المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المغصــــــــــــوب



دندنة على سن القلم
05 - 06 - 2003, 15:33
صوت يتردد صداه في جنحات الليل ، جبال شاهقة مكسوة بالسواد ، أشجار السمر كأنها متلاصقة مع أشجار الغاف ، أحجار متناثرة هنا وهناك بأحجام مختلفة كأنها بشر مجتمعة لأمر ما .. أصوات كثيرة ، صرخات أكثر المكان مخيف تلك الطبيعة الساكنة التي رسمتها الجبال بأخاديدها وتعرجاتها المخيفة ، لا خيوط تنساب من الأعلى ، لا نجوم ، حتى السماء لم يظهر منها شيء كأنها صفحة سوداء زادت من وحشة المكان .

وعامر ذاك الشاب في العشرين من عمره يسأل نفسه والخوف يسكنه : كيف وصلت إلى هذا المكان ؟ وأين أنا ؟ أسئلة داخلية بينه وبين نفسه ، ينظر أمامه فيشاهد تلك الجبال كأنها عملاق مخيف ، وينظر بجانبه فيشاهد تلك الأحجار كأنها مجتمعة بحضرة ذاك العملاق ، وينظر للأعلى فتزداد نبضات قلبه خوفا وهلعا وهو يشاهد تلك الغيوم الكثيفة متشكلة كأنها أشباح تسبح في الأفق ..

صرخة مدوية أطلقها عمر عندما سمع صوت الرعد وهو يتحد مع البرق ، وصرخة أخرى سقط على أثرها وهو يحس بأن يد أمسكت بكتفه .

عمر مغمى عليه ، أصوات كثيرة بدأت تدب في المكان ، حركات هنا وهناك أشخاص بأشكال غريبة أمتلى بهم السيح ، وجوه عفى عليها الزمن بتجاعيده ، الجميع يتفقد عمر المغمى عليه من شدة الخوف ، يتهامسون فيما بينهم ، يتجادلون ، ترتفع الأصوات أكثر فأكثر ، بدأ المكان وكأنه مكان ( للعرصه ) أصواتهم تعلو إلى أن تصل إلى تلك الجبال ، تشاركهم بذاك الصدى الخارج من تلك الخدود والتشققات ..

فجأة دب في المكان سكون غريب ، بعدما أطلق شيخ طاعن في السن ذا لحية بيضاء طويلة يتعكز على عصا من شجر السمر : ألم تنتهوا من همزكم ومجادلتكم ؟ ألم تستقروا على رأي واحد ؟

سكوت غريب ، يتحرك الشيخ ناحية ذاك الجسد الممد على الأرض المتغبر من اثر السقطة ونظر إلى الأعلى لبرهة من الزمن ثم التف حول نفسه وهو يراقب تلك الوجوه الحاضرة : سوف تبعث الشمس بخيوطها وأنتم لم تحسموا هذه المسألة ؟

ثم تقدم شيخ طاعن ناحية ذاك الشيخ الكبير : لقد قررنا أن نشتريه حسب الاتفاق بيننا فهل توافق ؟ ينظر إليه الشيخ ثم ينظر إلى عامر الذي لا يعرف مصيره : نعم أوافق . بعدها رحلوا جميعا إلا ذاك الجسد الممد على التراب .

بدأت الشمس بإرسال خيوطها الصفراء الداكنة وهي تعلن بصباح جديد ، وبدأت معالم الجبال تظهر كما بدأت معالم المكان تظهر ذاك الجمال الذي يخبئه الليل ..

فاق عمر من غيبوبته المؤقتة ، بعدما لسعته حرارة الشمس ، لم يتذكر شيئا غير انه بعيد عن بيته ، بعيد عن أهله ، بعيد عن عالمة الذي أعتاد عليه ، بدأ بفرك عينيه وما كاد ينزل يديه حتى ………

... هيا أنهض واتبعني ، صوت صادر من ذاك الشيخ الذي تكلم مع الشيخ الكبير ، صوت قوي ، صوت مخيف …… إلى أين اتبعك ؟ ومن أنت ؟ : لا تتكلم ولا تسألني عن شيء فقط اتبعني ..

رفض عمر الانصياع لكلامه ، فحدق الشيخ في عيني عمر بنظرة يخرج منها شرار كالجمر ، عينان واسعتان يلتف التجاعيد من حولها ، نظرة أر بكت عمر فمشى معه من غير شعور ..

أحس الشيخ بتعب بعد المشي مسافة طويلة فتوقف تحت سمرة كبيرة ليستريح تحت ظلالها ثم رمى بقطعة خبز يابسة أمام عمر ليأكلها … نظر الشيخ إلى عمر وهو ما زال يقظم تلك القطعة : سوف نصل بعد لحظات ، المكان ليس ببعيد من هنا – يقف ويضع يديه اليمنى أمام عينيه – أنه خلف ذاك الجبل العالي ، والان انهض لنتابع المسير ..

وبعد لحظات وقف الشيخ وهو يشير إلى عمر هناك عالمك الجديد هناك بيتك وأهلك ، نظر عمر للمكان لم يشاهد ألا سيح مقفر خالي من البيوت ألا من شجر السمر المتناثر هنا وهناك ..

……… : أهذا هو بيتي ولكن ..
: ولكن سوف تعيش هنا وسوف تعمل عندي راعي للغنم ، والان سوف تذهب إلى أهلك لتشاهدهم وهم يبكون على فراقك ، ولتشاهدهم وهو يدفنوك .. ولكن أنا حي ارزق .. عندي نعم أما عندهم فأنت ميت ……!!

سنوات مضت على فراق عمر عن أهله ، سنوات طويلة أصبح فيها عمر في الأربعين من العمر .. هاجر إلى بلدة بعيدة ، تعايش مع أهلها ، ينتقل من بيت إلى أخر ، كانت الحارة هي بيته ، وأطلق عليه الأهالي أسم سعيد المغصوب .. حتى كان صديق الأطفال يلعب معهم ، رغم صراخهم عندما يرونه ، يصرخون وهم يركضون خلفه : المغصوب المغصوب المغصوب .

دندنة قصيرة :
هل تسمحين لي عزيزتي بأن أظل أكتب كل يوم قصيدة حب لك ، قصيده ابعثها مع زقزقة عصافير الصباح وهي تتراقص أمام نافذة غرفتك ، وأنت تنظرين لهذا الصباح المتجدد بابتسامتك التي لا يعرفها غيري ..

الإمبراطور
09 - 06 - 2003, 17:02
مقدمه جميله تتبعها قصه غريبه
بالتوفيق

تحياتي لك

دندنة على سن القلم
10 - 06 - 2003, 20:58
كاتب الرسالة الأصلية الإمبراطور
مقدمه جميله تتبعها قصه غريبه
بالتوفيق

تحياتي لك

تسلم أخي الامبراطور على مرورك الكريم وقراءة هذه القصة ، واتمنى انها نالت على رضاكم واستحسانكم ، ودمتم

عاشق السمراء
10 - 06 - 2003, 22:16
مساااااااااااء جميل ......!!


اخي دندنة ......!!


للمرة الثانية اقرأها .........!!


احييك على اسلوبك الراقي ........ في تسلسل الافكار .. والاحداث .. !!


مشرفنا ......... شكرا لك !!

حـــور
14 - 06 - 2003, 04:43
ابحث عن كلمه لكي اقولها لك

و لكن



لم لجد سوى


رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووعه

قصه رائعه و كلمات اروع

تمنياتي لك
باتوفيق الدائم


تحياتي
بنوته الامارات :n28:
خيوط الشمس

دندنة على سن القلم
14 - 06 - 2003, 09:43
كاتب ال\رسالة الأصلية عاشق السمراء

مساااااااااااء جميل ......!!


اخي دندنة ......!!


للمرة الثانية اقرأها .........!!


احييك على اسلوبك الراقي ........ في تسلسل الافكار .. والاحداث .. !!


مشرفنا ......... شكرا لك !!


أخي عاشق السمراء
شكرا لك اخي على طيب الكلم ، وأتمنى انها نالت على الاستحسان ، ولك الشكر للمرة المليون .

دندنة على سن القلم
14 - 06 - 2003, 09:47
كاتب الرسالة الأصلية خيوط الشمس
ابحث عن كلمه لكي اقولها لك

و لكن



لم لجد سوى


رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووعه

قصه رائعه و كلمات اروع

تمنياتي لك
باتوفيق الدائم


تحياتي
بنوته الامارات :n28:
خيوط الشمس


أختي خيوط الشمس
يسعدني ان ابعث اليك بتحية ملؤها الحب والعرفان والتقدير من هنا من مسقط العامرة إلى الامارات الغاليه .. شكرا لك أختي على هذا الثناء واتمنى فعلا ان يكون هذا الكلام على مستوى هذه القصة .. وللمرة الثانية انت الاروع . ودمتم .