المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (...طعام القلب ...)



هيام الحب
29 - 05 - 2011, 14:27
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




طعام القلب وشرابه
لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
(كتبها بقلعة دمشق في آخر عمره)


قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ [سورة الأنعام: 14]
(وَهُوَ يُطْعِمُ) يتناول إطعامَ الأجساد ما تأكل وتشرب، وإطعامَ القلوب والأرواح ما تغتذي به وتتقوَّتُ به من العلم والإيمان والمعرفة والذكر، وأنواع ذلك مما هو قوتٌ للقلوب، فإنه هو الذي يُقِيتُ القلوبَ بهذه الأغذية، وهو في نفسه عالمٌ لم يُعلِّمْه أحدٌ ، هادٍ لم يَهدِه أحد، متصف بجميع صفات الكمال، قيوم لا يزول، ولا يُعطيه غيرُه شيئا من ذلك.
بيان ذلك ما في الصحاح
من قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما نهاهم عن الوِصال قالوا: إنك تُواصِل، قال: «إني لست كأحدكم، إني أَبِيتُ» - ورُوي: «أَظَلُّ - عند ربي يُطعِمني ويَسقيني». وأظهر القولين عند العلماء أن مرادَه ما يُطعِمه ويَسقِيه في باطنه، من غير أن يكون أكلاً وشربًا في الفم...
وقد وَصفَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالطعم والذوق والوجد والحلاوة ما في القلوب من الإيمان، فقال في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن العباس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ذاقَ طعمَ الإيمان مَن رَضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا». فهذا ذائق طَعْمَ الإيمان، وهو ذوق بباطن قلبه، يَظهر أثرُه إلى سائر بدنِه، ليس هو ذوقًا لشيء يَدخلُ من الفم، وإن كان ذوقًا لشيء يدخل من الأذن. ولهذا يقال: البهائمُ تَسْمَنُ من أقواتِها، والآدمي يَسمن من أذنه.
وفي الصحيحين عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «ثلاث من كُنَّ فيه وَجَدَ حلاوةَ الإيمان، من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، ومن كان يُحبُّ المرءَ لا يُحبُّه إلاّ لله، ومن كان يكره أن يَرجع في الكفر بعدَ إذ أنقذَه الله منه، كما يكره أن يُلقَى في النار».
فأخبر أن من كانت فيه هذه الثلاث وَجَدَ حلاوةَ الإيمان، والحلاوة ضدُّ المرارة، وكلاهما من أنواع الطعوم. فبيَّن أنّ الإنسان يجد بقلبه حلاوة الإيمان ويذوق طَعْمَ الإيمان، والله سبحانه هو الذي يُذِيقه طَعْمَ الإيمان، وهو الذي يجعلُه واجدًا لهذه الحلاوة. فالمؤمنون يذوقون هذا الطعم، ويجدون هذا الوجد، وفي ذلك من اللذة والسرور والبهجة ما هو أعظم من لذة أكل البدن وشربه.
والرب تعالى له الكمال الذي لا يَقدِرُ العبادُ قَدْرَه في أنواع علمِه وحكمته ومحبته وفرحه وبهجته، وغير ذلك مما أخبرت به النصوص النبوية، ودلَّتْ عليه الدلائل الإلهية، كما هو مبسوط في غير هذا الموضع. وهو في كل ذلك غنيٌّ عن كلِّ ما سواه، فهو الذي يجعل في قلوب العباد من أنواع الأغذية والأقوات والمسارّ والفرح والبهجة مالا يجعله غيره، وهو إذا فرح بتوبة التائب فهو الذي جَعَله تائبًا حتى فَرِحَ بتوبته، لم يحتج في ذلك إلى أحدٍ سواه.
والتعبيرِ بلفظ القوت والطعام والشراب ونحو ذلك عما يُقِيتُ القلوبَ ويُغذِّيها كثيرٌ جدًّا، كما قال بعضهم: أَطعمَهم طعامَ المعرفة، وسقاهم شرابَ المحبّة.
وقال آخر:
لها أحاديثُ من ذِكراكَ يَشغَلُها ... عن الشَرابِ ويُغْنِيها عن الزادِ
وكثيرًا ما تُوصَف القلوبُ بالعطش والجوع، وتُوصفَ بالريّ والشّبَع. وفي الصحيحين أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «رأيتُ كأنّي أُتِيتُ بقَدَحٍ، فشربتُ حتى إني لأرى الرِّيَّ يَخرجُ من أظفاري، ثمَّ ناولتُ فَضْلِي عمرَ»، قالوا: فما أوَّلتَه يا رسولَ الله؟ قال: «العلم». فجعل العلم بمنزلة الشراب الذي يُشرَب.


المقصود هنا أنّ الرب تعالى هو الذي يُقيت عباده، ويغذيهم لأرواحهم وأجسادهم، وهو مستغنٍ عن عبادِه من كل وجهٍ ، فهو بنفسه عالم قادر، وكلُّ ما يعلمه العباد فهو من تعليمه وهدايته، وما يقدرون عليه فهو من إقدارِه. وهو سبحانه وتعالى كما قال: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيء من علمِه إلا بما شاء﴾، وهو الذي خلق فسوى، وقدر فهدى... والله أعلم، الحمد لله وحده.

رائد
29 - 05 - 2011, 17:43
اللهم ثبت قوبنا على طاعتك

جزاك الله خيراً

في ميزان حسناتك

هيام الحب
30 - 05 - 2011, 01:07
جزاك الجنة اخي رائد

انار الله دربك بنور الايمان

ودي

نحات القلوب
30 - 05 - 2011, 01:39
تسلمي هيام ع الدرس
ربي يعطيك العافيه
ف ميزان حسناتك

هيام الحب
30 - 05 - 2011, 02:34
الله يسلمك اخي نحات

منور

ويعافيك ربي

بسمة الصباح
30 - 05 - 2011, 03:29
بالفعل ما في أجمل من حلاوة الإيمان..
رائعة جدا الحياه بالقرب من الله سبحانه وتعالى..
جميل ما سطرته هنا عن شيخ الاسلام..
الله ينور دربك ويفتح لك أبواب الخير

مودتي يا الغلا

هيام الحب
30 - 05 - 2011, 13:59
الله يسعدك ويعمر قلبك بالايمان

نورتي بوجودك

رذاذُ المطر
31 - 05 - 2011, 12:49
بارك الله بك اختي

وجزاك الجنه

تحياتي

هيام الحب
31 - 05 - 2011, 14:15
يبارك بعمرك يا رب رذاذ

منورة اختي العزيزة

مودتي

رحاب الشام
31 - 05 - 2011, 23:21
هيام الحب

بارك الله فيكي غاليتي ع هيدي المشاركة المفيدة

لـ علماء الشام فضل كبير في اثراءنا

بـ التوجيهات الصحيحة والتفسيرات ومنهم شيخنا الفاصل

شكرا على اختيارهااا

مودتي ,,,

http://www.nabdh-alm3ani.net/nabdhat/../upload/uploaded/25697_01306865776.gif (http://www.nabdh-alm3ani.net/nabdhat)

هيام الحب
01 - 06 - 2011, 01:25
هيام الحب



بارك الله فيكي غاليتي ع هيدي المشاركة المفيدة


لـ علماء الشام فضل كبير في اثراءنا


بـ التوجيهات الصحيحة والتفسيرات ومنهم شيخنا الفاصل


شكرا على اختيارهااا


مودتي ,,,



http://www.nabdh-alm3ani.net/nabdhat/../upload/uploaded/25697_01306865776.gif (http://www.nabdh-alm3ani.net/nabdhat)





يبارك بعمرك وايامك رحاب

منورة حبيبتي

تشرفت بوجودك

{♥مَانسَيِتڪ♥}
01 - 06 - 2011, 01:56
بارك الله فيك هيام على هالموضوع الهادف

جزية الجنه إن شاء الله .

تقبلي مروري

وحيدة بدنيتي,,
01 - 06 - 2011, 03:34
كلمات اكثر من رائع


جعلهّّّ الله في ميزان حسناتك

هيام الحب
01 - 06 - 2011, 12:44
ما نسيتك

وحيدة بدنيتي

اشكر تواجدكم العطر

صمتي جرحني
06 - 06 - 2011, 15:27
يعطيك العافية على الموضوع القيم...
تقبل تحياتي...

مليكة بالخليج
06 - 06 - 2011, 22:02
رزقكي الله أعلى الجنان
في ميزان حسناتك
الله يعطيك1000 عافيه

حنين الماضي
06 - 06 - 2011, 23:16
موضوع رائع هيام

تسلمي على طرحك المبدع

لك كل ود واحترام

هيام الحب
06 - 06 - 2011, 23:47
صمتي جرحني

اشكر حضورك

ودي

هيام الحب
06 - 06 - 2011, 23:48
مليكة بالخليج

يعافيكي ربي ويجزيكي الجنة

بوركتي

هيام الحب
06 - 06 - 2011, 23:49
حنين الماضي

اشكر حضورك المتالق دوما

لك حبي

الـعـمـيــــــــــــد
08 - 06 - 2011, 04:56
ربي يحفظك

شكرا لهذا التالق

هيام الحب
08 - 06 - 2011, 13:37
شكرا لتواجك اخي رحال

احترامي