غابة البنفسج
04 - 09 - 2003, 04:37
تجرعت مرارة الايام وقساوتها مع كوب القهوة الذي اعدته .. فقد كانت تشعر بانها بحاجة الى التركيز لاتمام مابدات بكتابته .. حاولت الامساك بالقلم ، افلت من يدها ، لم تعد اناملها تساعدها على الكتابة ..
امتد توتر اعصابها الى تلك التي تداعب القلم .. مع انها الان بحاجة الى الكتابة اكثر من أي وقت ، محاولة تخليد الذكريات ، التي حاولت الفرار منها وتدثيرها ثم وأدها .. اعادت محاولة مسك القلم وكانت عيناها تجوب انحاء وزوايا الورقة البيضاء بنظرة حائرة .. ماذا عساها ان
تكتب ؟! وماذا عليها ان تسجل ؟!
شعرت بتيار ما يسري في عروقها يجبرها على التوقف عن الكتابة ، معيدا الى ذاكرتها ارتعاشة الجسد بأكمله .. اغرورقت عيناها بالدموع ..
شعرت بالبرد يدب باوصالها ..
وضعت راسها بين كفيها واطلقت لنفسها العنان واجهشت بالبكاء ..
بكت من اعماقها بشدة لا تدري اتبكي على نفسها .. ام ان الاحداث الاخيرة كانت كفيلة بدفعها للبكاء .. فهي لم تعد تحتمل اكثر ، لقد فاق ماحدث في الايام الاخيرة اقصى درجات احتمالها ..
مازالت نبرات صوته التي وصلتها عبر الهاتف ترن في اذنيها ..
- اريدك ان تبقي ذكرى جميلة في ذاكرتي وبالرغم من كل ماحدث ستبقين في نظري كما كنت دائما ..
ذكرى ؟؟؟!!!!!! كلمات نزلت عليها كالصاعقة ..
احبته اكثر من أي شيء بحياتها عاش بداخلها اختلط بدمائها بنفسها بالهواء الذي تستنشق .. لم تتخيل حياتها للحظة واحدة بدونه ..
لطالما دب الخلاف بينهما كأي عاشقين .. لاتنكر بانها كانت تفتعل المشاكل احيانا ولكن ليس للاساءة اليه وانما لتتحسس مكانها في قلبه ..
لتشعر بنشوة الحب .. وبأنها طفلته المدللة .. التي يغفر لها دائما خطاياها.. كانت تغضبه وما هي الا لحظات حتى تتجه اليه مطأطأة رأسها وبين شفتيها كلمة اسفة .. كانت عيناه تعدو ليلاحق كل حركة تأتي على فعلها وترتسم على وجهه تلك الابتسامة التي كانت تعشقها اكثر من أي شيء ، تنظر اليه وتخونها العبارة لترتمي في احضانه .. وتسمع صوت قهقهته تهز جدران المكان ..
تنبهت فجأة ، وقد توقفت عن الكتابة وذهنها يبحر في الماضي القريب ،
اخذت نفسا عميقا .. مازالت تحتفظ بالرسالة التي تركها لها بعد اخر شجار دب بينهما .
_ لم اكن قاسيا في يوم بل انتي من علمتني القساوة .. ( مللت ) .
ازعجه ان قيل عنه مراهق بسببها وانه ضعيف امامها ..
بالرغم من انها تحاول نسيان ما مضى .. الا انه ما زال المستأثر الوحيد بقلبها .. انه حبها الاول والاخير ..
ازاحت الستارة عن نافذتها واطلت براسها على الشارع لترى شريحة من الحياة كانت عيناها تركض بطول الشارع وكأنها تنظر الى لا شيء
تعجز عن تثبيت نظرها نحو نقطة معينة وهي تشعر بحزن غزير يهطل على قلبها .. فقد اظمأها العطش لمخاطبته ..
كانت عقارب الساعة تشير الى الرابعة عصرا .. عندما قررت مغادرة المنزل تناولت معطفها وسارت وبيدها حقيبتها، تقرص هبات الهواء انفها فيزداد انتفاخا .. كما ان الهواء لا ينفك ايضا عن قرص وجنتيها فتحمرا احمرارا على الاحمرار الذي اضافته بفرشاتها عليهما قبل ان تغادر المنزل ..
وتحاول بيدها الاخرى مسك قبعتها الجوخ الخضراء لئلا يطيرها الهواء ..
وتطل عيناها اللتان بلون اخضرار الربيع الى وقع اقدامها المتثاقلة على الجسر وبلحن موسيقي حزين تصل الى نهاية الجسر .. تقف عند نهايته ..
ترفع حقيبتها الى كتفها .. وتضع يدها الاخرى على سور يلف الجسر ..
في هذا المكان وفي مثل هذا الوقت كانت تلتقيه ..
كم تشعر بالحنين اليه .. كم هي ضعيفة من دونه .. ايعقل انه رحل ؟؟ رحل فاصبح كالحلم .... لكنه حلم حزين .. حلم وحيد وكئيب ..
لتبقى هي من بعده كأيام الخريف تسقط اوراق اشجارها مع كل هبة هواء ..
تتدفق مياه النهر بقوة خريرها يصل الى اذنيها ، تنظر الى اسفل الجسر بعينين قد اغرورقتا بدموع حارة سقطت على وجهها البارد ..
انه نهر ، يجري ، يندفع بقوة ليصل تحت الجسر ، كأنه يسرع للقاء حبيبته .. وعلى جانب من النهر ، بياض بدا بين سنابل قمح خضراء نضرة ، اهوت بتثاقل لتلقط حجرا صغيرا عند اسفل قدميها ..
رمت به الى ذلك البياض ، كان سربا من الحمام يلتقط حبات القمح ..
طار في فضاء السماء كأنه موكب عرس حزين .. كل صورة في تلك اللحظة كانت تذكرها فيه .. لم تبال للريح التي تدفعها الى الامام ، بدأ المطر بعده ينثر قطراته عليها .. اغمضت عينيها وراحت ترنم بصوت خافت وهي تتحسس ملوحة دموعها على شفتيها ( زعلي طول انا واياك وسنيين بقيت جرب فيهم انا انساك ماقدرت انسيك .. ياريتك هون حبيبي وياريت ..) وغلبها البكاء مرة اخرى ..
ازدادت حدة الامطار .. استدارت لتعود من جديد على نفس اللحن الحزين الذي جائت به
وبخطوات متثاقلة اكثر .. ويمر في راسها شريط الاحداث الاخيرة ..
تتامله من جديد ، تود ان تعرف من ظلمها هي ام هو ؟
شعرت بأن قواها قد خارت وان طريق الجسر اطول من المعتاد .. وكأنه ممتد الى لانهاية .. وان البرد قد تمكن منها .. وبيد شدت فيها معطفها المبلل على جسدها المنهك .. واحكمت يدها الاخرى فوق قبعتها ..
وضعت عيناها بالارض تتأهب للاسراع بخطواتها .. عندما اصطدمت بشيء للوهلة الاولى لم تدرك ماهو الا عندما رفعت بصرها والتقت عينيها بعينيه
وقد ارتسمت على شفتيه تلك الابتسامة التي طالما عشقتها ..
اقترب ليهمس في اذنها (احبك ) ..
لم تسمع دوي الرعد الذي هز المكان … لم تكن تسمع سوى صوت نبضات قلبها تعانق نبضات قلبه ..
غابة البنفسج
امتد توتر اعصابها الى تلك التي تداعب القلم .. مع انها الان بحاجة الى الكتابة اكثر من أي وقت ، محاولة تخليد الذكريات ، التي حاولت الفرار منها وتدثيرها ثم وأدها .. اعادت محاولة مسك القلم وكانت عيناها تجوب انحاء وزوايا الورقة البيضاء بنظرة حائرة .. ماذا عساها ان
تكتب ؟! وماذا عليها ان تسجل ؟!
شعرت بتيار ما يسري في عروقها يجبرها على التوقف عن الكتابة ، معيدا الى ذاكرتها ارتعاشة الجسد بأكمله .. اغرورقت عيناها بالدموع ..
شعرت بالبرد يدب باوصالها ..
وضعت راسها بين كفيها واطلقت لنفسها العنان واجهشت بالبكاء ..
بكت من اعماقها بشدة لا تدري اتبكي على نفسها .. ام ان الاحداث الاخيرة كانت كفيلة بدفعها للبكاء .. فهي لم تعد تحتمل اكثر ، لقد فاق ماحدث في الايام الاخيرة اقصى درجات احتمالها ..
مازالت نبرات صوته التي وصلتها عبر الهاتف ترن في اذنيها ..
- اريدك ان تبقي ذكرى جميلة في ذاكرتي وبالرغم من كل ماحدث ستبقين في نظري كما كنت دائما ..
ذكرى ؟؟؟!!!!!! كلمات نزلت عليها كالصاعقة ..
احبته اكثر من أي شيء بحياتها عاش بداخلها اختلط بدمائها بنفسها بالهواء الذي تستنشق .. لم تتخيل حياتها للحظة واحدة بدونه ..
لطالما دب الخلاف بينهما كأي عاشقين .. لاتنكر بانها كانت تفتعل المشاكل احيانا ولكن ليس للاساءة اليه وانما لتتحسس مكانها في قلبه ..
لتشعر بنشوة الحب .. وبأنها طفلته المدللة .. التي يغفر لها دائما خطاياها.. كانت تغضبه وما هي الا لحظات حتى تتجه اليه مطأطأة رأسها وبين شفتيها كلمة اسفة .. كانت عيناه تعدو ليلاحق كل حركة تأتي على فعلها وترتسم على وجهه تلك الابتسامة التي كانت تعشقها اكثر من أي شيء ، تنظر اليه وتخونها العبارة لترتمي في احضانه .. وتسمع صوت قهقهته تهز جدران المكان ..
تنبهت فجأة ، وقد توقفت عن الكتابة وذهنها يبحر في الماضي القريب ،
اخذت نفسا عميقا .. مازالت تحتفظ بالرسالة التي تركها لها بعد اخر شجار دب بينهما .
_ لم اكن قاسيا في يوم بل انتي من علمتني القساوة .. ( مللت ) .
ازعجه ان قيل عنه مراهق بسببها وانه ضعيف امامها ..
بالرغم من انها تحاول نسيان ما مضى .. الا انه ما زال المستأثر الوحيد بقلبها .. انه حبها الاول والاخير ..
ازاحت الستارة عن نافذتها واطلت براسها على الشارع لترى شريحة من الحياة كانت عيناها تركض بطول الشارع وكأنها تنظر الى لا شيء
تعجز عن تثبيت نظرها نحو نقطة معينة وهي تشعر بحزن غزير يهطل على قلبها .. فقد اظمأها العطش لمخاطبته ..
كانت عقارب الساعة تشير الى الرابعة عصرا .. عندما قررت مغادرة المنزل تناولت معطفها وسارت وبيدها حقيبتها، تقرص هبات الهواء انفها فيزداد انتفاخا .. كما ان الهواء لا ينفك ايضا عن قرص وجنتيها فتحمرا احمرارا على الاحمرار الذي اضافته بفرشاتها عليهما قبل ان تغادر المنزل ..
وتحاول بيدها الاخرى مسك قبعتها الجوخ الخضراء لئلا يطيرها الهواء ..
وتطل عيناها اللتان بلون اخضرار الربيع الى وقع اقدامها المتثاقلة على الجسر وبلحن موسيقي حزين تصل الى نهاية الجسر .. تقف عند نهايته ..
ترفع حقيبتها الى كتفها .. وتضع يدها الاخرى على سور يلف الجسر ..
في هذا المكان وفي مثل هذا الوقت كانت تلتقيه ..
كم تشعر بالحنين اليه .. كم هي ضعيفة من دونه .. ايعقل انه رحل ؟؟ رحل فاصبح كالحلم .... لكنه حلم حزين .. حلم وحيد وكئيب ..
لتبقى هي من بعده كأيام الخريف تسقط اوراق اشجارها مع كل هبة هواء ..
تتدفق مياه النهر بقوة خريرها يصل الى اذنيها ، تنظر الى اسفل الجسر بعينين قد اغرورقتا بدموع حارة سقطت على وجهها البارد ..
انه نهر ، يجري ، يندفع بقوة ليصل تحت الجسر ، كأنه يسرع للقاء حبيبته .. وعلى جانب من النهر ، بياض بدا بين سنابل قمح خضراء نضرة ، اهوت بتثاقل لتلقط حجرا صغيرا عند اسفل قدميها ..
رمت به الى ذلك البياض ، كان سربا من الحمام يلتقط حبات القمح ..
طار في فضاء السماء كأنه موكب عرس حزين .. كل صورة في تلك اللحظة كانت تذكرها فيه .. لم تبال للريح التي تدفعها الى الامام ، بدأ المطر بعده ينثر قطراته عليها .. اغمضت عينيها وراحت ترنم بصوت خافت وهي تتحسس ملوحة دموعها على شفتيها ( زعلي طول انا واياك وسنيين بقيت جرب فيهم انا انساك ماقدرت انسيك .. ياريتك هون حبيبي وياريت ..) وغلبها البكاء مرة اخرى ..
ازدادت حدة الامطار .. استدارت لتعود من جديد على نفس اللحن الحزين الذي جائت به
وبخطوات متثاقلة اكثر .. ويمر في راسها شريط الاحداث الاخيرة ..
تتامله من جديد ، تود ان تعرف من ظلمها هي ام هو ؟
شعرت بأن قواها قد خارت وان طريق الجسر اطول من المعتاد .. وكأنه ممتد الى لانهاية .. وان البرد قد تمكن منها .. وبيد شدت فيها معطفها المبلل على جسدها المنهك .. واحكمت يدها الاخرى فوق قبعتها ..
وضعت عيناها بالارض تتأهب للاسراع بخطواتها .. عندما اصطدمت بشيء للوهلة الاولى لم تدرك ماهو الا عندما رفعت بصرها والتقت عينيها بعينيه
وقد ارتسمت على شفتيه تلك الابتسامة التي طالما عشقتها ..
اقترب ليهمس في اذنها (احبك ) ..
لم تسمع دوي الرعد الذي هز المكان … لم تكن تسمع سوى صوت نبضات قلبها تعانق نبضات قلبه ..
غابة البنفسج