المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع سجادة



خيال
15 - 05 - 2004, 13:45
حوار مع سجادة

لا شك أن كل ابن آدم ينام , وكل إنسان يؤوي إلى فراشه ليلاً , ولكن هل تعرفون كيف نومتي تلك الليلة ؟

كنت نائماً في ليلة من ليالي الشتاء الباردة , من بعد نصب وتعب من مشاغل الدنيا , ما أكثرها.

وقد استلقيت على فراشي , وغرقت في نوم عميق جداً , فاستيقظت قبل الفجر من عطش شديد ألم بي ,فقمت لأشرب الماء فسمعت أنيناً يخرج من الأرض , تلفت حولي فذهب الأنين , ثم ذهبت وشربت الماء ثم عدت إلى الفراش , وإذا بالأنين يعود مرة أخرى , وفي هذه المرة كان الأنين قوياً وكأنه صوت بكاء , فتحسست الأرض بيدي , حتى أمسكت ( سجادتي ) فسكتت.

قلت متعجباً: أأنت التي تأنين يا سجادتي ؟!

قالت: نعم.

قلت: ولماذا.

قالت: لقد أيقظك عطشك , وشربت من الماء حتى ارتويت , وأنا بحاجة إلى الماء ولا أجد من يرويني الماء !!



قلت: وهل تريدين أن أحضر لك كأساً من الماء ؟

قالت: لا ليس هذا هو الماء الذي يرويني , إنما يرويني دموع العابدين التائبين.



قلت: ومن أين لي أن آتي لك بهذا النوع من الماء ؟

قالت: وهذا هو سبب بكائي فقم يا عبدالله وصل لله ركعتين في ظلمة الليل ; حتى تنير لك ظلمة القبر والجزاء من جنس العمل , ولم يبق من الوقت إلا القليل وبعدها يؤذن المؤذن لصلاة الفجر.



قلت: دعيني وشأني يا سجادتي.

قالت: يا عبدالله قم لصلاة الفجر , فإنها حياة للقلب وللروح , وقد حان موعد الأذان ليردد: ( الصلاة خير من النوم , الصلاة خير من النوم ) وأنت تستجيب لنداء الدنيا كل يوم في الليل والنهار. ولا تستجيب لنداء العزيز القهار ؟!!



قلت متضايقاً: دعيني أنام يا سجادتي .. فأنت تشاهدينني كل يوم , لا أعود إلى المنزل إلا وأنا منهك متعب .. ثم أخذ اللحاف ووضعه على صدره فشعر بالدفء واستسلم لسلطان النوم.

قالت السجادة: يا عبدالله. وهل تعطي للدنيا أكثر مما تعطيه لدينك ؟



قلت بلهجة تهكمية: أسكتي يا سجادتي. أرجوك لا تتكلمي.. فإنني متعب ومرهق. أريد أن أنام .

فسكتت السجادة برهة متأثرة بما قال عبدالله وقالت بصوت حزين: آه لرجال الفجر !! آه لرجال الفجر !!

ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ـ يعني الفجر والعصر ـ ". وقال عليه الصلاة والسلام: " من صلى البردين دخل الجنة ". وقال: " بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ". وقال أيضاً: " ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ".

فانتبه عبدالله من غفلته وقال: فعلاً إن صلاة الفجر مهمة.

السجادة: قم يا عبدالله قم.

قال: غداً أبدا إن شاء الله .. ولكن اتركيني اليوم لأنام فإنني مرهق.

السجادة: وهي متحسرة ( من لم يعرف ثواب الأعمال ثقلت عليه في جميع الأحوال ) .



ثم قالت: ستنام غداً في قبرك كثيراً يا عبدالله , وستذكر كلامي ونصحي … ثم تركته السجادة , ونام عبدالله , ولكن ! كانت أطول نومة ينامها في حياته فقد مات تلك الساعة. فأنشدت السجادة حين علمت بوفاته قائلة:



يـا من يـــعد غـداً لتـوبـتـــه *** أعلى يقين من بلوغ غد

المرء في عيشه على أمـــل *** ومنيته الإنسـان بالـرصد

أيـــــــام عـمـرك كلـهـا عـدد *** ولعل يومك آخر العدد

عاشق السمراء
15 - 05 - 2004, 16:36
جزيل الشكر لهذا الموضوع ..

هذا ما نطقته سجادة الصلاة .. !!



شكرا خيااااااااال .. !!

كنوز
15 - 05 - 2004, 23:29
حوار حلو و روعه يا خيال
جزاج الله خير و ربي يهدي الجميع

ضيف المهاجر
16 - 05 - 2004, 01:20
ما اجمله من حوار ,,,

شكرا لك خيال

تحياتي

خيال
16 - 05 - 2004, 11:29
تشكرون على المرور الطيب لا عدمناكم..

جنة عدن
16 - 05 - 2004, 12:00
حوار رائع عزيزتي خيال

ويا ليتنا نتاثر كما تتاثر السجادة او المسجد
بارك الله بكِ