ahmed talaat
18 - 02 - 2007, 23:41
الجزء الأول
- "هذه أول أزمه تصيب حبنا نعم طالما آلمنى الفراق الهين وأجهدنى الشوق الى اللقاء وعذبنى الدلال أما الوداع أما الرحيل الى قنا فذا أمر جديد يدفع الى نفسى شعور بالحزن لا عهد لها به فهلا عدلت عن السفر"
-" لو كان الأمر الى ما رغبت نفسى أدنى رغبه فى السفر فما أحفل بقضاء الشتاء فى أعالى الصعيد بعض احتفالى بالقرب منك كيما أواصل هذا اللقاء السعيد ولكن ما حيلتى وهذا ما يريده أبى ويفعله منذ أحيل الى المعاش ولقد اعتاد أن يمضى شهرا أو شهرين من الشتاء فى قنا عند عمى الدكتور"
- "يستطيع عقلى أن يتصور المعجزات ولا يستطيع أن يتصور ما عسى أن تكون عليه حياتى فى هذين الشهرين فهذا الحب غدا حياه لشعورى وهذا اللقاء أمسى ألفه لنفسى أجد فيهما راحه بعد تعب وعزاء بعد عن شوق دائم فما عسى أن أصنع بل ما يكون زادى وسلوتى؟".
فوضعت يدا خمريه على كتفه وهمست على أذنه : "هذا شعورى وهذا حزنى ولولا كراهيتى للعزاء لنصحت لك بالتعزى والتلهى فليس أمامنا سوى الصبر الجميل حتى ينطوى دهر الفراق ويتصل حبل اللقاء ومع هذا فما أسعدك وما أبأسنى".
- "كيف" ؟
- "لن أسعد بقراءة كلمه طوال مدة غيابى لأنك لا تستطيع أن تكتب الى أما أنت فتستطيع أن تطلع على همسات روحى كلما مكنتنى الفرص من الكتابه اليك فأينا أسعد حظا ؟"
- "من تؤاتيه فرص التعبير فيخفف من مراجل عاطفته "
وهنا ظللت وجهه سحابة كدر وسألها بعد تردد : "هل لك أبناء عم ؟ "
-" نعم لى ولكنهم لم يجاوزوا عهد الطفوله بعد ولو كان الأمر كما تتوهم ما أوجب أدنى خوف أيها الرعديد الغيور والآن هات فمك أودعك وهيا نقول معا الكلمة المروعة التى تفزع لها القلوب : أستودعك الله" .
من الغد يصبح لنا فى قنا حبيبان عزبزان : حبيبة القلب مريم وصديق الصبا وزميل عهد الدراسه أحمد صادق المدرس بمدرسة قنا ولكنه بينما يتصل بصديقه بالكتابه ولكنه محروم بحكم الظروف من اتمام هذا الاتصال الروحى بحبيبته لأن حبهما ما زال سرا لما يدر بأمره الأهل ...
وانقضت أربعة أيام ووصله منها كتاب جاء فيه :
{حبيبى نور : أعجب لهذه الوحشه كيف تجثم على صدرى وأنت معى نعم أنت معى لم تفارقنى لحظة سواء فى ضجيج النهار أو فى سكون الليل معى وأنا أرسل الطرف فى نافذة القطار أشاهد الحقول الممتده وأشجار النخيل المبعثره معى وأنا بين أهل عمى أتلقى الأحاديث وارد علبها واضاحك هذا وأسمع لذاك معى فى كل مكان وكل حين فلا عجب لنفسى بعد ذلك أن هزها الحنين اليك أو ألهبها الشوق عذابا وجوى . وأرجو ألا تتهمنى بالتكاسل عن الكتابه اليك فبيت عمى عامر بالاطفال وهم لا يتركوننى أخلو الى نفسى وقد انبعثت كلمات هذا الكتاب من شعورى وامتلأ بها عقلى وتمثلت فى حواسى وحفظتها عن ظهر قلب قبل أن تؤاتينى الفرص فأسطرها لك خلسه على ضوء القمر المتسلل من نافذة حجرتى والعيون قد أغمضها عنى المنام فاعذرنى ان تأخرت عنك رسالتى وارجع ان شئت الى قلبك فاعتقادى أنه يملى عليك عن لسانى ما أحب أن أقوله اليك دائما . أما عن قنا فجوها دافىء وجميل وما عدا ذلك فنحن فى منفى ولولا ما يلقاه أبى قيها من صحة وعافية ما تركته يسكن اليها لحظه من الزمان} .
فأخذ من الكتاب كل ما استطاع أن يمنحه من العزاء والسعاده وكان صديقه لا ينقطع عن مراسلته وان خلت كتاباته من الطرافه والجد فهى التحيات المحفوظه وبث الأشواق والتلهف على ادبار العام الدراسى واقبال العطله الصيفيه الا أنه أضاف الى هذه المحفوظات فى آخر خطاب ما نصه :{ طالما قلت لك أنى أعيش فى قنا كما عاش أبونا آدم فبل أن يخلق الله منه أمنا حواء لا يقع بصرى على امرأه قط ولكن وقع بالأمس ما يعد حدثا تاريخيا فى حياة قنا اذ حضر الدكتور سامى الى البستان العمومى وفى صحبته فتاه جميله سافرة الوجه فهز البلد وزلزل كيانه انه رجل جسور لا يعبأ بآراء المتزمتين وتجده دائما على استعداد للرد على تطفل المتطفلين بما يجعله مثلا وعبره ولم يلبث حتى شاع الأمر بين الموظفين والمدرسين والمهندسين فهرعوا الى البستان وهم يسوون رباط الرقبه ويحكمون أوضاع الطربوش على رؤوسهم فلو رأيت البستان حينذاك حسبته حديقة غناء فى مصر الجديده أو قصر النيل انها شابه جميله تحمل فى طياتها عطر القاهرة المعبق فليهنأ قفر قنا بهذ العطر العذب} .
فخفق قلبه لدى مطالعة هذا الكتاب ولم يداخله شك فى معرفة صاحبة الشخصيه الجميله . ياله من كلام يثير فرحا وألما والألم فيه أكثر أيجوز أن تسعد قنا ومن فيها بحبيبته ويبقى هو فى القاهرة تسيل نفسه حسرات عليها .
وهم أن يكتب لصديقه كتابا يعلنه فيه أن الفتاه هى حبيبته اليوم وخطيبته غدا ولكنه جفل من هذا الاعلان ووجد رغبه خفيه أن يكتمه اياه وان يطلب منه أن يوافيه بأخبارها التى تستحق الروايه والحديث
ألا يعد هذا تجسسا منه على حبيبته ؟ وهل يجوز هذا فى شرع المحبين ؟ أوليس الافضل أن يربأ بنفسه أن يضع حبيبته موضع الاتهام والظنه ؟
ولكن عاطفة الندم هذه لم تستطع أن تقهر عواطف قلبه الجياشه السوداء فكتب الى صديقه بما أملت عليه شكوكه من بادىء الأمر وبعد حين وصله كتاب ثان من صديقه جاء فيه : {تغير كل شىء فى قنا وكل شىء فى حياتى ولم تعد قنا قبرا موحشاه فاغرا فاه مكشرا عن أنيابه كيف يكون هذا وأنا مطمئن الى أنى سأحظى اصيل كل يوم برؤية ذلك الوجه السافر المبتسم الذى يحيى موات النفوس ويبعث مصفر الأمل ما أجملها وما أعذبها . علمت الآن انها ابنة أخى مفتش الصحه أو هذا ما علمته قنا عامة أو شبابها خاصة ان جميع العيون تلتهمها التهام جوع فلعل فى هذا ما يثير الغيره فى نفوس الآباء الموظفين فتشجعهم على الاستهتار بتقاليد الصعيد وأهله وابراز بناتهم للعيان ومهما يكن من أمر فنحن الرابحون . لا تخش على أخيك من قهر فهو بطل صنديد وشخصيه لا يشق لها غبار وان عينى لتنفذان من بين العيون جميعا وتجذبان عينيها الى. فصبرا ولتعلمن بعد حين فى أى مخبىء من مخابىء القدر كانت تنتظره هذه المفاجئات} .
ما هذا الذى يقوله أحمد صادق من أن عينيه تجذبان اليه عينيها ؟ ان لعينى صاحبه أن تجذبا كيف تشاءان ؟ أما عينى حبيبته فلما تنجذبان وتسجيبان ؟ هلا يكون ذلك مجرد نظر برىء فسره صديقه علىما يهوى غروره ويحب ؟ انه لا يشك ابدا فى اخلاص مريم ولكن ينبغى أن ينسى أن لصاحبه عينين جميلتين يحس قيهما الناظر سخونه فى أعصابه ولذعة فى قلبه وهو الى ذلك مدرس محترم من حملة الدبلومات العاليه ومن ذوى المستقبل السعيد أما هو هو فلم يزد على أن يكون موظفا صغيرا كل مؤهلاته شهادة البكالوريا ومستقبله مظلم محدود أفلا يكون لكل هذه الفوارق أثرا فى الحب ؟
وفى ذلك الوقت أتاه كتاب من مريم فانكب عليه بلهفه وتلاه مره بعد أخرى ولم يكن يخرج من معناه عن رسالتها الأولى فتزعزعت شكوكه وعاودته الثقه وحمل غرور صديقه اثم ما جنى عليه كتابه من الشك والعذاب ولكنه تسلم رساله من صديقه بعد أسبوع جاء فيها :{ كن على يقين من أن العاطفه الناميه لم تعد قاصره على طرف واحد فعينا الفتاه واسمها مريم تقتحمان الحاضرين من الشباب وتستقران على أنا انى أطالع فى وجهها عند حضورى سيما الشوق والتطلع تحاول ان تخفيهما بعدم اكتراث مفتعل وأقرأ فى عينيها استجابات خفيه لرسائلى الصامته الملتهبه واستشف أحيانا على فمها ابتسامه خفيفه ولعلها تخاطب عمها أو أحد أبنائه الصغار وهى تعنينى لا تدهش لأقوالى فانى أطاردها فى اصرار وأتتبعها فى عناء واخاطبها بصوت مكتوم تنبىء به عنى شفتاى المتحركتان وقد اقتربت منى مره وهى تلاعب طفلا من أبناء عمها وسمعتها تقول له أو لى ان شئت : دائما فى أعقابى فماذا تصنع لو رجعت الى مصر ؟ فقلت لها بصوت مسموع : لعلك لا تعودين . والآن أفتنى فانك خبير طبيب عالم بأحوالى هل أقدم أم حسبى ما ذقت من لذه بريئه واولى ظهرى ودا لن ينتهى بالتئام ؟ ان ثمرة الحب ناضجه دانيه تنتظر من يقتطفها ما رأيك ؟}.
- "هذه أول أزمه تصيب حبنا نعم طالما آلمنى الفراق الهين وأجهدنى الشوق الى اللقاء وعذبنى الدلال أما الوداع أما الرحيل الى قنا فذا أمر جديد يدفع الى نفسى شعور بالحزن لا عهد لها به فهلا عدلت عن السفر"
-" لو كان الأمر الى ما رغبت نفسى أدنى رغبه فى السفر فما أحفل بقضاء الشتاء فى أعالى الصعيد بعض احتفالى بالقرب منك كيما أواصل هذا اللقاء السعيد ولكن ما حيلتى وهذا ما يريده أبى ويفعله منذ أحيل الى المعاش ولقد اعتاد أن يمضى شهرا أو شهرين من الشتاء فى قنا عند عمى الدكتور"
- "يستطيع عقلى أن يتصور المعجزات ولا يستطيع أن يتصور ما عسى أن تكون عليه حياتى فى هذين الشهرين فهذا الحب غدا حياه لشعورى وهذا اللقاء أمسى ألفه لنفسى أجد فيهما راحه بعد تعب وعزاء بعد عن شوق دائم فما عسى أن أصنع بل ما يكون زادى وسلوتى؟".
فوضعت يدا خمريه على كتفه وهمست على أذنه : "هذا شعورى وهذا حزنى ولولا كراهيتى للعزاء لنصحت لك بالتعزى والتلهى فليس أمامنا سوى الصبر الجميل حتى ينطوى دهر الفراق ويتصل حبل اللقاء ومع هذا فما أسعدك وما أبأسنى".
- "كيف" ؟
- "لن أسعد بقراءة كلمه طوال مدة غيابى لأنك لا تستطيع أن تكتب الى أما أنت فتستطيع أن تطلع على همسات روحى كلما مكنتنى الفرص من الكتابه اليك فأينا أسعد حظا ؟"
- "من تؤاتيه فرص التعبير فيخفف من مراجل عاطفته "
وهنا ظللت وجهه سحابة كدر وسألها بعد تردد : "هل لك أبناء عم ؟ "
-" نعم لى ولكنهم لم يجاوزوا عهد الطفوله بعد ولو كان الأمر كما تتوهم ما أوجب أدنى خوف أيها الرعديد الغيور والآن هات فمك أودعك وهيا نقول معا الكلمة المروعة التى تفزع لها القلوب : أستودعك الله" .
من الغد يصبح لنا فى قنا حبيبان عزبزان : حبيبة القلب مريم وصديق الصبا وزميل عهد الدراسه أحمد صادق المدرس بمدرسة قنا ولكنه بينما يتصل بصديقه بالكتابه ولكنه محروم بحكم الظروف من اتمام هذا الاتصال الروحى بحبيبته لأن حبهما ما زال سرا لما يدر بأمره الأهل ...
وانقضت أربعة أيام ووصله منها كتاب جاء فيه :
{حبيبى نور : أعجب لهذه الوحشه كيف تجثم على صدرى وأنت معى نعم أنت معى لم تفارقنى لحظة سواء فى ضجيج النهار أو فى سكون الليل معى وأنا أرسل الطرف فى نافذة القطار أشاهد الحقول الممتده وأشجار النخيل المبعثره معى وأنا بين أهل عمى أتلقى الأحاديث وارد علبها واضاحك هذا وأسمع لذاك معى فى كل مكان وكل حين فلا عجب لنفسى بعد ذلك أن هزها الحنين اليك أو ألهبها الشوق عذابا وجوى . وأرجو ألا تتهمنى بالتكاسل عن الكتابه اليك فبيت عمى عامر بالاطفال وهم لا يتركوننى أخلو الى نفسى وقد انبعثت كلمات هذا الكتاب من شعورى وامتلأ بها عقلى وتمثلت فى حواسى وحفظتها عن ظهر قلب قبل أن تؤاتينى الفرص فأسطرها لك خلسه على ضوء القمر المتسلل من نافذة حجرتى والعيون قد أغمضها عنى المنام فاعذرنى ان تأخرت عنك رسالتى وارجع ان شئت الى قلبك فاعتقادى أنه يملى عليك عن لسانى ما أحب أن أقوله اليك دائما . أما عن قنا فجوها دافىء وجميل وما عدا ذلك فنحن فى منفى ولولا ما يلقاه أبى قيها من صحة وعافية ما تركته يسكن اليها لحظه من الزمان} .
فأخذ من الكتاب كل ما استطاع أن يمنحه من العزاء والسعاده وكان صديقه لا ينقطع عن مراسلته وان خلت كتاباته من الطرافه والجد فهى التحيات المحفوظه وبث الأشواق والتلهف على ادبار العام الدراسى واقبال العطله الصيفيه الا أنه أضاف الى هذه المحفوظات فى آخر خطاب ما نصه :{ طالما قلت لك أنى أعيش فى قنا كما عاش أبونا آدم فبل أن يخلق الله منه أمنا حواء لا يقع بصرى على امرأه قط ولكن وقع بالأمس ما يعد حدثا تاريخيا فى حياة قنا اذ حضر الدكتور سامى الى البستان العمومى وفى صحبته فتاه جميله سافرة الوجه فهز البلد وزلزل كيانه انه رجل جسور لا يعبأ بآراء المتزمتين وتجده دائما على استعداد للرد على تطفل المتطفلين بما يجعله مثلا وعبره ولم يلبث حتى شاع الأمر بين الموظفين والمدرسين والمهندسين فهرعوا الى البستان وهم يسوون رباط الرقبه ويحكمون أوضاع الطربوش على رؤوسهم فلو رأيت البستان حينذاك حسبته حديقة غناء فى مصر الجديده أو قصر النيل انها شابه جميله تحمل فى طياتها عطر القاهرة المعبق فليهنأ قفر قنا بهذ العطر العذب} .
فخفق قلبه لدى مطالعة هذا الكتاب ولم يداخله شك فى معرفة صاحبة الشخصيه الجميله . ياله من كلام يثير فرحا وألما والألم فيه أكثر أيجوز أن تسعد قنا ومن فيها بحبيبته ويبقى هو فى القاهرة تسيل نفسه حسرات عليها .
وهم أن يكتب لصديقه كتابا يعلنه فيه أن الفتاه هى حبيبته اليوم وخطيبته غدا ولكنه جفل من هذا الاعلان ووجد رغبه خفيه أن يكتمه اياه وان يطلب منه أن يوافيه بأخبارها التى تستحق الروايه والحديث
ألا يعد هذا تجسسا منه على حبيبته ؟ وهل يجوز هذا فى شرع المحبين ؟ أوليس الافضل أن يربأ بنفسه أن يضع حبيبته موضع الاتهام والظنه ؟
ولكن عاطفة الندم هذه لم تستطع أن تقهر عواطف قلبه الجياشه السوداء فكتب الى صديقه بما أملت عليه شكوكه من بادىء الأمر وبعد حين وصله كتاب ثان من صديقه جاء فيه : {تغير كل شىء فى قنا وكل شىء فى حياتى ولم تعد قنا قبرا موحشاه فاغرا فاه مكشرا عن أنيابه كيف يكون هذا وأنا مطمئن الى أنى سأحظى اصيل كل يوم برؤية ذلك الوجه السافر المبتسم الذى يحيى موات النفوس ويبعث مصفر الأمل ما أجملها وما أعذبها . علمت الآن انها ابنة أخى مفتش الصحه أو هذا ما علمته قنا عامة أو شبابها خاصة ان جميع العيون تلتهمها التهام جوع فلعل فى هذا ما يثير الغيره فى نفوس الآباء الموظفين فتشجعهم على الاستهتار بتقاليد الصعيد وأهله وابراز بناتهم للعيان ومهما يكن من أمر فنحن الرابحون . لا تخش على أخيك من قهر فهو بطل صنديد وشخصيه لا يشق لها غبار وان عينى لتنفذان من بين العيون جميعا وتجذبان عينيها الى. فصبرا ولتعلمن بعد حين فى أى مخبىء من مخابىء القدر كانت تنتظره هذه المفاجئات} .
ما هذا الذى يقوله أحمد صادق من أن عينيه تجذبان اليه عينيها ؟ ان لعينى صاحبه أن تجذبا كيف تشاءان ؟ أما عينى حبيبته فلما تنجذبان وتسجيبان ؟ هلا يكون ذلك مجرد نظر برىء فسره صديقه علىما يهوى غروره ويحب ؟ انه لا يشك ابدا فى اخلاص مريم ولكن ينبغى أن ينسى أن لصاحبه عينين جميلتين يحس قيهما الناظر سخونه فى أعصابه ولذعة فى قلبه وهو الى ذلك مدرس محترم من حملة الدبلومات العاليه ومن ذوى المستقبل السعيد أما هو هو فلم يزد على أن يكون موظفا صغيرا كل مؤهلاته شهادة البكالوريا ومستقبله مظلم محدود أفلا يكون لكل هذه الفوارق أثرا فى الحب ؟
وفى ذلك الوقت أتاه كتاب من مريم فانكب عليه بلهفه وتلاه مره بعد أخرى ولم يكن يخرج من معناه عن رسالتها الأولى فتزعزعت شكوكه وعاودته الثقه وحمل غرور صديقه اثم ما جنى عليه كتابه من الشك والعذاب ولكنه تسلم رساله من صديقه بعد أسبوع جاء فيها :{ كن على يقين من أن العاطفه الناميه لم تعد قاصره على طرف واحد فعينا الفتاه واسمها مريم تقتحمان الحاضرين من الشباب وتستقران على أنا انى أطالع فى وجهها عند حضورى سيما الشوق والتطلع تحاول ان تخفيهما بعدم اكتراث مفتعل وأقرأ فى عينيها استجابات خفيه لرسائلى الصامته الملتهبه واستشف أحيانا على فمها ابتسامه خفيفه ولعلها تخاطب عمها أو أحد أبنائه الصغار وهى تعنينى لا تدهش لأقوالى فانى أطاردها فى اصرار وأتتبعها فى عناء واخاطبها بصوت مكتوم تنبىء به عنى شفتاى المتحركتان وقد اقتربت منى مره وهى تلاعب طفلا من أبناء عمها وسمعتها تقول له أو لى ان شئت : دائما فى أعقابى فماذا تصنع لو رجعت الى مصر ؟ فقلت لها بصوت مسموع : لعلك لا تعودين . والآن أفتنى فانك خبير طبيب عالم بأحوالى هل أقدم أم حسبى ما ذقت من لذه بريئه واولى ظهرى ودا لن ينتهى بالتئام ؟ ان ثمرة الحب ناضجه دانيه تنتظر من يقتطفها ما رأيك ؟}.