المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا نتوجه للكعبة ؟



عمار النقيب
12 - 06 - 2006, 18:06
بسم الله الرحمن الرحيم




السؤال :

لماذا يتوجه المسلمون إلى الكعبة عند الصلاة ؟ هناك الحجر الأسود في الكعبة وما يخطر ببالي أن المسلمين يعبدون الحجر الأسود بصورة غير مباشرة ؟.



الجواب :

البداية في تحديد مفهوم العبادة ؛ لأن العبادة تشتمل على معنى الخضوع والذل والانقياد والطاعة ، فالعبد عندما يكون عابداً لشيء ما ، ينبغي أن يخضع ويذلّ له ، ويقف بين يديه ضعيفاً ذليلاً ، لا يملك من أمره شيئاً ، ثم يكون بعد ذلك طائعاً لهذا المعبود ، منقاداً له ، فأمره مستجاب ، ونهيه كذلك ، بمعنى أنه يفعل ما يأمره به ، ويترك ما ينهاه عنه .



لذا ؛ فإن من خلال هذا المفهوم الموجز للعبادة نستطيع بسهولة أن ندرك أن المسلمين لا يعبدون الكعبة ، ولا الحجر الأسود ، فهم لا يخضعون لها ولا يذلون ، وإنما يقدرّون ويحترمون ، وهم لا يتلقون شيئاً من الأوامر أو النواهي من الكعبة والحجر الأسود ؛ لأنهما لا يضران ولا ينفعان ، ولا يصدر عنهما شيء يمكن أن يكون فيه توجيه أو إرشاد ، ولذلك فالمسلمون لا يعبدون الحجر الأسود ولا الكعبة ، بل إن اعتقادهم يدل على مخالفة ذلك ومناقضته ، وقد ورد في الحديث الصحيح ، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -كان يطوف بالبيت ، ويقبّل الحجر الأسود ، ويخاطبه قائلاً : " إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ، ولولا أن رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبّلك ما قبّلتك أبداً " . وهذا في حقيقته تفسير ذلك الفعل ، فالتقبيل والتبجيل والتقدير لهذا الحجر إنما هو لتحقيق متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والاعتقاد الجازم أنه لا يضر ولا ينفع ، وأنه ليس له أدنى صورة ولا شبه ولا شيء من التعلق بالعبادة بحال من الأحوال .
وثمّة أمر آخر هو أن الإنسان بطبيعته وفطرته يحتاج إلى تمثيل المعاني في صور محسوسة ، فعلى سبيل المثال عندما يحب المرء إنساناً فتلك مشاعر قلبية ، وحقائق معنوية ، غالباً ما يسعى المرء بفطرته إلى التعبير عنها ، فيصور مادية ليست مغرقة في المادية ، لكنها تشير إلى الرمزية الدالة على هذه المعاني ، فقد يكتب له رسالة يذكر له بعض مشاعره أو ينظم له قصيدة يثني عليه يهديه هدية ذات مغزى قد لا تكون ثمينة في قيمتها ، لكنها جليلة في معناها ودلالتها .
وهكذا حال طبيعة الإنسان أن يجسد سائر المعاني والمشاعر في صورة معنوية ، والله - جل وعلا - عالم بالإنسان ألم يقل : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } جعل تعظيم العبد لله - عز وجل - وإعلانه لخضوعه له ، واستكانته لأمره ، جعله - سبحانه وتعالى - في صور محسوسة ، لكي تكون دلالتها الرمزية تحقق معنى العبودية ، وتشبع العاطفة والميل الإنساني إلى التعبير عن هذه المعاني في صور حسية . ومن عظمة ذلك ومزيته أن الله - عز وجل - جعله وجعل هذه الرمزية في كمال لا يمكن أن يكون إلا في التشريع الرباني .
الكعبة والبيت الحرام وغيرها إنما هي معانٍ وصور حسية رمزية لحقائق معنوية ، فالعبادة والخضوع لله وتعظيم القلب لله ، فالقلب ممتلئ من الخوف من الله ، والتوكل عليه ، وحسن الظن به ، والثقة به ، والإنابة إليه ، ولكن ذلك يترجم في ذكر يذكر به الله ، أو تلاوة تتلى بها لله ، أو صورة تكون فيها ركوع وسجود لله ، وجعلت الكعبة في العبادة وبالذات في الصلاة مركزاً للتعظيم والتوقير والإجلال لا لذاتها ، وإنما لعبادة الله ، وجعلت واحدة في مكان واحد لتعطي أيضاً مع معنى التعبد معنى الدلالة على منهج الوحدانية لله - عز وجل - .
فلذلك وباختصار شديد ليست العبادة للكعبة وحدها ، ولا للحجر الأسود ، وإنما لله - عز وجل - فكل الخضوع والذل ، وكل الاستجابة الطاعة لله - سبحانه وتعالى - ومن رحمته وحكمته أن جعل بعض معاني هذه العبودية تتجلى في صور حسية ؛ ليتوافق ذلك مع طبيعة وفطرة الإنسان في تعبيره وتعلقه بالمعاني والأحاسيس والمشاعر كما ذكرنا في مثال الحب ... والله أعلم .

اجاب عليه

د. علي بن عمر بادحدح

منقول للفائــــــده باذن الله

سلسبيل الحياه
12 - 06 - 2006, 20:56
بارك الله فيك اخى العزيز عمار النقيب


للتوضيح والموضوع المهم


جزاك الله كل خير


ارق تحيه لك