثم تخرج و تنسكب على الرمال ملونة إياها هي و يدي المرتكزة عليها باللون الأحمر ...
    الآن ... تستطيع عيناي رؤيتها بوضوح ... تماما كما ترى النور ...
    دماء حقيقية خرجت من جوفي ممزوجة بعصارة معدتي المتلوية ألما ...
    " وليد ! "
    رفعت رأسي ، فإذا بي أرى سامر ينظر إلى موضع الدماء بذعر ...
    " ما هذا ؟؟ "
    ما هذا ؟ أظن أنها دماء ! و هي المرة الأولى التي تخرج فيها دمائي من جوفي ... و أنا أشعر بألم حاد جدا في معدتي ...
    ما هذا ؟
    أظن أن هذا عرضٌ لمرض ٍ ما ...
    بعد فترة ... كنا نجلس قرب موقد الجمر ، نستنشق الأدخنة المتصاعدة من المشويات ... و نتلذذ برائحتها الشهية
    كان والدي يقلب الأسياخ و يهف الجمر ... و كلما نضج اللحم في أحد الأسياخ دفعه إلى واحد منا ، فيلتهمه بشهية كبيرة ...
    و الآن جاء دوري ...
    " تفضل يا وليد "
    كنت أود مشاركتهم هذه الوجبة اللذيذة التي لم أذق لها طعما منذ سنين ... لكن الآلام الحادة في معدتي حالت دون إقبالي على الطعام ...
    " شكرا أبتاه ... لا أستطيع التهامها فمعدتي مضطربة جدا "
    قال سامر :
    " لقد تقيأ دما قبل قليل "
    الجميع ينظر إلى الآن بقلق ...
    ابتسمت و قلت :
    " ربما أكلت شيئا لم تتقبله ! لا تكترثوا "
    أمي قالت بقلق :
    " بني ... عساه خيرا ؟؟ "
    " لا تقلقي أماه ... ستهدأ بالصيام لبعض الوقت "
    ثم حاولت تغيير مجرى الحديث ...
    أبي مد سيخ اللحم المشوي نحو الشخص التالي قائلا :
    " نصيبك يا رغد "
    رغد كانت تجلس على مؤخرة البساط ، بعيدة عن موقد الجمر الذي نجتمع قربه ...
    رغد نهضت ، و أقبلت نحونا و مدت يدها و أخذت السيخ ، ثم همت بالعودة إلى المؤخرة ...
    نهضت أنا و قلت :
    " تفضلي هنا ... أنا سأتمشى قليلا "
    و ابتعدت كي أدع لها المجال لتجلس مكاني ، قرب الجميع ... و تستمتع معهم بوجبة الشواء الشهية ...
    ذهبت أولا نحو سيارة أخي ، و استخرجت علبة السجائر التي كنت أضعها في جيب بنطالي الذي استبدلته بملابس السباحة ... ثم انطلقت إلى البحر ... و جلست على الرمال ... أدخن بشرود

  9. #139
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    صوت أبي الجهور كان يصلني خافتا ضاحكا ... إذن فالجميع يستمتعون بوقتهم
    كم أتمنى لو أعود للحياة الدائمة معهم ... ليتني أستطيع ذلك ...
    ليتني أستطيع رمي الماضي في قلب البحر ... و نسيانه ...
    بعد قرابة النصف ساعة جاءتني دانة
    ابتسمت عند رؤيتي لها ، فابتسمت هي الأخرى ألا أنها سرعان ما حملقت بي بتعجب ...
    " أنت تدخّن ؟؟ "
    مرّغت السيجارة التي كانت في يدي في الرمل المبلل ، إلى جوار أختها ... و ابتسمت ابتسامة واهنة تنم عن الاستسلام و القنوط ...
    " عادة سيئة ... لا خلاص منها ! "
    دانه جلست إلى جانبي و أخذت تراقب الأمواج المتلاطمة ... ثم قالت :
    " لم أكن أعلم بذلك ! لو كان نوّار يدخن لرفضت الارتباط به ! لا أطيق رائحة هذه المحروقة السامة ! "
    قلت ببعض الخجل :
    " معذرة "
    ثم أضافت مداعبة :
    " و على فكرة ... فإن جميع الفتيات مثلي أيضا ! و إن استمررتم في التدخين فسوف فستسببون أزمة عزّاب و عوانس ! "
    أطلقتُ ضحكة عفوية على تعليقها خرجت من أعماق صدري ممزوجة ببقايا الدخان!
    قلتُ بعد ذلك :
    " إذن ... هل استعديتما للزفاف ؟؟ "
    بشيء من الخجل قالت :
    " تقريبا ... إنه يريد أن نتزوج بعد عودة والديّ من الحج مباشرة ! أبي يود تأجيل ذلك شهرين أو ثلاثة ... أما والدتي فتراه موعدا مناسبا جدا ، و تريد أن يتزوج سامر و رغد معنا دفعة واحدة ! "
    و هذا خبر ليس فقط يحبس الأنفاس في صدري و يعصر معدتي ، بل و يستل روحي من جسدي ... و لن أعجب إن رأيتها تنسكب على الرمال أمامي كما انسكبت دمائي !
    في هذه اللحظة أقبل سامر و رغد ... لينضموا إلينا
    قال سامر :
    " هل لنا بالانضمام إليكما ؟ تركنا الوالدين يشويان السمك ! "
    قالت دانة ضاحكة :
    " أوه أمي ! من سيلتهم المزيد ؟ أخبرتها ألا تحضر السمك و لكنها مولعة به كثيرا ! "
    و استدارت نحوي :
    " وليد كيف معدتك الآن ؟ ألا تحب أن تتناول بعض السمك المشوي ؟؟ "
    " كلا ، لا طاقة لي بالطعام هذه الليلة "
    و جلس سامر إلى جانبي الآخر ، و رغد إلى جانب دانة ...
    قال :
    " فيم كنتما تتحدثان ؟؟ "
    قالت دانة :
    " فيكما أنت و رغد ! كنت أخبر وليد أنكما حتى الآن لم تتخذا قرارا نهائياحاسما بشأن موعد الزفاف ! "
    سامر ابتسم و قال :
    " أنا جاهر و في انتظار أوامر العروس ! "
    العروس هي رغد ! و رغد هي صغيرتي الحبيبة ... التي كنت أحلم بالزواج منها ذات يوم ... ثم فقدتها للأبد ... فهل لكم أن تتخيلوا حالي هذه اللحظة ؟؟
    قالت دانة :
    " هيا يا رغد ! قولي نعم و دعينا نحتفل سوية ! "
    ثم غيرت النبرة و قالت مداعبة :
    " و لكن كوني واثقة من أنني سأكون الأجمل بالتأكيد ! "

  10. #140
    الصورة الرمزية ساقي العطاشا
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2008
    العمر
    52
    المشاركات
    300

    رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*

    أذناي طارتا نحوها ، حتى كادتا تلتصقان بشفتيها أو حتى تخترقان أفكارها لأعلم ما ستقوله قبل أن تقوله ... تكلمي رغد ؟؟
    رغد ظلت صامتة ... و أنا أذناي تترقبان بصبر نافذ ... هيا يا رغد قولي أي شيء ... ارمني بسهام الموت واحدا بعد الآخر ...
    اطعنيني بخناجر الغدر و حطمي قفصي الصدري و مزقي الخافق الذي ما فتئ يحبك مذ ضمك إليه طفلة يتيمة وحيدة ... توهم أنها خلقت من أجله فجاءت قذائفك تدمر قلعة الوهم التي بنيتها و عشت بداخلها 15 عاما ... أو يزيد ...
    و أقسم ... أقسم أنك لو تزوجت مع شقيقتي في نفس الليلة ، فإني سأتخلى عنها و أخذلها و أدفن نفسي بعمق آلاف الأميال تحت الأرض ، لئلا أحضر أو أشارك أو أبارك ليلة تزفين فيها إلى غيري ... مهما كان ...
    بعد كل هذه المشاعر التي تصارعت في داخلي في ارتقاب كلمتها التالية ... و أذاني تصغيان باهتمام و تركيز شديد أكاد معه أسمع دبيب النمل ...
    بعد كل هذا ... جاءني السهم المباغت التالي :
    " وليد ... ما رأيك ؟؟ "
    أنى لي أن أصف ما أود وصفه و أنا بحال كهذه ؟؟
    تسألينني أنا عن رأيي ؟؟ رأيي في ماذا ؟؟
    في أن تتزوجي شقيقي اليوم أو غدا أو بعد قرن ؟؟
    في أن تذبحيني اليوم أو غدا ... أو بعد قرن ؟؟
    أتشهد أيها البحر ؟؟
    ألا يا ليتك تبتلعني هذه اللحظة ... فأمواجك العاتية ستكون أكثر لطفا و رحمة بحال رجل تسأله حبيبة قلبه : ما رأيك بموعد زفافي !
    تحركت يداي إلى علبة السجائر الموضوعة على الأريكة الجالسة خلفي ، و تناولت واحدة و أشعلتها في محاولة مستميتة للفرار من جملة رغد ، التي كنت قبل ثواني أتوق لسماعها و أرسل أذنيّ نحو لسانها لالتقاط الجملة بسرعة فور خروجها ...
    بدت اللحظة التالية كالساعة بل كالقرن في طولها ..
    سحبت نفسا عابقا بالدخان المنبعث من السيجارة المضغوطة بين شفتي ...
    و أطلقت زفرة قوية ... حسبت معها أن روحي قد انطلقت ، و الدخان قد لوث الكرة الأرضية بكاملها ...
    قلت ... بعدما عثر لساني على بضع كلمات مرمية على جانبية :
    " الأمر عائد إليكما "
    و وقفت ...
    و قلت :
    " معذرة ... سأدخن في مكان آخر "
    و انصرفت عنهم ...
    سرت مبتعدا ، و وقفت موليا إياهم ظهري ... انفث السموم من و إلى صدري و أقاوم آلام قلبي و معدتي ... و أحترق .
    بعد فترة ، انتهت رحلتنا و آن أوان العودة إلى البيت ...
    لم أكن أريد أن أركب سيارة سامر ... فقربه و قربها مني يعني مزيدا من الألم و الاحتراق ، لكنني حين رأيت دانة تركب سيارة والدي ، و رغد تقف عند سيارة سامر ... توجهت تلقائيا و جلست على المقعد الأمامي ، لأمنعها من الجلوس عليه !
    مشوار العودة كان طويلا مملا ... فقد التزمنا الصمت ... و رغد نامت !
    " وصلنا عزيزتي ! "
    قال سامر ذلك و هو يلتفت إلى الوراء ، ليوقظ رغد ...
    كنا قد وصلنا قبل الآخرين ...
    فتحت أنا الباب و هبطت من السيارة ، و رأيت رغد تستفيق ...
    ذهبت إلى مؤخرة السيارة أفرغ حقيبتها من حاجيات الرحلة ، ثم أحملها إلى داخل المنزل ...
    و أقبل سامر يساعدني ، و حين وصلت إلى الباب ، جاءت رغد بمفتاح سامر و فتحته لي ... و انطلقت مسرعة نحو الباب الداخلي تفتحه على مصراعيه لأدخل بما تحمل يداي ، و أتجه نحو المطبخ ...

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML