كلمة حق
19 - 09 - 2005, 17:43
في البداية أحب أن أوضح للقارئ بأن القرقيعان
كلمة ليس لها وجود في معاجم اللغة العربية بل هي كلمة عامية
مقتبسة من معنى الفعل إذ القرقيعان من قرع الأبواب.
وهناك عدة تسميات لهذا الإحتفال ومن هذه الأسماء ما يلي:
1- القريقعان: وهذه التسمية مشتقة من قرع الأبواب وقيل من الأصوات
الصادرة عن الحلوى والمكسرات عندما تتحرك داخل الكيس
الذي يكون معلقا على أعناق الأطفال وقيل هي صوت الحجارة البحرية
يضربون بعضها ببعض أثناء التجوال فتصدر قرقعة، وهذا يكون عند الشباب.
وغير ذلك من التفسيرات .
2-الكركيعان: والكاف بنطق عجم فارس وهي كالمعنى الأول.
3- (حل وعاد ) أو (حال وعاد ): وهذه بمعنى حال عليه الحول وعاد أو حل
علينا مرة أخرى وكما في نشرة للشيعه كتب عليها ( حل وعاد بالخير والبركات ).
4-الناصفاء أو الناصفة: وهذه التسمية نسبة إلى وقت المناسبة وهي
النصف من الشهر الخامس عشر من شعبان، والخامس عشر من رمضان.
5-ليلة النافلة.
6-ليلة القرقشان.
7-الكركيشون.
8-حق الليلة.
9-الشعبانية: نسبة للنصف من شعبان.
وغير ذلك من التسميات وكما هو معروف إذا عظم شئ عند قوم
كثرت أسمائه فلكل قطر تسمية تختلف عن القطر الأخر بحكم اختلاف اللهجات.
ولكن الجميع متفق على تسميته بالقرقيعان فهي الأكثر شهرة علما
بان هيئة الأفعال متشابهة إن لم تكن متطابقة في أكثر هذه المناطق.
المبحث الثاني: وصف هذا الإحتفال. اعتاد الناس في يوم وليلة الخامس عشر من شعبان
وبعضهم في الخامس عشر من رمضان أيضا وهم الأكثر، بأن يحتفلوا
إحتفالا عاما يشارك فيه الجميع الكبار والصغار الذكور والإناث والمحلات التجارية
وبعض الجمعيات والفنادق والأندية الرياضية.
1- مشاركة المحلات التجارية: توفير الحلويات والمكسرات بكميات كبيرة وما أكثر
ما يعرض من الكميات التالفة وبعضهم يجهزها على شكل علب ويختلف أسلوب العرض
من محل لآخر بأسعار مختلفة على حسب التجهيز والكمية والطلب، بل نافسة
بعض الفنادق بالتجهيز الكامل والله المستعان.
2- مشاركة الكبار: وذلك يكون بالاستعداد والإعداد والتجهيزات من الكبار بتوفير
الحلوى والمكسرات قبل الإحتفال بيومين أو أكثر من المحلات التجارية وتجهيز
أكياس خاصة للصغار يضعونها على رقابهم وكل هذا من اجل إعطاء السائلين.
3- مشاركة الصغار: وبالنسبة للصغار فإنهم يجعلون على أعناقهم وصدورهم كيساً
قد أعد لهذه المناسبة.
ثم يتجولون في الحارة أو القرية يقرعون الأبواب و يسألون الناس أن يعطوهم مما عندهم
سواء كان من الحلوى أو من المكسرات أو غير ذلك، وبعض الأغنياء يوزعون نقوداً.
4- أيامه التي يعمل فيها: يعمل في الخامس عشر من شعبان كما يردد الأطفال في
قولهم ( قرقع قرقع قريقعان بين قصير ورمضان ). وقصير هذا يعنون به شهر شعبان.
ومنهم من يبدأ فقط في الخامس عشر من رمضان.
ومنهم من يعمله في شعبان ورمضان.
لماذا تحديد هذه الأيام فقط ؟ النصف من شعبان ! والنصف من رمضان !
هذا ما سيأتي في المبحث الثالث.
5- وقته الذي يمارس فيه: يبدأ في ممارسته من المغرب إلى منتصف الليل وفي بعض
المناطق من الصباح إلى الليل.
6- بعض العبارات التي تردد فيه: من هذه العبارات ( قرقع قرقع قرقيعان )
يعني طرقاً طرقاً للأبواب ( أعطونا الله يعطيكم، بيت مكه يوديكم، يا مكه يا المعمورة).
ومنها ( أعطونا من مال الله ).
ومنها ( يجيب المكده يالله، يحطه في كم أمه يا لله، يا شفيع الأمة ؟؟؟!!! ).
ومن أعطاهم شكروه ودعوا له ومن لم يعطهم ذموه وسبوه بل
ربما تعرض للإعتداء برمي الحجارة وشيء من الأذى، ثم بعد ذلك
يعودون أدراجهم بهذا الكسب لأن حقائب الرقاب قد امتلأت بل ربما
عاد إلى البيت وفرغ الأولى ثم التحق بالركب إلى الدار التي وصلوها
وهكذا حتى منتصف الليل.
مع العلم بأن قبل هذا اليوم وبعده لا يفعل شيٌ من ذلك وهكذا في كل
عام، يستعدون ويفعلون نفس هذا الأفعال ويرددون هذه الألفاظ.
المبحث الثالث: نبذة تاريخية: عن مكان. وزمان هذا الإحتفال.
و أسباب فعله.
إن مما يثير الدهشة والإستغراب والتساؤل انحصار هذا الإحتفال في
هذه المنطقة دون سواها من المناطق والبلدان الإسلامية وهذا يدفعنا
للنظر في تأريخ المنطقة وحال السكان والمتغيرات التي قد يكون من
خلالها استشفاف سبب انحصار هذا الإحتفال عليها دون ما سواها
من باقي المناطق والدول الإسلامية إذ أن فعل أمرٍ ما في منطقة دون
غيرها يدل على ارتباط تاريخي لها وسبب لإحداث هذا الإحتفال فيها.
وفي الحقيقة ليس هناك زمن معين نستطيع أن نحدده بالدقة لبداية هذا
الإحتفال، وبعد الرجوع إلى كتب التأريخ التي تكلمت عن المنطقة نجد
أن هذه المنطقة قد تعاقبت عليها دول وأمم كالفرس فقد يكون من
أعياد الفرس كما قيل.
وحكمها القرامطة مدة طويلة، وقد رضخت هذه المنطقة تحت الحكم
البرتغالي الصليـبي الحاقد فترة ليست باليسيرة تقارب نصف قرن وذلك
في القرن العاشر الهجري من سنة. ( 921هـ ) إلى سنة
( 957هـ وقيل إلى سنة 968 هـ ) كما ذكر ذلك مؤرخو المنطقة.
ولاشك أن للغالب أثراً على المغلوب لاسيما وهذا الغالب من الصليبين
وقد عرفوا بالاهتمام بأعيادهم وطقوسهم التعبدية ومنها الإحتفالات
التي لها أفعال خاصة وأزمنة خاصة وبحكم تواجدهم في المنطقة ووجود
حامية لهم فيها فلا يمنع أنهم كانوا يقيمون شعائرهم ومنها
عيد الحلوين، وقيل عيد الهلوين، وقيل الباربار الذي يفعل كل سنة ويكون
في أواخر شهر أكتوبر ووصف عيد الهلوين كالتالي.
في هذا اليوم عندهم يجتمع الأطفال ويحملون معهم سلال ويتجولون
على المنازل ويقرعون الأبواب ويعطون الحلوى وإذا أعطوا شكروا
المعطي وان حرموا ابدوا تذمرهم فأصدروا أفعالاً و أقوالاً توضح ضجرهم.
فلعلها انتقلت بسببهم إلى المنطقة بحكم السيطرة والجوار، وتم مع الزمن
تغيير بعض الأفعال والعبارات فأصبح الإحتفال على الوضع الموجود
ألآن والمسمى بالقرقيعان.
ولكن هناك من يستبعد نسبة هذا الإحتفال للنصارى ؟؟
أقول: لا يستبعد مثل هذا ولا يستغرب فهناك شَبه يولد إشتباه فترك
الشُبهة مطلوب وأتباع اليقين سلامة في الخروج من مشابهة النصارى
في أعيادهم وغيرها.
ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مشابهة الفرس وأهل الكتاب
وأخبر أن الأمة ستسلك مسلكهم وتتبع سننهم
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( ثم لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر
وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم فقال ومن الناس إلا أولئك ) .
وسيأتي في المبحث الرابع مزيد تفصيل في حكم المشابهة، لان من تشبه
بقوم حشر معهم يوم القيامة نسأل الله السلامة.
وهناك من يقول إن هذا الإحتفال يعود سببه إلى بعض الفرق التي تسكن
في المنطقة وهم ( الشيعة ) ويقوي هذا أنه بعد الرجوع لبعض كتاباتهم
تبين أن لهاتين الليلتين عندهم تعظيم وتمجيد كيوم العيد بل أشد.
وعندهم تقام فيهما إحتفالات وتعلق فيهما الرايات ويلبس فيهما الجديد
ويفرح فيهما كالعيد ففيه يوسعون على الأهل والأولاد ويتبرع فيه للأموات
وتحتسب فيه القربات وسبب تعظيمهم لهذا الليلة لان يومها يوافق
عيد مولد محمد الحسن العسكري المولود في 15 شعبان سنة232هـ
الذي يزعمون انه المهدي المنتظر الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم
وليس هو، بل هذا المهدي المزعوم ( عج ) ويعنون بها أنه
(حي غائب عجل الله فرجه ) ولهذا كان لهذا اليوم بهجة خاصة وهالة تناسبه عندهم.
ويسمونها ليلة ( الناصفاء، وحق الليلة، وحال وعاد بالخير والبركات )
وتقدم معاني هذه التسميات.
وكم رأيناهم وهم يطوفون بالمنازل وأكياسهم معلقة على رقابهم يقرعون
الأبواب و يسألون الناس أن يعطوهم بل زاد الأمر كما في السنوات الأخيرة
أن نصبت الخيام لأجل ذلك و أخرجت مكبرات الصوت وغصت الشوارع
وعجت بذكر المولد . ولم يقف الحد عند هذا بل يوقف المارة وتعطل الحركة
عند الإشارات الضوئية بدعوى خذ هديتك من بركات إمام الزمان الغائب
المتواري محمد بن الحسن العسكري، وهذه الهدية عبارة عن كيس فيه
بعض الحلوى والمكسرات و النقود التي مكتوب عليها بعض العبارات
كطلب العون منه و يوزعونها في المدارس على الطلبة والطالبات .
وفق الله ولاة امرنا لقطع دابر هذه البدعة القبيحة.
ومراعاة مثل هذه الأمور واجب شرعي على الجميع تحريه.
ودليلها أنه أتي رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في
سنن أبي داود قال نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
( إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة فقال النبي صلى الله عليه وسلم
( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد قالوا لا قال هل كان فيها
عيد من أعيادهم قالوا لا قال رسول الله أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر
في معصية الله ولا فيما لا يملك بن آدم ) .
ومن خلال هذا الحديث العظيم تتبين لنا أهمية
مراعاة الأحوال المصاحبة للفعل؟
وقصد الفاعل؟ ومن يشابه؟
فقوله صلى الله عليه وسلم هل فيها وثن مراعاة للمكان
وقوله هل فيها عيد مراعاة للزمان. فسال عن الزمان؟ والمكان؟.
و أما إن كانت هذه العادة من فعل المسلمين.
فينظر هل هي تخالف أصل متفق عليه ؟
أو شيئا من النصوص الشرعية ؟
فان وجد مخالفة فمردودة، لما ورد في الصحيحين من حديث
عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ).
وفي لفظ لمسلم قال صلى الله عليه وسلم
( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).
وهذه الرواية بوب لها النووي في شرح صحيح مسلم.
( باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور).
ولقوله صلى الله عليه وسلم ( وما نهيتكم عنه فانتهوا ).
وإن لم يوجد مانع، فحكمها إذاً الجواز لأنها من الأمور المباحة التي
لا تمنعها الشريعة ولا تأمر بها.
وبعد هذه القواعد والضوابط الشرعية في أفعال العباد:
نسأل عن هذا الإحتفال هل هو من احتفالات المسلمين؟
أو من احتفالات غيرهم؟
إن ثبت أنها من فعل غير المسلمين كالنصارى فهذه لا تجوز بحال
وان تغيرت الأحوال أو الأفعال والأقوال إذ العبرة بالأصل
فإذا كان الأصل فاسد فكيف يبنى عليه غيره
والنبي صلى الله عليه وسلم نهى وحذر من مشابهة اليهود و النصارى
في سائر أحوالهم فما بالك فيما يتعلق بدينهم وأعيادهم.
والدليل على ذلك ما حذر منه رسول الهدى عن مشابهة
عموم المشركين والكافرين وأهل البدع.
قال البخاري صحيحه باب قول النبي صلى الله عليه وسلم
لتتبعن سنن من كان قبلكم عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( ثم لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر
وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم فقال ومن الناس إلا أولئك).
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( ثم لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا
جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن) .
و كما روى أبو داود في سننه عن بن عمر رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم ) .
قال ابن كثير من تشبه بقوم فهو منهم ففيه دلالة على النهي الشديد
والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم
وأعيادهم وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقر عليها.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من تشبه بقوم
فهو منهم أو حشر معهم فقيل من تشبه بهم في أفعالهم
وقيل من تشبه بهم في هيئاتهم.
قال شيخ الإسلام: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(من تشبه بقوم فهو منهم ) وقد روى البيهقي بإسناد صحيح في
باب كراهية الدخول على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم والتشبه بهم
يوم نيروزهم ومهرجانهم عن سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن
عطاء بن دينار قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم
يوم عيدهم فان السخط ينزل عليهم
فهذا عمر قد نهى عن تعلم لسانهم وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم
يوم عيدهم فكيف من يفعل بعض أفعالهم أو قصد ما هو من مقتضيات دينهم
أليست موافقتهم في العمل أعظم من موافقتهم في اللغة أو ليس عمل
بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم
وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم فمن يشركهم
في العمل أو بعضه أليس قد تعرض لعقوبة ذلك ثم قوله
اجتنبوا أعداء الله في عيدهم أليس نهيا عن لقائهم والاجتماع بهم فيه
فكيف بمن عمل عيدهم وقال ابن عمر في كلام له من صنع نيروزهم
ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم وقال عمر اجتنبوا
أعداء الله في عيدهم.
كلمة ليس لها وجود في معاجم اللغة العربية بل هي كلمة عامية
مقتبسة من معنى الفعل إذ القرقيعان من قرع الأبواب.
وهناك عدة تسميات لهذا الإحتفال ومن هذه الأسماء ما يلي:
1- القريقعان: وهذه التسمية مشتقة من قرع الأبواب وقيل من الأصوات
الصادرة عن الحلوى والمكسرات عندما تتحرك داخل الكيس
الذي يكون معلقا على أعناق الأطفال وقيل هي صوت الحجارة البحرية
يضربون بعضها ببعض أثناء التجوال فتصدر قرقعة، وهذا يكون عند الشباب.
وغير ذلك من التفسيرات .
2-الكركيعان: والكاف بنطق عجم فارس وهي كالمعنى الأول.
3- (حل وعاد ) أو (حال وعاد ): وهذه بمعنى حال عليه الحول وعاد أو حل
علينا مرة أخرى وكما في نشرة للشيعه كتب عليها ( حل وعاد بالخير والبركات ).
4-الناصفاء أو الناصفة: وهذه التسمية نسبة إلى وقت المناسبة وهي
النصف من الشهر الخامس عشر من شعبان، والخامس عشر من رمضان.
5-ليلة النافلة.
6-ليلة القرقشان.
7-الكركيشون.
8-حق الليلة.
9-الشعبانية: نسبة للنصف من شعبان.
وغير ذلك من التسميات وكما هو معروف إذا عظم شئ عند قوم
كثرت أسمائه فلكل قطر تسمية تختلف عن القطر الأخر بحكم اختلاف اللهجات.
ولكن الجميع متفق على تسميته بالقرقيعان فهي الأكثر شهرة علما
بان هيئة الأفعال متشابهة إن لم تكن متطابقة في أكثر هذه المناطق.
المبحث الثاني: وصف هذا الإحتفال. اعتاد الناس في يوم وليلة الخامس عشر من شعبان
وبعضهم في الخامس عشر من رمضان أيضا وهم الأكثر، بأن يحتفلوا
إحتفالا عاما يشارك فيه الجميع الكبار والصغار الذكور والإناث والمحلات التجارية
وبعض الجمعيات والفنادق والأندية الرياضية.
1- مشاركة المحلات التجارية: توفير الحلويات والمكسرات بكميات كبيرة وما أكثر
ما يعرض من الكميات التالفة وبعضهم يجهزها على شكل علب ويختلف أسلوب العرض
من محل لآخر بأسعار مختلفة على حسب التجهيز والكمية والطلب، بل نافسة
بعض الفنادق بالتجهيز الكامل والله المستعان.
2- مشاركة الكبار: وذلك يكون بالاستعداد والإعداد والتجهيزات من الكبار بتوفير
الحلوى والمكسرات قبل الإحتفال بيومين أو أكثر من المحلات التجارية وتجهيز
أكياس خاصة للصغار يضعونها على رقابهم وكل هذا من اجل إعطاء السائلين.
3- مشاركة الصغار: وبالنسبة للصغار فإنهم يجعلون على أعناقهم وصدورهم كيساً
قد أعد لهذه المناسبة.
ثم يتجولون في الحارة أو القرية يقرعون الأبواب و يسألون الناس أن يعطوهم مما عندهم
سواء كان من الحلوى أو من المكسرات أو غير ذلك، وبعض الأغنياء يوزعون نقوداً.
4- أيامه التي يعمل فيها: يعمل في الخامس عشر من شعبان كما يردد الأطفال في
قولهم ( قرقع قرقع قريقعان بين قصير ورمضان ). وقصير هذا يعنون به شهر شعبان.
ومنهم من يبدأ فقط في الخامس عشر من رمضان.
ومنهم من يعمله في شعبان ورمضان.
لماذا تحديد هذه الأيام فقط ؟ النصف من شعبان ! والنصف من رمضان !
هذا ما سيأتي في المبحث الثالث.
5- وقته الذي يمارس فيه: يبدأ في ممارسته من المغرب إلى منتصف الليل وفي بعض
المناطق من الصباح إلى الليل.
6- بعض العبارات التي تردد فيه: من هذه العبارات ( قرقع قرقع قرقيعان )
يعني طرقاً طرقاً للأبواب ( أعطونا الله يعطيكم، بيت مكه يوديكم، يا مكه يا المعمورة).
ومنها ( أعطونا من مال الله ).
ومنها ( يجيب المكده يالله، يحطه في كم أمه يا لله، يا شفيع الأمة ؟؟؟!!! ).
ومن أعطاهم شكروه ودعوا له ومن لم يعطهم ذموه وسبوه بل
ربما تعرض للإعتداء برمي الحجارة وشيء من الأذى، ثم بعد ذلك
يعودون أدراجهم بهذا الكسب لأن حقائب الرقاب قد امتلأت بل ربما
عاد إلى البيت وفرغ الأولى ثم التحق بالركب إلى الدار التي وصلوها
وهكذا حتى منتصف الليل.
مع العلم بأن قبل هذا اليوم وبعده لا يفعل شيٌ من ذلك وهكذا في كل
عام، يستعدون ويفعلون نفس هذا الأفعال ويرددون هذه الألفاظ.
المبحث الثالث: نبذة تاريخية: عن مكان. وزمان هذا الإحتفال.
و أسباب فعله.
إن مما يثير الدهشة والإستغراب والتساؤل انحصار هذا الإحتفال في
هذه المنطقة دون سواها من المناطق والبلدان الإسلامية وهذا يدفعنا
للنظر في تأريخ المنطقة وحال السكان والمتغيرات التي قد يكون من
خلالها استشفاف سبب انحصار هذا الإحتفال عليها دون ما سواها
من باقي المناطق والدول الإسلامية إذ أن فعل أمرٍ ما في منطقة دون
غيرها يدل على ارتباط تاريخي لها وسبب لإحداث هذا الإحتفال فيها.
وفي الحقيقة ليس هناك زمن معين نستطيع أن نحدده بالدقة لبداية هذا
الإحتفال، وبعد الرجوع إلى كتب التأريخ التي تكلمت عن المنطقة نجد
أن هذه المنطقة قد تعاقبت عليها دول وأمم كالفرس فقد يكون من
أعياد الفرس كما قيل.
وحكمها القرامطة مدة طويلة، وقد رضخت هذه المنطقة تحت الحكم
البرتغالي الصليـبي الحاقد فترة ليست باليسيرة تقارب نصف قرن وذلك
في القرن العاشر الهجري من سنة. ( 921هـ ) إلى سنة
( 957هـ وقيل إلى سنة 968 هـ ) كما ذكر ذلك مؤرخو المنطقة.
ولاشك أن للغالب أثراً على المغلوب لاسيما وهذا الغالب من الصليبين
وقد عرفوا بالاهتمام بأعيادهم وطقوسهم التعبدية ومنها الإحتفالات
التي لها أفعال خاصة وأزمنة خاصة وبحكم تواجدهم في المنطقة ووجود
حامية لهم فيها فلا يمنع أنهم كانوا يقيمون شعائرهم ومنها
عيد الحلوين، وقيل عيد الهلوين، وقيل الباربار الذي يفعل كل سنة ويكون
في أواخر شهر أكتوبر ووصف عيد الهلوين كالتالي.
في هذا اليوم عندهم يجتمع الأطفال ويحملون معهم سلال ويتجولون
على المنازل ويقرعون الأبواب ويعطون الحلوى وإذا أعطوا شكروا
المعطي وان حرموا ابدوا تذمرهم فأصدروا أفعالاً و أقوالاً توضح ضجرهم.
فلعلها انتقلت بسببهم إلى المنطقة بحكم السيطرة والجوار، وتم مع الزمن
تغيير بعض الأفعال والعبارات فأصبح الإحتفال على الوضع الموجود
ألآن والمسمى بالقرقيعان.
ولكن هناك من يستبعد نسبة هذا الإحتفال للنصارى ؟؟
أقول: لا يستبعد مثل هذا ولا يستغرب فهناك شَبه يولد إشتباه فترك
الشُبهة مطلوب وأتباع اليقين سلامة في الخروج من مشابهة النصارى
في أعيادهم وغيرها.
ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مشابهة الفرس وأهل الكتاب
وأخبر أن الأمة ستسلك مسلكهم وتتبع سننهم
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( ثم لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر
وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم فقال ومن الناس إلا أولئك ) .
وسيأتي في المبحث الرابع مزيد تفصيل في حكم المشابهة، لان من تشبه
بقوم حشر معهم يوم القيامة نسأل الله السلامة.
وهناك من يقول إن هذا الإحتفال يعود سببه إلى بعض الفرق التي تسكن
في المنطقة وهم ( الشيعة ) ويقوي هذا أنه بعد الرجوع لبعض كتاباتهم
تبين أن لهاتين الليلتين عندهم تعظيم وتمجيد كيوم العيد بل أشد.
وعندهم تقام فيهما إحتفالات وتعلق فيهما الرايات ويلبس فيهما الجديد
ويفرح فيهما كالعيد ففيه يوسعون على الأهل والأولاد ويتبرع فيه للأموات
وتحتسب فيه القربات وسبب تعظيمهم لهذا الليلة لان يومها يوافق
عيد مولد محمد الحسن العسكري المولود في 15 شعبان سنة232هـ
الذي يزعمون انه المهدي المنتظر الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم
وليس هو، بل هذا المهدي المزعوم ( عج ) ويعنون بها أنه
(حي غائب عجل الله فرجه ) ولهذا كان لهذا اليوم بهجة خاصة وهالة تناسبه عندهم.
ويسمونها ليلة ( الناصفاء، وحق الليلة، وحال وعاد بالخير والبركات )
وتقدم معاني هذه التسميات.
وكم رأيناهم وهم يطوفون بالمنازل وأكياسهم معلقة على رقابهم يقرعون
الأبواب و يسألون الناس أن يعطوهم بل زاد الأمر كما في السنوات الأخيرة
أن نصبت الخيام لأجل ذلك و أخرجت مكبرات الصوت وغصت الشوارع
وعجت بذكر المولد . ولم يقف الحد عند هذا بل يوقف المارة وتعطل الحركة
عند الإشارات الضوئية بدعوى خذ هديتك من بركات إمام الزمان الغائب
المتواري محمد بن الحسن العسكري، وهذه الهدية عبارة عن كيس فيه
بعض الحلوى والمكسرات و النقود التي مكتوب عليها بعض العبارات
كطلب العون منه و يوزعونها في المدارس على الطلبة والطالبات .
وفق الله ولاة امرنا لقطع دابر هذه البدعة القبيحة.
ومراعاة مثل هذه الأمور واجب شرعي على الجميع تحريه.
ودليلها أنه أتي رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في
سنن أبي داود قال نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
( إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة فقال النبي صلى الله عليه وسلم
( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد قالوا لا قال هل كان فيها
عيد من أعيادهم قالوا لا قال رسول الله أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر
في معصية الله ولا فيما لا يملك بن آدم ) .
ومن خلال هذا الحديث العظيم تتبين لنا أهمية
مراعاة الأحوال المصاحبة للفعل؟
وقصد الفاعل؟ ومن يشابه؟
فقوله صلى الله عليه وسلم هل فيها وثن مراعاة للمكان
وقوله هل فيها عيد مراعاة للزمان. فسال عن الزمان؟ والمكان؟.
و أما إن كانت هذه العادة من فعل المسلمين.
فينظر هل هي تخالف أصل متفق عليه ؟
أو شيئا من النصوص الشرعية ؟
فان وجد مخالفة فمردودة، لما ورد في الصحيحين من حديث
عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ).
وفي لفظ لمسلم قال صلى الله عليه وسلم
( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).
وهذه الرواية بوب لها النووي في شرح صحيح مسلم.
( باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور).
ولقوله صلى الله عليه وسلم ( وما نهيتكم عنه فانتهوا ).
وإن لم يوجد مانع، فحكمها إذاً الجواز لأنها من الأمور المباحة التي
لا تمنعها الشريعة ولا تأمر بها.
وبعد هذه القواعد والضوابط الشرعية في أفعال العباد:
نسأل عن هذا الإحتفال هل هو من احتفالات المسلمين؟
أو من احتفالات غيرهم؟
إن ثبت أنها من فعل غير المسلمين كالنصارى فهذه لا تجوز بحال
وان تغيرت الأحوال أو الأفعال والأقوال إذ العبرة بالأصل
فإذا كان الأصل فاسد فكيف يبنى عليه غيره
والنبي صلى الله عليه وسلم نهى وحذر من مشابهة اليهود و النصارى
في سائر أحوالهم فما بالك فيما يتعلق بدينهم وأعيادهم.
والدليل على ذلك ما حذر منه رسول الهدى عن مشابهة
عموم المشركين والكافرين وأهل البدع.
قال البخاري صحيحه باب قول النبي صلى الله عليه وسلم
لتتبعن سنن من كان قبلكم عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( ثم لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر
وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم فقال ومن الناس إلا أولئك).
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( ثم لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا
جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن) .
و كما روى أبو داود في سننه عن بن عمر رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم ) .
قال ابن كثير من تشبه بقوم فهو منهم ففيه دلالة على النهي الشديد
والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم
وأعيادهم وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقر عليها.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من تشبه بقوم
فهو منهم أو حشر معهم فقيل من تشبه بهم في أفعالهم
وقيل من تشبه بهم في هيئاتهم.
قال شيخ الإسلام: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(من تشبه بقوم فهو منهم ) وقد روى البيهقي بإسناد صحيح في
باب كراهية الدخول على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم والتشبه بهم
يوم نيروزهم ومهرجانهم عن سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن
عطاء بن دينار قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم
يوم عيدهم فان السخط ينزل عليهم
فهذا عمر قد نهى عن تعلم لسانهم وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم
يوم عيدهم فكيف من يفعل بعض أفعالهم أو قصد ما هو من مقتضيات دينهم
أليست موافقتهم في العمل أعظم من موافقتهم في اللغة أو ليس عمل
بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم
وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم فمن يشركهم
في العمل أو بعضه أليس قد تعرض لعقوبة ذلك ثم قوله
اجتنبوا أعداء الله في عيدهم أليس نهيا عن لقائهم والاجتماع بهم فيه
فكيف بمن عمل عيدهم وقال ابن عمر في كلام له من صنع نيروزهم
ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم وقال عمر اجتنبوا
أعداء الله في عيدهم.