جعفر الخابوري
10 - 02 - 2006, 10:42
كانت الهجرة من مكة إلى المدينة بداية الانطلاقة العملاقة للإسلام، حيث أسس رسول الله صلى الله عليه وسلم الدولة الاسلامية الأولى وجعلها مأوى لأهل الايمان الذين تضيق بهم أوطانهم فيشدون الرحال الى المدينة حيث الأمن والأمان، والسلامة والاسلام. ولما فتح الله تعالى على رسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين مكة المكرمة، وصارت دار إسلام بعد أن كانت دار كفر توقفت الهجرة من مكة الى المدينة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، واذا استنفرتم فانفروا« (البخاري).
وبعد انقضاء أسباب الهجرة المادية بقي من الهجرة معناها، فالمهاجر في مفهوم الاسلام ليس هو الذي يترك أرضا الى أرض أخرى بعد أن امتد نور الاسلام وبزغ فجره على أغلب بقاع الأرض، ولكن الهجرة لها معنى آخر. يقول صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه« (متفق عليه). نعم، فالمهاجر كامل الهجرة هو الذي يهجر ما نهاه الله تعالى عنه من معاص وآثام. وحديثنا اليوم عن الهجرة التي توافرت اسبابها، وتداعت احوال المسلمين بسبب غيابها. كانت هجرة المسلمين في العهد الأول الى الاسلام الذي قامت دولته في المدينة، وها نحن اليوم وبعد مرور ما يزيد على ألف وأربعمائة عام مضطرون الى الهجرة الى الاسلام من جديد بعد أن بعدت بيننا وبينه الشقة، وصار غريبا في ديارنا، أو صرنا نحن الغرباء في دياره، وصدق فينا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء. قالوا: يا رسول الله وما الغرباء؟ قال: الذين يصلحون عند فساد الناس« (مسلم). نعم نحن أشد ما نكون اليوم حاجة الى الهجرة الى الاسلام من جديد.. الى قيمه ومبادئه ومثله التي بهرت العقول، وشدت انتباه اعدائه قبل اصدقائه، والجاحدين له قبل المؤمنين به. الاسلام الذي بزغ فجره في اشد حالات الظلمة والتخلف فأنار البصائر قبل الابصار، وفتح في النفوس العطشى لليقين آفاقا رحبة من السمو والرفعة وجلال القيم والفضائل. كان العرب في بداية الدعوة المباركة يتطلعون الى شريعة ترفع من شأنهم، وتأخذ بأيديهم الى سواء السبيل، فلما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الاسلام وجدوا فيه ضالتهم، فتداعوا اليه يحملونه في قلوبهم، ويرفعون لواءه بين الناس فرحين بأنهم الأمة المختارة التي صنعها الله تعالى على عينه لترث مواريث الأنبياء، ولتكون خير أمة أخرجت للناس، تحمل لواء الدعوة الى الخير، وتكون ميزانا عدلا تنصف اصحاب الحقوق، وترفع عن كواهل المظلومين الأثقال التي طالما حملوها ظلما وعدوانا «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله« (آل عمران/ 110). وكان لهذه الأمة مهمة اخرى غير مهمة البلاغ، كان لها مهمة الانصاف واعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم، فكان لابد ان تتصف بصفة اخرى هي الوسطية والعدل، فقال تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا« (البقرة/143). ان هجرة المسلمين الى الاسلام من جديد هجرة في صالح البشرية، ومن اجل أمنها واستقرارها ورخائها، فالهجرة الى الاسلام تعني عودة الى القيم العليا، والى المثل السامية، الى العدل والصدق والرحمة والانصاف. الهجرة الى الاسلام تعني احياء الفضائل الحسنة، واعادة الاعتبار الى القيم النبيلة، والى الاتقان في العمل، والانصاف بين الناس. ان المسلمين وهم يتلمسون طريقا سويا من اجل العودة الحميدة الى الاسلام الأول الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحض أتباعه على التمسك به والعمل بمقتضاه، والتخلق بأخلاقه، وتمثل قيمه العظمى ومحاسنه السامية لهم الجديرون بقيادة ركب الحياة الهادر، وحمل اعباء الدلالة للناس على الخير، ونصحهم بالتي هي أحسن، من دون ان يكون ذلك النصح اشعارا للناس بالاستعلاء أو التكبر أو التميز.
وبعد انقضاء أسباب الهجرة المادية بقي من الهجرة معناها، فالمهاجر في مفهوم الاسلام ليس هو الذي يترك أرضا الى أرض أخرى بعد أن امتد نور الاسلام وبزغ فجره على أغلب بقاع الأرض، ولكن الهجرة لها معنى آخر. يقول صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه« (متفق عليه). نعم، فالمهاجر كامل الهجرة هو الذي يهجر ما نهاه الله تعالى عنه من معاص وآثام. وحديثنا اليوم عن الهجرة التي توافرت اسبابها، وتداعت احوال المسلمين بسبب غيابها. كانت هجرة المسلمين في العهد الأول الى الاسلام الذي قامت دولته في المدينة، وها نحن اليوم وبعد مرور ما يزيد على ألف وأربعمائة عام مضطرون الى الهجرة الى الاسلام من جديد بعد أن بعدت بيننا وبينه الشقة، وصار غريبا في ديارنا، أو صرنا نحن الغرباء في دياره، وصدق فينا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء. قالوا: يا رسول الله وما الغرباء؟ قال: الذين يصلحون عند فساد الناس« (مسلم). نعم نحن أشد ما نكون اليوم حاجة الى الهجرة الى الاسلام من جديد.. الى قيمه ومبادئه ومثله التي بهرت العقول، وشدت انتباه اعدائه قبل اصدقائه، والجاحدين له قبل المؤمنين به. الاسلام الذي بزغ فجره في اشد حالات الظلمة والتخلف فأنار البصائر قبل الابصار، وفتح في النفوس العطشى لليقين آفاقا رحبة من السمو والرفعة وجلال القيم والفضائل. كان العرب في بداية الدعوة المباركة يتطلعون الى شريعة ترفع من شأنهم، وتأخذ بأيديهم الى سواء السبيل، فلما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الاسلام وجدوا فيه ضالتهم، فتداعوا اليه يحملونه في قلوبهم، ويرفعون لواءه بين الناس فرحين بأنهم الأمة المختارة التي صنعها الله تعالى على عينه لترث مواريث الأنبياء، ولتكون خير أمة أخرجت للناس، تحمل لواء الدعوة الى الخير، وتكون ميزانا عدلا تنصف اصحاب الحقوق، وترفع عن كواهل المظلومين الأثقال التي طالما حملوها ظلما وعدوانا «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله« (آل عمران/ 110). وكان لهذه الأمة مهمة اخرى غير مهمة البلاغ، كان لها مهمة الانصاف واعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم، فكان لابد ان تتصف بصفة اخرى هي الوسطية والعدل، فقال تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا« (البقرة/143). ان هجرة المسلمين الى الاسلام من جديد هجرة في صالح البشرية، ومن اجل أمنها واستقرارها ورخائها، فالهجرة الى الاسلام تعني عودة الى القيم العليا، والى المثل السامية، الى العدل والصدق والرحمة والانصاف. الهجرة الى الاسلام تعني احياء الفضائل الحسنة، واعادة الاعتبار الى القيم النبيلة، والى الاتقان في العمل، والانصاف بين الناس. ان المسلمين وهم يتلمسون طريقا سويا من اجل العودة الحميدة الى الاسلام الأول الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحض أتباعه على التمسك به والعمل بمقتضاه، والتخلق بأخلاقه، وتمثل قيمه العظمى ومحاسنه السامية لهم الجديرون بقيادة ركب الحياة الهادر، وحمل اعباء الدلالة للناس على الخير، ونصحهم بالتي هي أحسن، من دون ان يكون ذلك النصح اشعارا للناس بالاستعلاء أو التكبر أو التميز.