المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الميلاد (قصة قصيرة)



فارس العشق
09 - 10 - 2004, 01:54
الميلاد

القماش الأبيض.. والخيوط الذهبية, وبعض الخرز الملون, كل ذلك كان يحمل معنى واحداً, اقتراب فيض النشوة...والفرح.
بدأت في إعداد مفرش العرس, هكذا جرت العادة لكني أصر علي وجود الخرز الملون أيضاً.. لا بد أن أقتنص البهجة, صحيح أن الأمريكان يشنون حربهم الشعواء ولكنني سأجتهد لأفرح, بعد أسابيع قليلة يعود(حسين) من (البصرة) ونبدأ في تجهيز كل شئ..

أعمل بهمه لأنهاء التطريز حتى لا أشعر بالبرد, برغم انتصاف الشتاء.
"حرب قذرة" هكذا هتفت وأنا أسمع صوت القنابل التي تدك الأحياء المجاورة.. منذ قتلوا جارنا (أبو خالد) ودمروا أحد المساجد.
تمنيت أن يأتي حسين ونسافر بعيداً .. إلى مكان آمن .. مجرد حلم .. يؤلمني أن استيقظ منه كل يوم علي أصوات الدبابات.

كل شئ يحترق في المدينة وأصبح صوت القنابل مألوفاً في آذاننا .. والكل يخاف من مجرد فكرة الخروج من البيت..
ليلة قارصة البرودة .. والأمطار بدأت تنهمر .. هناك صوت في الخارج .. ربما تساقط المطر .. لا .. طرق عنيف على الباب
- من؟
- افتحوا !!!
لكن أحداً لم ينتظر أن نفتح .. وكسروا الباب .. كانوا أمامنا بزيهم العسكري المقيت وألواح الشيكولاته في أيدي بعض منهم , جذبوني من شعري الي الخارج .. الرصاص ..
وسمعت أمي تصرخ : لاااااااا اتركوا (فاطمة) !

الحافلة تسير ببطء وسط هطول الأمطار, إنني لست وحدي, معي بنات الحي .. في الطريق كل شي كان واضحاً .. نحن في الطريق إلي (سجن أبو غريب) , لا توجد احتمالات أخرى, فبعد ساعات ستنتحر كل معاني الأمل والأخلاق.
"الي أين يأخذوننا" صرخت(هالة).. -"كيف جئت الى هنا"
-كنا في بيت خالتي .. عندما أتي الجنود وأخذوني..
أحتضنها بعنف .. ويعلوا نحيبـي .. ما ذنب الطفلة ذات السنوات السبع .. لماذا تأتي معنا الي هذا المكان الموحش .. دارت تلك الأفكار برأسي.. أحسست أنني أريد أدخلها في أحشائي وأنا أضمها بقوة وأغسلها بدموعي المريرة ونار الغضب تشتعل بداخلي..
- انزلوا Get out
تماماً كالعبيد والإماء .. وربما أسوأ...

في إحدى الغرف الباردة تكومنا .. الوجوه شاحبة .. الأبدان مقشعرة .. ومع انتصاف الليل جاء الضابط المسئول عن السجن .. عبثاً حاولت أن أخفي (هالة) لكنه رآها .. فأشار إليها
- لن تأخذها
- وأنت معها أيضاً
بينـي وبينها جدار تخترقة صرخاتها المذعورة .. وأمامي أحد كلابهم .. لم أستطع أن أصرخ مثلها أنا الأخرى .. انتهي كل شيء ولم يعد للدموع أية معان........
ماتت (هالة) ....
ربما كنت أفضل منا حظا يا هالة .. علي الأقل لن تعيشي مكسورة مثلنا ..
الأيام تمر ثقيلة .. وظلمة المعتقل لا تعرف معني كلمة الشمس.. ومازلت

أحلم بك
يا (حسين) ـ علي استحياء ـ وأنا أنظر إلي بطني التي بدأت تعلو ...
لم يعد لوجود هذا العدد من الحوامل داع في سجن (ابو غريب) لذا حشدونا في ذات الحافلة وي الصباح سارت وسط الضباب الذي ظهرت من خلفه الشمس المنكسرة أو هكذا رأيتها..

مع انتصاف النهار وصلنا ..
أنزلونا علي قارعة الطريق , وتمنينا أن تبتلعنا الأرض فبل أن يرانا أحد .. لكن الشوارع كانت مليئة بالحزن لدرجة أن أحداً لم يحفل بوجودنا .. او لم يعبأ بوجودنا ..
أدق باب المنـزل .. من سيفتح لي ..
(حسين!)
وقفت لحظة وهو يتأملني .. ملأت الدموع عينية وهو ينظر الي بطني المنتفخ .. لا ... لا

لن أحتمل أن يراني هكذا .. أطلقت ساقي للرياح والدموع تغرقني ..
قادتني قدماي الي الأحراش القريبة .. اختفيت بين الشجر .. وبدأت أنوح .. وتخيلت أن الكون كله يردد بكائي ..
ولكن مهلاً .. لم يكن ذلك تهيؤاً أو خيالاً ..
كلهم كانوا هناك .. زميلات المعتقل
) زهرة ) و )ريم) وغيرهن ..

أحسست بالدفء ونحن نجتمع حول الحطب المشتعل ..
-"هل المكان آمن"
- "نعم .. فلا يوجد سوى بعض الذئاب وهي تخاف النار"
آلام المخاض ..
ولا أريد أن أضع بنتاً .. كم أكرة هذه البذرة الخبيثة في أحشائي ..
لكني أحس أنني أريد هذا الجنين وسأموت لو مات .
" طفلة جميلة " لا بأس
ضممتها فأحسست دفئاً يغمرني, يدها الصغيرة أطبقت علي إصبعي .. احتضنتها .. ابتسمت .. أحسست أن أشجار الغابة تهتز ابتهاجاً
وأن نجماً صغيراً يلمع متألقاً في الظلام معلناً وجودة و عن لحظة خاصة جداً

لحظة الميلاد

تمت بحمد الله

تحياتي

فارس العشق,,,

بنت زايد
09 - 10 - 2004, 13:18
مشكوووووووووووووور أخوووووي على القصة ....

عاشق السمراء
14 - 10 - 2004, 15:33
مسااااااااااااء جميل ...



كنت اقرأ معك واتابع احداث قصتك

فارس العشق ..

شكرا لهذه الاحداث !!

رائحة الصمت
07 - 11 - 2004, 10:28
مرحبا..

النص مباشر جدا جدا مما رككه في بعض المواقع... بين الثنايا هناك لغه تحتاج الى صقل.. اكثر من القراءه واعتقد انك قد تبلغ مرادك من نشوة كتابه النص القصصي بعد بعض الوقت.