المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قف من فضلك



جاسم عيسى القرط
26 - 07 - 2008, 17:21
قف من فضلك
{قد يكون موضوعي شبه طويل لكن كل أمل أن نقرأه مع بعض ٍ وإن كان على فترات} .
بسم الله الرحمن الرحيم
موقفا شاهدته اليوم بصحار وبالتحديد أمام دائرة الشئون الاجتماعية والعمل حيث يربو ثم َّ لكل ِّ عاجز ٍ ومريض ٍ وفقير ٍ الأمل ؛ بأكل – كما هو دارج في لهجتنا المحلية – أو أخذ راتبا من الضمان الاجتماعي . حتى لا أطيل عليكم أكثر رأيت أبا ً طاعنا في السن ً وابنته يبكيان بكاء الخنساء أخاها صخرا ! فكسرت جدار الخجل الذي يسورني فسألتهما : ما بكما؟ فقال الأب وابنته تصدقه: يا ولدي أن أعيل أسرة ً مكونة ً من عشرة أفراد وليس لي دخل ٌ ثابت ولا متنقل ٌ والأرز الآن غالي جدا والأسعار نار الله الموقدة ورمضان على الأبواب ولقد طرقت أبواب الرجاء هنا فأغلقت دوني وأخذا بوصف حالاتهما كأنهما يشكيان لمسؤول أو سائل ٍ مهمان ، وما علما أن شوقي يقول وما علم بحالتي . وحمدت الله أنه عرض عارض ٌ علينا فأنهيا أطراف الحديث فتسللت ُ عنهما هاربا ..
وما أن انفض مجلسنا هجمت علي َّ خواطر ٌ وشجون ٌ صدري لها مستودع ٌ كبير ٌ قد عشش البوم ُ التعيس على جنابته ، وقد طارت حمامات الوادي عشية ً مؤذنة ً بأن َّ الأمل القامع قد فرَّ من قدر الله إلى قدر الله. وقبل أن أخوض في الحديث أنوّه أن الموظفين أمامهم واحد + واحد يساوي اثنان ولم يكلفوا بالخوض في أعماق المجتمع ليمحصوا الصادق من الكاذب والمحتاج من غيره وإن كان علينا أن نلتمس هؤلاء المحتاجين ونبادرهم ممتثلين أوامر الله سبحانه وتعالى . ولست هنا أوجه كلامي لأي فرد ٍ رفيع ٍ في المجتمع بل ولست أوجه حديثي لبلدنا بل للدنيا كلها ، وكما أنني لست هنا للتذمر والتحسر ِ واللولوات الشيطانية وإنما لأذكر نفسي بقوله تعالى : ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ، وقوله تعالى : {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} ، وقوله تعالى : فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)) صدق الله العظيم
أحبتي

نعم مما لا شك فيه أننا جميعا نرى المنكرات ونرى السيئات تحيط بنا من كل حَدَب ٍ وصوب ، ويقف ُ الطير ُ فوق رؤوسنا متيقنا بأننا خشب ٌ مسندة ٌ ، وأنَّ قوله تعالى وهو ما جاء في الآية القرآنية الكريمة : ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل))صدق الله العظيم لا يتعدانا أبدا.
أحبتي
إن َّ رخص اللحوم البشرية لهو سبب ٌ لغلاء الاستهلاكيات الآدمية من اللحوم الحيوانية ، وأن احتباس القـَطْـر ِ عنـَّا والغيث ِ لهو نتيجة ٌ لمنعنا الزكوات كما هو ثابث ٌ في الأحاديث النبوية الشريفة ، وأن سبب عدم خصوبة أرضنا الخضراء لهو بسبب جدب قلوبنا . إي وربي لقد نجح الغرب ُ في جعل الغروب دائما للشرق كما نجحوا سابقا في سرقة شمس المجد من تاريخنا لتاريحهم الذي لا يتعدى قرونا معدودة بأصبع اليد الواحدة . فكان منا الطبيب والفيزيائي والكيمائي،وكان منا المعلم الأول وكانت حضارتنا سابقا أزدهرت بالعرب لا بالغرب . ولله در ُّ العرب َ حينما أهدوا للفرس الإسطرلاب فردوه ظنا بأن السحر كلَّــه قامع ٌ في هذه الآية الشيطانية أي الآلة ، ولله در ُّ العرب َ سابقا عندما فرضوا تعلم أصول اللغة العربية كشرط ٍ أساسي لقبول الموظفين مطابقة َ لفعل الغرب الآن على من أراد التحدث إليهم ممن يعتقدون أنه يرقى لمستواهم التحدث بها ، ويحرمون على الكل التحدث أمامهم بغير لغتهم الأم بينهم وإن كان منهم وإن كان كل َّ مولود ٍ معهم يولد وتلك اللغة الدخيلة في نظرهم لبنه وحليبه. لقد نجح الغرب ُ في جعلنا نحن المسلمون- وإن شئت قل نحن المسلمين – في تفسيق أجدادنا وإلصاق التهم بهم وسبهم ولعنهم وجعلنا نفتخر بحطام لا يعادل ذرة ً أمام مجدنا الأصلي. وإن خسرنا الحرب فلا غرابة فقد دخلناها بكل ما يملكه الشرقي من فن ِّ الخطابة بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة.
أحبتي كل ما أسلفته ليس تضاربا في الأفكار بل وليس إضاعة ً لمعادلة ٍ بدأتها أسها الصحيح (فاي) وإنما لأقف مذكرا نفسي أولا وكل من قرأ هذياني هذا بأن َّ الغرب َ اتخذوا من دينهم وتعالميه ولخبطته ناموسا في قتالهم لنا ومسحهم لمعتقداتنا وذما في أخلاقنا ولزرع الخنق والبغض في قلوبنا على أنفسنا وأوطاننا بل على ربنا سبحانه وتعالى فكلنا يشكو الخالق للمخلوق وإن لم يشعر. وأما نحن في سبات ٍ دائب ٍ نقول أن الاقتصاد هو هدف أعداءنا وأنه الركيزة التي أتوا وأعانهم أمثلهم طريقة ً وأتينا بظن وأخواتها في تحليلاتنا . فوالله لو رجعنا إلى أنفسنا ووقفنا برهة ً معها لعلمنا علم يقين ٍ بل عين يقين ٍ بل حق يقين ٍ أن ّ السبب الرئيسي هو لتقليل شأن الله فينا بدليل الحملات الصليبية وصنيعهم بأخوتنا في فلسطين و لرأينا أن ابتعادنا عن شرع الله هو ما جعل الفقر ينمو إلينا والابتلاءات تتوالى إلينا ونفر شرقا وغربا وجنوبا وشمالا وأرضا ويتجلى ذلك بالانتحار وأستغفر الله إن قلت لو وجدنا سلما ً للسماء لعرجنا لنبحث في السحب والسموات عن الافتراءات والإفتاءات التي تبين لنا سبب كل هذا . وأذكر ثانية ً وثالثة ً بقوله تعالى : ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض
أحبتي
استعد َّ نبيُّنا المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم)- الذي قال في حديث شريف : لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا- لرمضان َ من رجب ٍ الأصب ِّ وسمي أصبا لأن الخير يصب فيه صبا فقال صلوات الله وسلامه عليه : اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان )) ولقد قرأنا بأن َّ السلف الصالح استعدوا هم أيضا لرمضان فكانوا يسألون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ومثلها بعد رمضان أن يقبل منهم صوم شهر رمضان -وهكذا جاءت في الكتب ستة أشهر لا خمسة- وأما نحن الآن فاستعدادنا أن ننقل المحلات الكبرى إلى بيوتنا قبل رمضان وبعده وننسى المهمة الأساسية التي فرض علينا فيها صوم رمضان ، وليس هذا فحسب بل حتى الصلاة نفسها لا يكون لها روحا في أروحنا إلا في النصف الأول من رمضان كما هو واضح وشائع بيننا وأما النصف الثاني فهو وقت استعداداتنا لملابس العيد وبانتظار الرواتب ودعوني أقولها بلهجتنا الدارجة (هذا غير الاستعداد السابق لرمضان بأشهر للعيد))
فهيا عباد الله إلى الله فكل شئ نخافه نفر منه إلا الله فإننا نفر منه إليه : ((ففروا إلى الله))
علينا أن نستغفر الله سبحانه وتعالى ونكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ونلتزم بأوامر الله سبحانه كلها ونكون قدوة في أنفسنا لأنفسنا وأهلنا ومن شملتهم ذاكرتنا ونتكافل اجتماعيا ومعنويا لنؤدي وظيفتنا الكبرى
على أتم وجه ٍ ونعمر الأرض التي جعلها الله لعباده كلهم بارهم وفاجرهم ونعلم بأن ليس لشخص بيننا نسبة إلى الله تعالى وإن كان غنيا أو فقيرا أو عابدا أو زاهدا أو غيره إلا نسبة العبودية ((إياك نعبد)) فلا يغتر أحدنا بعمله ولا يعتد بنفسه وليتق الله ربه وليخلص نواياه وليترك هواه وليعرف حق الله والله لا يضيع عمل عامل منا ويجزي سبحانه بدل الحسنة عشرة ، ويبدل بفضله وكرمه السيئة لحسنة إن على كل شئ قدير. ولنعلم أن الغلاء جند من جنود الله فلنخص عبادتنا ونترك خطاينا لنطهر أنفسنا ونحصنها لكي يدفع الله تعالى بكرمه وجوده عنا كل محن وإحن ويبلغنا بفضله أقاصي الأماني ويعطي كل سؤل سؤله. وأبدأ بتوجيه ذلك لنفسي ثم لكم أحبتي وألتمس العذر من كل من أخطئت في حقهم عن قصد أو بدونه فبادروا أحبتي معي ، وأدعو أبائي وأستاذتي من يكبروني سنا وقدرا وعلما بأنْ يراعوا مسؤوليتهم التي خولهم الله إياها في الحياة وأن يعينوا بعضهم بعضا على الشيطان ولا يعينوا الشيطان على بعضهم بعضا ويتركوا غلاء المهور ، ويتركوا أكل الربا ، وحب الذات ، ويتركوا الاستماع بالملذات وبين ظهرانيهم من أكل الدود من جسمه حيا أكثر ما سيأكله ميتا وقد قال من التقينا بهم من أهل العلم والصلاح : من كان همه في الدنيا بطنه فلينتظر أجره من الدود لأنه عند موته سيهنأ الدود بوجبة ٍ دسمة ٍ هنيئة ٍ مرئية ٍ . وأدعو نفسي الخاطئة أولا ثم من يشاركني أو يخالفني في هذا الرأي أن يبتعد ابتعادا كليا عن إلقاء اللوم والتهم بفلان وعلان وليتوجه لنفسه فهي المملكة الوحيدة التي تعادي إرادة الله وأذكر بقصة سمعتها سابقا أن اتحادا من الدول اجتمعوا ليناقشوا قضية ً كبرى تقلقهم وهي مسألة النمل الأبيض فعجزوا وأنفقوا من الأموال على فقرهم ما تقارب أموال قارون فعجزوا فأرشدهم أحد الصالحين بأن يصطلحوا مع الله بترك المنهيات واقتراف الحسنات يأتي الحل الإلهي سريعا ويأتي الأمر الإلهي ملزما للنمل يا أيتها النمل :ادخلوا مساكنكم.
. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
كتبه مذكرا نفسه وأخوانه هنا جاسم عيسى القرطوبي

زنبقةُ الحرف
26 - 07 - 2008, 23:01
بارك الله فيك أخي جاسم ..
تساقطت كلماتك هنا كالدرر سلمت يداك وسلمت من كل شر ..
وهذا ما نرجوه من أمتنا الاسلامية أن تعود للكتاب والسنة في جميع أمورها
وأن تلتزم بها ..
ولو فعل كل فرد من أفراد الامة الاسلامية ما أسلفت به سابقا ..
لعم الخير ولقل الفقر ..

نسأل الله العظيم الهداية ..
لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم ..

تحيتي لك ..

انين الزمن
27 - 07 - 2008, 02:54
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته..

أخي الكريم..أشكر لك ماتفضلت به من كلمات لعلها تكون
تذكرة..فينفع الله بها وتكون في ميزان حسناتك

أن ماتكرمت بطرحه من موقف يدمى له الفؤاد أن تكون هذة
المناظر تتكرر بشكل دائم أمام أعيننا ويبننا..

فلو أدى كل منا حق الله عليه لكنا بألف خير...

لك كل التقدير

جاسم عيسى القرط
27 - 07 - 2008, 03:02
أختاي لا يسعني إلا أن أشكركما على جميل مشاركتكما


وكم هو جميل أن نرأى أن علينا البدء بأنفسنا


وان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

الاصايل انثى
27 - 07 - 2008, 03:16
لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا-
تعجبني بكلا الاحوال
أخي وقرة عيني

عاشق السمراء
28 - 07 - 2008, 00:36
(( مساء جميل !! ))

القرطوبي ..
بوركت خيرا فيما تصنع من معروف !!


تقديري !!

هـــــــــــتلر
29 - 07 - 2008, 19:16
جزاك الله خيرا وبارك فيك