المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيني و بينَــك



فيصل الزوايدي
21 - 10 - 2007, 20:19
بيني و بينكَ ..

هذا الذي بيني و بينكَ فـي العمرِ لـحظَة..
هذا الذي بيني و بينكَ أغنيةٌ حزينةٌ بصمتٍ حزين..
و أنا بيني و بيني .. أجلسُ وحيدًا فـي زاويةِ غرفةٍ باردةٍ، أجلــسُ على مقعدٍ قاسية أطرافُه، و تفوحُ رائحةُ الـخَدَرِ ،و أنينٌ حادٌّ بينَ أُذنَـيَّ.. صريرُ خفَقَانِ القلبِ يــطغى على أصواتٍ باهتةٍ تنبعثُ من حيثُ لا أدري.. يسكنُ في النَّفسِ صوتٌ ســألَني يومًا : إلى أين ؟ و هَذي المرافئُ تتجاذَبُني .. و أنا وحيدٌ في زاويةِ الغرفةِ .. يقتربُ رجلٌ في أناقةٍ مبتَذَلَةٍ، ينظرُ إلَـيَّ بعينَينِ ثَقيلَتَيْ الأجفَانِ، و يسألُني بصوتِ حَجَرٍ مُتنَاثِرٍ : أنتَ السَّيد ..؟
أجبتُ مضطَرِبًـا: أنا هُوَ، لعلِّي أنا ..
لم يأبَه لاضطِرابي فأَشَارَ إلى مَمَرٍّ مُظلمٍ بعضَ الشَّيء : إنّهم يريدونَ رُؤيتَكَ .. أَزَّ في الرأسِ صوتٌ مُوجِعٌ و اضطربَت دقاتُ القـلبِ بتسارُعِها نحوَ ..آخرِ الـمَمَرِّ.. و تَزاحَـمت الهواجسُ ثقيلةً كالهزيمةِ .. هل وُلَدَ الصبيُّ المنتَظَرُ منذ السِّنين أم ماتَت الأمُّ ؟ كيف اقـترنا تلك اللحظةَ بداخِلي ؟ كيف اقتربَ الموتُ مِنَ الحياةِ ذلك الاقترابَ ؟ هربتُ بـهَواجِسي إلى الوجهِ الباهتِ أمامي ، هَمَمتُ بسُؤالِهِ : ولادةٌ أم موتٌ ؟ لكنَّ الـوجهَ الـباردَ الجاف الذي لا ينبئُ بشيءٍ رَدَّني عنِ السُّؤالِ .. مــلَّ الرجلُ صمتي فأردفَ بصـوتٍ يكـتمُ ثورةً : إنهم بانتظاركَ ، تَفضل من هُنا .. قَرعُ حِذائي على الأرضِ ينهالُ على رأسي و أنا أتبعُ الرجلَ .. تـحركَت أشباحٌ حَولـي و أحسستُ ببعضِ الصدماتِ و كلماتٌ تُقالُ ، لعلّها اعتذارٌ أو سخطٌ .. مَن يهتم ؟ أيُّ معنى لأيِّ قولٍ أمامَ الولادةِ أو الـموتِ ؟؟ باحتدادٍ حدَّثَــــنا الطبيبُ قبلَ أشــهرٍ و هـو يـحذِّرُنا مِن خَطَرِ الحَملِ .. تُرَى هل أرســلَ القدرُ يومَــها ذاكَ الطبيبَ ينذِرُنا بِـما نَخشاه الآن ؟ هل يـمكِنُ أن يغتالَ ذاك الصـــبيُّ أمَّهُ ؟ هل تنطلقُ حياتُه بـمَوتِها ؟ أم يـموتُ لتَحيا...؟
أحسـستُ أنَّ آخرَ المـمرِّ هو آخر الكَونِ .. و أنا لم أَعُد أعلمُ أَيْـني .. لا أدري كيفَ التــقطت عينَاي الكليلتانِ لافتةً تشيرُ إلى غرفَةِ الوِفَياتِ .. حائطٌ بـناه عاملٌ لا يُدرِكُ مــا يفعلُ .. يفصلُ به بينَ الحياةِ و الموتِ .. و أنا لا أزال أسيرُ ، كأنَّ الطريقَ لا تنتَهي و لكن فجأةً وصلنَا أمام بابٍ مُوارَبٍ قليلا .. أشارَ الرجلُ بلامُبالاةٍ إلى الغرفـةِ و قَالَ : إنهم هُنا .. و لكن هل يمكنُ ذلكَ حقًّا : أن يُوجِّـهَكَ رجلٌ لا تعرفُ حتّى اســــمَهُ و لا يهتم بـمعرِفَتِكَ .. أن يُوَجِّهَــك إلى .. حيثُ الـحياة أو الموت .. وقفتُ برهةً أخـشى الدخولَ .. أصَــختُ السمعَ .. ما الذي أصابَ حواسي لــحظَتَها ؟ يرتَفِعُ الوجــيبُ و أخشى من سُؤالٍ جَديدٍ .. سُرعانَ ما زَعزَعَني : هل تُقدِّمُ الممرضةُ إلـيَّ لـفافةً بيضاءَ و تقولُ بحُنُوٍّ مُصطَنَعٍ : أَبشِر إنَّه الصـبي الذي انتظَرتَه .. ها قد جَاءَ .. أم يُوجِّهُني الطبيبُ بنظراتٍ نحوَ لُفافَةٍ بيضاءَ أيضًا و يقولُ بتعاطفٍ لا أُدركُ صِدقَه مِن زَيفه : لقد حذَّرتُكم قبلَ أشهرٍ ، و لـم نستَطِع فِعلَ شيءٍ لها .. خشيتُ أن أدفعَ البابَ .. بابٌ صَنَعَهُ نَـجَّارٌ و هو يتابعُ بِبَصَرِهِ النَّهِمِ فتياتِ الحَيِّ .. صنَعَهُ يومـًا و لم يُدرِك أبدًا ما الذي يُـمكِنُ أن يُخفي وراءَهُ .. أسـمعُ هَمهَماتٍ مِن داخِلِ الغُرفَةِ .. تداخَلت مَعَ صَرخَاتٍ مِن داخِلي .. هل أقتحمُ الغرفةَ ؟ هل أهربُ ؟ إلـى أين ..؟
أنينُ النَّفسِ الـمُوجِعُ يُطبِقُ على أنفاسي فـأُحِسُّ ضيقًا هائلا .. الـخوفُ أحيانًا يدفَعُنا إلى نَفسِ الفِعلِ الذي نَقومُ به بدافعِ الشَّجاعةِ .. تَمتدُّ يدي نحوَ قبضةِ البابِ فِضيةِ اللَّونِ، يـخترقُ مَسمَـعي صريرٌ حادٌّ لن أنسَاه .. تتخلّى اليدُ عن تلكَ القبضةِ الـمبتعِدَةِ إلـى داخل الغرفةِ .. ينفَتِحُ البابُ كأنَّ غيري قامَ بِفتحِهِ .. لـم تَقَع عينَاي على أحدٍ .. فقـط ظهرت زاويةُ السَّريرِ الـحديديِّ و الـجزءُ السُّفلي مِن سُترةٍ طِبيةٍ بيضاءَ ..أحسـستُ حركاتٍ فـي الأجسادِ تلتفتُ تستطلع مَنِ القادمُ .. بِبَقيـةٍ مِن قُدرَةٍ و عزمٍ تقــدَّمتُ خُطوتَينِ داخلَ الغرفَةِ و تضخُّمٌ مـخيفٌ بصَدري كأنّـي سأنفجرُ .. توسطتُ الـمكانَ و نظرتُ أمامي : أذهَلَني كلُّ ذلكَ البياضُ .. بياضٌ شديدٌ ناصعٌ ، تـمامًا مثلَ السَّوادِ .

فيصل الزوايدي

هـــــــــــتلر
22 - 10 - 2007, 00:55
شكرا لك على القصة الجميلة
بارك الله فيك..

عاشق السمراء
22 - 10 - 2007, 09:38
(( صباحك جميل!! ))

احساس ............ فيصل !!


...................................... تقديري !!

زنبقةُ الحرف
22 - 10 - 2007, 18:57
قصة جميلة ..
شكرا لك أخي

فيصل الزوايدي
24 - 10 - 2007, 02:25
أخي هتلر شكرا لهذا الاطراء و للدعم
دمت في خير
مع المودة

فيصل الزوايدي
24 - 10 - 2007, 02:26
أخي عاشق السمراء يسعدني هذا التفاعل الحميمي مع النص
دمت في خير
مع المودة

فيصل الزوايدي
24 - 10 - 2007, 02:27
أخت ملكة الحب شكرا لهذا الاطراء و للمرور الانيق الذي ارجو تكراره
دمت في خير
مع المودة

الاصايل انثى
07 - 11 - 2007, 02:31
ابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــداع

الاحساس
07 - 11 - 2007, 23:12
:baby::baby: القصه روعه الله يوفقك:baby::baby:

فيصل الزوايدي
08 - 11 - 2007, 01:16
الاخت الاصايل انثى تعليق موجز جدا لكنه مؤثر بشدة .. أنا ممتن لهذا الدعم الباذخ
دمت في خير
مع مودتي

فيصل الزوايدي
08 - 11 - 2007, 01:18
أخي الاحساس شكرالا لهذا الاطراء و للمشاعر الراقية
دمت في خير
مع مودتي

بسمة عذاب
10 - 11 - 2007, 21:06
قصة جميلة

بوركت اخي على مجهودك الرائع

فيصل الزوايدي
16 - 11 - 2007, 01:28
قصة جميلة

بوركت اخي على مجهودك الرائع
أخت موجة حزن أسعدني تفاعلك مع القصة و انا ممتن لهذه المشاعر النبيلة
مع المودة

عاصفة الحب
17 - 11 - 2007, 18:57
مشووووووووور على الموضوع الرائع

فيصل الزوايدي
21 - 11 - 2007, 17:50
مشووووووووور على الموضوع الرائع
اخت عاصفة الحب الشكر لك انت لهذا المرور الانيق و للاطراء
دمت في خير
مع المودة

أميرة الأحزان
06 - 12 - 2007, 09:02
قصة جميلة
شكرا لك

تحياتي

فيصل الزوايدي
20 - 12 - 2007, 02:18
قصة جميلة
شكرا لك

تحياتي

أخت صابرة شكرا لدعمك و لاطرائك الباذخ
دمت في خير و كل عام و انت بكل الخير
مع الود

الوفا طبعي
23 - 12 - 2007, 22:20
سلمت يداك على القصة

تحياتي اختك طبعي الوفا

فيصل الزوايدي
31 - 12 - 2007, 01:15
سلمت يداك على القصة

تحياتي اختك طبعي الوفا
اختي الوفا طبعي أسعدني مرورك كثيرا و انا ممتن لدعمك و لمشاعرك الراقية
دمت في خير
مع الود