كلمة حق
28 - 02 - 2005, 05:00
نظرية "التَنَك" هي أحدث ما توصلت إليه النظريّات السياسيّة
في عالمنا العربي ، وهي في الأصل نظريّة أمريكيّة
مستوردة حديثا ، ولها نسخــة مصنوعة خصّيصا
للمواصفات العربيّة ،وهذا شرح النظريـّة مع تبسيط شديد :
هي مشتقة من " التنك " ، بالتحريــك ، وهي علبة من
معدن خفيف لاتصلح للأشياء الثقيلة ولا الأمــور المهمـّـة بلاريب .
وإذا كانت فارغة فأتى عليها ضربٌ خفيف تصدر اصواتا هائلة
لاتعكس حقيقة ما وراء الصوت ، بل أكبــر منها .
كما أنها يسهل "بعجها" وإعادة تشكيلها .
وفي اللهجة الخليجية تُضرب مثلا للشخص الأبله الذي يصدق
كل ما يُقال له ، ويمكن توجيهه بسهوله ، وخفيف العقل ، ويردد
كالببغاء ما يقوله غيره بلا وعي ، ولايكتشف أنه قـد خُدع
إلا بعد فوات الأوان ، فيقــال : " فلان إتْـنِكـَه" !
وملخّص نظرية التنك السياسية هذه ، أن تقتصـــر مهــمّة
النظام السياسي فــي هذه الخطــوات :
الخطوة الأولى : ـ
مواصلة التعبئة في الوعي واللاوعي للشعوب العربية والإسلامية
أنها مجرد قطعــــان سائرة وراء الغرب المتطوّر ــ أو لنقــل :
قطع " تنك "بأعداد كبيرة جدا ! ــ وذلك بواسطة الإتهام المتكرر
لتراثها ، وتاريخها ، وثقافتها ، وشخصيّتها الحضاريّة ، بــل
نفس تركيبة العقل العربي والمسلم ، بأنّ ذلك كلّه من شأنه أن
يولّد الإرهاب ، والتطرف ، والتشدد ، والتخلف ، لاسيما
القرآن العظــيم ـ تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا ـ
ومنابر الجمعة ، والمساجد ، وكتب الفقه ، وكتب التاريخ
العربي والإسلامي ، وكــلّ ما له علاقة بالإسلام هو السبب الرئيس
في تخلف الشعوب ، حتى الحجاب ، واللحية ، وكليات الشريعة .. إلخ !!
وفي هذه الخطوة يتـــــم رفع الشعـــــــوب العربيّة إلى المستوى الأوّل
مــــن حالة " التنكية" ، وبلاريب يجب أن يكون هذا تحت الإشراف الأمريكي .
الخطوة الثانيــــة :
توجيه وسائل الإعلام توجيها منهجيا ، لتفريغ العقول من القضايا
المهمّة التي تحتاجها الأمّة اليوم وهـــــي خمســة قضايا :
أولا : إعادة الإعتزاز بالإنتماء إلى الإسلام على أنه المكوّن
الحضاري الأساس للأمّة ، على مستوى العقيدة ، والتشريع
والقيم الروحيّة ، والاخلاقيّة .
ثانيا : تحويل طاقات الأمّة من هذا الاعتزاز الذاتي بالهويّة والثقافة
إلى تحمّل مسؤولية نشر الإسلام عالميا متحديا برسالته
العلوية السماوية ، كلّ المناهج الأرضيّة الوضعيّة ، متحولا
من موقع الدفاع إلى الهجوم .
ثالثا : تحقيق الوحدة التكامليّة للشعوب في نظام سياسي موحّـد
يستــرد بلادها المحتلة ، ويخرج كل قواعد الإحتلال وملحقاته منها
ويعزز شخصيّتها الحضاريـّة عالميــّا ، ويحقّق استقلال القرار
السياسي للأمـّة ، والتكامل الإقتصادي ، والقوة العسكرية .
رابعا : توفير حقوق الشعوب العربيّـة والإسلاميّة كاملة ، وحفظ
كرامة الفرد ، وضمان بقاء النظم السياسية خادمة للشعوب أمينة
على حفظ دينها ، وكرامتها وحقوقها .
خامسا : تطوير العلوم اللاّزمة للنهضة الشاملــة العلمية
والسياسية ، والإدارية على مختلف الأصعدة ، تطوير هذه
العلوم ، وليس تخريب ( وليس هــو تطوير )
مناهج تعليم الشريعة واللغـة العربية !!
تفريغ عقول الأمّة من هذه القضايا ، إلى إشغالهــا
بثلاث قضايا تركّز عليها وسائل الإعلام :
ولاحظوا أن واقع وسائل الإعلام ، ومناهج الثقافة ، والمؤتمرات
وحتى شيوخ الدين يجب أن يركزوا عليها دائمـا !!
وهي :
1ـ مكافحة وهم "الإرهاب" ، وإشغال الدولة في ملاحقة شبحه
من تغيير المناهج ، وتفتيش المساجد ، وتنبيش عقول الشباب
إلى البحث تحت الثياب ، ووراء النقاب.. إلــخ .
وعلى شيوخ الفتوى أن يتفرّغُوا لتوعية الشعوب من هذا الخطر الداهم
ويجب تأجيل كلّ القضايا الأخرى إلى أجل غيـر مسمّى ، فلاشيء
أخطر على الأمّة اليوم ، من الإرهاب المختفي وراء النقاب ، وتقصير الثياب
ووراء الحديث عن توحيد الأمّة ، و الجهاد ، والتحذير من مكايد
اليهود والنصارى ، في المواقع الإلكترونية ، وزوايا المساجــد !!
في لهــث مستمر ، وحثيث ، ومجنون ، الهدف منه إبقاء الأمّة
في حالة شعور بالذنب ، والتخلف ، والبحث عن الذات ، والدفاع
عن النفس ، وتغييبها عما يحاك ضدها ، بل تحويلها إلى وقود
في المشروع الذي يهدف إلى إخضاعها !
2ـ الحديث المتواصل عن الإصلاح الأمريكي الجــديـد ، وخطوات
الإستجابة له في كلّ بــلد ، وإلى أيّ مدى وصلت ، والتبشيــر
بالمشروع الأمريكي الحالم ، الذي يرفع شعار الديمقراطية
والحرية وحقوق الإنســان ، بينما يخفــــــــي ثلاثة أمور :
أـ تجزئة وتفريق الامّة سياسيــّا ، وتخريب ثقافتها ، وأخلاقها .
ب ـ تفريغ المنطقة من احتمال بــروز أي لاعب استراتيجي فيها
غير الهيمنة الأمريكية .
ج ـ "تسليــعْ" كل شيء فيها للأسواق الأمريكية.
3ـ التركيز على قضية المرأة العربية المظلومة المسكينة التي
تعاني من اضطهاد الرجل العربي ، وامتدت إليها اليد الحانية
الامريكية لتنقذها من بؤسها وشقاءها !
وبهذا يكتمل المستوى الثاني من الحالة " التنكية " !!
الخطوة الثالثة :
تهيئة الشعوب للحالة "التنكيّة" الكاملة ، وهنا يحصل شيء
لايمكن تصديقه ، فيتم تخديــر العقول إلى أن تصدق بما يلي :
1ـ أنّ المحتل المغتصب الذي قتل من أمتنا الآلاف واغتصب وانتهك
كل الحقوق ، ما هو إلا محسنٌ ومتفضل على الشعوب :
إن أعطاها بعض القطع من أرضها ، ومكّنها من التصرف في
بعض إدارة شئونها ، أو حرّر المرأة فيها ـ بينما هو يستعبد الدولة
نفسها وتمتلأ سجون إحتلاله من أبناءهـا يسمومهم سوء العذاب
جهرا لاســرّا !! ـ كما يحدث في فلسطين ، والعراق ، وأفغانستان
على سبيل المثال .
2ـ أنّ الغازي المحتــلّ ، إنمــا هــو عاقل ، وحكيم ، وكبير
في سموه ، وأخلاقه ، لأنّـه جــاء ليعلــّم الشعوب الإسلامية كيف
تفهم القرآن فهما صحيحا ، وتنظر إلى الشريعة الإسلامية
نظرة معتدلة وسطية ، بحيث ترى مشروع الإصلاح الأمريكي
هو "المسيح المخلّص" ، وأما المقاومون فهم المفســدون في الأرض
يجب استئصالهم ، أو إيداعهم السجـــــــون !!
3ـ أن الأنظمة العربيّة عندما تسير وراء المشروع الأمريكي ، إنما
ـ منطلقة من حرصها الكبير والحنون على مصلحة شعوبها والذي
طالما اتصفــت به ـ تريد أن تحقق الرفاه ، والحرية ، وترتقي
بحال شعوبها إلى ما كانت تصبوا إليه دائما ، من حياة كريمة
يجد فيه الفرد لقمة العيش الشريفة ، ويأمن على نفسه من
قبضة الإستخبارات ، ووسائل التجسس ، وبطش البوليس السري
وتكميم الأفواه ، وإغلاق العقول ، ولهذا فإن طاعة هذه الأنظمة
وهي تسير وراء المشروع الأمريكي : هو مقتضى :
الشرع ، والعقل ، والإتزان ، والحكـــمة ، والمصلحــة !!
ونضرب هنا مثالا حيا على حالة " تنكية كاملة ونموذجية " :
فعلى الفرد من الشعوب العربية أن يصدّق ، أن أمريكا لاتريد
إخراج سوريا من لبنان من أجل حماية الصهاينة ، وطرد
الفصائل الفلسطينية من دمشق في إطــار المؤامرة لتقويض الإنتفاضــة
ولأجــل منع وجود أيّ لاعب خارج الهيمنة الأمريكية في المنطقة
بل من أجل تحرير لبنان ، ومنع الإستبداد ، وعدم السماح بوجود
جيش دولة في حدود دولة أخرى ، وعلى الفرد أن يصدق أيضا أن
وجود الجيش الأمريكي في العراق ، مع المخابرات والموساد الصهيوني
وما ترتب عليه من دماء وانتهاكات لايمكن إحصاؤهــا ، مع
استعمال كل وسائل الإستبداد العسكري ، والاستخباراتي ، والسياسـي
هناك ، والعبث بكل مقدرات العراق ، لايتناقض أبدا مع
المطالب الأمريكية لسوريا ، لأنّ ما تفعله أمريكا يختلف دائما ، وحتى
لو لم تـر ـ أيهــا الفـرد العــربي ـ الفــرق ، فاتهّم عقلك
ولا تتّهم السياسـة الأمريكيّة !!
وإذا انتهت هذه الخطــوة الثالثة والأخيرة من نظرية " التَنَك "
يتحقق نجاح المشروع الأمريكي .
ويتضح ذلك جليّا إذا تجوّل الأمريكي في بلادنا ، فنظر إلى الناس
فـرآهم "علبا" من "تنك" تتحرك : تضربــها وسائل الاعلام التي هي
أبواق للمشروع الأمريكي فتردد الضرب بأعلى منها كالببغاء
لكن بحماس أكبر ! ، ويشكلّهــا هذا المشروع كما يشاء أن يشكلّها
ثـــمّ هـي ـ كالتنك ـ لاتستحق أن تتحمّــل إلا أتفـه القضايا
وأخسّ الهمم ، فيعلم حينئذ أن هذه النظريّة قــد تم تطبيقها
بأمـــــانة تامة في بلادنا العــربــيّة !
أما من يدعو أمّتنا إلى أن تكون أمة القرآن ، والحديد الذي
فيه البأس الشديد ، فإنّه من التكفيريين ، أو المتطرفين ، فالحديد
لايصح أن يكون إلا للقوات المحتلة ، وأما حقّ شعوب المنطقة فهو
نظرية "التنك" فحسب ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعــــــون ..
في عالمنا العربي ، وهي في الأصل نظريّة أمريكيّة
مستوردة حديثا ، ولها نسخــة مصنوعة خصّيصا
للمواصفات العربيّة ،وهذا شرح النظريـّة مع تبسيط شديد :
هي مشتقة من " التنك " ، بالتحريــك ، وهي علبة من
معدن خفيف لاتصلح للأشياء الثقيلة ولا الأمــور المهمـّـة بلاريب .
وإذا كانت فارغة فأتى عليها ضربٌ خفيف تصدر اصواتا هائلة
لاتعكس حقيقة ما وراء الصوت ، بل أكبــر منها .
كما أنها يسهل "بعجها" وإعادة تشكيلها .
وفي اللهجة الخليجية تُضرب مثلا للشخص الأبله الذي يصدق
كل ما يُقال له ، ويمكن توجيهه بسهوله ، وخفيف العقل ، ويردد
كالببغاء ما يقوله غيره بلا وعي ، ولايكتشف أنه قـد خُدع
إلا بعد فوات الأوان ، فيقــال : " فلان إتْـنِكـَه" !
وملخّص نظرية التنك السياسية هذه ، أن تقتصـــر مهــمّة
النظام السياسي فــي هذه الخطــوات :
الخطوة الأولى : ـ
مواصلة التعبئة في الوعي واللاوعي للشعوب العربية والإسلامية
أنها مجرد قطعــــان سائرة وراء الغرب المتطوّر ــ أو لنقــل :
قطع " تنك "بأعداد كبيرة جدا ! ــ وذلك بواسطة الإتهام المتكرر
لتراثها ، وتاريخها ، وثقافتها ، وشخصيّتها الحضاريّة ، بــل
نفس تركيبة العقل العربي والمسلم ، بأنّ ذلك كلّه من شأنه أن
يولّد الإرهاب ، والتطرف ، والتشدد ، والتخلف ، لاسيما
القرآن العظــيم ـ تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا ـ
ومنابر الجمعة ، والمساجد ، وكتب الفقه ، وكتب التاريخ
العربي والإسلامي ، وكــلّ ما له علاقة بالإسلام هو السبب الرئيس
في تخلف الشعوب ، حتى الحجاب ، واللحية ، وكليات الشريعة .. إلخ !!
وفي هذه الخطوة يتـــــم رفع الشعـــــــوب العربيّة إلى المستوى الأوّل
مــــن حالة " التنكية" ، وبلاريب يجب أن يكون هذا تحت الإشراف الأمريكي .
الخطوة الثانيــــة :
توجيه وسائل الإعلام توجيها منهجيا ، لتفريغ العقول من القضايا
المهمّة التي تحتاجها الأمّة اليوم وهـــــي خمســة قضايا :
أولا : إعادة الإعتزاز بالإنتماء إلى الإسلام على أنه المكوّن
الحضاري الأساس للأمّة ، على مستوى العقيدة ، والتشريع
والقيم الروحيّة ، والاخلاقيّة .
ثانيا : تحويل طاقات الأمّة من هذا الاعتزاز الذاتي بالهويّة والثقافة
إلى تحمّل مسؤولية نشر الإسلام عالميا متحديا برسالته
العلوية السماوية ، كلّ المناهج الأرضيّة الوضعيّة ، متحولا
من موقع الدفاع إلى الهجوم .
ثالثا : تحقيق الوحدة التكامليّة للشعوب في نظام سياسي موحّـد
يستــرد بلادها المحتلة ، ويخرج كل قواعد الإحتلال وملحقاته منها
ويعزز شخصيّتها الحضاريـّة عالميــّا ، ويحقّق استقلال القرار
السياسي للأمـّة ، والتكامل الإقتصادي ، والقوة العسكرية .
رابعا : توفير حقوق الشعوب العربيّـة والإسلاميّة كاملة ، وحفظ
كرامة الفرد ، وضمان بقاء النظم السياسية خادمة للشعوب أمينة
على حفظ دينها ، وكرامتها وحقوقها .
خامسا : تطوير العلوم اللاّزمة للنهضة الشاملــة العلمية
والسياسية ، والإدارية على مختلف الأصعدة ، تطوير هذه
العلوم ، وليس تخريب ( وليس هــو تطوير )
مناهج تعليم الشريعة واللغـة العربية !!
تفريغ عقول الأمّة من هذه القضايا ، إلى إشغالهــا
بثلاث قضايا تركّز عليها وسائل الإعلام :
ولاحظوا أن واقع وسائل الإعلام ، ومناهج الثقافة ، والمؤتمرات
وحتى شيوخ الدين يجب أن يركزوا عليها دائمـا !!
وهي :
1ـ مكافحة وهم "الإرهاب" ، وإشغال الدولة في ملاحقة شبحه
من تغيير المناهج ، وتفتيش المساجد ، وتنبيش عقول الشباب
إلى البحث تحت الثياب ، ووراء النقاب.. إلــخ .
وعلى شيوخ الفتوى أن يتفرّغُوا لتوعية الشعوب من هذا الخطر الداهم
ويجب تأجيل كلّ القضايا الأخرى إلى أجل غيـر مسمّى ، فلاشيء
أخطر على الأمّة اليوم ، من الإرهاب المختفي وراء النقاب ، وتقصير الثياب
ووراء الحديث عن توحيد الأمّة ، و الجهاد ، والتحذير من مكايد
اليهود والنصارى ، في المواقع الإلكترونية ، وزوايا المساجــد !!
في لهــث مستمر ، وحثيث ، ومجنون ، الهدف منه إبقاء الأمّة
في حالة شعور بالذنب ، والتخلف ، والبحث عن الذات ، والدفاع
عن النفس ، وتغييبها عما يحاك ضدها ، بل تحويلها إلى وقود
في المشروع الذي يهدف إلى إخضاعها !
2ـ الحديث المتواصل عن الإصلاح الأمريكي الجــديـد ، وخطوات
الإستجابة له في كلّ بــلد ، وإلى أيّ مدى وصلت ، والتبشيــر
بالمشروع الأمريكي الحالم ، الذي يرفع شعار الديمقراطية
والحرية وحقوق الإنســان ، بينما يخفــــــــي ثلاثة أمور :
أـ تجزئة وتفريق الامّة سياسيــّا ، وتخريب ثقافتها ، وأخلاقها .
ب ـ تفريغ المنطقة من احتمال بــروز أي لاعب استراتيجي فيها
غير الهيمنة الأمريكية .
ج ـ "تسليــعْ" كل شيء فيها للأسواق الأمريكية.
3ـ التركيز على قضية المرأة العربية المظلومة المسكينة التي
تعاني من اضطهاد الرجل العربي ، وامتدت إليها اليد الحانية
الامريكية لتنقذها من بؤسها وشقاءها !
وبهذا يكتمل المستوى الثاني من الحالة " التنكية " !!
الخطوة الثالثة :
تهيئة الشعوب للحالة "التنكيّة" الكاملة ، وهنا يحصل شيء
لايمكن تصديقه ، فيتم تخديــر العقول إلى أن تصدق بما يلي :
1ـ أنّ المحتل المغتصب الذي قتل من أمتنا الآلاف واغتصب وانتهك
كل الحقوق ، ما هو إلا محسنٌ ومتفضل على الشعوب :
إن أعطاها بعض القطع من أرضها ، ومكّنها من التصرف في
بعض إدارة شئونها ، أو حرّر المرأة فيها ـ بينما هو يستعبد الدولة
نفسها وتمتلأ سجون إحتلاله من أبناءهـا يسمومهم سوء العذاب
جهرا لاســرّا !! ـ كما يحدث في فلسطين ، والعراق ، وأفغانستان
على سبيل المثال .
2ـ أنّ الغازي المحتــلّ ، إنمــا هــو عاقل ، وحكيم ، وكبير
في سموه ، وأخلاقه ، لأنّـه جــاء ليعلــّم الشعوب الإسلامية كيف
تفهم القرآن فهما صحيحا ، وتنظر إلى الشريعة الإسلامية
نظرة معتدلة وسطية ، بحيث ترى مشروع الإصلاح الأمريكي
هو "المسيح المخلّص" ، وأما المقاومون فهم المفســدون في الأرض
يجب استئصالهم ، أو إيداعهم السجـــــــون !!
3ـ أن الأنظمة العربيّة عندما تسير وراء المشروع الأمريكي ، إنما
ـ منطلقة من حرصها الكبير والحنون على مصلحة شعوبها والذي
طالما اتصفــت به ـ تريد أن تحقق الرفاه ، والحرية ، وترتقي
بحال شعوبها إلى ما كانت تصبوا إليه دائما ، من حياة كريمة
يجد فيه الفرد لقمة العيش الشريفة ، ويأمن على نفسه من
قبضة الإستخبارات ، ووسائل التجسس ، وبطش البوليس السري
وتكميم الأفواه ، وإغلاق العقول ، ولهذا فإن طاعة هذه الأنظمة
وهي تسير وراء المشروع الأمريكي : هو مقتضى :
الشرع ، والعقل ، والإتزان ، والحكـــمة ، والمصلحــة !!
ونضرب هنا مثالا حيا على حالة " تنكية كاملة ونموذجية " :
فعلى الفرد من الشعوب العربية أن يصدّق ، أن أمريكا لاتريد
إخراج سوريا من لبنان من أجل حماية الصهاينة ، وطرد
الفصائل الفلسطينية من دمشق في إطــار المؤامرة لتقويض الإنتفاضــة
ولأجــل منع وجود أيّ لاعب خارج الهيمنة الأمريكية في المنطقة
بل من أجل تحرير لبنان ، ومنع الإستبداد ، وعدم السماح بوجود
جيش دولة في حدود دولة أخرى ، وعلى الفرد أن يصدق أيضا أن
وجود الجيش الأمريكي في العراق ، مع المخابرات والموساد الصهيوني
وما ترتب عليه من دماء وانتهاكات لايمكن إحصاؤهــا ، مع
استعمال كل وسائل الإستبداد العسكري ، والاستخباراتي ، والسياسـي
هناك ، والعبث بكل مقدرات العراق ، لايتناقض أبدا مع
المطالب الأمريكية لسوريا ، لأنّ ما تفعله أمريكا يختلف دائما ، وحتى
لو لم تـر ـ أيهــا الفـرد العــربي ـ الفــرق ، فاتهّم عقلك
ولا تتّهم السياسـة الأمريكيّة !!
وإذا انتهت هذه الخطــوة الثالثة والأخيرة من نظرية " التَنَك "
يتحقق نجاح المشروع الأمريكي .
ويتضح ذلك جليّا إذا تجوّل الأمريكي في بلادنا ، فنظر إلى الناس
فـرآهم "علبا" من "تنك" تتحرك : تضربــها وسائل الاعلام التي هي
أبواق للمشروع الأمريكي فتردد الضرب بأعلى منها كالببغاء
لكن بحماس أكبر ! ، ويشكلّهــا هذا المشروع كما يشاء أن يشكلّها
ثـــمّ هـي ـ كالتنك ـ لاتستحق أن تتحمّــل إلا أتفـه القضايا
وأخسّ الهمم ، فيعلم حينئذ أن هذه النظريّة قــد تم تطبيقها
بأمـــــانة تامة في بلادنا العــربــيّة !
أما من يدعو أمّتنا إلى أن تكون أمة القرآن ، والحديد الذي
فيه البأس الشديد ، فإنّه من التكفيريين ، أو المتطرفين ، فالحديد
لايصح أن يكون إلا للقوات المحتلة ، وأما حقّ شعوب المنطقة فهو
نظرية "التنك" فحسب ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعــــــون ..