العنود
02 - 07 - 2003, 16:32
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله واصحابه اجمعين ..
اخوتي واخواتي الكرام ..
لا يوجد انسان على وجه الارض قادر على نسيان بداية نشأته وطفولته .. وخاصة المحيط الذي استمد منه ثقافته الذي مازال يسير على نهجها .. برغم التطورات والظروف والتجارب التي تصقل خبرته .. إلا انه تبقى الخطوط العريضة التي نشأ عليها هي اساس تركيبة شخصيته .. وهذا ما جعلني اقارن بين نشئة جيلنا (جيل السبعينيات) وهذا الجيل الجديد الناشئ ..
فبالرجوع الى عهد السبعينيات نجد ان الكلاسيكية كانت تسود ثقافة ذلك الجيل .. سواء بقصص الاطفال وحكاياتهم او بمسلسلات الكرتون او حتى بالالعاب الشعبية التي كنا نلعبها في الشارع مع ابناء الحي .. بجانب عوامل اخرى .. كالهدوء الاعلامي وقتها واهتمام الاسرة بالحفاظ على براءة الطفل وسلامة عقله فطريا .. فمعظم الامهات في ذلك الوقت كانوا أُميّات الا فيما ندر .. وكانوا يحرصون على غرس القيم والمبادئ قبل العلم والتكنولوجيا .. فبالتالي نشأ ذلك الجيل في بيئة هادئة (نوعا ما) مما انعكس على الثقافة وروح ذلك العصر ..
في المقابل نجد ان ثقافة هذا الجيل فيها الكثير من العنف .. ولا ابالغ لو قلت بانها تعتمد على العنف والعدائية .. فبمجرد إلقاء الضوء علىكتب الاطفال (ان وجد) وقصصهم .. وما تبثه الفضائيات من افلام ومسلسلات الكرتون اضافة الى الالعاب الالكترونية التي يلعبها اطفالنا .. سنجد مشاهد العنف والمعارك والدمار طاغية .. ناهيك عن الاشكال المريبة والغريبة التي لا ادري من اين جاءوا بها؟
واتسائل هنا .. ما مستقبل هذا الجيل الناشئ في ظل ثقافة العنف السائدة؟؟ .. ومن المسئول عن ذلك ..
اهمال الاهل ؟ .. فكم من رب أسرة اخذ اولادة الى المكتبات وشراء الكتب البسيطة التي تحتوي على قصة مسلية تهدف لغرس قيمة في الطفل او قصة تاريخية في اطار بسيط تناسب هذه العقلية الغضة تحكي عن بطولاتنا المجيدة .. او حتى كتاب يحوي معلومات علمية باسلوب مبسط ومسلي .. بدلا من شراء الالعاب العدائية ؟
كم من رب اسرة .. اخذ اطفاله في رحلة الى متحف او الى مكان اثري في البلاد .. ليريهم عظمة حضارتنا القديمة .. ؟؟؟
ام هي مسؤلية التعليم في مناهجنا؟ .. انها المأساة في تاريخ التعليم .. اذ نهمل اخطر وسيلة نخاطب بها الاطفال تظل معهم نحو عام كامل دون ان تؤثر فيهم ليوم واحد .. حيث اصبح الكتاب المدرسي عبئا على عقل الطفل وليس وسيلة تنمية هذا العقل .. بالامر والضرب والحفظ والتلقين .. والاختصار على الحدود الجغرافية والتاريخية للبلد .. وكأن الانسان يعيش وحيدا في العالم ولا يوجد من يقاسمه الكوكب الارضي ..
ففي مناهج التعليم في بريطانيا .. يدرس في الصفوف التعليمية الاولى تاريخ الحضارة المصرية كجزء مهم في المناهج .. لانه يمثل قمة التجلي في العالم القديم .. ولا يكتفون بسرد تاريخ اسراته وملوكه فقط .. بل ويقدمون للصغار جزءا من الحكايات التي سجلها المصريون القدماء .. انهم يريدون لابنائهم التعرف الى العالم والمعرفة هي القوة التي ستبني غدهم .. اما في مناهجنا (وللاسف) يكتفون بذكر الاسماء والتواريخ ويجب على الطفل حفظ تلك الارقام .. فكيف يتمسك طفلنا بتاريخ امته دون ان يدرك عظمته؟ .. وكيف يدافع عن هذا التاريخ دون ان يرى قرائنه؟ ..
ام نلقي بالمسؤلية على عاتق الاعلام المرئي والمقروء؟ .. اين الكتّاب الذين يكتبون للطفل .. واين رسومات الذين نعدهم علامات في الفن المعاصر في كتب الاطفال والكتب المدرسية ؟؟؟ .. اين برامج الطفل التوعوية .. فهاهو الغرب اخذ من قصصنا واساطيرنا اجمل الحكايات وصورها على طريقته وباسلوبه ..
تراثنا ملئ بالقصص الجميلة .. فعندنا حي بن يقظان الذي عاش في جزيرة نائية .. اخذها الغرب واخترعوا منها "طرزان" .. وحكاية سندريلا .. اساسا حكاية فرعونية قديمة .. حكاية علاء الدين والمصباح السحري والجني او المارد .. فهمناها نحن (جيل السبيعنيات) بان المارد يجب ان يكون مطيع لسيده لانه هو من اعتقه واخرجه من سجن الفانوس .. اما الان بعد ان اخذه الغرب وصوره في احسن صورة تكنلوجية .. حيث اعتكف اكثر من 50 فني وتقني لاخراج صورة المارد بالشكل الذي شاهدناه .. ففهمونا بان المارد يفعل ما يريده هو ولمتعته هو وتسليته وليس لسيده ..
فلو اخذنا تلك القصص التي في تراثنا –وما اكثرها- .. واخذنا تكنولوجية الغرب وعلومه .. تصوروا معي كيف تكون النتيجة ! .. فنحن افهم واعلم بتراثنا والى ماذا يهدف .. فاين ادبائنا ليكتبوا وليعيدوا كتابة تلك الموروثات ..
واذكر هنا تجربة ألمانية فيها التواصل بين الطفل والاديب الذي يأتي لمدرسة الاطفال ليقرأ عليهم قصصه واشعاره مرتين اسبوعيا لمدة ساعة او ساعتين .. ويحدث ان تتوزع ادوار الحكاية بين الاطفال .. وفي احيان كثيرة ياخذ الكاتب فكرة قصة جديده من الاطفال انفسهم .. فاين دور ادبائنا والشعراء ؟
واين المساعي للحفاظ سلامة اللغة العربية عند اطفالنا .. في ظل الهجمة الشرسة للغة الانجليزية الامريكية ..
اخوتي واخواتي الكرام ..
الماضي صنعنا .. والغد بيدنا لنصنعه ..
فبين ايدينا عقول طرية لها قدرات استثنائية على تعلم المواد واللغات وممارسة المهارات اليدوية والذهنية واللعب مع حواس الخيال والابتكار .. فهل اهتممنا بها .. لنصنع غد مشرق ونحرر اراضينا ونسترد اقصانا ؟
ولكم اجمل تحية ..
والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله واصحابه اجمعين ..
اخوتي واخواتي الكرام ..
لا يوجد انسان على وجه الارض قادر على نسيان بداية نشأته وطفولته .. وخاصة المحيط الذي استمد منه ثقافته الذي مازال يسير على نهجها .. برغم التطورات والظروف والتجارب التي تصقل خبرته .. إلا انه تبقى الخطوط العريضة التي نشأ عليها هي اساس تركيبة شخصيته .. وهذا ما جعلني اقارن بين نشئة جيلنا (جيل السبعينيات) وهذا الجيل الجديد الناشئ ..
فبالرجوع الى عهد السبعينيات نجد ان الكلاسيكية كانت تسود ثقافة ذلك الجيل .. سواء بقصص الاطفال وحكاياتهم او بمسلسلات الكرتون او حتى بالالعاب الشعبية التي كنا نلعبها في الشارع مع ابناء الحي .. بجانب عوامل اخرى .. كالهدوء الاعلامي وقتها واهتمام الاسرة بالحفاظ على براءة الطفل وسلامة عقله فطريا .. فمعظم الامهات في ذلك الوقت كانوا أُميّات الا فيما ندر .. وكانوا يحرصون على غرس القيم والمبادئ قبل العلم والتكنولوجيا .. فبالتالي نشأ ذلك الجيل في بيئة هادئة (نوعا ما) مما انعكس على الثقافة وروح ذلك العصر ..
في المقابل نجد ان ثقافة هذا الجيل فيها الكثير من العنف .. ولا ابالغ لو قلت بانها تعتمد على العنف والعدائية .. فبمجرد إلقاء الضوء علىكتب الاطفال (ان وجد) وقصصهم .. وما تبثه الفضائيات من افلام ومسلسلات الكرتون اضافة الى الالعاب الالكترونية التي يلعبها اطفالنا .. سنجد مشاهد العنف والمعارك والدمار طاغية .. ناهيك عن الاشكال المريبة والغريبة التي لا ادري من اين جاءوا بها؟
واتسائل هنا .. ما مستقبل هذا الجيل الناشئ في ظل ثقافة العنف السائدة؟؟ .. ومن المسئول عن ذلك ..
اهمال الاهل ؟ .. فكم من رب أسرة اخذ اولادة الى المكتبات وشراء الكتب البسيطة التي تحتوي على قصة مسلية تهدف لغرس قيمة في الطفل او قصة تاريخية في اطار بسيط تناسب هذه العقلية الغضة تحكي عن بطولاتنا المجيدة .. او حتى كتاب يحوي معلومات علمية باسلوب مبسط ومسلي .. بدلا من شراء الالعاب العدائية ؟
كم من رب اسرة .. اخذ اطفاله في رحلة الى متحف او الى مكان اثري في البلاد .. ليريهم عظمة حضارتنا القديمة .. ؟؟؟
ام هي مسؤلية التعليم في مناهجنا؟ .. انها المأساة في تاريخ التعليم .. اذ نهمل اخطر وسيلة نخاطب بها الاطفال تظل معهم نحو عام كامل دون ان تؤثر فيهم ليوم واحد .. حيث اصبح الكتاب المدرسي عبئا على عقل الطفل وليس وسيلة تنمية هذا العقل .. بالامر والضرب والحفظ والتلقين .. والاختصار على الحدود الجغرافية والتاريخية للبلد .. وكأن الانسان يعيش وحيدا في العالم ولا يوجد من يقاسمه الكوكب الارضي ..
ففي مناهج التعليم في بريطانيا .. يدرس في الصفوف التعليمية الاولى تاريخ الحضارة المصرية كجزء مهم في المناهج .. لانه يمثل قمة التجلي في العالم القديم .. ولا يكتفون بسرد تاريخ اسراته وملوكه فقط .. بل ويقدمون للصغار جزءا من الحكايات التي سجلها المصريون القدماء .. انهم يريدون لابنائهم التعرف الى العالم والمعرفة هي القوة التي ستبني غدهم .. اما في مناهجنا (وللاسف) يكتفون بذكر الاسماء والتواريخ ويجب على الطفل حفظ تلك الارقام .. فكيف يتمسك طفلنا بتاريخ امته دون ان يدرك عظمته؟ .. وكيف يدافع عن هذا التاريخ دون ان يرى قرائنه؟ ..
ام نلقي بالمسؤلية على عاتق الاعلام المرئي والمقروء؟ .. اين الكتّاب الذين يكتبون للطفل .. واين رسومات الذين نعدهم علامات في الفن المعاصر في كتب الاطفال والكتب المدرسية ؟؟؟ .. اين برامج الطفل التوعوية .. فهاهو الغرب اخذ من قصصنا واساطيرنا اجمل الحكايات وصورها على طريقته وباسلوبه ..
تراثنا ملئ بالقصص الجميلة .. فعندنا حي بن يقظان الذي عاش في جزيرة نائية .. اخذها الغرب واخترعوا منها "طرزان" .. وحكاية سندريلا .. اساسا حكاية فرعونية قديمة .. حكاية علاء الدين والمصباح السحري والجني او المارد .. فهمناها نحن (جيل السبيعنيات) بان المارد يجب ان يكون مطيع لسيده لانه هو من اعتقه واخرجه من سجن الفانوس .. اما الان بعد ان اخذه الغرب وصوره في احسن صورة تكنلوجية .. حيث اعتكف اكثر من 50 فني وتقني لاخراج صورة المارد بالشكل الذي شاهدناه .. ففهمونا بان المارد يفعل ما يريده هو ولمتعته هو وتسليته وليس لسيده ..
فلو اخذنا تلك القصص التي في تراثنا –وما اكثرها- .. واخذنا تكنولوجية الغرب وعلومه .. تصوروا معي كيف تكون النتيجة ! .. فنحن افهم واعلم بتراثنا والى ماذا يهدف .. فاين ادبائنا ليكتبوا وليعيدوا كتابة تلك الموروثات ..
واذكر هنا تجربة ألمانية فيها التواصل بين الطفل والاديب الذي يأتي لمدرسة الاطفال ليقرأ عليهم قصصه واشعاره مرتين اسبوعيا لمدة ساعة او ساعتين .. ويحدث ان تتوزع ادوار الحكاية بين الاطفال .. وفي احيان كثيرة ياخذ الكاتب فكرة قصة جديده من الاطفال انفسهم .. فاين دور ادبائنا والشعراء ؟
واين المساعي للحفاظ سلامة اللغة العربية عند اطفالنا .. في ظل الهجمة الشرسة للغة الانجليزية الامريكية ..
اخوتي واخواتي الكرام ..
الماضي صنعنا .. والغد بيدنا لنصنعه ..
فبين ايدينا عقول طرية لها قدرات استثنائية على تعلم المواد واللغات وممارسة المهارات اليدوية والذهنية واللعب مع حواس الخيال والابتكار .. فهل اهتممنا بها .. لنصنع غد مشرق ونحرر اراضينا ونسترد اقصانا ؟
ولكم اجمل تحية ..