المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : °o.O ( الحــب الأكبـــر ) O.o°



قطرة مطر
21 - 03 - 2003, 00:46
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

بقلــم : وفــاء الشلبــي ،،

رمت حقيبتها المدرسية في زاوية الغرفة، ثم أرخت جديلتها الثائرة بعد أن أعتقتها من شريطة بيضاء، فانطق شعرها كشلال هائج وغطى وجهها وكتفيها..

خلعت ثوبها المدرسي .. وارتدت بنطالها المفضل وقميصها الملون، أطلقت العنان لنفسها مع أنغام صاخبة، فاهتز جسدها وثار ثورة شعرها ونَفْسِها.. إنها بركان يغلي!! أخشى أن ينفجر في أي لحظة!!

طرقت باب غرفتها قل أن أدخل.. فجلستْ متظاهرة بالهدوء.. وقلبها يخفق بين ضلوعها.. قبلت يدي بسرعة متناهية وقالت دون تكلف:

- أهلا ماما.. أهلاً..

حين سألتها عن المدرسة، لوت شفتيها وقطبت جبينها، وقالت:

- أف.. المدرسة..المدرسة.. حياتنا كلها مدرسة.. لست أدري من اخترع المدرسة؟..

- لماذا؟

- كي أقتله!!

قلت لها متظاهرة بعدم الاهتمام:

- بإمكانك ألا تذهبي إليها.. سأكسب مساعدة في المنزل!!

- ومن قال لك إنني لا أريد المدرسة؟؟.. كيف أقضي حياتي من غيرها.. ولكن!!! أوه.. لست أدري ماذا أريد يا أمي..أشعر أن رغباتي تتغير كما تتغير ملابسي!! وتتقلب كما يتقلب الجو!!

قطعت عليها حديثها وقلت:

- هيا.. الطعام جاهز.. إخوتك ينتظرونك يا سارة..

تقف صغيرتي أمامي مشدودة متوترة.. فألاحظ للمرة الأولى أن طولها قد تجاوزني! وأصبحتُ بحاجة إلى أن أرفع رأسي حين أكلمها.. غمرتني سعادة عارمة.. إلا أنها فارقتني بسرعة حين سمعت ابنتي تقول بصوت لا يكاد يُسمع:

إنك تعجزين عن محاورتي دائماً يا أمي.. كم أكره القيادة المتعجرفة والأوامر الصارمة!!

وحول المائدة تحلقت الأسرة.. ملأت لها صحنها بطعامها المفضل كما سكبت في عينيها نظرات حبي وتسامحي وكأنني أقول لها:

- لا بأس يا صغيرتي.. غداً ستكبرين وتفهمين، وكم أنت بحاجة إلى صبري وفهمي اليوم!!

وبعد أن فرغت من طعامها طبعت على وجهي بطاقة حب واعتذار وقالت:

- ألذ طعام من أطيب ماما..

بعد ساعات أيقظتها لنصلي العصر.. لمحت في عينيها رضاً وهدوء.. وكأن صفاء نفسها انعكس على صفحة وجهها، وحين فرغنا من الصلاة قالت لي:

- هل تسمحين لي أن أذهب إلى صديقتي "لولوه"؟ سوف ندرس معاً..

- لا يا ابنتي.. أنا لا أحب الدراسة الجماعية.. كما أن لولوه..

قاطعتني فجأة..

- أنا لا أفهم لما لا تؤمنين بالصداقة؟! لماذا لولوه بالذات.. ألأنها تعشق الحرية والحياة.. أم لأن أهلها يسمحون لها بحرية التصرف والاعتماد على النفس؟

- ومن قال لك يا ابنتي إنني لا أؤمن بالصداقة الطيّبة؟! أو إنني أكره الحرية والاعتماد على النفس؟!

- لماذا تمنعينني إذا؟!

- لأن دراستك منفردة تساعدك على التركيز والتحصيل أكثر، كما أن مستوى لولوه الدراسي المتدني يجعلها تحتاج إلى مساعدتك.. ولا وقت لديك... غداً اختبار يا سارة..

مسحتُ رأسها بيد حانية وقلت لها:

- سوف أدعك تدرسين معها في وقت آخر.. أعدك بذلك..

قالت ونبرة صدق ترافق صوتها:

- أشعر أنني عاجزة عن فهم رأيك يا أمي.. إلا أنني أؤمن بأنك تريدين لي كل الخير..

عانقتها بحرارة.. وشددتها إلى قلبي.. أحسست بها طفلة صغيرة تحتاج أن تضع رأسها في صدري.. نظرت إليّ وقالت:

- أشعر أحياناً أنني طفلة أحب أن أسمع منك حكايات الطفولة، وأشعر أحياناً أخرى أنني كبيرة وناضجة تعرف طريقتها في الحياة ولا تحتاج إلى نصح أو إرشاد..

- ومن قال لك يا صغيرتي أن الكبير لا يحتاج إلى نصح أو إرشاد؟ أنا أمك بأشد الحاجة إليك وإلى نصحك.. فكيف حاجتي إلى من هم أكبر منك وأكثر خبرة!!

- كم أنا محظوظة بك يا أمي..

حين جلست صغيرتي تدرس بهدوء واطمئنان.. حمدت الله وسألته أن ينير قلبها بالإيمان والسكينة.. وأن يزين شبابها المتفتح بحسن الخلق.. نظرت إليها فإذا هي سارحة في عالم بعيد لم أدرك مداه.. لا بد أنها تحتاج إلى كأس من العصير أسرعت به إليها، وضعته على مكتبها.. ارتعدت وخافت، أخفت ورقة بين يديها.. وحين نظرت إليها معاتبة.. رفعت يديها عن الورقة فرأيت رسوماً مختلفة لم أتبين منها سوى قلب كبير وقد أصابه سهم الحب.. وهو يقطر دماً..

أصابني الذهول لحظة ثم شعرت بعون إلهي يغمر كياني.. مسحت رأسها برفق وقلت:

- رسومك جميلة ومعبرة.. لماذا تخفينها!! الحب.. إنه أجمل ما في الحياة.. آه أثمن نعمة أهداها الله للبشرية.. نظرت إليّ خائفة.. كأنها لا تصدق ما تسمع.. فقلت: لولا حبي لك يا سارة ولإخوتك.. لما استمرت حياتنا.. ولولا حبي لأبيك ما كانت أسرتنا الصغيرة.. ولولا حبك الذي سوف يثمر في الوقت المناسب وفي موسم العطاء، لن تبني أسرة.. أو لن تسعدي أحداً.. ولولا الحب الأكبر والأعظم لما عرف الناس سعادة الدنيا ولا الآخرة..

- الحب الأكبر.. أي حب أكبر وأعظم مما ذكرت؟!

ومع كل ما أمتلك في كياني من حب وحنان قلت لها:

- إنه حب الله.. نعم إنه حب الله.. لنبدأ معاً من هذا الحب العظيم.. فمنه يبدأ كل حب وسكينة وسعادة..

لمحت في عينيها نظرة رضاً واقتناع.. وومضة إيمان صادق. ألقت بنفسها بين ذراعي.. عجزت يداي عن حملها. ولكن قلبي عانقها وأحاط بها من كل جانب. مسحت على صدرها وقلت:

- اللهم اجعل القرآن ربيع قلبها، ونور صدرها.. وجلاء همها.. وهدي طريقها يا رب!!

تحياتي العطــرة

عاشق السمراء
21 - 03 - 2003, 16:33
السلام عليكم ..


نعم انها الام .. !!


لا تقارن ..

لا توصف ..

لا تستنسخ ..

لا تعود مرتين .. للحياة !!


قطرة مطر .. سيدتي .. اختيار موفق بحق !!

{$~prince~$}
21 - 03 - 2003, 18:24
يسلموووووووووووووووووووو :)

سيدتي قطرة مطر إحم :)

ماشا الله اختيار موفق وقصه رائعه جدا :)

يعطيك العافيه إحم :)

سهد الليل
22 - 03 - 2003, 22:53
قطرة مطر

لك رونق خاص

في الاختيار موفقة

تحياتى

سهد الليل

الإمبراطور
27 - 03 - 2003, 21:29
قصه رائعه يا قطره
تستاهلي المدح
تحياتي لك

ملكـ العناد ـة
27 - 03 - 2003, 22:34
اختيار جميل

وموفق

نكاد نلامس بين

جنباته حنان الأم ورأفتها


*
*
*
*
*

لا أعلم لماذا تذكرت هنا عندما قرأت هذه القصة تلميذي الصغير بالصف الأول ( عبدالعزيز )عندما طلبت منهم رسم أي شيء يحبونه على ورق الرسم اذ بي أفاجأ به يعطيني ورقة الرسم مملؤه بأكملها بقلوب حمراء ضربت بأسهم تقطر منها الدماء وعندما سألته عن معنى الرسم أحنى رأسه ولم يجب بل فر من أمامي هاربا

قطرة مطر
03 - 04 - 2003, 12:26
عاشق السمراء

البرنس

سهد الليل

الامبراطور

دموع الملكة

==

شكرا لكم على تواصلكم ،،