المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " استأسد الفأر يوما " قصة لفيصل الزوايدي



فيصل الزوايدي
24 - 08 - 2009, 02:27
استأسَدَ الفأرُ يَوْمًا ...

.. زعَموا أَنَّ فأرًا اِستَوطَنَ بِأَرضٍ كَثيفةِ الأَدغالِ تسكنها الوُحوشُ و كانَ حَقيرَ الشأنِ بَيْنَ سكانِ الغابَةِ ، ضَعيف الـحيلَةِ .. تطارِدُهُ الـحَيواناتُ في كُلِّ حينٍ فمَنعتهُ عَن جَـمعِ القوتِ حتى جَاعَ صِغارُهُ و اِشتكَت أُمُّهُم فأغلَظت في الشكوى..فلَمَّا كانَ يَومٌ خرَجَ الفأرُ كَعادَتِهِ في ذعرِهِ الـمَألوفِ بَـحثا عَن نصيبٍ مِن طَعَامٍ يُـحَصِّلُهُ فِي غفلَةٍ مِن سِباعِ الغابَةِ وَوُحوشِها وَ صَيحاتُ أَلَـم ِأَبنائِهِ الـجَوْعى تترَدَّدُ في أُذنيْهِ بقوَّةٍ .. لَـم تبارِحهُ أيضًا صورَة أصغَر أبنائِهِ و أحَبِّهِم إلى قَلبِهِ وَقَد ذبلَ جسمُهُ وَاِنفتحَ فمُهُ في أنينٍ خافِتٍ مُتواصِلٍ . لَـمَحَ ثـمرَة تفاحٍ أسفلَ شَجَرَةٍ فأشرَقَت مَلامِـحُهُ و هو يَتخيَّلُ فرحَةَ الصغارِ و أُمّهم بـهذا الطعامِ .حَثَّ خطواتِهِ نـحوَها وَ قَد أَعمَتهُ الفَرحَةُ فلَم يَنتبِه لَعَيْنَيْن ترصُدانِهِ .. قَفزَ مُسرِعًا نـحو التفاحَةِ و لَكِنَّ العَينين قفزَتا بِسُرعَةٍ أَيضًا فإذا بثعلَبٍ أَمامَهُ يَنظرُ إِلَيْهِ في اِشتِهاءٍ، أُخِذ الفأر بِـهذا العَدُوِّ وَ لكنَّه أَحَسَّ بِقَدرٍ هائِلٍ مِن القهرِ و الغيظِ و هَذا الـحَيَوانُ يُـحاوِلُ مَنعَه مِن إِطعامِ أَبنائِهِ و أَنينُ صغيرِهِ الـمَحبوبِ ما زال يَطِنُّ في رأسِهِ ، دونَ أَن يدري كَيفَ وَقَعَ ذلكَ وَجَدَ نَفسَه يُواجِه الثعلَبَ بِثباتٍ و يَصيحُ في وجهِهِ أَن يَترُكَهُ وشَأنَهُ و إِلا.. بُـهِتَ الثعلَبُ فَلَم يَكُن يَتوَقَّع إلا فزَعَ الفَأرِ و هروبه .. تـمالَكَ نَفسَهُ فَكَشَّر عَن أَنيابِهِ و اقترَبَ مِن فَريستِهِ الـمُفتَرَضَةَ مُبالِغا في إِظهارِ شَراسَتِهِ لَكِنَّ الفأرَ ، و قَد اِنتفشَ شَعرُهُ ،حَدَّقَ فيه بِعَينين مُـحمَرَّتَين غيظًا و نفخَ صَدرَهُ و ظَهَرَت أسنانهُ الأمامِيَّةُ حادَّةً مُنذِرَةً بِوَيلٍ عَظيمٍ .. ارتج الثعـلَبُ و أَحَسَّ بِـخَوفٍ حقيقي وفَكَّرَ في الـهَرَبِ لَكِنَّه خجلَ إِذْ تـخيَّلَ ما يُـمكِنُ أَن يُقالَ عَنهُ في الغابَةِ فَحاوَلَ التهديدَ مُـجَدَّدًا لَكِنَّ صَوتَ الفأرِ الغاضِبِ كان حاسِـمًا : لَقد مَللتُ مُطارَدَتُكُـم و لَن أَرضى أن تَتواصَلَ الـحياة هكذا، أُغرُب عَنّي .. أَطلَقَ الثعلَبُ ساقَيهِ للريحِ لا يُفكِّرُ إلا في سلامَتِهِ أَمَّا كلامُ الـحيواناتِ فلَن يَكونَ أَسوَأَ مِـمّا قَد يَقَعُ لَه على يَدَيْ هذا الـحيوانِ الغريبِ ..
أحسَّ الفَأرُ بِسعادَةٍ عَظيمَةٍ وَهوَ يَرى الثعلَبَ هارِبًا و إِنْ ظَلَّ مُتعَجِّبًا مِـما يَرى. ثـمَّ عادَ يَـحمِلُ الطعامَ إلى الأُسرَة و قَصَّ عَليهم قِصَّتَهُ مَع الثعلَبِ فضَحِكوا كثيرًا و ناموا لَيلَتَهُم مُطمَئِنّينَ .. أَمّا الثعلَبُ فباتَ في أسوَا حالٍ و هو يَستمِعُ لِـهمَساتِ سُخرِيَةٍ مِن هُنا و هُناك .. لَكِنَّ نَـمرًا جَلَسَ في مَنزِلِهِ و فَكَّرَ : ما الذي يَقعُ لَو اِنتَصَرَ عَلَيهِ الفأرُ هُوَ أيضا ؟.. و أَزمَعَ فـي نفسِهِ أَن يتجَنَّبَهُ و ألا يُـحاوِلَ التحرشَ بِه تَـجَنُّبًا لاهتِزازِ صورَتِهِ .. وَ قَد فكَّرَت مِثلَهُ بَقِيَّةُ وُحوشِ الغابَةِ .. حتى الأسَد قال لِنَفسِهِ : سأَتَظاهَرُ بِضَعفِ البَصَرِ حتى أَدَّعِيَ أَنّنـي لا أراهُ .
مُنذُ ذَلكَ الـحين صارَ الفَأْرُ، و قَد أَدرَكَ أَنَّ السباعَ قَد هابَتهُ ، يَـخرج وقتما يَشاءُ إلـى الاقتِياتِ و أَحيانًا يَصحَبُ أبناءَهُ في جَولاتٍ يُريهُم فيها الغابَةَ و يُعَرِّفهُم على حَيَواناتِـها بَل إِنَّ الأَسَدَ سَـمَـحَ لَـهُم مَرّةً بالصعودِ على ظَهرِهِ فهوَ يُـحِبُّ إِسعادَ الأطفالِ ، هَكَذا أَجابَ باضطرابٍ جليٍّ مَن لامَه على فعلتِهِ تلكَ ..

رائد
24 - 08 - 2009, 08:49
الموت ولا المهانة
بالارادة ممكن ان يكون الفأر أسدا
وبالخوف والمهانة تصبح الأسود فئران
أشكرك جزيل الشكر على هذه القصة الرائعة
يعطيك العافية

فيصل الزوايدي
25 - 08 - 2009, 22:35
الموت ولا المهانة
بالارادة ممكن ان يكون الفأر أسدا
وبالخوف والمهانة تصبح الأسود فئران
أشكرك جزيل الشكر على هذه القصة الرائعة
يعطيك العافية



كما ذكرت أخي رائد .. الموت و لا المهانة ..
سرني تفاعلك مع القصة و مرورك الراقي كثيرا
دمت في الخير

الـعـمـيــــــــــــد
01 - 09 - 2009, 13:21
قصة مفيدة من بنات افكارك

شكرا لك

فيصل الزوايدي
06 - 09 - 2009, 22:29
قصة مفيدة من بنات افكارك

شكرا لك

اعتز باطلالتك و برأيك أخي الكريم فشكرا لك
دمت في الخير