المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذكرات مخطوبه



الحائره
21 - 09 - 2004, 14:59
محبا بكم اعضاء النبض وحشتوووووني وايد ووحشني النبض ومواضيعه غبت بسبب انقاع الانترنت مده عنه




حبيت احط ليكم قصة.. عجييبة.. مو بس عجييبة.. تخلي الواحد يندمج وياها..
هي عبارة عن حلقات..
اليوم بحط ليكم ليكم الحلقة الأولى
ملاحظة صغيرة:منقولة






نــــبـــــدأ على بركة الله



الحلقة الاولى:




" نعم .."

قلتها و أنا أطرق رأسي خجلة مرتبكة .. و قد خرجت هذه الكلمة من شفتي دونما أي صوت .. لأجيب بها على سؤال الشيخ العالق منذ ثوان طويلة ..
ينتظر فيها إقرارا ً مني بقبول عصام زوجا لي على سنة الله و رسوله ..

و كان أن ناولني بضع أوراق لأوقع عليها.. كميثاق و توكيد على العقد ..
فأخذتها منه بيدين ترتجفان.. و أمسكت القلم لأخربش توقيعي عليها بعد جهد جهيد في محاولة مني للسيطرة عليه ..

انطلقت الزغاريد تجلجل المكان ..
كما أرتفع صوت ( المُلايـّة ) أم سيف و هي تغني ما شاء لها المولى أن تغني من أفراح و مواليد .. ليتمايل على أنغامها جسد ابنة خالتي( صفاء ) .. مشاركة الجميع فرحتهم بتزويجي ،،

نبض قلبي كان قد ازداد فجأة.. لدرجة أني تخيلت أن صوت خفقانه أعلى من صوت الطبل نفسه.. و أن الجميع إنما يتراقص و يتمايل على دقات قلبي ليس إلا !!

و مضى الوقت ثقيلا .. و أنا ما زلت في ارتباكي .. و في فستان عقدي الأخضر.. و قد انطبع الخجل فيّ .. كما انطبعت النقوش الذهبية على جميع أطراف الثوب ..


" مرام.. ابتسمي ! "

هكذا نادتني المصورة ( الفلبينية) و هي تطلب مني تعديل وضعيتي للمرة الألف,, و رسم مختلف أنواع الابتسامات على وجهي ... فقط من أجل التقاط عدة صور لي في مثل هذه المناسبة !!

قفزت صفاء ( ابنة خالتي المقربة ) إلى جانبي و هي تطبع قبلة سريعة على خدي .. ثم تحيطني بذراعيها لتطلب من تلك المصورة التقاط صورة مشتركة لنا معا ,,

ثم نغزتني صفاء بكوعها و هي تدندن ,,

" مريوم عروس .. مريوم عروس ..

لين زفوج يا مريومي للمعرس .. بالج تستحين !! "

و حركتها هذه ما زادتني إلا ارتباكا ً .. و اصطباغ وجنتي باحمرار الخجل الشديد ..
فأنا ما زلت غير مصدقة أني قد صرت فعلا في نظر الشرع و القانون زوجة لأحدهم ..
و أني قد صرت سيدة .. أو بمرادف آخر .. أصبحت ( مدام مرام ) !!

اقتربت أمي مني بعد حين، لتخبرني أن عصام على وشك الدخول بعد عشر دقائق ,,
و لا أدري لما شعرت برغبة جامحة لحظتها في أن أنزع ثوب العقد و جميع ما علي من حلي و كذا المشمر الأخضر الذي غطوني به ..
و أن.. أن أهرع إلى حجرتي ...أو إلى أي مكان آخر حيث يمكنني فيه البكاء ..

فنظرة أمي الفرحة فيّ .. ما كانت إلا لتؤجج رغبتي العارمة في البكاء ..

إلا أني تمالكت نفسي في اللحظة الأخيرة .. و حاولت جاهدة أن أضبط من زمام دموعي .. فقط لكي لا يسيح الكحل و (المكياج) فيضيع تعب الكوافير هباءً منثورا ..!

و لكي لا أصبح أضحوكة الحفل و حديث الموسم ..
فأنا الآن سيدة و زوجة .. و البكاء في مثل هذه المواقف لا يليق أبدا بالسيدات و النساء الكبيرات ,,

" مرام .. اصبري .. ما هي إلا ساعات و سينتهي الحفل.. و سينصرف الجميع .. و ينتهي كل شيء ! "

تداركت تفكيري..
" لا... ليست هي مجرد ساعات قليلة .. بل هي ورطة للعمر كله .. و لا فكاك منها .."

وقفت بناء ً على طلب إحدى خالاتي .. و التي اقتربت مني لتضبط من وضع المشمر الأخضر الشفاف ، مسدلة إياه على وجهي .. مانعة عصام من رؤية ملامح وجهي المرتبكة ..

" المعرس سيدخل حالا ً "

نطقت إحداهن من الحضور .. و بالتالي عمت شوشرة بين الجميع .. واشرأبت جميع الأعناق إلى حيث لمحت أنا أيضا خياله على باب المجلس !

و خيال عصام وحده و هو بثوبه الخليجي و ( البشت ) البني .. جعلني أرسم على وجهي ابتسامة مرتبكة ..
و مع هذا فإن خياله أبدا ما كان ليخفف عني التوتر العنيف الذي انتابني في تلك اللحظة .. فقد شعرت بأطرافي جميعها ترتجف من شدة التوتر و الارتباك !!

اقترب عصام و اقترب.. و هو محفوف بأخواته و خالاته و عماته.. و الكثيرات ممن كنت أجهل صلة قرابتهن به ..

و أخيرا وصل عصام إلى حيث وقف أمامي .. أمامي مباشرة !!!

رفع عصام طرف المشمر .. ليكشف عن ملامح وجهي .. و قد أصبحت زوجته و حلاله ..

أطال عصام النظر إلى وجهي ..
و التقت نظراتنا بعمق للمرة الأولى ..
لحظتها فقط .. أدركت أني قد صرت فعلا زوجة.. و أن هذا العملاق الماثل أمامي ما هو إلا .. إلا زوجي ..!

عاشق السمراء
22 - 09 - 2004, 03:45
مسااااااااااااء جميل ...



معك اختي الحائرة ..

سأترقب ما تبقى من القصة ..

عشت لحظاتها واحداثها .. !!





شكرا لاختيارك .. في انتظار البقية من الاحداث!!

دندنة على سن القلم
24 - 09 - 2004, 02:54
أيتها الحائرة غبت طويلا ورجعت بقوة ، وبقصة مشوقة رائعه بحق ، فيحق لنا ان نطالب بالجزء الثاني والثالث ..

اختي الحائرة هل هذا الابداع خارج من العقل بتوقيع من القلم ...

الحائره
03 - 10 - 2004, 21:31
الغرور




لماذا هذه الصفه متنشره بيننا لماذا؟؟؟



** هــــــل هم مخلوقين من الذهب وغيرهم مخلوقين من طين!!


** هـــــــل ينامون على ريش النعام وغيرهم على التراب!!



**هل يأكلون شيء غير الذي نأكله!!


** هل يلبسون الحرير!!


للأسف أنهم اذا كانوا أقل منا لن يكونوا أحسن منا في شيء
بل نحن أحسن منهم بسموا روحنا وحسن خلقٌنا

فلماذا اذاً هذا الغرور؟؟

لدرجة أنك اذا سلمت عليه لايرد عليك السلام!

الا يعلم ذالك المغرور ما فعل الغرور بي أبليس

أخرجه غروره من الجنه وجعل من أصحاب النار0


لأكن للأسف من رؤيتي أنا
أن اغلب من يتصف بهذه الصفه ((الحمقاء))

للأسف
لايحملون الشهادات العلميه العاليه
ولا مراكز مرموقه
ولا أموال طائله
لماذا اذاً يتكبرون على الناس؟

هل أصبحت هذه الصفه غريزه في نفووسهم لايستطيعون التخلي عنها؟

للأسف أن من حملوا الشهادات

ووصلوا الا أعلى المراتب والمراكز
ولديهم أموال طائله

لم يغترو بما لديهم
لانهم يعلمون أنهم اذا ناموا بها لم يصبحوا عليها



ولن يبقى لهم في هذه الدنياء الأ ذكرهم الطيب بين الناس

لأننا جميعاً مخلوقين من طين وأولاد آدم وحواء








الحلقة الثالثة:



جاءني صوته مرتجفا هو الآخر ,, في محاولة منه لتمزيق حدة الصمت المسيطر على الموقف ,,

" إنك جميلة جدا يا مرام .. في الواقع أجمل بكثير من الصورة ! "

إطراؤه العفوي هذا جعلني أرسم ابتسامة واهنة على شفتي ,,
و لأني لم أكن لأجد أي تعليق أعقب به على مثل هذه الجملة ,, فقط ابتسمت !!

و استرسل صاحبنا عصام .. " عفوا أقصد زوجي عصام " في مدحي و .. و !!

و فجأة على حين غرة ..
انفتح الباب قاطعا عليه شريط المدح الذي أكاد أجزم أنه قد حفظه من أصدقائه ذوي الخبرة حفظا !

أطلت نور ( ابنة خالتي الصغيرة و التي لا تتجاوز الثلاث سنين من عمرها ) بوجهها البريء علينا من خلف الباب !!

إطلالتها البريئة تلك جعلتني أرسم ابتسامة حقيقية و لأول مرة في هذه الليلة الحافلة ..

تقدمت نور بخطوات غير متوازنة إلى أن تربعت أمامنا على الأرض .. واضعة إحدى يديها على الطاولة الصغيرة الموجودة هناك !

و تسمرت الصغيرة هناك .. دون أي حراك .. فقط فتحت عينيها على آخرهما .. و لكأنها بهذا تشاهد أبطال مسلسل أسطوري .. أو أميرة فلم حقيقية !!

وجود نور معنا قد أراحني كثيرا .. فنور هذه هي معشوقتي الصغيرة بلا أي منافس ..
إلا أن عصام و على ما يبدو .. قد تضايق من تواجدها .. فرسم شيئا من العبوس على وجهه.. ليتعاقد حاجبيه ..
و تعاقد حاجبيه هذا لفت نظري .. فكثيرا ما تمنيت أن يرزقني المولى بزوج ذو حواجب معقودة !!

" صغيرتي ..

أمك تناديك في الخارج .. "

و لم تتحرك الصغيرة البتة !!!

" حبيبتي.. أمك هناك تبحث عنك في الصالة "

و لا جدوى .. و لا حراك.. فما زالت نور متسمرة متأملة ..

إلا أنه و للأسف الشديد.. قد لمحت خالتي ليلى بعد دقائق قليلة ابنتها نور .. و هي متسمرة أمامنا .. لتختطفها منا محرجة معتذرة .. ثم لتنصرف مجددا .. تاركة إياي و عصام لوحدنا مجددا ..!!

طالعت عصام بطرفي ..

" ها عصام .. ها نحن ذا لوحدنا مجددا ً .. هيا أكمل سيمفونية المدح و الإطراء ..!! "

قلتها في أعماقي بصمت ..

و لكم كنت أخشى بالفعل أنه سيبدأ بسرد قصة آدم و حواء علي ّ .. كما فعل صديقه علي .. خطيب صفاء ..
إن فعل عصام هذا .. فإنني سأنام لا محالة ..!! فأنا جد متعبة .. !

كما أن مغزى قصة آدم في مثل هذه الليلة جد قوي ..

أي بما معناه أنه وداعا للحرية .. و يا ألف أهلا و سهلا بالسيطرة و الطاعة المطلقة !!!..

الله يستر !!

انتبهت من تفكيري على سؤال عصام إياي إن كنت أشعر بالسعادة !

و احترت في أمري بما أ ُجيب.. إذ أني و في هذه اللحظة بالذات لا أشعر بأي شيء..
عدى الخوف و الارتباك.. و لا شيء غيرهما سوى التعب و الإرهاق !!

و أنقذتني ريما ( أخت نور ) باقتحامها المجلس علينا دونما سابق إنذار .. من البحث عن جواب لسؤاله ..

تقدمت ريما بكل جرأة و براءة .. لتجلس فيما بيننا .. و ريما هذه تبلغ من العمر ثمان سنين .. و هي جريئة و مشاكسة إلى أقصى درجة !!

وضعت ريما رجلا فوق رجل و هي تبتسم لنا فرحة سعيدة ..

" ما أسمك يا حلوة ؟؟!! "
" ريما .. " و هي تهز كتفيها متفاعلة ,,
" اسم حلو يا ريما .."

و في محاولة للتحايل من عصام على ريما .. و تصريفها قال..

" هناك من يناديك في الخارج.. كأني سمعت أحدهم يصرخ مناديا .. ريما ... ريما .."
" لا .. لا أحد يناديني .. !! "
" أظنها أمك ..
هلا ذهبتي إليها .. فهي تريدك في شيء مهم بلا أدنى شك "

" لا .. قلت لك .. لا أحد يريدني ..
ثم أن أمي قد قالت لي أنها لا ترغب في رؤية وجهي مجددا الليلة .. !! "

و استماتة عصام في طرد ريما بأسلوب لائق .. جعلتني أضحك ..
بل ربما هو عناد ريما .. و جرأتها في الحديث معه .. هو ما جعلني في الواقع أضحك و من أعماق قلبي عليهما ..

أطلت خالتي علينا بعد حين .. لتسحبها من بيننا سحبا ... و ريما تصرخ مطالبة بالبقاء بيننا .. لترى ماذا سنفعل .. و فيما سنتكلم !!

" تفكير الأطفال و براءتهم شيء عجيب .. فلكم تعجبني عفويتهم في التفكير.."

تنهد عصام .. و قد رحلت ريما أخيرا .. و خلى له الجو ..

أما أنا فقد ارتخت أعصابي نوعا ما بإطلالة نور و ريما .. فبدأ أشعر بشيء من الراحة و العفوية ..

أو لنقل أني بدأت أتقبل فكرة أني إنسانة مخطوبة .. و أن هذا الماثل أمامي و المدعو عصام هو زوجي شرعا على سنة الله و رسوله ..


أخبرني عصام في ضمن حديثه المسترسل أن دوامه اليومي في شركة المقاولات الضخمة منذ الساعة السابعة صباحا .. إلى الساعة الرابعة مساءً !

و معنى كلامه هذا أنه لن يتمكن من رؤيتي إلا بعد الرابعة في كل يوم ..

و هذه النقطة أراحتني نوعا ما .. إذ أنني سأتمكن من النوم غدا إلى الساعة الثانية ظهرا .. دون أن أقلق و أنا أنتظر إطلالة عصام علي في كل صباح كما يفعل المخطوبون ..

إلا أن فرحتي لم تكمل .. فقد عقب عصام بعد لحظات قليلة أنه حاليا في إجازة لمدة أسبوعين .. و أنه سيمر عليّ غدا ً في الظهيرة .. لنتناول الغداء في بيت أهله !

" أووه.. لا مفر ..
فلا حرية بعد اليوم.. فقط مزيد من الارتباطات و المسؤوليات .. !! "

هكذا همهمت بين نفسي و نفسي .. و أنا أرقب الساعة المعلقة و عقاربها البطيئة تتأرجح مشيرة إلى ما بعد الثانية صباحا بقليل ,, !!

" متى يا سي عصام ناوي اتروح ..!! فيني النوم يا بيه .. ما تروح بئه !! "


و لكأن عصام قد قرأ أفكاري .. فقد وقف عريسي و هو يستأذن في الانصراف .. واعدا إياي بالقدوم غدا ً

" هل يا تراه سيستأذن في الانصراف فيما بعد .. لو تزوجنا فعليا ً .. و بتنا تحت سقف واحد ..؟؟!! "

و مجرد فكرة الزواج الفعلي .. و كوننا سنكون معا يوما ما .. تحت سقف واحد .. جعلتني أرتجف مجددا ..
لأهرع بعد رحيله ..و بكل ما أوتيته من قوة و خوف .. إلى حيث سريري ,, لأتدثر حينها ب (شرشفي ) .. مسلمة ً نفسي إلى نوم عميق .. هاربة ً به من أحداث اليوم المتسارعة ..!

و نمت بثوبي .. دون أن أغسل وجهي .. أو حتى أن أمسح (المكياج) من عليه !
</B>



__________________

الحائره
03 - 10 - 2004, 21:39
آسفه هذه هي الحلقه الثانيه


طأطأت
رأسي ..
و قد ارتفع ضغط الدم في عروقي بفعل الحياء طبعا .. لتتمزق شرايين وجهي.. و يتدفق الدم الأحمر إلى خارجها.. إلى حيث يصبغ وجنتاي بلون وردي محمر.. كلون الدم تماما !!

بقبلة الرأس هذه انطلقت الزغاريد و ارتفع صوت ( الملاية ) أم سيف مجددا بالأفراح و المواليد ..

في حين أن خالاتي و كذا أمي .. تكفلن بتوزيع ( الشربات ) و العشاء على المعازيم ..


جلس عصام بالقرب مني .. لا أقصد ملاصقا لي على تلك الكوشة البسيطة و التي تصدرت مجلس بيتنا المتواضع ,,

و لكم تمنيت في أعماقي لو يبتعد عني قليلا .. و لو بمقدار شبرين .. فقط لكي أتمكن من التنفس بصورة طبيعة ..

فوجود رجل غريب إلى جانبي.. جعلني أشعر باختناق و ارتباك شديدين ..

" أووه.. لا.. عصام ليس بالرجل الغريب.. فهو زوجي .. زوجي !! "

هكذا حاولت إقناع نفسي بعدم جدوى الارتباك ..

إلا أنه عوضا عن أن يبتعد كما كنت أتمنى .. اقترب مني أكثر و أكثر .. ليتناول يدي بين يديه بناءً على طلب تلك المصورة ( الفلبينية ) !!

و حدث أن أحضرت جدتي في تلك اللحظة إناء الزعفران و ماء الورد..
فمن ضمن عاداتنا أنه يتم سكب ماء الورد على أصابعنا المتشابكة ..

و حانت أيضا بعد ذلك لحظة لعق العسل .. فبناءً على أوامر جدتي أ ُجبرت على لعق العسل من أصابع خطيبي المبجل !! ..

" و يااااااخ .. !! "

فقد ارتسمت ملامح العبوس و شيئا من التقزز تلقائيا ً .. و أنا أجبر نفسي على لعق العسل من أصابعه !!

إلا أنه و لله الحمد فقد عدى الموقف على خير.. و لم أفرغ كل ما في جوفي كما كنت متوقعة ..

مضى الوقت بطيئا نوعا ما .. و ها أنا ذا لازلت صامتة ..
لم أتمكن من أن أنبس ببنة شفة ..
أو بالأحرى أني لم أتمكن من أن أنطق بأي كلمة ..
فنظرات عصام الملتهمة .. و ابتساماته الواسعة .. زادت كليا في ارتباكي .. و منعتني تماما ً من الحركة.. فكيف ذا بالكلام !

فقط أطرقت رأسي .. و أطرقته و أطرقته ..

إلى أن انتهى الحفل على خير .. و انفض الحضور و بدأ المعازيم بمغادرة منزلنا ..

و ها ذا .. لم يبقى في النهاية إلا أنا و.. هو .. و أمي و بعض المقربين من الأهل !!

نغزت أمي إلى خالتي ليلى ,, و التي هي كـُبرى خالاتي .. لتقترب مني و هي تطلق زغرودة طويلة .. فرحة .. باسمة ..

" مبارك عليكم يا معاريس .. و عسى الله يهنيكم ! "

ثم قادتني مع عصام .. إلى حيث المجلس العلوي ..

و لا أخفي عليكم أني كدت أنزلق أو أتهالك على عتبات الدرج عدة مرات ..

ربما من شدة ارتباكي.. أو ربما من خوفي الشديد من الإنفراد به ..
وحدي معه .. بين أربعة جدران مغلقة .. !!

أو ربما من شدة الإعياء.. و الأرجح أن السبب يرجع إلى جميع هذه العوامل بالإضافة إلى طول ثوبي.. !!

في داخل المجلس .. جلس عصام على طرف الكنبة .. بينما أنا اخترت الطرف الآخر لها .. و البعيد جدا عنه ..

و طأطأ رأسي إلى حيث الأرض تلقائيا .. يبحث عن أي شيء فيها .. لأعلق نظراتي عليه ..قد يساهم في الامتصاص من حدة ارتباكي ...

أطلقت خالتي ليلى زغرودة أخرى .. و هي تتمنى لنا السعادة مجددا ..
ثم سحبت معها بنات خالاتي الصغيرات .. لتغلق علينا الباب .. تاركة إيانا لوحدنا ..


" لا......!!!

مهلا خالتي ..

لا تغادري أرجوك .. لا تتركيني لوحدي ..مع هذا العصام .!! "

هكذا صرخت في أعماقي ,, و لكن دونما أي صوت طبعا ..

و عادت أنظاري لتتركز على الأرض رافضة أن تنطلق بحرية .,
فها أنا ذا قد فقدت الحرية المطلقة بارتباطي .. و قد أصبح عصام زوجا قواما مسئولا عني !!

نظرات عصام المتفحصة شعرت بها كنار تكوي وجهي ..

ليصبح أحمرا .. أحمر !!

و اقترب عصام زحفا على الكرسي .. ليجلس بمحاذاتي !!

و لأبدأ أنا بالصراخ ..

" هييييي !!!

عصام .. ابقَ حيث أنت ,, لا تقترب .. فالمنطقة محظورة !! "

و طبعا كانت صرخاتي صامتة .. و في أعماقي فقط .. و لا صوت لها !! "

</B>



__________________

عاشق السمراء
05 - 10 - 2004, 01:01
مسااااااااااااء جميل ...



اهلا بك اختي الحائرة ..

الظاهر في امتزاج بين الحلقتين ..!!

الحائره
05 - 10 - 2004, 21:06
الحلقة الرابعة:







استيقظت فزعة على رنة ( الموبايل ) و كنت بالكاد أستطيع فتح عيني ..

و لما لمحت أن الساعة ما زالت عالقة على الثامنة صباحا .. كان بودي فعلا أن أرمي الهاتف المحمول و صاحب الاتصال في سلة المهملات ..! و أعاود نومي ..

و لم أرد على الاتصال مع إدراكي التام أن عصام هو المتصل في مثل هذا الصباح الباكر ..
لا لشيء.. فقط لكون صوتي كان لا يزال نائما ..

حاولت أن أعود إلى النوم مجددا .. لكن لا جدوى .. فقد هرب النوم مني بلا رجعة ..
و لا مفر من النهوض من على السرير ..

غسلت وجهي .. و نزعت ثوب العقد.. و لبست عوضا عنه شيئا بسيطا.. مريحا في اللبس..!

و نزلت إلى الطابق الأرضي.. حيث استقبلني أفراد عائلتي بوجوه باسمة .. تعتليها الفرحة الصادقة .. و قد كانوا جميعا ملتفين حول طاولة الإفطار .. ينتظرون قدومي ..

تزحزح أخي محمد من على الكرسي الملاصق لأمي.. سامحا لي بالجلوس عليه و لأول مرة !! ..
فهذا الكرسي هو المفضل لدى الجميع .. و الذي كنا نتعارك عليه كثيرا منذ صغرنا ..

أما أمي.. فقد نهضت من على كرسيها و عانقتني و قبلتني .. ثم شرعت ببكاء ٍ لا مبرر له ..

و لما هممت بعد حين بتناول كأس الشاي اليومي .. إذ بأسماء أختي الصغيرة.. ذات الستة أعوام .. تندفع إلي في محاولة لعناقي و تقبيلي .. و كانت للتو مستيقظة من نومها ..

و لم أتدارك نفسي جيدا عند هجومها .. فقد اضطرب كأس الشاي في يدي .. و اندلق على يدي .. حارا لاسعا .. ليحرق لي إصبعي ,,

" و أأأأي.."

فها قد تحول لون إصبعي إلى الأحمر .. و بدأت لا إراديا أصرخ من شدة الألم..

أما المسكينة أسماء.. فقد تجمدت في مكانها .. خائفة من العقاب المتوقع .. و.. و شرعت في بكاء ٍ عنيف متسارع ..

أنقذتني أمي بوعاء الثلج البارد .. أضع فيه إصبعي المحترق .. في حين أنها حدجت أسماء بنظرة .. جعلتها ترفع نبرتها في البكاء ..

" خير يا ابنتي.. خير إن شاء الله ..
فدلق الشاي فآل خير.. لا تخافي حبيبتي.."

و في صميم طوارئ هذا الموقف .. ارتفع رنين جرس الباب .. ينبئنا بقدوم أحدهم ..

فتحت الخادمة ( صوفي ) الباب للطارق .. و إذ بعصام.. على الباب متسمرا في مكانه ..

و لا إراديا .. عندما لمحت خياله أمامي .. أنزلت رأسي بسرعة إلى تحت الطاولة .. في محاولة مني للتستر من نظراته كرجل غريب علي .. و نسيت تماما أني قد حُـللت له بالأمس .. و قد صار عصام زوجي شرعا ..

و كانت ضحكة محمد .. لتجعلني أتنبه إلى تصرفي الغريب هذا .. فأستدرك موقفي بسرعة ..

بعد تحية ألقاها عصام على الجميع .. تقدم مني .. و مد لي يده مصافحا ..
تسمرت في مكاني .. و قد شلت يدي في مكانها .. رافضة أن ترتفع لتصافحه .. و خصوصا أنها كانت لا تزال متورمة من أثر الحرق ..!!

إلا أني بالكاد .. تمكنت أخيرا من أن أنقذ يده العالقة من طول الانتظار.. فمددت لي يدي المرتجفة مصافحة ً إياه !!

و لمح عصام تورم إصبعي .. فسألني و قد ارتسمت على وجهه أمارات الاهتمام الجاد بما حدث لي ..

" إنه مجرد حرق صغير .. "

هكذا همهمت له .. و لا أدري إن كان قد سمعني فعلا أو لا ..
و لكنني أظنه قد فهم ما حدث من بقعة الشاي التي كانت لا تزال موجودة .. و بكاء أسماء المتعالي ..

أصر عصام علي أن أذهب معه إلى المستوصف القريب منا لمداواة حرقي ..
و لم يكن لي أي رأي أبديه في مثل هذه المسألة ..

فعينا عصام كانتا تتقدان بوميض خوف و قلق عجيب ..

و فيما لو فكرت مثلا في الاعتراض أو رفض عرضه هذا .. فإن وميض عينيه بلا شك سيتحول إلى وميض غضب شديد ..

هكذا خمنت .. و لكي أتأكد فقط من صحة نظريتي قلت بشيء من دلال ..

" لا داعي للمستوصف.. إنه حرق صغير فقط "

و صدق ظني .. فقد اشتعلت عينيه بوميض غريب .. و هو يقول ..

" هيا بنا .. "

و هكذا لبست عباءتي على عجل .. و تبعت عصام إلى خارج المنزل .. إلى حيث كانت سيارته بانتظارنا ..

تقدمني عصام إلى السيارة .. فاتحا لي الباب الأمامي ..

و لا أخفيكم سرا ً .. أن شعورا عجيب كان قد تسلل لي و أنا أركب إلى داخل السيارة ..على الكرسي الأمامي لها .. محتلة صدارتها..

و تمنيت لو أني كما احتللت صدارة سيارة عصام.. أني قد احتللت أيضا صدارة قلبه ..

لكن لا يزال الوقت جد مبكر على مثل هذه الصدارة ... فالحب أبدا ً لا يأتي بين يوم و ليلة .. و لابد من عشرة حقيقية ليتولد حب طبيعي فطري بين أي اثنين ..
</B>



__________________

الحائره
05 - 10 - 2004, 21:07
الحلقة الخامسة:








" حاولت الاتصال بك في هذا الصباح .. لكن لا من مجيب !! "


هكذا بدأ عصام حديثه معي قاطعا الصمت المسيطر على السيارة و علينا ..

أطرقت رأسي و أنا أعتذر له .. كوني كنت نائمة و جد مرهقة ..

" أها .. هكذا إذن .. أنا الآخر كنت أشعر بالتعب و الإرهاق الشديدين ... "
عقب عصام مبتسما ..

ثم أخذ يعبث بأصابعه في موجة المذياع ليثبته على نشرة الأخبار ..
و قد كان المذيع حينها يعلن عن خبر عاجل يفيد بعدد القتلى في حادثة انفجار جديدة في العراق المنتهك الحقوق !

و لمحت شيئا من علامات الاستياء الشديد ترتسم على وجه عصام و هو يستمع إلى مثل هذا الخبر المؤلم ..

تمتم عصام بعد حين من الخبر ساخطا ً

"لابد من ردة فعل عربية قوية .. و إلا فإننا سنخسر العراق إلى الأبد .. كما خسرنا القدس من قبل !! "

سألني عصام مريدا ً اشراكي في شيء من الحديث عن توقعاتي المستقبلة بما يختص بحادث الانفجار المريع هذا ..

عبست ملامحي ..
فانا لست محللة سياسية لأتوقع ما أتوقعه بشأن العراق ..

إلا أني أخبرته فطريا و بشيء من الاقتضاب .. أن الوضع سيتأزم أكثر و أكثر و أن العرب كعادتهم سيكتفون بموقف المتفرجين كالعادة !

و ارتقبت ارتسام شيء ما على وجه عصام يشجعني على الاسترسال أكثر في الحديث ..

لكن .. ظل وجه عصام جامدا .. و قد انعقد حاجبيه أكثر و أكثر ..

لذا آثرت الصمت .. بل أني قد صمت بالفعل ..!!

و سرحت أنا الأخرى عبر نافذة السيارة .. أرقب عبرها معالم الطريق و هي تمضي أمامنا بسرعة ،،

و لما تنبه عصام أخيرا ً من شروده .. نطق قائلا ..

" عذرا مرام .. فقد سرحت بفكري قليلا ..
فأنا أوفقك الرأي تماما .. لكن فلنأمل خيرا.. فلربما يتغير الوضع جذريا هذه المرة !"

" إن شاء الله ..
فالرب الكريم هو وحدة القادر على ردع أمثال هؤلاء الجبابرة "

كنا في هذه اللحظة قد وصلنا إلى ( كافتيريا ) صغيرة .. توقف عصام عندها .. سائلا إياي إن كنت أرغب في شرب أو أكل أي شيء .. فهو يشعر بشيء من العطش ..

أخبرته بعد شيء من التردد أني أرغب في تناول عصير فراولة .. إذا أمكن ..

اختفى عصام بعدها .. و قد نزل إلى ( الكافتيريا ) تاركا ً إياي وحدي في السيارة ..

أغلقت عيني و أنا أستمع إلى موجز نهاية الأخبار..

" فلكم هو واقعنا بالفعل مؤلم و شنيع .. و لكم هي كثيرة مآسيه.. و لكم هي الحروب مدمرة ..

فيا ربي رحمتك .. "


" لقيت روحي .. بعد ما أنا لقيتك ..
بعد اللقاء أرجوك .. لا .. لا تغيب ..
صعب علي أبقى .. و أنا ما نسيتك ! "

هكذا ارتفع صوت أحدهم من المذياع بعد نشرة الأخبار ,, و هكذا اندمجت أنا كليا ً في ألحان هذه الأغنية .. و لم أنتبه إلا و يد عصام تطفئ المذياع عني بعصبية واضحة ..

ثم رمقني عصام بنظرة مخيفة غريبة .. و هو يقول ..
" لا أغاني ..أسمعتي ؟! .. لا أغاني ... "

و بصراحة شديدة .. أربكني موقفه هذا .. فغصت في مقعدي .. و تجمدت في مكاني ..
فأنا أدرك تماما أن الأغاني حرام شرعا .. و لو كنت في سيارتي لأطفأتها فورا .. إلا أني لم أملك الجرأة لأن أعبث في مذياع سيارتك يا هذا .. لأغير الموجة إلى أخرى .. !

" آسف .. فلم أقصد بالفعل زجرك يا مرام بمثل هذه النبرة .. "

هكذا عقب بعد حين .. معتذرا و هو ينطلق بسيارته باتجاه المستوصف .. و قد تنبه إلى أسلوبه الفض و نبرته الحادة معي .. في ثاني أيام الخطوبة .. فما بال الأيام القادمة ..

" الله يستر منك يا عصام و من فعايلك .. إي بيّن على حقيقتك ! "

ثم ناولني عصام مبتسما.. كأس العصير .. في محاولة منه لتلطيف الجو .. إلا أن ابتسامته ما كانت لتشفع له نبرته الحادة تلك ..!!

" لم أجد عصير فراولة .. لذا أحضرت لك عصير مانجو .. "

أخذت العصير من عنده .. و قد ارتسم العبوس بنفسه على وجهي ..
" ياااخ ..
فأنا لا أحب المانجو .. أو لم تجد عصيرا آخر غير المانجو ؟!! "

لم أتكلم بالطبع .. فالموقف ما زال متوترا ً .. و تعقيب كهذا كان من شأنه أن يشعل التوتر أكثر و أكثر .. لذا صمت مجبرة .. و أجبرت نفسي على رشف و لو بضع جرعات قليلة من عصير المانجو الذي لا أطيقه ..

و الحمد لله فقد وصلنا أخيرا ً إلى المستوصف ..فتركت الكأس في السيارة .. و نزلت أتبع عصام و الذي تقدمني بخطوات واسعة سريعة .. تاركا ً مسافة جد شاسعة بيني و بينه ..

" يا لهؤلاء الرجال ... أو لا يدركون أن الجنس الناعم في العادة بطيء الحركة و المشي .. و خصوصا ً إذا كن يرتدين كعبا عاليا ً كما أفعل أنا الآن .. "

أسرعت قدر الامكان في محاولة للحاق بعصام .. و كان عصام قد تنبه أيضا إلى مقدار المسافة الكبيرة التي خلفها بيني و بينه.. لذا وقف ينتظر وصولي ..

في داخل غرفة الطوارئ.. تقدم الممرض المتواجد هناك لمداواة الحرق في إصبعي .. و الذي كان قد تورم بشكل يلفت الانتباه ..

إلا أن عصام اعترض طريقه قائلا ..
" عذرا .. و لكنها تفضل الممرضة لو سمحت .."
" لكن الممرضة مشغولة حاليا ً بمداواة مريضا آخر .."
" سننتظرها ريث تنتهي .. فلسنا في عجلة من أمرنا .. !! "

"عصام ..
دعه يعالجني ..
فالنهار قد انتصف و لابد أن أرجع البيت لأضبط من شكلي قبل الذهاب معك إلى بيت أهلك ..
ثم أنه لا فرق بين تمريض الرجل و المرأة .. فهذه حالة طوارئ .. يُـباح فيها المحظور .. "

و يا ليتني لم أتفوه بما تفوهته للتو... فقد حدجني عصام بنظرة أرعبتني كليا .. و هو يقول ..

" مرام ..
الممرض رجل ٌ أجنبي ..
فكيف تسمحين لرجل أجنبي بلمسك .. و هناك ممرضة موجودة ..؟؟

دقائق قليلة من الانتظار .. أهون بكثير من سخط ربك .. أليس كذلك ؟!! "

"بلى .. بالطبع ،، ! "

ثم أطرقت رأسي و قد أحرجني موقفه أكثر و أكثر ..

لكني في النهاية .. لا أخفي عليكم ..

أني.. أني قد أ ُعجبت كثيرا بطريقة و لهجة عصام و هو يقنعني بوجهة نظره .. و غيرته علي .. "

" ايوووه يا عم .. بئى ورايي رجّـــالة .. !! بتخاف.. و بتغار عليّ !! "

عاشق السمراء
06 - 10 - 2004, 00:05
مسااااااااااااء جميل ...



يعطيك العافية الحائرة

تواصل جميل .. في فصول القصة !!

الحائره
06 - 10 - 2004, 12:34
الحــلـــقة السادسة:








لكم هو جميل أن تشعر أن هناك من يهتم بك.. و أنك محط رعايته و جزء من مسؤوليته..
هكذا فكرت و أنا أرقب عصام الجالس إلى جواري في سيارته الزرقاء ..
في طريقنا إلى البيت ،،

" سنعرج إلى بيت أهلي مباشرة .. أظن أنه لا داعي للمرور على بيتكم أولا.. و إلا فما رأيك ؟!! "

و اتسعت حدقتا عينيّ على آخرهما.. و أنا أستمع إلى ما تفوه به للتو ..

و كدت أن أصرخ ..

" لا طبعا ..
هل تريدني أن أذهب معك و أنا على هكذا حال .. !! "

صحيح أن الرجال لا يفهمون بتاتا ً بما يتعلق باهتمامات النساء..

" لا قد نسيت شيئا ما في البيت .. "

هكذا نطقت بأدب جم ..
إذ لم أكن بقادرة بعد على التصرف بطبيعتي.. كأن أصرخ مثلا أو أن تشتد نبرة صوتي .. و أنا أصر على موقفي ..

و على ما يبدو أن عصام أيضا ً كان يعاني من نفس ما أعاني أنا منه ..
لذا اكتفى برسم شيء من الابتسامة على وجهه و هو يقول ..

" أووه ،، حسنا .. يمكننا إذن النزول إلى بيتكم لنصلي أيضا ً هناك ..
ثم ننطلق إلى بيت والدي لتناول الغداء .. فالجميع ينتظرنا هناك ،،

" الجميع ؟؟ "
سألته مهتمة ..

" نعم .. فقد أقام والدي وليمة ضخمة على شرفنا .. دعا إليها جميع الأهل .."

و عقب بعد لحظات ..
" أبي رجل ٌ طيب .. و كذلك أمي .. ستحبينهما كثيرا عندما تحتكين بهما .. "

" أتمنى ذلك من كل أعماق قلبي .. "
قلتها صادقة مبتسمة ..

توقفنا بعد دقائق قليلة أمام باب المنزل ..و قدت عصام إلى داخله .. إلى حيث المجلس بالتحديد ..
ثم توجهت إلى المطبخ لأحضر له شيئا من الماء .. فقد كان الجو في الخارج شديد الحرارة .. و لابد أنه يشعر بشيء من العطش ..

في المطبخ ،، توقفت لأتحدث مع أمي التي استقبلتني كعادتها بوجه بشوش..
و صارحتها بخوفي من لقاء أهله .. فانطباع أهله عني يهمني كثيرا !!

" تصرفي على طبيعتك حبيبتي ..

فأنت نعم الجوهرة .. و أين ذا يجدون جوهرة ثمينة مثلك لابنهم .. "

عانقت أمي الحبيبة .. و قد ارتحت كثيرا ً لنصائحها المشبعة بعاطفة الأمومة المتدفقة ..

و تنبهت إلى أن قد نسيت عصام وحيدا في المجلس.. لما يزيد على الربع ساعة!!

أسرعت بكأس الماء المضطرب في يدي .. لأجد عصام قد خر ساجدا على سجادة الصلاة ..

وقفت على أعتاب المجلس.. و أنا أتأمله ..

فلكم شعرت بروحانية شديدة تتسرب إليّ و أنا أرقب خشوعه التام في الصلاة .. و قد نسى كل ما يحيط به ..

" آآه يا عصام .. لكم أغبطك على مثل هذه العلاقة الروحانية القوية التي تربطك مع ربك .. و لكم أتمنى لو يصبح لي شيء ٌ من خشوعك و انقطاعك التام ! "

انتبه إلي ّ عصام بعد حين .. و قد أتم الفرض ..و اعتلت وجهه ابتسامة رائعة ,,

تداركت موقفي بسرعة و قد شعرت بشيء من الارتباك كوني كنت أراقبه منذ دقائق دونما حراك ..

" تقبل الله .. "
" أعمالنا و أعمالكم .."


و كان أن دخل في هذه اللحظة أخي الأكبر عادل .. متنحنحا .. ملقيا بالتحية علينا ..

داعبني أخي عادل و هو يعانقني كعادته حينما يراني ..

" كيف حال عروسنا ؟!!
هل كبرت و عقلت .. أم أنها لا تزال دلوعة كالصغار ؟! "

نغزته بكوعي و أنا أتعمد الضحك .. مداراة للحرج و الخجل الذي سببه لي ...

" أنا كبيرة منذ أن ولدتني أمي ... وحتى اسأل عصام ! "

و لست أدري كيف امتلكت الجرأة لحظتها .. لأنطق بمثل ما نطقت ..
و لكن الحمد لله .. فقد ارتفع صوت عصام و عادل بالضحك على تعليقي .. و لم يكن تعليقي غبيا كما ظننت ...

وجدت الفرصة سانحة بقدوم عادل لأن استأذن لأنصرف إلى تجهيز نفسي للغداء ..

اعتليت عتبات الدرج قفزا .. إلى حيث غرفتي .. و إلى حيث بدأت معركة حقيقية تتمحور حول ماذا ألبس ! "

بعثرت كما العادة جميع أغراض الزينة .. كما فتحت خزانة ملابسي على أخرها .. و شرعت أنتقي ثوبا تلو الثوب .. دون أن أجد من ثيابي شيئا مناسبا !!

" فماذا ألبس ؟!! .. هذا .. أم هذا .. أم ذاك ..
لا القميص الأبيض سيكون مناسبا ..

أووه لا سأبدو رسمية به ..

ثم أني سأرى الكثير من الوجوه الجديدة اليوم ..و لابد أن أنال على رضاهم !"

و لما اشتدت حيرتي .. لم أجد بدا ً من طلب مساعدة أمي ..
فلكم أحب أمي و أشعر بقيمتها الحقيقية في مثل هذه المواقف ..

انتقت لي أمي ثوبا ورديا هادئا.. مزدان ٍ ببعض النقوش البيضاء الباهتة على أطرافه ..

و لولا مساعدة أمي لي .. و لو أنها فرضا تركتني اختار ثوبي لوحدي ..

لما اخترت شيئا مناسبا .. حتى و لو بعد ثلاث ساعات !

ضبطت من تسريحة شعري.. و شيئا من العطر ..
ثم قليلا من (المكياج) الذي لا يـُرى ! .. و نزلت ..

" الحمد لله .. إنها نصف ساعة فقط.. أكملت فيها تجهيزي ..
الله يخلي إلي الماما .. أنا من غيرها ما أدري إيش كنت بسوي ! "

فتحت باب المجلس بهدوء.. لألج إلى الداخل ..

كان عصام و عادل لحظتها يتبادلان أطراف الحديث..

و لقطت أذني من حديثيهما بضع كلمات ..
كالعراق .. أزمة عالمية .. حرب .. أمريكا ..

و هكذا استنتجت أن محور حديثهم هو السياسة كالعادة ..
أو لا يمل الرجال حديث السياسة ؟!!

و لفت نظري لحظتها طريقة عصام في الكلام..
فلكم شدني أسلوبه في الحديث ..

" خطيبي محدثٌ لبق.. و وسيم .. و ملتزم .. و ..ذو حواجب معقودة ..
ماذا أريد أكثر من هذا !! "

هكذا حدثت نفسي ..

قبل أن ترتفع نظرات عصام ببطء شديد .. لتتركز على عيني ..

طال عناق عينينا هذه المرة .. كما لمحت عبر أثير نظراته شيئا من الإعجاب الذي أطربني ...


" احم احم .. نحن هنا .. "

هكذا تنحنح عادل و هو يرقبنا و قد تسمر كل منا في مكانه تحت تأثير نظرات الآخر الحانية ..

لحظتها فقط انتبهنا فعلا إلى وجوده .. لأرسم ابتسامة سريعة خجلة و أنا أقول لعصام ..

" هيا بنا "

الحائره
06 - 10 - 2004, 12:36
الحــــلقة الــسابعة:








لم يكن عصام ليعطيني أية فرصة لأن أقلق و هو يطمئنني مبتسما بين حين و آخر و نحن في سيارته.. بأني سأحب أهله كثيرا ..


و ما طفق عصام يمدح أهله.. و يتفاخر بطيبهم .. حتى ارتحت لكلامه و اطمأنت نفسي نوعا ما ..

" تفضلي يا عروسي الحلوة .. "

كذا همس لي عصام و هو يقودني إلى داخل بيتهم .. و قد وضع يده على كتفي .. مما أشعرني بحرارة شديدة تنبع من موضع كفه ..

استقبلنا والده الهرم عند المدخل .. و الذي كان بالكاد يستطيع الوقوف ..
ثم عانق عصام عناقا أبويا حارا .. أشعرني للوهلة بحنين جارف إلى والدي المتوفى منذ سنين طويلة ..

ثم دار أبو عصام لي مرحبا مصافحا ..
و يا ألله لكم شعرت برجفة خفية تتسلل إلي و أنا أبداله المصافحة ..

بل أن ما لفت نظري في الحقيقة و أنا أغرس يدي الناعمة في أحضان كفه الخشنة .. و التي أرهقتها السنون بلا شك .. و زحفت عليها تجاعيد الزمان المرة ..
هو الفرق الكبير جدا بين يدي الناعمة جدا .. و يد عمي أبو عصام .. الضخمة جدا .. الخشنة جدا .. و كذلك الهرمة جدا ..

" هل ستصبح يدي مثل يده يوما ؟! ..
حفر الزمن عليها أثاره المرة .. لتتعمق التجاعيد عليها .. كعمق هموم هذا الهرم المسكين .. ! "

تنبهت من تفكيري هذا على صوت أم عصام و التي أسرعت باتجاهنا حال ما لمحتنا ..
أم عصام امرأة كبيرة في السن أيضا ..إلا أنها لا تزال تحتفظ بشيء من شبابها و قواها ,, و الأهم من هذا أن ابتسامة رائعة تكاد لا تفارق وجهها الحاني أبدا ً!

انحنى عصام ليقبل يدها .. في حين أنها أسرعت إلى ضمه إلى صدرها بكل قوة .. و طال عناقهما.. و قد تخلل إليه بشيء من الدموع و العبرات ..

" مشهد درامي مؤثر .. أليس كذلك ؟! ..

هييي.. يلا جففوا دموعكم .. و بلاش دموع ..! "

قادتني أم عصام و هي تزغرد فرحة بي .. إلى حيث مجلس النساء .. بينما ودعني عصام بنظرة حانية منه .. و هو يتبع أباه إلى حيث مجلس الرجال ,,

" و يا ألله !!!! ..

لم أكن أبدا أتوقع كل هذا العدد من الوجوه تنتظرني في صالة النساء .."

قفزت من بين المتواجدين هناك أخت عصام الوحيدة و من كانت تدعى سلمى .. لتقبلني مرحبة بي ..
و سلمى هذه تكاد تقاربني في العمر ..أو هكذا خمنت .. لذا ارتحت لها كثيرا ..

ثم بدأت سلمى معي مراسيم التعارف المعهودة في مثل هذه المناسبات..

" هذه خالتي منى .. و ابنتيها أحلام و منال .. و هنا عمتي .. و تلك ابنتها .. و تلك خالة أمي .. و هذه إحدى جاراتنا .. "

" و لا تسألوني أرجوكم عن مدى معاناتي و أنا أتعرف على كل هذا الكم من الناس و الوجوه الجديدة .. تخيلوا معي جميع معارفهم و أهلهم في مرة !! "

كنت أكرر اسم كل وجه أسلم عليه في أعماقي على أمل أنه سيتركز في أعماقي ,, لكن مستحيل أن أحفظهم جميعا ..
حفظت ما حفظت من أسماء .. و تركت الباقي للزمن .. إذ لابد أني مع الأيام .. سأحفظهم يوما !!

مرت مراسيم التعارف على خير .. و لله الحمد فإن جميع من سلمت عليهم و سلم علي كان لطيفا معي .. مرحبا بوجه بشوش .. ما عدا تلك المرأة ذات الثوب الأزرق الداكن .. و الجالسة في تلك الزاوية .. و ابنتها تلك .. !!

لست أتذكر ما صلة قرابتهن بعصام ..

أمم .. أظنها خالته ..
لا .. لا .. بل عمته..
نعم عمته .. أم .. أم سلمان ..
و ابنتها ما اسمها ..
سهى .. منى .. أو ربما عـُلا !

لست أستطيع في الواقع تذكر اسم ابنتها .. ليس مهما .. !

و لسبب خفي انقبض قلبي لمرآهما .. بل في الواقع أن هم من بدأوا حرب النظرات ،، فعاملوني بنظراتهم بشيء من الجفاء .. أجهل كنهه !

" لا يهمني أبدا هدف نظراتهم الغريبة تلك و سرها .. فالجميع عداهما رحب بي و أيما ترحيب ! .. لذا لا يهمني أسلوبهم القاسي الجاف هذا !! "

هكذا حدثت نفسي و أنا أقنع نفسي تهميش عمة عصام و ابنتها ..!
فأنا قد حزت على رضا و قبول الجميع سواهما .. و الأهم من الجميع هو عصام .. خطيبي !

و لكن ما أعاد تفكيري إليهما مجددا بعد حين .. هو تلك النظرة الهازئة التي رمتني بها ابنة عمة عصام .. و هي تشير لي بإصبعها محدثة أمها بصوت أبعد من أن يصل إلى أذني .. لتنفجر ضاحكة هازئة في الدقيقة التالية ..

أشعرني ضحكها هذا بأن هناك شيئا خاطئا في مظهري .. لذا رفعت يدي أعدل بها خصلات شعري المتموجة ..

و حركتي البريئة هذه زادت من ضحكها الهازئ .. و زاد بالطبع من توتر أعصابي ..

" ما بال هذه المرأة !! هل جنت ؟؟

أم أن بي شيئا مثيرا للضحك و السخرية إلى تلك الدرجة !! "

و أنقذتني سلمى من توتري .. إذ تنبهت على ما يبدو لما يجري .. فتقدمت لتجلس إلى جواري هامسة لي ..

" دعك منها عزيزتي مرام .. فهي تغار منك .. !! "

( تغار مني ؟؟!! )

عبارة سلمى هذه دارت في خلدي كثيرا و عصفت بوجداني ..

فلما تغار مثلها مني .. و هي بالكاد تعرفت على للتو .. !!

هكذا حدثت نفسي و أنا أشرد بنظراتي متسللة إلى حيث كانت هي .. مراقبة تصرفاتها و حركاتها الاستفزازية بطرف خفي ..

" لا أهتم بها .. أنا لا أهتم .. "

هكذا صرخت في أعماقي .. مؤكدة على تهميش التفكير في أمثالها !

و أنقذتني منها سلمى و هي تحيطني بصديقاتها الرائعات ..
ليتجاذبن معي شتى الأحاديث الراقية .. فقد تحدثنا في كل شيء بدءا من الخطوبة و مسؤوليتها .. و انتهاءا بالدراسة و مصائبها ..

و وجود مثل هذه الثلة الرائعة التي تحيط بي .. أراحني نفسيا و صرف تفكيري عن ابنة عمة عصام .. و تصرفاتها السخيفة !

امتدت بعد حين سفرة الغداء العامرة بكل ما لذا وطاب .. بل أن كل ما تتخيلونه من طعام كان هناك ..

" و يا ألله .. كل هذا الطعام على شرفي أنا و عصام ! "

و مع أن عمتي أم عصام و سلمى قد اهتمتا بي كثيرا و أحاطتاني برعايتهما ,, و قد أجلساني إلى جوارهما على مائدة الغداء الممتدة ..

إلا أني فقدت شهيتي إلى الطعام و أنا ألاحظ نظرات تلك العمة و ابنتها تحتويني متفرسة مراقبة .. و قد تعمدتا الجلوس أمامي ..

كانت نظراتهما تحتويني و ترصد علي كل حركة أقوم بها .. ربما ليسجلوها في تقرير سيرفعونه عني إلى من لست أدري فيما بعد ..

و مع توتري الشديد .. إلا أني حاولت قدر الامكان أن أضبط زمام أعصابي ..و أن لا أهتم لمثل هذه التصرفات ..

و ما أثار ضحكي الصامت هو انقلاب الموقف عليهما ..

إذ أنني و بنظرة صارمة عميقة مني .. احتويتهما و قد أثارت تصرفاتهما سخطي و حنقي ..
ارتبكت الابنة كثيرا ..
لدرجة أن كأس العصير الذي كان في يدها قد اضطرب لاضطرابها .. لينسكب محتواه على ثوبها القصير و الذي كان في الواقع يكشف أكثر مما يستر !

اعذروني لمثل هذا الوصف ..

فمنظر كليهما مثيرا للسخرية .. بل ربما الشفقة



!</B>

الحائره
09 - 10 - 2004, 21:00
الـــــحلقة الثامنة:





و لم أسلم منهما بعد الغداء أيضا .. فقد تعمدت العمة أن تخلق حوارا جافا بيني و بينها ..

" مرام .. ماذا تدرسين ؟!! "
" هندسة حاسوب .. في سنتي الأخيرة .. "
" ابنتي تدرس الطب .. و ستصبح دكتورة بعد سنتين .. "
" أووه ،، ما شاء الله .. بالتوفيق ! "

" مرام .. كم عمرك ؟! "

و مع تورد خدي لمثل هذا السؤال و الذي جاء على أسماع الجميع ..
إلا أني لم أكن لأخفي عمري أبدا كما الأخريات .. فالإنسان لن يعمر أبدا أكثر من عمره المكتوب له !
" اثنان و عشرون عاما .. "
" ابنتي عمرها عشرون سنة ! "

" و على الرغم من التناقض الواضح بين عمر ابنتها و تخرجها بعد سنتين من الطب ..

أو لنقل بين عمرها المفترض و بين تلك التجاعيد الخفية التي كانت تحت عينيها .. و التي تعطيها من العمر على أقل تقدير.. ثمان و عشرين سنة !

إلا أني رددت عليها و بنبرة حاولت قدر الامكان أن تكون هادئة مصدقة نوعا ما ..

" العمر كله يا رب ! "

" و ماذا بعد ؟!!
هل هناك مزيدا من المقارنات بيني و بين ابنتك المصون ؟!! "
هكذا همهمت بيني و بين نفسي ..

و ما أنقذني بالفعل منهما هذه المرة هو نداء أم عصام لي .. لتخبرني أن عصام يريدني في الصالة !

أسرعت إلى عصام.. و لا أخفيكم أن شيئا من الشوق قد انتابني فجأة .. و أنا لم أغب عنه إلا منذ ساعتين فقط !

" إدارة العمل في الشركة تريدني لأمر مهم ،، و يتحتم علي الذهاب فورا ! "

" أو لست في إجازة ؟! "
سألته و قد زحف العبوس تلقائيا على نظرات وجهي !

" نعم عزيزتي .. لكنه أمر مهم كما أخبرتك ! "

( عزيزتي !!)

إنها المرة الأولى التي يناديني فيها عصام بعزيزتي ! لذا ابتسم كياني كله و هو يتلقى ببطء تأثير هذه الكلمة السحرية عليه.. و التي أنستني بالفعل الجميع عداه .. و بين الجميع كانت العمة و الابنة أيضا !!

" أهااا .. !
إذن ستذهب و ستتركني هنا ! "

" لا بل سأوصلك في طريقي إلى بيتكم .. لأني ربما سأتأخر قليلا ً ! "

" لحظة ..
أو لسنا قد قررنا العشاء الليلة في الخارج في أحد مطاعم العاصمة ؟!! "

"ليلة غد إن شاء الله .. اعذريني مرام .. فشغل طارئ .. "


و مع تكدري قليلا لانشغال عصام الطارئ.. و اضطراره المفاجئ للذهاب إلى الشركة و تركه إياي لوحدي ..و خلفه لموعد العشاء الأول ..

و كل هذا و نحن لا نزال في ثاني أيام الخطوبة ..

إلا أن ما باليد حيلة ..
أمر طارئ كما يقول .. لذا الله يستر !

عدت أدراجي إلى البيت ،، و قد أنزلني عصام على أعتاب البيت .. و تعذر عن الدخول لإلقاء التحية على أمي على الأقل ..
وقفت لبرهة من الزمن .. و أنا أتأمل سيارته الزرقاء المسرعة و هي تشق طريقها في الشارع باتجاه بعيد جدا عني !

ثم ولجت إلى داخل الدار ..
هناك لم أرغب برؤية أي أحد بعد أحداث اليوم السريعة .. و بعد لقائي الأول المربك جدا مع أهله .. و مع عمته تلك و ابنتها المعقدة !

و من ثم ترك عصام لي .. و تعذره بشغل طارئ .. يؤثره علي .. و أنا خطيبته العزيزة كما ناداني !

و بمجرد وصولي في حلبة التفكير إلى كلمة عزيزتي هذه .. تسلل رغم القهر الذي كان يكتنفني شيء من ابتسامة رسمتها على وجهي .. و أنا أتذكر وقعها الخفي علي !

مر الوقت بطيئا جدا .. و أنا لا زلت رهينة غرفتي .. لا زلت أرفض الاحتكاك بأي كائن كان ..
و عيناي تكاد لا ترتفعان عن هاتفي ( الموبايل )..

و الذي كنت أتوقع رنينه في أي لحظة .. وفاءا لوعد عصام إياي باتصال.. حال ما ينهي شغلته الطارئة تلك !

لكن لا زال الهاتف صامتا .. و عقارب الزمن تشير إلى ما بعد الحادية عشر بقليل ! ..

و لكأن أمي الحبيبة قد شعرت فعلا بمدى معاناتي .. لذا اعتلت طرقاتها باب غرفتي .. و لم يتسنى لها النوم كعادتها دون أن تطمئن علي ّ

فتحت لها الباب ..
حيث تسمرت مكاني ..
و قد جمدت دون حراك .. و لكأن هموم الكون كلها قد تفجرت في أعماقي .. و في سبيلها إلى الانفجار خارجا ..

لذا .. و من دون سابق إنذار .. رميت نفسي في أحضان أمي .. و شرعت في بكاء عنيف ..

و اضطربت أمي لحالتي هذه .. لذا احتوتني بكل ما لديها من أمومة و قوة ..
ثم حاولت قدر الامكان أن تهدئني .. إلا أنه لا جدوى !

فعندما تبكي مرام .. فإنها لا تبكي إلا للأمور الجسام ! ..
و عندما تبكي مرام .. فإنها تبكي بكل قوة الألم التي تشعر به ..!


" خير يا ابنتي .. ماذا هناك ؟! "

و لا جواب.. فقط مزيدا من الدموع و البكاء ..

" ابنتي .. حبيبتي .. ماذا هناك ..؟؟!!
هل ضايقك عصام ؟؟! .. أو أهل عصام !! "

و تطرق سؤال أمي إلى عصام زاد من حدة بكائي ..

و من بين خلجات دموعي صرخت ..

" سأنفصل عن عصام .. لست أريده ! "

" ها ؟؟!!!!!!! "

" نعم .. سأنفصل .. فلست أريد أن أكون مخطوبة بعد اليوم ! "

" مرام .. ابنتي .. حبيبتي .. ماذا حدث لك مع عصام !! "

" الخطوبة فقط مزيدا من الارتباطات و المسؤوليات و الهموم .. و التي أنا في غنى عنها ! ..
كما أن .. أن ..
أن عمة عصام لا تحبني !! "

صمتت أمي و قد انفرجت شفتاها عن ابتسامة باهتة ..

" حبيبتي .. و هل تزوجت أنت عصام أم عمته ؟؟!! .. ثم و ما يدريك أنها لا تحبك ..
بإمكانك كسب محبة الجميع و احترامهم بأسلوبك الرائع يا ابنتي .. و أدبك الجم و أخلاقك الرفيعة .. "

" عصام أيضا لا يحبني .. إنه يحب شغله أكثر مني ! "

هنا أمي ضحكت .. بل ضحكت كثيرا علي .. حتى اغرورقت عيناها من الدمع

" أمااااه .. لما تضحكين .. إنه لا يحبني و الدليل على هذا أنه لم يتصل بي كما وعدني .. "

قالت عبارتها هذه و أنا أرفع هاتفي ( الموبايل ) أمامها .. و لكأن حركتي هذه لتتأكد فقط من صدقي ..

" حبيبتي .. إياك و أن تغاري من شغله .. إذ أنه لا جدوى أبدا ً من هكذا غيرة!"

" لكنه لم يتصل بي حتى الآن .. الساعة ستتجاوز الثانية عشرة .. و لم يتصل السيد عصام بعد !

سأنفصل !!!!!! "

عبست أمي في هذه اللحظة .. و هي تهمهم لي ..

" أعذريه يا ابنتي .. فلعصام مشاغله في الحياة أيضا ً .. سيتصل بك لاحقا أنا متأكدة .. ! "

" إذا لم يتصل بي الليلة كما وعدني .. فإني سأنفصل عنه .. لأنه رجل لا يحترم وعوده ..

و رجل لا يحترم وعوده .. لست أفخر أبدا بالارتباط بمثله ! "

الحائره
09 - 10 - 2004, 21:05
الـــحلقة الــتاسعة:








ضحكات هازئة كانت ترتفع بشدة ،، و قد التف حولي حشد كبير من الناس بملامح مرعبة ..
بعضهم بأنوف معقوفة .. و آخرون بآذان كبيرة جدا .. و البعض الآخر كان لهم أنياب حادة بارزة .. أو عيون حمراء ثاقبة !

كان الجميع يدور حولي و هو يقهقه بشدة ..
و إذ بتلك العمة و الابنة تظهران فجأة من بين الزحام .. و معهم كان عصام أيضا !!
العمة كانت تمسك بدلو كبير من الفخار ..
اقتربت صوبي و هي تحمل تلك الآنية الفخارية بين يديها .. و ابتسامة هازئة مخيفة كانت عالقة على شفتيها ..

و بدأت تسكب و هي تضحك بشدة محتويات الآنية على رجلي ..
و إذ بعقارب لاسعة بدأت تزحف على قدمي .. !!

ثم لكأن لكل عقرب من تلك العقارب كان يحمل اسما معينا ..
فعقرب مثلا يختص بابتساماتي و لكأنه يحاسبني على كم الابتسامات التي وزعتها في أيام حياتي .. و آخر يختص بنظراتي .. و ذاك بحركاتي !

عصام و الحشد كلهم بدأوا يضحكون لمنظري المرعب .. و هم يرون العقارب جميعها تزحف علي ببطء شديد ..
إلا أن لا أحد منهم هب لنجدتي .. حتى ذاك المدعو عصام !

ابنة عمة عصام اقتربت مني و هي تسحب عصام من يده.. ثم أتت إلي لتسحبني من شعري ..
و ترميني بعدها على الأرض و قد أنشلت جميع أطرافي فجأة من سم العقارب الذي كان قد استشرى في جسدي .. و من هول الموقف أيضا !!

و عند هذا الحد ..
ارتفع أنين تلفوني المحمول .. لينبهني من نوم مزعج ..!!

دار بصري في أنحاء الغرفة باحثة عن بقايا الكابوس فيها .. و قد وضعت كفي على صدري .. أحاول ضبط لهاثه المتسارع !!

" يا ألله .. الحمد لله إنه كان حلما ليس إلا ..
يا كافي الشر .. كابوس و لا أفضع .. "


و لم يكن عصام المتصل كما تتوقعون ..
فتلك كانت ابنة خالتي صفاء .. تطمئن علي و قد اتصلت لها في الليلة السابقة أبكي لها حالي و تصرفات عصام اللا مسئولة .. و عمته و ابنتها ..

و لأني حال ما سمعت صوتها شرعت في البكاء مجددا .. و لم أكن لأتوقف عنه أصلا طوال الليلة المنصرمة .. أصرت علي صفاء بالخروج معها إلى أي مكان لتغيير الجو .. و الترويح عن النفس ..

و لأني كنت لا أزال لست أدري ما هو وضعي مع المدعو خطيبي .. و إن كان سيتصل بي اليوم أو سيمر علي ..
أو أنه و كما على الأرجح قد نساني تماما و علقني على رف النسيان في ثالث أيام الخطوبة ..
طلبت منها تأجيل الطلعة إلى يوم آخر .. و لتأتي اليوم عوضا عن الطلعة بهدف الزيارة ليس إلا و تناول الغداء معنا .. !

بعد حين .. قررت النزول إلى الطابق الأسفل ..
و قد قررت أن أجرب نصيحة صفاء لي بأن أمارس اليوم حياتي الطبيعية كما كنت أفعل سابقا .. و أتناسى عصام .. و هجرانه لي .. !

لذا انطلقت أحتك بالناس مجددا .. بعد أن حبست نفسي في غرفتي بسبب إنسان لم يفكر فيّ أصلا .. فلما أفكر أنا فيه و أحبس نفسي لأجله !

سأعيش كما كنت أعيش حياتي سابقا .. أي قبل ثلاث أيام بالضبط .. و سأحاول العودة إلى حياة العزوبية مجددا و إلى الحرية المطلقة !

ابتسمت لمثل هذا التفكير الذي قد راق لي كثيرا .. لذا أسرعت إلى مائدة الإفطار .. حيث استقبلني أخي محمد بتحية الصباح المعهودة .. في حين أن أسماء كانت لا تزال نائمة .. و أمي في المطبخ ..

طلبت من محمد أن يقوم من الكرسي المجاور إلى كرسي والدتي .. إلا أنه أبى أن يتحرك من مكانه !!

و مع أني لم أكن أبدا في مزاج للتعارك .. إلا أنه و كما يقال أنه و في بعض الأحيان يكون الإنسان بحاجة ماسة إلى تفريغ الشحنات المضطربة في أعماقه على من يحب .. لذا أصررت على موقفي و على كرسي !

و إذ بنظرة عناد طويلة رمقني محمد بها أججت غضبي عليه .. لترتفع نبرة صوتي مطالبة بالكرسي ..
و مع سخف الموقف و الذي لا يستدعي أبدا العراك أو حتى الشجار .. أصررت أنا و أصر هو .. و اشتد العراك بيننا .. لأبدأ في بكاء لا مبرر له !

جاءت أمي مسرعة على صوت بكائي ..
و بدأتنا ترويضنا فنهرت محمد و عنفته بشدة قبل حتى أن تدرك ما هي المعضلة و المشكلة الكبيرة جدا و التي سببت لي هذا البكاء ,،

فقد كنت أنا ابنتها المدللة في جميع الحالات .. و كانت تميزني أمي على باقي إخوتي بشيء من الدلال ..
و هذا ما حز كثيرا في نفس محمد .. الذي ارتسمت علامات الغضب و الاستياء الشديد من موقفها اتجاهه .. وتفضيل أمي إياي عليه ..

" لم أفعل بها شيئا .. !! عروس لم و لن تكبر .. أنانية ,, و مستبدة !! "

هكذا رد محمد على تعنيف أمي له .. و ترك بعدها مائدة الطعام ساخطا هو الآخر و غاضبا أشد الغضب من موقف أمي السلبي منه دون أن يكون له أي ضلع في بكائي ..!!


" عذرا محمد ..
أنا جد آسفة .. "

هكذا همست في نفسي و أنا أرقب غضبه الطفولي مني ..

" يا ألله ..
ما لي متوترة و عصبية المزاج اليوم .. كل هذا لأجل عصام ..

خير .. لم كل هذا يحصل لي !! "

أريد استرجاع حريتي ..

أريد أن أرجع إلى طبيعتي السابقة .. دون أن أشعر بأن مصيري مرتبط بإنسان ما .. أو أن إنسان ما قد ملك حياتي كلها ..

هل ترى الخطوبة سجن و قيد كما أشعر بها ..

أم أنها فترة وردية حالمة كما وصفوها لي بعض الكاذبين !! "

و اشتدت نبرة بكائي و أنا لا زلت بين ذراعي أمي .. لألمح على أعتاب الباب وجها ملائكيا حانيا ..


لا ليس عصام ..

كفوا أرجوكم عن التفكير به و ربطي به في كل مرة ..

فتلك الملائكية الواقفة على الباب كانت هي صفاء .. أغلى و أعز و أحلى ابنة خالة و صديقة لي ,,

أسرعت لي صفاء .. و عيناها تتقدان بوميض الخوف الشديد المزدان بالمحبة الصادقة ..

" مرام .. حبيبتي .. ما بك .."

"عصام .."

" ما به ؟؟ "

" سأنفصل عنه .. "

" و ماذا سيقول عنك الناس يا مرام .. انفصلت عن زوجها في الأسبوع الأول لزواجها !! "

" و ليقولوا ما يقولون !! فلست ذا أكترث !
من تابع الناس مات هما .. "

" مرام .. أرجوك أعطيه فرصة .. البداية دوما صعبة .. لكنك مع العشرة ستحبينه .. صدقيني ! "

" لا .. لن أحب رجلا يتناسى خطيبته و وعوده و يؤثر عليها عمله و وظيفته!"

" أعطيه فرصة أرجوك .. و أنا مستعدة للسعي في تطليقك منه إن أثبت عدم جدارته بك .. "

صمت ..

إذ لم أجد أي عبارة أرد بها عليها ..

فهل في رأيكم أن عصام يستحق فرصة ليثبت لي أنه نعم الزوج الصالح و الذي قد ارتضيت دينه و خلقه عندما تقدم لي ..

أم أن عصام واحدا من الرجال ..
و .. و الرجال جميعهم في نظري سواسية .. أي عديمي المشاعر و المسؤولية !

" عذرا أخوتي الرجال .. فتلك هي مجرد وجهة نظر ! "

الحائره
11 - 10 - 2004, 20:44
الحـــلقة العاشرة:







"سأنتظر إلى المساء و إن لم يتصل عصام بي سأتصل إلى أخته سلمى لأستشف الأمر منها ..

ها ما رأيك ؟! "

هكذا حادثت صفاء في عصر ذلك اليوم .. و قد هدأت أعصابي قليلا .. و ربما بدأت حينها التفكير فقط بعقلي .. على غير عادة النساء ..

" و لما لا تحادثينها الآن ! .. فلربما بالفعل قد طرأ أمر ما على عائلة عصام منعه من الاتصال بك .. !
ثم لترينهم أنك جد مهتمة بهم و لأخبارهم .. و ما إلى ذلك .. "

سرحت إلى ما وراء كلمات صفاء .. ففي واقع الأمر لكم أرعبتني جملتها الأخيرة .. فيا ربي سترك ..

أسرعت نحو الهاتف مباشرة .. لأدير رقم سلوى .. و قد خطر لي بأني سأبدأ حديثي معها بأمور جد عادية ..
و ليكن السبب الرئيسي لاتصالي هو سؤالها عن وصفة طبق الحلاوة الذي أذاقتني منه ذاك اليوم ..
سبب مقنع و جوهري .. أليس كذلك ؟!!

طال رنين الهاتف .. و لا من مجيب .. مما زاد في انقباض صدري .. و تجهم وجهي ..
و لربما بدأ حدس الأنثى يستفيق عندي ..
فكما تعلمون جميعا أن للأنثى حدس .. عادة لا يخيب ..


كررت المحاولة بعد ربع ساعة .. ليجيئني صوتها باكيا بالكاد استطعت تمييزه من حدة البكاء ..

" سلمى .. عزيزتي .. ماذا هناك .. ؟؟"

هتفت بكل ما امتلكت من عاطفة و تفاعل لحظتها ..

ثم أني بالكاد بدأت أفهم منها بضع كلمات متقاطعة ..
" أبي .. المستشفى .. خطيرة .. عناية قصوى ..!! "

أنهرت على الكرسي المجاور و أنا أحاول ربط تلك الكلمات في جملة مفيدة .. لأستوعب الحدث الجم الذي قد طرأ على عائلة عصام ..

" أووه ،، يا ربي ! "

بعدها بدأت أهذي بجمل مواساة و تعاطف .. تقال عادة في مثل هذه المواقف

..و لست أتذكر في واقع الأمر أي جملة قلتها أو ما هديت به في تلك اللحظة ..
لذا أنهيت المكالمة بسرعة .. لأرفع عيني و قد ازدانتا بالدمع .. !

" أبو عصام .. في العناية القصوى ! "

و لم أكن لأسمع ما قالته لي صفاء ردا على عبارتي تلك ..
فقد شرد بي ذهني بعيدا .. و تجسد لي في أعماقي أبو عصام و هو يستقبلنا مبتسما على أعتاب بيته .. مرحبا بنا و أيما ترحيب ..

" يا ألله .. ابتسامته تكاد لا تفارق مخيلتي .. فلا تزال مطبوعة على وجداني ."


أسرعت إلي أمي .. و هي تلمح من بعيد علامات خبر سيء ..

و لمّـا سمعت بالخبر .. طلبت مني أن أرتدي عباءتي على عجل ..
لنذهب لنزور أبا عصام في المستشفى و نقوم بالواجب .. فلا يزال وقت الزيارة مفتوحا .. و أخذنا معنا صفاء أيضا ..

هناك ،،
و بعد مرورنا على دهاليز طويلة و متشعبة ..لمحت سلمى منهارة على كرسي أخضر بالقرب من وحدة العناية المركزة .. و قد اتشحت بهالة من الحزن و الهم العميق ..

أسرعت إليها لأحتضنها مواسية متعاطفة .. و وقفت معي صفاء و أمي تشاركاني مهمة التخفيف عنها ..

و إذ بي في تلك اللحظة ألمح خيال عصام أمامي .. و قد كان يذرع الممر جيئة و ذهابا !

ألقى عصام تحية وادعة شملنا بها جميعا .. و كانت أمي هي أول من استلمت مضمار الحديث معه ..
و في واقع الأمر لست أدري ماذا كانت تقول أمي له .. إذ أن جل تفكيري كان يتمحور حينها حول ماذا أقول إلى عصام ..


هل أظهر له زعلي مثلا في مثل هذا الموقف أم أني أأجل الزعل إلى ما بعد ؟!

أممم ,, لكن من حقي أن أزعل .. و أن أغضب و أن أعاتب .. وقت ما أريد .. أليس كذلك !

لا .. لا ..
تريثي يا مرام .. ليس هذا أبدا وقت العتاب ..
عصام بأمس الحاجة إلى وقوفي إلى جانبه في هكذا محنة ..مهما كان موقف عصام مني .. أو موقف عمته السلبي معي ..


هكذا كنت أحادث نفسي كالمجنونة ..

لأهمس أخيرا لعصام بأن يتصبر .. فإن أبوه سيتعافى إن شاء الله .. من هذه الأزمة القلبية الطارئة ..و أن لا شر عليه أبدا !

و لست أدري كيف امتلكت يدي الجرأة حينها لتبحث عن يديه في صميم الموقف .. لتشد عليها حانية متعاطفة ..

كما أن ابتسامة شفافة مواسية كانت قد ارتسمت أيضا على شفتي ..

فهذا بالإضافة إلى الدعاء بالشفاء لأبوه من محنته المرضية .. هو جل ما أستطيع فعله في هكذا موقف ..

و لأني لحظتها شعرت بالفعل بأن عصام مع اضطرابه الشديد و مع كم القلق الذي كان يعصف به في تلك اللحظة .. قد ارتاح نفسيا و لو نسبيا ..

ربما لتواجدي معه..

أو ربما لشعوره بأني سأواجه الموقف معه ..
مهما كان سيئا و أني أسانده بكل ما لي من طاقة و قوة ..


رفعت رأسي ..
و قد تناهى إلى سمعي صوت كعب ثقيل .. يكاد يدك الأرض دكا .. و يعكر صفو الجو العاطفي الحميم وجدانيا و الذي كان يحتويني و عصام في تلك اللحظة ..

و لكم أن تتخيلوا أن كل ألوان العبوس و الاشمئزاز و القرف .. قد ارتسمت على وجهي و هي تلمح وجوه أصحاب الكعب العالي ..

" يا ألهي ..

مالذي جاء بهم إلى هنا .. هؤلاء هم بالفعل آخر من أرغب في لقياهم في هكذا موقف ! "

الحائره
11 - 10 - 2004, 20:48
الـــحلقة الحادية عشر:








رميت بنظراتي على ابنة خالتي صفاء و التي شعرت بمدى اضطرابي لظهور العمة و ابنتها المفاجئ ..

و ما كان من صفاء إلا أن تطرق لي إيماءة خفيفة برأسها .. كانت كرسالة قلبية لي بأن لا عليك منهما و أن دعي الموقف يمر بسلام .. تجاهليهما ..


أسرعت المعتوهة الابنة اتجاه عصام و هي تتمايع في مشيها بذلك الكعب العالي ،،
و أقسم أني شعرت بها و هي في تموجها تكاد تقع في أي لحظة ,, إذ أنها كانت بالكاد تعرف كيف تمشي بمثل هذا الكعب !!

" عزيزي عصام ..
كيف هو خالي ؟! .. أنا جد قلقة عليه ! "

لحظة .. كأن أذني قد سمعت كلمة عزيزي .. هل نادت تلك المعتوهة خطيبي بعزيزي ..!! أم أني أتخيل الموقف فقط ؟!!

و لأني لم أكن بقادرة بعد على ترجمة تلك الكلمة التي تفوهت بها الابنة للتو .. ظللت جامدة في مكاني .. أحاول كبت بركان كان على وشك أن يتفجر في أعماقي ..

إلا أن نظرات صفاء أسعفتني و للمرة الثانية ..

" حسنا .. سأفوتها هذه المرة أيضا .. هذه المرة فقط .. "
هكذا همست لنفسي .. و أنا أجاهد للضبط من زمام ثورتي المرتقبة !


" حالته مستقرة نوعا ما .. إلا أنه بحاجة ماسة للدعاء ! "

" لا تتخيل أبدا مقدار خوفي الشديد عليه .. و حزني لما ألم به .. ! "
" سيكون بخير .. "

يا لهذه المعتوهة .. !!
أو ليست هي الطبيبة و الأدرى بحال خالها الصحية.. فيما لو أرادت أن تسأل الممرضة الموجودة هناك !

ثم ما بال لهجتها تصبح بمثل هذه الرقة و النعومة أمام عصام فقط .؟؟!
و ما بال مشيتها تصبح بمثل هذا الدلال و العنوجة و أمام عصام فقط !!
و ما بها .. تصبح بعواطق متفجرة .. و بركان من الحب و الخوف لعمها .. و أمام عصام فقط !

ثم مال هذا العصام يسمح لها بكل هذا.. و أمام من تدعى رسميا بخطيبته !!!!

تقدمت العمة بعد حين .. لتزيد من توهج الموقف اضطرابا .. فكان أول ما تفوهت به هو جملة استفزازية قصدتني بها و لو بأسلوب غير مباشر ..

" يا ربي سترك على أخي .. واليه العافية و الصحة ..
و لكأن خطوبتكما فآل شر عليه و علينا جميعا !! "

" هييييي ،،
لحظة .. هل خطوبتي الآن أصبحت فآل شر و على الجميع !! "
اتسعت عيناي على آخرهما و أنا أغلي في أعماقي ..
لا بل بالأحرى أن حمم غضب شديد كانت قد بدأت تتفجر في أعماقي و أنا أرقب وجه عصام الجامد ..

" هييي.. إن لم تحسن التصرف يا عصام و تدافع عن خطوبتنا و زوجتك الشرعية .. فلا حياة و لا خطوبة بيننا ..!! "

هكذا همست في أعماقي قبل أن يتناهى إلي صوت أمي و هي تخبرني أنه قد انتهى وقت الزيارة .. و أنه يتحتم علينا الانصراف ..

و مع استيعابي الكامل لما نطقت به أمي للتو .. إلا أني أبيت الحراك قبل أن أرى ردة فعل خطيبي عصام على ما تفوهت به العمة ضد خطوبتنا للتو .. و هي ترميها بأنها فآل شر على الجميع ..

إلا أنه وجه عصام كان لا يزال جامدا دون أي ملامح .. و لكأن لا موقف صار أصلا و لا جملة غبية و اتهاما شنيعا تفوهت به العمة للتو ،،

لا لحظة ..
ها هو شيء من العبوس قد بدأ يزحف إلى عينيه أولا .. ثم إلى حاجبيه.. و شيئا فشيئا ً بدا وجه عصام يعبر عن ما يعتري خاطره و يتعارك في أعماقه في تلك اللحظة ...

" هييي عصام .. أنا لا زلت أنتظر ردة فعلك .. هيا أرني ماذا ستقول إلى مثل هذه العمة ! "

ارتفع أخيرا ً صوت عصام عنيفا حادا .. و كانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها عصام ثائرا ً بمثل هذه الدرجة ..

كدت ألتصق في أمي و أنا أتراجع خطوتين إلى الوراء .. و التي كانت هي الأخرى واقفة جامدة .. ترقب معي الموقف بصمت ..
كان هناك شررا خفيا يتطاير من عيني عصام الغاضبتين .. و هو يهتف صارخا في وجه عمته ..

" انصرفي يا عمتي رجاءا ً .. أنت و ابنتك .. و دعي والدي و شانه .. كفاه ما عانى منكما ..
فأنتما أعلم بسبب الأزمة القلبية الحادة التي طرأت على والدي على حين غرة !!! "

و مع عنف عبارات عصام التهزيئية المبهمة و التي لم أستوعبها جدا .. و مع حدة لهجة عصام و التي لم آلفها من قبل ..

إلا أني لا أخفيكم سرا أن ابتسامة عز و انتصار قد زحفت على وجهي ..
و أنا أرى العمة و هي تلملم أطراف عباءتها .. و تنسحب مع ابنتها الدكتورة .. في شيء من الانكسار !!

" أيوووه يا سي عصام .. كذا تعجبني !!

الله يخليك إلي .. و تحميني و تدافع عني .. من كل الشرور !!

" و على أولة أم كلتوم ..

ضمني بحنانك ضمني .. و أبعدني من الشرور ! "


أهديت عصام إحدى أحلى ابتساماتي ..
و لكأني بها أشكره على حسن تصرفه الدفاعي عن خطوبتنا . . و على ردعه و إيقافه لعمته عن حدها !

و مع ذلك فإن فضولا مبهما أثاره عصام فيّ بعبارته التي وجهها لعمته ..
و التي كانت تدور حول أن العمة أدرى بسبب أزمة أبيه القلبية !

يا ترى ..
ماذا كان عصام يقصد بمثل هذه العبارة ؟!
هل تراه يقصد أن العمة بطريقة ما قد سببت جلطة قلبية لأبيه ..
أم أن في الأمر سرا !!

" إيييييه .. يا خبر النهارده بفلوس .. بكره يبئى ببلاش !! "

عاشق السمراء
14 - 10 - 2004, 15:38
مسااااااااااااء جميل ...



الف شكر وتقدير لك الحائرة !!