أمواج السراب
07 - 11 - 2009, 09:27
جميلة هي طفولتي التي قضيتها في قريتنا الصغيره باحدى ولايات الداخليه واجمل ما فيها ان ابنت خالي كانت جزءا منها... كم لعبنا معا في مزرعة جدي...وكم حاولت جاهدا لابرهن لها قوتي ورجولتي... فقد كنت اخشى ان تهتم بغيري... اذكر ذات يوم عندما ذهبنا لنرى الصخلة الجديده في مزرعه جدي...حذرتنا جدتي من الاقتراب منها لان امها ذات القرون الطويله لا تسمح لاحد بلمسها ولكن لمياء بنت الخال الغاليه طلبت مني ان احضرها لها لتلعب بها وتمسح على شعرها الذهبي الناعم... وبصراحه لم استطع ان ارفض طلبها... ولا ان اقنعها بعدم ضرورة ذلك لان ابن جارنا عرض علي ان يذهب هو .... وطبعا رفضت "" عيب عالرجال""... وحاولت استغلال وقت انشغال الشاة الام بالشرب من الفلج البعيد قليلا عن نوم الصخلة.. قفزت من السور الصغير واسرعت نحو الصخله واذا بالأم تهرول مسرعة نحوي..حملتها واسرعت هاربا من غضب امها ...ولمياء تصرخ " علي خليها وتعال بسرعه جاتك امها .. بسرعه تو تنطحك ".. ولكن ابد.. لن ادعها دام حبيبتي تريدها..آآآآآآه ما اقساها تلك النطحه!!
ومرت الايام ويالها من ايام رائعه...اذكر ايضا ذاك الصباح الذي تلقيت فيه اول عناق منها...اذكره بكل تفاصيله... ولو كان لي جناح لطرت به يومها من الفرح... كان عمري وقتها عشر سنوات... وهي في التاسعه... وكانت السماء تحمل قزعات سحاب متفرقه... وقبلها بيومين نزلت امطارا غزيره نزل على اثرها الوادي المار امام قريتنا...يومها كان الوادي يعني لنا الكثير فقد كان اهالي القريه يتجمعون ليشاهدوا روعته وقوته فكم من مره شهدنا عمليات انقاذ خطيره "لاغنام امي سلامه" فحضيرتها على ضفة الوادي ... وفي ذلك اليوم نزلت مسرعا لاسبح في الوادي واذا بي اجدها تلعب مع بنت جارنا بالطين قرب المكان الذي كان يسبح فيه اصحابي... كانت تصنع اكواب واباريق واواني متعدده... احببت ممازحتها فمررت فوق اوانيها التي لم تجف بعد.. فحطمتها واسرعت الى الوادي هربا او رغبة مني في ان تتبعني... اقر باني اخطات ولكن ما اروعها من غلطة... فبالفعل جاءت خلفي تبكي وتنوي ضربي وهي تقول "والله اخبرلك ابوي" قفزت في الوادي ونزلت هي بحذر.. يال رقتها حبيبتي...رششتها بالماء لازيد غيضها فزاد بكائها... وغطت وجهها بكفيها واخذت تبكي... وكان اقسى عقاب اتلقاه... ربما كانت تعلم.... ولكن لا اظن.... المهم حاولت ان اوقف بكائها فناديتها لترى تلك الضفادع الصغيره المتجمعه في البركه المجاوره وجاءت وهي تمسح دموعها... ليتني ما ابكيتها... بدات الضفادع تحس بالخطر المحدق بها فقد تجمع الجميع وكان اخطرهم سالم الرباش... الذي بدا يرميها بالحصى.. فقفزت واحده منها في وجه ابنت خالي الغاليه.. التي بدورها ارتمت في حضني لتهرب من الضفدع الصغير ...وحشرت راسها في صدري لتمسح ما لحقه من مياه... ربما يظن البعض اني كنت صغيرا.... ولكني اعتبر انها كانت نقطة تحول في حياتي.
عدنا الى البيت على وقت الغداء بعدما "مزت" جلودنا... لنجد ان العائله متجمعه...يناقشون امرا ما... بعضهم ترتسم على وجهه ملامح الحزن وبعضهم الاخر الغضب...قالت جدتي" انزين ليش ما يستقيل ويدورله شغل هنا"... فردت عليها امي " ياماه الشغل صاه ما بالساهل يحصلوه"... وقالت خالتي نجمه التي يكرهها الجميع "انزين ومو فيها خلوهم يروحوا تخف الربشه شويه.. وصاهم رايحين لمسقط ما سايرين بريطانيا ".
حينها دخل ابي بوجهه الحزين فسلم وطلب من امي ان تحضر له القهوه وبعد ان استراح سأله خالي ابو لمياء " هاه ايش قالوا لك؟"
ابي: "ماشي حل لازم التزم بالاوامر وخلاص حاجزيلنا بيت من بيوت الشرطه في مسقط وبنعيش هناك.. وعطوني مهله اسبوع لازم السبت الجايه اكون عندهم"
فبكت امي وعلمت اننا سننتقل بعيدا عن اهلي وحبيبتي وبلدتنا العزيزه.. وهنا تغيرت حياتي واصبحت وحيدا رغم كثرة اصدقائي الجدد.. فلا انكر ان العيشه في سكنات الشرطه لها طابعها الخاص ... ورقيها المعروف ولكن قريتنا اروع؛ فمالكة قلبي فيها...اصبحت استغل الاجازات الصيفيه لاعود للقريه واعيش في بيت خالتي نجمه بحجة اني اريد ان اقضي اجازتي مع ابنها مازن وبصراحه وكما تعرفون ليس هذا سبب عودتي.. ولولا ان خالي ليس عنده سوى بنتان لعشت في بيتهم...وكل هذا وحبيبتي لا تعلم بشي فهي لا تكن لي ما اكنه لها... ومرت السنين واصبحت في الثامنة عشر وانا لم اعيش من عمري سوى الاجازات الصيفه ... وكل عام يمر احبها اكثر واكثر.
وجاءت لحظة الازمة الحقيقيه فقد قرر اخي ناصر الارتباط باختها سعاد... وفرحت يومها وكاني انا العريس... لان بخطوته هذه يمهد لي الطريق لخطبتها ...وذهبنا جميعا لبيت جدتي وخالي لخطبت سعاد ووافق الجميع ولكن ظهرت غيرة خالتي الشريره عديمة الاحساس... فقد كانت تريد سعاد لابنها مازن... وكذبت زورا لتمنع الزواج وقالت لامي" استغفروا ربكم هذيلا اخوان!!!"
وانصدم الجميع وطلبوا منها تفسيرا لكلامها ...وطبعا بعقلها الخبيث زورت قصة واقنعتهم بها...قالت مخاطبة لامي والجميع "بصراحه هذا سر بيني وبين ام سعاد الله يرحمها ولكن اليوم لازم كلكم تعرفوه .. هذا الله يسلمكم لما مات الشيخ حمد بن سالم رحنا انا وانت للعزى وبقيت زوجة اخونا الله يرحمها عند لمياء وعلي ولما نهض علي قام يصيح وما رامت تسكته آآزت رضعته مع لمياء ... ويوم رجعنا قالت لي باللي صار وخافت تخبركم عشان ما تزعلوا عليها وقالت حفظي هذا السر اخاف اموت ويصير زواج بينهم .. وهذا انا خبرتكم وعاد انتوه حرين"
وقال خالي " وكيف ما تخبرني ... واذا انت مايته من كان ايخبرنا" وثار الجميع كلا بما اثار غيضه ... وبقيت انا لا ادري ماذا افعل ... بصراحه الفكره الوحيده التي كانت ببالي وقتها هي كيف اقتل خالتي ...ثم نظرت الى خالي الذي هم بالخروج وهو يقول " انا نازل المزرعه احس اني ما طايق عمري" فقال له ابي " حرصني انا جاي معك".
خرجت خالتي ربما لتهرب من تعليقات جدتي التي تعرف انها تريد سعاد لمازن ولكن لا دليل عندها ... وتفرق الجميع وطلعت انا للسطح لابكي بعيدا عن اعينهم... تمنيت ان اختفي من الوجود فحبيبتي اصبحت اختي.. ماذا افعل بكل احلامي التي تطلعت لتحقيقها معها... ماذا اقول لقلبي الذي صبر كل هذه السنين على امل الزواج بها...استغفر الله ..الان لا يحق لي حتى التفكير بهذا.
يتبع.......
ومرت الايام ويالها من ايام رائعه...اذكر ايضا ذاك الصباح الذي تلقيت فيه اول عناق منها...اذكره بكل تفاصيله... ولو كان لي جناح لطرت به يومها من الفرح... كان عمري وقتها عشر سنوات... وهي في التاسعه... وكانت السماء تحمل قزعات سحاب متفرقه... وقبلها بيومين نزلت امطارا غزيره نزل على اثرها الوادي المار امام قريتنا...يومها كان الوادي يعني لنا الكثير فقد كان اهالي القريه يتجمعون ليشاهدوا روعته وقوته فكم من مره شهدنا عمليات انقاذ خطيره "لاغنام امي سلامه" فحضيرتها على ضفة الوادي ... وفي ذلك اليوم نزلت مسرعا لاسبح في الوادي واذا بي اجدها تلعب مع بنت جارنا بالطين قرب المكان الذي كان يسبح فيه اصحابي... كانت تصنع اكواب واباريق واواني متعدده... احببت ممازحتها فمررت فوق اوانيها التي لم تجف بعد.. فحطمتها واسرعت الى الوادي هربا او رغبة مني في ان تتبعني... اقر باني اخطات ولكن ما اروعها من غلطة... فبالفعل جاءت خلفي تبكي وتنوي ضربي وهي تقول "والله اخبرلك ابوي" قفزت في الوادي ونزلت هي بحذر.. يال رقتها حبيبتي...رششتها بالماء لازيد غيضها فزاد بكائها... وغطت وجهها بكفيها واخذت تبكي... وكان اقسى عقاب اتلقاه... ربما كانت تعلم.... ولكن لا اظن.... المهم حاولت ان اوقف بكائها فناديتها لترى تلك الضفادع الصغيره المتجمعه في البركه المجاوره وجاءت وهي تمسح دموعها... ليتني ما ابكيتها... بدات الضفادع تحس بالخطر المحدق بها فقد تجمع الجميع وكان اخطرهم سالم الرباش... الذي بدا يرميها بالحصى.. فقفزت واحده منها في وجه ابنت خالي الغاليه.. التي بدورها ارتمت في حضني لتهرب من الضفدع الصغير ...وحشرت راسها في صدري لتمسح ما لحقه من مياه... ربما يظن البعض اني كنت صغيرا.... ولكني اعتبر انها كانت نقطة تحول في حياتي.
عدنا الى البيت على وقت الغداء بعدما "مزت" جلودنا... لنجد ان العائله متجمعه...يناقشون امرا ما... بعضهم ترتسم على وجهه ملامح الحزن وبعضهم الاخر الغضب...قالت جدتي" انزين ليش ما يستقيل ويدورله شغل هنا"... فردت عليها امي " ياماه الشغل صاه ما بالساهل يحصلوه"... وقالت خالتي نجمه التي يكرهها الجميع "انزين ومو فيها خلوهم يروحوا تخف الربشه شويه.. وصاهم رايحين لمسقط ما سايرين بريطانيا ".
حينها دخل ابي بوجهه الحزين فسلم وطلب من امي ان تحضر له القهوه وبعد ان استراح سأله خالي ابو لمياء " هاه ايش قالوا لك؟"
ابي: "ماشي حل لازم التزم بالاوامر وخلاص حاجزيلنا بيت من بيوت الشرطه في مسقط وبنعيش هناك.. وعطوني مهله اسبوع لازم السبت الجايه اكون عندهم"
فبكت امي وعلمت اننا سننتقل بعيدا عن اهلي وحبيبتي وبلدتنا العزيزه.. وهنا تغيرت حياتي واصبحت وحيدا رغم كثرة اصدقائي الجدد.. فلا انكر ان العيشه في سكنات الشرطه لها طابعها الخاص ... ورقيها المعروف ولكن قريتنا اروع؛ فمالكة قلبي فيها...اصبحت استغل الاجازات الصيفيه لاعود للقريه واعيش في بيت خالتي نجمه بحجة اني اريد ان اقضي اجازتي مع ابنها مازن وبصراحه وكما تعرفون ليس هذا سبب عودتي.. ولولا ان خالي ليس عنده سوى بنتان لعشت في بيتهم...وكل هذا وحبيبتي لا تعلم بشي فهي لا تكن لي ما اكنه لها... ومرت السنين واصبحت في الثامنة عشر وانا لم اعيش من عمري سوى الاجازات الصيفه ... وكل عام يمر احبها اكثر واكثر.
وجاءت لحظة الازمة الحقيقيه فقد قرر اخي ناصر الارتباط باختها سعاد... وفرحت يومها وكاني انا العريس... لان بخطوته هذه يمهد لي الطريق لخطبتها ...وذهبنا جميعا لبيت جدتي وخالي لخطبت سعاد ووافق الجميع ولكن ظهرت غيرة خالتي الشريره عديمة الاحساس... فقد كانت تريد سعاد لابنها مازن... وكذبت زورا لتمنع الزواج وقالت لامي" استغفروا ربكم هذيلا اخوان!!!"
وانصدم الجميع وطلبوا منها تفسيرا لكلامها ...وطبعا بعقلها الخبيث زورت قصة واقنعتهم بها...قالت مخاطبة لامي والجميع "بصراحه هذا سر بيني وبين ام سعاد الله يرحمها ولكن اليوم لازم كلكم تعرفوه .. هذا الله يسلمكم لما مات الشيخ حمد بن سالم رحنا انا وانت للعزى وبقيت زوجة اخونا الله يرحمها عند لمياء وعلي ولما نهض علي قام يصيح وما رامت تسكته آآزت رضعته مع لمياء ... ويوم رجعنا قالت لي باللي صار وخافت تخبركم عشان ما تزعلوا عليها وقالت حفظي هذا السر اخاف اموت ويصير زواج بينهم .. وهذا انا خبرتكم وعاد انتوه حرين"
وقال خالي " وكيف ما تخبرني ... واذا انت مايته من كان ايخبرنا" وثار الجميع كلا بما اثار غيضه ... وبقيت انا لا ادري ماذا افعل ... بصراحه الفكره الوحيده التي كانت ببالي وقتها هي كيف اقتل خالتي ...ثم نظرت الى خالي الذي هم بالخروج وهو يقول " انا نازل المزرعه احس اني ما طايق عمري" فقال له ابي " حرصني انا جاي معك".
خرجت خالتي ربما لتهرب من تعليقات جدتي التي تعرف انها تريد سعاد لمازن ولكن لا دليل عندها ... وتفرق الجميع وطلعت انا للسطح لابكي بعيدا عن اعينهم... تمنيت ان اختفي من الوجود فحبيبتي اصبحت اختي.. ماذا افعل بكل احلامي التي تطلعت لتحقيقها معها... ماذا اقول لقلبي الذي صبر كل هذه السنين على امل الزواج بها...استغفر الله ..الان لا يحق لي حتى التفكير بهذا.
يتبع.......