kuwaitstar
13 - 03 - 2005, 03:51
أستراليا «أرض خلف الزمن» سكانها من الكنغارو وضعف سكانها من البشر
http://www.aawsat.com/pcstatic/references/tourism/2004/images/AUSTRALIA.jpg
سيدني: عادل علي
حينما دار الكابتن كوك، البحار الانجليزي الشهير، دورته حول القارات وعبر المحيطات ليصل الى تلك الارض المجهولة التي عرفت فيما بعد باسم استراليا، فانه ادرك بالتأكيد ان رحلته في ذلك الوقت كانت اختراقا للزمن قبل ان تكون طويا لآلاف الاميال بحساب الجغرافيا. ويدرك الاستراليون الذين بدأوا يمدون جسور التواصل مع قارات العالم الاخرى هذه العلامة الفارقة لقارتهم ولذلك يسميها فيلم دعائي «ارض خلف الزمن». واذا كانت رحلة الكابتن كوك الى اكتشافه الجديد قد استهلكت الكثير من الجهد والوقت والصراع مع عوادي الطريق، فان رحلة الانسان المعاصر الى استراليا ما تزال تحتاج الى ما يزيد عن العشرين ساعة من الطيران المتواصل اذا كان قادما من اوروبا.
يعطيك السفر الى استراليا احساس الخروج من هذا العالم الى مكان لم تصله بعد مفردات الحياة اليومية في مدن مثل المدن الاوروبية الغارقة في ازمات ناجمة عن مشكلات «عصرية» مثل الهجرة والبطالة والتلوث و.. الارهاب، لكن مع لحظة الوصول الى مطار سيدني تعرف ان «الميزة» الاخيرة للمدن الاوروبية وهي الخوف من الارهاب اصبحت ماركة مسجلة للعولمة. فاجراءات الامن المشددة يتشارك فيها عناصر الشرطة والكلاب المدربة على شم امتعة الركاب واقدامهم. والاسماء العربية لها رنينها الداعي الى السؤال والتدقيق وهو ما حدث مع زميل رحلتي دون تفسير معقول الا ان اسمه الاول ربما يتشابه مع احد الاسماء التي تحتويها قوائم الامن.
بعد الخروج من المطار تنفتح سيدني على الزائر فتقدم نفسها بسهولة بدون تعقيدات جغرافية او تخطيطية ـ وهي ميزة كل المدن الاسترالية الاخرى ـ فتلفت الانظار بانحصار مبانيها الشاهقة في المركز فيما تمتد احياء المدينة على مساحات واسعة تاركة للبصر حرية الامتداد من دون حواجز من الاسمنت.
لسيدني شخصية محيرة. فهي مدينة لا تستحي من الاقتباس اذ تجد نسخا للعمارة الانجليزية الفيكتورية الشهيرة في احيائها ومعالمها الشهيرة، فضلا عن التسميات المستعارة للشوارع والمناطق من شوارع ومدن بريطانيا العظمى. وفي قلب ذلك ترتفع ناطحات السحاب الشاهقة على النمط الاميركي، فيما تنتشر طرز معمارية اخرى هي مزيج من تراث استرالي ورؤى عصرية مبدعة كما يدل على ذلك جسر سيدني الشهير ودار الاوبرا الاشهر. والمدهش في كل ذلك تبدو سيدني ومعها المدن الاسترالية الاخرى منسجمة مع نفسها بلا تناقض او انفصام.
كان الانطباع الاول الذي ورد لحظة الاطلال من نافذة الطائرة على مساحات مترامية من صحراء القارة الاسترالية الشاسعة انها قارة فارغة من السكان. وهو انطباع يكاد يكون صحيحا اذا ما قيس على وسط البلاد الصحراوي. اذ تبلغ مساحة استراليا اكثر بقليل من 7 ملايين و500 الف كيلومتر مربع، يعيش السكان على الشواطئ الشرقية والغربية منها فقط. وهي بذلك اصغر قارة وسادس اكبر دولة في العالم، فهي حوالي نفس حجم الولايات المتحدة الأميركية وأكبر مرتين من أوروبا.
وعلى الرغم من أن استراليا يغلب عليها طابع الاراضي السهلية (90 بالمائة من مساحة القارة) إلا أنها يمكن أن تقسم الى ثلاثة أقاليم طبيعية هي: المرتفعات الشرقية والاراضي الوسطى المنخفضة والهضبة الغربية. وأهم الانهار نهر دارلنج وينبع من وسط المرتفعات الشرقية ويتصل بنهر موراي.
وتقع استراليا جنوب خط الاستواء ولهذا فإن فصول السنة فيها على عكس فصول السنة في نصف الكرة الشمالي حيث يمتد فصل الشتاء من شهر يونيو (حزيران) وحتى نهاية أغسطس (آب) أما فصل الصيف فهو فصل الحرارة والجفاف ويمتد من ديسمبر (كانون الاول) وحتى نهاية فبراير (شباط) ورغم وجود أربعة فصول مناخية متميزة في جنوب استراليا إلا أن شمال استراليا المداري يتسم بوجود فصلين مناخيين فقط أحدهما رطب والآخر جاف.
ويبلغ عدد سكان استراليا حوالي 20 مليون نسمة والكثافة السكانية وصلت الى شخصين في الكيلومتر المربع الواحد نسبة الى المساحة الاجمالية للبلاد.
ويعمل في الزراعة ما يقرب من 5 % من مجموعة القوى العاملة الاسترالية وأهم المحاصيل القمح والفواكه وقصب السكر والابقار والاغنام والصوف. كما ان استراليا دولة غنية بالمعادن وأهم المعادن البوكسيت والزنك والفحم الحجري والحديد والمنجنيز والنيكل والغاز الطبيعي والنفط.
وأستراليا هي البلد الوحيد في العالم الذي يعد موطنا لحيوان الكنغارو. وقد تكاثرت أعداد هذا الحيوان الثديي الى ان بلغ تعداده قرابة40 مليون رأس أي ضعف عدد السكان.
استقلت استراليا في الاول من يناير (كانون الثاني) عام 1901 لكنها ظلت لصيقة بالتاج البريطاني برابطين الاول قانوني عبر منظمة الكومنولث، والثاني عاطفي من خلال الولاء للنموذج البريطاني. ويتحدث الاستراليون «العواجيز» عن حبهم العميق لملكتهم البريطانية اليزابث الثانية التي زارتهم لاول مرة قبل 50 عاما. يومها خرج 75 بالمائة من السكان لاستقبال الملكة وتأكيد ولاء اهل المستعمرة البريطانية السابقة لتاج آل ويندسور الانجليزي.
ولكن بعد نصف قرن فتر الحب وظهرت دعوات جادة في استراليا للتحول الى جمهورية تخرج على التاج البريطاني.
وقد مضت حتى الآن216 سنة منذ رسا مستوطنون بريطانيون على هذه الجزيرة الكبري التي تبعد 13000 كيلومتر من قصر بكنغهام ولا تزال استراليا ملكية دستورية تحكمها الملكة عن طريق حاكم عام.
http://www.aawsat.com/pcstatic/references/tourism/2004/images/aust.jpg
لكن تاريخ استراليا لا يخلو مما ميز الاستعمار الاستيطاني في القارات الجديدة. اذ قدم المستوطنون الى اراض كان يقطنها قبلهم اقوام محليون هم جماعات «الابوريجين» وهم أول من قطن استراليا وقد جاؤوها قبل 50.000 سنة لكنهم الآن اخذوا في الانقراض ولم يبق منهم الا اقل من واحد في المائة يسجلون حضورهم في لوازم الفولكلور التاريخي بما يملكونه من ادوات موسيقية قديمة واغان تقدم للسياح.
وهناك دلائل تشير الى أن كلا من العرب والهنود والصينيين والاندونيسيين كانوا على معرفة ودراية بقارة استراليا قبل أن يعرفها الاوربيون وعلى الرغم من أن البرتغاليين أول من وصلها إلا أن الهولنديين أول من سجل رؤيتهم لها كما وصلت استراليا أول سفينة بريطانية تحمل سجناء منفيين في عام 1788م وتبع ذلك تدفق المستوطنين الاحرار من غير السجناء المنفيين الى استراليا وتقلص ارسال السجناء اليها وتلا ذلك عملية اكتشاف داخلها واكتشف الجزء الشمالي الشرقي منها وتزايد عدد المستوطنين الاوربيين اليها.
واذا كان «الابوريجين» هم سكان استراليا الاصليون، فان العشرين مليون استرالي الحاليين هم خليط واسع من المستوطنين الاوروبيين والمهاجرين من شتى انحاء العالم. ويحتل المهاجرون العرب وخصوصا اللبنانيين المكانة الابرز بين المهاجرين. والهجرة اللبنانية الى استراليا بكتلتها الرئيسية تعود في قدمها الى ما يزيد عن نصف قرن، تلتها موجة اخرى بعد اندلاع الحرب الاهلية في لبنان عام 1975. ولا توجد احصاءات مؤكدة عن اعداد اللبنانيين لكن اغلبها تسير الى ما يزيد عن نصف مليون. ويعمل اللبنانيون في قطاعات كثيرة اهمها القطاعات التجارية، وتنتشر في المدن الاسترالية الكثير من المطاعم اللبنانية التي يقول اصحابها انهم يحاولون التعبير من خلال المطبخ عن هوية وحنين. بهذا المعنى تحدث لي جريج معلوف المولود من اب وام لبنانيين ولا يجيد الا بعض الكلمات العربية. وقال انه تعلم الاكل اللبناني من الذاكرة والخيال، وفي حقيقة الامر فان الاطباق التي يقدمها مطعمه فيها القليل من الذاكرة والكثير من الخيال، ولذلك فلا اعرف الى أي حد يمكن نسبتها الى المطبخ اللبناني. وعلى العكس من ذلك فان السيدة عبلة العماد صاحبة مطعم «عبلة» الراقي في مدينة ملبورن تقدم لائحة اطباق كأنها خارجة من مطابخ القرى اللبنانية على الرغم من مرور اكثر من 50 سنة على وجودها في استراليا. وتعود عبلة بذاكرتها الى ذلك التاريخ عندما اتت الى البلاد عروسا لابن عم سبقها الى الغربة. ومعه اضطرت الى ابتداع مهنة تساعد بها زوجها وهي اعداد طعام لبناني في مطبخها الصغير للمهاجرين اللبنانيين وبعض العرب الذين قدموا للدراسة او العمل.
وفي الفترة التي زرنا فيها استراليا كانت البلاد تشهد التحضير لانتخابات بلدية، تنافس فيها عدد كبير من اللبنانيين على لوائح الاحزاب الاسترالية الاساسية. وذكر احد اللبنانيين الذين التقيتهم هناك ان عدد المتنافسين اللبنانيين بلغ 250 شخصا.
وبرز من هؤلاء الصحافي خضر صالح الذي فاز بترشيح حزب العمال الحاكم عن دائرة كانتربري الانتخابية التي تضم اكثر من130 جنسية متنوعة تمثل الجالية العربية فيها 10 في المائة من نسبة سكانها البالغ عددهم اكثر من 140 الف شخص.
لكن في مقابل هذه النجاحات تسلط وسائل الاعلام الضوء على اعمال خارجة على القانون يسيء بها بعض الافراد الى الجالية اللبنانية. وتلك الاتهامات لا تخلو من الحقيقة ففي شارع كينجز كروس في قلب سيدني حيث تنتشر الحانات ومراقص «الستربتيز» وبائعات الهوى ومروجو المخدرات يتولى عدد من الشبان اللبنانيين عرض «بضاعتهم» على المارة من السياح باللغة التي يتوسمون ان «الزبون» يتكلمها.. حتى ان «زملاءهم» من الاستراليين اجادوا كلمات ترويجية باللغة العربية.. لكن سائق التاكسي اللبناني عبود القادم من الكورة في شمال لبنان منذ 20 سنة يقول ان كل ما سمعناه عن تصرفات بعض اللبنانيين هي اشاعات قصدها الاساءة للجالية. وحينما اخذ يعرض عليّ اسماء المناطق «السياحية» التي يقترح ان ازورها في سيدني ما كان من زميلة استرالية الا ان همست في اذني تحذرني من هذه العروض.
لكن المناطق السياحية الحقيقية في استراليا لا يمكن ان تتحدث عنها همسا او صراخا، فاستراليا قارة السياحة الوقورة بكل معنى الكلمة سواء في المدن الرئيسية كسيدني او ملبورن او على امتداد الشواطئ الذهبية. وما يلفت الانتباه ان نسبة عالية من السياح الاوروبيين والآسيويين والعرب هم العائلات التي تجد لافرادها ما يشد اهتمامهم في اماكن الترفيه والانشطة الرياضية والحياة البرية. وكما يفخر الاستراليون بما تحتويه بلادهم من غنى الطبيعة فهم يفخرون برموز الفن والثقافة الذين وصلوا الى العالمية. وباتت منازل هؤلاء محجات للقاصدين وابرزهم الممثلة الشهيرة نيكول كيدمان صاحبة البيت الفخم فوق احدى التلال المطلة على سيدني.
وقد أعلنت جماعة الحفاظ على التراث الاسترالي «ناشيونال ترست أوف استراليا» اعتبار النجمة نيكول كيدمان والنجم السينمائي راسل كرو من «الكنوز الوطنية الحية». ومن بين15 اسما جديدا ضمت لائحة ناشيونال ترست ايضا لاعب الكريكيت ستيف واج والعداء جون لاندي ولاعب التنس باتريك رافتر وماري بشير (من اصول لبنانية) حاكمة ولاية نيو ساوث ويلز من الكنوز الوطنية الحية
http://www.aawsat.com/pcstatic/references/tourism/2004/images/AUSTRALIA.jpg
سيدني: عادل علي
حينما دار الكابتن كوك، البحار الانجليزي الشهير، دورته حول القارات وعبر المحيطات ليصل الى تلك الارض المجهولة التي عرفت فيما بعد باسم استراليا، فانه ادرك بالتأكيد ان رحلته في ذلك الوقت كانت اختراقا للزمن قبل ان تكون طويا لآلاف الاميال بحساب الجغرافيا. ويدرك الاستراليون الذين بدأوا يمدون جسور التواصل مع قارات العالم الاخرى هذه العلامة الفارقة لقارتهم ولذلك يسميها فيلم دعائي «ارض خلف الزمن». واذا كانت رحلة الكابتن كوك الى اكتشافه الجديد قد استهلكت الكثير من الجهد والوقت والصراع مع عوادي الطريق، فان رحلة الانسان المعاصر الى استراليا ما تزال تحتاج الى ما يزيد عن العشرين ساعة من الطيران المتواصل اذا كان قادما من اوروبا.
يعطيك السفر الى استراليا احساس الخروج من هذا العالم الى مكان لم تصله بعد مفردات الحياة اليومية في مدن مثل المدن الاوروبية الغارقة في ازمات ناجمة عن مشكلات «عصرية» مثل الهجرة والبطالة والتلوث و.. الارهاب، لكن مع لحظة الوصول الى مطار سيدني تعرف ان «الميزة» الاخيرة للمدن الاوروبية وهي الخوف من الارهاب اصبحت ماركة مسجلة للعولمة. فاجراءات الامن المشددة يتشارك فيها عناصر الشرطة والكلاب المدربة على شم امتعة الركاب واقدامهم. والاسماء العربية لها رنينها الداعي الى السؤال والتدقيق وهو ما حدث مع زميل رحلتي دون تفسير معقول الا ان اسمه الاول ربما يتشابه مع احد الاسماء التي تحتويها قوائم الامن.
بعد الخروج من المطار تنفتح سيدني على الزائر فتقدم نفسها بسهولة بدون تعقيدات جغرافية او تخطيطية ـ وهي ميزة كل المدن الاسترالية الاخرى ـ فتلفت الانظار بانحصار مبانيها الشاهقة في المركز فيما تمتد احياء المدينة على مساحات واسعة تاركة للبصر حرية الامتداد من دون حواجز من الاسمنت.
لسيدني شخصية محيرة. فهي مدينة لا تستحي من الاقتباس اذ تجد نسخا للعمارة الانجليزية الفيكتورية الشهيرة في احيائها ومعالمها الشهيرة، فضلا عن التسميات المستعارة للشوارع والمناطق من شوارع ومدن بريطانيا العظمى. وفي قلب ذلك ترتفع ناطحات السحاب الشاهقة على النمط الاميركي، فيما تنتشر طرز معمارية اخرى هي مزيج من تراث استرالي ورؤى عصرية مبدعة كما يدل على ذلك جسر سيدني الشهير ودار الاوبرا الاشهر. والمدهش في كل ذلك تبدو سيدني ومعها المدن الاسترالية الاخرى منسجمة مع نفسها بلا تناقض او انفصام.
كان الانطباع الاول الذي ورد لحظة الاطلال من نافذة الطائرة على مساحات مترامية من صحراء القارة الاسترالية الشاسعة انها قارة فارغة من السكان. وهو انطباع يكاد يكون صحيحا اذا ما قيس على وسط البلاد الصحراوي. اذ تبلغ مساحة استراليا اكثر بقليل من 7 ملايين و500 الف كيلومتر مربع، يعيش السكان على الشواطئ الشرقية والغربية منها فقط. وهي بذلك اصغر قارة وسادس اكبر دولة في العالم، فهي حوالي نفس حجم الولايات المتحدة الأميركية وأكبر مرتين من أوروبا.
وعلى الرغم من أن استراليا يغلب عليها طابع الاراضي السهلية (90 بالمائة من مساحة القارة) إلا أنها يمكن أن تقسم الى ثلاثة أقاليم طبيعية هي: المرتفعات الشرقية والاراضي الوسطى المنخفضة والهضبة الغربية. وأهم الانهار نهر دارلنج وينبع من وسط المرتفعات الشرقية ويتصل بنهر موراي.
وتقع استراليا جنوب خط الاستواء ولهذا فإن فصول السنة فيها على عكس فصول السنة في نصف الكرة الشمالي حيث يمتد فصل الشتاء من شهر يونيو (حزيران) وحتى نهاية أغسطس (آب) أما فصل الصيف فهو فصل الحرارة والجفاف ويمتد من ديسمبر (كانون الاول) وحتى نهاية فبراير (شباط) ورغم وجود أربعة فصول مناخية متميزة في جنوب استراليا إلا أن شمال استراليا المداري يتسم بوجود فصلين مناخيين فقط أحدهما رطب والآخر جاف.
ويبلغ عدد سكان استراليا حوالي 20 مليون نسمة والكثافة السكانية وصلت الى شخصين في الكيلومتر المربع الواحد نسبة الى المساحة الاجمالية للبلاد.
ويعمل في الزراعة ما يقرب من 5 % من مجموعة القوى العاملة الاسترالية وأهم المحاصيل القمح والفواكه وقصب السكر والابقار والاغنام والصوف. كما ان استراليا دولة غنية بالمعادن وأهم المعادن البوكسيت والزنك والفحم الحجري والحديد والمنجنيز والنيكل والغاز الطبيعي والنفط.
وأستراليا هي البلد الوحيد في العالم الذي يعد موطنا لحيوان الكنغارو. وقد تكاثرت أعداد هذا الحيوان الثديي الى ان بلغ تعداده قرابة40 مليون رأس أي ضعف عدد السكان.
استقلت استراليا في الاول من يناير (كانون الثاني) عام 1901 لكنها ظلت لصيقة بالتاج البريطاني برابطين الاول قانوني عبر منظمة الكومنولث، والثاني عاطفي من خلال الولاء للنموذج البريطاني. ويتحدث الاستراليون «العواجيز» عن حبهم العميق لملكتهم البريطانية اليزابث الثانية التي زارتهم لاول مرة قبل 50 عاما. يومها خرج 75 بالمائة من السكان لاستقبال الملكة وتأكيد ولاء اهل المستعمرة البريطانية السابقة لتاج آل ويندسور الانجليزي.
ولكن بعد نصف قرن فتر الحب وظهرت دعوات جادة في استراليا للتحول الى جمهورية تخرج على التاج البريطاني.
وقد مضت حتى الآن216 سنة منذ رسا مستوطنون بريطانيون على هذه الجزيرة الكبري التي تبعد 13000 كيلومتر من قصر بكنغهام ولا تزال استراليا ملكية دستورية تحكمها الملكة عن طريق حاكم عام.
http://www.aawsat.com/pcstatic/references/tourism/2004/images/aust.jpg
لكن تاريخ استراليا لا يخلو مما ميز الاستعمار الاستيطاني في القارات الجديدة. اذ قدم المستوطنون الى اراض كان يقطنها قبلهم اقوام محليون هم جماعات «الابوريجين» وهم أول من قطن استراليا وقد جاؤوها قبل 50.000 سنة لكنهم الآن اخذوا في الانقراض ولم يبق منهم الا اقل من واحد في المائة يسجلون حضورهم في لوازم الفولكلور التاريخي بما يملكونه من ادوات موسيقية قديمة واغان تقدم للسياح.
وهناك دلائل تشير الى أن كلا من العرب والهنود والصينيين والاندونيسيين كانوا على معرفة ودراية بقارة استراليا قبل أن يعرفها الاوربيون وعلى الرغم من أن البرتغاليين أول من وصلها إلا أن الهولنديين أول من سجل رؤيتهم لها كما وصلت استراليا أول سفينة بريطانية تحمل سجناء منفيين في عام 1788م وتبع ذلك تدفق المستوطنين الاحرار من غير السجناء المنفيين الى استراليا وتقلص ارسال السجناء اليها وتلا ذلك عملية اكتشاف داخلها واكتشف الجزء الشمالي الشرقي منها وتزايد عدد المستوطنين الاوربيين اليها.
واذا كان «الابوريجين» هم سكان استراليا الاصليون، فان العشرين مليون استرالي الحاليين هم خليط واسع من المستوطنين الاوروبيين والمهاجرين من شتى انحاء العالم. ويحتل المهاجرون العرب وخصوصا اللبنانيين المكانة الابرز بين المهاجرين. والهجرة اللبنانية الى استراليا بكتلتها الرئيسية تعود في قدمها الى ما يزيد عن نصف قرن، تلتها موجة اخرى بعد اندلاع الحرب الاهلية في لبنان عام 1975. ولا توجد احصاءات مؤكدة عن اعداد اللبنانيين لكن اغلبها تسير الى ما يزيد عن نصف مليون. ويعمل اللبنانيون في قطاعات كثيرة اهمها القطاعات التجارية، وتنتشر في المدن الاسترالية الكثير من المطاعم اللبنانية التي يقول اصحابها انهم يحاولون التعبير من خلال المطبخ عن هوية وحنين. بهذا المعنى تحدث لي جريج معلوف المولود من اب وام لبنانيين ولا يجيد الا بعض الكلمات العربية. وقال انه تعلم الاكل اللبناني من الذاكرة والخيال، وفي حقيقة الامر فان الاطباق التي يقدمها مطعمه فيها القليل من الذاكرة والكثير من الخيال، ولذلك فلا اعرف الى أي حد يمكن نسبتها الى المطبخ اللبناني. وعلى العكس من ذلك فان السيدة عبلة العماد صاحبة مطعم «عبلة» الراقي في مدينة ملبورن تقدم لائحة اطباق كأنها خارجة من مطابخ القرى اللبنانية على الرغم من مرور اكثر من 50 سنة على وجودها في استراليا. وتعود عبلة بذاكرتها الى ذلك التاريخ عندما اتت الى البلاد عروسا لابن عم سبقها الى الغربة. ومعه اضطرت الى ابتداع مهنة تساعد بها زوجها وهي اعداد طعام لبناني في مطبخها الصغير للمهاجرين اللبنانيين وبعض العرب الذين قدموا للدراسة او العمل.
وفي الفترة التي زرنا فيها استراليا كانت البلاد تشهد التحضير لانتخابات بلدية، تنافس فيها عدد كبير من اللبنانيين على لوائح الاحزاب الاسترالية الاساسية. وذكر احد اللبنانيين الذين التقيتهم هناك ان عدد المتنافسين اللبنانيين بلغ 250 شخصا.
وبرز من هؤلاء الصحافي خضر صالح الذي فاز بترشيح حزب العمال الحاكم عن دائرة كانتربري الانتخابية التي تضم اكثر من130 جنسية متنوعة تمثل الجالية العربية فيها 10 في المائة من نسبة سكانها البالغ عددهم اكثر من 140 الف شخص.
لكن في مقابل هذه النجاحات تسلط وسائل الاعلام الضوء على اعمال خارجة على القانون يسيء بها بعض الافراد الى الجالية اللبنانية. وتلك الاتهامات لا تخلو من الحقيقة ففي شارع كينجز كروس في قلب سيدني حيث تنتشر الحانات ومراقص «الستربتيز» وبائعات الهوى ومروجو المخدرات يتولى عدد من الشبان اللبنانيين عرض «بضاعتهم» على المارة من السياح باللغة التي يتوسمون ان «الزبون» يتكلمها.. حتى ان «زملاءهم» من الاستراليين اجادوا كلمات ترويجية باللغة العربية.. لكن سائق التاكسي اللبناني عبود القادم من الكورة في شمال لبنان منذ 20 سنة يقول ان كل ما سمعناه عن تصرفات بعض اللبنانيين هي اشاعات قصدها الاساءة للجالية. وحينما اخذ يعرض عليّ اسماء المناطق «السياحية» التي يقترح ان ازورها في سيدني ما كان من زميلة استرالية الا ان همست في اذني تحذرني من هذه العروض.
لكن المناطق السياحية الحقيقية في استراليا لا يمكن ان تتحدث عنها همسا او صراخا، فاستراليا قارة السياحة الوقورة بكل معنى الكلمة سواء في المدن الرئيسية كسيدني او ملبورن او على امتداد الشواطئ الذهبية. وما يلفت الانتباه ان نسبة عالية من السياح الاوروبيين والآسيويين والعرب هم العائلات التي تجد لافرادها ما يشد اهتمامهم في اماكن الترفيه والانشطة الرياضية والحياة البرية. وكما يفخر الاستراليون بما تحتويه بلادهم من غنى الطبيعة فهم يفخرون برموز الفن والثقافة الذين وصلوا الى العالمية. وباتت منازل هؤلاء محجات للقاصدين وابرزهم الممثلة الشهيرة نيكول كيدمان صاحبة البيت الفخم فوق احدى التلال المطلة على سيدني.
وقد أعلنت جماعة الحفاظ على التراث الاسترالي «ناشيونال ترست أوف استراليا» اعتبار النجمة نيكول كيدمان والنجم السينمائي راسل كرو من «الكنوز الوطنية الحية». ومن بين15 اسما جديدا ضمت لائحة ناشيونال ترست ايضا لاعب الكريكيت ستيف واج والعداء جون لاندي ولاعب التنس باتريك رافتر وماري بشير (من اصول لبنانية) حاكمة ولاية نيو ساوث ويلز من الكنوز الوطنية الحية