المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعونا نحارب الفساد ح ( 1 ) بعنوان الغرور والعجب ولقاء مع رسام الغرام



الـعـمـيــــــــــــد
25 - 01 - 2004, 02:36
الغرور والعجب *

صباح الخير لمن اصبح

مساء الخير لمن امسى

ومع اولى حلقاتنا في حلقة دعونا نحارب الفساد والتي كنا قد وعدناكم بها سابقا
ومع ضيف عزيز على قلوبنا وهو رسام الغرام
من خلال هذه الحلقه نأمل مشاركاتكم الهادفه وتلقي الآراء والافكار حول هذا الموضوع
ومن خلاله سنتحاور ونحاور ضيفنا الكريم والذي اشكر له سرعة استجابته لهذا النداء

موضوع جديد يتعلق بالغرور ولقاء مع ضيف عزيز دخل قلوبنا من اوسع الابواب .

نبدأ موضوعنا عن صفة الغرور التي تلازم بعض من الناس وهي وان لم تكن وليدة
العصر ولكنها صفه زلزلت اناس كانوا في مراتب العلا الى ادنى المستويات سواء اكانوا من الناس العاديين ام من المشاهير فحسبوا انهم بوضعهم
وتفكيرهم فوق مستوى البشر ولا يتداركوا انفسهم الا بعد فوات الاوان وتغلب عليهم صفة الانا بمعنى انا فعلت وانا فعلت وتراه رافعا انفه الى السماء وكانه المخلوق الوحيد ,ويعتبر الانسان المغرور انسان غير سوي
. قال تعالى
" إن الله لا يحب كل مختال فخور "
وان كنا لا نسيء الى صفة الانا باعتبارها صفة حميده في بعض الاحيان فلربما يقول قائل انا اؤيد او انا ساحضر فلان بمعنى انه يريد ان يثبت
شيئا انجزه فعلا دون ان يداخله الغرور وهي تختلف عن الانا المريضه " المغروره "
التي ذكرناها انفا ومعي اخي رسام الغرام سيحدثنا عن هذه الصفه ولربما يزيدنا ببعض الامثله لحاله من الناس تملكهم الغرور
.... رســــــــام الغــــــــرام ....

بدايةً أشكر أخي رحال على الاستضافة , وهذه ثقةٌ جميله أولاني إياها , وأتمنى أن أكون عند حسن ظنه وظنكم , وأن أكون ضيفاً خفيفاً عليكم .

الغرور :

قبل الخوض في هذا الحديث دعونا نتوقف للحظة مع المعنى اللغوي لهذه الكلمة , والمصدر المشتقة منه .
الغرور كلمة مشتقةٌ من الأصل ( غرَّ ) أي جهل الأمر وغفل عنه , ومن هنا نلاحظ أن كلمة الغرور مبنية على مصدر معناه الجهل , وكأننا نفهم
أن الغرور , به شئ من الجهل , وهو جهل المرء بنفسه , ومنحها بأكثر مما تستحق .
وهناك رابط وثيق بين الغرور والعجب ( أي الإعجاب بالنفس ) وكأنهما وجهان لعملة واحدة , والمعنى الاصطلاحي للعجب هو الكبر والزهو بسبب
الإعجاب بالنفس أو بالعمل أو بالنسب , وما إلى ذلك .
وفي الحديث عن الغرور يرتبط معنا ذهنياً وبشكل تلقائي الكبر , لأن الغرور بوابة الكبر , وهو الطريق الحتمي إليه بل إنه أقصر الطرق إلى
الكبر وهو حق الله فلا يجوز الكبر للناس فالله سبحانه وتعالى سمى نفسه بالمتكبر فهذه صفة لله لا تنبغي لسواه .
والمسلم يحذر العجب والغرور , ويجتهد أن لا يكونا وصفاً له في أي حالةٍ من الحالات إذ هما من أكبر العوائق عن الكمال , ومن أعظم المهالك
في الحال والمال , فكم من نعمةٍ انقلبت بهما نقمة , وكم من عزٍ صيراهُ ذلاً , وكم من قوةٍ أحالها ضعفاً , فكفى بهما داءً عُضالاً , وكفى
بهما على صاحبهما وبالاً , وحسبك بقارون مثلاً حيث آتاه الله مالاً وكنوزاً ما آتاها أحدٌ من قبله فعوضاً عن شكر الله على نعمه أصابه
الغرور فتكبر وبغى : قال تعالى : [ إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وءاتينه من الكنوز مآ إن مفاتحهُ لتنوأُ بالعصبةِ أولي القوة إذ
قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين ] وحين نصحه قومه وذكروه بأنعم الله عليه أنكر ذلك وجحد فضل الله عليه فقال تعالى على لسانه
: [ قال إنما أُتيته على علمٍ عندي … ] بل إنه خرج متفاخراً بكامل زينته , وحشد الناس وأخذوا ينظرون إليه ويتمنون مكانه إلا المؤمنون
منهم , فماذا كانت نهايته : [ فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئةٍ ينصرونهُ من دون الله وما كان من المنتصرين ] فضرب الله بقارون
أروع مثل على الغرور والعجب والنهاية الحتمية له , فأين قارون الآن , وأنظر أخي المسلم من أعظم مالاً وجاهاً وسلطاناً أنت أم قارون ؟ هل
تحب أن يمنحك الله ما منح قارون من النعيم , فيكسوك ما كساه من الغرور فتنتهي كيفما انتهى أم إنك تفضل ما أنت عليه من نعيم يكفيك وقناعة
يكسوها التواضع و طيب النفس فتنعم بحب الناس وتنعم من الله بالرضوان في الدنيا والآخرة .
والغرور كما أسلفنا من المهلكات المضيعات للإنسان فقال سبحانه : [ وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور ] وقال الرسول صلى
الله عليه وسلم : " ثلاثٌ مُهلكات : شحٌ مُطاع , وهوىً متبع , وإعجاب المرء بنفسه " وقال : " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ,
والأحمق من أتبع نفسه هواها , وتمنى على الله الأماني " .

ولك عزيزي القارئ أمثلة لذلك :

- أعجب إبليس لعنه الله بحاله , واغتر بنفسه وأصله فأصابه الكبر فقال : خلقتني من نار وخلقته من طين . فكانت أول معصية يُعصى بها الله
سبحانه وتعالى نتج عنها طرد إبليس من رحمة الله .
- أعجب قارون بنفسه وقال : أتيته على علمٍ عندي , فخسف الله به الأرض .
- أعجب فرعون بسلطانه فتطاول على ربه فقال : أنا ربكم الأعلى . فأغرقه الله في البحر وخلد جسده ليكون للناس عضة وعبرة .
- أعجبت عاد بقوتها واغترت يسلطانها وقالوا : من أشد منا قوة , فأذاقهم الله عذاب الخزي في الحياةِ الدنيا وفي الآخرة .
- أعجب أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم يوم حنين بكثرتهم وقالوا : لن نغلب اليوم من قلة ! فأُصيبوا بهزيمةٍ مريرةٍ , حتى ضاقت عليهم
الأرض بما رحبت , ثم ولوا مدبرين , لولا ثبات النبي صلى الله عليه وسلم وكبار أصحابه عليهم رضوان الله أجمعين .

ومن مظاهر الغرور ما يلي :

1- في العلم : قد يعجب المرء بعلمه , ويغتر بكثرة معارفه , فيحمله ذلك على عدم الاستزاده , وعلى ترك الاستفادة , أو يحمله على احتقار
غيره من أهل العلم , واستصغار سواه , وكفى بهذا هلاكاً له .
2- في المال : قد يعجب المرء بوفرة ماله , ويغتر بكثرتها فيبذر ويسرف , ويتعالى على الخلق , ويغمط الحق فيهلك .
3-في الشكل واللون : قد يعجب المرء ( خاصة النساء ) بالشكل من جمال وحسنٍ ولون فيغتر بذلك فينظر إلى غيره بازدراء , فيتعامل مع الناس
بغلظة يكرهونه بسببها , وكفاه شهادة الناس عليه لينبذ .
4- في القوة والسلطان : قد يعجب المرء بقوته ويغتر بعزةِ سلطانه , فيعتدي ويظلم ( خذها وأنا إبن الأكرمين ) , فيكون ذلك هلاكه ووباله .
5- في الشرف : قد يعجب المرء بشرفه ويغتر بنسبه وأصله فيقعد عن اكتساب المعالي ويضعف عن طلب الكمالات " من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه
" فيحقر ويصغر ويذل ويهون .
6- في العبادة : قد يعجب المرء بكثرة عبادته وطاعاته , فيحمله ذلك على الإدلال على ربه , والإمتنان على نعمه , فيحبط عمله , ويهلك بعجبه
, ويشقى باغتراره .
وحسبكم قصة الرجل العابد الذي قال له الله : أدخل الجنة برحمتي , فقال لا يا رب , أنا رجل عابد زاهد في دنياي أريد أن أدخل الجنة بعبادتي
, فأمر الله أن توزن أعماله , وتقارن مع نعم الله عليه , فلم تبلغ نعمة البصر , فقال سبحانه : أدخلوه جهنم , فقال الرجل العابد : لا يا
رب أريد أن أدخل الجنة برحمتك , فأدخل الجنة .

سنكمل لكم الحلقه بعد فاصل قصير

الـعـمـيــــــــــــد
25 - 01 - 2004, 04:33
ونعود اليكم من جديد ومع ضيفنا الكريم


قال تعالى في الحديث القدسي " العظمة ردائي والكبرياء ازاري فمن نازعني فيهما
قصمته ولا ابالي " او كما ورد في الحديث القدسي .

ونسأل ضيفنا الكريم :

كيف يستطيع الانسان تجنب صفة الغرور في رايك ؟

وهل هناك علاج له ؟

رســـــــــام الغــــــــــرام :

يستطيع الإنسان أن يتجنب صفة الغرور والإعجاب بالنفس بأن يتذكر أن هناك من هم أفضل منه مثلما هناك من هم دونه , وأن العزة بيد الله يهبها
لمن يشاء وينزعها عمن يشاء , فلا ينبغي عليه أن ينظر إلى غيره بنظرة من هم دون مثلما يأبى أن ينظر إليه من هم أفضل منه بمثل تلك النظرة
الغير محببة .
وأحب أن أذكركم بقصة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما هتف بالناس وهوأميرهم : " الصلاة جامعة الصلاة جامعة " فاجتمع الناس , فصعد
فيهم خطيباً فقال : " أيها الناس : لقد رأيتني وأنا أرعى غنم خالاتٍ لي من بني مخزوم نظير قبضةٍ من تمر " .
ثم نزل من فوق المنبر , فارتفعت همهمات الدهشة : لماذا جمعنا عمر ؟! وما هذا الكلام الذي يقوله ؟! والله ما فهمنا منه شيئا !!ً .
فتقدم عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قاطعاً هذا الهمس , وجلس بين يدي عمر رضي الله عنه سائلاً : ماذا أردت إلى هذا يا أمير المؤمنين ؟!
حرك عمر رضي الله عنه شفتيه المرتعشتين : ويحك يا ابن عوف خلوت بنفسي , فقالت أنت أمير المؤمنين , وليس بينك وبين الله أحد , فمن ذا أفضل
منك ؟! فأرتُ أن أعرفها قدرها .

ونحن بذكرنا لهذه القصة لا نطلب من القارئ الكريم أن يصعد المنبر أو أن يعلن للملأ قدر نفسه و وضاعتها , فأين نحن من عمر رضي الله عنه ,
فما استطاع فعله رضي الله عنه لا يستطيع فعله إلا من شابهه فأين نحن من مثل ذلك الشبه , نحن هنا نستذكر سيرة العظماء وكيف أنهم كانوا
يهذبون أنفسهم بشتى الطرق , ولكل منا يتخيل الطريقة التي بها يستطيع أن يهذب نفسه , وأن يقومها ويوجهها نحو السلوك الحسن ( فرحم الله من
عرف قدر نفسه ) .

العلاج :

وعلاج هذا الداء في ذكر الله تعالى بالعلم ( لا الجهل ) بأن ما أعطاك الله من علم أو من مال أو من قوة ٍ أو من جمالٍ أو من عزةٍ أو من
شرفٍ قد يسلبه غداً لو شاء ذلك , وأنَّ طاعة العبد للرب مهما كثرت لا تساوي بعض ما أنعم الله به عليه , وأن الله تعالى هو مصدر كل فضل ,
وواهب كل خير , وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " لن ينجي أحداً منكم عمله , قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن
يتغمدني الله برحمته " .


متى نتفق على غرور شخص معين ؟ بمعنى لو قال لي شخص ما انا لا ارتاح للمكان الفلاني او انا لا ارتاح لفلان وانا على عكسه تماما باعتبار ان
هذه احاسيس في اي شخص قد لا يجد لها تفسيرا معينا ؟


دائماً الشخص المغرور يبدي استياءه من بعض الأشخاص كأنهم لا يتناسبون معه من جميع النواحي , وقد يبدي المغرور استياءه من مكان معين بيت
شخص ما أو سيارة معينة لا تروق لمكانته أو ما إلى ذلك , وقد يبدي استياءه من بعض أنواع الأطعمة ونحوها , وهناك مظاهرٌ كثيرة يظهرها
المغرور بين الحين والحين , وتؤثر مثل تلك الأمور على تكوين شخصيته فيكون دوماً شخص غير راضي عن نفسه من جهة , وعن المجتمع المحيط به من
جهة ثانية , ويشعر بنفسه , وكأنه وضع في زمان ومكان لا يناسبانه , مما يجعله يتسم دوماً بالعبوس والضيق , كما ينعكس عليه التعلق بالدنيا
, وحب المظاهر الكذابة , مما يدفعه للتعلق بمن هم أفضل منه فيحاول التقرب منهم , والتودد والتلطف معهم , وهو بذلك يحاول أن يسد النقص
الذي يعانيه .


أخي رسام الغرام سعدنا بلقائك وقبل الختام هل من كلمه تود قولها .


أشكر لك أخي رحال هذه الاستضافة وأتمنى أن أكون قد وفيت الموضوع حقه , وأسأل الله لي ولكم أن يُحلينا بطيب الصفات وأن يبعد عنا العجب
والغرور والكبر , وغيرها من الصفات الذميمة .

أجمل المنى لكم مني وتقبلوا تحياتي :

أخوكم :

رســـــــــــام الغـــــــــــرام

شكرا اخي رسام الغرام واعود اليكم بسؤال اطرحه

هل يخلق الانسان مغرورا ؟
وبمعنى ادق هل للبيئه والمجتمع والاهل دور في خلق
انسان يمتاز بالغرور ؟

نتمنى نسمع ردودك وتحاوركم مع ضيفنا الكريم .


قالها كاتب :
رأيي صواب يحتمل الخطأ

ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب

رسام الغرام
25 - 01 - 2004, 16:04
هليخلقالانسانمغرورا؟



قبل الإجابة على هذا التساؤل الخطير , لي معه وقفة وتنبيه .



أولاً الوقفة : أن الإنسان يخلق بالفطرة قال صلى الله عليه وسلم في ما معناه : " يولد الإنسان على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه "



ثانياً التنبيه : لا يجوز مطلقاً أن نقول بخلق الإنسان بخلاف الفطرة , والفطرة هنا في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم هي الإسلام , فلا يصح أن نقول يخلق الإنسان مغروراً , أو كذاباً , أو منافقاً أو أي صفة من صفات النقص الخلقي ( الرذائل ) , بل إن ذلك اتهام خطير في حق الخالق البارئ جل وتقدس عن تلك النقائص , فتنزه سبحانه عن خلق عباده بصفاتٍ غير سوية بل إنه خلق عباده على الإسلام وخلق الإسلام الأكمل .



ودعونا الآن نعود إلى السؤال :



هليخلقالانسانمغرورا؟



لا مطلقاً لا يخلق الإنسان مغروراً بل يخلق سمحاً متواضعاً ودوداً محباً (( بريئاً )) مزداناً بخلق الإسلام كما فطره الله سبحانه وتعالى , وهذا لأطفال المسلمين وغيرهم على سواء .



هلللبيئهوالمجتمعوالاهلدورفيخلقانسانيمتازبالغرور؟



وهنا أيضاً أحب أن أشير إلى كلمة " خلق "

فالخلق لغةً : هو الإيجاد من العدم , وهذا لله سبحانه وتعالى

ويستخدم هذا اللفظ للأسف كثيراً لغير الله وهو من الأخطاء الشائعة في استخداماتنا اليومية , كأن يقول معلق رياضي ( رائع هذا اللاعب له المقدرة على خلق مساحات واسعة في الملعب ) ومثل هذا لا يصح فالمساحات أصلاً موجودة فأين الخلق إذاً , وفي سؤالك أخي رحال الإنسان أصلاً مخلوق من قبل الله والغرور صفة أوجدها الله فليست البيئة أو المجتمع أو الأهل هم من قاموا بذلك , ولكنهم ساعدوا على إكساب ذلك الإنسان تلك الصفة , ولفظ الخلق لا يطلق مطلقاً على البشر بعكس بعض الصفات فمثلاً نقول : الله رحيم , وفلان رحيم , الله كريم وفلان كريم وغيرها ولكن لا نقول مطلقاً : فلان خالق , ولم يرتبط اسم إنسان بهذا اللفظ إلا بعد كلمة عبد فيكون عبدالخالق .



ورداً عن السؤال :



أقول نعم لهم دور على تكوين إنسان مغرور , فالبيئة المحيطة والمستوى المعيشي للإنسان يضعه في محك قد لا يتقبل كل ما هو دون ذلك , وخروجه إلى بيئة أخرى قد لا ترضي عنده ذلك الغرور .



أما المجتمع المحيط بما فيه من أصحاب وأقران وزملاء ومعلمين , وكل من يحتك بهم الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر قد يؤثر على تركيبته , مما يكون ذلك عاملاً مساعداً على إكسابه تلك الصفة أو صفات أخرى , وتجدر بنا الإشارة هنا , لتعامل الناس مع بعضها البعض وفق مستويين مختلفين , وللإيضاح إليكم المثال التالي :

نجد الرجل الفقير يطأطأ الرأس ويقبل الأيدي , ويكبر ويعظم الغني , مما يكسب الأخير هذه الصفة ( الغرور ) فلو أتى فقير آخر ولم يفعل كصاحبه الأول , لقام الغني بزجره وتوبيخه , وربما بضربه أيضاً .

ولو نظر أبناء هذا الرجل لما أقدم عليه أباهم لأكسبهم هذه الصفة من باب القدوة والمثل الأعلى الذي غالباً ما يكون الأب لأبنائه .



أما الأهل فلهم كبير الأثر في إكساب مثل تلك الصفة , فتفضيلهم لأبنائهم على غيرهم من أبناء جيرانهم مثلاً يجعل من أطفالهم يشعرون بأنهم الأفضل ويكسبون الإعجاب بالنفس , وكذلك بالنسبة للتفريق في المعاملة بين أبناء البيت الواحد, كأن تفضل الأم في معاملتها أبناءً على آخر يجعل من الأول يحتقر بقية أخوته ويحاول أن يتعالى عليهم دوماً .

أتمنى أن أكون قد وفيت السؤال حقه

وأعتذر عن خروجي قليلاً عن محور السؤال



تحياتي للجميع



رسام الغرام

الـعـمـيــــــــــــد
27 - 01 - 2004, 09:59
هل يخلق الانسان مغرورا ؟
وبمعنى ادق هل للبيئه والمجتمع والاهل دور في خلق
انسان يمتاز بالغرور ؟


ورداً عن السؤال :
أقول نعم لهم دور على تكوين إنسان مغرور , فالبيئة المحيطة والمستوى المعيشي للإنسان يضعه في محك قد لا يتقبل كل ما هو دون ذلك , وخروجه إلى بيئة أخرى قد لا ترضي عنده ذلك الغرور .


تفاعل رائع اخي رســـــــــــــام الغرام
وبصراحه كفيت ووفيت في الموضوع
ولكن دعني امسك بيدك لنتجول في تعريفك للخلق
وإن كنت اتجنب الخوض في هذا الامر وخصوصا فيما يتعلق
في جلال الله سبحانه وتعالى , ولكن استوقفتني كلمة الخلق
فأنا اتفق معك أن الانسان يولد على الفطره كما ورد في حديث النبي .
ولكن المغزى من تساؤلي ليس الخلق بمعناه الواضح اي التكوين
وانما هو تعبير مجازي لبيان معنى العباره بصوره ادق وحاشا لله
ان نخوض في غير ذلك , فهناك من التعابير المجازيه الكثير التي
لا تتناقض مع الدين في شيء مثل " سأحاول ان اخلق فرصه لأقابلك
في يوم ما " ومثل " لقد ابدعت في رسم هذه اللوحه " والله هو البديع
او " انت ودود بطبعك " فهذه كلمات بتعابير مجازيه يراد بها اشعار
شخصا ما بمفهوم ما يستشعر في جنبات القائل دون ان يكون في ضميره
خلاف ذلك , وإذا كانت نيته الاشراك بالله والعياذ بالله فأمره الى الله .

وبمعنى ادق هل للبيئه والمجتمع والاهل دور في خلق
انسان يمتاز بالغرور ؟

هذا تعبير مجازي خارج عن نطاق التكوين . ولله الامر من قبل ومن بعد .


اعتقد اننا قد خرجنا عن الموضوع
ومشكور اخوي رسام الغرام واسمح لي اسجل اعجابي
باسلوبك على هذه الصفحه وسلمت


بأنتظار ردود الاخوه على الموضوع وتساؤلاتهم

عاشق السمراء
28 - 01 - 2004, 01:01
ما شاء الله ..


وكأني اتابع احد اللقاءات على الشاشة الملونه .. ونجماها المتألقان رحال ورسام الغرام .. فعلا حوار جميل وقضية اجمل .. محتاجة للكثير من التمعن .. والمناقشة والحوار .. !!



ونعود للاسئلة المطروحة ..


هل يخلق الانسان مغرورا ؟



لا اظن الغرور ينولد مع ولادته .. ولكن هناك دوافع واسباب تجعل من هذا الشخص يظن نفسه انه فوق الجميع .. وانه الصواب .. وانه الرجل الذي لا يكون مثله .. والاغنى .. والاعلى .. حتى تحين اللحظة التي ينكشف بها القناع .. وينزاح من ابصاره ذلك الستار الاسود .. ليعرف انه مجرد بشر .. ولا حول ولا قوة له .. ولكن .. بعد أن يفوت الاوان .. !!



وبمعنى ادق هل للبيئه والمجتمع والاهل دور في خلق
انسان يمتاز بالغرور ؟





ربما يكون هناك من يساعد هذا المغرور على الاستمرارية بالطيش والبطش والتكبر .. وذلك بأن يجد من حوله في مدح مستمر لاعماله وافعاله .. مما يزرع في اعماقة بذرة تدعى الغرور الاكبر .. ويواصل المغرور طريقه وبنفس الصورة وربما تزداد اكثر واكثر .. ولكن ان وجد هناك من يقول له منذ البداية انت في نهاية متهالكة .. وفي طريق مظلم فلا تمضي وعد .. وهكذا فربما يجد هذا المغرور ضالته .. ويعود لرشده قبل فوات الاوان .. !!



قال تعالى .. أنك لا تهدي من احببت .. ولكن الله يهدي من يشاء.. صدق الله العظيم !!




لا اخفيك أنني استمتعت حقا بهذا الحوار .. فعلا حوار له الايجابيات الكثيرة .. والشكر لضيف هذه الحلقة .. رسامنا المتألق !!



وتحية شكر وتقدير للمشرف القدير .. رحال

الـعـمـيــــــــــــد
28 - 01 - 2004, 03:09
وها هو عاشق السمراء
يتحفنا من جديد بردوده المتميزه
وتفاعل جميل سيدي العزيز

يقال ان الغرور مقبرة الانسان
يا ترى هذه المقوله في محلها الصحيح ؟
واذا كانت فهل تطلق على كل من داخله الغرور
في حالات معينه وبسيطه ؟
وما الفرق بين من يريد ان يثبت ذاته امام الناس
ويفتخر باعماله وبين المغرور .

رسام الغرام
28 - 01 - 2004, 13:31
فهناك من التعابير المجازيه الكثير التي
لا تتناقض مع الدين في شيء أخي رحال

أشكر لك حسن التواصل وهذا بديهياً من رحال

والحقيقة أنا لا أتعارض معك في قضية التعابير المجازية

وإنما هي وجهات نظر قد يصيب أحدنا وقد نصيب كلنا في ذات الوقت أو نخطأ

فلا تعارض بيننا , ولا نمشي في تيارين متضادين ولله الحمد

وما أحب أن أشير هنا به هي لفظ ( الخلق ) دون سواه

ولو عدت لمثالك يمكننا أن نقول : إنك يا رحال رجل ودود ( وهذه حقيقة )

وهذا طبع يستطيع الإنسان أن يتحلى به , وكذلك الإبداع , أما لفظ الخلق

فلا يمكن أن يصل إليه أحد .......

عموماً هي قناعات ببعض المجازيات التي قد لا يتفق عليها الكثيرين

وهذا إختلاف بالرأي لايفسد للود قضية

بل يفتح بيننا آفاقاً جديدة للحوار , خاصة إنني أحاور رجل أعرف من هو

إنه : رحال , وكفى بالجميع هذا الإسم اللامع في سماء نبض المعاني .

تحياتي لك ولتواصلك

ودعنا ننطلق لعاشق السمراء

رسام الغرام
28 - 01 - 2004, 13:39
ما شاء الله ..


وكأني اتابع احد اللقاءات على الشاشة الملونه .. ونجماها المتألقان رحال ورسام الغرام .. فعلا حوار جميل وقضية اجمل .. محتاجة للكثير من التمعن .. والمناقشة والحوار .. !!



ونعود للاسئلة المطروحة ..


هل يخلق الانسان مغرورا ؟



لا اظن الغرور ينولد مع ولادته .. ولكن هناك دوافع واسباب تجعل من هذا الشخص يظن نفسه انه فوق الجميع .. وانه الصواب .. وانه الرجل الذي لا يكون مثله .. والاغنى .. والاعلى .. حتى تحين اللحظة التي ينكشف بها القناع .. وينزاح من ابصاره ذلك الستار الاسود .. ليعرف انه مجرد بشر .. ولا حول ولا قوة له .. ولكن .. بعد أن يفوت الاوان .. !!



وبمعنى ادق هل للبيئه والمجتمع والاهل دور في خلق
انسان يمتاز بالغرور ؟





ربما يكون هناك من يساعد هذا المغرور على الاستمرارية بالطيش والبطش والتكبر .. وذلك بأن يجد من حوله في مدح مستمر لاعماله وافعاله .. مما يزرع في اعماقة بذرة تدعى الغرور الاكبر .. ويواصل المغرور طريقه وبنفس الصورة وربما تزداد اكثر واكثر .. ولكن ان وجد هناك من يقول له منذ البداية انت في نهاية متهالكة .. وفي طريق مظلم فلا تمضي وعد .. وهكذا فربما يجد هذا المغرور ضالته .. ويعود لرشده قبل فوات الاوان .. !!



قال تعالى .. أنك لا تهدي من احببت .. ولكن الله يهدي من يشاء.. صدق الله العظيم !!




لا اخفيك أنني استمتعت حقا بهذا الحوار .. فعلا حوار له الايجابيات الكثيرة .. والشكر لضيف هذه الحلقة .. رسامنا المتألق !!



وتحية شكر وتقدير للمشرف القدير .. رحال

عاشق السمراء

ما هذا الظهور الرائع الذي سلب منا الأضواء

والحقيقة بدأت ألوم أخي رحال بأن استضافني دونك

فعلاً رد رائع يليق بأسم رائع هو

عاشق السمراء

تحياتي لك دوماً

وكل عام وأنت بخير

أخيك المرسومي :

رسام الغرام

رسام الغرام
28 - 01 - 2004, 13:54
وها هو عاشق السمراء
يتحفنا من جديد بردوده المتميزه
وتفاعل جميل سيدي العزيز

يقال ان الغرور مقبرة الانسان
يا ترى هذه المقوله في محلها الصحيح ؟
واذا كانت فهل تطلق على كل من داخله الغرور
في حالات معينه وبسيطه ؟
وما الفرق بين من يريد ان يثبت ذاته امام الناس
ويفتخر باعماله وبين المغرور .

هلاً بك مجدداً أيها الرحال الرائع

نعم أنا أوافق على هذه المقولة
لأنني اراها سبباً غير مباشرة لقتل القلب
فهي باب الكبر , والكبر هو من يقتل القلب

لا يمكن أن نعمم الغرور ونجعل الحكم بشكل مطلق لسبب هام

وهو إننا جميعاً يداهمنا الغرور بين الحين والحين أو على أقله الإعجاب بالنفس

أو بما نصنع أو بحسبنا أو بمالنا أو بأبنائنا , فالكل يزوره الغرور

وتبقى الدرجة , وهل يسيطر عليه الغرور أم لا .

كذلك هل يصل به الغرور إلى درجة الكبر ,

فقال صلى الله عليه وسلم فيما معناه :
" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر "
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

الفرق بين المغرور , ومن يريد أن يثبت ذاته
النية : فإنما الأعمال بالنيات
وسأقدم مثالاً بسيطاً ولكنه ( عذراً ) بعيداً عن الموضوع
ولكنه سيساعد على الإيضاح .
وهو : أنه تفضل الصدقة سراً حتى لاتعرف يسارك ما تنفق يمينك
كما وردت في حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام
ولكن : هل يجوز التصدق علناً
والجواب : نعم إذا كانت النية سليمة , وهدفها تحفيز الآخرين مثلاً .

وكذلك بالنسبة للغرور فالمرء يعرف نوايا نفسه , وعليه أن يقيمها
وإثبات الذات أمر مشروع لكل فرد , بل هو مطلب أساسي .

تحياتي لك سيدي

رسام الغرام

الـعـمـيــــــــــــد
28 - 01 - 2004, 21:11
رسام الغرام :

عموماً هي قناعات ببعض المجازيات التي قد لا يتفق عليها الكثيرين

وهذا إختلاف بالرأي لايفسد للود قضية

بل يفتح بيننا آفاقاً جديدة للحوار
فعلا اخي رسام هي قناعات وتختلف باختلاف تفكير الشخص
ذاته في حدود ما ترسم النيات في قلب كل انسان .

اعتقد اني احسنت اختيار الضيف
واهنيء نفسي على ذلك
كما انني اعتذر لنفسي عن غياب الردود
كما اعتذر لك اخي
وكان المحاوره بين عاشق السمراء ورسام الغرام ورحال

تحياتي

رسام الغرام
30 - 01 - 2004, 02:22
أخي رحال

أشكر لك جهدك الطيب

وروحك العطرة

وكل عام وأنت بألف خير

تحياتي لك

رسام الغرام

انسة نكتة
02 - 02 - 2004, 02:41
حضووور متميز لرحاااااااال ورسام
نعم المواضيع الهادفه التي تسعى الى نزع الغرائز السوداء في نفس البشرر
جزاكم الله خير عليها وتواصل طيب ونحن بانتظاااااااار المزيد

الـعـمـيــــــــــــد
03 - 02 - 2004, 02:59
اتمنى تواصل الجميع
في الردود

تحيـــــاتي

كنوز
03 - 02 - 2004, 03:55
السلام عليكم جميعا - ماشاء الله صج مثل ما قال أخوي عاشق انه في هالحوار كأننا نتابع مسلسل جميل و شيق

و صراحة وااااااااااايد عجبني الاسلوب و الرد و تناسق الحوار من الأخ رسام و سرد بطريقه ممتعه الرد لموضوع الغرور

و اود أن اجتمع مع البعض في الرأي للاجابه على الاسئله المطروحه و هي :

هل يخلق الانسان مغرورا ؟


الغرور هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه. وهو من أسوأ الصفات النفسية لأنه الباعث الحقيقي للمساوئ الأخلاقية كحب الدنيا وطول الأمل والظلم والفسق والعصيان. والسبب الرئيسي للغرور هو الجهل، ومثال ذلك المال والعلم. اللذان يعتبران المحك الذي يعرف به معدن الإنسان، فالمال والعلم نعمتان من نعم الله يضفي بها على عبده، ولكن إذا كان المنعم عليه، جاهل بحقيقة الدنيا يغتر بهما، يقول سبحانه: ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) ويقول عزوجل( فلا يغرنكم الحيوة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) ..

لذلك ما اعتقد يخلق مغرورا و لكن هناك بعض الامور الشخصيه بداخل الانسان تجعله يغتر بنفسه و خاصه من يكون فيه نقص و ينظر لحواليه من نظره واحده فقط و بجمال واحد فقط و هو ممكن يكون الشكل او ظهور خارجي ولا ينظر للجوهر و شخصية الطرف الآخر و للأسف يكتشف الخطأ في نفسه بعد فوات الاوان و أنه بشر مثل الباقي وممكن هم الأفضل بكثير
وبمعنى ادق هل للبيئه والمجتمع والاهل دور في خلق
انسان يمتاز بالغرور ؟
نعم للبيئه و المجتمع والاهل دور في خلق الغرور - و يكون إما أن بمدح صفه او شي بالشخص نفسه و المبالغه بالوصف حتى لو كانت خطأ إما لمصلحه او لصله مع بعض و هاذا يعطي الدافع للشخص بالغرور و الشخص بهذه الصوره لا يعرف قدر نفسه ولا يثق بنفسه و لكن حسب ما يمدح به من صفات سواء سيئه او لأ و بالغالب سيئه

فصدق من قال رحم الله إمرؤ عرف قدر نفسه و علينا ان نعرف التالي :

فإنّنا إذا أردنا معرفة الأسباب الداعية إلى الغرور ، لعرفنا أنّها بعدد الامكانات والمواهب التي يتمتع بها أحدنا ، ومنها :
1 ـ القوّة البدنية : وهي القدرة البدنية والقوة العضلية والقابلية التحمّلية
2 ـ الشـباب : وهذا عنصر متفرعٌ عن الأوّل ، فالشباب مرحلة عمرية ، كما هي الطفولة وكما هي الشيخوخة . وهي ليست ميزة أو شيئاً اكتسبناه بجهود ذاتية خاصة وخالصة ، أي أنّ الشباب كمرحلة طبيعية ننتقل إليها تلقائياً من مرحلة الطفولة لا تمثل ـ بكلّ تفجّر هذه الحيوية الدافقة ـ قيمة بذاتها .
فالشاب الذي يغترّ بفتوته ، والفتاة التي تغترّ بصباها إنّما يغترّان بأمر لا دخل لهما في صناعته ، وبالتالي لا يصحّ الاغترار به ، فعلاوة على أنّ الشباب ليس بدائم وأنّ الشيخوخة آتية لا ريب فيها .

3 ـ المال أو الثروة : لتحصيل أو اكتساب المال وجهان :
الوجه الأوّل : الرزق الذي جعله الله لكلّ إنسان ، فهو بيده سبحانه وتعالى يوسّع لمصلحة ويضيّق لمصلحة ، ولا يموت أحدنا حتى يستوفي رزقه -- و الوجه الثاني : ما يسمّى بـ (الرزق الذي تسعى إليه) أي السعي لكسب الرزق والاستزادة منه ، فعلى مقدار السعي يمكن الوصول إلى أقصى درجات الرزق والتوسعة فيه ، فالله حينما فتح أبواب الرزق وطلب من الانسان أن يسعى في مناكب الأرض دعاه إلى (السعة) وكما أراد له أن لا يقنع بالقليل ، لم يرد له أيضاً أن يكون جشعاً يأخذ ما ليس له بالباطل ، أو يُهلك نفسه من أجل الحصول على ثروة يجمعها ثمّ يتقاسمها الورثةُ من بعده .
4 ـ الجـمال : كما أ نّه ليس للشاب دخلٌ أو يدٌ في شبابه ، كذلك ليس للجميل دخلٌ في جماله ، ولو تُرك لنا الخيار لاخترنا جميعاً الوجوه النضرة المنعّمة الجميلة التي تنسجم مع مقاييس الجمال العالمية المعروفة .

5 ـ الجـاه : الجاه هو السمعة أو الصيت الذي يحصل عليه أحدنا جرّاء موقع اجتماعي أو علمي أو مالي أو سياسي مميّز ، كأن يكون قيادة أو نفوذاً أو منصباً رفيعاً . والجاه أو الوجاهة هو ميزة ناتجة عن نظرة اجتماعية للمواقع والمناصب ، وليس قيمة بحدّ ذاته ، بمعنى أنّ المسؤول الكبير أو المحسن الوجيه ، أو القائد العسكري ، أو مسؤول المنظمة الطلاّبية ، أو الطبيب أو المهندس وغيرهم ، إنّما أصبحوا وجوهاً اجتماعية مرموقة لأنّ نظرة الناس لهذه المواقع نظرة احترام وتقدير وإعجاب ، وربّما بسبب هذه النظرة راح بعض الذين يحملون العناوين اللامعة يمشون بين الناس بخيلاء ويتعاملون تعاملاً فوقياً مع مَنْ هم أدنى موقعاً ، وهل الغرور غير ذلك ؟
إنّ الجاه أو السمعة أو الشهرة التي يكتسبها إنسان من خلال احتلاله لموقع بارز ، هي الأخرى عرضة للتغيير وعدم الثبات إلاّ بمقدار ما يغذّيها صاحبها من عطاء دائم للموقع الذي هو فيه ، وإلاّ فهي ليست شهادة خالدة أو شهرة أبدية.

6 ـ النـسب : والنسب أو الاتكاء على اسم أو لقب العائلة أو سمعتها هو اتكاء على سند واه ، فالإسم صنعته عقول وجهود وسواعد الآباء والأجداد ، وإذا أردت المحافظة عليه فساهم بعقلك وعرقك وإبداعك فيه ليكون لك نصيب أو حظّ من هذا الاسم العريق الذي تتشرف بحمله لا بصفة وراثية ، وإنّما على نحو مساهمة عملية جادّة في رفعه .
وإلاّ فالجاهل أو نصف المتعلّم الذي يغترّ بعائلته ذات الصيت العلميّ المشهود له ، كذاك الذي يرتدي ثوباً غير ثوبه . والعاطل الخامل الذي لم يقدّم لوطنه وأمّته شيئاً ، ويغترّ بأمجاد أسلافه وأجداده الذين قارعوا الظلم والاستكبار في حملات الجهاد ضدّ الغزاة الطامعين ، يحاول أن يلصق صورته على غلاف كتاب يتحدّث عن جهاد الأسرة ، أو أن يعلّق صورته على الجدار مع لوحة شرف تضمّ الذين حملوا السلاح لمقارعة المحتلّين .
وهناك مَنْ يعيش الغرور النسبيّ لجهة انحداره عن سلالة مطهّرة ، فيعتبر ذلك بمثابة صك الغفران الذي يحمله للدخول إلى الجنّة ، أو إلى الناس ليكبروه ويجلّوه من خلاله ، وفي الحديث الشريف : «خلق الله النار لمن عصاه ولو كان سيِّداً قرشياً ، وخلق الجنّة لمن أطاعه ولو كان عبداً حبشياً» .إنّ الانتساب الذي يحقّ لنا أن نفخر به هو انتسابنا للعلم والعمل وللدين .

8 ـ المهـنة : وقد يغترّ البعض بمهنته من خلال ما تدرّه عليه من ربح ماليّ ، أو سمعة اجتماعية معيّنة ، وهذه سمة من سمات التخلّف ، وإلاّ فكلّ مهنة هي في واقع الأمر عمل خدمي يقدم للناس حسب طبيعة المهنة ، والمهن ـ كما تلاحظ ـ تتكامل مع بعضها في سدّ احتياجات الناس . وإذا كانت بعض المهن تجلب لصاحبها ربحاً أكبر وسمعة أو شهرة أوسع فهذا لا يعني أن تكون مدعاة للغرور والتكبّر ، وإنّما هو الجهد الذي يبذل في سبيل الحصول على شهادة معيّنة أو حرفة معيّنة ، ثمّ انّ الإبداع والإخلاص في المهنة أهمّ من الدخول في عالمها ، وأيّاً كان السبب فلا نرى داعياً للاغترار بالمهن .
9 ـ العلـم : يصاب بعض العلماء في مختلف الاختصاصات بالغرور لتصورهم أ نّهم أكثر الناس علماً وفهماً وسعة في المدارك والاطلاع ، وقد يلعب احتلالهم لمواقع الصدارة في المنتديات العلمية وشاشات التلفزة والمؤتمرات والمجامع العلمية دوراً في ذلك .
ولا يداخل الغرور بعض الشخصيات العلمية فقط ، بل ـ كما مرّ بنا ـ يصيب حتى بعض الطلبة المتفوقين دراسياً .
فإذا كان العلم أحد أهمّ نقاط التفاضل بين الناس (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )(7) لكنّ العالم الحقّ ، وكما أثبتت ذلك سيرة طابور طويل من العلماء ، هو الذي إذا ازداد علماً ازداد تواضعاً .

10 ـ القلم والبيان : ومن أسباب الغرور أن يكون الطالب أو أيّ انسان آخر ذا قلم ساحر في الكتابة ، أو خطيباً مفوّهاً ، وإذا بالكلمات التي يخطّها ذاك القلم ، والتي يطلقها هذا الخطيب أو الأديب هي جواهر ودرر أو نصوص لا يرقى إليها بيانُ غيرهم .
إنّ القدرة البيانية أو الكتابية أو الخطابية نعمة ولا شكّ لكنّ النعم ـ كما قلنا ـ بحاجة إلى الشكر لا إلى الافتتان والاغترار والتباهي ، ومن دواعي الشكر أن تكون الكلمات مسخرة في الخير وخدمة الناس والإصلاح بينهم وتنمية الوعي لديهم .
وقد يصل الغرور أحياناً ببعض أصحاب الأقلام والملكات الخطابية أن يهتموا بتنميق الكلام وتزويقه أكثر من اهتمامهم بمضامينه ، الأمر الذي يعتبر عند هؤلاء أنّ صاحب البيان الأفضل هو الذي يمتلك ناصية الكلام بقطع النظر عما يطرح من أفكار .


لذلك علينا معرفة قدر الدنيا - يصف القرآن الكريم الدنيا بأنّها (دار غرور) أي أنّ حال الدنيا هي هذه لا كما تصورها الأوهام والأحلام وبعض الأفلام ، إلاّ أ نّه في موضع الذمّ والتنفير أيضاً ، أي حاذروا ـ يا أبناء الدنيا ـ من الوقوع في شباك الغرور والتيه والخيلاء بأيّ شيء دنيويّ تنالونه .
تمتّعوا به .. خذوا نصيبكم منه .. تعاطوه فيما بينكم بلا حيف ولا جور ولا استئثار .. لكن تعاملوا معه على أ نّه (طارئ) .. (متغير) و (زائل) : (اعلموا أنّما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفّار نباته ثمّ يهيج فتراه مصفرّاً ، ثمّ يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغُرُور ).


وعليه يجب علاج الغرور بالتواضع و تذكر سيرة الأنبياء و الصحابه في حياتهم .. و اخيرا نقول :
قوتك وتواضعك .. جمالك وتواضعك .. شبابك وتواضعك .. علمك وتواضعك .. جاهك وتواضعك .. مهنتك وتواضعك .

الـعـمـيــــــــــــد
08 - 02 - 2004, 09:12
تواصل رائع جدا من كنــــــــــــــوز

وبصراحه ما قصرتي اختي كنوز فيما ذكرت وقد سقت
بعض الآيات الكريمه الداله على ان الغرورو ممقوت من الله
يقول سبحانه: ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)
ويقول عزوجل( فلا يغرنكم الحيوة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور)
فهذا من الدلاله الاكيده على مقت الغرور عند الله
وتحليلك في مكانه واعتقد ان الغرور مرض نفسي يصاحب الانسان
في مراحل حياته ويظل يكبر معه الى ان يرديه في المهالك او تصيبه
صدمه عن طريق غروره تفيقه من غفلته فيتراجع ويعتبر .

اشكرك مره ثانيه

رسام الغرام
08 - 02 - 2004, 15:15
حضووور متميز لرحاااااااال ورسام
نعم المواضيع الهادفه التي تسعى الى نزع الغرائز السوداء في نفس البشرر
جزاكم الله خير عليها وتواصل طيب ونحن بانتظاااااااار المزيد


آنسة نكتة

أشكر لك حضورك الجميل

وحبذا لو تتحفينى بوجهة نظرك ورأيك

ولك جزيل الشكر

تحياتي

رسام الغرام

رسام الغرام
08 - 02 - 2004, 15:39
السلام عليكم جميعا - ماشاء الله صج مثل ما قال أخوي عاشق انه في هالحوار كأننا نتابع مسلسل جميل و شيق

و صراحة وااااااااااايد عجبني الاسلوب و الرد و تناسق الحوار من الأخ رسام و سرد بطريقه ممتعه الرد لموضوع الغرور

كنوز

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هذا من فيض ذوقك , وجميل خطابك
وما كان تواصلنا إلا ثما رجهد زرعها أخينا رحال فلا بد له من أن يحصد زرعه

10 ـ القلم والبيان : ومن أسباب الغرور أن يكون الطالب أو أيّ انسان آخر ذا قلم ساحر في الكتابة ، أو خطيباً مفوّهاً ، وإذا بالكلمات التي يخطّها ذاك القلم ، والتي يطلقها هذا الخطيب أو الأديب هي جواهر ودرر أو نصوص لا يرقى إليها بيانُ غيرهم .
إنّ القدرة البيانية أو الكتابية أو الخطابية نعمة ولا شكّ لكنّ النعم ـ كما قلنا ـ بحاجة إلى الشكر لا إلى الافتتان والاغترار والتباهي ، ومن دواعي الشكر أن تكون الكلمات مسخرة في الخير وخدمة الناس والإصلاح بينهم وتنمية الوعي لديهم .
وقد يصل الغرور أحياناً ببعض أصحاب الأقلام والملكات الخطابية أن يهتموا بتنميق الكلام وتزويقه أكثر من اهتمامهم بمضامينه ، الأمر الذي يعتبر عند هؤلاء أنّ صاحب البيان الأفضل هو الذي يمتلك ناصية الكلام بقطع النظر عما يطرح من أفكار .


أعجبني كثيراً هذا التواصل والتوافق الفكري , وهذه المداخلة لهي مداخلة مثرية بالفعل تخدم الموضوع لمنحى بعيد

وأعجبتني هذه الفقرة على وجه الخصوص لأنها خطاب مباشر للأقام الحرة في نبض وغيره فهي تعنينا , ونخشى ما نخشاه أن يصيبنا الغرور , فالغرور هو مقبرة القلم كما إنه مقبرة كل فضل .

وعليه يجب علاج الغرور بالتواضع و تذكر سيرة الأنبياء و الصحابه في حياتهم .. و اخيرا نقول :
قوتك وتواضعك .. جمالك وتواضعك .. شبابك وتواضعك .. علمك وتواضعك .. جاهك وتواضعك .. مهنتك وتواضعك .

كنوز

وفقك الله لما يحب ويرضى

ونأمل منك المزيد من التواصل والتألق

لك التحية

رسام الغرام

الـعـمـيــــــــــــد
18 - 02 - 2004, 10:07
كل الشكر لأخي رسام الغرام على
هذا الحوار الممتع
وله الشكر على جميل ما استفدنا منه
فرسام الغرام ما شاء الله عليه
يملك لغة حوار رائعه بحق واسلوبه
يدل على رقي فكره وتعمقه ووضوحه
في اي موضوع تحاوره


اخي رسام الغرام
لك جل شكري وتقديري
وسوف ننتقل لحوار اخر مع ضيف جديد
اتمنى مشاركتك معنا كما اترك
الباب مفتوحا في هذا الموضوع لمن احب ان يشارك
ونحن مستعدون للتفاعل معه في الردود .

الأميــA-S-Sــر
19 - 02 - 2004, 11:08
مراااحب بمواضيعك الشيقه يارحال



لي نقطه اسردها هنا ذكرتها في بداية الموضوع

واستفسار ان كان هناك مايمنع ان يملك الانسان مال قارون او اكثر اذا كان ينفقه في مرضاة الله فليس العيب في ان نملك لكن العيب في كيف ننفق !!!!!

الـعـمـيــــــــــــد
20 - 02 - 2004, 17:04
مرحا مرحا بالامير
وإن كنا في شوق لمتابعة ردودك

واتفق معك اخي الكريم في ان الانسان المسلم
لا يعيبه غن كان يملك مال قارون ولكن يعيبه
ان يصنع صنيع قاورن , فهو لم يرعى حق الله
في ذلك المال وسولت له نفسه ان ذلك المال لم يات
إلا نتيجة جهده هو ولم يشكر نعمة الله عليه .
واعتقد ان اخي رسام الغرام يشاطرني الرأي تماما وذلك
من خلال ما ذكره آنفا .

تحياتي ايها الأمــــsـــــsـــــــــaـــــير بإنتظارك في حلقاتنا القادمه .

رسام الغرام
25 - 02 - 2004, 22:03
الأمير ورحال

نعم فلا عيب أن نملك المهم هو أن لا تتغير أنفسنا بعد ذلك الملك

وهناك الكثير من الصالحين ممن هم من الأثرياء كانوا يتمنون

أن يرزقهم الله أكثر وأكثر حتى ينفقونها كلها في سبيل الله

وإليك مثال عثمان بن عفان رضي الله عنه

كان أعظم من ينفق على الدين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

وبعد وفاته , وكيف أنه كان يسابق إلى ذلك مع أصحاب النبي عليهم من الله الرضوان .

والمسلمون في هذا الشأن ينقسمون إلى أربع فئات من وجهة نظري :

فقير ( مغرور ) = إبتلاء لمبتلي

غني ( مغرور ) = جحود للنعمة

فقير ( متواضع ) = الرضى بما قسم الله

غني ( متواضع) = كريم النفس أصيل المعدن " وهذا هو صاحب أفضل المراتب عند الله "

ودائماً يكون الغني الكريم المتواضع هو الإفضل لأن الله إبتلاه بالغنى فانفقه في سبيل الله

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه بعد نفقةٍ أنفقها : " لا ضر عثمان ما فعل بعد اليوم "


لكم مني أخص التحايا وأخلصها

رسام الغرام