المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " ادب المـنـاظـرة "



الـنـا د ر
11 - 01 - 2008, 12:54
أدب المناظرة



أنا لا أقول إلا ما أعتقد ، ولا أعتقد إلا ما أسمع صداه من جوانبي ، فربما خالفت الناس في أشياء يعلمون منها غير ما أعلم، ومعذرتي إليهم في ذلك أن الحق أولى بالمجاملة منهم، وأنّ في رأسي عقلا أجله عن أنزل به إلى أن يكون سيقة للعقول، وريشة في مهاب الأغراض والأهواء.



فهل يجمل بعد ذلك بأحد من الناس أن يرميني بجارحة من القول أو صاعقة من الغضب لأني خالفت رأيه أو ذهبت غير مذهبه، أكثر مما يكون لي من الحق في حمله على مذهبي.



لا بأس أن يؤيد الإنسان مذهبه بالحجة والبرهان ، ولا بأس أن ينقض أدلة خصمه ويزيفها مما يعتقد أنه مبطل لها ، ولا ملامة عليه أن يتذرع بكل ما يعرف من الوسائل إلى نشر الحقيقة التي يعتقدها إلا وسيلة واحدة لا أحبها له ولا أعتقد أنها تنفعه أو تغني عنه شيئًا، وهي وسيلة الشتم والسباب.



إن لإخلاص المتكلم تأثيرًا عظيمًا في قوة حجته وحلول كلامه المحل الأعظم في القلوب والأفهام ، والشاتم يعلم عنه الناس جميعًا نه غير مخلص فيما يقول، فعبثًا يحاول أن يحمل الناس على رأيه، أو يقنعهم بصدقه، وإن كان أصدق الصادقين.


أتدري لما يسب الإنسان مناظره؟ لأنه جاهل وعاجز معًا، أما جهله فلأنه يذهب في واد غير وادي مناظره وهو يظن أ،ه في واديه ولأنه ينتقل من موضوع المناظرة إلى البحث في شئون المناظر وأطواره وصفاته وطبائعه، كأن كل مبحث عنده مبحث "فيسولوجي"؛ وما أعجزه [لعلها وأما عجزه] فلأنه لو عرف إلى مناظره سبيلا غير هذا السبيل لسلكه، وكفى نفسه مؤونة ازدراء الناس إياه وحماها الدخول في مأزق هو فيه من الخاسرين، محقًا كان أم مبطلا.



لا يجوز بحال من الأحوال أن يكون الغرض من المناظرة شيئًا غير خدمة الحقيقة وتأييدها ، وأحسب أن لو سلك الكُتّاب هذا المسلك في مباحثهم لاتفقوا على مسائل كثيرة هم لا يزلون مختلفين فيها حتى اليوم، وما اختلفوا فيها إلا لأنهم فيما بينهم مختلفون. يسمع أحدهم الكلمة من صاحبه ويعتقد أنها كلمة حق لا ريب فيها ، ولكنه يبغضه فيبغض الحق من أجله فينهض للرد عليه بحجج واهية وأساليب ضعيفة وإن كان هو قويًا في ذاته، لأن القلم لا يقوى إلا إذا استمدّ قوته من القلب، فإذا جيء بالحجج والبراهين لجأ إلى المراوغة والمهاترة، فيقول لمناظره مثلا: إنك جاهل لا يعتد برأيك أو إنك مضرب الرأي لا ثبات لك، تقول اليوم غير ما قلت بالأمس، وهنالك يقول له الناس:

رويدًا ، لا تخلط في كلامك ، ولا تراوغ في مناظرتك ، ولا شأن لك بعلم صاحبك أو جهله ، فإنه يقول شيئًا، فإن كان صحيحًا فسلم به، أو باطلا فبين لنا وجه بطلانه، وهبه قولا لا تعلم قائله، ولا شأن لك باضطراب صاحبه وثباته، فربما كان بالأمس على رأي تبين له خطؤه اليوم، والمرء يخطئ مرة ويصيب، فإذا ضاق بمناظره وبالناس ذرعًا فرَّ إلى أضعف الوسائل وأوهنها، فسبَّ مناظره وشتمه وذهب في التمثيل به كل مذهب، فيسجل على نفسه الفرار من تلك المعركة والخذلان في ذلك الميدان.



على أن أكثر الناس متفقون على ما يظنون أنهم مختلفون فيه ، فإن لكل شيء وجهين: جهة مدح، وجهة ذم، فإما أن تتساويا، أو كبر إحداهما الأخرى، فإن كان الأول فلا معنى للاختلاف، وإن كان الثاني وجب على المختلفينِ أن يعترف كل منهما لصاحبه بعض الحقِّ، لا أن يكون كل منهما من سلسلة الخلاف في طرفها الأخير.



كان يقع بين ملك من الملوك ووزيره خلاف في مسائل كثيرة حتى يشتد النزاع بينهما وحتى لا يسلس أحدهما لصاحبه في طرف مما يخالفه فيه، فحضر حوارهما أحد الحكماء في إحدى الليالي وهما يتناظران في المرأة، يعلو بها الملك إلى مصاف الملائكة، ويهبط بها الوزير إلى منزلة الشياطين، ويسرد كل منهما على مذهبه أدلته، فلما علا صوتهما واشتدد لجاجهما خرج ذلك الحكيم وغاب عن المجلس ساعة، ثم عاد وبين أثوابه لوح على أحد وجهيه صورة فتاة حسناء ، وعلى الآخر صورة عجوز شوهاء ، فقطع عليهما حديثهما وقال لهما:

أحب أن أعرض عليكما هذه الصورة ليعطيني كل منكما رأيه فيها، ثم عرض على الملك صورة الفتاة الحسناء فامتدحها ورجع إلى مكان الوزير وقد قلب اللوح خلسة من حيث لا يشعر واحد منهما بما يفعل وعرض عليه صورة العجوز الشمطاء فاستعاذ بالله من رؤيتها وأخذ يذمها ذمًا قبيحًا، فهاج غيظ الملك على الوزير وأخذ يرميه بالجهل وفساد الذوق وقد ظن أنه يذم الصورة التي رآها هو،

فلما عادا إلى مثل ما كانا عليه من الخلاف الشديد استوقفهما الحكيم وأراهما اللوح من جهتيه فسكن ثائرهما وضحكا ضحكًا كثيرًا، ثم قال لهما:

هذا ما أنتما فيه منذ الليلة، وما أحضرت إليكما هذا اللوح إلا لأضربه لكما مثلا لتعلما أنكما متفقان في جميع ما كنتما تختلفان فيه لو أنكما تنظران إلى المسائل التي تختلفان فيها من جهتيهما، فشكرا له همته، وأثنيا على فضله وحكمته، وانتفعا بحيلته انتفاعًا كثيرًا، فما كانا يختلفان بعد ذلك إلا قليلا.




كتاب النظرات


الأديب والشاعر : مصطفي لطفي المنفلوطي

عاشق السمراء
11 - 01 - 2008, 15:10
(( مساء جميل !! ))

نعم ايها النادر .. الاقتناع والاقتناع من الاشياء التي يجب على المحدث أن يلتفت إليها فليس هناك اقناع بالاكراه ان لم تكن هناك ادلة وبراهين .. ومن الفكرة التي عملها الملك نتعلم ونستفيد !!

وما اجمل المنفلوطي بكتاباته ..
لك عميق الشكر ايها النادر العزيز !!


................... وتقديري !!

أخت عاشق السمراء
11 - 01 - 2008, 18:36
جميل مانُثر هنا ايها النادر..

لك الشكر العميق..

زنبقةُ الحرف
12 - 01 - 2008, 00:33
شكرا لك أخي
النادر موضوع يستحق القراءة
تحياتي

الـنـا د ر
12 - 01 - 2008, 23:22
(( مساء جميل !! ))




نعم ايها النادر .. الاقتناع والاقتناع من الاشياء التي يجب على المحدث أن يلتفت إليها فليس هناك اقناع بالاكراه ان لم تكن هناك ادلة وبراهين .. ومن الفكرة التي عملها الملك نتعلم ونستفيد !!


وما اجمل المنفلوطي بكتاباته ..
لك عميق الشكر ايها النادر العزيز !!




................... وتقديري !!



اهلا عاشق السمراء


كما تفضلت


ما اجمل المنفلوطي بكتاباته


وما اجملك بردك الكريم وزيارتك وطلتك



اسعدني مرورك الكريم ..



عظيم تحياتي ...




الـنـا د ر
________

الـنـا د ر
12 - 01 - 2008, 23:26
جميل مانُثر هنا ايها النادر..



لك الشكر العميق..




اخت عاشق السمراء



اهلا بمشرفة ثقافتنا



قرات لكِ "جواهر الادب "


فتحمست واكملت ..


فمنكِ نتعلم سيدتي .



سررني تواصلكِ الكريم وتحفيزكِ لي وللجميع .




الـنـا د ر
______

الـنـا د ر
12 - 01 - 2008, 23:28
شكرا لك أخي



النادر موضوع يستحق القراءة


تحياتي



ملكة الحـب


تعليقكِ الكريم وزيارتكِ الكريمة


هي مـــــــا يستحق الاحترام



ولكِ بالغ التقدير والاحترام .








الـنـا د ر
________

الاصايل انثى
13 - 01 - 2008, 00:03
عُرِفتْ المناظرة أو المجادلة في الفلسفة اليونانية باسم
: « طوبيقا » ، وهي إحدى الصناعات الخمس المهمة
التي ينقسم إليها القياس المنطقي ، ويتوقف فهم هذه
الصناعة على مقدمات ومبادئ أساسية لاغنى عنها
لمن يروم الدفاع عما يراه جديرا بالدفاع عنه لشتى الاغراض ،
سواء أكان ذلك في مجال العقيدة أم لم يكن.

لا تفنِ عمرك في الجدال مخاصما إن الجـدال يـخـل بـالأديـان
واحذر مجادلـة الرجـال فإنهـا تدعو إلـى الشحنـاء والشنـآن
أصل الجدال من السؤال وفرعـه حسن الجواب بأحسـن التبيـان
لا تلتفت عند السـؤال ولا تعـد لفـظ السـؤال كلاهمـا عيبـان
لا تغضبن إذا سئلت ولا تصـحف كلاهمـا خلـقـان مذمـومـان
واحذر مناظرة بمجلـس خيفـة حتـى تبـدل خيـفـة بـأمـان
ناظر أديبا منصفـا لـك عاقـلا وانصفه أنت بحسب مـا تريـان
ويكـون بينكمـا حكيـم حاكمـاعـدلا إذا جئـتـاه تحتكـمـان
وإذا غلبت الخصم لا تهـزأ بـهف العجب يخمد جمـرة الإحسـان
فلربما انهزم المحـارب عامـدا ثم انثنى قسطا علـى الفرسـان
ولربما ضحك الخضـوم لدهشـة فاثبت ولا تنكل عـن البرهـان

أيها النادر
رائع ما تم إضافته
بالفعل فاضلي نحتاج أوراق وسطور وحروف
بحجم تلك الصفحة...

هـــــــــــتلر
14 - 01 - 2008, 19:38
مساء جميل

اخي النادر..

جميل مااخترت هنا

شكرا لك وانا من المتابعين لك

شموخ
21 - 01 - 2008, 19:08
ثاانكس

و نرقب كل يديد من صوبك اخوي

الـنـا د ر
24 - 01 - 2008, 16:42
أيها النادر
رائع ما تم إضافته
بالفعل فاضلي نحتاج أوراق وسطور وحروف
بحجم تلك الصفحة...



الاصايل



قرات رد الاصايل انثي المنفلوطي !!


وتناغمت مع الموسيقي ....



ماديا وحسيا وادبيا




دائما انتِ مبدعة متالقة سيدة للادب والاداب .



تشرفت بطلتكِ وزيارتكِ ودائما اتشرف بثقافتكِ.



بالغ التقدير والاحترام لكِ سيدتي الكريمة .




الـنـا د ر
_______

الـنـا د ر
24 - 01 - 2008, 16:44
مساء جميل




اخي النادر..


جميل مااخترت هنا



شكرا لك وانا من المتابعين لك




هتلر


مراقبنا الرياضي



والثقافي


والعلاقات العامة

وحبيب القلب



سررت بتواصلك



ويشرفني ان اكون من المتابعين لك.


بالغ التقدير والاحترام لشخصك يا مشرفي الكريم .





الـنـا د ر
________

الـنـا د ر
24 - 01 - 2008, 16:46
ثاانكس





و نرقب كل يديد من صوبك اخوي




هلا وغلا بجروح الروح



الجديد في تواجدكِ تنوري مقالات نقرائها للمنفلوطي.



كل جديد هو تواجدكِ من جديد هنا وهنالك ..



كل الشكر والتقدير لتواصلكِ الكريم عزيزتي .





الـنـا د ر
_________